صحافي بلا حذاء

غسان الإمام

TT

«العراق اليوم مكان يوحي بالتفاؤل» ـ ستيفن هادلي ـ (مستشار بوش الأمني).

لو خُلق الإنسان دابة لما احتاج إلى أحذية عندما ابتكر الإنسان الحذاء فقدت الدواب جلدها بعض الناس يدبّ على الأرض بلا حذاء بلا عمود فقري فقد روّضتهم ودجّنتهم سلطة السياسة

* الحذاء نعمة ولعنة خلع فلاحو أوروبا أحذيتهم وأراحوا على الوسادة أقدامهم ظنوها أحرى بالتكريم من رؤوسهم شوهت «الموضة» أقدام النساء ارتدت الصينيات واليابانيات قوالب ضيقة ففتن عذاب التشويه الرجال

* الحذاء فن وسياسة لوّح نيكيتا خروشوف بحذائه فكادت أميركا تخسر الحرب الباردة اقتنت اميلدا ماركوس 1200 «كندرة» فخلعت الفيليبين زوجها فرديناند مات السادات مرتديا «الجزمة» نصَّب بوش قراقوشا على العراق فوصل بول بريمر ببسطار العسكر ارتدى غوّار الطوشة القبقاب الخشبي فكسب طربوشه الشهرة والملايين وأضحك العرب على الدمشقيين

* الحذاء سلاح كالرصاص حررت الحركات النسائية المرأة فغدا «الشبشب» سلاح تأديب الأزواج حاول شاب فرنسي اغتيال كليمنصو فعفا «النمر» الساخر عنه لكن طالب بتدريبه على إصابة الهدف خلع الصحافي منتظر الزيدي حذاءه أطلقه صاروخا عابرا للطاولات محامو الأحذية تطوعوا للدفاع عنه القضاء سيعفيه من الشنق حتى الموت فقد أخطأ «الحذاء الناسف» الهدف

* ابتذل العرب نبل المقاومة فاحتلت الأحذية الساحة رسم صدام بوش الأب على الأرض فوطأت الأقدام الصورة تغابى بوش الابن أراق الدماء دمر عروبة العراق سلمه إلى «القاعدة» وشيعة إيران فكافأه شيعي على غبائه قذفه بحذاء الدمار الشامل

* لكل مهنة مكر وكبرياء الصحافة مهنة ماكرة تتهاون. تتشنّج لكنها تنقل الخبر والخبر جانب من الحقيقة ولا حياة لأمة بلا حقائق الصحافة شرف الكلمة القلم سلاح الصحافة الصحافي المحترف يسأل ويسأل السؤال بحث عن الحقيقة لكن ليس له أن يجادل ويناقش الكاتب الصحافي يبدي رأيا لكن ليس له أن يفرض موقفا

* الصحافة العربية تنشد الاحترام الأحذية لا تصنع كبرياء الصحافة أمة جريحة في عواطفها فلتكن نبيلة في كبرياء مقاومتها دخل منتظر الزيدي التاريخ لكن من فتحة ضيقة في حذاء