محتجز السفارة.. وأشباح الماضي

ليمبرت ينضم إلى منسقي سياسات إيران في الخارجية الأميركية.. وقابل خامنئي قبل 30 عاما.. ويتساءل عن إمكانية لقائه مجددا

TT

بعد 33 عاما من الخدمة العامة وتبؤ مناصب حكومية عدة، قرر جون ليمبرت عام 2006 أن يتقاعد من الحياة العامة والتفرغ للمجال الأكاديمي الذي طالما كان يتصور أنه سيقدم الحياة الافضل له. وبطبيعته الهادئة وشغفه للقراءة والمناقشة، تبدو الأكاديمية هي الأقرب إلى قلب ليمبرت، والتي كان قد خطط ليجعلها مقصد حياته العملية، إلا أنه يجد نفسه مجددا في مبنى وزارة الخارجية الأميركية الشاسعة وسط العاصمة واشنطن، ليتخلى عن التقاعد ويعود إلى العمل العام بعد سنوات طويلة فيه، في هذه المرة ليعمل في أحد أهم ملفات السياسات الدبلوماسية الأميركية.

فقد عين ليمبرت الأسبوع الماضي نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للشؤون الإيرانية. وعلى الرغم من أن استحداث هذا المنصب بحد ذاته خبر مهم، إلا أن اختيار ليمبرت لشغله يحمل أهمية أكبر. فبينما حياة ليمبرت العملية تسير على مدار 40 عاما، تلك العقود الأربعة المرتبطة بأكثر من طريقة بإيران، وكانت إيران محطة أساسية في حياة ليمبرت الذي عاش فيها فترات وفي ظروف مختلفة. وعلى مدار عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي، انتقل ليمبرت بين الولايات المتحدة وإيران، مع فترات عمل في جدة وأبوظبي ودبي وتونس، تجعله من أكثر الأميركيين الفاهمين للأحداث في الشرق الأوسط، وخصوصا إيران والجزائر وجيبوتي. ومن طالب شاب زار أهله في طهران حيث كان يعمل والده، إلى الدبلوماسي الأميركي المحتجز في السفارة الأميركية في طهران الذي استقبل المرشد الأعلى الحالي للدولة الإسلامية آية الله علي خامنئي في مقر اعتقاله، لدى ليمبرت ذكريات وأفكار يرويها في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» وهو الأول له منذ استلام منصبه الأسبوع الماضي.

وعند سؤال ليمبرت ما الذي جعله يتخلى عن التقاعد والحياة الأكاديمية مجددا للعمل الحكومي، يشير إلى الإحساس بالمسؤولية. ويقول: «كنت سعيدا جدا بالتقاعد»، إلا أن رجلا مثل ليمبرت يعشق العمل كان تقاعده فرصة لتولي مهام جديد وهو العمل بروفيسورا للدراسات الدولية في أكاديمية الولايات البحرية في أنابوليس. وأضاف: «لقد أحببت عملي كدبلوماسي، بعضه كان صعبا جدا ولكن كنت دائما أحبه وكنت دائما أشعر بأنه عمل له جدوى، وأحببت المهنة، فهي مهنة تستحق التعب، ولكن 33 سنة كانت كافية. وتركت عملي وأنا في وظيفة جيدة بعد أن كنت رئيسا لمعهد اللغة التابعة للخارجية الأميركية». كان ليمبرت يواصل عمله في الأكاديمية البحرية عندما اتصل به وكيل وزير الخارجية ويليام برنز، وهو دبلوماسي مخضرم تربطه علاقة طويلة بليمبرت، لـ«المساعدة في ملف إيران». واليوم يحرك ليمبرت سببان في مهامه، يقول إن «السبب الأول فرصة أن أعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة وأن يكون لدي مساهمة للتغير، وثانيا على الصعيد الشخصي، كموظف حكومة خدم في السابق، عندما يقول أحد: نحن بحاجة إليك، من الصعب أن تقول لا».

وليمبرت منذ صغره له شعور قوي بالمسؤولية وأهمية تقديم الخدمة العامة. فبين عامي 1964 و1966 تطوع ضمن عمل «بيس كور» (فيلق السلام ـ المجموعة الأميركية للتطوع في الخارج) لتعليم اللغة الإنجليزية في سننداج في كردستان إيران بالقرب من الحدود العراقية. كان السبب وراء التحاق ليمبرت بـ«بيس كور» مبنيا على تجربته بزيارته والديه في إيران عندما كان يعمل والده في المكتب الاقتصادي الأميركي في طهران، حيث يقول ليمبرت إنه يشعر «بالشغب وحب التعرف على المنطقة، بعدما لم أكن أعرف شيئا عن الإسلام والشرق الأوسط والمنطقة على الإطلاق». وقد فتحت تلك التجربة آفاقا كثيرة أمام ليمبرت، فعلى الصعيد المهني الكثير من المتطوعين في «بيس كور» يعودون للعمل الحكومي، ولكن على الصعيد الشخصي التقى في سننداج بزوجة المستقبل الإيرانية برفانة طيبزاده التي كانت تدرس في المدرسة نفسها معه. وتزوجا لتبقى رفيقة دربه حتى اليوم. وخلال عمله حول العالم، من السعودية إلى موريتانيا، رافقته برفانة ولم تفترق عنه سوى في بلدها الأم، عندما كان رهينة مع 51 دبلوماسيا أميركيا آخر بين نوفمبر (تشرين الثاني) 1979 ويناير (كانون الثاني) 1981.

وحياة ليمبرت حافلة بالمحطات المهمة، إلا أن الأبرز، على الأقل في أذهان الآخرين إن لم تكن كذلك في ذهن ليمبرت نفسه، هي احتجازه في مقر السفارة الأميركية في طهران. وعلى الرغم من أنه كان محتجزا لمدة 444 يوما، ومرت عليه ظروف صعبة، فإنه بعد مرور 30 عاما ما زال ليمبرت يحتفظ بالكثير من التفاصيل حول تلك هذه الفترة لنفسه. فعند سؤاله عن احتجازه، يقر أن تلك الفترة ربما كانت الأصعب في حياته، كما أنها تركت أثرها على زوجته التي كانت مع طفليهما وعمرهما 10 و 8 سنوات حينها.

ومن اللافت أن ليمبرت لم يكن يريد العمل في إيران عند إرساله عام 1979 قبل الثورة الإيرانية، قائلا: «لم أحب سياستنا هناك، كنا قريبين أكثر من المطلوب من الشاه، لم تكن لدينا علاقة صحية». وأضاف: «لم يكن بإمكان دبلوماسي صغير أن يحدث تغيرا، كانت سياستنا توثيق العلاقة مع الشاه بينما الكثير من الإيرانيين الذين كنت أعرفهم كانوا غير مرتاحين للأوضاع في مجتمعهم، وكان من الصعب علي أن أدفع ذلك الاتجاه حينها». ولكن بعد فترة احتجازه في السفارة، التي وصفها بأنها بطريقة أو أخرى حددت مسار حياته، يقول ليمبرت: «أصبحت مولعا بإنجاح الدبلوماسية، فتلك الحادثة ترمز إلى انهيار المهنة الدبلوماسية. خرجت من التجربة أفكر في أنه يجب حماية هذه المهنة بشدة».

وانتشر مؤخرا شريط تسجيلي لليمبرت وهو يتحدث مع خامنئي. وتظهر طبيعة ليمبرت الهادئة والمسيطرة مجددا في الشريط، حيث كان هو محتجز وكان خامنئي يمثل السلطة التي تحتجزه، إلا أنه استقبله في السفارة وكان خامنئي هو الضيف، يرحب به ولكن في الوقت نفسه يذكره بالتقاليد الإيرانية والضيافة الحسنة التي تعتبر من ركائز تلك التقاليد. ويبتسم ليمبرت عند حديثه عن ذلك التسجيل، قائلا: «لم أكن أعرف أنه موجود، ولكن في عصر الإنترنت كل شيء ينتشر»، مضيفا: «كان شعري أسود وخامنئي كان شعره أسود»، مشيرا إلى الزمن الذي مر بينهما وجعل شعرهما مليئا بالشيب.

وعن انطباعه عن خامنئي حينها، يقول ليمبرت: «لم أكن أعرف من هو، ما عدا أنه من الواضح شخص يحمل الكثير من السلطة»، مشيرا إلى أنه لاحقا عرف أن خامنئي كان ممثل قائد الثورة الإيراني روح الله خميني في مجلس الدفاع، ويؤم خطبة الجمعة في طهران. وأضاف: «لم أجده شديدا، فتحدثنا حينها... كنت أتصور أن بعد 30 عاما تكون لدينا علاقات بين الولايات المتحدة وإيران. من يعلم؟ ربما كان من الممكن أن نجلس أنا وخامنئي وأن ننكت على ما حدث، فهو جاء للاجتماع ليعبر عن شكاوى، وكانت لدي شكاوى، ويبدو أن الشكاوى ما زالت قائمة بعد 30 عاما ولم تحل». وتابع: «قلت لخامنئي إنني لم أواجه يوما إساءة شخصية من أي إيراني، حتى بعد الثورة، بغض النظر عن نظرتهم إلى الولايات المتحدة.. حتى حادثة الاحتجاز».

ويعتبر ليمبرت أن «أشباح التاريخ» لها دورها في تحديد السياسة، وأنه يجب أن تؤخذ في الحسبان ـ وبما أنه يحمل شهادة دكتوراه بالتاريخ، من الواضح أن التاريخ له أثره على ليمبرت وطريقة تفكيره. ومن يرد أن يعرف طريقة تفكير ليمبرت في ما يخص التاريخ وإيران يمكنه قراءة كتابه: «إيران: في حرب مع التاريخ». ولكن من يرد أن يعرف تفكير ليمبرت حول المستقبل مع إيران فعليه قراءة كتابه: «التفاوض مع إيران: صراع مع أشباح التاريخ»، الذي صدر الشهر الماضي ويشكل خريطة عمل للطريقة الأمثل التي يراها لتعامل واشنطن مع طهران.

ولكن على الصعيد الشخصي، يرفض ليمبرت أن يكون أسيرا للتاريخ ويرفض أن يكون أسيرا لتجربة احتجازه في طهران، بل عمل ليمبرت على تحسين لغته الفارسية وفهم الثقافة الإيرانية وبناء معرفته، قائلا إن ذكراه الأهم والأحلى في إيران هي التعامل مع الإيرانيين الذين يشكلون بعض أقرب أصدقائه وأصدقاء عائلته. وقال: «لم أر إيرانيا يسيء إلى ضيف يكون مسؤولا عنه، في الثقافة الإيرانية الوطنية والإسلامية من الضروري الاهتمام بالضيف، وما صدمني في فترة الاحتجاز قدرة المحتجزين على الإساءة إلى الضيوف.. وقد قال لي عدد من الإيرانيين إنهم لا يعتبرون المحتجزين إيرانيين، لأنه من المستحيل أن يسيء إيراني إلى ضيفه».

واعتبر البروفيسور ويليام بيمان، وهو صديق لليمبرت وكان قد درس ابنته ماندانا في جامعة براون، أن «الأمر الأبرز هو في معرفة أهمية تعيين ليمبرت في هذا المنصب، فعدد من الدبلوماسيين الذين احتجزوا في السفارة خرجوا بشعور من المرارة تجاه إيران، إلا أن جون دخل تلك التجربة بخلفية ثقافية مختلفة، كان يفهم تفكير محتجزيه ويجيد لغتهم، واستطاع أن يتفهمهم على الصعيد الشخصي حتى، ولم يحمل أي مرارة تجاه إيران.. ولكنه في نفس الوقت لا يسلط ضوءا رومانسيا عليها».

وليمبرت في آن واحد دبلوماسي وأكاديمي، ولكن عن المهنة الأقرب إلى قلبه يقول: «الأكاديمية في قلبي، كنت أتصور أنني أريد أن أكون أكاديميا أو أبقى أبحث في أروقة التاريخ». وكان التاريخ موقع تركيز ليمبرت في أطروحة الدكتوراه التي حصل عليها من جامعة هارفارد العريقة عام 1974 بعد أن مكث في شيراز لكتابها، بالإضافة إلى عمله في جامعة بهلافي (التي أصبحت جامعة «شيراز» بعد الثورة الإيرانية عام 1979) بين عامي 1969 و1972. وبعد 7 سنوات من الدراسة والعمل أنهى ليمبرت الدكتوراه، وحاول ليمبرت البحث عن عمل في إحدى الجامعات في مجال اختصاصه، ولكن لم يحصل على فرصة عمل، مما جعله يفكر في العمل الدبلوماسي. ويبتسم ليمبرت ويقول «إنني لاجئ من الأكاديمية».

ولكن هذا اللاجئ من الأكاديمية لمع بالعمل الدبلوماسي خصوصا لقدرته على التواصل مع الناس، وله طبع يساعده على كسب الأصدقاء، وهو السؤال دائما عن وضع من يقابله وعن عائلته، ويبدي اهتماما صادقا به. ويتمتع ليمبرت بشهرة في الأوساط السياسية والإعلامية والأكاديمية المهتمة بالشأن الإيراني، وآراؤه السياسية معروفة، وهي المطالبة بالحوار لحل القضايا العالقة بين إيران والولايات المتحدة. وكان ليمبرت حتى تعيينه عضو مجلس مستشاري «المجلس الوطني الأميركي ـ الإيراني» في الولايات المتحدة، وهي المنظمة مهمة للأميركيين من أصول إيرانية بالإضافة إلى سعيها لتقريب العلاقات بين الشعبين وترفض طرح استخدام القوة لحل المشكلات المستعصية بين البلدين. ويصف البروفيسور بول ساليفان، وهو زميل سابق لليمبرت في جامعة الدفاع الوطنية الأميركية التي كانت المحطة الأخيرة له قبل عودته إلى الخارجية، ليمبرت بأنه «شديد وذكي ودبلوماسي وحساس للكثير من التفاصيل الدقيقة في طريقة عمل الإيرانيين». وأضاف: «إنه يتفهم لغة الجسد وطريقة فهم اللغة الفارسية بطريقة قلائل آخرون يمكنهم فهمها».

ولفت ساليفان إلى أن ليمبرت «كان لديه تأثير إيجابي على بعض القادة المستقبلين من خلال تعليمه في الأكاديمية البحرية الأميركية وفي كتاباته والحديث عن إيران ونشاطات أخرى». وأضاف أن ليمبرت «يرى الأمور بأكثر وضوح يمكن لشخص لم يولد إيرانيا أن يراها.. إنه أميركي للصلب، وقد يشكل الجسر الذي نحتاجه للتخلص من العقبات». ولفت ساليفان إلى أن ليمبرت «شديد في تفكيره»، في إشارة إلى أنه لن يكن شخصا يجب الاستهانة به. وأكد ساليفان وبيمان على أن ليمبرت يتمتع باحترام واسع في الأوساط الأميركية، وقال بيمان: «كل من يعرفه لا يستطيع أن ينتقده، لديه قابليات وخبرات تجعله مثاليا للعمل الدبلوماسي».

ولكن يعلم ليمبرت أن هناك أوساطا يمينية في واشنطن تنتقد نهجه وتعتبره قريبا إلى درجة غير مرغوبة من إيران، إلى درجة أن مجلة «ويكلي ستاندرد» قالت إنه «رجل النظام الإيراني». وعندما طرحت «الشرق الأوسط» هذا السؤال عليه رفع كتفيه بحيرة وابتسم قائلا: «ما يمكنني قوله؟ إيران جزء من حياتي منذ 45 عاما، وقد حاولت أن أخدم الشعب الأميركي بطريقة أو أخرى لأكثر من 40 عاما، فأحب أن أفكر في أنه من الممكن أن أفعل الأمرين، أن أخدم الشعب الأميركي مع قدرتي على الشعور بشعور الإيرانيين».

وبالإضافة إلى الملفات العالقة بين واشنطن وطهران، من البرنامج النووي إلى التطورات في لبنان وفلسطين والعراق، هناك قضية أخرى تصعب عمل ليمبرت الجديد برأي ساليفان، فيقول: «ربما القضية الأكبر التي قد يواجهها هي أن الكثير من الأطراف قد تكون لديها طموحات أعلى من المستطاع حول ما يمكن أن يحققه في منصبه»، مضيفا: «أتمنى له الحظ السعيد».

وتاريخ ليمبرت في العمل الدبلوماسي مليء بأحداث مهمة بالنسبة للدبلوماسية الأميركية، فكان قائما بالأعمال في السودان في فترة تشكيل حكومة الوحدة عام 2005 ووفاة جون قرنق. ومكث في السودان 3 أشهر فقط، ضمن سياسة الإدارة الأميركية لإرسال قائم بالأعمال مؤقت للخرطوم على مدار سنوات. ولدى ليمبرت علاقة مع السودان، التي يقول إنها «دولة مثيرة وفيها شعب طيب جدا ومشكلات معقدة جدا». وكان ليمبرت مرشحا ليكون سفيرا لدى الخرطوم منتصف التسعينات من القرن الماضي، إلا أنه بعد انتظار موافقة الحكومة السودانية على ترشيحه لمدة عام كامل، سحبت الإدارة الأميركية ترشحيه، ليصبح سفيرا في موريتانيا بين عامي 2000 و2003. كما أنه كان من أبرز المدنيين الذين دخلوا مع الجنرال جاي غارنر للعراق في أبريل (نيسان) 2003 مباشرة فور سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وقبل تولي الحاكم المدني الأميركي بول بريمر السلطة هناك. وكان ليمبرت يريد أن يكون جزءا من إدارة مؤقتة لمدة شهرين في العراق لنقل السلطة مباشرة للعراقيين، حيث كان يطالب بإنشاء سفارة أميركية مباشرة في بغداد حينها، وأن تباشر واشنطن علاقات ثنائية مع بغداد ولكن لم يفلح في هذا النهج وترك العراق مع بدء الاحتلال الأميركي.

وبعيدا عن السياسة، للشعر دور مهم في حياة ليمبرت، فقراءة الشعر من هواياته المفضلة، ولكن الشعر أكثر من هواية. فكتاب ليمبرت «شيراز في زمن حافظ» يعتبر من أبرز الكتب في اللغة الإنجليزية عن الشاعر الإيراني الشهير حافظ. وتعد ممارسة الرياض وخصوصا التنس والغولف واصطياد السمك من بين هواياته، كما أنه من محبي الموسيقى الكلاسيكية، بما فيها الموسيقى الكلاسيكية الإيرانية.

وللتأثير الإيراني الثقافي وقع كبير على ليمبرت الذي يتحدث الفارسية بطلاقة، بالإضافة إلى إجادته اللغتين العربية والفرنسية، خصوصا منذ ارتباطه بزوجته برفانة على مدار أربعة عقود. وللحياة العائلية مكانة خاصة لليمبرت، الذي تلمع عيناه عند الحديث عن أحفاده الأربعة، وحفيدة وحفيد لكل من ابنه شرفين وماندانا، وهي أسماء إيرانية اختارها ليمبرت مع زوجته بعد ولادتهما في شيراز خلال فترة عمل ليمبرت في الجامعة هناك. وبينما ماندانا تحمل شهادات عليا في علم الاجتماع والعلاقات الدولية، يعمل شرفين بمجال الطاقة والنفط. وبعدما كان يسكن في منقطة كابيتول هيل شرق واشنطن وكان يتمتع بوجوده قرب أبرز معالم العاصمة الأميركية، انتقل مع زوجته إلى أرلنغتون في ولاية فيرجينيا ليكون لديه منزل أوسع من أجل استقبال الأحفاد الذين تتراوح أعمارهم بين 4 سنوات و11 شهرا.

ويؤكد ليمبرت: «لا توجد لدي طموحات سياسية خاصة أو طموحات للترقية، وأتطلع للعودة إلى حياة التقاعد والتدريس في الأكاديمية البحرية التي أعشق التدريس فيها». ربما هذه العبارة، وتأكيد ليمبرت على أنه لا يطمح إلى منصب سياسي أو البقاء في السلطة تجعله قادرا على إعطاء رأيه الصريح وعدم التردد في وجه المسؤولين. وقال ليمبرت: «لا أعرف إذا كان من الممكن أن أقدم شيئا، وفي السابق كان التقدم بطيئا وكثيرا ما نصطدم بالعراقيل لإحراز التقدم، ولكن أتمنى أن أساهم بما أستطيع وأن أكسر 30 عاما من اللاجدوى في العلاقات الأميركية ـ الإيرانية». وأضاف: «الإدارة الأميركية قررت فعل ذلك ولكن لم يكن الأمر سهلا».

ولكن هناك طموح خاص لليمبرت، إذ إنه لم يعُد إلى إيران منذ 20 يناير 1981، حين تم إطلاق سراحه مع باقي المحتجزين في السفارة، ولكنه يتطلع للعودة إليها يوما ما. وربما هذا الطموح الشخصي، وطموحه لإعطاء زوجته وأولاده وأحفاده حق العودة إلى بلد يعتبر وطنا مشتركا لهم مع الولايات المتحدة. وقال ليمبرت: «لا أستطيع العودة، زوجتي لا تستطيع العودة، وأولادي لا يستطيعون العودة.. زوجتي تتمنى زيارة قبر والدها، وأولادي يريدون زيارة قبر جدهم، أتمنى أن يستطيعوا ذلك». وأضاف: «إيران جزء منهم، أنا آتي إلى إيران من الخارج ولكن إيران جزء من أولادي وأحفادي».