حرب.. السلام مع سورية

الأحزاب السياسية داخل إسرائيل تختلف حول مقاربتها للقضية.. وحتى قادة الجيش منقسمون على أنفسهم بين مؤيد ومعارض

TT

استقل الدكتور نداف عميحاي، وهو طبيب جراح إسرائيلي مشهور ذائع الصيت في عالم الطب، طائرة إلى باريس للمشاركة في مؤتمر دولي في موضوع اختصاصه، وقد عقد العزم هذه المرة على إحداث أخطر انعطاف في حياته الشخصية ومستقبله المهني. فقد أخبر زوجته اليهودية، ألونا، بصراحة واستقامة، أنه قرر الانفصال عنها: «أحب امرأة شامية» قال لها. لم تصدق بالطبع هذا التفسير ولم تفكر فيه مليا. ولا ندري إن كان ذلك لأنها رأت أن قصة غرام بين رجل إسرائيلي يهودي وبين امرأة سورية أمر شبه مستحيل، أو إنها لم تسمع نصف الجملة الثاني. كان يكفيها أن تسمع أنه يريد الطلاق. فثارت لكرامتها. وأعلنت موافقتها على الفور.. وغادر عميحاي. في مطار شارل ديغول، كانت زميلته السورية ناديا الطبيب، تنتظره في سيارة سوداء. لم يتمالك نفسه، فعرض عليها الزواج وهما في السيارة. لم يعرف أن كل كلمة يقولها كانت مسجلة لدى جهازي مخابرات اثنين. فالسيارة تابعة لقسم المخابرات في السفارة السورية في باريس، وهاتفه النقال كان عبارة عن جهاز تسجيل زوده به أحد عملاء «الموساد»، جهاز المخابرات الإسرائيلي الخارجي. ظلت أقواله تسجل حتى عندما وجد نفسه في دمشق. هذه القصة ليست حادثة واقعية. إنها ملخص رواية إسرائيلية كتبها مؤلف إسرائيلي باللغة العبرية، من وحي الأحاديث الجارية في إسرائيل يوميا عن احتمالات السلام مع سورية. اعتمد فيها الكاتب على الخيال السلبي الذي يصب في الاتجاه السائد لدى غالبية الإسرائيليين، والذي يتسم بالشكوك وعدم التصديق بأن سلاما كهذا ممكن. ومع ذلك، فإن موضوع السلام مع سورية يحظى بقدر هائل من الاهتمام في صفوف القادة السياسيين والعسكريين ووسائل الإعلام وعالم الأكاديميا في الدولة العبرية. وهناك لوبي إسرائيلي كبير يعمل من أجل السلام مع سورية، لم يسبق أن أقيم لوبي بحجمه حول أي قضية مهمة في التاريخ الإسرائيلي. يقود هذا اللوبي المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون لئيل الذي كان أول من أدار مفاوضات سرية مع السوريين في عهد الرئيس بشار الأسد. ويضم كلا من الرئيس السابق للمخابرات الإسرائيلية العامة يعقوب بيري، والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي الجنرال يهوشع ساغي، وكبير المؤرخين الإسرائيليين البروفسور موشيه معوز الذي أصدر كتابا عن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وغيرهم. وحسب تصريحات لئيل الخاصة بـ«الشرق الأوسط»، فإن عددا كبيرا من المسؤولين الإسرائيليين أكدوا موافقتهم على تفضيل السلام مع سورية على السلام مع الفلسطينيين، ويذكر منهم: وزير الدفاع إيهود باراك، ورئيس أركان الجيش غابي أشكنازي، وكثير من أعضاء هيئة رئاسة الأركان الحاليين، إضافة إلى رؤساء أركان سابقين، مثل أمنون لفكين شاحاك (وهو وزير سابق) وموشيه يعلون (وهو وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة نتنياهو الحالية)، ورؤساء شعبة الاستخبارات العسكرية، أوري ساغي وأهرون زئيفي فركش وعاموس يدلين، ونائب رئيس الأركان السابق موشيه كابلينسكي، ورئيس الشاباك (جهاز المخابرات العامة) سابقا وزير الشؤون الاستراتيجية عامي إيلون، ورئيسا مجلس الأمن القومي غيورا آيلاند وعوزي ديان.

وموضوع السلام مع سورية، قطع الخارطة السياسية والحزبية في إسرائيل ولخبطها تماما، وعلى عكس الموقف من السلام مع الفلسطينيين، لا يوجد يمين ويسار هنا. فتجد قوى يمينية تؤيد السلام مع سورية وتفضله على السلام مع الفلسطينيين، مع أن الموقف الرسمي للحزب (الليكود مثلا) يؤكد عدم التنازل عن أي شبر من الجولان. ففي الليكود يؤيد عملية السلام وزير كبير مثل موشيه يعلون، المقرب من نتنياهو. ويؤيده وزير التطوير الإقليمي، سلفان شالوم. وتجد قوى يسارية تعارض تفضيل السلام مع سورية، مع أن حزبها (العمل أو ميرتس)، يطرح برنامجا سياسيا يؤيد الانسحاب من الجولان كليا أو جزئيا في سبيل السلام. ومن أبرز الرافضين للسلام مع سورية في هذا المعسكر، رئيس الدولة شيمعون بيريس، الذي لا يثق بالرئيس الأسد ويشكك في نواياه ولا يفوت فرصة لمهاجمة سورية. وتجد قوى الوسط أيضا مختلفة فيما بينها حول الموضوع؛ قسم منها في صف السلام مع سورية، وقسم منها في صف المعارضة له. ولعل أكبر دليل على ذلك، هو في الحقيقة أن جميع رؤساء الحكومات الإسرائيلية منذ سنة 1992، وافقوا على مفاوضات سلام مع سورية: زعيم حزب العمل، اسحق رابين (1992 ـ 1995) اشتهر بـ«وديعة رابين»، حيث إنه سلم وزير الخارجية الأميركي وورن كريستوفر، في حينه تعهدا بالانسحاب من الجولان (المرتفعات السورية المحتلة منذ عام 1967)، مقابل السلام الكامل والترتيبات الأمنية الخاصة. ورئيس الحكومة الذي خلف رابين بعد اغتياله، شيمعون بيريس (1995 ـ 1996) تابع المفاوضات السورية والتزم هو أيضا بوديعة رابين. ورئيس حكومة الليكود اليميني، بنيامين نتنياهو (1996 ـ 1999)، على الرغم من مواقفه اليمينية المتطرفة، أرسل صديقه رجل الأعمال اليهودي الأميركي رون لاودر، إلى الرئيس المتوفى حافظ الأسد يعرض عليه سلاما مقابل الجولان. ثم استمر إيهود باراك الذي حكم بعد نتنياهو وحتى سنة 2001، في المفاوضات نفسها. فقط أرييل شارون (2001 ـ 2005) أغلق باب المفاوضات الرسمي. ولكن حتى شارون غض الطرف عن المفاوضات مع سورية وسمح للدبلوماسي الرفيع ألون لئيل، بإدارة مفاوضات غير مباشرة مع مسؤولين سوريين، بداية في سويسرا ثم في تركيا. وكما صرح لنا لئيل، فإن شارون «عرف بهذه المحادثات وتتبع أثرها، وفي عهده (أي شارون)، تم التوصل إلى حلول لنحو 85% من القضايا العالقة بين البلدين في اتفاقات وتفاهمات واضحة». واستأنف رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت (2005 ـ 2009) هذه المفاوضات بشكل رسمي ولكن غير مباشر بوساطة تركية. وأولمرت فعل ذلك ليس برضاه التام. فهو لم يكن متحمسا لها، لأن إدارة الرئيس جورج بوش، لم تكن معنية بالتفاوض مع سورية، وهو لم يرد مخالفة بوش. ولكن الضغوط التي تعرض لها أولمرت من داخل الحلبة السياسية في إسرائيل دفعته إلى الرضوخ وإدارة المفاوضات، واعدا الأميركيين بأنه لن يوصلها إلى بر الأمان، إلا إذا تلقى إشارات واضحة بذلك من واشنطن. وكان أولمرت صريحا، حينما قال إنه يعرف ثمن السلام مع سورية مثلما تعرف سورية ثمن السلام مع إسرائيل. وقال إن الرؤساء الذين سبقوه تعهدوا بالانسحاب. وكشف أنه عرض على سورية سلاما سخيا، يقضي بالانسحاب من الجولان، ولكن الرئيس السوري لم يوافق في الوقت المناسب.

وحتى في صفوف الجيش والأجهزة الأمنية يوجد خلاف واضح حول السلام مع سورية، فنجد أن رئيس أركان الجيش وغالبية جنرالاته يؤيدون العملية، ونجد أن جهاز الاستخبارات العسكرية يؤيد هذا السلام ويذهب بعيدا ليقول إن المعلومات المتوفرة لديه تؤكد أن نوايا الرئيس الأسد للسلام مع إسرائيل صادقة. ولكن بالمقابل هناك جنرالات متحفظون. وهناك جهاز «الموساد» (المخابرات الخارجية) الذي كان يقف بالكامل ضد السلام مع سورية، بحجة أن نوايا الرئيس الأسد غير صادقة، وأنه في الحقيقة «ليس معنيا بالسلام ولكنه معني بتغيير علاقاته مع الإدارة الأميركية ويريد مفاوضات السلام لكي تساعده في تحقيق ذلك». وقد تغير هذا الموقف في الأشهر الأخيرة، بعدما تلقى إيهود أولمرت الضوء الأخضر من الولايات المتحدة لفتح باب المفاوضات. ولكن الخلافات في جوهرها ما زالت قائمة.

وفي مراجعة لمواقف مؤيدي السلام مع سورية، يتضح أنهم يفضلون السلام مع سورية، أولا لأنه صاحب أكبر الاحتمالات من بين مسارات التفاوض الحالية (مع فلسطين ولبنان). ويقول ألون لئيل مفسرا: «نحن لم نأت لنحل محل المسار الفلسطيني. فإسرائيل بحاجة إلى السلام مع الفلسطينيين والسوريين. ولكننا عندما نقول إننا نفضل السلام مع سورية أولا، لأننا نرى أن المفاوضات مع سورية ممكنة ولا تحتاج إلى كثير من الجهد لأن معظمها ناجز، وثانيا لأننا نعتقد أن السلام مع الفلسطينيين اليوم غير واقعي». ويشرح أن «هناك الانشقاق بين حماس وفتح، وهناك الانقلاب في غزة الذي زاد المسألة تعقيدا». ويضيف: «هناك قضايا مُحرِقة لا تستطيع الحكومة الحالية البت فيها حاليا، مثل قضايا القدس والاستيطان والحدود، فهذه قضايا صعبة للغاية في إسرائيل، وهناك وضع مشابه في الطرف الفلسطيني، حيث إن الفلسطينيين غير مستعدين للإقدام على حلول معتدلة لقضية اللاجئين وربما القدس، وهذا فضلا عن حالة القيادة الفلسطينية المأساوية، فهنالك تمزق لم يسبق له مثيل في صفوف الفلسطينيين، منذ أيام النكبة وحتى اليوم: حماس تقيم دولة في قطاع غزة وتتمسك بها على حساب أي شيء آخر، وفتح تعيش أزمة داخلية كبيرة لا أحد يعرف كيف ستنتهي، خاصة بعد خروج فاروق القدومي باتهاماته للرئيس أبو مازن (محمود عباس) بقتل ياسر عرفات. فلا يعقل أن نظل ننتظر الفلسطينيين ونضيع الفرصة السانحة للسلام مع سورية. فالرئيس بشار الأسد يقترح منذ أربع سنوات إجراء مفاوضات غير مشروطة مع إسرائيل في سبيل تحقيق سلام شامل وعادل، فهل يعقل أن نرفض؟ ثم إنني أعتقد أن السلام مع سورية سيسهل أكثر السلام مع الفلسطينيين، لأن حماس ستفقد كثيرا من قوتها وتأثيرها، وقوى التطرف لن تستطيع التخريب بسهولة على الاتفاق».

بيد أن مؤيدين آخرين للسلام مع سورية، مثل إيهود باراك، كانوا قد فسروا تأييدهم صراحة بأن السلام مع سورية سيبقي الفلسطينيين وحدهم في ساحة التفاوض مع إسرائيل، وهذا سيضعف موقفهم خلال المفاوضات وسيجعلهم يقبلون ببعض شروط إسرائيل.

ويبرز بين مؤيدي السلام مع سورية في إسرائيل، كما لاحظنا من الأسماء المذكورة أعلاه، مجموعة من الجنرالات في الجيش. وهؤلاء يشددون على جدوى السلام من الناحية الأمنية، خاصة أنهم يطرحون شروطا أمنية عديدة لهذا السلام. وكما قال الجنرال غيورا آيلاند، رئيس مجلس الأمن القومي سابقا، فإن الترتيبات الأمنية لهذا السلام هي الضمان الأول والأساس لصموده. وكما قال ألون لئيل، فإن هناك ترتيبات أمنية متفقا عليها بين الطرفين من خلال المفاوضات، مثل جعل الجولان منطقة منزوعة السلاح، والتفكير بتوسيع المنطقة المعزولة أكثر على جانبي الحدود بقدر مماثل، ووضع رادارات إنذار على قمة جبل الشيخ ووضعها تحت سيطرة قوة أميركية باشتراك سورية وإسرائيل، ومنع دخول قوات الجيش السوري إلى الجولان، على نمط الترتيب القائم في منطقة واسعة من سيناء المصرية. لكن لئيل يهتم أكثر بالترتيبات الاقتصادية لهذه المنطقة. ويقول إن الحديث الجاري اليوم عن خطة أميركية يعرضها فريد هوب، مساعد السناتور جورج ميتشل، المبعوث الأميركي الخاص للسلام في الشرق الأوسط، في هذا الشأن يعود في الأصل إلى خطة متفق عليها بين الإسرائيليين والسوريين في المفاوضات المباشرة وغير المباشرة التي جرت بينهما في سويسرا وتركيا. وتتركز الخطة على تحويل الثلث الغربي من الجولان إلى محمية طبيعية تسمى «حديقة سلام» وتكون منطقة سياحية يشارك الإسرائيليون والسوريون في إدارتها لمرحلة زمنية محددة ويتم فيها تطوير مشروعات اقتصادية كثيرة، من شأنها أن تعطي زخما لعملية السلام في الواقع المعاش على الأرض. ويرى لئيل أن هذا التعاون الاقتصادي هو مفتاح السلام والضمانة المستقبلية له، إذ إن الهدف هو «جعل السلام مجديا لعشرات الآلاف من العائلات السورية والإسرائيلية بحيث تتحول هذه العائلات إلى حماة لهذا السلام».

بالمقابل نجد أن المعارضين يعتبرون السلام مع سورية قضية غير ملحة. بعضهم، من قوى اليمين المتطرف ينطلقون من منطلق التمسك بهضبة الجولان باعتبارها كنزا استراتيجيا أمنيا لإسرائيل، كما يرى حزب الليكود في برنامجه السياسي الرسمي. وهناك أحزاب تعتبر الجولان «جزءا من أرض إسرائيل التاريخية»، ولذلك يؤيدون تعميق وتوسيع الاستيطان اليهودي فيها، مثل حزبي «البيت اليهودي» و«إسرائيل بيتنا» الشريكين في الائتلاف الحكومي وحزب الاتحاد القومي المعارض. وحتى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو الذي كان قد فاوض على الجولان في دورة حكمه الأولى، اختار أن ينهي حملته الانتخابية في فبراير (شباط) الماضي بتصريحات توسعية في الجولان. فقال: «لن نتخلى عن الجولان إلى الأبد».

وقد ورد أكثر تعبير صريح عن موقف رافضي السلام مع سورية، على لسان جاي بيخور، وهو مؤرخ يميني. فقال: «لا أدري لماذا نحتاج إلى سلام مع سورية من دون الجولان. ففي الحقيقة نحن نعيش في سلام مع سورية لا يختلف جوهريا عن السلام مع مصر، وإن كان هناك اختلاف فهو فقط في الورقة التي وقعنا عليها مع مصر والتي لا يذكر أحد ما هو محتواها». ويفسر هذا الموقف بقوله: «نحن نسمي السلام مع مصر بالسلام البارد، وهذا الاسم يناسب سلامنا مع سورية. فالرئيس المصري حسني مبارك لم يزر إسرائيل سوى مرة واحدة، وذلك عندما حضر جنازة رئيس حكومتنا إسحق رابين، وحتى هذه الزيارة فرضها عليه الأميركيون في حينه. لا، بل إن حدودنا مع سورية هادئة ومستقرة أكثر من حدودنا مع مصر. وأكثر من ذلك، حدودنا مع سورية أهدأ من حدود سورية مع الأردن والعراق. ونحن لا نزور سورية بينما نستطيع زيارة الأردن ومصر؟ غير صحيح. نحن أيضا لا نزور الأردن ومصر».

ويضيف بيخور أن «الحدود بين إسرائيل وسورية واضحة، يوجد فيها فصل قوات، ويوجد مراقبون دوليون، وكل طرف يعرف بالضبط ما حدوده فلا يتجاوزها منذ حرب أكتوبر 1973. وقد صمدت هذه الحدود عدة حروب، فلم يخرق فيها وقف النار، على الرغم من حربي لبنان وغزة، وحتى بعد مختلف العمليات التي واجهنا فيها سورية مباشرة». ويقول أيضا: «إنه سلام حقيقي من دون إعادة الجولان. والمشكلة الأكبر تكون في حال تخلينا عن هذا النموذج من السلام وتوجهنا إلى سلام مكتوب باتفاق نتنازل فيه عن الجولان. فعندئذ علينا أن نتوقع التدهور. ففي حال الانسحاب من الجولان، وإضافة إلى المشكلات الداخلية التي ستنشأ في إسرائيل وتمزق الشعب إلى نصفين، فإننا سنواجه أخطارا من نوع جديد. ففي المرحلة الأولى سيمتلئ الجولان بالسوريين».

ويقدر بيخور أن نحو مليون سوري سيصلون إلى الجولان في فترة قصيرة بعد انسحاب إسرائيل منها. ويقول: «الحكومة السورية تستعد لإعادة النازحين السوريين الذين غادروا الجولان، وكان عددهم نحو مائة ألف سوري هربوا من قراهم ومدنهم ويعيشون اليوم بانتظار العودة هم وذريتهم. وهؤلاء مشحونون بالعداء لإسرائيل، وسيكونون لقمة سائغة بأيدي أعداء إسرائيل، خاصة من الأصوليين، أمثال حزب الله وحماس، وسيتم تجنيدهم بسهولة لعمليات إرهاب ضد إسرائيل. وأنا لا أستبعد أن يساند هذه العمليات الرئيس الأسد نفسه، حيث إن انشغال هؤلاء بمقاومة إسرائيل أفضل له من انشغالهم بتغيير النظام. والأصولية في سورية معادية للنظام القومي الذي يحاول فرض الحداثة على سورية. وتريد فرصة لقلب هذا النظام. فإذا بقي النظام، تحصل إسرائيل على إرهاب سوري. وإذا لم يبق النظام، تحصل إسرائيل على نظام أصولي على حدودها الشمالية يدمر الهدوء القائم حاليا وينقلنا إلى حرب شرسة طويلة الأمد. فلماذا نحتاج إلى كل هذا التدهور؟!». مؤيدو السلام الإسرائيليون مع سورية، يبنون حاليا آمالا كبيرة على تجند إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لدفع مفاوضات السلام، في ما يعرف بالسلام الإقليمي الشامل. فالولايات المتحدة هي مفتاح السلام مع سورية، يقول لئيل. ويضيف: «لقد وقف الأميركيون في زمن الرئيس (جورج) بوش سدا منيعا في وجه هذا السلام. كانوا يريدون معاقبة الرئيس الأسد على دعمه لعناصر الإرهاب في العراق. واعتبروا المفاوضات التي تعيد الجولان لسورية مكافأة لا يستحقها النظام السوري بسبب عرقلته الجهود الأميركية في العراق. أما اليوم، فعندما يتحرك الأميركيون لمصلحة هذا السلام، ستتغير الأمور بشكل راديكالي».

ويتابع لئيل: «أوباما يدرك أهمية سورية في عملية السلام في الشرق الأوسط. فإذا تم ضمها إلى عملية السلام، ستصبح عنصرا إيجابيا في عملية السلام في العراق وعملية السلام مع الفلسطينيين وعملية السلام مع لبنان. سورية لاعب أساسي لا يمكن تجاهله في الساحات الثلاث. وهنا تكمن إيجابية علاقات سورية مع كل من إيران وحزب الله وحماس. تستطيع أن تؤثر على هذه القوى الثلاث مجتمعة أو تؤثر على بعضها. فإما يكون التأثير إيجابيا، وهذا في مصلحة السلام. وإما يكون تأثيرها بترك هذه القوى، والانضمام إلى معسكر السلام المناهض لها. وفي الحالتين، يخدم الأمر مصلحة السلام».