ومَن يهدم «وول ستريت»؟!

TT

«أردنا الديمقراطية فحصلنا على الرأسمالية» ـ لافتة على جدار وارسو/1993ـ ـ هذا الجنون الصاخب. لماذا؟! ـ نحتفل بذكرى هدم جدار برلين. كأسك.

ـ هدمتم. فماذا بنيتم؟

ـ هدمنا «وول برلين». بنينا «وول ستريت». هدمنا جدار العبودية. عمَّرنا جدار الحرية.

ـ آه! حرية بناء المصارف.

ـ نعم. «وول ستريت» شارع الحرية. شارع المصارف.

ـ شارع الخطايا.

ـ «وول ستريت» ليس معبدا للشياطين. ليس شارع الخاطئات.

ـ ها هو الشارع يطفئ الأنوار. أفلست المصارف الضخمة. أفلسها «القديسون». المدراء.

ـ لا تنسَ. المبشر جون كالفن «قديس» البروتستنتية كان راعيا للرأسمالية المصرفية. المصرف ليس خطيئة. المصرف عماد الاقتصاد. المصرف ليس ذنبا.

ـ الدولة تغفر الذنوب. تعوِّم البنوك المفلسة. ترسل إلى السجون صغار المفلسين.

ـ المصارف جمعيات خيرية. اهتز «غولدمان ساخس». تبرع بـ 200 مليون دولار للفقراء.

ـ وتبرع من أموال المستثمرين بـ 16.7 مليار دولار للسماسرة والمدراء.

ـ المستثمرون ليسوا بقديسين.

ـ لذلك أفلسهم المحتال برنارد مادوف على 65 مليار دولار.

ـ ها هو مادوف يقبع في السجن. سيبقى فيه 150 سنة. كان مادوف محتالا في الحياة. إذا أصبح مستقيما. مؤدبا. في السجن. سيخرج باكرا. بعد خمسين. مائة سنة. الرأسمالية حضارة رحيمة. الرأسمالية رقيقة القلب.

ـ بل قل: حضارة متسامحة. تعفو عن مادوف المحتال. تسمح لضحاياه بالانتحار. ـ أنت حر. الرأسمالية تحول السلع الكمالية إلى سلع ضرورية. اللا مساواة تمنحك الفرصة للازدهار. للاحتيال. للانتحار.

ـ الرأسمالية «بورصة» ديمقراطية لتحقيق اللا مساواة. البورصات كازينوهات. المضاربة مقامرة.

ـ البورصات أسواق فاضلة. أسواق مشروعة. الشركات تبيع فيها أوراقا. أسهما. تجمع مالا. لتموِّل مشروعا.

ـ ومَن يموِّل المصارف والشركات. إنْ أفلست؟

ـ البركة في الدولة الرأسمالية.

ـ من أين تأتي الدولة بالمال لتعويم مصارف وشركات الإفلاس؟

ـ ألا ترى. هذا الإنسان الجالس على ركام «وول برلين»؟

ـ هذا الإنسان البائس هناك؟

ـ نعم. هو بعينه. الدولة تستدين منه لتعويم مفلسي «وول ستريت».

ـ هل تسترد الدولة مال دافع الضرائب. مال هذا المسكين؟

ـ الدولة تسترد الملاليم. تبقى المليارات مكافأة للمدراء. هبة «للقديسين».

ـ لماذا لا يستعين أوباما بماركس لتعويم الرأسمالية؟

ـ ماركس المفلس أمضى حياته في المكتبة. لو ذهب إلى البورصة. لعرف كيف يهدم الرأسمالية.

* ـ مستر بلير. أين أنت؟

ـ ها أنا. تحت الطاولة.

ـ أبحث عنك. أريد أن أرثي لك.

ـ تصوَّرْ! يريدون انتخاب بلجيكا رئيسة لأوروبا! يتجاهلون بلير مرشح بريطانيا تحت الطاولة.

ـ كيف يضعونك رئيسا فوق الطاولة؟! أنت ترفض وضع «يورو» واحد في جيبك.

ـ أحمل الاسترليني. الجنيه صانع أمجاد بريطانيا. أذلَّ عروشا. استعمر قارات. حكم شعوبا. ـ ها هو الآخر. تحت الطاولة.

ـ الاسترليني كالدولار. عزيزُ قومٍ ذُلّ. ـ من أذلَّ بلير مع الاسترليني والدولار؟

ـ شركائي الأوفياء. ساركوزي يتهمني بأني أشعلتُ حربا. براون يدافع عني. يقول إني لم أكسب حربا. أنغيلا تتعلم الآن كيف تخسر حربا.

ـ أوروبا لا تريدك. تقول: أنت شجعت بوش. خضت معه حرب العراق. ـ هذا الفلاح التكساسي. بوش ناكر للجميل. كان يناديني بلا حياء: بلير. تعال يا بلير هنا. اقعد تحت الطاولة. كأني «بودل» أميركا! ـ «بودل» قاد أعمى. بوش سلّم العراق إلى «زُلْم» إيران.

ـ نصحته. الغبي لا يقبل النصيحة. قلت له: بريطانيا تعرف العرب أكثر. لها معهم تاريخ مشترك. كنا نقول للعراقيين: نحن عرب. نحن من قبيلة الإنجليز في عدن. لكن الاستعمار البريطاني أنسانا لغة القبيلة. صدَّقَنا صدام. سلمناه العراق. فاغتال عميلنا. كنا شركاء في الانقلاب.

ـ اطمئن. ما زلنا شركاء. العرب أوفياء.

ـ حقا. ما زلتُ مبعوث «اللجنة الرباعية» إلى العرب.

ـ مبعوث «عصبة الأربعة». أين خطة الطريق؟ لماذا لا تفرض الخطة على الطاولة؟

ـ أنا روبن هود. فارس الطاولة المستديرة. لورانس الصحراء الذي نسي لغة القبيلة.