الرجل الذي سيحسن صورة أميركا

وزير العدل الأميركي الجديد مثل أوباما.. أسود ابن لمهاجر.. درس في جامعة عريقة وعمل في المحاماة.. إلا أن عيبه في نظر البعض أنه من «قلب واشنطن»

TT

عندما نشرت الصحف الاميركية قبل يومين، ان الرئيس الأميركي المنتخب باراك اوباما سيختار ايريك هولدر، مساعد ثم نائب وزيرة العدل جانيت رينو في ادارة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون، وزيرا للعدل في ادارة اوباما، ليكون أول اسود يشغل المنصب في تاريخ اميركا، فوجئ الكثيرون، فيما قال آخرون ان الاختيار يثبت مرة اخرى، قدرة اوباما على اتخاذ قرارات جريئة، بغض النظر عن رد فعل الآخرين. فأوباما سيتهم من قبل الكثيرين بأنه اختار هولدر لأنه أسود، ناسين، عن قصد أو بدون قصد ان الرجل لديه من المؤهلات ما يجعله جديرا بالمنصب، بغض النظر عن لونه. وإذا ما عين هولدر رسميا ووافق مجلس الشيوخ على التعيين، ستكون امامه مهمة.. تحسين صورة اميركا في العالم. فوزارة العدل هي التي قادت الطريق للاساءة لهذه السمعة عبر غوانتانامو، والتنصت والرقابة و«باتريوت اكت» الذي وضع المعلومات حول آلاف المسلمين في حيازة الأجهزة الاميركية. وعلى هولدر ان يواجه كل هذا. الحقيقة ان اختيار هولدر لم يكن مفاجأة لأن اوباما، خلال الحملة الانتخابية، ومنذ بداية السنة، اختاره واحدا من كبار مستشاريه. وبعد فوز اوباما برئاسة الجمهورية، اختاره رئيسا مشاركا في اللجنة الانتقالية التي تشرف على انتقال السلطة من ادارة الرئيس جورج بوش الى ادارة اوباما. ثم اختاره مسؤولا عن القسم القانوني في اللجنة الانتقالية. ومهدت كل هذه الاختيارات للاختيار الأكبر: وزير للعدل. يبلغ هولدر من العمر 56 سنة. ولد في حي برونكس، في مدينة نيويورك. والده مهاجر من جزيرة باربادوس (في البحر الكاريبي). وكان عمر الوالد احدى عشرة سنة عندما تسلل الى داخل «ستيفن»، سفينة تجارية اميركية كانت تقف في الجزيرة. وعندما وصلت السفينة الى نيويورك، تسلل منها، وذهب الى حي «برونكس» حيث كان يعيش اقرباء له من الجزيرة. وبعد ان كبر، تزوج واحدة من بنات الجزيرة، «مريام»، وكانت، هي الاخرى، قد هاجرت الى نيويورك مع والديها.

وفي نفس حي «برونكس» في نيويورك، تربي ابن مهاجرين آخرين من البحر الكاريبي من جزيرة جامايكا وهو كولن باول وزير الخارجية السابق، وكان قبل ذلك القائد العام للقوات الاميركية المسلحة. لكن، باول يكبر هولدر بعشرين سنة تقريبا. وفيما درس باول في كلية «سيتي» في نيويورك، ولم يكن ممتازا، وانضم الى العسكرية، درس هولدر في جامعة «كولمبيا» في نيويورك وكان ممتازا، وصار محاميا.

ومثل اوباما، لكن قبله بعشر سنوات، لم يذهب هولدر الى مكاتب المحاماة العملاقة في نيويورك (ويصير مليونيرا)، بل فضل العمل محاميا «شعبيا». وكما عمل اوباما في احياء الزنوج في شيكاغو، عمل هولدر مع منظمة تطوير الملونين (ان.ايه.ايه.سي.بي).

انتقل هولدر من نيويورك الى واشنطن، حيث عمل في قسم مراقبة نزاهة المواطنين في وزارة العدل. وقضى في الوزارة أكثر من عشر سنوات. وفي سنة 1988، اختاره الرئيس رونالد ريغان قاضيا في المحكمة العليا لواشنطن العاصمة. وظل في المنصب زهاء عشر سنوات، حتى اختاره الرئيس كلينتون مساعدا لوزير العدل. وبعد نهاية ادارة كلينتون، انضم الى مكتب محاماة كبير في واشنطن، إلى أن اختاره اوباما وزيرا للعدل، ليصبح بذلك اول وزير عدل اسود في اميركا، ويدخل التاريخ في ادارة دخلت التاريخ عندما حملت أول اسود رئيسا في البيت الأبيض. قابل هولدر أوباما لأول مرة في حفل عشاء صغير عام 2004، أقيم ترحيبا به في واشنطن. وكان المحاميان يجلسان إلى جوار بعضهما بعضا عند تناول العشاء، وقال هولدر إنه أعجب بالسيناتور الجديد على الفور، فيما ثمن اوباما في هولدر ذكاءه وثقافته، ومنذ ذلك الحين وهما معا. وبعد الاعلان عن اختيار هولدر لمنصب وزير العدل، تباينت التوجهات. وصفق كثير من الأميركيين لهولدر، لأنه سيكون أول وزير عدل أسود في بلد ظل السود فيه يعانون من الظلم لأكثر من اربعمائة سنة. صحيح، حتى قبل مائة سنة تقريبا، كانت وزارة العدل تنفذ قرارات المحكمة العليا (التي تفسر الدستور)، والتي ظلت تؤيد التفرقة بين البيض والسود. لكن، حتى بعد سنة 1948، عندما الغت المحكمة العليا التفرقة في المدارس، وفي اماكن اخرى، لم تتحمس وزارة العدل لتنفيذ هذا القرار. وكأنها اجبرت على ذلك، بعدما بدأت في تنفيذه بعد مظاهرات الحقوق المدنية بقيادة الاسقف الأسود الراحل مارتن لوثر كينغ. حتى الرئيس جون كنيدي، الليبرالي اللامع الطموح (الذي يقارن به اوباما الآن) لم يتحمس لتنفيذ القرارات. خاصة، لأن وزير العدل كان شقيقه روبرت كنيدي. وخاصة، لأن وزير العدل كان اكثر ليبرالية من الرئيس. لهذا، هناك رمز تاريخي قوى لاختيار هولدر اول وزير اسود للعدل. لكن، في الجانب الآخر، هناك اكثر من نقد يوجه الى هولدر. بعضه نقد لا ينشر في الصحف الرصينة، مثل الاختلاف الاثني وسط الاميركيين السود، بين ثلاث جماعات: الاولى: احفاد الرقيق، الذي احضر من افريقيا، وهم الاغلبية. ثانيا: اولاد واحفاد المهاجرين من جزر البحر الكاريبي، وهم اقلية. ثالثا: اولاد واحفاد المهاجرين من افريقيا، وهم اقلية وايضا جاؤوا الى اميركا مؤخرا.

فقد اثار اختيار هولدر الصراع الخفي الحساس بين الاغلبية الاميركية (احفاد المهاجرين من افريقيا) وبين المهاجرين من جزر البحر الكاريبي. (حدث نفس الشيء عندما صار كولن باول قائدا عاما للقوات المسلحة، ثم وزير خارجية، وهو، مثل هولدر، يعود اصله الى البحر الكاريبي).

ففي رأى الكثير من احفاد الرقيق الأفارقة، لا يشعر باول وهولدن بعقدة تجارة الرقيق التي يحس بها كثير من احفاد الرقيق. وفي الحقيقة، هذه هي النقطة الحساسة.

فخلال حملة انتخابات اوباما الأولية، لم يكن سرا ان قادة من أحفاد الرقيق، وعلى رأسهم الأسقف الأسود جيسي جاكسون قالوا ان اوباما «ليس اسود بما فيه الكفاية». وكان قصدهم هو انه ابن مهاجر من افريقيا وامه بيضاء، وليس حفيد عبد أو عبدة.

لكن، اكثر النقد الموجه لوزير العدل الجديد، ليس بسبب لونه. ولكن بسبب قيمه الاخلاقية كسياسي ظل في واشنطن لثلاثين سنة تقريبا. مثل دوره، كنائب لوزير العدل، في قرار الرئيس كلينتون، خلال الايام القليلة التي سبقت خروجه من البيت الابيض سنة 2000، باصدار عفو عام على عدد من اصدقاء كلينتون، والمتبرعين لمكتبته وحملته الانتخابية. كان اهم واحد وسط هؤلاء هو البليونير مارك رتش.

فمن قبل اصدار قرار العفو، كان هولدر يعرف ان كلينتون سيعفو عن الرجل. وفي وقت لاحق، عندما حقق الكونغرس في الموضوع، اعترف هولدر بذلك. لكنه ربما ما كان سيعترف لولا ان جاك كوين، محامي رتش، شهد، بعد ان ادى القسم، بأنه هو شخصيا قابل هولدر، وبحث معه موضوع العفو عن موكله.

وزاد من تعقيدات الموضوع ان المحامي نفسه كان، حتى قبل سنتين، واحدا من مستشاري الرئيس كلينتون. وصار واضحا ان البيت الابيض هو الذي كان يحرص على العفو عن رتش، وان وزارة العدل هي التي كانت تتردد، او تعرقل، او ترفض. حتى وافق هولدر. ورغم ان هولدر انكر في البداية، تأكد انه، قبل العفو بيومين، اتصل تلفونيا مع البيت الابيض، وقال لمسؤولين هناك انه لا يرفض العفو. في الحقيقة، استعمل المحامي، وهولدر نفسه عبارة «راي محايد يميل نحو الموافقة». وهذه عبارة دبلوماسية، وقانونية، معناها انه، نعم، وافق.

لكن، حتى اليوم، لم يعترف هولدر اعترافا صريحا، ربما لأنه اعتمد على العبارة القانونية السابقة.

وفي بداية السنة القادمة، عندما يذهب هولدر الى الكونغرس لاجازة تعيينه وزيرا للعدل، يتوقع ان يثير اعضاء الكونغرس الموضوع مرة اخرى.

وفعلا، قال اول من امس عضو من الحزب الجمهوري في اللجنة القانونية في مجلس الشيوخ، انهم سيثيرون الموضوع، وانهم سيطلبون شهادة كوين المحامي. اذا حدث ذلك سيتكرر نفس المشهد الذي حدث قبل خمس سنوات: في جانب، سيقول هولدر ما قال سابقا: «لم تكن اتصالاتي مع البيت الابيض بهدف الموافقة على العفو، وذلك لأني لم اكن اعرف تفاصيل الموضوع. وقلت للمسؤولين في البيت الأبيض انني محايد في هذا الموضوع»، في الجانب الآخر، سيقول كوين المحامي ما قال سابقا: «كان واضحا بالنسبة لي ان نائب وزير العدل وافق». وعكس ما يبدو للبعض، ليس هذا موضوعا عابرا. أولا: لأن كثيرا من الاميركيين، وحتى قادة الحزب الديمقراطي، انتقدوا كلينتون عندما عفا عن 177 شخصا، معظمهم اما ثبتت عليهم جرائم (مثل رتش الذي تهرب من دفع الضرائب)، او كان يتوقع ان تثبت عليهم جرائم.

ثانيا: لن ينسى قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس، ما فعله قادة الحزب الديمقراطي بوزير العدل السابق في ادارة بوش. فقد حققوا معه مرات ومرات، بتهمة تسيس وزارة العدل، وبتهمة الموافقة على تعذيب المعتقلين بتهم الارهاب. وهددوا بنزع الثقة منه، حتى استقال.

لكن، لا يقلل هذه المشاكل من قدرات وكفاءات هولدر. فعندما كان محاميا في قسم النزاهة في وزارة العدل، برز كواحد من اكثر محامي القسم نزاهة. خاصة لأنه قال اكثر من مرة انه لا يفرق بين متهم جمهوري او متهم ديمقراطي، وكان الرئيس هو ريغان الجمهوري، وكان معروفا ان، هولدر، ديمقراطي. ويقال ان ريغان اعجب بهذه التصريحات الصحافية عندما سمعها.

وللتصريحات صلة بمحاكمة جون جينيريت، عضو الكونغرس الديمقراطي، سنة 1988. وكان اتهم بتسلم رشوة في فضيحة اسمها «عرب سكام» (اشارة الى ان محققين في مكتب التحقيقات الفيدرالي، (اف.بي.آي)، تنكروا في صور تجار نفط، وعرضوا رشى على اعضاء في الكونغرس لاصدار قوانين تسهل على عرب تحويل اموال الى بنوك اميركية، والتهرب من دفع الضرائب).

لهذا، يعتبر دور هولدر في التحقيق في الموضوع، وفي نجاحه في ادانة النائب الديمقراطي جينيريت دليلا على شيئين: اولا: كفاءته كقانوني. ثانيا: نزاهته لأنه لم يجامل ديمقراطيا مثله.

وكان هذا من اسباب قرار الرئيس ريغان بترقيته الى قاض في المحكمة العليا لواشنطن العاصمة.

وفي وقت لاحق، عندما صار نائبا لوزير العدل في ادارة كلينتون، وفي سنة 1998، اختبر هولدر مرة اخرى. في ذلك الوقت، كان هناك جدل حول دستورية عقوبة الاعدام. ومال كلينتون وجانيت رينو وزيرة العدل، وهولدر، نائبها، نحو عدم دستورية الاعدام. لكن، في ذلك الوقت، كان الحزب الجمهوري يسيطر على الكونغرس. ليس ذلك فقط، بل كان الجناح اليميني في الحزب يسيطر على الحزب. وكان هؤلاء يميلون نحو دستورية الاعدام.

وفي جلسة عاصفة، انتقد فيها الجمهوريون في لجنة الشؤون القانونية هولدر نقدا شديدا، رد قائلا: «شخصيا، انا ضد حكم الاعدام. ورسميا، انا نائب وزيرة العدل، وسأنفذ القانون الذي يجيزه الكونغرس».

واعتبرت تلك الجملة من أهم ما قال في الكونغرس، ليس لأنه تحد الجمهوريين، ولكن لأنه فرق بين رأيه الخاص ووظيفته الرسمية.

وللموضوع صلة، مرة اخرى، بالعلاقات الحساسة بين البيض والسود، وذلك لأن اغلبية كبيرة من قرارات الاعدام التي تصدرها المحاكم الاميركية قرارات بأعدام السود، وليس البيض. رغم ان هولدر قال انه لا يعارض الاعدام لهذا السبب.

وظلت نزاهة وزير العدل موضوعا مهما بالنسبة للاميركيين، خاصة اذا كان نفس الحزب في البيت الابيض ويسيطر على الكونغرس (مثلما كان الحال خلال الست سنوات الاولى لادارة بوش). لكن، حتى في حالة سيطرة الحزب على المكانين، تظل نزاهة وزير العدل موضوعا مهما. مثلما حدث بالنسبة للرئيس كلينتون ووزيرة عدله جانيت رينو (في موضوع العلاقة مع مونيكا لونسكي، سكرتيرة البيت الابيض).

فهولدر كان نائب الوزيرة في ذلك الوقت، واتخذ قرارات لها صلة بالفضيحة. في البداية، رفض كلينتون التعاون مع المحققين. ثم وافق على مضض. ثم كذب بعد أن ادى القسم. ولسوء حظ كلينتون كان الحزب الجمهوري يسيطر على الكونغرس، وبدا اجراءات محاكمة كلينتون. لكن، كان لابد من الخطوة التي تسبق ذلك، وهي تعيين محقق مستقل. وطبعا، عارض كلينتون ذلك، واشارت اصابع الاتهام الى ان الوزيرة رينو ونائبها هولدر «يتأمران» لخرق القانون، مثما خرقه رئيسهما.

لكن، في النهاية، وافقت الوزيرة وهولدر على السماح للمحقق العام المستقل كينيث ستار، الذي كان يحقق في جزء من الاتهامات ضد كلينتون، بأن يحقق في كل الاتهامات التي وجهت اليه. رغم ان كلينتون عارض تلك الخطوة، ولم يقدر على تحديها. وهكذا، مهد المحقق العام ستار لاجراءات الكونغرس بمحاكمة كلينتون (لم يحاكم لأن الاغلبية رفضت المحاكمة).

ويعتقد ان هذا موضوع آخر سيثار عندما يذهب هولدر الى الكونغرس في بداية السنة القادمة لإجازة تعيينه وزيرا للعدل. ويعتقد ان هولدر سيحاول ان يكون بطلا، بينما سيحاول اعضاء الحزب الجمهوري ان يربطوه بكلينتون وفضائحة.

ومنذ أن ترك هولدر وزارة العدل مع نهاية ادارة كلينتون (عمل لفترة قصيرة جدا تحت ادارة الرئيس بوش)، عمل محاميا في مكتب «كوفينغتون آند بيرلنغ» في واشنطن. ويعتبر هذا من اكبر مكاتب المحاماة في واشنطن، ويمثل شركات عملاقة، منها شركة «ميرك» لصناعة الادوية، وايضا، اتحاد كرة القدم الاميركي (ان.اف.ال). وهذا، ايضا، موضوع شائك، خاصة بالنسبة للرئيس الجديد اوباما. لأن اوباما كان اصدر شروطا للذين يريدون العمل في ادارته. ومن بين هذه الشروط، منع «تضارب المصالح». وعدم الخلط بين وظيفة حكومية كان فيها الشخص، ووظيفة خاصة يستغل فيها وظيفته الحكومية.

كان يمكن القول ان اوباما نفسه تضاربت مصالحه، عندما اختار هولدر وزيرا للعدل، وذلك لأن اوباما يعرف جيدا ان هولدر (مستشاره وصديقه) استغل علاقته مع وزارة العدل في تسوية مواضيع بين الوزارة وشركات يمثلها مكتب المحاماة الذي يعمل فيه.

ولا شك ان اعضاء اللجنة القانونية في مجلس الشيوخ سيثيرون قضية شركة «شيكيتا» للموز كمثال على تضارب المصالح بالنسبة لهولدر.

ففي سنة 2004، بعد ثلاث سنوات من ترك وزارة العدل، عاد هولدر الى الوزارة لحل مشكلة مع شركة «شيكيتا». وكانت وزارة العدل قد رفعت قضية ضد الشركة، لأنها دفعت رشى الى ثوار في كولومبيا. وبالتالي اخطأت الشركة مرتين: اولا: لأن دفع رشوة في الممارسات التجارية خرق للقانون. ثانيا: لان الثوار في قائمة الارهاب التي اعلنتها وزارة الخارجية الاميركية.

ربما لو لم يتوسط هولدر، لكانت وزارة العدل قد أصرت على محاكمة الشركة. لكن، بعد اتصالات كثيرة ومناورات معقدة، وافقت الشركة على الاعتراف بالخطا، وعلى دفع غرامة 25 مليون دولار.

في ذلك الوقت، انتقدت نقابات عمال شركات الموز، الحل الوسط الذي توصل اليه هولدر. وقال واحدة منهم في بيان صحافي: «لو كانت شيكيتا امرأة سوداء ارتكبت خطأ، لما توصلت معها وزارة العدل الى حل وسط». ويبدو واضحا ان في الموضوع غمزا عنصريا، اشارة الى لون هولدر الاسود، والى غمز بأنه يخدم شركة بيضاء عملاقة.

لكن، خلال عمله في مكتب المحاماة، اضاف هولدر نقاطا بيضاء الى سجله: اولا: مثل عندما انضم، في بداية هذه السنة، الى محامين رفعوا دعوى للمحكمة العليا تؤيد حق عمدة واشنطن في منع حمل الاسلحة بدون بترخيص.

ثانيا: مثل عندما ظهر في مقابلة في تلفزيون «سي.ان.ان»، قبل اربع سنوات، وعارض قانون «باتريوت» الذي وضعه الرئيس بوش لتشديد متابعة ومراقبة المسلمين.

ثالثا: مثل عندما تحدث في الجمعية الاميركية للدستور، قبل اربعة شهور، وعارض تعذيب المعقتلين في سجن غوانتانامو. واخيرا، سجل هولدر، مثل سجل كثير من السياسيين والمستشارين في واشنطن مليء بالمناورات والمحاولات والمخادعات. لكنهم كلهم هكذا. الا ما يخرق القانون. وحتى الآن، لا يبدو ان وزير العدل القادم خرق القانون.

والآن وفيما يبدو أن مستشاري أوباما قد تجاوزوا المخاوف المرتبطة بتورط هولدر في فضيحة العفو الرئاسي، عندما غادر بيل كلينتون الرئاسة عام 2001، والخوف من أن يعيق ذلك ترشيحه للمنصب، يقول أشخاص إن قرار التعين سيتم تأكيده بمجرد الانتهاء من فحص ملف هولدر. ويتفق المحللون على أنه إذا تم اختيار هولدر لمنصب النائب العام وأقره مجلس الشيوخ، سيكون أكبر تحد يواجهه، هو استعادة مصداقية وزارة العدل التي نالت منها الفضائح السياسية في فترة إدارة بوش. فسيكون على عاتقه الكثير من الملفات الشائكة من غوانتانامو الى قوانين مراقبة المشبوهين والتنصت على الهواتف. أي بعبارة اخرى كافة القوانين المقيدة للحريات التي اضرت كثيرا بصورة اميركا في الداخل والخارج. هذا ليس تحديا سهلا.