الشابي.. وزير بطموحات رئيس

وزير التنمية الجهوية في الحكومة التونسية المؤقتة يلقى خطابه قبولا لدى فئات واسعة.. ويسعى لتثبيت نفسه كزعيم مقبل

TT

لا يخفي أحمد نجيب الشابي، وزير التنمية الجهوية والمحلية في الحكومة التونسية الجديدة، طموحه السياسي، ورغبته في أن يصبح الرئيس المقبل للجمهورية. منذ أن انضم إلى الحكومة الانتقالية، لقي خطابه الإصلاحي قبولا لدى فئات واسعة من المجتمع، وخصوصا لدى المثقفين. ومن منصبه كوزير لإحدى أهم الحقائب في الوزارة التونسية، يتمتع الشابي بفرصة لاكتساب اطلاع واسع على البؤر الهشة في البلاد، قد تساعده على كسب شعبية متزايدة في الأشهر المقبلة. ويساعد الشابي في تثبيت نفسه ربما كزعيم مقبل في تونس، تاريخه أيام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، حين لم يكن يتورع عن توجيه الانتقادات من دون خوف من العواقب.

هو ابن المحامي عبد العزيز الشابي، الذي حاولت «اليد الحمراء» الاستعمارية اغتياله في بداية عقد الخمسينات، إبان انطلاق الثورة المسلحة في تونس. وهو يعتبر من بين القادة السياسيين المحنكين، وينتمي إلى عائلة من قرية الشابية من مدينة توزر بالجنوب التونسي.

انتمى أحمد نجيب الشابي إلى العمل السياسي منذ سنيّ الشباب؛ حيث كان طالبا بعثيا، وعرف السجن في أواخر السبعينات. أوقف في 23 مارس (آذار) 1968 على إثر الأحداث الطلابية، وحوكم من طرف محكمة «أمن الدولة» بـ11 سنة سجنا. وبعد مغادرته السجن (1968 - 1970)، أبعد لمدة عشر سنوات إلى مدينة باجة (100كلم شمال غربي تونس) ثم مدينة السرس من ولاية (محافظة) الكاف (160 كلم شمال غربي تونس). وفي عام 1971 التجأ إلى الجزائر، ومنها إلى فرنسا، حيث أقام زهاء السبع سنوات. وسنة 1974 حوكم مرة أخرى وهو في المهجر (فرنسا) بالسجن 21 سنة، وعاد سرا إلى تونس ونشط في إطار «منظمة العامل التونسي» اليسارية.

كما صدر ضده حكم بالسجن لمدة اثنتي عشرة سنة غيابيا عام 1974، ثم تسع سنوات أخرى غيابيا عام 1975، وفي ديسمبر (كانون الأول) 1977، عاد سرا إلى تونس في ظروف أزمة 26 يناير (كانون الثاني) من سنة 1978.

وواصل العمل السري حتى عام 1981 الذي شهد انفتاحا سياسيا عقب حادثة قفصة لشهر يناير 1980. وفي عام 1987 تعرض أحمد الشابي للمحاكمة من جديد بصحبة مؤسسي التجمع الاشتراكي التقدمي، بتهمة «الاحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها»، وصدر في حقه حكم بالسجن لمدة ستة أشهر لم ينفذ منها سوى ستة أيام بسبب الاضطرابات السياسية التي كانت تمر بها البلاد في أواخر عهد بورقيبة.

وأسس الشابي سنة 1988 التجمع الاشتراكي التقدمي، وانتخب أمينا عاما لمكتبه. وسنة 2001 أسس الحزب الديمقراطي التقدمي، وانتخب كذلك أمينا عاما له، وهذا الحزب هو مواصلة عملية للتجمع الاشتراكي التقدمي، مع انضمام وجوه سياسية أخرى من الماركسيين العرب والإسلاميين التقدميين وبعض المنشقين عن حزب العمال الشيوعي التونسي، وبعض الوجوه المستقلة. وقد استقال جل هؤلاء لاحقا لتبقى البنية الأساسية للحزب ممثلة في مناضلي التجمع الاشتراكي التقدمي.

ويعود أصل عائلة أحمد نجيب الشابي إلى مدينة الشابة الواقعة بولاية (محافظة) المهدية وسط الساحل التونسي. وقد سبق للشابية القيام بثورة ضد الدولة الحفصية خلال القرن السادس عشر للميلاد، وأسسوا حركة صوفية ودويلة عاصمتها مدينة القيروان، ومن أشهر قادتها الأمير عبد الحق ابن عرفة، والفقيه عبد الصمد الشابي، صاحب الكثير من الأقوال والأمثال الشعبية المأثورة، التي لا تزال منتشرة في تونس إلى الآن، وتبدأ كلها بـ«عبارة»: «عبد الصمد قال كلمات..».

وتشير المصادر التاريخية إلى أن تلك الدويلة الشابية قد سقطت على أيدي الأتراك العثمانيين الذين طردوا الإسبان من تونس سنة 1574، على يد القائد الشهير سنان باشا. ورحل الشابيون إلى كثير المناطق في تونس من بينها منطقة توزر، حيث أسسوا قرية الشابية، كما ذهب البعض منهم إلى الأراضي الجزائرية خاصة منها منطقة سوق أهراس.

وقد اهتم الكثير من الشابية بعالم السياسة خلال بناء الدولة الحديثة، ومن أهم أعلامهم الشاعر التونسي المعروف أبو القاسم الشابي صاحب قصيدة «إرادة الحياة»، ونجد حاليا الأزهر القروي الشابي وزير العدل في الحكومة المؤقتة، وهو عميد سابق للمحامين. ومنهم كذلك المنصف أحد قياديي حزب الاتحاد الديمقراطي التقدمي (حزب معارض ذو توجه قومي عربي)، ومسعود الشابي أحد مؤسسي التيار البعثي بتونس، وعضو سابق بالقيادة القومية.

يعتبر أحمد نجيب الشابي شخصية قيادية كاريزمية، وهو دائما حريص على تولي المسؤولية الأولى وزعامة أي تيار ينتمي إليه. هو صاحب خطاب سياسي عاطفي مؤثر وقوي، وهو مدافع بحماس عن أي موقف يتبناه، ولا يهمه إن كان متناقضا مع موقف سابق دافع عنه باستماتة.

يضيف حسن، كانت تلك ميزاته عندما كان بعثيا، وعندما أصبح ماركسيا وديمقراطيا منفتحا على الإسلاميين أو متفهما للأميركيين. وهكذا كذلك كان عندما كان معارضا متشددا للسلطة أو متعاونا معها.

ومعروف عن الشابي أنه مثقف جيد وودود في معاملاته لكنه صلب جدا في مواقفه، كما يقول عنه كل من عرفه، وهو يقبل النقاش والصراع الفكري لكن دون تنازل حقيقي عن موقفه، مما خلق ضده كثيرا الاختلافات والخلافات مع عدد كبير ممن رافقوه طوال مسيرته السياسية، التي تجاوزت الأربعين سنة.

ولكنه أيضا كوّن مجموعة من الرفاق الأوفياء، مثل الأمينة العامة الحالية للحزب الديمقراطي التقدمي، ورشيد خشانة، والمنجي اللوز، وشقيقه عصام الشابي، وهؤلاء لهم دور فعال في الحزب بإحاطة وحماية الزعيم.

الشابي نفسه المسؤول رسميا عن السياسات الاستراتيجية للحزب الذي خرج من الأمانة العامة طوعا، لأنه وضع نفسه زعيما وطنيا فوق الحزب، بل ربما لكل المعارضة التونسية. لكن هذه المعارضة كانت دائما تخذله في مختلف المناسبات إذ إن الزعماء الآخرين بدورهم لهم نفس الاعتقاد في زعاماتهم (حمة الهمامي - مصطفى بن جعفر - محمد مواعدة - محمد الكيلاني..). وحتى الشخصيات المستقلة التي تحالفت معه في كثير من المحطات السياسية، فإنهم لم يسلموا له بالزعامة المطلقة.

ولا يخفي أحمد نجيب الشابي أبدا حرصه على الوصول إلى الحكم وممارسة السلطة باعتباره قائدا شعبيا كبيرا، وباعتبار تونس في حاجة إلى زعيم، وهو يرى أن الفرصة سنحت لأحمد المستيري في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، حينما أسس حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، ولكنه لم ينتهزها.

ولكن الشابي لن يهدر الفرصة، ويرى حظوظه قائمة وكبيرة منذ سنة 2004 عندما عزم على الترشح لمنصب الرئيس في عهد النظام السابق، ولا يزال مشروعه قائما على هذا الترشح منذ ذاك الحين، ولم يفعل سقوط بن علي إلا مزيد تأكيد ذاك الطموح التاريخي لقيادة البلاد.

ويعتبر الشابي المحامي لدى محكمة التعقيب بتونس، والحاصل على الإجازة في الحقوق، وعلى شهادة الكفاءة في مهنة المحاماة من كلية الحقوق بتونس منذ سنة 1984، من أبرز الوجوه السياسية التونسية على مدى العقود المنصرمة.

وهو مؤسس لحركة 18 أكتوبر (تشرين الأول) المنبثقة عن الإضراب المطول عن الطعام سنة 2005، بمناسبة انعقاد قمة مجتمع المعلومات بتونس في حركة احتجاجية على تدهور منسوب الحريات السياسية في البلاد إلى درجة غير مسبوقة. تشكلت تلك الحركة فيما بعد ضمن تكتل لبعض قوى المعارضة - ومنها الإسلامية - وحملت تسمية «هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات»، وهي تنادي بالخصوص بإطلاق سراح مساجين الرأي والمساجين السياسيين، وبفتح أبواب الإعلام الحر وبحرية التنظيم.

يقول عنه محاوروه إنه إنسان محترم وصاحب أفكار منظمة وله حجة قوية دامغة دون ادعاء أو هجوم على منافسيه. أعيته الحيلة وهو يدعو إلى تغيير المشهد السياسي التونسي، وكان سؤاله الذي يتكرر في الندوات الصحافية، خاصة تلك التي تسبق المحطات السياسية المهمة (الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على وجه الخصوص)؛ «كيف يمكن أن نراهن على نزاهة السلطة في إجراء انتخابات شفّافة»؟

حكم عليه نظام الحبيب بورقيبة بالسجن لمدة ستة أشهر على أثر الاضطرابات التي عرفتها تونس سنة 1986. وكان حزب التجمع الاشتراكي التقدمي، الذي أسسه الشابي في 13 ديسمبر 1983، قد حصل على الاعتراف القانوني في عهد الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، وذلك في 12 سبتمبر (أيلول) من سنة 1988.

وكان الشابي وحزبه من أبرز المستبشرين بالعهد الجديد، الذي وعد به بن علي من خلال بيان 7 نوفمبر (تشرين الثاني)، وانخرط تمام الانخراط في المشروع الجديد، لدرجة أنه مثّل تونس كمبعوث خاص لرئيس الجمهورية التونسية، زين العابدين بن علي، لدى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في أزمة الخليج المرتبطة باحتلال الكويت سنة 1991.

وأمضى، بصفته أمينا عاما لحزب التجمع الاشتراكي التقدمي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 1987 على وثيقة «الميثاق الوطني» التي طرحها النظام الجديد على قوى المعارضة. إلا أن موجة قمع الحريات التي عرفتها تونس سنة 1991، وحملة الاعتقالات والمحاكمات التي مارسها بن علي على الشعب التونسي، جعلت علاقة التجمع الاشتراكي التقدمي وقياداته بالسلطة تصل إلى درجة القطيعة.

وأعلن الشابي معارضته للنهج الأمني الذي اختاره النظام في معالجة القضايا السياسية للبلاد، واستهله بقمع الحركة الإسلامية في ذلك العام، وسحب التجمع الاشتراكي التقدمي تأييده للنظام منذ ذلك الوقت.

طالب أحمد نجيب الشابي، طوال مسيرته السياسية وخلال فترات سابقة، بإصلاح ديمقراطي ينهي تسلط الدولة في مختلف المجالات، وخاصة في المجال الديني، كمنع الحجاب وإغلاق المساجد خارج أوقات الصلاة وغيرها. ويرى أن دور قوى الوسط من علمانية مستنيرة وإسلام سياسي معتدل تتمثل في صيانة هذه العلاقة وترسيخها وتعميقها في تواصل مع موروث حركة الإصلاح التونسي الحديث. وبقي الشابي في علاقة صراع سياسي مع بن علي طوال فترة حكمه، وفي سنة 2006 تخلى عن الأمانة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي برغبة منه، ولإتاحة الفرصة للتداول على المسؤوليات، كما عبر عن ذلك خلال المؤتمر الرابع للحزب، وكانت عيناه آنذاك على الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في 2009. وسبق الشابي أن قدم ترشحه للانتخابات الرئاسية لسنة 2004، غير أن تنقيح القانون الانتخابي سنة 2002 استثنى الحزب الديمقراطي التقدمي من حق تقديم مرشح عنه لتلك الانتخابات، وقصر حق تقديم مرشح على الأحزاب التي اختار النظام أن تكون ممثلة بالبرلمان، وكانت هذه المرة الثانية التي يسن فيها النظام قانونا يحرم بموجبه الشابي من حق الترشح إلى الانتخابات الرئاسية بسبب مواقفه المعارضة.

يؤمن بأن الإضراب عن الطعام أهم أسلحة محاربة النظام القائم، في ضوء عدم توفر وسائل أخرى لمحاربته. فقد دخل في إضراب أثناء قمة مجتمع المعلومات سنة 2005، وفي سبتمبر من سنة 2007 خاض إضرابا ثانيا عن الطعام لمدة شهر، بمعية مية الجريبي، الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي، دفاعا عن حرية العمل الحزبي وللحفاظ على المقر المركزي للحزب ولصحيفة «الموقف» لما حاولت الحكومة إخراجهما منه.

وفي 13 فبراير (شباط) من سنة 2008 قررت اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي ترشيح أحمد نجيب الشابي للانتخابات الرئاسية لسنة 2009، في شراكة مع مجموعة الشخصيات التي أصدرت «النداء من أجل بديل ديمقراطي»، إلا أن الحزب الحاكم قطع الطريق أمامه من جديد عبر تعديل دستوري لم يتح له فرصة الترشح بسبب الشروط المجحفة التي لا تنطبق عليه، وهو ما جعل الحزب يقاطع الانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني.

يشغل اليوم منصب وزير التنمية الجهوية والمحلية في الحكومة المؤقتة، وهو الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي. يقر بأن حزبه وباقي الأحزاب الأخرى لم يكن متاحا لها ممارسة النشاط السياسي إلا بفضل الشهيد «محمد البوعزيزي» وباقي شهداء ثورة تونس. وهو لا يزال يدعو إلى ضرورة الفصل بين الدولة والأحزاب، نظرا إلى أن هذه الأحزاب متساوية أمام القانون، مع توفير أرضية ملائمة للمنافسة النزيهة. أصبح الشابي، وهذا مبعث اندهاش لدى التونسيين، من أهم المدافعين عن خيارات الحكومة المؤقتة والمروجين لبرنامجها الإصلاحي المعتمد على ضمان الانتقال الديمقراطي السليم والقضاء على التفاوت الجهوي عبر مضاعفة الجهد في تشغيل العاطلين والسعي إلى إيجاد مستثمرين وخلق مشاريع تتماشى والأرضية الاقتصادية. وهو اليوم يقسم أنه «لن يبقى يوما واحدا في الحكومة إن راودته شكوك في وفائها وعدم تفانيها لإنجاز ما وعدت به الشعب».

إلا أن الشابي وعلى الرغم من توازن مواقفه وتناسقها مع نظرته السياسية، فإنه يواجه انتقادات كثيرة وصلت إلى حد اتهام قيادة الحزب الديمقراطي التقدمي بخيانة الوطن وبتآمرها مع أعداء الثورة، من خلالها تمسك الشابي بمواصلة العمل مع الحكومة المؤقتة، وعدم تقديم استقالته كما فعل من قبل المعارض التونسي مصطفى بن جعفر، الذي ظل لسنوات في تنسيق معه. بل إن بعض معارضيه يرون أنه صورة أخرى من الزعيم التونسي «الحبيب بورقيبة» أو أنه «بورقيبة صغير»، من خلال بحثه الدائم عن الأضواء واتخاذ مواقف صادمة عادة ما تجعله في مواجهة مع السلطة، وفي تناغم مع الشارع التونسي.

ويعيب عليه آخرون عدم مطالبته بإسقاط نظام بن علي، وجلوسه إلى محمد الغنوشي الوزير الأول آنذاك، واتجاهه إلى طلب حكومة إنقاذ وطني لا تستثني التجمع الدستوري الديمقراطي، آلة بن علي السياسية. ويرون فيه شخصا ديمقراطيا من ناحية الفكرية، ولكنه ديكتاتوري من ناحية الممارسة الفعلية.

يقول بلقاسم حسن الناشط السياسي: «لقد عرفت الشابي وعملت معه عن قرب لما شاركت في تأسيس الحزب الديمقراطي التقدمي، وكنت عضوا في أول مكتب سياسي للحزب من سنة 2001 إلى سنة 2004. الشابي مناضل يساري كبير، وقائد سياسي حقيقي؛ فقد كان دائما زعيما للحركة التي يناضل في صفوفها (العامل التونسي - التجمع الاشتراكي التقدمي - الحزب الديمقراطي التقدمي)، وهو ذو أخلاق عالية أصيل ومتشبع بالقيم العربية السمحة».

ويضيف حسن: «لقد اختلفت معه في تقدير الموقف السياسي وتحديد المهام المرحلية المطلوبة، لكنني حملت نحوه دائما التقدير والاحترام. وهو بدوره كان يقدر مواقفي، على الرغم من اختلافي معه، بل وقد ذكر مرارا أن قراءتي صحيحة لكنها لا تتناسب مع أجندته».

يقول من يعرفه إنه يتمتع بثقافة سياسية وفكرية واسعة، وهو محاور بارع، لكنه صلب في التمسك برأيه. إنه براغماتي من أعلى طراز، ويمتاز بالجرأة والشجاعة والنزاهة، ويحرص على أن يكون محل إجماع العاملين معه.

يضيف الناشط السياسي بلقاسم: «لقد دعوت داخل الحزب الديمقراطي التقدمي إلى أولوية بناء الحزب وجميع القوى التقدمية، لكنه كان يرى أن ذلك غير ممكن في ظل ديكتاتورية بن علي وهيمنة التجمع الدستوري الديمقراطي، وراهن أكثر على حاجة الشعب التونسي إلى بديل وإلى زعيم». ويرى أن مشاركته في الحكومة المؤقتة طبيعية، لأنه إنسان عملي، ويرى أن لا برامج دون رجال، ويقول: «هو من أكبر الضمانات للعمل من أجل إنجاز البرنامج المعلن من قبل الحكومة، وخاصة في باب إصلاح القوانين وتحوير الدستور وضمان حياد الإدارة وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، إلى جانب الحرص على التوازنات التنموية وإرساء الحريات العامة والفردية وضمان التعددية السياسية الفعلية».

ولكن خصومه يتهمونه بـ«الاندفاع إلى المشاركة السياسية وعدم استعداده للتراجع عن ذلك، وعمله على تهميش المطالب السياسية، والحفاظ على الحكومة، والتركيز على مطالب اجتماعية مضحكة تفرغ الثورة من محتواها السياسي». إلا أن عادل الشاوش، عضو المكتب السياسي لحركة التجديد المشاركة بدورها في الحكومة المؤقتة، يرى أن أحمد نجيب الشابي واضح في اختياراته، وهو يشارك في الحكومة مثلما كان واضحا في مواقفه عندما كان معارضا للحكومة.

يقول الشاوش إن الشابي كان يقول من حقي أن «أعارض الحكومة، وأن أشوش عليها، ولكن عندما أكون في الحكومة فمن واجبي أن أدافع عنها».

الشاوش قال أيضا إن الشابي لم يتغير بدخوله الحكومة، فهو يدعمها طالما أنها تحقق أهداف الثورة.

وحول الحملة الانتخابية لمنصب الرئيس، التي يتهمه بها خصومه، فإن الشاوش يرى أن إطلالاته في الفضاءات الإعلامية ضرورية لإيصال المعلومات إلى التونسيين، وهي مثلما تخدمه وتعرف به الناس، فهي كذلك قد تكون سلاحا ضده. ولكن يبقى الشابي كما عبر عن ذلك عادل الشاوش «رجل دولة»، له مصداقيته عند المشاهد، وهو لا يقدم وعودا زائفة، هذا على الرغم من الحقيبة الوزارية «الملغومة» التي أسندت له من قبل الحكومة المؤقتة. الشابي سيكون متهما؛ سواء أكان خارج الحكومة أو داخلها.