الصدريون ضد المالكي.. والمالكي ينظر لعلاوي ممثلا عن السنة

العراق: تحالفات الأضداد

مقتدى الصدر و أياد علاوي و نوري المالكي (أ.ب)
TT

مَن مع من ومن ضد من في تشابك المحادثات والتحالفات التي تدور في الغرف المغلقة ووراء كواليس الكيانات الفائزة في الانتخابات النيابية؟ وبأي طريقة تدار تلك التحالفات في دهاليز السياسة العراقية؟ ومن يمسك بخيوط اللعبة حتى الآن؟ والأهم من هذا وذاك هو من سيترأس الحكومة العراقية المقبلة.

أسئلة لا تقود سوى إلى أسئلة أخرى، بل تضعنا في متاهة غائمة تماما، أسئلة الإجابة عنها لا تزال غامضة، أو في الأقل مبكرة، حسبما يوضح مصدر مسؤول يقود المفاوضات عن قائمته من غير أن يسمح بالكشف عن اسمه حفاظا على «مجريات التحالفات والمحادثات التي نجريها مع بقية الكتل» مثلما قال.

ويبدو أنه من الصعوبة على أي محلل سياسي أو متتبع أو مراقب للأحداث أن يتتبع خيوط هذه التشابكات لأسباب عدة، أبرزها «أن المتحدثين باسم الكتل لا يكشفون في العلن ما يدور في الخفاء كجزء مهم من لعبة التحالفات، ويخرجون للإعلام بعبارات أو جمل هي أقرب للشعارات الانتخابية المبهمة التي أعلنوها قُبيل وخلال الانتخابات»، حسب مصدرنا المسؤول، الذي يضيف قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس «والأسباب الأخرى هي أن الكتل تقول ذات الكلام لبعضها، حتى أصبحنا حتى اليوم ندور في دائرة مغلقة لا نعرف بداياتها ولا نهاياتها، أما المشكلة الأكبر التي تزيد من تعقيد المشهد هي أن جميع الكتل تقول نحن منفتحون على الجميع ويجب مشاركة الجميع، وأن جميع هذه الكتل تؤكد أنها بدأت بتشكيل الحكومة قبل أن يجتمع البرلمان الجديد ويختار رئيسا للجمهورية الذي بدوره سيكلف الكتلة الفائزة في الانتخابات بتشكيل الحكومة»، منوها بأن «حسب تفسير المحكمة الاتحادية للدستور العراقي فإن أي كتلة نجحت في الوصول إلى البرلمان تعتبر نفسها فائزة ومن حقها أن تجري تحالفات مع غيرها من الكتل لتشكل الحكومة، وهذا ما زاد من تعقيد الأمور».

التفسير الذي توصلت إليه أكبر محكمة في العراق هو أن «رئيس الجمهورية يكلف أكبر الكتل التي ستكون تحالفات برلمانية عند انعقاد أول جلسة برلمانية»، وهذا ما اعترض عليه طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية والقيادي في القائمة العراقية بقوله: «الرأي الذي صدر عن المحكمة الاتحادية لا قيمة قانونية له وهو بالتالي غير ملزم لأحد، لأنها ليست جهة الاختصاص ولم يخولها قانون رقم 30 لسنة 2005 الذي شكلت بموجبه النظر أو إبداء الرأي في الدستور. من جانب آخر من حق المحكمة الاتحادية العليا وفق المادة 92 من الدستور الدائم والمؤهلة وفق المادة 93 التي نصها: (المادة 93 ثانيا: تفسير نصوص الدستور)، غير موجودة حاليا، لأنها لم تشكل حتى الآن، كما أن الدستور لم يخول أي محكمة أخرى لممارسة اختصاصاتها. لذلك يعتبر رأي المحكمة باطلا ولا يعتد به، ناهيك عن أنه خالف الكثير من الاعتبارات السياسية والقانونية والأخلاقية، خصوصا حق الناخب في اختيار القائمة التي تكلف بتشكيل الحكومة»، مشيرا إلى «أن رأي المحكمة على الرغم من عدم شرعيته أجهض مبررات العملية الانتخابية وغيب إرادة الناخب من دون مبرر أو مسوغ، لهذا فإن كتلة العراقية وبناء على ذلك ماضية في قيادة المفاوضات المقبلة نحو تشكيل حكومة المستقبل. ولن نعير رأي المحكمة أدنى اهتمام، مع تقديرنا للمحكمة، غير المختصة، التي أصدرته».

ويستشهد الهاشمي بأحداث الانتخابات الماضية، ويقول: «في عام 2005 سارعت كتلة الائتلاف العراقي الموحد بتشكيل الحكومة من دون أي اعتراض من بقية الكتل باعتبارها الفائز الأول، إذ سلمت بقية الكتل بالأمر وفسحت المجال للكتلة الأكبر، واليوم نفاجأ بعدم قبول الحزب الحاكم الذي كان بالأمس جزءا من الكتلة الفائزة بتشكيل الحكومة من قبل العراقية، وهو تحايل وتلاعب واضح بالنصوص بما يوافق الأهواء والمصالح الشخصية، ويشكل سابقة خطيرة في طريق الديمقراطية لا يمكن القبول بها، مذكرا الأطراف التي أيدت الرأي الصادر عن المحكمة الاتحادية وأذكرها بمراجعة تصريحات قادتها عندما كانت الأخبار المتسربة من المفوضية المستقلة للانتخابات توحي بفوز ائتلاف دولة القانون، الذي كانوا يتكلمون بصوت واحد بأن ائتلاف دولة القانون فائز، وأنه سيشكل الحكومة، ما الذي غير الموقف يوم 21/3 (موعد إعلان تقدم القائمة العراقية)؟! الذي غير الموقف هي الأخبار التي بدأت تتواتر في الأيام التي سبقت إعلان النتائج حول فوز كتلة العراقية. إن هذا التقلب في الموقف طبع نهج ائتلاف دولة القانون ليس الآن بل على مدى السنوات السابقة، وأصبح ظاهرة واضحة للعيان».

المصدر المفاوض المسؤول يؤيد طروحات الهاشمي بقوله: «على الرغم من أنني لست من الكتلة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي، بل أنا أقود مفاوضات عن كتلتي للدخول في كتلة كبيرة تضمن لنا حقائب وزارية، فإن الدستور تم تفسيره في انتخابات 2005 بشكل مغاير لتفسير المحكمة الاتحادية الحالي، إذ تم تكليف الائتلاف الوطني العراقي وقتذاك بتشكيل الحكومة كونه الفائز في الانتخابات، واليوم يتحدث الجميع عن قربه من تشكيل الحكومة متناسين عن عمد أن العراقية صاحبة الحق الدستوري حصرا في البدء بتشكيل الحكومة، وإذا ما فشلت فسوف يكلف رئيس الجمهورية الكتلة الثانية وهي دولة القانون».

ومن المؤكد أن الكتل الفائزة في الانتخابات سوف تتوقف كثيرا عند موضوع تفسير المحكمة الاتحادية لمادة دستورية، وفيما إذا كان هذا التفسير «مجرد رأي» لا يعتد به كما أكد الهاشمي، أو أنه قرار قضائي ملزم، إذ يتشبث هادي الحساني القيادي في ائتلاف دولة القانون برأي المحكمة، فيقول: إن «هناك حقا قانونيا ودستوريا يحدد من يحق له تسلم الحكم، وهو من يشكل أغلبية برلمانية كي يستطيع تمرير مرشحه لرئاسة الوزراء، النصف زائد واحد، ووفق رأي المحكمة الاتحادية فإن الكتلة البرلمانية الأكثر عددا هي من تشكل الحكومة، وهنا إذا تمكنت العراقية من تشكيل كتلة كهذه فلها حق تشكيل الحكومة، وإذا تمكنت دولة القانون فلها الحق ذاته».

وتقطع ميسون الدملوجي، عضو البرلمانين السابق واللاحق، والمتحدثة الرسمية باسم القائمة العراقية، الطريق أمام أي اجتهادات في موضوع من سيبدأ رحلة تشكيل الحكومة القادمة بقولها لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس: «حسب الدستور العراقي، فإن من حق القائمة الفائزة في الانتخابات التشريعية تشكيل الحكومة، وهنا سيكون من حق القائمة العراقية حصرا تشكيل الحكومة، والآخرون أحرار فيما يفعلون»، منوهة بأن «قائمتنا وحسب تأكيد قيادييها منفتحة على الجميع وستشرك الآخرين من القوائم الفائزة في هذه الحكومة بشرط الاتفاق على البرنامج والثوابت الوطنية».

وتوضح الدملوجي «أن التحالف الكردستاني قريب جدا من القائمة بشأن قضية التحالفات حيث جرت قبل أيام لقاءات مع أبرز قادة التحالف الكردستاني في إقليم كردستان، سيما مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، كما التقى أمس (أول من أمس) الرئيس جلال طالباني مع رئيس القائمة إياد علاوي، وأثمرت هذه اللقاءات عن تفاهمات حيال تلك المسألة».

وكان الرئيس طالباني قد أوضح في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس بُعيد لقائه مع علاوي، أن «هذا اللقاء جاء من أجل تنقية الأجواء وتوحيد المواقف بين الكتل السياسية، تمهيدا لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة». وأشار طالباني، الذي فسرت زيارته من قبل الأوساط السياسية على أنها خطوة مهمة نحو التحالف مع القائمة العراقية، إلى أن علاقته بعلاوي «علاقة قديمة، وهم أصدقاء ومتفاهمون».

وفي كشفه عن محادثات «الأضداد» كما وصفها، لاختيار رئيس الحكومة القادمة، يقول المصدر المسؤول: «منذ البداية، ومنذ أن استهلت المحادثات في طهران بين غالبية الكتل باستثناء العراقية، اصطدم الجميع بجدار اختيار رئيس الحكومة، حيث ادعت كل كتلة حقها في هذا الاختيار، ولم يتوصلوا حتى هذه الساعة إلى اتفاق حول الاسم، مما دفع بزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، لاقتراح الاستفتاء على اسم رئيس الوزراء من بين الأسماء المتداولة في الساحة السياسية العراقية، وهناك من أعد هذا الاقتراح بمثابة انتخابات ثانية منسلخة عن جسد الانتخابات الشرعية التي جرت في السابع من الشهر الماضي».

ويستطرد قائلا: «الأسماء المتداولة هي، إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية ورئيس القائمة العراقية الفائزة في الانتخابات، وثلاثة مرشحين عن تحالف دولة القانون، هم: نوري المالكي، رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، وحسين الشهرستاني وزير النفط، وجعفر محمد باقر الصدر، وهناك أربعة مرشحين عن الائتلاف الوطني العراقي، وهم: عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية، وباقر جبر صولاغ وزير المالية، وأحمد الجلبي، وإبراهيم الجعفري الرئيس السابق للحكومة العراقية، وهذا يعني أن هناك مرشحا واحدا عن القائمة الفائزة وثلاثة عن القائمة الثانية وأربعة عن القائمة الثالثة، بينما رشح التحالف الكردستاني، القائمة الرابعة، جلال طالباني رئيسا للجمهورية».

وحسب علاء الأنباري، المسؤول الإعلامي في التيار الصدري، فإن التيار سيجري استطلاعا للرأي في صفوف أنصاره لاختيار رئيس حكومة جديد بين خمسة أسماء هي: إياد علاوي، ونوري المالكي، وإبراهيم الجعفري، بالإضافة إلى نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، وجعفر محمد الصدر.

ويرسم مراقب سياسي عراقي خطوط التضاد في اختيار رئيس الحكومة المقبلة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد أمس، قائلا: «بالنسبة لعلاوي وهو مرفوض من قبل إيران التي لا ترى فيه إمكانية الخضوع لقراراتها، وكذلك من قبل المالكي الذي يصر على البقاء في منصبه لولاية ثانية، أما رئيس تحالف دولة القانون (المالكي) فهو مرفوض من قبل الائتلاف الوطني العراقي، كونه استولى على فرصة مرشحهم عبد المهدي في الانتخابات السابقة، وكذلك من قبل العراقية التي تنظر إليه كمتسلط انفرد في الحكم مع حزبه (الدعوة الإسلامي) كما أنه مرفوض بشدة من قبل التيار الصدري، خاصة بعد أن وصفه صلاح العبيدي، قيادي صدري، بأنه (المالكي) لا يفي بوعوده، اعتمادا على تعهدات كان رئيس الحكومة الحالي قد قطعها لهم بإطلاق سراح أنصار التيار الصدري المعتقلين منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام من دون أن توجه لهم أي تهم. كما لا ينسى الصدريون المعارك التي خاضها الجيش العراقي بقيادة المالكي ضدهم في البصرة وفي مدينة الصدر، وتشبيه المالكي لأنصار التيار الصدري بأنهم «لا يختلفون عن (القاعدة)». بل إن رئيس قائمة دولة القانون أثار قُبيل إجراء الانتخابات التشريعية بأيام مذكرة إلقاء القبض ضد مقتدى الصدر عشية قراره بالعودة من إيران إلى العراق، ووقفت هذه المذكرة حائلا دون عودة الزعيم الشيعي الشاب، خشية من رئيس الوزراء بأن يخسر نفوذه الانتخابي بين الشيعة إذا ما عاد الصدر وحرض ضده في المدن الشيعية»، وهذا «يعني أن هناك رفضا مطلقا من قِبل الصدريين للمالكي».

مستطردا: «المالكي أيضا مرفوض من قبل غالبية القيادات الكردية، خاصة في الحزب الديمقراطي الكردستاني التي قدم لها الكثير من الوعود بإنهاء ملفات النفط والوزارات، والبيشمركة، وتنفيذ المادة 140 الخاصة بالمناطق المتنازع عليها ونشره للقوات الحكومية في مناطق كردية لا تزال عائديتها غير محسومة سواء لإقليم كردستان أو للحكومة الاتحادية (المركزية)».

ويمضي المراقب السياسي الذي رفض نشر اسمه، قائلا: «أما بالنسبة لمرشحي الائتلاف الوطني العراقي، عبد المهدي وصولاغ القياديين في حزب الحكيم، فإن دولة القانون بزعامة المالكي وحزبه (الدعوة الإسلامي) لن يوافقوا على المرشحين الأولين القياديين في المجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم بسبب الصراعات التاريخية بين حزب الدعوة الإسلامي والمجلس الأعلى الإسلامي، من جهة، فكلاهما حزبان شيعيان يريدان السيطرة على القوة الشيعية في العراق، وكلاهما يعمل من أجل أن يكون له نفوذ أقوى وأكبر من الآخر في أوساط الشيعة. بينما يقف المالكي والأكراد والعراقية مجتمعين ضد ترشيح كل من الجعفري والجلبي».

ويستطرد قائلا: «هناك عداء عميق بين الجعفري والمالكي، فالأول كان زعيما لحزب الدعوة الإسلامي والثاني كان أحد أعضاء قيادته الذي وقف ضده في انتخابات 2005 وحل مكانه رئيسا للوزراء قبل أن يسيطر على زعامة الحزب، لهذا فإن الثقة معدومة بينهما، ويعرف المالكي بأن الجعفري إذا ترأس الحكومة فإنه سينتقم منه ومن قيادات حزبه، لهذا لم تتمخض الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء المنتهية ولايته إلى الجعفري قبل ثلاثة أيام سوى عن نصيحة أسداها الثاني للمالكي تحثه على عدم التمسك بالسلطة لأنها زائلة».

يذكر أن الجعفري كان أول من استهل عملية التمسك بالسلطة بعد انتخابات 2005 عندما رفض ترك منصبه كرئيس للحكومة وادعى أنه في هذا المنصب بتكليف شرعي، مؤخرا العملية السياسية لعدة أشهر بعد أن حكم لعام تقريبا. إذ تميزت فترة حكمه بالاقتتال الطائفي وشاعت صور جثث العراقيين في الشوارع والأنهار، كما شهدت مقتل ما يزيد عن 1500 عراقية وعراقي وبينهم مئات الأطفال خلال أقل من ساعة واحدة في حادثة جسر الأئمة الشهيرة.

ويقول المراقب السياسي: «وبخصوص الجلبي الذي يعرف كيف يناور في محاولة لإرضاء كل الأطراف، فإن الجميع يعرفون أنه رجل إيران القوي في العراق، والفرقاء يتفقون على رفضه، كما أن قضية بنك البتراء في الأردن ستبقى تلاحقه كونه محكوما عليه بقرار قضائي من محكمة أردنية في هذه القضية، ولا يشعر العراقيون بالرضا عن أنفسهم إذا ما ترأس حكومتهم شخص تلاحقه مثل هذه التهمة ولا يستطيع قانونيا دخول دولة جارة مثل الأردن».

هذه الأسباب مجتمعة، وفي ضمنها رفض التيار الصدري لتيار المالكي، منعت حتى من نشوء أي تحالف بين قائمة دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي قبل الانتخابات وبعد ظهور النتائج، لا سيما أن تحالف الحكيم ينظر بعين من الريبة والحذر إلى تحالف المالكي الذي انفصل عن جسد الائتلاف الأم (الائتلاف العراقي) بعد أن نال الحكومة وانفرد بها، حتى بات من المتعذر جدا أن يكون هناك أي تحالف ائتلاف جديد بين التحالفين.

وحسب عمار الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي، فإن «جهودا كبيرة بذلت من أجل أن يكون الائتلافان (الوطني العراقي ودولة القانون) ضمن خيمة واحدة، غير أن هناك اعتبارات معينة حالت دون ذلك»، ويأتي تصريحه هذا الذي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية أمس إثر لقاء ضم الحكيم والمالكي في مكتب زعيم المجلس الأعلى الإسلامي ليلة أول من أمس واستمر حتى وقت متأخر من الليل.

وأشار الحكيم إلى أن «اللقاء ناقش التلكؤات التي شابت المرحلة الماضية وعملية تشكيل الحكومة المقبلة»، مشددا على أن «الشراكة الوطنية هي المدخل لبناء» العراق، ومؤكدا عدم نجاح جهود اندماج ائتلاف أكبر كتلتين نيابيتين للشيعة حتى الآن.

ونقل بيان عن الحكيم قوله إن «الشراكة الوطنية هي المدخل لبناء وإعمار العراق، والشراكة الوطنية تعني تمثيل جميع الكتل النيابية الفائزة في الانتخابات التشريعية، وإن «هناك فرصا كبيرة لتحالفات وتفاهمات كما يحصل مع التحالف الكردستاني والقائمة العراقية».

وأوضح البيان أن «اللقاء لم يشهد طرح أسماء لشغل المناصب العليا كما لم يتم التطرق إلى ما يمكن أن يمثل خطوطا حمراء حول بعض الأسماء أو الأطراف السياسية».

يبقى في عداد المرشحين لرئاسة الحكومة، باستثناء علاوي، كل من: الشهرستاني، وجعفر محمد باقر الصدر، والأول مرفوض تماما من قبل الأكراد بسبب مواقفه من موضوع استثمار حكومة إقليم كردستان لثرواتهم النفطية، كما أنه مرفوض من قبل بقية الكتل التي لا تربطه بها علاقات طيبة، بينما يضغط المالكي على الصدر لأن يعلن ترشيحه لرئيس قائمة دولة القانون كرئيس للوزراء.

ويبقى «جعفر الصدر عاملا مشتركا بين الائتلاف الوطني العراقي ودولة القانون، كونه من مرشحي الثانية وله أنصار (الصدريون) في الأولى، لكن المالكي لن يسمح بتسميته رئيسا للوزراء، لهذا شن إعلام حزب الدعوة حملة ضد جعفر الصدر باعتباره مرشح إيران لمنصب رئاسة الحكومة، كما أن الرجل لا يتمتع بخبرة سياسية تؤهله لمثل هذه المسؤولية، وأبرز مميزاته هو أنه نجل الزعيم الشيعي محمد باقر الصدر الذي أعدمه النظام السابق في أوائل الثمانينات».

يبقى «المرشح الأقوى في الساحة السياسية العراقية، إياد علاوي»، حسب وصف المراقب السياسي، الذي لا توجد بينه وبين بقية الكتل أي تقاطعات قوية تمنع ترشيحه لقيادة العملية السياسية، باستثناء الاعتراض الإيراني، فإن هناك اعتراضا قويا من قِبل المالكي الذي ينظر إلى القائمة العراقية باعتبارها تضم شخصيات بعثية ورموزا سنية».

وبحسب عزت الشابندر، الذي خسر في الانتخابات والوصول إلى البرلمان القادم باعتباره مرشحا عن دولة القانون، والذي انشق عن القائمة العراقية في الدورة السابقة بعد أن وصل إلى مجلس النواب عن طريقها، حيث يقول: «أتوقع - كمراقب لا كسياسي - أن تكون الدائرة الانتخابية الشيعية هي صاحبة الشأن في تقديم مرشحها لتشكيل الحكومة المقبلة، إذ ما زال موقع رئاسة الحكومة يخص الشيعة، وبالتالي فإن علاوي على الرغم من كونه شيعيا هو مرشح الدائرة الانتخابية السنية».

ويمضي المراقب السياسي قائلا: «نحن نسمع أن علاوي تحدث بطريقة هجومية على المالكي مثلا سوى تصريحات تنتقد أداء رئيس الحكومة الذي غالبا ما كان يصفه بـ(الأخ رئيس الوزراء) أو (دولة الرئيس)»، مشيرا إلى أن «علاوي يرتبط بعلاقات تاريخية مع المجلس الأعلى الإسلامي والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني، ولا مشكلات له تذكر مع حزب الدعوة الإسلامي».

وكان رافع العيساوي، نائب رئيس الوزراء والقيادي في القائمة العراقية قد حمل، قبل ثلاثة أيام، رسالة إلى المالكي الذي التقاه، تؤكد أن الحكومة المقبلة هي حكومة شراكة وطنية، مطالبا رئيس الوزراء بتسمية مفاوضين للعمل معهم خلال الفترة المقبلة. كما بدأ المالكي أيضا جولة لقاءات شملت زعيم تيار الإصلاح الوطني، إبراهيم الجعفري، أحد قيادات الائتلاف الوطني العراقي، للتباحث حول الشراكة في العمل السياسي المستقبلي.

ويبدو أن الخطأ الفادح الذي وقع فيه المالكي عشية الإعلان عن نتائج الانتخابات هو السماح بانطلاق قطار مباحثاته من محطة طهران التي لا يحتفظ لها العراقيون بأي ذاكرة طيبة منذ الحرب العراقية - الإيرانية (1980 - 1988) وحتى اليوم، إضافة إلى إصراره على رئاسة الحكومة المقبلة حتى ولو كان ذلك على حساب الدستور ونتائج الانتخابات التي شكك فيها بسبب خسارته.

وكانت السنوات الأربع التي مضت من عمر العراقيين، والتي سيطر خلالها المالكي وحزبه (الدعوة الإسلامي) على الحكم قد تميزت بغياب الخدمات وتراجع الاقتصاد العراقي وسيادة الفساد المالي، وكثرة الاعتقالات والمداهمات من غير الرجوع إلى المحاكم، وابتعاد العراق عن حاضنته العربية لكثرة الخلافات التي سادت بين رئيس الحكومة ودول الجوار العربي، وفي مقدمتها السعودية وسورية ومصر، مقابل ذلك التقارب بين العراق وإيران.