«تويوتا»: عذرا..

إنكار الشركة للأخطاء في سياراتها يحمل طابعا ثقافيا سببه الرغبة في تجنب الشعور بالعار

انحناءة «تويوتا» قبل بدء مؤتمر صحافي اعتذارا من زبائنها (إ.ب.أ)
TT

تعد «تويوتا» واحدة من أبرز العلامات التجارية في مجال السيارات على الصعيد العالمي، لكنها منيت أخيرا بلطمة كبرى جراء الإخفاقات الميكانيكية التي عانتها سياراتها. واضطرت الشركة إلى سحب ملايين السيارات الخاصة بها من قارات مختلفة، لما تحويه هذه السيارات من مشكلات في دواسات البنزين والمكابح.

وعليه، تردت سمعة «تويوتا» بصورة بالغة بسبب عيوب ميكانيكية أسفرت عنها سلسلة من الحوادث والوفيات على امتداد الأشهر القليلة الماضية. في بداية الأمر، انتهجت الشركة اليابانية العملاقة استراتيجية الإنكار، وعمدت إلى التقليل من أهمية المشكلات التي تعانيها سياراتها، وتجنب وسائل الإعلام، ملقية اللوم على عاتق إحدى جهات التوريد، بل وعلى السائقين أنفسهم. خلال تلك الفترة، راودت الكثيرين من المهتمين بـ«تويوتا» الرغبة في معرفة ما يجري داخل الشركة، وتساءلوا: أين رئيس الشركة التنفيذي، أكيو تويودا، حفيد تويوتا، مؤسس الشركة؟

كان تويودا قد تولى رئاسة الشركة يونيو (حزيران) الماضي في أعقاب الإطاحة المهينة بالرئيس السابق، كاتسواكي واتانابي، أمام نحو 400 من المسؤولين التنفيذيين في الشركة. ولم يعثر على تويودا، إلا بعد أن ضبطه طاقم تصوير تلفزيوني ياباني داخل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس بسويسرا. وخلال مقابلة أجراها معه الطاقم، جاءت تعليقات تويودا موجزة وغير مرضية، ثم سرعان ما غادر في سيارة «أودي».

بوجه عام، لم تعتد «تويوتا مورتور كورب»، أبرز شركة لصناعة السيارات في العالم وأكثرها إدرارا للربح، على أن يملي عليها آخرون ما ينبغي فعله. ولم تتعرض لهذا الأمر إلا بعدما تعرضت لانتقادات واسعة النطاق بسبب منتجاتها المعيبة، وانهالت عليها معاول الصحافة اليابانية لمحاولتها التملص من المسؤولية، وعدم إصدارها أي تعليق علني لبعض الوقت، بينما تفاقمت مشكلات سياراتها في مختلف أرجاء العالم.

مع تصاعد المشكلات، وفي محاولة فجة للالتفاف على الموقف، حاول أكيو تويودا التغلب على الضرر الناجم عن مشكلات السيارات عبر اتباع نهج أساسي في الثقافة التجارية اليابانية، وهو إعلان اعتذار. وشهد مؤتمر صحافي في 5 فبراير (شباط)، أعلن عنه قبيل عقده بفترة وجيزة، أول ظهور علني لتويودا منذ اندلاع الأزمة. خلال المؤتمر، انحنى تويودا بشدة، وهو الأسلوب الياباني المميز للتعبير عن الاعتذار، وأعرب عن أسفه عن مشكلات السلامة التي اتسمت بها منتجات الشركة.

داخل المقر الرئيس لـ«تويوتا» في مدينة ناغويا، قال تويودا: «أشعر بالأسف. صدقوني، سيارات (تويوتا) آمنة، لكننا سنحاول تعزيز مستوى منتجاتنا». جدير بالذكر أن تويودا نال درجة الماجستير في إدارة الأعمال من «بوسطن كوليدج»، وعمل لحساب «تويوتا» في كاليفورنيا. ومع ذلك، فقد جاهد من أجل إصدار بيان صحافي موجز باللغة الإنجليزية. وبعد ذلك، بعث برسالة بالإنجليزية إلى المستهلكين في مختلف أنحاء العالم، قائلا: «يساورني بعض القلق من شعورا بالحذر يسيطر عليهم أثناء القيادة، لكن صدقوني سيارات (تويوتا) آمنة، ونحن نعكف على تحسين منتجاتنا».

إلا أنه المؤتمر الصحافي الذي عقده تويودا، لم يفلح في طمأنة العملاء وإطفاء مشاعر الغضب. وقد عمدت وسائل الإعلام إلى التنقيب في كل كلمة تضمنها الاعتذار، بل انتقدت وسائل الإعلام اليابانية الانحناءة التي قام بها تويودا على سبيل الاعتذار، حيث أشارت إلى أن «انحناءة تويودا، عندما جاءت أخيرا، لم تدم سوى ثانية واحدة. لم يقدم تويودا انحناءة أعمق وأطول مثلما توقع البعض، كمؤشر على أن الشركة قبلت مسؤوليتها عن هذه العيوب جميعها».

في الثقافة اليابانية، حيث يسهل النطق بالأسف، لكنه قد يحمل الكثير من الدلالات والتداعيات، غالبا ما يجري النظر إلى الانحناءة اليابانية المميزة باعتبارها مؤشرا على صدق مشاعر الندم والأسف. وفي معظم الدول، من المهم أن يصرح المرء بأسفه، لكن في اليابان يجري النظر إلى الأسف كواجب حتمي من المنظور الثقافي. وتعود العادات اليابانية التي تلزم الشركات بالتعبير عن أسفها حال وقوع خطأ من جانبها إلى العصر الإقطاعي، عندما كان يقدم محاربو الساموراي على الانتحار بطعن أنفسهم ونزع أحشائهم للتكفير عن خطأ.

بيد أن الجانب المثير في ثقافة «الاعتذار أولا» السائدة في اليابان، لا تعني بالضرورة أنك تحمل بداخلك حزنا وحسرة عند تقديم الاعتذار، وإنما غالبا ما يمثل الاعتذار وسيلة لاجتياز مواقف اجتماعية عصيبة. حتى لو أن شخصا ما لم يقترف أي خطأ، فإن نطقه بعبارة «أنا آسف» من شأنها الحفاظ على التناغم، وتجنب حرج لا داعي له في العمل أو في أي من المواقف الاجتماعية التي قد يقابلها. وتتنوع مستويات التعبير عن الأسف في اليابان ما بين عبارة «أستمحيك عذرا» البسيطة وصولا إلى «أرجوك تقبل أسفي»، والتي عادة ما تصاحبها انحناءة بدرجات متنوعة. وغالبا ما يمعن اليابانيون التفكير في درجة الاعتذار الذي يتقدمون به.

وبعد مواجهته انتقادات شديدة من قبل وسائل الإعلام، قدم رئيس «تويوتا» أخيرا في 9 فبراير اعتذارا على النحو اللائق، حيث انحنى على نحو أعمق بكثير في تعبير تقليدي عن التواضع. وأخبر الصحافيين داخل مقر رئاسة الشركة في ناغويا: «لا أعتبر (تويوتا) كيانا معصوما لا يقترف الأخطاء. سنواجه الحقيقة ونصلح الخطأ، واضعين في الاعتبار سلامة العملاء وراحتهم في المقام الأول».

في رد فعلهم، أشاد الخبراء باستجابة رئيس الشركة للمشكلة الأخيرة. على سبيل المثال، أوردت «يابان تايمز» قول كازو كوراهارا، المحاضر الياباني لدى «هنتر كوليدج» بأنه «لا أعتقد أن المرة الأولى التي ظهر فيها كان يعرب عن اعتذار صادق. أما في المرة الثانية، فقد رغب في إظهار مدى أسفه الحقيقي لتسببه في مشكلات لأي شخص».

الملاحظ أن الاستراتيجية التي اتبعتها «تويوتا» في البداية، وهي الإنكار والتقليل من حجم المشكلات وتجنب وسائل الإعلام، تحمل طابعا ثقافيا، ذلك أن الشركات اليابانية غالبا ما تسعى للتغطية على الحقائق أو الالتفاف عليها.

ويتمثل السبب وراء ذلك في الرغبة في تجنب الشعور بالعار والحرج المترتب على الاعتراف بوجود عيوب في المنتج داخل دولة مولعة بالحرفية والجودة. ولا شك أن شركة كبرى في حجم «تويوتا» قد تخسر الكثير فيما يخص سمعتها التجارية في مثل هذا الموقف. وساد اعتقاد دوما داخل الشركة أن عار وجود عيوب في الصناعة من المشكلات التي تخص شركات أخرى، وقطعا ليست «تويوتا» واحدة منها. وعليه، جابهت الشركة كارثة في مجال العلاقات العامة، كشفت عن مدى افتقار الشركة إلى الاستعداد لإدارة الأزمات، ومدى الحرج الذي ألمّ بها. علاوة على ذلك، ترتبط هويات الموظفين بصورة وثيقة بصورة الشركة التي يعملون لديها، ويأتي الولاء للشركة في مرتبة متقدمة على الاهتمام بشأن العملاء.

من ناحيته، أصر تويودا، 53 عاما، على نحو غير مقنع، على أنه قدم الاعتذار العلني الثاني ليس بسبب تعرضه لانتقادات شديدة، وإنما لأن هذه «هي السبيل التي رآها مناسبة لتحسين الموقف»، وقال إنه ينوي القيام برحلة إلى الولايات المتحدة لتقديم اعتذاره هناك.

وتويودا هو ثاني رئيس متعاقب لـ«تويوتا» يعتذر عن عيوب في السيارات. كان الأول كاتسواكي واتانابي، الذي أصاب الحضور في مؤتمر صحافي عام 2006 بصدمة عندما انحنى بشدة، متعهدا بتحسين مستوى الجودة. المعروف أن اليابان تتميز بتاريخ طويل في تقديم مسؤولين في شركات تجارية اعتذارا علنيا. مثلا، في أعقاب تحطم طائرة ركاب يابانية تتبع شركة «يابان إيرلاينز» عام 1985، أعلن رئيس الشركة، ياسوموتو تاغاكي، تحمله كامل المسؤولية عن الحادث الذي يعد الأسوأ من نوعه في تاريخ الطيران. من بين الركاب البالغ عددهم 524 فردا، نجا أربعة فحسب. وأقدم تاغاكي بصورة شخصية على خطوة استثنائية بزيارته أسر الضحايا. ولم يتقدم تاغاكي باستقالته من منصبه سوى بعد الإعلان عن مسؤوليته، وتقديمه اعتذارا علنيا. في السياق ذاته، أعرب موظف آخر في الشركة ذاتها، وهو مهندس صيانة، عن أسفه على نحو أكثر تطرفا بإقدامه على الانتحار.

الواضح أن فن الاعتذار يشكل جزءا لا يتجزأ من الثقافة اليابانية. على سبيل المثال، عندما يطلب شخص ما إلى صاحب متجر المساعدة، أو يصطدم بشخص داخل قطار مزدحم عن غير قصد، يسارع بقول «سوميماسن». ومع أن الترجمة المشهورة لهذه العبارة هي «أستمحيك عذرا»، فإن الترجمة الأكثر دقة هي «آسف لما سببته لك من ضيق».

في هذا الصدد، يوضح رولاند كلتس، بروفسور في جامعة طوكيو وخبير بشؤون الثقافة اليابانية، أنه «من المألوف أن يقدم المسؤولون التنفيذيون، الذين يتعرضون لضغوط شديدة، على الاستقالة، ثم الانتحار». ويقول أولريك شايد، الذي ألف كتابا عام 2008 عن الثقافة التجارية اليابانية في القرن الحادي والعشرين، إن «تويوتا» لم تسارع بالإعلان عن اعتذار، لأنه من الشائع عقد فريق من المسؤولين التنفيذيين اجتماعات تمتد لأيام، في محاولة لصياغة استجابة لأزمة ما مرضية للأطراف المعنية جميعها.

لكن التساؤل الأكبر الآن: ما سر هذه الأهمية الكبيرة التي يوليها اليابانيون للاعتذار؟ في العادة، يعتذر أبناء الشعب الياباني بمعدل أكبر بكثير عن أي مجتمعات أخرى، حيث يعد الاعتذار فضيلة داخل اليابان، ويكشف عن أن الشخص يتحمل المسؤولية، ولا يلجأ إلى إلقاء اللوم على عاتق آخرين. عندما يعتذر شخص ما ويبدي الندم، يبدي اليابانيون استعدادا أكبر للعفو عنه. وأثناء تقديم الاعتذار، غالبا ما ينحني اليابانيون. وكلما زاد شعورك بالأسف، زادت الانحناءة. ويشيع الاعتذار في اليابان تماما مثلما تشيع كلمات «من فضلك»، و«شكرا» في أي مجتمع آخر. ويجري النظر إلى الاعتذار باعتباره سبيلا للحفاظ على التناغم في إطار المواقف الاجتماعية. مثلا، إذا كنت أول من يغادر مكان العمل في اليابان، فمن المعتاد أن تقول: «أوساكي ني سيتسوري سيماسو»، ما يعني: «إنني اقترف وقاحة كبرى برحيلي أولا».

كما تتجلى ثقافة الاعتذار في اليابان على نحو فريد على مستوى قيادات الشركات. مثلا، إذا توفي عامل في أحد المصانع أثناء أدائه مهام عمله بسبب تقصير من جانب الشركة، فمن المتوقع أن يزور الرئيس التنفيذي للشركة أسرة المتوفى، ويعرب عن خالص أسفه بالانحناء وإبداء الندم الشديد. وغالبا ما تغطي المحطات التلفزيونية هذه الأحداث، ويجري تقديم الاعتذار على نحو علني.

وقد فرض هذا الجانب من الثقافة اليابانية نفسه بقوة على السواحل الأميركية منذ بضع سنوات، عندما اصطدمت سفينة تتبع الأسطول الأميركي عن طريق الخطأ بسفينة يابانية، على متنها الكثير من أطفال المدارس. وأسفر الاصطدام عن نتائج كارثية وقتل الكثيرين.

وعلى الرغم من أن العدالة أخذت مجراها الطبيعي داخل محكمة عسكرية في هاواي، فإنه بالنسبة إلى المجتمع الياباني لم يكن قرار المحكمة كافيا. وتصاعدت المطالب بضرورة سفر كابتن بحري أميركي إلى اليابان، وتقديم اعتذاره الشخصي لأسر القتلى. بوجه عام، يشكل الاعتذار العام جزءا من كيفية تسيير الأعمال التجارية في اليابان، حيث تبدي الثقافة اليابانية استجابة أكبر لفكرة الاعتذار.

ويسود بين اليابانيين اعتقاد أن القائد يتحمل مسؤولية شخصية. ويتمتع القائمون على «تويوتا» بخبرة جيدة في هذا المجال. منذ عامين، اعتذر سلف تويودا عن عيوب في الجودة. والعام الماضي، أصدر تويودا نفسه اعتذارا عندما توفي عدد من الأفراد في حادث بسبب عطل في دواسة الوقود في سيارة «لكزس» كانوا يستقلونها.

في العادة، يتحدث المسؤولون التنفيذيون اليابانيون باليابانية، مع توفير ترجمة فورية، تجنبا لحرج الحديث بالإنجليزية التي لا يتقنوها. ولكن من الواضح أن «تويوتا» تتملكها رغبة شديدة في التواصل مع جمهور عملائها في مختلف جنبات العالم، وبخاصة داخل السوق الأميركية الضخمة.

وقد أشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن تويودا اعترف بأن «تويوتا» خذلت عملاءها، وقال: «باعتباري رئيسا لـ(تويوتا)، فإنني أتحمل مسؤولية شخصية عن الأمر. ولذلك، أتولى على نحو شخصي قيادة الجهود الرامية إلى استعادة الثقة بنا وبمنتجاتنا». ويعتقد خبراء أنه نظرا إلى كون الاعتذار جزءا من عالم الشركات اليابانية، يتحمل رئيس أي شركة مسؤولية الإنجازات والإخفاقات جميعها الخاصة بشركته. ونظرا إلى أن المجتمع الياباني بطبيعته لا يميل إلى المشاكسات والقضايا، فإن رؤساء الشركات لا يساورهم قلق كبير إزاء إمكان رفع دعاوى قضائية ضدهم. والملاحظ أن الاعتذار الذي قدمته «تويوتا» جرى التخطيط له بدقة.

لكن إذا استمرت الاعتذارات مع استمرار عيوب خطيرة في التصميم، فما الذي يدعو أي شخص إلى الثقة بتعهدات «تويوتا» الحالية؟ المؤكد أن الأزمة الراهنة تمس كرامة تويودا على الصعيدين الشخصي والمهني، لارتباطها باسم عائلته. ويعتقد مراقبون يابانيون أن ما تهدده هذه الأزمة يتجاوز مجرد عائلة واحدة أو شركة واحدة، وإنما الشركات الكبرى جميعها، مثل «تويوتا»، ذلك أن الأزمة الأخيرة أثارت مخاوف بين الكثير من اليابانيين حول إمكان اتساع رقعة مشكلات «تويوتا» لتمتد إلى الاقتصاد الياباني برمته.

في الطبعة الإنجليزية من عدد لصحيفة «يوميوري»، أكثر الصحف اليابانية انتشارا، حذر المقال الافتتاحي من أن «الفشل في تناول الأزمة الحالية بصورة مناسبة قد يوجه صفعة إلى الثقة الدولية بتقنيات التصنيع اليابانية»، وأضاف: «نأمل في أن تتقبل (تويوتا) النقد الموجه إليها، وتبذل قصارى جهدها لضمان سلامة سياراتها وارتفاع جودتها».

ويساور الحكومة اليابانية قلق متزايد تجاه إمكان تحول أزمة «تويوتا» إلى عزوف عالمي عن السيارات اليابانية، أو ربما المنتجات اليابانية بصورة عامة، والإضرار بالعلاقات اليابانية - الأميركية. وبالنظر إلى كونها الدولة الرابعة عالميا من حيث حجم الصادرات، فإن هناك الكثير من المخاوف تعتمل داخل اليابان بهذا الشأن. وبالفعل، شن مجلس الوزراء الياباني هجوما شديدا ضد «تويوتا»، وحث رئيس الوزراء، يوكيو هاتوياما، الشركة على ضمان سلامة سياراتها، وقال: «عندما يقع حادث يفسد السلامة، فينبغي اتخاذ مبادرة لضمان سلامة الأفراد في اليابان، وشتى أرجاء العالم».

في مقالها الافتتاحي، علقت صحيفة «نيكاي» الاقتصادية اليومية بالقول: «الكلمات وحدها لا تكفي. تخضع قدرة الشركة على إدارة الأزمات حاليا لفحص دقيق. وعليه، الاعتراف بأن الشركة اقترفت أخطاء». ويمكن للمرء أن يطرح الكثير من التساؤلات حول كيفية وقوع أزمة «تويوتا»: هل تعاني الشركة بالفعل مشكلات في جودة الهندسة والتصنيع؟ هل سيطرت على الشركة مشاعر خمول بسبب نجاحها ونموها الكبير؟ أم أنها تعاني مشكلة ثقافية تمنعها من مواجهة الحقيقة والتشارك في المعلومات بشفافية؟

تشير الدلائل المتوافرة جميعها إلى العنصر الأخير. على مدار الأعوام الـ40 الماضية، نجحت الشركة في تطوير عملية نموذجية لضمان جودة الجوانب الهندسة والتصنيعية. وعاما وراء الآخر، تفوقت منتجات الشركة على المنتجات المنافسة. لكن العاملين في الشركة، مثلما الحال معنا جميعا، ليسوا معصومين من الخطأ. وبالفعل، تقع أخطاء وتظهر مشكلات. ويتمثل التحدي الكبر أمام الإدارة ليس في كيفية منع وقوع المشكلات، وإنما صياغة أنظمة وثقافة عامة تتيح الاعتراف بوجود مشكلات بسرعة وشفافية، والشروع في حلها.