ذراع «القاعدة» في القرن الأفريقي

حركة الشباب المجاهدين محط اهتمام العالم بعد عملية كمبالا.. تمنع تناول الثوم والبطاطس وتمارس عقوبات قطع الأيدي والأرجل والرجم

أحد مقاتلي حركة الشباب يستعرض سلاحه أمام مجموعة من الأطفال (رويترز)
TT

أعادت تفجيرات كمبالا في 11 من الشهر الماضي التي أودت بحياة 76 شخصا، وأسفرت عن إصابة عشرات آخرين، التي تبنتها حركة «الشباب المجاهدين» الصومالية، الأضواء مجددا إلى الحركة الصومالية التي تقاتل الحكومة الانتقالية في مقديشو، وامتدت هجماتها لتطال دولا إقليمية، كما حدث في كمبالا. الحركة صارت مادة دسمة لكل الصحافة الإقليمية والدولية، التي تحدثت عنها بكل لغات العالم، كما ورد اسمها ولأول مرة على لسان الرئيس الأميركي باراك أوباما، في إشارة إلى تهديدها لأمن الولايات المتحدة.

تفجيرات كمبالا كانت أول عمل عسكري معلن لحركة الشباب خارج الأراضي الصومالية، بعد أن ظلت تهديداتها لسنوات طويلة ذات طابع محلي ضمن الصراع الصومالي. وربما لن تكون الأخيرة، مثلما قال زعماء الحركة، مؤكدين أن «التحول لضرب دول إقليمية يأتي ردا على ما ترتكبه هذه الدول من مجازر في العاصمة الصومالية مقديشو»، في إشارة إلى القوات الأوغندية والبوروندية ضمن بعثة حفظ السلام الأفريقية في الصومال التي تطالب الحركة بطردها. وهددت الحركة بهجمات ضد بوروندي، بعد ضرب أوغندا، وكذلك الدول الأخرى التي سترسل قوات محتملة إلى الصومال. كل ذلك جعل حركة الشباب التي توصف بذراع القاعدة في القرن الأفريقي محط اهتمام العالم.

يرجع تاريخ تأسيس حركة الشباب المجاهدين إلى نهاية التسعينات كأحد الفصائل المنشقة عن جماعة «الاتحاد الإسلامي» السلفية (الفصيل الإسلامي الوحيد الذي حمل السلاح بعد انهيار الحكم المركزي بالصومال في يناير/ كانون الثاني عام 1991). وكان السبب في هذا الانشقاق أن جماعة الاتحاد الإسلامي قررت التخلي عن السلاح والانخراط في الحياة المدنية بعد سلسلة من الحروب الخاسرة في عدد من المناطق الصومالية في الفترة ما بين 1991 - 1998. لكن القيادات الشابة في الجماعة الذين عاد بعضهم من أفغانستان رفضت هذا القرار، وكونت تنظيما خاصا بها تحت اسم «الشباب المجاهدين». وبعد هذه الخطوة تم فصل هذه القيادات من جماعة الاتحاد. ولم يكن عمل الحركة الناشئة ملحوظا في السنوات الأولى، واقتصر على التدريب والتجنيد، ولم تدخل في أي حرب ضد جهة صومالية معينة.

سطع نجم الحركة عام 2005 أثناء قيام حكم المحاكم الإسلامية في جنوب الصومال. وكانت الحركة أبرز مكونات اتحاد المحاكم الإسلامية. وتبوأ كوادرها معظم المناصب التنفيذية في المحاكم الإسلامية، لكن حركة الشباب انفصلت عن المحاكم عام 2007 عقب الإعلان عن ميلاد «تحالف إعادة تحرير الصومال» الذي كان يقوده الرئيس الحالي شريف شيخ أحمد الذي كان في الوقت نفسه رئيسا لاتحاد المحاكم الإسلامية. ورفضت الحركة توجهات التحالف الجديد بالتفاوض مع الحكومة الصومالية آنذاك، في مبادرة قادتها الأمم المتحدة.

وأدرجت الولايات المتحدة حركة الشباب في قائمة المنظمات الإرهابية في فبراير (شباط) 2008، واتهمتها بأن لها صلات وطيدة بتنظيم القاعدة. وفي أبريل (نيسان) من العام الحالي فرضت واشنطن عقوبات مالية على 10 من كبار قادة حركة الشباب. وقالت إدارة أوباما حينها إنها توصلت إلى استنتاج بأن «الوضع الأمني واستمرار العنف في الصومال يشكلان تهديدا خطيرا وغير مألوف واستثنائيا للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة». ومن بين القادة الذين جمدت واشنطن أرصدتهم زعيم حركة الشباب مختار أبو الزبير، وقائد معسكر رأس كمبوني الشيخ حسن تركي. وكان الاثنان مدرجين في قائمة الشخصيات المطلوبة للولايات المتحدة لعلاقتهم بتنظيم القاعدة. وليس لهؤلاء القادة أرصدة في الولايات المتحدة؛ لكن القرار كان بهدف إضعافهم وتجريم التعامل معهم وجمع أموال لصالحهم.

وقتل عدد من قيادات حركة الشباب في غارات جوية أميركية بجنوب الصومال أبرزهم آدم عيرو الملقب بالمعلّم في 1 مايو (أيار) 2008، وصالح نبهان في 14 سبتمبر (أيلول) 2009. ومع أنه ليس هناك أدلة كبيرة على ارتباط تنظيمي بين «القاعدة» وحركة الشباب، فإن أدبيات الطرفين متشابهة إلى حد كبير. وقد استنتج مراقبون علاقة حركة الشباب بـ«القاعدة» من خلال ولائها المطلق لزعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، في أكثر من مناسبة، كان أبرزها الشريط الصوتي المسجل الذي أصدره زعيم حركة الشباب في 22 سبتمبر 2009 (صادف أيام عيد الفطر من العام الماضي) بعنوان: «لبيك يا أسامة». وصدر الشريط بعد فترة وجيزة من دعوة بن لادن إلى الإطاحة بالرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد. ووزع مقاتلو الحركة ذلك الشريط على السكان في العاصمة مقديشو.

كذلك أعلنت الحركة تأييدها لفرع «القاعدة» في الجزيرة العربية. ففي 1 يناير (كانون الثاني) 2010، قال مختار روبو القيادي البارز في حركة الشباب في استعراض عسكري في مقديشو، إن مقاتلي حركة الشباب «مستعدون لعبور البحر الأحمر لمساعدة الإخوة في اليمن على محاربة أعداء الله». وقال إنهم «مستعدون لإرسال مقاتلين إلى اليمن، كما أنهم يستقبلون منهم». وبعد شهر فقط من ذلك التاريخ، شهدت مدينة بيدوا الصومالية إعلان اتحاد بين كل من حركة الشباب المجاهدين، وجماعة «رأس كمبوني» الصومالية تحت اسم «حركة الشباب المجاهدين». ونص إعلان الاتحاد بين الطرفين على 6 بنود، هي: توحيد المجاهدين من الجانبين، والعمل على ضم المجاهدين من الفصائل الأخرى إلى هذا الحلف، ونصرة الشعوب المسلمة في قرن وشرق أفريقيا التي تعيش تحت حكم «المسيحيين» الأعداء، والعمل على توحيد هذه الشعوب لإحياء قوتها السياسية والاقتصادية، وإقامة دولة إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية في الصومال، وربط الجهاد الجاري في المنطقة بالجهاد العالمي الذي يقوده تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن.

ولم يتأخر تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية في الاستجابة لنداء النصرة الآتي من حركة الشباب، ولكن لهدف أكبر في هذه المرة. ففي 8 فبراير (شباط) 2010، كشف الرجل الثاني في «تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية» السعودي سعيد الشهري، عن اهتمام «القاعدة» بالسيطرة على مضيق باب المندب، معتبرا أن ذلك «سيغلق الباب ويضيّق الخناق على اليهود». ودعا المسلحين في اليمن إلى «مواصلة القتال بمؤازرة نظرائهم في الصومال لتحقيق ذلك» وكل هذه المعطيات حدت بكثير من المراقبين، بمن فيهم الاستخبارات الغربية، إلى الاعتقاد بأن العلاقة بين حركة الشباب و«القاعدة» ليست مجرد علاقة عاطفية، وإنما ترقى إلى مستوى التنسيق العملياتي والاستراتيجي والدعم المالي والإعلامي أيضا. وقد لجأ عدد من قادة حركة الشباب الكبار إلى الاختفاء بعد الضربات الجوية الأميركية التي قتلت عددا من قيادات الحركة. ومن بين القيادات المختفية مختار أبو الزبير زعيم الحركة، وأبو بكر زيلعي الرجل الثاني في الحركة، في حين يظهر للعلن عدد آخر من القادة الميدانيين مثل المتحدث باسم الحركة الشيخ علي محمود راجي، ومختار روبو وفؤاد محمد خلف مسؤول الدعوة في الحركة. ويعتقد أن معظم قيادات الصف الأول من حركة الشباب قاتلوا في أفغانستان في أوقات مختلفة.

لكن مصادر أمنية في الحكومة الصومالية، إلى جانب الاستخبارات الغربية، تقول إن المقاتلين الأجانب الذين قدموا من أقطار مختلفة من العالم، باتوا الآن يتولون معظم المناصب والمستويات القيادية في الحركة. وتضيف هذه المصادر أن سيطرة المقاتلين الأجانب على تنظيم الشباب تزداد، وهي سيطرة تشمل الموارد والمدربين وعملية صنع واتخاذ القرارات المهمة أيضا، حيث إن هذه الجوانب وقعت بشكل تدريجي في أيدي الجهاديين الأجانب. وتضيف المصادر كذلك أن الأجانب في صفوف الشباب أصبحوا ذوي نفوذ، ويتولون مناصب أخرى، منها قيادة الأمن. ونتيجة لشغل الجهاديين الأجانب مناصب قيادية، تحولت الحركة إلى تنظيم أكثر تشددا، كما تقول هذه المصادر. ويقدر عدد المقاتلين الأجانب في الصومال حسب هذه المصادر، بما يتراوح بين 1200 إلى 1500، من جنسيات مختلفة. وتقول الحكومة الانتقالية إن المقاتلين الأجانب في صفوف حركة الشباب هم الذين يخططون ويقودون العمليات القتالية ضدها.

وتستخدم حركة الشباب بقوة وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة للوصول إلى عقول الناس والسيطرة على تفكيرهم، وأيضا لجذب وتجنيد مقاتلين في الخارج، ونشر برامجها الدعائية الجديدة. ولها مواقع إلكترونية على شبكة الإنترنت، أغلق عدد منها من قبل الاستخبارات الغربية، كما أن لها عددا من المحطات الإذاعية في العاصمة مقديشو وفي الأقاليم. ومن أبرز المواقع الإلكترونية للحركة، موقع «مؤسسة الكتائب» التي تشبه إلى حد ما «مؤسسة السحاب» لتنظيم القاعدة. ويعد الإنترنت بالنسبة للحركة منبرا للدعاية وحلقة للتواصل بين عناصرها. وبما أن بعض قيادات الحركة مختفية عن الأنظار، فإنها تستخدم عادة وسائل الإعلام، عن طريق تسجيل أشرطة صوتية وتوزيعها على المحطات الإذاعية، أو إدخالها في المواقع الإلكترونية التابعة لها.

ولحركة الشباب مقاتلون لا يعرف عددهم على وجه التحديد، لكنهم يقدرون بالآلاف. وعلى الرغم من سرية الهياكل العسكرية وتعددها في حركة الشباب المجاهدين، فإن ثلاثة تشكيلات رئيسة تعد أبرز هذه الهياكل التي تقوم عليها الحركة في المناطق التي تسيطر عليها.

أول هذه التشكيلات هو «جيش العسرة» (المقاتلين)، وهي القوة العسكرية المقاتلة في الحركة. وتتركز في المناطق التي تواجه فيها الحركة حربا، مثل المحافظات الوسطى القريبة من الحدود مع إثيوبيا، حيث تواجه الحركة عدوين رئيسيين هما قوات الحكومة المدعومة من قبل إثيوبيا، وميليشيات جماعة أهل السنة والجماعة الموالية للحكومة الصومالية التي تتلقى هي الأخرى دعما عسكريا من إثيوبيا.

وكذلك هي الحال في العاصمة مقديشو، حيث تقاتل الحركة في ثلاث جبهات: ضد قوات الحكومة، وقوات الاتحاد الأفريقي، وميليشيات أهل السنة والجماعة. كما تواجه حركة الشباب أيضا حربا في الشريط الحدودي مع كينيا في جنوب الصومال حيث توجد ميليشيات أحد أجنحة الحزب الإسلامي يقودها القيادي السابق في المحاكم الإسلامية الشيخ أحمد محمد إسلان المعروف بأحمد مدوبي. ويتكون «جيش العسرة» التابع لحركة الشباب، من مقاتلين مدربين، معظمهم صوماليون وأعداد غير معروفة من المقاتلين الأجانب. ويشكل العمود الفقري لدى حركة الشباب ولا يعرف عدده الحقيقي، لكنه يقدر بالآلاف. ويكن أفراد هذا الجيش ولاء مطلقا للحركة ومبادئها.

ثاني هذه التشكيلات هو «جيش الحسبة» (الشرطة). ومهمة هذا الجيش هي القيام بأعمال حفظ الأمن وتنظيم الشؤون اليومية في المناطق التي تسيطر عليها الحركة. ويعمل جيش الحسبة تحت إمرة الولايات (المحافظات) التابعة للحركة. ويبلغ عدد الولايات الإسلامية (المحافظات) التابعة للحركة 10 ولايات من أصل 18 محافظة تتكون منها الجمهورية الصومالية. وتسيطر الحركة على أكثر من 80% من أجزاء وسط وجنوب الصومال. ومن مهمة «جيش الحسبة» أيضا حراسة الطرق ومحاربة اللصوص وقطاع الطرق، وكذلك تنظيم مظاهر الحياة اليومية مثل فرض الحجاب والفصل بين الجنسين في الحافلات العمومية، وكذلك تنظيم شؤون القضاء وتنفيذ الأحكام المختلفة على المدانين بالسرقة والزنى والمخالفات الأخرى التي تراها الحركة غير شرعية. وتطبق الحركة أحكام قطع الأيدي والأرجل على المدانين بالسرقة وقطع الطرق، وكذلك حد الرجم بالحجارة حتى الموت على مرتكبي الزنى الذين سبق لهم الزواج.

وقد أقامت حركة الشباب في جميع المناطق التي سيطرت عليها في الصومال، سلطات قضائية تقوم بالفصل في المنازعات وتطبيق الأحكام الشرعية أيضا. واستطاعت أن تعيد السلام والأمن في جميع هذه المناطق. وقضت أيضا على سلطة الميليشيات القبلية التي كانت تقوم بأعمال النهب والسلب. واكتسبت الحركة بذلك شعبية كبيرة كعنصر فاعل في تثبيت الأمن في عدة مناطق، بغض النظر عن أفكار الحركة ومبادئها.

كما أنشأت الحركة بعض القطاعات المدنية مثل ديوان الزكاة المختص بجمع الزكاة وتوزيعها على المحتاجين. ولقيت الأحكام التي تصدرها الحركة على المتهمين بالسرقة وارتكاب الزنى وغيرها، انتقادات كثيرة من جهات مختلفة في الداخل والخارج لعدم اتباعها الإجراءات القانونية. كما وجهت انتقادات أيضا إلى طريقة تنفيذ هذه الأحكام التي قيل إنها تزرع الخوف أكثر مما تحقق العدالة، حيث يتم عرض الأطراف المقطوعة من المحكومين في ميادين عامة وتعلق على أعمدة الكهرباء ليتفرج عليها الناس العاديون. كما أن الإعدامات وعمليات الرجم كانت تتم في ساحات مفتوحة بمشاهدة الآلاف، وبمشاركة الناس العاديين في رمي المحكومين بالحجارة. ويرى منتقدو حركة الشباب ومنظمات حقوق الإنسان أن ظروف تنفيذ مثل هذه الأحكام غير متوفرة في الصومال في الوقت الراهن، وبالتالي يطالبون بالتريث فيها ودرء الحدود بسبب الشبهات الكثيرة الموجودة. وقد انتقدت المنظمات الحقوقية دعوة السكان إلى مشاهدة تنفيذ أحكام الإعدام لما يترتب عليها من مضاعفات نفسية سلبية على المشاهدين.

أما ثالث التشكيلات العسكرية لحركة الشباب فهو «جيش الأَمنيات» (الاستخبارات). وهو عبارة عن فرق سرية تقوم بمهمة الاغتيالات ضد مسؤولي الحكومة وموظفيها، وكذلك المتعاونين مع أجهزتها المختلفة. وتركز هذه الفرق على تصفية ضباط الجيش والشرطة والاستخبارات. وفي أحيان كثيرة تغتال الأفراد العاديين في هذه الأجهزة.

وتعمل هذه التشكيلات العسكرية الثلاثة بشكل مستقل بعضها عن بعض. وتختص الأخيرة (الأَمنيات) بأن أعمالها تتسم بالسرية التامة ولا تتبناها الحركة إلا نادرا. وأحيانا تحدث أعمالها نوعا من الإرباك لدى الرأي العام، لكن مسؤولي الحركة لا يعلقون عليها. وقد ساهمت فرق «الأمنيات» في بث الرعب بين سكان المناطق التي تسيطر عليها الحركة، حيث يتجنب السكان انتقاد الحركة أو التعليق على سياساتها، إلا في حدود الدوائر المغلقة، خوفا من أن يتم رصدهم من قبل عناصر الاستخبارات التابعة لحركة الشباب.

وقد استطاع جهاز الاستخبارات التابع لحركة الشباب، اختراق الأجهزة والمؤسسات الحكومية وذلك بدفع عناصر منه إلى هذه الأجهزة لمتابعة تحركاتها وقراراتها. ووصل هذا الاختراق إلى الدوائر العليا في الحكومة مثل القصر الرئاسي وقيادة الجيش والشرطة. فأصبح من المعروف كشف مخططات الحكومة وأجهزتها بعد فترة قصيرة من اتخاذها حتى في الدوائر الأكثر سرية. واعترف أكثر من مسؤول حكومي بأن مؤسسات الحكومة مليئة بعناصر حركة الشباب.

وإلى جانب هذه التشكيلات العسكرية الرئيسية لحركة الشباب هناك أيضا فرق أخرى تتفرع عن هذه التشكيلات، ومنها فرق المتفجرات التي تقوم بوضع الألغام والقنابل الموقوتة لاستهداف تنقلات ومواكب المسؤولين الحكوميين، وفرق الفدائيين (الانتحاريين) ومهمتها تنفيذ الهجمات الانتحارية ضد أهداف محددة تتم مراقبتها بشكل مستمر. ونفذت هذه الفرق عمليات ناجحة ضد مواقع قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي ومجمعات حكومية وفنادق وضد وزراء ومسؤولين حكوميين من مستويات مختلفة.

وقد اشتهرت حركة الشباب برفع الأعلام السوداء التي تتوسطها كلمة التوحيد على السيارات وفي جميع الأماكن أيضا. وأمرت المدارس في بعض المدن بإنزال العلم الصومالي الرسمي (باللون الأزرق تتوسطه نجمة خماسية بيضاء ترمز إلى الأقاليم الصومالية الخمسة في القرن الأفريقي) ووضع العلم الأسود مكانه. ونقل عن المحدث باسم الحركة أن العلم الصومالي الرسمي من مخلفات الاستعمار الأوروبي.

وقد تنوعت قائمة الممنوعات التي تحظرها حركة الشباب المجاهدين في المناطق التي تسيطر عليها، بعضها أعلنت تطبيقها رسميا، وبعضها وردت ممارسته في نطاق محدود لكن الحركة لم توضح موقفها من ذلك سلبا أو إيجابا.

فمن الممنوعات التي أصدرتها حركة الشباب رسميا: فرض نمط محدد من الحجاب على السيدات، وفرض إطالة اللحى وقص الشوارب للرجال، والفصل بين الجنسين في الحافلات العمومية، ومنع أجراس المدارس، (باعتبارها تقليدا كنسيا)، وإجبار الناس على إغلاق المحلات أثناء تأدية الصلوات، ومنع استخدام اللجام الحديدي للحمير، ومنع مشاهدة الأفلام، ومنع الاستماع إلى الإذاعة الحكومية وسماع الموسيقى ومشاهدة كرة القدم أو لعبها، وتقصير السراويل وقص الشعور الطويلة من الشبان، وتدمير مزارع التبغ، وتدمير الأضرحة، ومنع الحوليات السنوية للمشايخ.. كل ذلك بحجة مخالفته للشريعة الإسلامية.

ومنعت الحركة أيضا الاحتفال بالمناسبات الوطنية مثل عيد الاستقلال. وكذلك المناسبات الدينية مثل المولد النبوي ورأس السنة، وأعياد الميلاد والأيام العالمية مثل يوم المرأة ويوم الإيدز، وما شابه ذلك. وقد أشيعت أيضا ممارسات أخرى أكثر تشددا لبعض المسلحين الإسلاميين، من بينها منع حيازة التلفزيون وأجهزة استقبال بث الأقمار الاصطناعية، وبيع الملابس الخفيفة للنساء، ومنع النساء من ارتداء مشدات الصدر، ومنع تعليم اللغة الإنجليزية في المدارس، ونزع الأسنان الذهبية، ومنع إقامة سرادق العزاء، ومنع الرقص في الأعراس، ومنع تناول الثوم والبطاطس في بعض المدن بحجة أنها من منتجات العدو (إثيوبيا). ومنع تناول مكعبات مرق الدجاج بحجة أنها غير مذبوحة وفقا للشريعة الإسلامية. لكن حركة الشباب لم تتبن هذه الممنوعات بشكل رسمي كما أنها لم تعلق عليها أيضا، لكن تناقلتها وسائل الإعلام بشكل واسع.

وتتبنى حركة الشباب نهجا متشددا في التعامل مع الحكومة الصومالية، وتعتبرها حكومة «مرتدة» عن الإسلام يجب إسقاطها. كما تعتبر قوات حفظ السلام الأفريقية قوات احتلال، وترفض الحركة أي شكل من أشكال التفاوض مع الحكومة الانتقالية. وعندما انتخب الرئيس شريف شيخ أحمد رئيسا للصومال في يناير (كانون الثاني) عام 2009، واجه معارضة شديدة من حركة الشباب وفصائل إسلامية أخرى مسلحة كانت حليفة له في السابق. وتحول الصراع في الصومال إلى صراع بين الإسلاميين أنفسهم، بين الذين في السلطة والذين في المعارضة. وتسيطر الحركة حاليا على معظم وسط وجنوب الصومال بما فيها أجزاء من العاصمة، وتخوض مواجهات شبه يومية ضد قوات الحكومة الصومالية وقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.

وبما أن الأمن هو الهم اليومي الذي يعيشه المواطن الصومالي في هذه الظروف، فإن حركة الشباب نجحت في تحقيق استقرار أمني كبير، في المناطق التي تسيطر عليها في جنوب ووسط الصومال بالمقارنة مع الفوضى السائدة في المناطق القليلة التي تسيطر عليها الحكومة الصومالية؛ لكن الأفق السياسي المحلي لحركة الشباب غير واضح الملامح حتى الآن.