«كوتا» نسائية.. في برلمان مصر

96 نائبا اعترضوا على المشروع.. ومعارضوه يرون فيه محاولة «تحايل» من الحزب الحاكم

أعضاء في البرلمان المصري خلال إحدى الجلسات (رويترز)
TT

«ليس أمام المرأة المصرية سوى أن تنجح في التجربة الحالية، لأنها ستكون مقياسا ومعيارا للمكاسب التي يمكن أن تحصل عليها من حقوق في المستقبل»، بهذه الكلمات وضعت السيدة سوزان مبارك، زوجة الرئيس المصري، المرأة المصرية أمام تحد لإثبات وجودها خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، التي تشهد تطبيق تجربة نظام «الكوتة» لأول مرة في مصر، يتيح للمرأة 64 مقعدا في البرلمان من إجمالي 518 مقعدا بما يمثل نحو 12 في المائة من عدد أعضائه.

النظام الذي أقره مجلس الشعب واصطلح على تسميته بـ«كوتة المرأة» يعد حدثا مهما يشهده الشارع السياسي المصري في الوقت الحالي، وذلك قبيل الانتخابات البرلمانية، بعد أن ارتفعت بشكل لافت الملصقات واللافتات الدعائية للمرشحات في محافظات مصر الـ29 لتكشف عن منافسة حامية بينهن، ومع ما شهده شهر رمضان المنقضي من ارتفاع حدة هذه المنافسة عندما بدأت المرشحات في الدعاية الانتخابية من خلال النزول إلى الشارع لشرح البرامج الانتخابية لهن، وإقامة موائد الإفطار داخل دوائر الترشيح ثم تقديمهن التهاني للناخبين بعيد الفطر المبارك. كما اكتسب الحدث أهميته مع تصاعد أصوات المعارضين لهذا النظام وإقامتهم دعاوى قضائية يطالبون فيها بوقف انتخابات الكوتة.

خروج «الكوتة» إلى النور منتصف العام الماضي – على الرغم من اعتراض 96 نائبا في البرلمان المصري على مشروع القانون - بنص المادة 3 من القانون 149 لسنة 2009، التي تنص على أن «تقسم جمهورية مصر العربية إلى دوائر انتخابية لانتخاب أربعمائة وأربعة وأربعين عضوا، كما تقسم إلى دوائر أخرى لانتخاب أربعة وستين عضوا يقتصر الترشيح فيها على المرأة ويكون ذلك لفصلين تشريعيين، وينتخب عن كل دائرة عضوان يكون أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين»، وهو ما يعني أن الكوتة تعد خطوة مرحلية لصالح تفعيل مشاركة المرأة حيث يعطي القانون المرأة فرصة للترشح خلال دورتين تشريعيتين فقط (عشر سنوات).

و«الكوتة» هو نظام معترف به في العالم وتأخذ به بعض الدول العربية مثل الأردن التي تخصص ‏6 في المائة من مقاعدها البرلمانية للمرأة. ويهدف مع إقراره في مصر إلى تمكين المرأة المصرية من المشاركة بشكل أوسع في الحياة السياسية وفي البرلمان، حيث يعوض النساء عن عقود طويلة من تهميش تمثيلهن. وبحسب مؤيدي هذا النظام، تفتح الكوتة آفاقا وتحديات جديدة أمام المرأة المصرية لإثبات وجودها وتأكيد أنها شريك حقيقي في المجتمع، يهتم بقضاياه وهمومه من خلال إتاحة مقاعد لها في البرلمان، تشارك وتخوض تجربة الانتخابات وتباشر العملية الانتخابية بنفسها، بينما يفند الرافضون للقانون تلك الأهداف، واصفين إياه بأنه يشوبه عدم الدستورية ويخل بالمواطنة وتكافؤ الفرص والمساواة ويتناقض مع الدستور الذي لم يفرق بين المواطنين بسبب الجنس أو اللون أو الأصل أو الدين.

بين هذه الحالة من التأييد والرفض، يسير المشهد السياسي في مصر فوق صفيح ساخن، حيث تتباين تعقيبات عدد من أعضاء مجلس الشعب والخبراء والسياسيين والنشطاء حول تطبيق «الكوتة»؛ ففي الوقت الذي أيد فيه البعض تطبيقها وأشاد بأهميتها كخطوة نحو توسيع مشاركة المرأة في البرلمان، يرى البعض الآخر صعوبة تطبيق ذلك من الناحية العملية خاصة أن مشروع القانون يقسم الـ64 مقعدا على 32 دائرة، أي كل محافظة تمثل دائرة، وذلك باستثناء ثلاث محافظات هي القاهرة والدقهلية وسوهاج حيث تقسم كل محافظة منها على دائرتين.

النائبة جمالات رافع، عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني (الحاكم) في دورته المنقضية والمرشحة على مقاعد الكوتة في الانتخابات المقبلة، توضح لـ«الشرق الأوسط» أن المرأة المصرية لها مشاركات كثيرة في الحياة السياسية قبل اقتراح كوتة المرأة، وأن كوتة المرأة «وضعت في الأساس للتغلب على النسبة الضعيفة لتمثيل المرأة في البرلمان، حتى يغير المجتمع المصري وجهة نظره القديمة ويعترف بالمرأة كبرلمانية». وأشارت إلى أن 10 سنوات كافية لإنجاح تجربة كوته المرأة، ودورنا أن نغير النظرة في المجتمع بضرورة انتخاب المرأة، موضحة أن أغلبية الرجال أيدوا فكرة كوتة المرأة، والغالبية على استعداد لتقبل أي شيء في هذا الموضوع. وقالت: «إن كوتة المرأة الهدف منها إحداث حراك سياسي في المجتمع على اعتبار أن قضايا المجتمع المصري جزء أساسي من اهتمامات المرأة».

وتؤكد رافع على أن المرأة تستطيع أن تتجول في محافظة بأكملها لتطرح نفسها لخوض الانتخابات مثلها مثل الرجل تماما، وأن تطبيق نظام كوتة المرأة في الانتخابات المقبلة حدث مهم للشارع السياسي المصري لأن المرأة المصرية حققت نجاحات كبيرة في مختلف المجالات، ومع ذلك فإن تمثيلها في البرلمان ضعيف، وعلى هذا، كان لا بد من إجراء تعديل دستوري بحيث يتيح مقاعد للمرأة في البرلمان من أجل أن تشارك وتخوض تجربة الانتخابات وتباشر العملية الانتخابية بنفسها. وأضافت: «لا بد أن ننتظر ولا نحكم على التجربة قبل تطبيقها عمليا، خاصة أن المجلس القومي للمرأة عمل طوال الفترة الماضية على تدريب قيادات شابات قادرات على خوض الانتخابات على جميع المستويات».

وبحسب النائبة جورجيت قليني، عضو مجلس الشعب، فإن نظام الكوتة ليس اختراعا مصريا، ولكنه معمول به في أكثر من 120 دولة في العالم، مشيرة إلى أن كوتة المرأة تجربة إيجابية جدا لأن تخصيص دوائر للمرأة سيؤدى إلى تمثيل المجتمع بشكل جيد من الكفاءات الموجودة به. وتضيف أن «هناك عشرات الآلاف من النساء قادرات على تمثيل المواطنين تحت قبة البرلمان، ولكن ذلك يتطلب شروطا؛ وهي أنه لا بد من حسن الاختيار من جانب الأحزاب للمرشحات بحيث يكن على كفاءة عالية، لأنه أمر مهم لنجاح هذه التجربة الجديدة على مصر، كما أن فرصة فوز المرشحات على قوائم الأحزاب أفضل بكثير ممن سيخض الانتخابات مستقلات. لذا، فعلى الأحزاب أن تحسن الاختيار على قوائمها وإلا فسيكون مصير التجربة الفشل».

وعلى النقيض، يرى المحامي نبيه البهي، أحد المحامين المقيمين للدعاوى القضائية أمام محكمة القضاء الإداري للمطالبة بوقف انتخابات كوتة المرأة، أن تخصيص مقاعد للمرأة في مجلس الشعب جاء استجابة لضغوط خارجية ورغبة من الحزب الحاكم في إضافة مقاعد لحصته، معتبرا أن «هدف الكوتة هو التحايل على القانون للسيطرة على 64 مقعدا في البرلمان ووضعهم في أيدي الحزب الحاكم المسيطر على الحياة السياسية»، لافتا إلى أن تخصيص كوتة للمرأة يتعارض صراحة مع مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور، ومؤكدا أن المرأة ليست في حاجة إلى تشريع يعطي لها مقاعد في البرلمان من دون منافسة بل إنها في حاجة إلى توعية بحقها الدستوري والسياسي.

وتبين الإحصاءات أن تمثيل المرأة العربية في البرلمانات يعد ضعيفا، حيث لا يتجاوز نسبة 1%، بينما ترتفع هذه النسبة في برلمانات العالم. ومن الناحية التاريخية، تعد المرأة المصرية صاحبة تجربة برلمانية قديمة، فهي أول امرأة عربية تمثل بلادها سياسيا في البرلمان، حيث دخلت معترك الحياة البرلمانية عام 1957 حينما أعطى الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حق الانتخاب والترشح للمرأة المصرية بموجب دستور 1956. وفتح باب الترشح وتقدمت 8 سيدات للترشح، وكان لا بد من موافقة هيئة التحرير والتنظيم السياسي للثورة على هذا الترشح، وسجل التاريخ يوم 14 يوليو (تموز) عام 1957 على أنه تاريخ دخول أول امرأة مصرية إلى البرلمان حيث تعد السيدة راوية عطية أول امرأة تدخل البرلمان المصري كعضو كامل الأهلية عن دائرة الجيزة ومعها أمينة شكري عن الإسكندرية، وفي انتخابات عام 1964 حصلت المرأة على ثمانية مقاعد، ثم تناقص العدد ليصل إلى ثلاثة في انتخابات عام 1969، وعاد مرة أخرى في انتخابات 1971 إلى ثمانية ثم انخفض في انتخابات عام 1976 إلى ستة.

وإزاء الضعف الملحوظ في عدد المقاعد البرلمانية التي شغلتها المرأة خلال الفترة من 1957 - 1976)، فلقد ارتأت الحكومة المصرية تخصيص عدد معين من المقاعد للمرأة، وتم تقنين التخصيص بالقانون رقم 188 لعام 1979. وبالفعل شهد برلمان عام 1979 طفرة غير مسبوقة للمرأة في العدد والنسبة؛ إذ دخلته 35 سيدة (فازت 30 امرأة بمقاعد الكوتة و3 من خارج الكوتة، كما عين الرئيس سيدتين) وبنسبة 9% من إجمالي عدد الأعضاء، وحافظت على النسبة نفسها تقريبا بحصولها على 36 مقعدا في انتخابات عام 1984 وعلى الرغم من إلغاء القانون السابق المتعلق بالتخصيص (القانون رقم 188 لعام 1979) في عام 1986 (المحكمة الدستورية العليا قضت في 1986 بعدم دستورية القانون، لما ينطوي عليه من تمييز على أساس الجنس)، فإن إقرار نظام الانتخاب بالقائمة النسبية دعم مركز المرأة المصرية - نسبيا - في الانتخابات البرلمانية عام 1987 لتحصل على 18 مقعدا. أي نصف المقاعد التي كانت تحتلها في برلمان عام 1984، ولكن العودة – مجددا - إلى نظام الانتخاب الفردي هبط بعدد مقاعد المرأة إلى عشرة مقاعد في برلمان عام 1990، ثم تراجع إلى 9 مقاعد في برلمان عام 1995 (5 بالانتخاب و4 بالتعيين)، وفي انتخابات 2000 ارتفع قليلا ليصل إلى 11 مقعدا (7 بالانتخاب و4 بالتعيين)، ولم يمثل العدد - آنذاك - إلا نحو 2.4% من إجمالي عدد المقاعد، وفي انتخابات 2005 لم تحصل المرأة إلا على أربعة مقاعد من بين 444 هي إجمالي عدد مقاعد المجلس النيابي وبنسبة 0.9% أي أقل من 1%.

وعلى مدى هذا التاريخ الطويل كان لبعض البرلمانيات المصريات بصمة واضحة داخل البرلمان، وظهرت أسماء كثيرات منهن مثل فايدة كامل التي استطاعت أن تحتفظ بوجودها البرلماني أطول مدة في تاريخ برلمانيات العالم بما كانت تقدمه لمجتمعها من خدمات أكسبتها تأييد الجميع، وهناك ألفت عزيز كامل‏، ‏ وآمال عثمان، ومفيدة عبد الرحمن، وكريمة العروسي، ونوال عامر، ورزقة عبد المجيد البلشي‏، وفاطمة عبد المنعم عنان، وزهرة رجب، ومني مكرم عبيد‏، وفوزية عبد الستار، وحورية مجاهد، وثريا لبنة‏، ‏ وعنايات أبو اليزيد.. ومع إقرار الكوتة يتوقع مراقبون أن تبرز أسماء وكوادر نسائية أخرى خلال السنوات العشر القادمة.

الدكتورة هدى مصطفى، مقرر المجلس القومي للمرأة بمحافظة أسوان (جنوب مصر) إحدى المرشحات على مقعد الكوتة فيها، توضح أن كوتة المرأة خطوة مهمة في عمر الحياة السياسية بمصر، وسوف تدفع بالمرأة للتمثيل الأكثر فاعلية من ذي قبل حيث كانت نسبة تمثيلها 0.1% وأن هذه الخطوة قد تدفع بالمرأة إلى مزيد من التمثيل النيابي خاصة بعد 10 سنوات، وإلى أن يكون لها بصمة في الحياة البرلمانية، حيث إن مقاعد كوته المرأة ستكون لدورتين فقط، بعدها سوف تلغى وتتاح للمرأة المشاركة في الانتخابات البرلمانية بأي أعداد مثلها من الرجل.

وأضافت مصطفى أن موضوع الكوتة قوبل بالرفض في البداية من الرجال، ولكن بعد أن تأكد لهم أن مقاعد المرأة بعيدة عن مقاعدهم حدث نوع من الارتياح، حيث سيتم تخصيص مقعدين (فئات وعمال) للمرأة في كل محافظة بشكل لا يتعارض مع مقاعد الرجال، وأشارت إلى أن كوتة المرأة موجودة في الدول المتقدمة حيث إن 40% من أعضاء البرلمان السويسري سيدات، ولذلك شهدت معظم محافظات مصر إقبالا شديدا من السيدات للترشح سواء مستقلات أو على قوائم الأحزاب السياسية، موضحة أن المرأة المصرية شاركت في الحياة السياسية بشكل واضح في السنوات الماضية، وأن مشاركتها في الانتخابات البرلمانية المقبلة سوف تزيد من الحراك السياسي في المجتمع خاصة مع توجيه الدعوة لجميع السيدات للاقتراع يوم الانتخابات (وفقا لبيانات وزارة الداخلية المصرية، فإن نسبة النساء المقيدات في جداول الناخبين تقترب حاليا من 40% من مجموع الناخبين المسجلين في جداول الانتخابات).

من جانبه، يؤكد السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، على أن الحكومة المصرية أقرت كوتة المرأة في الدستور المصري لثلاثة أسباب؛ «أولها أن الحزب الوطني الحاكم يريد بمختلف الأساليب إحكام سيطرته على مصر ويكون هو الحاكم الأوحد، وثانيها أن الحكومة المصرية تريد أن تثبت للغرب أنها تمنح المرأة حقوقها وتقضي على النغمة التي سادت منذ عهود كثيرة في الدول الغربية بأن المرأة العربية مظلومة وأن الأنظمة العربية متهمة بتهميش دور المرأة في الحياة السياسية خاصة في البرلمان، وثالثها أن دخول المرأة البرلمان سوف يمنحها فرصة كبيرة للدفاع عن حقوقها في القضايا الأكثر إثارة على الساحة مثل قضايا الحجاب والنقاب والطلاق والمواريث».

وفي رأي الأشعل، تتنافى كوتة المرأة مع المادة 40 من الدستور المصري التي تقضي بالمساواة الكاملة في الحقوق بين المواطنين «ذكورا أو إناثا»، وبالتالي، الكوتة تتنافي مع ذلك بتخصص مقاعد معينة في البرلمان للمرأة دون الرجل، كما أن كوتة المرأة تتعارض مع مبدأ المواطنة الذي ينادي «بأنه كل من تتوفر فيه شروط الترشح التي حددها القانون المصري في شأن الانتخابات البرلمانية، ويختاره الناخبون، له الحق في دخول البرلمان بغض النظر عن نوعه، ذكرا أو أنثي». وكشف الأشعل أن نسبة المرأة في البرلمانات العربية ضعيفة جدا، ففي الكويت مثلا هناك 4 أعضاء نساء فقط في البرلمان، وفي البحرين مجلس النواب مقسم بين الشيعة والسنة ولا يسمحوا بدخول المرأة نهائيا، ويرجع ذلك إلى أن الانتخابات في المنطقة العربية إما مزورة أو تسيطر عليه القوة الذكورية.

وتكشف الأرقام أن عدد المتقدمات للترشح على مقاعد الكوتة مع فتح باب التقدم للترشح وصل إلى أكثر من 700 في مختلف المحافظات المصرية وذلك في أمانات الحزب الوطني فقط، وهو ما يعتبر عددا ضخما خاصة إذا أضفنا إليه الأعداد الكبيرة من المرشحات المستقلات والمرشحات على قوائم الأحزاب الأخرى.. وهو ما تفسره الدكتورة عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، بقولها: «تحمس النساء وتهافتهن على الترشح للفوز بمقاعد الكوتة يرجع إلى دوافع حب الشهرة والمكاسب المادية والتمتع بالحصانة البرلمانية بعد أن سُهلت هذه الأمور أمامهن من خلال قانون الكوتة»، مستبعدة أن يكون الدافع وراء الترشح هو خدمة مجتمعهن لأن هذا الحماس كان غائبا في الظروف الطبيعية قبل الكوتة.

وتواصل أستاذ علم الاجتماع تحليلها الاجتماعي لقانون الكوتة، حيث تشير إلى أن الدستور المصري والقوانين المصرية جعلت هناك مساواة بين الرجل والمرأة في المجالات كافة ومنها الانتخابات، لكن بشكل عام أوضحت التجربة خلال العقود الماضية أن إقبال المرأة المصرية أقل بكثير من الرجل على المجال السياسي وهذا الوضع لا يأتي عمدا ولكن لاختلاف الظروف والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بين المرأة والرجل، حيث تقع عليها مسؤوليات تتعلق بالأسرة، إلى جانب اهتمامات أخرى، ومن هنا، لا يشبعها المجال السياسي الذي يكون الاتجاه إليه فقط لاستكمال بعض احتياجاتها ولكنه ليس احتياجا أساسيا مثل الرجل، وبناء على ذلك ترى كُريم أن نظام «الكوتة» سيؤدي إلى بعض الأشياء؛ أولها أنه لن تنجح كل المرشحات في لعب دور سياسي وتحمل المسؤولية كنائبة برلمانية تتحمل مشكلات المجتمع، وثانيا سوف يكون هناك تقصير من جانب المرأة النائبة من ناحية دورها كأم وكزوجة، مما يترتب عليه بعض النتائج مثل الصراعات الاجتماعية والتفكك الأسري وسوء العلاقات بينها وبين الزوج والأبناء، وذلك بسبب انشغالها في دورها السياسي وخروجها من دورها الرئيسي إلى أدوار أخرى.

وترى كُريم أن المرأة المصرية لو كان لديها استعداد للعب دور سياسي لم يكن يستطيع أحد أن يمنعها، ولكن الكوتة أقحمت لأغراض سياسية لصالح الحزب الحاكم، وهو ما سوف يتعارض مع وظائف المرأة الأساسية فهي ليست مؤهلة للخروج للعمل العام حيث إنها صاحبة خبرة قليلة فيه، كما أنها غير مؤهلة من الناحيتين النفسية والاجتماعية للعب هذا الدور.

لكن مع إقرار الكوتة كأمر واقع مع الانتخابات البرلمانية المقبلة ترى كُريم أنه يجب توافر بعض الشروط فيمن يرشحن أنفسهن؛ مثل أن تكون مارست العمل العام من قبل، وقدمت خدمات ملموسة من خلاله، والإلمام بالقضايا والمشكلات التي يواجهها المجتمع المصري، وصاحبة رأي وإرادة، إلى جانب تمتعها بشخصية جريئة وصريحة ومرنة، بالإضافة إلى انتمائها لأسرة متوازنة لا تشعر بتقصيرها.

ومع اقتراب موعد الانتخابات يثار الآن التساؤل حول ما سوف تقدمه المرأة تحت قبة البرلمان، حيث يرى البعض أن النائبات الجدد سوف يعملن على رعاية مصالح المرأة فقط من خلال الاهتمام بقضايا معينة وهو ما لا يعد تعبيرا صادقا عن مشكلات المجتمع الأخرى.. لكن النائبة جورجيت قليني ترد على ذلك بقولها: «أنا كنائبة أقسمت على أن أرعى مصالح الشعب، ولم أقسم على رعاية مصالح المرأة فقط، وبالتالي سيكون الاهتمام بالقضايا التي تهم المجتمع كله وتؤثر عليه، ولكن هناك إحساس أكثر من المرأة النائبة بقضايا معينة، مثل قضايا المرأة ووضع حلول وتشريعات لجميع قضاياها».

في حين توضح النائبة جمالات رافع: «ترشحي للانتخابات البرلمانية القادمة يعد استكمالا لما تم في السنوات الماضية، حيث تم حل مشكلات مياه الشرب في محافظة القليوبية، وتقدمت باقتراح لحل أزمة المواصلات داخل دائرتي بمد متر الأنفاق إليها، إلى جانب إقامة مبادرات مشتركة مع منظمات المجتمع المدني، حيث نجحنا في إنشاء جمعية لتنمية وتدريب المرأة على الخياطة والأشغال اليدوية، كما أنشأنا لجنة للزكاة شارك فيها القادرون من الأهالي لإعانة الفقراء والمحتاجين والمرضى»، مشيرة إلى أنها سوف تطلب حال فوزها في انتخابات الكوتة الموافقة على إنشاء لجنة للمرأة داخل مجلس الشعب لتنظيم أداء النائبات البرلمانيات في ضوء الزيادة العددية القادمة التي ستجمع جميع التيارات السياسية في مصر.

أما المرشحة هدى مصطفى فتقول: «عملي في البرلمان سيكون استكمالا لعملي التطوعي في المجلس القومي للمرأة الذي أقوم به في القرى والنجوع لخدمة قضايا المرأة، لأن عضوية البرلمان أساسها إيجاد صلة بين الناخبين والقيادة السياسية، والقيام بالدور التشريعي والرقابي في وقت واحد، كما أن مشكلة الصرف الصحي سوف تكون من أولى المشكلات التي سوف أسعى لتحقيقها، إلى جانب الاهتمام بالمسنين وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية كافة لهم، والإسراع في تخصيص قطعة أرض لإقامة جامعة حكومية في جنوب مصر للتخفيف على الأسر، والبحث عن طرق غير تقليدية لحل مشكلة البطالة في مصر عن طريق إقامة مصانع وإلغاء القروض الوهمية التي يتم تقديمها للشباب بحجة إقامة المشروعات».