السودان.. و«عنف السدود»

مشاريع بناء سدود على نهر النيل لإنتاج الطاقة الكهربائية تشرد آلاف السكان وتقضي على معالم أثرية فريدة

سودانيون وسياح أجانب ينظرون إلى سد مروى في جنوب السودان (أ.ب)
TT

مشروعات معتمدة ومقترحة من قبل الحكومة السودانية، لإقامة عدد من السدود المائية على نهر النيل، خاصة الشق الشمالي منه، جعلت من هذه المناطق موضوعا لعناوين الأخبار في وسائل الإعلام، بما ظلت تنتجه هذه المشروعات، في الأعوام الأخيرة، من توترات تطورت بعضها إلى صدامات دامية بين الشرطة والمواطنين المناهضين لإقامة هذه السدود، الذين يطلق عليهم في منابر السياسة السودانية، ووسائل الإعلام المحلية، «المتأثرين». وأحصي عدد قتلى هذه الصدامات في فترات مختلفة على ساحة أكثر من سد من هذه السدود بثمانية أشخاص، من بينهم قيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم وأحد قيادات المؤيدين لمشاريع السدود الذي تعرض للاغتيال. كما تعرض موكب أحد حكام ولاية في شمال السودان أثناء جولة ترويجية لأحد السدود إلى هجوم استهدفه هو شخصيا، ولكنه نجا «بأعجوبة»، حسب شهود عيان، فيما أصيب ضابط كبير في الشرطة في الحادثة إصابة وصفت بأنها «متوسطة». ظلت الأوضاع هكذا توصف بأنها مشحونة بالتوتر منذ عام 2006. وتتضارب في العاصمة الخرطوم التقارير حول عدد مشروعات السدود المقترحة على نهر النيل. وفيما يتداول خبراء في المنابر بأن الحكومة تنوي إنشاء 10 سدود في شمال السودان أغلبها على نهر النيل، يرى آخرون أن جملة السدود المقترحة عددها 23 سدا في كل السودان. وترى الحكومة أن السدود من شأنها أن تغير حياة الناس على شريط نهر النيل، الذين يفوق عددهم المليوني نسمة. وتقول إن حياتهم ستتغير نحو الأفضل، بتوليد طاقة كهربائية إضافية وممارسة أنشطة جديدة مثل صيد الأسماك، ومضاعفة الرقعة الزراعية. ولكن المعارضين يقولون إن سكان هذه المنطقة، سيضطرون إلى النزوح بفعل غمر مياه النيل لعشرات القرى. وتقدر دراسات بأن المتأثرين من هذه السدود يفوق الـ500 ألف نسمة. كما يقول خبراء آثار في السودان، إن المنطقة التي يقيم فيها السكان منذ حوالي 8000 عام، ستفقد المئات من المواقع الأثرية في النوبة القديمة، من بينها أهرامات شهيرة.

ويرى المناهضون لهذه المشروعات أنها مشروعات لفرض التنمية بـ«القوة»، ويلمس كل من أتيحت له الفرصة لزيارة مواقع السدود، جدلا مستمرا بين الرافضين لها، والمؤيدين. وتبدو علامات الرفض في شكل كتابات على جدران المنازل. وفي إحدى المناطق المقترحة لإنشاء السدود، رسم على حائط بندقية من طراز كلاشينكوف كتبت تحتها عبارة: «دارفور 2»، في إشارة توحي بأن التوترات التي تحدث بين السكان والحكومة في الشمال بشأن إنشاء السدود على نهر النيل قد تفجر الأوضاع هناك على شاكلة الأوضاع في دارفور المضطربة منذ عام 2003. وهناك تصريحات لقيادات المناهضين تصب في هذا الاتجاه، حيث قال أحدهم في احتفال كبير في الخرطوم إن الأهالي يرفضون تماما بناء السدود، وإن أرادت الحكومة المضي في تشييدها، فإن السكان هناك «على أتم استعداد لتقديم أرواحهم دفاعا عن حقهم المشروع في البقاء على أرضهم للحفاظ على إرثهم وتاريخهم وهويتهم». كما اعتمدت مجموعة نوبية تطلق على نفسها «حركة تحرير كوش» خيار العمل المسلح ضد الحكومة لمنعها من إقامة السدود، ونسب إلى رجل أعمال سابق ومؤسس في حركة تحرير كوش، قوله إن جهودهم ومساعيهم لن تنجح إذا لم يسندها عمل عسكري. وقال أحد قيادات المتأثرين لـ«الشرق الأوسط»: «لقد قتلونا المرة السابقة ولكن لن يتكرر الأمر بسهولة، في إشارة إلى مقتل مواطنين في صدام وقع بين الشرطة ومناهضين لإنشاء أحد السدود في شمال البلاد». وتتهم قومية النوبة في شمال السودان الحكومة بأنها تسعى من خلال هذه المشاريع إلى تبديد قوميتهم، ويستدعون في هذا الخصوص، ما يعتبرونه محاولة «التبديد» الأولى لهم عندما أقامت الحكومة المصرية «السد العالي» الذي يعرف بأنه أكبر سد مائي على نهر النيل على الحدود الجنوبية مع السودان. وقد أدى ذلك إلى تهجير الآلاف من قومية النوبة في السودان جنوب السد، المعروفين بـ«الحلفاويين». وقال عثمان إبراهيم سكرتير لجنة مناهضة سد مقترح على نهر النيل في أقصى شمال السودان باسم سد «دال» في هذا الشأن لـ«الشرق الأوسط»، إن سدود الشمال مؤامرة على «النوبة». وآخر أحداث وتوترات السدود المائية في السودان، أن قامت مجموعة من المتأثرين بقيام سد جديد يبعد نحو 400 كيلومتر شمال الخرطوم، عرف بسد «الشريك» نسبة إلى منطقة «الشريك» الزراعية، باغتيال أحد قيادات الحزب الحاكم، حزب المؤتمر الوطني، وأحد أبناء المنطقة المؤيدين لقيام السد، ليلا داخل منزله. سجل البلاغ في البدء ضد مجهول، ولكن بعد تحقيقات واسعة أجرتها الشرطة السودانية، ألقي القبض على الجناة، وعددهم ستة أشخاص بينهم أفراد من عائلته، ولكنهم من المناهضين لإقامة السد. ولأكثر من أسبوع، ظلت ثماني مناطق أساسية ضمن المواقع التي من المحتمل أن تتعرض للغرق بسبب قيام السد، تعيش أجواء حرب، حيث نشرت الحكومة قواتها المختلفة في المنطقة «من أجل ضبط الجناة والمشاركين معهم من ناحية، ومن أجل حدوث أية اضطرابات محتملة في المنطقة بسبب حادثة الاغتيال بين المؤيدين والمناهضين من السكان»، كما قال لـ«الشرق الأوسط» مسؤول في الشرطة السودانية تحدث حول الأزمة في «الشريك». وبدأ سد الشريك كدراسة عام 1994 من حكومة «ولاية نهر النيل»، شمال الخرطوم، لإقامة السد لتوليد طاقة كهربائية قدرها 60 ميغاوات، لسد النقص في الطاقة الكهربائية في الولاية، على أن يتم تمويل المشروع من ضرائب محلية تفرض على سلعة السكر. ولكن المشروع توقف لسبب ما، طبقا لتعبير دراسة متداولة في الخرطوم حول آثار قيام سد الشريك، وهي الدراسة التي يلاحظ أنها معتمدة، بصورة واضحة من قبل المناهضين لإقامة سد الشريك. وتقول الدراسة إن المشروع أعد بارتفاع منخفض لا يتسبب في غرق المنطقة «من منازل ومزارع»، كما صمم المشروع، حسب الدراسة المتداولة على نطاق واسع، بشكل يحمي جروف النهر من «الهدام»، أي تآكل الجروف بسبب الفيضان الشديد للنهر بالمياه. وفي عام 2006 دفعت إدارة حكومية معنية بالسدود في السودان «وحدة السدود»، وهي تتبع لرئاسة الجمهورية، بدراسة جديدة جاءت بإنتاجية جديدة للسد قدرت بـ 420 ميغاوات مع غمر كلي من محور السد صفر إلى مسافة 86 كيلومترا جنوبا، تشمل قرى ومدنا واقعة بين قرية الطرفاية شمالا، وحتى قرية واوسي جنوب مدينتي البقاوقة والعبيدية على ضفتي نهر النيل. وغمر جزئي يشمل مناطق كدباس والغبش وبربر وغمر الجزر والمزاع حتى محلية «أبو حمد». غير أن دراسات أخرى رسمية متداولة تقول إن السد يتوقع أن ينتج طاقة كهربائية من السد تتراوح ما بين 300 و350 ميغاوات. وعدم وجود رقم محدد للطاقة الإنتاجية يجعل المتأثرين يتشككون في أن هناك أشياء سرية بشأن السد لا يعرفها السكان، حسب قول ياسين عمر حمزة رئيس اتحاد المناهضين لإنشاء السد، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» حول الموضوع. وقال: «نحن نعاني من عدم وضوح الأمور بشأن السد».

ويرى منتقدو المشروع، أن السد لا يزيد الرقعة الزراعية بل يغمر ما هو موجود، وهو «الأخصب والأجود»، كما يقولون. وطبقا للدراسة المتداولة، فإن المتأثرين بالسد يبلغ عددهم نحو 240 ألف نسمة في مناطق تعتبر ذات كثافة سكانية عالية في الشمال، وسيكون مصيرهم التشرد. وقال حمزة رئيس اتحاد المناهضين لإنشاء السد لـ«الشرق الأوسط» «إن أغلب سكان الشريك ضد هذا المشروع»، ويرون أنه فقط «مشروع تشريد لهم من مناطقهم الأصلية». ويطرح المناهضون للمشروع في الشريك، جملة توصيات في مذكراتهم المرفوعة لعدد من الجهات والمستويات الحكومية، من بينها: إلغاء المشروع تماما، لعدم جدواه الاقتصادية والاجتماعية، وإقامة بدائل تنموية أخرى في المنطقة، مثل إقامة مشاريع زراعية جديدة على ضفتي النهر. ولكن المسؤولين في الحكومة يصرون على إقامة المشروع. وقال والي ولاية نهر النيل الدكتور أحمد مجذوب الذي يعرف بأنه من المتحمسين لقيام المشروع، إن المعمل ماض لإنشاء السد، وإن «أجهزته تباشر الآن عمليات حصر السكان الذين سيتأثرون بقيام السد، تمهيدا لتعويضهم عن الخسائر التي تلحق بهم». ولكن مسؤولا في وزارة المالية السودانية طلب عدم ذكر اسمه، قال لـ«الشرق الأوسط» إن سد الشريك قد لا تجد له الحكومة التمويل في القريب العاجل في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وتأثيراتها على فرص الحصول على قرض من الدول والصناديق التي كانت تنشط في مثل هذه الأنشطة. وأضاف: «سيستمر الصراع على المنابر والورق ولكن التنفيذ سيأخذ وقتا طويلا.. هذا إذا ما سمحت الظروف أصلا بالحصول على التمويل».

وتمضي الدراسات بحذر شديد في منطقة كجبار التي تقع على بعد 350 ميلا إلى الشمال من العاصمة الخرطوم، لإنشاء سد مائي على نهر النيل باسم «سد كجبار لتوليد الكهرباء، وسد آخر باسم دال إلى الشمال من كجبار، قبالة منطقة دال على بعد 100 ميل على الحدود مع مصر». وفي عام 2007، توترت المنطقة إثر وصول فريق حكومي لإجراء دراسات ميدانية حول السد، حيث اعترض المناهضون سبيلهم، واستنفروا قوتهم وخرجوا في مظاهرة غضب، جابت العديد من القرى، ودخلت في صدامات مع الشرطة، أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص برصاص الشرطة، وجرح آخرين.

ويرى المسؤولون في الحكومة أن المناهضين لقيام سد كجبار انحرفوا بالقضية من جدواها الاقتصادية والاجتماعية إلى أمور سياسية. ويصنف مسؤولون في الحكومة ومؤيدون لمشروعات السدود مناهضي السد إلى مناهضين سياسيين.. وهم موجودون بيننا وفي الخارج، وفئة واقعة تحت تأثير الترغيب، ومجموعة متخوفة فقط من قيام السد. ولكن عثمان إبراهيم ينفي ذلك جملة وتفصيلا، ويقول: «سدا كجبار ودال يفقدان المنطقة نحو 970 موقعا أثريا في شمال السودان تعود إلى نحو 7 آلاف عام.. سيتم غمرها بمياه السدين». ويسود الهدوء منذ أكثر من عام منطقتي مشروعي سدي كجبار ودال، ولا يلاحظ السكان أي وجود حكومي في المنطقة يشير إلى عمل في اتجاه إنشاء السد، ولكن الحرب حول إنشاء السدين مستمرة بين المؤيدين والمعارضين في الندوات، التي تنظم في الخرطوم ومدن شمال السودان بشأن القضية، وعلى صفحات مواقع الإنترنت التي تهتم بالشؤون السودانية، ومواقع أنشاها المناهضون لهذا الشأن. ولا يقدم المسؤولون في الخرطوم إجابات قاطعة حول مصير هذين المشروعين، حول ما إذا كان العمل فيهما سيستمر أم أنه سيتوقف لأجل غير مسمى، كما هو ماثل الآن. وقال عثمان إبراهيم، من مناهضي إنشاء سدي كجبار ودال، إن معارضة بناء السدين «قائمة على أسباب علمية». ومن قبل، لازمت التوترات، أو ما يعرف في البلاد بـ«عنف السدود»، أو سياسة «نشر التنمية بالقوة»، طبقا للمعارضين، مشروع إنشاء سد مروي على النهر ذاته، لإنتاج الكهرباء بصفة أساسية الذي افتتح الرئيس عمر البشير مرحلته الأولى مطلع العام الحالي. وظل سد مروي محل صراع عنيف بين الحكومة السودانية والمتأثرين بقيامه، تخطت في بعض فصولها المشاحنات الإعلامية، وانتقلت إلى الصدام الدامي، حيث قتل في إحدى الصدامات التي وقعت عام 2006، بين المتأثرين والشرطة، ثلاثة أشخاص وجرح سبعة آخرون. وأحرقت أربع سيارات في مواجهة بين الشرطة، وأهالي منطقة أمري، ضمن المناطق المتأثرة بقيام الخزان، وشهدت الصراعات اعتقالات وسط الأهالي من المتأثرين أفرجت عنهم تباعا.

وبحسب دراسات «وحدة السدود» السودانية فإن الطاقة الإنتاجية لكهرباء سد مروي تبلغ 1250 ميغاوات، تستفيد منها ولايات البلاد المختلفة، من 10 توربينات للتوليد، فيما بدأ الإنتاج أمس من توربينين لإنتاج 250 ميغاوات، على أن يدخل التوربينان الأخريان العمل على مراحل. وبالمناسبة أعلن الرئيس عمر البشير أمام الحشود المحتفلة عن تخفيضات في أسعار الكهرباء بنسبة 25% للقطاع السكني 200 كيلووات ساعة وأقل، و25% للقطاع الصناعي، و30% للمزارعين، وذلك اعتبارا من 30 يونيو (حزيران) المقبل. وينتهي العمل في السد العام المقبل.

وطبقا للدراسات فإن التكلفة الكلية للمشروع تقدر بمليار و800 مليون دولار أميركي، وتساهم الصين في تمويل المشروع بـ520 مليون دولار، فيما تقوم مجموعة من الشركات الوطنية بعمليات تنفيذ بعض المشاريع الخدمية المصاحبة له. وتم تشييد المدن للذين تأثروا بقيام السد وتوفير كل مقومات الحياة الأساسية والخدمات بها، فهناك مستشفى مروي ومطار مروي، وكوبري الصداقة كريمة ـ مروي، وإقامة عدد من الجسور، وسفلتة عدد من الطرق الداخلية المرتبطة بالمشروع ولا يزال للصين دور مقدر في هذا المشروع من حيث التمويل والتنفيذ.

ويقع السد على بعد 350 كلم شمال الخرطوم على جزيرة مروي عند موضع الشلال الرابع، وعلى بعد 27 كلم أعلى النهر من منطقة كريمة كأنسب المواقع بعد عدد من الدراسات العميقة بين خطي طول 32.43 ـ 32.23 شمالا. ويوفر بحيرة سمكية بطول 176 كلم تمتد من الشلال الرابع حتى جنوب منطقة أبو حمد، كما أنه سيعمل على تحسين خطوط الملاحة النهرية ويقلل من خطر «الهدام» على النيل ويساعد في عمليات الري الانسيابي بإدخال طلمبات الري العاملة بالكهرباء التي تزيد قوتها بمقدار ثلاثة أضعاف قوة طلمبات الديزل العاملة بالغازولين والمستخدمة حاليا مما يعنى زيادة المساحات المزروعة. ويعتبر سد مروي من أهم وأكبر المشاريع الاقتصادية التي يتم تنفيذها في السودان خلال تاريخه الحديث، وذلك للأثر الواضح الذي سيحدثه في حياة المواطنين. وتتمحور الخلافات بين إدارة السد والمتأثرين في حجم التعويضات المخصصة للمتضررين ومكان التهجير والتعويضات. وقال الرشيد الأفندي، مسؤول الإعلام في لجنة المتضررين من إنشاء سد مروي لـ«الشرق الأوسط»، إن المهجرين يعيشون أوضاعا صعبة، «من قبلوا بالتهجير ظلموا في التعويضات، ومن رفضوا التهجير ظلوا يتعرضون للغرق». وأضاف: «هؤلاء الذين رفضوا التهجير وتمسكوا بما عرف بالخيار المحلي (التهجير المحلي) يعيشون على الإعانات». ويقول المسؤولون في الحكومة إن الأمور تمضي إلى الأمام. وكشف مسؤول في إدارة السدود أن الدراسات تسير الآن لإعادة تقييم التعويضات بعد أن رفضها السكان باعتبار أنها جرت في وقت بعيد، وتوقع أن يحصل أي شخص على حقوقه كاملا. وتسببت تفاعلات الصراع بين الحكومة والمناهضين لسد مروي في الإطاحة بمسؤولين في الحكومة، من بينهم والي الولاية الشمالية السابق، الذي دخل في خلافات عميقة مع الإدارة التنفيذية للسد حول عملية تهجير السكان المتناثرين، كما أن مشروعات إنشاء السدود، ظلت ساحة معارك من وقت لآخر بين الحكومة والمعارضة. وتتهم الحكومة كلا من الحزب الشيوعي السوداني، والحركة الشعبية لتحرير السودان بتحريض السكان ضد قيام السد، فيما يرد الحزبان أن ما يحدث يجافي حقوق السكان المحليين، ويقول باقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية، في رده على الحكومة في هذا الخصوص إن الحركة تتضامن مع كل المواطنين السودانيين المعارضين لسياسات إنفاذ مشاريع السدود، إلا أنه قال يجب أن يشركوا في الأمر بأخذ آرائهم لأن الأهم مصلحة المواطن وليس المشروع.

ويعطي الدكتور محمد جلال الناشط بين المناهضين للسدود يرى أن سدود النهر «لا فائدة منها»، وقال: «لا تعطينا كهرباء تساوي حجم التضحية»، فيما يقول الأفندي «إنهم يريدون طردنا.. ونشك بأنهم يريدون تحويل أراضينا لآخرين». ويذهب عثمان إبراهيم إلى أن سدود دال وكجبار والشريك ومروي، الغرض منها توفير حماية للسد العالي في مصر. وأضاف إبراهيم وهو قيادي بين المناهضين لقيام سدي كجبار ودال: «لن يقتلونا بسهولة المرة المقبلة، والحكومة ستضطرنا للمقاومة».

ويعتقد الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري، عضو برلمان الولايات عن شمال السودان، لـ«الشرق الأوسط»، أن مشكلة السودان، أنه «يطبق نموذج السد العالي في مصر». وقال الكاروري، وهو قيادي إسلامي ومن المناصرين للحكومة، إن السدود التي تقام الآن على نهر النيل «أحادية الفائدة»، تنتج كهرباء بلا زراعة، «ونحن بلاد زراعية، وبالتالي فإن السكان، وهم من المزارعين، يرفضون هذه السدود، ويرون أنها مشروعات غير مرغوب فيها لأنها تهجرهم، وفي الوقت نفسه لا توفر لهم الزراعة». وأضاف: «نحن نحتاج إلى سدود مزدوجة الأغراض، وهذا غير موجود». وفي خضم الجدل، يقول الدكتور أحمد محمد محمد صادق الكاروري المسؤول في مفوضية السدود السودانية، إن وحدة تنفيذ السدود حريصة على حفظ حقوق المواطنين كاملة «غير منقوصة».