بارزاني.. القمة العالية

مبادرته «تهدف إلى إخراج العراق من أزمته الراهنة وتشكيل حكومة شراكة وطنية دون تهميش أو إقصاء»

TT

يتذكر مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس إقليم كردستان العراق، جيدا يوم العشرين من مايو (أيار) 1962 عندما التحق بالثورة الكردية التي كان يقودها والده، زعيم هذه الثورة على الإطلاق، في شعاب ووديان وجبال كردستان، وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره. لم تفارق أحداث ذلك اليوم مخيلته قط، حتى إنه يدون تفاصيلها في كتاب ضخم عن الثورة الكردية صدر عام 2000 في ثلاثة أجزاء، ويصف كيف أنه بعث برسالة إلى والده يطلب منه الالتحاق معه بالثورة الكردية، لكن والده يرفض، وبعد إلحاح الابن الفتى الغض، يضع زعيم الثورة الكردية شروطا صعبة تتعلق بموافقة إخوته، أعمام مسعود، وشقيقه الأكبر إدريس، على هذه الخطوة، وعندما تتحقق أمنيته بعد أيام يشعر بنشوة المنتصر، فالخطوة الأولى التي بدأها صعودا إلى قمة الجبل مع أحد رفاق والده في طريقه إلى معاقل الثورة الكردية هي التي قررت مستقبله ومصير هذه الثورة التي تكللت بالنصر على الرغم من وقوف كل الحكومات العراقية التي تتابعت على الحكم ضدها، ومواجهتها عسكريا، مجندة من أجل القضاء عليها القوات الضخمة ومستخدمة أحدث أنواع الأسلحة، كان آخرها استخدام الأسلحة الكيمياوية في عهد النظام السابق، بينما لم يكن ملا مصطفى بارزاني، الفلاح البسيط، يملك سوى إرادة شعبه، غير البنادق البسيطة، وكانوا يتخذون من كهوف الجبال مقرات لهم.

مسعود بارزاني كان قد ارتبط اسمه بالثورة والقضية الكردية قبل ذلك بكثير، وبالضبط منذ ولادته في 16 أغسطس (آب) 1946 في مدينة مهاباد الكردية الإيرانية، وقد اقترنت ولادته مع حدثين تاريخيين بالنسبة للأكراد، الأول تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يقوده هو بنفسه اليوم، وتأسيس أول جمهورية كردية (في كردستان إيران) والتي لم تستمر طويلا إذ انهارت عام 1947 لتضطر عائلته للعودة إلى العراق مع مجموعة من البيشمركة (مقاتلون أكراد) وعوائلهم، إذ تم إبعادهم من قبل الحكومة العراقية إلى جنوب العراق وبغداد، في حين اتجه ملا مصطفى بارزاني وعدد من قيادات الثورة الكردية إلى موسكو، ولم يلتقه نجله مسعود وبقية إخوته وأفراد عائلته إلا عام 1958 لدى عودته (ملا مصطفى) إلى العراق عن طريق البصرة.

منذ ذلك التاريخ لم ينفك بارزاني (مسعود) أو يبتعد عن ميدان الثورة الكردية ولا عن قضية شعبه، وكان قد لازم والده وتعلم منه مهارات القيادة والصلابة والتواضع مع الناس في آن واحد، إذ كان آخر من بقي مع الزعيم ملا مصطفى بارزاني الذي توفي في أحد مستشفيات واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) 1979، في (نوفمبر عام 1979)، ليتحمل بعدها شقيقه إدريس بارزاني وهو مسؤولية قيادة الثورة الكردية، ففي المؤتمر التاسع للحزب الديمقراطي الكردستاني، تم انتخاب مسعود بارزاني رئيسا للحزب وفق لوائح النظام الداخلي للحزب والتي تؤكد على الاقتراع الديمقراطي، وكان دور كل من مسعود وأخيه إدريس بارزاني بارزا بين عامي (1980 و1987) في تأسيس عدة جبهات سياسية في العراق ولا سيما عند تأسيس الجبهة الكردستانية المتكونة من عدة منظمات وأحزاب كردستانية. ويشعر الرئيس بارزاني بكثير من الأسف لفقدانه أخاه إدريس بارزاني، مجسدا حبه لعائلة أخيه من خلال رعايته وحبه لابن شقيقه نجيرفان إدريس بارزاني، زوج ابنته، ورئيس حكومة الإقليم السابق، يقول: «هناك وحدة قوية ومتينة بين أفراد عائلتنا، هناك أشخاص أنا لست راضيا عنهم في العائلة، وهي عائلة كبيرة وأنا لست مسؤولا عن تصرفات الجميع، لكن فيما يخص أفراد عائلتي المقربين، وخاصة أبناء شقيقي الراحل إدريس فهم أعز إلى روحي من أولادي، هذا من الناحية العائلية والشخصية، وأنا أعرف أن أولادي مستعدون أن يضحوا بحياتهم من أجل أبناء عمهم إدريس».

قدم بارزاني وعائلته تضحيات جسيمة من أجل القضية الكردية، إذ اغتيل ثلاثة من أخوته على يد متعاونين مع النظام الحاكم، إضافة إلى 32 شخصا من أقربائه راحوا ضحية ضمن الثمانية آلاف شخص من البازانيين الذين قتلتهم قوات النظام السابق ضمن عمليات الأنفال عام 1983، بينما كان هو ذاته (مسعود) هدفا لعدة محاولات اغتيال، كادت تنجح إحداها في فيينا عاصمة النمسا في 8 يناير (كانون الثاني) 1979، كما قصفت قريتهم، بارزان، من قبل قوات الحكومات المتتالية لأكثر من 16 مرة مما أدى إلى تدميرها، لكن هذا لم يدفع بارزاني للتراجع عن المضي في قيادة الثورة الكردية، خاصة أن هذه الثورة سرعان ما تحولت إلى قضية عراقية عندما رفعت، ومنذ بداية انطلاقتها، شعار «الديمقراطية لكل العراق والحرية لكردستان»، إذ عانى، بارزاني، من المنافي وقدمت عائلته المئات من الضحايا، بينهم إخوته، ولم يتراجع أمام كل القوى العسكرية والسياسية التي عملت على إنهاء ثورتهم، حتى تحقق لهم ما ناضلوا من أجله وحصلوا على حكم فيدرالي لإقليم كردستان العراق، يحكم بصيغ دستورية ووفق نظام ديمقراطي، إذ انتخب بارزاني لمرتين رئيسا للإقليم، وحصل في الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2009 على 70% من أصوات الناخبين، وبهذا يعتبر أول رئيس منتخب في العراق عبر التاريخ السياسي لهذا البلد.

واليوم يجلس بارزاني بمكتبه في «سرة بلند» القمة العالية، القريبة من مصيف صلاح الدين، متأملا بهدوء الإنجازات والبناء التي تتحقق في عاصمة الإقليم، أربيل، وفي باقي المدن الكردستانية، متمنيا أن تنعم بقية مدن العراق بالاستقرار السياسي والأمني والرخاء الاقتصادي الذي تعيشه مدن الإقليم.

ويعبر هذا الزعيم الكردي عن انتمائه لقوميته وثقافته الكردية من خلال زيه التقليدي الكردي الذي لا يغيره إلا ما ندر، خاصة عندما يغادر في زيارات رسمية إلى الدول العربية أو أوروبا، لكنه حريص على أن يتحدث، إلى جانب اللغة الكردية، اللغة العربية بطلاقة تعبيرا عن عراقيته الأصيلة، وعندما يكتب يحرص على أن لا يخطئ سواء في الإملاء أو في النحو، ذلك أنه بدأ بتعلم اللغة العربية على أيدي رجال الدين، إذ المعروف عن البرزانيين التزامهم الديني، فالبرزانية هي طريقة وأسلوب أكثر مما هم عشيرة، ثم درس اللغة العربية في مدارس مدينة الموصل القريبة من أربيل، والأكثر من هذا فإنه يدون مذكراته الخاصة باللغة العربية «لسعة مفرداتها ومعانيها وحرية التصرف بها، ثم إنها لغة القرآن الكريم»، حسبما يوضح.

الرئيس بارزاني لا يتحدث كثيرا، لم يعرف باعتباره مولعا بالخطب الإعلامية أو السياسية، بل هو يعمل كثيرا، ينجز الأمور الكبيرة بصمت وبلا دعايات، الأكثر من هذا هو مقل في استقبال الإعلاميين، سواء كانوا من الصحافة المكتوبة أو المرئية، وغالبا ما يحرج الصحافي غير متعمد ذلك، فمع تواضعه الجم، واستقباله الكريم للإعلاميين، إلا أنه متقشف للغاية في إجاباته، إذ بينما تتوقع منه إجابة مطولة لسؤال مهم، تأتيك منه الإجابة قصيرة ومقتضبة، لكنها وافية للغاية، يذكر لنا الدكتور فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، والمقرب من بارزاني، حادثة وقعت مع أحد الصحافيين الغربيين، يقول: «أصر أحد الصحافيين الغربيين على أن نخصص له أكثر من ساعة من وقت رئيس الإقليم لإجراء الحوار، ولم يقبل بأقل من هذه المدة، فوافق الرئيس بارزاني مع ابتسامته المعهودة، وعندما استقبلنا الصحافي في مكتب الرئيس وبدأ الحديث، اكتشف هذا الصحافي أن الأجوبة عن أسئلته انتهت بعد 20 دقيقة من بدء الحديث، لقد حصل على أجوبة كافية عن كل أسئلته المطولة والعديدة، فنظر إلى وجوهنا وهو لا يدري ماذا سيفعل بالوقت المتبقي المخصص له».

وعلى العكس من كل الاتهامات التي تعتبر بارزاني انفصاليا، فإنه أثبت وبالعمل الوطني الجاد حرصه على وحدة العراق، وأمنه واستقرار شعبه من دون أن يضحي بحقوق الإقليم والشعب الكردي، وفي رده على سؤال حول كيف سيتصرف لو طلب منه بعض المتعصبين للقومية العربية الانفصال عن العراق، قال: «ولكننا الكرد عراقيون وأكثر عراقية من الآخرين لأننا نعيش فوق هذه الأرض منذ أكثر من خمسة آلاف عام»، وهذه حقيقة تاريخية برهنتها قلعتا أربيل وكركوك اللتان تعدان من أقدم المستوطنات البشرية، وكانتا آهلتين بالأكراد حتى تدمير قلعة كركوك من قبل قوات النظام السابق خلال انتفاضة 1991، ونقل سكان قلعة أربيل لمساكن جديدة من أجل إعادة إعمار القلعة التي أدرجت ضمن الموروث الثقافي الإنساني من قبل اليونسكو. وجاءت مبادرة بارزاني الأخيرة لجمع الكتل الفائزة في الانتخابات حول طاولة حوار مستديرة من أجل إنقاذ العراق من أزمته السياسية المتفاقمة من أجل تشكيل الحكومة بمثابة المفتاح السحري لولوج بوابة التفاهمات والتوافقات السياسية وفق الدستور العراقي الذي يضمن حقوق الجميع، حيث كان كل من ائتلافي العراقية بزعامة الدكتور إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، والائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، أول من دعما هذه المبادرة وحرصا على تحقيقها، إلى درجة أن علاوي ترأس الثلاثاء الماضي وفدا كبيرا من قيادات «العراقية» للاجتماع مع الرئيس بارزاني في أربيل، وقد وصف رئيس الإقليم المباحثات التي جرت بينهم وبين «العراقية»، قائلا «إن المحادثات التي نجريها حاليا مع قادة الكتل العراقية، وخصوصا مع الأخ علاوي، تهدف إلى إخراج العراق من أزمته الراهنة، وإنه على استعداد كامل لكل ما يسهم في تقريب الكتل العراقية من أجل تشكيل حكومة شراكة وطنية تمثل جميع الأطراف السياسية دون تهميش أو إقصاء».

يقول الرئيس بارزاني: «يجب أن نفهم بداية أن كل ما قبلناه كان بسبب وجود هذا الدستور، عندما قبلنا البقاء ضمن العراق والمساهمة في العملية السياسية، كله كان بهدف أن يكون لدينا دستور، وهذا الدستور استفتي الشعب العراقي عليه، وهذا الدستور هو الذي يحدد هوية العراق وهو العراق الفيدرالي، تغيير هذا العنوان يعني عدم الالتزام بالدستور، وهذا خرق وخطأ كبير على العراق، لذلك العراق هو العراق الاتحادي، والحكومة هي الحكومة الاتحادية. أما الحكومة المركزية إذا كانت بمعنى أن شخصا واحدا يحكم العراق فهذا الزمن ولى، وإذا كان الهدف هو تعزيز دور الحكومة الفيدرالية بمؤسساتها الدستورية وقراراتها وقوانينها الدستورية فأهلا وسهلا». منوها في ذات الوقت إلى بأن «أي تعديل للدستور يجب أن يكون وفق الآلية الواردة فيه، لا يجوز إجراء تعديلات على الدستور خلاف الآليات الواردة فيه، وأي تعديل يجري فيه وفق الآلية الواردة فيه لن نعترض عليه، أما إذا تم ذلك خلافا لآلية التعديل الدستورية فيعتبر نسفا للدستور».

إن بارزاني وغالبية من القيادات الكردية تعول كثيرا على الدستور العراقي ليكون الفيصل في حل المشكلات، من جهة، والحامي لحقوق جميع العراقيين، ولعل أصعب مشكلة كانت، وما زالت، تواجه العلاقة بين أربيل وبغداد هي قضية كركوك التي يصر الأكراد على هويتها الكردستانية، لكن السياسيين العراقيين، والمشرع العراقي أحالوا حل هذه القضية المعقدة إلى الدستور، يقول بارزاني: «كركوك كانت السبب في كل مشكلات الأكراد مع الحكومات العراقية، والآن نحن نريد حل المشكلة ولا نريد تأزيم المشكلة، هذه المشكلة ممكن حلها وفق المادة الدستورية 140، هذا أفضل حل لقضية كركوك، نؤكد على أهمية تطبيق المادة 140 لنتخلص من هذه المشكلة إلى الأبد، من دون حل لمشكلة كركوك لا يمكن أن يستقر الوضع في العراق».

لكن قضية كركوك لم تحل حتى اليوم على الرغم من وجود مادة دستورية بشأنها، وعلى مدى خمس سنوات لم تجر جهود حقيقية لتطبيق هذه المادة، فهناك من قال إن صلاحية هذه المادة انتهت، وهناك من اقترح تقسيم السلطات في كركوك بين الأكراد والعرب والتركمان، الذين يشكلون المكون الطبيعي للمدينة، لكن رئيس إقليم كردستان اعتبر كل هذه المقترحات هي مجرد التفافات، يقول: «هذه الالتفافات على المادة 140 مرفوضة تماما، المادة الدستورية 140 تقول: تطبيع، إحصاء ثم استفتاء، سكان محافظة كركوك هم الذين يقررون، إذا قرروا الانتماء إلى الإقليم فيجب أن يحترم رأيهم واختيارهم، وإذا قرروا الانضمام لإقليم آخر، وإذا قرر أهالي كركوك أن تكون محافظتهم إقليما خاصا بهم، أيضا سنحترم رأيهم، ولكن يجب أن تطبق المادة 140». والحرص الكردي على تنفيذ المادة 140 في الدستور العراقي دفع قيادات الكتل الكردستانية إلى وضعها كمطلب أساسي في الورقة الكردية المتضمنة 19 نقطة وضعت كأساس للتفاوض مع بقية الكتل التي قد يتحالف معها الأكراد أو يدعمونها، فالأكراد يريدون ضمانات لأن يكونوا مشاركين في حكم البلد وجزءا مهما من قيادته وصناعة القرار السياسي، لكن هناك بعض القادة السياسيين في بغداد يعتبرون أن سقف المطالب الكردية عال، لكن بارزاني يفند هذه المزاعم بقوله «هذا غير صحيح، أصلا مطالبنا أقل، أقل من الواقع ولا تقاس بالتضحيات التي قدمناها من أجل العراق ومن أجل كردستان، ثم إن مطالبنا عراقية - كردية وليست كردية فحسب، عندما نؤكد على الديمقراطية فهذا يخص كل مواطن عراقي، وعندما نتحدث عن الشراكة فلا نعني الشراكة الكردية العربية، بل شراكة القوى السياسية في العراق، هناك قوى ناضلت وقدمت تضحيات كيف يمكن حرمانها من المساهمة في بناء البلد، هناك مكونات أساسية في العراق كيف يمكن أن تهمش، موضوع المشاركة ليس مطلبا كرديا فقط، هناك موضوع الجيش والأمن والنفط والغاز كل هذا ملك للشعب العراقي، كيف يمكن لمكون أن ينفرد بتعيين الضباط في الجيش العراقي التفافا على الدستور والبرلمان وعلى كل شيء؟ الجيش هو جيش الشعب العراقي ويجب أن يكون فيه توازن، هذه مسائل لا تخص الأكراد فقط بل كل العراقيين، ونحن ندافع عن مستقبل العراق وعن الديمقراطية والدستور في العراق، ندافع من أجل أن لا يعود العراق إلى المأساة التي عشناها في السابق».

ويحرص الرئيس بارزاني باستمرار على استمرار العلاقات بين إقليم كردستان والدول العربية، ومع القيادات العربية، إذ كان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز قد قلده قلادة رفيعة المستوى، كما استقبله كل من، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري حسني مبارك، وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ورئيس دولة الإمارات العربية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، والرئيس الليبي معمر القذافي، وقيادات عربية أخرى، بينما زاره الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أربيل، ومن المقرر أن تفتتح كل من مصر والأردن قنصليتين لهما في الإقليم، ولطبيعة العلاقات الجيدة بين إقليم كردستان وغالبية الدول العربية، يرى بعض القادة السياسيين العراقيين إمكانية استضافة القمة العربية القادمة المقرر عقدها في العراق بمدينة أربيل باعتبارها مدينة عراقية، ولأنها تنعم بالأمن وتتوفر فيها مستلزمات نجاح أعمال القمة، يقول بارزاني بهذا الصدد: «أنا لا أستطيع أن أوجه الدعوة لاستضافة القمة العربية، ولكني أقول إن إقليم كردستان سيكون سعيدا جدا باستقبال هذه القمة وتوفير كل مستلزمات إنجاحها من أمن وراحة وأجواء الحوار وكل ما يتطلبه المؤتمر في أربيل، لكن الدعوة يجب أن يوجهها غيري».

لقد حقق الرئيس بارزاني توازنات متميزة مع دول الجوار الذين تحولوا من جيران معترضين على إقامة الإقليم الكردي في شمال العراق، إلى متعاونين ومتضامنين مع هذا الإقليم الطموح، بل امتدت علاقات الرئيس الكردي إلى باقي دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، فهو يصف علاقات الإقليم مع تركيا بعد زيارته الأخيرة لها، قائلا: «لقد لمسنا تغييرا كبيرا في مواقف القادة الأتراك، ففي السابق لم يكونوا مستعدين للاعتراف بإقليم كردستان، ولكن هذه المرة كانت الزيارة رسمية، وتلقيت الدعوة بصفتي رئيسا للإقليم، ورحب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بي باللغة الكردية، ولكن للأسف مع كل هذه الخطوات الإيجابية وقعت خلال الأيام الأخيرة أحداث مؤسفة، أعتقد أنها لا تخدم القضية الكردية أبدا، لذلك أتمنى أن لا تتسبب تلك الأحداث في إجهاض عملية الانفتاح التركي»، في إشارة إلى استئناف القتال على الحدود، وقال: «نحن ضد استخدام العنف لحسم المشكلات، ونعتقد أنه لا يمكن تحقيق أي مكاسب عن طريق الحرب والقتال، نريد أن تحل جميع المشكلات عن طريق التفاوض والحوار السياسي، ولكن إذا أرادت الأطراف المعنية بالنزاع حسم مشكلاتها بالحرب والقتال، فنحن نأمل أن لا يورطونا في ذلك».