قوانين المرأة مثار خلاف دائم في البرلمان

TT

نقاب القاضيات ليس أول قضية خلافية تتسبب في مواجهة بالبرلمان اليمني حول تشريعات خاصة بالمرأة؛ فقبلها شهد البرلمان جلسة عاصفة حول مشروع قانون تحديد سن الزواج للفتيات، في محاولة للحد من ظاهرة زواج القاصرات.

وكان البرلمان اليمني قد أقر مبدئيا العام الماضي مشروع القانون الذي يحدد السن الأدنى لزواج النساء بـ17 عاما، ولزواج الرجال بـ18 عاما، لكن نوابا من أطياف سياسية عدة قدموا إلى رئيس البرلمان طلبا لإعادة مناقشته قبل طرحه للتصديق عليه. وانقسمت الآراء بين مؤيد ورافض حتى في صفوف النساء. وكان رئيس كتلة المؤتمر الشعبي العام الحاكم سلطان البركاني قد طالب بتحديد سن للزواج بـ16 عاما كحد أدنى، بينما عارض ذلك النائب محمد الحزمي عن حزب «الإصلاح» ذي التوجه الإسلامي، واعتبر مثل ذلك الطرح يتناقض مع الشريعة الإسلامية التي لم تحدد سنا للزواج.

غير أن أقطابا في «الإصلاح» يؤيدون كذلك تحديد سن الزواج، إذ يدافع شوقي القاضي، عضو البرلمان عن حزب الإصلاح، عن القانون، ويعتبر الزواج المبكر «اغتصابا شرعيا».

وهدد الداعية اليمني، الشيخ عبد المجيد الزنداني، بتسيير مظاهرة مليونية في العاصمة صنعاء لمنع البرلمان من إجراء تعديل قانوني على سن زواج الفتيات بتحديدها بـ18 عاما.

وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد نقلت عن الزنداني قوله، خلال ندوة نظمتها جامعة الإيمان التي يرأسها، إن المطلوب من المشاركين في الندوة التي خصصت للنظر في تحديد سن زواج الفتيات أن يقوموا بجمع توقيعات المواطنين لتأييد مطالب العلماء، وإرسال هذه التوقيعات إلى أمانة الفضيلة التي كانت قد تشكلت قبل أكثر من عام، واعتبرها المناوئون بمثابة هيئة تحد من حرية الناس ولا يقرها الدستور اليمني. وقد جاء في دراسة ميدانية حديثة، أعدها مركز دراسات المرأة والتنمية بجامعة صنعاء أن «ظاهرة زواج الفتيات القاصرات في اليمن، منتشرة أكثر من زواج الذكور، إذ تبلغ نسبة الإناث اللواتي تزوجن قبل سن الخامسة عشرة 52 في المائة، وتبلغ نسبة زواج الأطفال 65 في المائة، من إجمالي حالات الزواج، أغلبها في المناطق الريفية، حيث يتم تزويج البنات قبل سن العاشرة، إما بسبب العادات والتقاليد، أو بسبب الوضع المادي المتردي للأسر الفقيرة، التي ترغب في التخلص من أحد أفرادها بطريقة شرعية، علاوة على الرغبة في الاستفادة من المبالغ المالية التي يحصل عليها الأب، مقابل تزويج ابنته». وبحسب مراقبين حقوقيين، فقد أضحى تزويج الصغيرات «ظاهرة مجتمعية ومشكلة تنموية وحقوقية تستحق الوقوف عندها لمناقشتها وتقييمها، ومعالجة اختلالاتها».

وكانت ظاهرة زواج الفتيات الصغيرات أو القاصرات في اليمن طفت إلى سطح الأحداث مرات كثيرة، وفي كل مرة تتصدر فيها هذه الظاهرة يكون وراء ذلك خبر عن زواج إحدى القاصرات أو طلاقها، أو خبر مريع عن وفاتها إثر عنف جنسي مورس ضدها بعد زواجها؛ فعقب الإعلان عن وفاة الفتاة اليمنية إلهام المهدي، وهي في الثالثة عشرة من عمرها، بسبب نزيف حاد ناجم عن تعرضها للعنف الجنسي بعد أربعة أيام من زواجها في شهر أبريل (نيسان) من هذا العام، ارتفعت المطالبات بتحديد سن الزواج من قبل عدد من منظمات المجتمع المدني والمنظمات النسائية في اليمن.

ولم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها، ففي سبتمبر من العام الماضي توفيت فتاة عمرها 12 عاما بينما كانت تضع مولودها الأول، ولا يزال الرأي العام في اليمن وخارجها يتذكر قضية الطفلة اليمنية نجود محمد ناصر، التي زوجها والدها وهي في الثامنة من عمرها من رجل يكبرها بعشرين عاما في عام 2008، لكنها هربت (الطفلة نجود) من بيت زوجها، من أحد أرياف اليمن، وسافرت بمفردها إلى العاصمة صنعاء في سيارة أجرة، حيث تقدمت إلى المحكمة تطلب على الملأ، وبشجاعة غير معهودة، من القاضي تطليقها من زوجها، وهو ما حصلت عليه بالفعل، وألغي الزواج، وقد سافرت نجود إلى نيويورك للحصول على جائزة عالمية، بعد أن حصلت على لقب «امرأة العام» من قبل مجلة «غلامور» الأميركية.