حماس.. تتوسع عربيا

بعد انتشار السلاح خارج المخيمات الفلسطينية.. هل تطرح زيارة مشعل ملف الاستقطاب الفلسطيني داخل لبنان

أطفال فلسطينيون أثناء تدريبات عسكرية في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان (رويترز)
TT

لم تنزل تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل خلال زيارته لبنان بردا وسلاما على قلوب ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية. فقد اعتبر أكثر من مصدر ان مشعل استحضر الخلاف بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) ومعه قيادة حركة «فتح» وبين حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، وذلك مع اقتراب الموعد المصري للحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني، الذي تستضيفه القاهرة في الأيام المقبلة. كما سعى الى قلب الطاولة على المنظمة كممثل حصري للوجود الفلسطيني في الداخل اللبناني عبر مطالبته بإجراء مفاوضات لبنانية ـ فلسطينية بمشاركة كل الفصائل للوصول الى صفقة كاملة بين الطرفين تضع حداً لجميع النقاط العالقة بما فيها جمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات شرط ان يأتي متلازماً مع إقرار الدولة اللبنانية الحقوق المدنية للفلسطينيين.

الأمور مرشحة لمزيد من التأزم، لاسيما بعد اجواء اللقاءات التي جرت في اليومين السابقين بين وفد حماس والوزير المصري (رئيس المخابرات المصرية) عمر سليمان. ويقول ممثل حركة حماس في لبنان اسامة حمدان لـ«الشرق الاوسط»: «يؤسفني ان أقول ان المطلوب من الحوار الفلسطيني برعاية مصرية هو التمديد لأبو مازن. ولكن حتى لا يفشل الحوار توجه وفد من حماس الى القاهرة للقاء سليمان والبحث في مجموعة من القضايا الضرورية لتهيئة مناخ الحوار والتركيز على وقف الحملة الأمنية التي تطاول الحركة وأنصارها ووقف الاعتقالات والافراج عن المعتقلين لدى ابو مازن. لا يعقل ان يدعى الناس الى الحوار ويتم اعتقالهم في الوقت نفسه. لا بد من الاتفاق على عناوين الحوار». كذلك اشار الى انه لا بد من اعادة بناء منظمة التحرير والأجهزة الامنية وتشكيل حكومة وطنية». واضاف ان «ترتيبات الحوار تطرقت الى مشاركة الرئيس عباس في الجلسات. هناك حديث عن حضوره افتتاح الحوار ومن ثم مغادرته. هذا يعني لا حوار. عدم مشاركة ابو مازن تعني فشلاً حقيقياً للحوار. ونحن ننتظر إجابات من الجانب المصري على هذه الاسئلة. كما ان الاجابات التي سمعناها لم تكن مشجعة، وربما محبطة تشير الى ادراك الجانب المصري ان ما يحصل ليس حوارا وانما محاولة لإيجاد صورة قانونية للتمديد لأبو مازن وخرق الدستور». «الفتحاويون» اشاروا أيضا الى ان توقيت الزيارة قبل انعقاد طاولة الحوار اللبناني برعاية رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال سليمان لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية له دلالاته القائمة على «ابتزاز الدولة اللبنانية وارغامها على مقايضة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية مقابل السلاح خارج المخيمات. وهو أمر غير مقبول بعد ارساء منظمة التحرير نمط علاقة مع الدولة اللبنانية من خلال اعلان فلسطين، وذلك لطيّ صفحة الصراع الذي ادى في العام 1975 الى اندلاع حرب اهلية في لبنان».

في المقابل لم يبد أي مسؤول لبناني، سواء انتمى الى الأكثرية او المعارضة أي ملاحظات على هذا التجاذب. ولعل السبب انشغال اركان الدولة اللبنانية بما هو أهم من الملف الفلسطيني او ان التوجه للمرحلة الراهنة هو لتغيير نمط التعاون مع الوجود الفلسطيني في لبنان. ويستدل على هذا التوجه من البيان الوزاري للحكومة الحالية الذي أوردت فيه انها ستتعاون مع القوى الفلسطينية، في حين تضمن بيان الحكومة السابقة اشارة الى تعاونها مع الممثل الشرعي للفلسطينين، أي منظمة التحرير الفلسطينية التي عادت وافتتحت مكتبها التمثيلي في بيروت عام 2005. ويتفق مصدران لبناني وفلسطيني على ان «هناك خللا حصل في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الحالية، فيما كان يجدر التعامل الرسمي مع الشرعية الفلسطينية». وحكي عن تقديم احتجاج مباشر من منظمة التحرير الفلسطينية نبهت فيه الى ان «المصلحة اللبنانية تقضي بحصر التعامل مع الشرعية الفلسطينية. لأن التعامل مع فصائل وأطراف انقلابية قد يورط الحكومة اللبنانية ويضعها في مواقف هي في غنى عنها».

جواب حمدان يأتي حاسما فيقول: «نحن الشرعية. والاجهزة الامنية في غزة انقلبت على الشرعية، فأدبناها ووضعنا حدا للجنرال كيث دايتون (المبعوث الاميركي) الذي يعيث فسادا في الضفة. وفي لبنان جرى الاعتداء علينا من قبل أطراف من فتح الا اننا سلمنا الامر الى السلطات القضائية اللبنانية».

حمدان لم يخف ان زيارة مشعل شكلت خطوة استباقية لمؤتمر القاهرة. وقال لـ«الشرق الاوسط»: «الرسالة التي حملها مشعل الى الجانب اللبناني هي تأكيد حرص حركة حماس على العمل لإنجاح الحوار الفلسطيني وبذل كل جهد في سبيل ذلك، مع وعد بأنه اذا فشل الحوار لن يترجم بانقسام فلسطيني في لبنان. حماس لن تنقل اي توتر الى لبنان. ولكن لن يكون هناك تنازل في حق العودة وسائر الحقوق الاساسية للفلسطينيين في لبنان. وفي المقابل طلبنا من الجانب اللبناني مساعدتنا في عدم نقل اي توتر الى لبنان اذا وصل الحوار في القاهرة الى حائط مسدود». وأكد ان «حركة حماس لا تريد ان تحل مكان أحد في لبنان. ولن تجر الى اي استفزاز طالما هناك مؤسسات سياسية وقانونية وقضائية لبنانية تحاسب المتجاوزين والمخالفين وتعاقبهم. وبالتالي الوضع الفلسطيني في لبنان لن يتأثر ولن يتضرر مهما كان وضع علاقة حماس مع منظمة التحرير. مع الاشارة الى ان التمثيل السياسي لمنظمة التحرير لا يعطيها الحق بأن تكون سلطة امنية وتعتدي على الناس».

المستشار الاعلامي لممثلية منظمة التحرير في لبنان هشام دبسي قال لـ«الشرق الاوسط»: «لا مشكلة في زيارة أي مسؤول فلسطيني لبنان، سواء خالد مشعل او غيره من قادة الفصائل. لكنهم لا يأتون بجديد. يعلنون مواقف مؤيدة للموقف الرسمي الفلسطيني، سواء لجهة احترام سيادة لبنان او عدم التدخل في شؤونه الداخلية وامتثال الفلسطينيين للقانون اللبناني. ما يؤكد صحة توجهاتنا. نريد ان نطوي صفحة العلاقات المتشنجة التي كانت تمثلها الجبهة الشعبية (القيادة العامة). ونريد لكل القوى ان تنتهج هذا النهج السياسي الذي بدأه ممثل منظمة التحرير في لبنان عباس زكي. هم يطالبون بالحوار. الشرعية الفلسطينية بدأته مع الشرعية اللبنانية منذ ثلاث سنوات. ومن يأتي متأخرا لا يحق له نسف ما بدأ ليعود من الصفر». لكن حمدان نفى ان يكون مشعل قد نسف ما أسس من حوار لبناني فلسطيني من قبل منظمة التحرير مع الدولة اللبنانية لأن هذا الحوار لم يبدأ بعد. وقال: «نحن لم نكن طرفا في اي حوار. كما ان عباس زكي ينفي وجود حوار بينه وبين الدولة بشأن الواقع الفلسطيني الذي يحتوي ملفه على السلاح. وهذا السلاح طرح على طاولة الحوار اللبنانية عام 2006، وبالتالي البحث فيه يجب ان يتم عبر حوار بين الطرفين الفلسطيني واللبناني. مبدأ الحوار أقر لبنانيا، وحتى الآن هناك معالجات مشتركة بين الجانبين اللبناني والفلسطيني لحالات تستوجب ذلك. وهي لا تغني عن الحوار الذي يضع الامور في نصابها. بعد ذلك يفهم الجميع حدودهم». وشدد على ان «الحوار يجب ان يكون ضمن سيادة الدولة اللبنانية وأمنها». هذا التجاذب للساحة الفلسطينية داخل مناطق الحكم الذاتي معرّض للتوسع الى خارجها على ما يبدو. والساحة اللبنانية مفتوحة دائما لنزاعات الآخرين. وليس خفيا حجم المأزق المرتقب في العلاقة بين المنظمة وحركة حماس. لكن قبل الدخول في أبعاد العلاقة لنتوقف عند الوضع «الفتحاوي» في لبنان. النقطة الاولى التي يجمع عليها المؤيد لـ«فتح» والمعارض لها هي ان «وضعها التنظيمي والتمويلي مترهل مقابل الوضع التمويلي الشاب لحماس، لاسيما مع الضخ المالي الذي تحصل عليه الاخيرة من ايران وتعود فتغدقه على الفلسطينيين في لبنان. لكن هذا الوضع لا ينفي انها لاتزال القابضة على شعبية لا يستهان بها في صفوف الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية».

ولعل الوضع «المهلهل» لمنظمة التحرير هو ما دفع مسؤولي حماس الى المطالبة بإعادة تنظيمه. وهذا الامر ليس غائبا عن الرؤية الفتحاوية لأهمية ترتيب بيتها الداخلي، لاسيما بعد تسرب معلومات عن خلافات بشأن صلاحيات مسؤول الساحة اللبنانية لمنظمة التحرير الفلسطينية اللواء سلطان ابو العينين، وعن رغبة «راودته» لإعلان «تمرده» بمساعدة جهة لبنانية. وأضافت هذه المعلومات ان ابو العينين كان قد هاجم اعلان فلسطين. وهو يتبنى موقف مقايضة السلاح بالحقوق مثل حماس واحمد جبريل. وهو ليس بعيدا عن حزب الله. هناك اكثر من طرف في لبنان له مصلحة بتدمير استراتيجية منظمة التحرير الفلسطينية. واستخدام الفلسطينيين ورقة. الا انه تراجع بعد ان استدعاه الرئيس محمود عباس الى عمان تحت طائلة المسؤولية، التي يفترض ان يكون قد زارها في اليومين الماضيين». المستشار الاعلامي للمنظمة هشام دبسي يقول: «هناك سياسات جديدة للمنظمة. وعلى الطاقم القديم ان يلحق بها. ولا يحق له ان يرفضها من دون بدائل. وهذه السياسات لها تعبيراتها المختلفة على المستوى الفتحاوي».

ماذا اذا عجزت فتح عن ترتيب بيتها الداخلي؟ يجيب: «نحن نعمل لنتفادى ذلك وقد دعونا الى مؤتمر قادة في لبنان. على ان يعقد مؤتمر عام في ديسمبر (كانون الاول). نحن لا نبني على لحظة جامدة بل هناك تطورات مقبلة تؤثر في اكثر من مكان. لا خيار لنا غير ترتيب بيتنا الداخلي». ويضيف: «حتى تاريخه حماس لا تملك قدرات فتح في المخيمات. الا انها اسست في الداخل ورسخت مشروعها وبنت قدراتها. والآن هي تسعى الى توسيع وجودها في الخارج. ومجيء خالد مشعل الى لبنان في هذا الوقت يدل على ان حماس بدأت تتموضع في لبنان كلاعب اساسي. في عين الحلوة طورت وجودها من خلال تمويل مؤسسات اجتماعية واصبح لديها جهوزية داخل المخيمات، لذا هي تسعى الى فرض معادلة جديدة عكستها زيارة مشعل الى لبنان في هذا الوقت». عن توقيت الزيارة يقول اسامة حمدان: «نحن نحب ان نتعامل مع لبنان موحداً ومن خلال مؤسساته الرسمية من دون ان يعيق ذلك علاقاتنا مع الكثير من الاحزاب والقوى اللبنانية. كما ان تجاوز لبنان لأزمته الداخلية خاصة بعد اتفاق الدوحة وانتخاب رئيس للجمهورية شجع على انجاز هذه الزيارة. كما ان وضعنا في لبنان كحركة تنمو وتتطور في الوسط الفلسطيني، لاسيما ان هذا الوضع اختلف عما كان عليه قبل عشر سنوات، يجب ان يصب في مصلحة العلاقات اللبنانية الفلسطينية. فكل قوة للجانب الفلسطيني هي في مصلحة لبنان. وكل قوة للبنان هي في مصلحة القضية الفلسطينية. وتحسن وضع لبنان يفيدنا في مواجهة محاولات التوطين واسقاط حق العودة ويساعدنا في التركيز على نضالنا».

ماذا عن السلاح خارج المخيمات وعن وضع المخيمات وهي تشكل جزر امنية ويحتمي فيها متطرفون تكفيريون؟

حمدان يرفض الدخول في حوار حول الامر. ويشير الى ان حركة حماس هي «الطرف الفلسطيني الوحيد الذي لا يملك سلاحا ولا ميليشيا في لبنان ونحن نعتبر ان السلاح الفلسطيني جاء في ظروف يغلب عليها الخلاف. ومعالجته تحتاج الى اتفاق ضمن دائرة سيادة القانون والاستقرار اللبناني. فالسلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها تأتي معالجته ضمن وفاق او حوار فلسطيني ـ لبناني. ولو كانت المسألة لا تستوجب حواراً لما كانت هناك اتصالات مع أطراف عدة لبحث الموضوع».

اما دبسي فيقول: «على صعيد وضع المخيمات، قمنا ببعض المعالجات في الفترة السابقة، وقطعنا ثلاثة ارباع الطريق. وايجابيات الانفتاح السياسي واضحة، فقد استوعبنا عصبة الانصار التي تبنت ما طرحناه في بيان مشترك. ووصلنا الى حصر المشكلة مع جند الشام. وهم امام ثلاثة خيارات، الاول يقضي باندماجهم في الفصائل وتخليهم عن مشروعهم المتطرف، والثاني الخروج من المخيم، والثالث حسم وضعهم عسكريا. وقد قيل لهم ذلك بشكل واضح في اجتماع عقد بوجود عصبة الانصار. الا ان هذا الجهد السياسي تم تعطيله في أكثر من مكان وبأكثر من طريقة. هناك خروق من العصبة ومن جند الشام ومن مندسين داخل فتح».

واشار دبسي الى ان المعلومات التي تروّج في وسائل الاعلام عن التطرف في المخيمات أكبر بكثير من الواقع. لا وجود لحالة شبيهة بـ«فتح الاسلام». هناك حالات فردية موجودة فقط في عين الحلوة، اما في مخيم البداوي وغيره فهناك خلايا نائمة وليس شبكة ناشطة، كما في اكثر من مكان في لبنان وليس فقط في المخيمات. ولا يمكن ان نعتبر ان هناك تنظيما متطرفا».

وحذر دبسي من ان السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ليس موضوع بازار او ضغط. واعتبر ان «مشعل انتهج موقفا قريبا من أحمد جبريل، عندما ربط الامور ببعضها لجهة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسلاح، ما يدل على تفكير ميليشيوي وليس تسليما للشرعية. في هذا الامر لم يصب مشعل. هو استقوى بالسلاح ونحن لا نوافقه. السلاح الفلسطيني ليس للاستقواء على الشرعية اللبنانية. نريد ان نطوي هذه الصفحة ونتخلص من التراكمات». وأضاف: «اطلق مشعل تصريحات تشير الى انه لا يريد نقل الصراع الى لبنان. وهذا ما دعونا اليه عندما احتدم الصراع بين حماس ومنظمة التحرير في الداخل الفلسطيني. حتى عندما اصدر الرئيس محمود عباس قرارا رئاسيا بمقاطعة حماس اخترقنا المقاطعة في لبنان. وعندما اندلعت حرب مخيم نهر البارد في شمال لبنان حرصنا على ان يبقى الشباب من حماس معنا، الا انهم سرعان ما افترقوا عنا وتولوا المفاوضات مع فتح الاسلام. حركة حماس لديها براغماتية وتعمل على تطوير علاقاتها العامة واستثمارها بعد ذلك».

حمدان نفى ان يكون مشعل قد طرح شروطا على الدولة اللبنانية وانما طرح مطالب فلسطينية للعمل عليها. وهي لم تكن يوما موضوع سجال. ـ تعملون مع لبنان. ماذا عن منظمة التحرير؟

يجيب: «منظمة التحرير قررت ان تعمل وحدها وهي ترفض اي مشاركة وتفشل لأنها تعمل وحدها. الاطراف المتعددة تقول لها ان هناك تعبيرا مجتزأً عن الواقع الفلسطيني وليست وحدها الممثلة الشرعية لهذا الواقع». ويؤكد ان «حركة حماس سعت الى تشكيل مرجعية موحدة للفلسطينيين في العام 2005، حتى قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري وقبل فوزها في الانتخابات. وهذه المحاولات بقيت مستمرة على مدى سنين. حتى بعد انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية اللبنانية عرضنا ان نقوم بالتهنئة من خلال وفد فلسطيني موحد وتنازلنا وقبلنا ان يكون برئاسة عباس زكي ممثل المنظمة في لبنان. لكن زكي تصرف منفردا».

عن المحاولات العربية لرأب الصدع بين الاطراف الفلسطينية قال حمدان: «هناك جهد عربي بذل يجب ان لا نغفله لتحقيق مصالحة فلسطينية. وقد بدأ حقيقة عام 2003 مع تبلور قوة حماس. اعترضته قضية كبرى بعد فوز حماس في الانتخابات. قبل ذلك كان التنسيق بين معارضة وموالاة. ولكن بعد الفوز على الفريق المغلوب ان يعترف بفوزنا. ويجب على السلطة السابقة ان تخلي الساحة للسلطة المقبلة. هنا حصلت المشكلة».

وأشار حمدان الى ان الجهد السعودي الذي كان كبيرا لإجراء المصالحة. «لكن مع الاسف لم يصمد لأن الادارة الاميركية قررت افشاله ووجد الجنرال دايتون صدى فلسطينيا لمشروعه، ولأسباب لا تتعلق ربما بالادارة الاميركية لكنها اوصلت الى الواقع الحالي. كذلك بذلت الرئاسة السورية جهودا لإجراء المصالحة والسودان وقطر واليمن. واليوم يأتي متأخرا الجهد المصري. وذلك لأن مؤتمر أنابوليس فشل وسقط معه رهان محمود عباس لإرغامنا على القبول به او مواجهة العالم. والسبب الثاني للمبادرة المصرية هو فشل الحصار على غزة في كسر ارادة حماس وانقلاب الشعب الفلسطيني لمصلحة حماس. والسبب الثالث هو اقتراب موعد الاستحقاق الدستوري في مطلع يناير (كانون الثاني) من العام المقبل مع انتهاء ولاية عباس». ويجد دبسي انه «مهما تكن المراهنات على التوازنات متعلقة بالتجاذب بين القوى اللبنانية، او على النجاح أو الفشل في المفاوضات، هناك سقف لا يمكن لحماس تجاوزه وهو سقف الشرعيات. ينبغي ان نميز بين القدرة على التمرد على الشرعية والقدرة على تجاوز الشرعية وتغيير الوقائع. حملة العلاقات العامة لا تفيدهم لتجاوز الشرعية. حماس تزج نفسها في مأزق لدى مقاربتها الشرعية، فهذا الوضع يفرض عليهم اما التخلي عن مشاريعهم او الوقوع في ازدواجية الخطاب وزيف المواقف».

اما عن استخدام فزاعة التوطين وتحويل المخيمات مرة جديدة ورقة ابتزاز في الصراع السياسي اللبناني. فيقول مستشار رئيس لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني زياد الصايغ: «نتمنى ان لا تستخدم هذه الفزاعة في البازار الانتخابي الداخلي. وليس مقبولا استغلال القضية العادلة للفلسطينيين في هذا البازار. مع ان الدولة اللبنانية ترسي سياسة دبلوماسية شاملة الاستراتيجية لدعم حق العودة بدل التهويل بالتوطين». عبسي يقول: «نحن نعاني من مواقف النائب ميشال عون والمسؤولين الذين يركزون على موضوع التوطين. وقد ابلغنا عون احتجاجنا في أكثر من لقاء ووعد بأن يخفف من هذا الكلام. علاقتنا مع حزب الله ايجابية وقد طلبنا اليهم بشكل رسمي ان يضغطوا على حليفهم. خالد مشعل تقاطع مع عون وشارك في جزء من التحريض علينا. ومن يتحدث عن التوطين هو استثناء وليس قاعدة».

حمدان ينفي ان يكون مشعل قد اتهم اي طرف في الداخل اللبناني بالمشاركة في «طبخة توطين»، وانما اتهم «طرفاً فلسطينيا بالتورط في ذلك». واعتبر ان «رفض الدولة اللبنانية التوطين هو نقطة التقاء سياسي مع حركة حماس لإسقاط أي محاولة للقضاء على حق العودة. وهذا هو المفروض. نحن لا نزرع شكوكا. نحن ولبنان نتمسك بهذا الحق ونعمل بشكل مشترك كل من موقعه».