باباندريو.. منقذ اليونان؟

رئيس الوزراء اليوناني تقع على عاتقه مهمة انتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية.. والاجتماعية

TT

نجا رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو في تصويت الثقة في البرلمان أمس، وأصبح بالتالي الوجه الرئيسي الذي سيقع على عاتقه انتشال البلاد من حافة الهاوية وقيادة مرحلة الإصلاحات والتقشفات التي فرضها صندوق النقد الدولي كشرط للمساعدات المالية التي قدمها للبلاد. وسيكون على باباندريو أن يواجه تحديات كثيرة، ليس أقلها غضب شعبي عارم نتيجة التقشفات، واحتمال انهيار اجتماعي كما يحذر البعض.

وباباندريو هو زعيم حزب الباسوك الاشتراكي الحاكم في البلاد، من مواليد عام 1952، أي يبلغ من العمر 59 عاما. وقد تولى حقائب وزارية في عهد والده أندريا، وفي عهد رئيس الوزراء الأسبق كوستاس سيميتيس وخصوصا في وزارة التعليم والخارجية، قبل أن يصبح رئيسا للحزب الاشتراكي الباسوك والذي خسر في عهده مرتين في الانتخابات العامة، قبل أن يفوز في الانتخابات العامة في اليونان عام 2009 ويسلب مقاليد الحكم في البلاد من غريمة كوستاس كارامنليس رئيس الوزراء الأسبق والزعيم السابق لحزب الديمقراطية الجديدة المحافظ.

ظهرت عائلة باباندريو، على المسرح السياسي في اليونان مبكرا جدا وبالتحديد عام 1944 عندما رأس جورج باباندريو (الجد) أول حكومة له وهو في المنفى، ثم رأس أول حكومة يونانية بعد الحرب العالمية الثانية، ‏ وشكل عام ‏1961‏ حزب الاتحاد الليبرالي المركزي لمواجهة الحزب اليميني المناهض للشيوعية، كما حقق جورج باباندريو نجاحا في انتخابات ‏1964‏، ‏وتوفي عام 1968 عن عمر يناهز الثمانين عاما بعد ‏3‏ سنوات من إقالته وهو رهن الاعتقال بمنزله في أثناء الحكم العسكري.

ثم جاء أندريا باباندريو وهو والد جورج باباندريو الحالي، وقد أسس أندريا حزب الباسوك الاشتراكي عام 1974، بعد أن عانت البلاد من الحكم العسكري الديكتاتوري سبع سنوات (1967 - 1974) وحمل أندريا شعار «اليونان لليونانيين»، ونجح في الوصول إلى الحكم لفترات بسيطة عام 1974 وعام 1977، ‏ولكن اكتسح منافسه عام 1981، وبقي على مقاليد الحكم في البلاد حتى توفي عام 1996.

يحمل باباندريو الجنسية الأميركية، ربما من والدته وهي أميركية الأصل وتدعي مارغريتا، وهي تشارك في مؤسسات اجتماعية خيرية. لا تتحدث مارغريتا اليونانية حتى الآن بطلاقة. وقد أنجبت بالإضافة إلى يورغو، ابنا وإبنه، هما نيكولا وصوفيا، من أندريا باباندريو زعيم اليونان الراحل. عانى باباندريو من الإقامة في دول المهجر وخصوصا في السويد، عندما تم نفي والده أندريا خارج البلاد أبان الحكم الديكتاتوري، ولذلك فهو معروف بتقربه من المهاجرين الأجانب في اليونان، إذ كثيرا ما يحاول العمل على حل مشكلاتهم وقضاياهم. ويشير إلى ذلك في كثير من كلماته وإلى المعاناة التي يلاقونها خارج موطنهم الأصلي، وإلى عمله عندما كان في السويد كعامل نظافة ومسح الزجاج في المباني.

يتبنى باباندريو عادة الأفكار والسياسات الأميركية التي هي فيها مصلحة لبلاده. وعلى الرغم من علاقة بلاده الوطيدة مع الدول العربية ومساندة قضايا الشرق الأوسط، تحول باباندريو أخيرا إلى توطيد علاقة بلاده بإسرائيل، وغير سياسة أثينا بتل أبيب. ويقول المراقبون إن ذلك جاء بناء على مطالب أميركية والتي ترى أن العلاقة مع إسرائيل ستساعده على مواجهة الأزمة المالية التي تعاني منها اليونان.

القادم حاليا إلى العاصمة اليونانية أثينا، ويرغب في التجول بشوارع وضواحي المدينة، وخصوصا مركز المدينة التجاري، قد لا يتعرف على أثينا التي كان يعرفها الجميع في السابق، حيث النسبة الكبيرة من المحلات التجارية أغلقت أبوابها، فيما تصارع النسبة المتبقية على البقاء في ظل الركود وعدم وجود سيولة مع المستهلكين، والجميع يخشى من المستقبل المجهول.

وتتجه أنظار العالم في الفترة الأخيرة إلى اليونان وأزمتها المالية، حيث تضاربت الآراء حول السبب الحقيقي الذي يكمن وراء هذه الأزمة، والتي تتفاقم مع مرور الوقت. كما أنه من العجيب أن خطة إنقاذ أوروبا لليونان في مايو (أيار) من العام الماضي، تحتاج حاليا إلى خطة إنقاذ أخرى، وهناك مخاوف باستمرارية الأزمة إلى ما لا نهاية، في ظل الركود الكبير الذي نتج عن تخفيض الأجور وتسريح الموظفين، مقابل ارتفاع الأسعار. وقد دعا جورج باباندريو الأحزاب المختلفة والقوى السياسية والشعب أكثر من مرة، إلى التضامن والدعم الوطني لمواجهة الأزمة المالية التي تطيح ببلاده، معربا عن استعداده لتقبل ودراسة أي مقترحات من شأنها إنقاذ البلاد من الأزمة، مؤكدا على أن الحكومة سوف تتبنى كل القرارات التي سوف تعمل على تعدي هذه المرحلة العصيبة.

كل محاولات باباندريو في الوفاق الوطني بين القوى السياسية للدولة باءت بالفشل على الأقل حتى كتابة هذا التقرير، فيما أكد أنه سوف يستمر في جهوده للتوصل إلى اتفاق على الأقل مع حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ وهو أكبر أحزاب المعارضة في البلاد. وأكد باباندريو مرارا أن الحكومة أثبتت خلال العام المنصرم قدرتها في تغيير البلاد وإرساء نظم وقواعد جديدة لتنمية اليونان والخروج من مأزق الأزمة المالية، موضحا أن الحكومة سوف تستمر في تحقيق الأهداف بعزم وتصميم كبيرين، لأن ذلك هو ضمان للمواطنين اليونانيين والتنمية ومستقبل مشرق لمجتمع عادل، وأيضا ضمان لأمن الاتحاد الأوروبي.

ونتيجة للقاءات التي عقدها باباندريو مع المعارضة للوفاق الوطني، تارة بمفردة وتارة أخرى بمشاركة رئيس الجمهورية بابولياس، أعرب رئيس حزب الديمقراطية الجديدة اندونيس ساماراس عن رفضه دعم الخطط الاقتصادية التي اقترحتها الحكومة الاشتراكية وخصوصا فيما يخص بيع مشروعات ومؤسسات الدولة وأيضا رفع الضرائب وخفض المعاشات، مؤكدا أن مثل ذلك الشيء يتضارب في النتائج وينتج عنه زيادة الركود في الأسواق.

كما رفض أيضا زعيم حزب «سيريزا» اليساري التقدمي ألكسيس تسيبرا الموافقة على خطة باباندريو لأن «خيارات الحكومة أدت إلى وقوع البلاد في كارثة لم يسبق لها مثيل»، وصرح زعيم حزب الحركة الشعبية الأرثوذكسية اليميني جورج كاراتزافيريس أن على كافة الأحزاب السياسية أن تساهم في الجهد من أجل إنقاذ الاقتصاد اليوناني واتهم السياسة الحالية في البلاد موضحا أن مقاعد الأشخاص قد تأتي فوق مصلحة الوطن. أما أليكا باباريغا سكرتيرة الحزب الشيوعي ثالث أكبر الأحزاب في البلاد، فرفضت خطط الحكومة ودعت الطبقات العاملة لاستمرار الاحتجاجات.

من جانبها، طرحت وزيرة الخارجية السابقة دورا باكويانيس ورئيسة حزب التحالف الديمقراطي مجموعة من المقترحات لحكومة باباندريو تتضمن خفض عدد أعضاء البرلمان وإلغاء الحصانة البرلمانية وإجراء محادثات مشتركة بين كافة القوى السياسية ولجنة الترويكا الممثلة في صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي.

وقد ظهرت على الساحة السياسية في الفترة الأخيرة، خلافات متزايدة وتضاربات في التصاريح بين المسؤولين الأوروبيين حول إمكانية المخاطرة بإعادة برمجة الدين لحل الأزمة اليونانية وأنها تجربة صعبة للاندماج في منطقة اليورو. ففي الوقت الذي يري فيه البعض أن هناك خطرا حقيقيا في إعادة هيكلة الدين أو إعادة جدولته، يرى آخرون حتمية إعادة هيكلة «ناعمة» للدين اليوناني مع مهل تسديد ممددة، ورحبت أوروبا بخطة الإصلاح التي عرضتها الحكومة اليونانية حول الخصخصة الفورية ولا سيما في قطاعي الاتصالات وخدمات المصرف البريدي وأيضا تعزيز الإجراءات التقشفية.

وطالب مفتشون من صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، اليونان، بتسريع الإصلاحات التي تفسح الطريق أمام تقديم شريحة قروض تالية للبلاد التي تعاني أزمة سيولة، ورغم حصول اليونان على حزمة إنقاذ بقيمة 110 مليارات يورو، العام الماضي من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد، أصبحت اليونان من جديد على شفا التخلف عن سداد التزاماتها المالية، إذ إن الجهود بالوفاء بأهداف صارمة قد أعاقها ركود شديد وضعف للإيرادات، وتخوف الشعب والمستهلكين من إنفاق ما لديهم من أموال، في ظل تدني الرواتب.

وتعتزم اليونان المضي قدما في طريق الوصول بالعجز إلى هدفه المحدد للعام الحالي، عن طريق خفض الإنفاق بنحو 6 مليارات يورو أو 2.8 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، من أجل الوصول بهذا العجز إلى 7.5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في نهاية عام 2011، ونجحت اليونان في خفض عجزها العام الماضي بنحو 5 نقاط مئوية.

يأتي ذلك، في الوقت الذي تحدثت فيه بعض الدوائر المراقبة عن أن خطر إعلان إفلاس اليونان، يتم التعرض له في حال لم يتم الموافقة على خطة متوسطة الأجل توفر لليونان 87 مليار يورو، حتى عام 2015، منها 50 مليارا من برنامج خصخصة الشركات والمؤسسات الحكومية و28 مليارا من خفض النفقات الحكومية واستقطاع الرواتب والمعاشات وفرض الضرائب. وهذه الخطة غير مرحب بها وتقابل برفض شعبي كبير ولكن الموافقة عليها شرط أساسي لحصول اليونان على القسط الخامس من المساعدات من الدائنين وقيمته 12 مليار يورو وأيضا شرط للحصول على قرض ثان جديد.

وعلى الصعيد المحلي هنا في أثينا، يستمر تظاهر آلاف اليونانيين «الغاضبين» في ميدان سيندغما وسط أثينا، فعلى غرار المظاهرات الأخيرة في العالم العربي، أعلنت حركة شبابية اسمها «الشباب الغاضب»، في محاولة لجمع 500 ألف عضو وحتى الآن وصل أعضاؤها على مواقع التواصل الاجتماعي إلى 100 ألف، ونصبوا الخيام أمام البرلمان وأقاموا فيها ليل نهار احتجاجا على إجراءات التقشف الجديدة، وعلى لافتة كبيرة كتبوا «لن نرحل من هنا إلا إذا رحل كل من الحكومة والترويكا والقروض».

وظلت اليونان لفترة طويلة مصدرا للتأثير العاطفي على جميع أنحاء أوروبا، وقد اتسم الحديث عن اليونان، التي تعتبر مهد الحضارة الغربية، بالليونة والتساهل، ولم يكن الاتحاد الأوروبي مستعدا للدخول في منافسة مع الدولة التي تعتبر مسقط رأس الديمقراطية في العالم، ونجحت اليونان في تقديم مستندات قد تكون مزيفة تفيد الوفاء بمعايير الاتحاد الأوروبي عام 2001، وأصبحت اليونان أوروبية بالكامل من بداية تطبيق العملة الأوروبية الموحدة (اليورو).

وليس غريبا، أن يشعر اليونانيون بأن الفقراء والعاطلين عن العمل هم من يدفعون ثمن أخطاء السياسيين وتهرب الأغنياء والنظام المعولم برمته الذي يكافئ هؤلاء الذين يفهمون في التكنولوجيا ويعاقب من تخلف عنها، وتعتبر أزمة اليورو رمزا ملائما لعصرنا الحالي من نواحٍ كثيرة ولكن يواجه اليوم ثورة شعبية جنبا إلى جنب مع الضغط المستمر من متناقضات النظام الحالي، ولا شك في أن الوحدة النقدية بين اقتصاديات متباينة بشكل جذري هو شيء لم يكن له مثيل تاريخي، كما أنه ليس بالأمر المقنع.

وتمر اليونان حاليا بأصعب اللحظات في تاريخها الحديث لمحاولة الحكومة تمرير الخطة متوسطة الأجل وهي الخطة التقشفية الثالثة منذ نحو عام وتصب على عاتق المواطن اليوناني البسيط، والخطة تنص على خفض أكبر للنفقات والرواتب وزيادة الضرائب وبيع وخصخصة مؤسسات وشركات الدولة العامة.

في المقابل، ارتفعت أصوات المعارضين من جميع فئات الشعب اليوناني، وخصوصا من قبل هؤلاء الذين يلاحقهم الضرر المباشر من الطبقات العاملة المتوسطة والفقيرة، حيث يتحملون العبء الأكبر في مواجهة هذه الأزمة التي لحقت بالبلاد.

وفي محاولة تسيء إلى جذب السياحة إلى البلاد، رفع عدد من أعضاء اتحادات نقابات العمال (بامي) الموالي للحزب الشيوعي، لافتة كبيرة باللغة اليونانية والإنجليزية على معبد الاكروبوليوس الأثري وسط أثينا، مكتوب عليها «الشعوب لديها القدرة ولن تستسلم أبدا..» ودعت اللافتة للانضمام إلى الإضراب العام والتظاهر رفضا للتدابير الجديدة، وتم رصد مجموعات كثيرة من السياح في العاصمة أثينا في حالة يرثى لها نتيجة للإضراب وتوقف المواصلات.

وطالب اتحاد العمال بالرد بشكل حيوي في الاستجابة للمشاركة في الإضرابات والمظاهرات، وجاء في بيان لاتحاد النقابات «ندعو الشعب العامل، والشباب، والأشخاص العاطلين عن العمل، والنساء، إلى انتفاضة شعبية لأن من الواجب علينا أن نعزز نضالنا مع بقية شعوب العالم ضد الرأسمالية الوحشية، ولن نسمح بتطبيق الإجراءات التقشفية الوحشية الجديدة، التي أفلست الشعب».

وتحتاج أثينا إلى 12 مليار يورو لتمويل ميزانياتها الشهر المقبل وتفادي أول تخلف عن دفع ديون سيادية في منطقة اليورو، ووفقا للمصادر فإن صناديق الدولة سوف تخلو من الأموال خلال النصف الأول من شهر يوليو (تموز) الحالي ولن يكون لديها أموال لسداد المرتبات والأجور.

وتعتبر فرنسا من أهم الدول التي تساند اليونان على الأقل معنويا عن طريق تصاريح الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي ينادي في معظم المحافل بمساندة اليونان، وأكدت الحكومة الفرنسية أنها توصلت إلى اتفاق مع المصارف لدعم مالي لليونان ضمن حزمة الإنقاذ الثانية، ويقضي الاتفاق بأن يعد دائنو اليونان من المصارف الفرنسية الخاصة بإعادة استثمارات 70 في المائة من المبالغ المستحقة عند حلول آجال ديونها لأثينا، وسوف يتم توجيه 50 في المائة منها لاقتناء سندات حكومية يونانية جديدة، آجال تسديدها تبلغ 30 عاما بدلا من 5 سنوات.

أما حكومة جورج باباندريو الاشتراكية المؤلفة من حزب الباسوك الاشتراكي، فقد نجت أخيرا وحازت على ثقة البرلمان بأغلبية 155 صوتا وهي أصوات أعضاء الحزب الاشتراكي الحاكم والذي لم يكن لديه خيار آخر سوى التصويت للحكومة من أجل البقاء في البرلمان، مقابل رفض 143 صوتا من أحزاب المعارضة، وجاءت النتيجة كما كانت متوقعة دون أي مفاجآت.

وفي كلمة ألقاها باباندريو سبقت التصويت على منح الثقة قال «أطلب الثقة كي أواصل التصدي للأزمة والانهيار وتحاشي الإفلاس وضمان بقاء اليونان في الحلقة القوية لليورو»، وأضاف أن الحكومة تتعهد بوضع كل قوتها للخروج من الأزمة، موضحا أن لدى الحكومة برنامجا وخريطة طريق للخروج من الأزمة، مشيرا إلى أن القروض لا تختفي بعصا سحرية ولكن الطريق صعب جدا ولا بد من التضامن الوطني من قبل كل مواطن حتى نتحول بالبلاد إلى اليونان المعاصرة، ومن ناحيته تعهد وزير المالية الجديد ايفانغيلوس فينيزيلوس ببذل جهد يفوق مطالب الدائنين الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي للنهوض بالبلاد.

أما اندونيس سامراس زعيم حزب الديمقراطية الجديدة أكبر أحزاب المعارضة، فيشن دائما هجوما شرسا ضد الحكومة ويدافع عن برنامج حزبه للخروج من الأزمة، ويطلب ضرورة إعادة التفاوض مع الدائنين كما دعا بابندريو إلى التوجه لانتخابات عامه مبكرة بدلا من الاستفتاء الذي دعا إليه الخريف المقبل حول التعديلات الدستورية.

ورحبت المفوضية الأوروبية بتجديد البرلمان اليوناني الثقة في حكومة جورج باباندريو الاشتراكية، آملة في حصولها على دعم برلماني لتخفيض الميزانية، مما سيفتح الطريق أمام صرف الدفعة الثانية من قرض المساعدات الأوروبية، وقال رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه مانويل باروسو، إن تصويت البرلمان اليوناني بتجديد الثقة بحكومة باباندريو يشكل «نبأ جيدا بالنسبة لليونان والاتحاد الأوروبي ككل.. وإن البرلمان اليوناني أزال عنصر غموض من وضع صعب للغاية».

ومن السيناريوهات التي قد يتم اتباعها وقت إعلان اليونان عدم قدرتها على سداد أقساط القروض أو عدم قدرتها على سداد قيمة الفوائد عليها، دخول البلاد في عملية الإفلاس، ومن المتوقع بعد ذلك هو أن تلجأ الحكومة إلى تقييم ديونها بما يسمى الدراخمه الجديدة، ومن المنتظر أن تنخفض قيمة الدراخمه الجديدة بما يتراوح بين 30 في المائة إلى 70 في المائة، بما يترك أثرا سلبيا مباشرا على جميع الديون اليونانية المقومة باليورو.

الحقيقة، أن مستقبل اليونان بات مجهولا، ولا أحد يعرف إلى أين سوف تسير الأمور، ولكن الشيء المعلن عنه أن كلا من جانبه بسعى لإنقاذ البلاد من الأزمة المالية والانهيار، لأن عواقب ذلك سوف تكون وخيمة، ليس فقط على نحو 10 ملايين يوناني، وإنما سوف تؤثر سلبيا وبطريقة مباشرة على كل دول مجموعة اليورو، بل وعلى منظومة الاقتصاد العالمي بأكمله.. وباباندريو سيكون المحرك الأساسي لأزمة اليونان في المرحلة القريبة المقبلة.