الليل والبيداء و«اللاند كروزر» تعرفني

رجب سفاري لديه موقع إلكتروني بمغامراته.. ومندهش من عدم إلقاء السائحين سيجارة أو حتى عود كبريت في الصحراء

رجب سفاري، الأول من اليسار في احدى رحلاته في الصحراء («الشرق الأوسط»)
TT

سلط حادث الاختطاف الذي تعرضت له قبل أسبوعين مجموعة من السائحين الأجانب إضافة إلى مرافقيهم المصريين، الضوء على عالم رحلات السفاري في صحراء مصر الغربية، العالم الذي لا يعرف، حتى المصريون الكثير عنه.

عالم اكتشاف الصحراء وخوض مغامرة تظل محفوفة بالمخاطر، فالصحراء التي يسميها العرب «المفازة» كون من يعبرها سالماً يصبح من الفائزين.. بحياته، تستحيل عالما من الأنس والبهجة لهؤلاء الذين يعملون أدلاء، يرشدون السائحين لعوالم من الغموض والجمال، ويخوضون طوال العام الصحراء للعودة بهم للتاريخ القديم الفرعوني والروماني، بل أحيانا إلى عوالم ما قبل التاريخ.

تطورت مهنة الدليل كثيرا مع تجذرها في الواقع العربي منذ أزمنة طويلة، كان الدليل حاضرا في أحداث ووقائع كثيرة، فمن السير في الصحراء وقص الأثر لإماطة اللثام عن غموض ما، أو خوض رحلة تجارة طويلة مع إحدى القوافل، أو تتبع حدث ما ذي طابع بوليسي، صار الآن هذا الدليل يركب سيارة دفع رباعي ومعه مجموعة من السائحين، لكن أيضا لكشف خفايا ماض سحيق، ثم العبور بهم مرة أخرى إلى عالم يفضل البعض أحيانا الهروب منه ولو إلى الماضي. وهناك يضمن وجود الأدلاء من أبناء الواحات استمرار رحلات السفاري، فهم أفضل من يعرف دروب الصحراء وخباياها الدفينة، تستأجرهم الشركات السياحية التي تنظم هذه الرحلات لمرافقة المجموعات السياحية في دروب الصحراء ضمن خطوط سير معروفة لا يمكن تجاوزها، رحلات مستمرة طوال العام من الواحات إلى الجنوب صوب الجلف الكبير، أو شمالاً إلى واحة سيوه، أو شرقا إلى أسوان والأقصر. الرحلات ممكنة في كل الاتجاهات لكن شريطة وجود الدليل الكفء الذي يشعر السائحين بالأمان والطمأنينة.

يعمل رجب عبد العليم الشهير برجب «سفاري» دليلاً في صحراء مصر الغربية، بمنطقة الواحات البحرية (365 كيلومترا جنوب غربي القاهرة -خمس ساعات بالسيارة)، وهو متخصص في مصاحبة أفواج السائحين الذين يرغبون في خوض لجة الصحراء بحثا عن المغامرة واكتشاف الجمال المخفي هناك في كهوف إنسان ما قبل التاريخ، والعودة إلى لحظات الطفولة الإنسانية البريئة. علاقته بالصحراء بدأت منذ نعومة أظافره، وعندما يتكلم عنها ينفي فكرة وحشة الصحراء أو ارتباطها بالهلاك. «صحراؤنا نظيفة وهادئة وفيها ترى آيات ربنا كلها فيها.. تشوف فيها جمال الطبيعة البكر.. تركت الوظيفة الحكومية لأن دخول الصحراء والعيش فيها جزء من حياتي.. وإذا عشت خارجها أموت.. الهواء داخلها نظيف.. مفيش(لا يوجد) ضوضاء هناك.. تعرف تقعد مع نفسك شوية.. أنا هويت هذه الشغلانة من صغري ولا أستطيع عمل شيء آخر غيرها الآن».

هكذا بدا رجب حديثه عن عالمه الخاص الذي يمثل له مصدر رزقه وإلهامه أيضاً.

«الليل في الصحراء مدهش يا أستاذ، ليس مخيفا كما يتصور الناس.. بعد غروب الشمس نجلس مع السياح في أحد الوديان الصغيرة.. نشعل الخشب.. نأكل ونشرب الشاي.. ونجلس نراقب النجوم في صمت.. راحة نفسية وأمان وطمأنينة».

ويحكي رجب بدايته مع الصحراء: «هذه المهنة ورثتها عن آبائي وأجدادي.. كانوا تجاراً، وقبل عصر السيارات والقطارات كانوا ينقلون بضاعتهم بالجمال.. يقطعون الأودية ويصعدون التلال.. يرحلون إلى السودان.. ويرجعون من ليبيا.. وعندما يعودون إلينا.. يعودون بالأخبار والأسرار.. أسرار الصحراء وقصصها التي لا تنتهي.. كانوا يجلسون معنا يحكون عن الطرق والدروب التي مروا عليها.. كنت صغيرا لكن كنت طوال الوقت مبهورا ومشتاقا للسير في الصحراء والنوم فيها والالتحاف بالسماء.. لذة الحكي.. ولذة إماطة هذا الغموض الذي يلف تلك الصحراء الشاسعة التي لا نهاية لها كان دافعا كبيرا لي.. بدأت مع أصدقائي في مرحلة الشباب ندخلها بالسيارة نقضي بها عدة أيام.. تولد الأنس بيني وبينها.. هويت الشغلانة.. والحمد لله.. ثابت نفسي فيها منذ وقت طويل.. منذ أكثر من 16 عاما وأنا أخرج مع الأفواج السياحية في رحلات سفاري عبر الصحراء من الوادي الجديد إلى حدود السودان جنوباً.. إلى واحة سيوه شمالاً.. لقمة عيشي ورزق أولادي».

تتبع منطقة الواحات البحرية محافظة 6 أكتوبر بعدما ظلت عقودا طويلة تابعة لمحافظة الجيزة، وهناك في الواحات يمكن رؤية بداية الإنسان الأول، يشتهر أهلها بالطيبة والود والكرم، وفي الواحات أقل معدل للجرائم في مصر، وهناك أيضا أقل معدلات الطلاق.. استقرار اجتماعي ونفسي ربما وفرته صحبة الصحراء، وتشبث النفس ببقايا ذاك الإنسان الرائع الذي لم تستهلكه المادة بعد. الطريق بين القاهرة والواحات خال تماما من العمران، إلا من استراحة متواضعة في منتصف الطريق الذي يسير بجوار خط سكك حديدية يستخدم في نقل خام الحديد والمعادن الأخرى من الواحات للعاصمة. وفي الواحات مجموعة كبيرة من المعالم السياحية التي تنتمي لعصور التاريخ المختلفة، وفيها أيضا تتعدد الأهداف السياحية وتتنوع ما بين السفاري وزيارة الآثار الفرعونية والاستشفاء، فهناك ما يقرب من 400 عين للمياه المعدنية والكبريتية التي يمكن أن تجعل منها واحدة من أهم المنتجعات العلاجية في العالم لتميزها بالمناخ الجاف المعتدل والشمس الساطعة طوال العام. لكن تظل رحلات السفاري لأهل الواحات هي الأهم والأروع.

رجب الذي بدا دليلا في الصحراء فقط، رغب طوال الوقت في تطوير أدواته الذاتية، فالتعليم الفطري وحده لا يكفي، لكنه طوال الوقت كان يبحث عن فرصة لتطوير مهنته ومكسبه أيضا، يقول: «قررت منذ سنوات العمل في تأجير أدوات ومتعلقات رحلات السفاري.. أقوم بالعمل مع شركات سياحية كدليل، لكن في الوقت نفسه أؤجر لهم الخيام البطاطين وفرش النوم.. هذا عمل إضافي.. وأحيانا أنظم ليلة بدوية للسائحين في الصحراء.. نعد لهم الطعام والشراب.. ونقدم لهم بعض الموسيقى البدوية من الفلكلور الشعبي.. ضروري أن نكون جاهزين دائما بالشغل لإسعاد السياح، لأن هذا مصدر دخلنا».

وبمجرد قيام وزارة السياحة المصرية بإشهار جمعية «محبي الصحراء» كان «سفاري» من أول الأعضاء المنضمين إليها، يقول رجب بفخر «محبو الصحراء جمعية مشهرة ورسمية ولديّ كارنيه (بطاقة عضوية) من الوزارة، التي تقوم بعقد محاضرات ودورات تدريبية طوال الوقت.. تعلمنا استخدام الخرائط والتعامل معها، ونظام الـ "GPS" Global positioning system أي (النظام العالمي لتحديد المواقع المرتبط بالأقمار الاصطناعية لتحديد الأماكن بشكل دقيق على سطح الأرض)، نتعلم أيضا التعرف على الطرق في الليل عبر النجوم، ومحاضرات عن الإسعافات الأولية وكيفية التعامل مع الإصابات.. يعني لا قدر الله لو حصل شيء لزبون معي أعمل إيه.. التعليم حلو طبعا.. وأثناء الرحلات مع الخواجات أخرج الخريطة في الليل وقت الاستراحة، وأشير أمامهم إلى المسافات التي قطعناها طوال النهار.. يشعرون بالأمان والاطمئنان».

الليل له وقع خاص في الصحراء، هكذا يقول سفاري رغم ما يتبدى للكثيرين من حالة خوف من تلازم الليل والصحراء»، أبدا.. الليل في الصحراء أمان.. لا توجد في صحرائنا أسود أو حيوانات مفترسة.. فقط بعض الثعالب الصغيرة جميلة المنظر التي تلتف حولنا عند النوم طمعا في قطعة لحم من الشواء.. نشوي اللحم ونأكل تحت ضوء القمر أو وهج النار، ولا يوجد خوف من نقص طعام أو شراب.. نعمل حسابنا دائما في كميات اكبر بكثير.. يعني إذا كنا عشرة أشخاص في الرحلة.. نأخذ معنا طعام وشراب لـ 15 فرداً، وهكذا حتى لا نترك شيئا للظروف.. وكله بالمشيئة».

بالصحراء والليل وسيارة الدفع الرباعي «اللاند كروزر» يكتمل العقد الفريد لرجب في أداء مهنته التي زادتها الأخيرة متعة على حد قوله «أملك سيارة لاند كروزر موديل حديث.. سيارة ممتازة بجد.. هي سفينة الصحراء في هذا العصر.. قوة مذهلة في عبور الرمال وصعود الكثبان الرملية، حتى بحر الرمال العظيم.. تصعد الهضاب.. عندما أقودها أشعر بمشاعر قائد الطائرة.. أنا شخصيا أطير معها.. شيء مختلف عن السير على الإسفلت.. وفي هذه السيارة مميزات حلوة جدا.. تكييف وثلاجة.. أحيانا نأكل لحم في الصحراء لمدة أسبوعين بسبب إمكانيات هذه السيارة، تعلمت عليها بسرعة، وتحتاج إلى مخ وسرعة فهم، أحيانا أؤجرها للشركات الأخرى وأحيانا أقودها بنفسي».

تمثل رحلات السفاري في منطقة الواحات البحرية والوادي الجديد وواحة سيوه عصب الحياة هناك. محافظة الوادي الجديد تقبع هي الأخرى في الجنوب الغربي لمصر، يحدها من الشرق محافظات المنيا، أسيوط، سوهاج، قنا وأسوان، ومن الغرب حدود مصر مع ليبيا ومن الشمال محافظة مرسى مطروح والواحات البحرية، ومن الجنوب الحدود المصرية مع السودان. وتبلغ مساحتها حوالي 458000 كم أي ما يوازي 45.8% من مساحة مصر، وحوالي 67% من مساحة الصحراء الغربية، وتشمل هذه المساحة ثلاث واحات هي الخارجة الداخلة الفرافرة وهي الثلاث مراكز الإدارية للمحافظة. ويبلغ عدد السكان هناك نحو 170 ألف نسمة والعاصمة الداخلة. وتنتشر في أنحاء الوادي الجديد مناطق أثرية تنتمي لمختلف العصور التاريخية وتعتبر من المزارات المهمة، ومنها في الخارجة جبانة البجوات الفرعونية، ومعبد الناضورة، ومعبد الغويطة، ومعبد الزيان، ومعبد دوش.

وفي منطقة الداخلة هناك معبد بربيعة، وآثار البشندي، ومصاطب بلاط الفرعونية، وآثار بلاط الإسلامية، وقرية القصر الإسلامية، ومقابر المزوقة، ومعبد دير الحجر. أما واحة سيوه فتبعد عن الواحات البحرية مسافة 400 كيلومتر ناحية الشمال وهي تتبع محافظة مرسى مطروح شمال غربي مصر قرب الحدود الليبية، وتشتهر بعيونها المائية وآبارها العذبة، وتظل المحطة الأخيرة لمغامري السفاري القادمين من الواحات البحرية إلى الحدود المصرية السودانية ثم الصعود شمالا إلى الواحة الخضراء المشهورة بزراعة الزيتون، في رحلة تستغرق في العادة 17 يوما كاملة.

لكن هل يمكن أن يؤثر حادث الاختطاف على مسيرة رحلات السفاري في المنطقة؟ أجاب سفاري على الفور «لا لا، الموضوع انتهى ولن يحدث مرة أخرى.. أثناء حادث الاختطاف الذي استمر حوالي عشرة أيام لم نتوقف عن العمل مع مجموعات السفاري.. كنا ندخل الصحراء في الليل ونقيم ليالي بدوية للسياح هناك.. الشاي والقهوة والفلكلور وفي النهار نواصل الرحلات إلى الواحات الأخرى والمناطق الأثرية والكهوف.. ما حدث شيء عابر.. الليلة لدىّ مجموعة ذاهبة معي إلى منطقة الجلف الكبير لمدة أسبوع.. لا توجد مشكلة».

ويعترف «سفاري» أن هذه المجموعات التي اختطفت السياح موجودة منذ وقت طويل في المنطقة «هم في الأساس كانوا يعملون بالتهريب.. لم يحدث أن ضايقونا في السنوات الماضية.. لو حدث وتعطلت إحدى سياراتنا على الطريق كانوا يقفون لمساعدتنا.. لكن مؤخرا بدأوا يتحرشون بالمجموعات السياحية.. وكان الأمر يتوقف عند سرقة بعض المتعلقات من مال أو أجهزة اتصالات، ثم امتد الأمر إلى سرقة السيارات بعد إخلائها من السياح.. لكن هذه المرة قرروا اختطاف السياح أنفسهم، لكن بعد ما حدث لن يفعلوها مرة أخرى. ويحلل رجب الحادث بقوله «المختطفون شعروا أن الموضوع أكبر منهم، لذلك كانوا خائفين ويتنقلون بين حدود 4 دول، كما أنهم كانوا يحاولون التمويه وإخفاء مكانهم لأن أجهزة الاتصال بالقمر الصناعي كانت توضح موقعهم بسهولة». يقبل السياح من أوروبا الغربية، خاصة الألمان والفرنسيون والسويسريون على رحلات السفاري، يدفع الواحد منهم نحو عشرة آلاف دولار للقيام برحلة سفاري لمدة عشرة أيام يقول رجب «هناك سياح يأتون في العام مرتين للقيام بهذه الرحلة.. المناظر طبيعية وجميلة تجعلهم مبهورين طوال الوقت.. يقفون طويلاً أمام شروق الشمس وغروبها.. وفي الليل فرحة أخرى في قلوبهم.. كأن الرحلة شفاء روحي لهم».

برنامج رحلة السفاري تحدده شركات السياحة المصرية المنتشرة في القاهرة وفروعها في الأقصر وأسوان والوادي الجديد والواحات، يعمل رجب مع عدة شركات في الواحات «أنا عندي ترخيص بمزاولة المهنة ومعي تصريح من الأمن أيضا.. الشركة تتصل بي وتحدد خط السير، والمزارات التي سنمر عليها أثناء الرحلة.. نتحرك من الواحات البحرية دائما باتجاه الصحراء السوداء، وهي عبارة عن منطقة براكين قديمة وتمتلئ بالتلال والصخور الجيرية، ثم نرحل باتجاه جبل الكريستال ذي الحجارة البلورية، ثم واحة الحيز، وبعدها جبل عقبات وهو مكان مرتفع جدا يكشف كل أماكن الصحراء، ثم نرحل إلى الوادي الصغير وفيه آثار رومانية قديمة وعين ماء تسمى «عين خضر»، ثم نبيت في الصحراء البيضاء وهي محمية طبيعية ورمالها بيضاء مثل الثلج.. وفيها أشكال صخرية رائعة.. تتجلى فيها عظمة الخالق.. ولا يملك الإنسان هناك إلا أن يقول سبحان الله.. وبعد ذلك إما نذهب إلى واحة الخارجة في محافظة الوادي الجديد أو إلى مدينة الأقصر في الصعيد، أو نعود مرحلة أخرى إلى البحرية، هذه الرحلة نقطع فيها نحو 1200 كيلومتر، أما منطقة الجلف الكبير، فهي منطقة رائعة.. ترى كهوفا نحتت قبل التاريخ، وفيها رسومات كأنها مرسومة الآن.. مفيش أي تلوث فيها وتدخل من جانب أحد، والألوان لسه زي ما هي».

يشدد سفاري على أهمية أن يكون الدليل خبيرا بالصحراء، وملتزما، وأمينا في عمله، لأن ذلك يكسبه سمعة جيدة بين الشركات العاملة في المجال، وكذلك يمكن للسائحين طلبه بالاسم بعدما يتعاملون معه سابقا، قائلاً «أهم شيء في الدليل أن يكون عالما بدروب الصحراء، وألا يضع السائحين في مواقف صعبة، أو يتوه بهم في الصحراء.. يغضب السائحون كثيرا من هذا الإحساس ويفضلون الدليل الخبرة مثلي.. الدليل الشاطر عملة نادرة.. يجب أن يهتم بالزبون، يجعله سعيدا برحلته ومستمتعا بأوقاته داخل الصحراء.. ولا يترك ملاحظة وراءه. أما عن عدد الرحلات التي يخرج فيها الدليل في السنة، يقول: إن هذا رزق مقسوم ولا احد يعرف على وجه اليقين متى يخرج وكم مرة، لأن الدليل يكون دائما في أنظار شركة السياحة التي تستقدمه. أما عن الأجر الذي يحصل عليه الدليل نظير مهمته الخطيرة، يقول رجب: إن المسألة تتفاوت من شركة لأخرى ومن دليل لآخر.. هذا رزق ولا يوجد له أرقام محددة.

يندهش «سفاري» من احترام السائحين للصحراء «يتعاملون معها كأنها شيء مقدس.. لا يجرؤ أي واحد منهم على إلقاء عود كبريت أو سيجارة فيها.. كل واحد لديه كيس صغير يجمع فيه أعواد الكبريت وبقايا السجائر أو أي مخلفات أخرى ويضعها معه حتى انتهاء الرحلة ثم يلقيها في الأماكن المخصصة.. اهتمام مميز بالصحراء.. قمة الأخلاق والله الناس دي».

يتكلم سفاري عدة لغات لكن على غرار «من كل فيلم أغنية»، أي يتحدث عدة كلمات فرنسية على بعض الكلمات الألمانية وتدور كلها حول موضوعات واحدة.. التخييم، النوم... «اللغة مهمة في مهنتنا، رغم أن التحدث مع السائحين هو من تخصص المرشدين، لكن الزبائن يحبون الكلام مع السائق والدليل وصحبة الرحلة.. أستطيع الكلام معهم في بعض العبارات القليلة.. يسألونني متى سنأكل؟ أين سننام؟ أشياء كهذه، لكن أنا درست اللغة الايطالية في أحد معاهد اللغات في القاهرة.. الزبون الايطالي بدأ يهوى رحلات السفاري في السنوات الأخيرة.. لذلك قررت الاهتمام باللغة الايطالية».

رغم انتشار ظاهرة زواج الشباب الصغير بالسائحات الزائرات، لم يفكر سفاري في الارتباط بواحدة من الجميلات اللاتي لطالما عبرن معه الصحراء.. فقرر الزواج من فتاة من عائلته الكبيرة في قريته قائلاً «الحمد لله.. نحن في الواحات عندنا عادات قديمة لا يمكن أن نغيرها.. نتزوج من بعضنا بعض.. وإذا حدث خلاف نسويه عرفيا في جلسة رجال.. والطلاق يكاد يكون منعدم عندينا.. عندي طفلة صغيرة، وعندي طموح تكون حاجة كبيرة في المستقبل، وهذا كله بحسب مشيئة ربنا».

ويطلق رجب سفاري مفاجأة عندما يؤكد أن لديه موقعا على الانترنت خاص به دشنه قبل عامين يتكلم فيه عن رحلات السفاري والمغامرة في الصحراء الغربية، ويبدي الاستعداد لتنظيم هذه الرحلات، تاركا بيانات الاتصال به باللغة الانجليزية، «نعم، الموقع بسيط جدا، لكن أنا حبيت أعمل دعاية لشغلي.. إحدى شركات السياحة العاملة في المنطقة ساعدتني في عمل هذا الموقع.. لكن أنا الآن أقوم بتحديثه ووضع معلومات جديدة فيه، حتى يمكن الحصول من خلاله على زبائن جدد، كما أنوي زيادة اللغات الموجودة في الموقع إلى 3 لغات».

يبتسم رجب وهو يتحدث عن المستقبل قائلاً: «المستقبل بيد الله، لكن أنا عندي طموح أفتح وكالة سفر متكاملة لتنظيم رحلات السفاري في المنطقة.. نحن نشتغل بما يرضي الله وكل واحد عنده طموحات، وربنا بيدي كل واحد على قد نيته، وأنا الحمد لله مبسوط بالشغلانة وهاويها وحاببها وربنا يقدم اللي فيه الخير».