فتح وحماس.. ورحلة المصالحة

إجبارية ومرتبطة بالتغييرات الإقليمية وتجاوزت خطوطا حمرا.. وفي طريقها أكثر من مطب

أبو مازن وخالد مشعل خلال لقائهما بالقاهرة في نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

عندما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، إن مسألة رفض حركة حماس الاعتراف بإسرائيل قد تطرح على بساط البحث خلال جولة المفاوضات القادمة بين فتح والحركة الإسلامية، لم يكن الرجل يرمي بأحد بالونات الاختبار، كما يعتقد البعض. فهو يعرف أن حماس ترفض ذلك قطعيا، لكنه رغم ذلك كان قد نجح قبل أيام قليلة فقط في استدراج حماس من المربع الذي طالما كان يحاربه وتتمسك هي به، وهو مربع «المقاومة المسلحة» إلى المربع الذي طالما كان يدعمه وتهاجمه هي، وهو مربع «المقاومة الشعبية»، في خطوة غير عادية كانت عنوان التوافق الكبير بين فتح وحماس في آخر لقاء لهما في القاهرة، وهو ما اصطلح على تسميته «المصالحة».

وربما فإن أهم ما خرجت به «المصالحة» حتى الآن، كان تراجع حماس عن تبني المقاومة المسلحة طريقا لمواجهة لاحتلال، واستبدالها بالشعبية، والقبول بدولة على حدود 67، حسب ما قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة، في خطوة تحمل دلالات واضحة، ليس على تغير النيات ولغة الكلام وحسب، بل والمواقف أيضا.

ويبدو أن عباس يراهن على ما هو أكثر من ذلك خلال رحلة المصالحة الطويلة.

لا يمكن بأي حال من الأحوال القول إن التغيير الجذري في طريقة تفكير وتعاطي حماس مع الشؤون الخاصة والعامة، وتراجعها عن مواقف طالما تمسكت بها ولجوءها إلى أساليب طالما هاجمتها، ولد من العدم، أو أنه بتأثير مباشر من فتح. لكن عدة تحولات داخلية وخارجية مهمة، قادت إلى هذا التغيير الذي سبقتها إليه فتح.

ومثلما قبلت حماس بدولة على حدود 67 وبالمقاومة الشعبية وراحت تبحث عن المصالحة، فعلت فتح. تخلت عن لغتها القديمة، وراحت تنادي حماس بالشريك، وإدارة الظهر وإن ليس تماما للأميركيين والإسرائيليين واحتضنت حماس.

ولكن ما سر هذا التحول، كيف أصبحت حماس شريكا أصيلا بالنسبة لفتح، وكيف أصبح برنامجها السياسي متماهيا مع فتح؟ وكيف فضلت فتح الصلح مع حماس على العلاقة مع الولايات المتحدة وربما دول عربية وإقليمية؟

لا يختلف اثنان في الشارع الفلسطيني على أن التغييرات الإقليمية، أو ما يعرف بالربيع العربي، أجبرت الطرفين على المصالحة. ولم ينفِ قادة الفصيلين ذلك. وتحركت فتح مثلما تحركت حماس سريعا بعد التغييرات الجذرية في العالم العربي. لكن الحركتين تحركتا بدوافع تبدو أكبر من المصالحة نفسها، بل تركا المصالحة الحقيقية، أي الاتفاق على حكومة ومنظمة وأجهزة أمنية وانتخابات إلى جولات قادمة، وكأن المصالحة كانت جزءا من صفقة أكبر. قال المحلل السياسي طلال عوكل «السياسة لا تقبل أحكاما قطعية ولا ظواهر، ومن هو صديق اليوم قد يتحول إلى عدو غدا، والصحيح اليوم يصبح خطأ غدا. وأستطيع القول إنه لا يعرف في السياسة من كان يعتقد أن الحال السابق بين فتح وحماس كان يمكن أن يدوم».

ويرجع عوكل التغييرات في مواقف حماس وفتح إلى التغيرات الكبيرة التي رافقت مسيرتهما، فبالنسبة له قد وصل مشروع الفصيلين إلى طريق مسدود. وأوضح «فتح وصلت إلى طريق مسدود فيما يخص نهج المفاوضات، وحماس أدركت أن تجربة الحكم والمقاومة لم تنجح». وأضاف «كما أنهما أدركا أن زمن الحزب الواحد قد ولى وهذا بدا واضحا في كل الدول العربية التي تغيرت فيها الأنظمة الواحدة».

أسباب أخرى مهمة كما يراها عوكل، كانت سببا في التغييرات عند حماس وفتح أيضا. وقال «في حماس، أولا لم يستطيعوا تقديم سياسة مختلفة، لم تنجح الحركة في أن تطرح برنامجا بديلا، قالوا إنها حكومة مقاومة ولم يمارسوها أبدا، وثانيا، حماس دخلت لمربع العمل السياسي كقوة معارضة، عارضت السلطة والاتفاقات والانتخابات، والآن اختلف الأمر، إنها تعمل من داخل النظام، وقررت أن تكون هي السلطة، وثالثا، الإخوان المسلمون الآن يريدون تعديل وتلطيف الخطاب، أدركوا أن الخطاب المتشدد لم يجلب لهم اعترافا لا عربيا ولا دوليا». وأضاف «عمليا حركة حماس الآن تتحرك وفق تحرك أكبر للإخوان، إنهم ينتقلون إلى مرحلة الاندماج مع النظام السياسي العربي والسيطرة عليه، هذا ما يفعلونه في مصر وتونس والمغرب وهنا». إذن هذه هي الأسباب التي جعلت حماس تتحرك نحو المصالحة، فما هي أسباب فتح؟

يقول عوكل «أحد أهم الأسباب بالنسبة لفتح، هو إعادة تعزيز الشرعية الفلسطينية، لقد فقدت دعم دول عربية بسبب الانقسام، وحتى دول أجنبية تعذرت بالانقسام عندما طلب منها دعم إقامة الدولة، إذن هي بحاجة لتعزيز شرعيتها، وهذا يتم عبر إدخال حماس في النظام وإنهاء الانقسام، وثانيا، لأن برنامجها المرتبط بالمفاوضات فشل، وإذا كانت المنظمة الآن مضطرة وذاهبة للاشتباك مع إسرائيل، فهي بحاجة إلى أن تحمل معها حماس هذا الهمّ».

ويلخص عوكل الموقف «إنها مصالحة إجبارية وليست وليدة تغيير في النوايا»، لكنه يعتقد أن الرحلة ما زالت طويلة.

وفعلا ينتظر حماس وفتح عقبات ليست باليسيرة أبدا.

وعلى الرغم من أن مسؤولي الحركتين أعلنوا بشكل واضح عقب لقاء أبو مازن مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، قبل أيام، عن التوصل إلى اتفاق على تنفيذ اتفاق المصالحة وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وتكريس الهدنة في غزة والضفة الغربية مع إسرائيل، واعتماد المقاومة الشعبية كخيار لإنهاء الاحتلال للمرحلة القادمة والاتفاق على اختيار رئيس جديد للحكومة، فإن ذلك لا يعني أن الطريق سهل، بل صعب ومعقد.

وتبدو أهم العقبات المرحلية متمثلة في اختيار رئيس للحكومة، بينما هناك عقبات أخرى في منتصف الطريق.

وفي الوقت الذي يريد ويتمنى فيه أبو مازن الاحتفاظ بسلام فياض، رئيس الحكومة الحالية في رام الله، رئيسا لحكومة التوافق ترفضه حماس بشدة وبشكل قطعي.

وحتى الآن لم يعطِ أبو مازن ضوءا أخضر لاستبدال فياض، ويعتبر أبو مازن أن فياض يشكل غطاء مهما للمصالحة، وما يترتب عليها من حكومة. فمن جهة لن يطلب العالم برنامجا سياسيا لحكومة يقودها فياض الذي يعرفونه جيدا ويعرفهم، كما أن قطع الأموال عن الحكومة يصبح أقل إمكانية.

ويريد أبو مازن تجنب اتهام الحكومة الجديدة بالتبعية لحماس، كما يريد تجنب تعميق الأزمة المالية الموجودة حاليا.

ونظريا يبدو استمرار فياض خيارا واقعيا، غير أن فياض نفسه يواجه مشكلة كبيرة في هذا الأمر، فالعلاقة بين حماس وفياض عدائية إلى حد كبير، وكذلك يمكن القول: إن علاقته بفتح متوترة أغلب الوقت، وقد زادت الفجوة بينه وبين فتح، بعد اتخاذه خطا آخر غير مؤيد لخطوة الذهاب إلى مجلس الأمن.

وفي وقت سابق دعاه عزام الأحمد، وهو الرجل القوي في فتح، عضو اللجنة المركزية للحركة، ومسؤول ملف الحوار فيها، إلى إفساح الطريق والتنحي، وهكذا فعلت حماس، بصفته عقبة في طريق تنفيذ المصالحة.

ورد فياض بالتعبير عن الغضب الشديد قائلا إنه مستعد لمغادرة موقعه، لكن وفقا الأصول. وفيما بدا غير راض عن «استبعاده» من منصبه عبر وسائل الإعلام، وتأكيدا على أنه لم يستشر حتى الآن على الأقل في هذا الشأن، قال فياض على صفحته على «فيس بوك»: «في موضوع رحيل رئيس الحكومة فأنا رهن الإشارة ولا يمكن أن أكون عنصرا معطلا لشيء ولا يمكن أن أكون عنصر عدم استقرار، فأنا مسؤول وعندي حرص، ولكن إذا ما كان هذا هو المطروح فإن لكل بيت بابا ولتطرق البيوت من أبوابها وأنا أكثر من جاهز».

لكن المسألة ليست بهذه السهولة، إذ يجب اختيار شخص آخر لديه هذا القبول الدولي الموجود عند فياض. وأكدت مصادر عليمة لـ«الشرق الأوسط» أن أبو مازن لديه خيارات أخرى فعلا، لكنه لم يفصح عنها. وسيناقش هذا الملف في اجتماع سيعقد بين فتح وحماس في القاهرة في 18 ديسمبر (كانون الأول) أي قبل يومين من الاجتماع الموسع الذي ستشارك فيه الفصائل الأخرى التي وقعت على اتفاق المصالحة في العاصمة المصرية، المقرر أيضا في القاهرة.

وثمة عقبة أخرى تتمثل بالاعتقالات السياسية. ففي كل لقاء يعقد بين فتح وحماس، يعلن الطرفان انتهاء موضوع الاعتقال، والإفراج عن المعتقلين خلال أيام، بينما في حقيقة الأمر تستمر الأجهزة الأمنية باستدعاء المزيد من عناصر الحركتين في غزة والضفة.

ولا تبدو الأجهزة الأمنية مستعدة لوقف استدعاء عناصر الحركتين في مرحلة قريبة، بعدما وضعت نصب عينيها وقف أي نشاط مسلح وغير مسلح لعناصر الطرف الآخر.

ويبدو هذا الأمر مقلقا لحماس في الضفة الغربية بشكل خاص أكثر من غيرها.

وبحسب ما قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، فإن حماس في الضفة غير راضية عن تجاوز حماس في الخارج لهذه المسألة ولو مؤقتا وقبولها توقيع اتفاقات من دون تبييض السجون.

ويمكن ملاحظة كيف هاجم رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز الدويك، المصالحة من دون الإفراج عن معتقلين، قائلا إن المصالحة الفلسطينية برمتها ستكون في «مهب الريح» إذا استمرت الاعتقالات بالضفة ولم يتم الإفراج عن المعتقلين. وأضاف «لا يوجد تطبيق عملي على أرض الواقع لما تم التأكيد عليه في اللقاء بين خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في القاهرة.

لكن فتح تقول إن الأمر لن يتم بشكل سريع ويحتاج تدرجا.

ولعل ملف الأجهزة الأمنية، هو أحد أكثر الملفات الشائكة على الإطلاق، إن لم يكن أكثرها صعوبة.

والسؤال الكبير المطروح، هو كيف يمكن لكل من فتح في الضفة وحماس في غزة، التنازل عن قبضتهما المطلقة على الواقع الأمني.

وتبدو الشراكة الأمنية شبة مستحلية في المدى القريب أو حتى المتوسط، فقد عززت كل من فتح وحماس من قبضتهما الأمنية في الضفة وغزة، ووظفا عشرات آلاف الرجال الجدد وحاربا الآخر بضراوة وقسوة. والأهم من ذلك أن حماس تشترط من أجل أي ترتيبات أمنية، التبادل والتزامن، أي العمل على ترتيب الأوضاع في غزة والضفة معا، بمعنى أن عودة قوات الرئيس الفلسطيني إلى غزة تتطلب دمج حماس في الأجهزة الأمنية في الضفة، وتلك المسألة هي في حقيقة الأمر أكثر تعقيدا وأكبر مما تتمناه حماس وفتح حتى.

فالأجهزة الأمنية في الضفة، تتلقى معونة رئيسية من الولايات المتحدة وتدريبات كذلك، وتضطرها الاتفاقات الموقعة إلى التنسيق الأمني الكامل مع إسرائيل التي ما زالت تحتل الضفة، وتعطي عمليا الضوء الأخضر لعمل هذه الأجهزة، وبأي حال فإنها لن تسمح لحماس بالدخول إلى هذا المربع «الأمني» في منطقة متداخلة تماما ومفتوحة مع إسرائيل.

وأغلب الظن أن المتصالحين سيحاولون أولا الاتفاق على قانون الخدمة في الأجهزة الأمنية وقد يعملان بشكل مشترك، في أجهزة مثل الشرطة والدفاع المدني وحرس الرئيس على المعابر، بعيدا عن الأمن الوطني والمخابرات والوقائي.

وثمة اقتراحات الآن بإبقاء الوضع الأمني كما هو عليه، مع تنسيق شكلي بين الأجهزة في غزة والضفة إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

ملف منظمة التحرير يعتبر ملفا آخر، شائكا ومعقدا. وجدير بالذكر أن مسألة دخول حماس إلى المنظمة، ليست جديدة في حقيقة الأمر، فقد عرض الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، الأمر على حماس حتى قبل إقامة السلطة، ووافقت حماس، لكن الخلاف الرئيسي كان يتمثل في حصتها آنذاك.

ويمكن القول إن حصة حماس لا تزال تشكل معضلة، إذ تطلب الحركة بأن تمثل وفق ما أعطتها إياه الانتخابات الأخيرة، وتلك مسألة ترفضها فتح. وإذا كانت فتح يمكن أن تتنازل عن فياض وعن الأجهزة الأمنية في غزة، فهذا لا يبدو ممكنا في منظمة التحرير.

فالمنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومرجعية الكيان الفلسطيني برمته، بما فيها السلطة الفلسطينية، وهي التي تعطي الشرعية وتنزعها.

لكن حصة حماس ليست المشكلة فحسب، إذ يمكن تجاوز ذلك وفق نتائج انتخابات المجلس الوطني والتشريعي الجديدين، والمشكلة الأكبر أمام حماس، أن المنظمة تعترف بإسرائيل، ولديها اتفاقات موقعة في هذا الصدد، بينما ترفض حماس الاعتراف، فكيف ستدخل المنظمة، إما على حساب مواقفها أو على حساب برنامج المنظمة.

وتفطن ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية للأمر، وقال إن الاتفاق على برنامج المنظمة هو أساس المصالحة، محذرا من تركيز الحوارات بين فتح وحماس على ترتيبات من شأنها تكريس الانقسام، معتبرا أن اللقاءات المقبلة للفصائل يجب أن تركز على الموضوع السياسي، وقال: «لا مجال للحديث عن توافق وطني جدي من دون توافق فعلي على البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية». وأضاف: «علينا صوغ خطة سياسية تزيل خطر الانقسام وتواجه خطر الخطط الإسرائيلية». وأردف: «الحوار يجب أن يكون سياسيا عن الخطر الإسرائيلي وليس ترتيبات تكرس الوضع الحالي».

وفي هذا السياق، طالب عبد ربه بضرورة الحفاظ على منظمة التحرير كإطار ممثل لكل أبناء الشعب الفلسطيني وعدم المس بالبرنامج السياسي لها.

واتفق الطرفان على الأقل حتى الآن على عقد لجنة منظمة التحرير الفلسطينية الخاصة بإعادة تفعيل وتطوير وصياغة هياكل منظمة التحرير القيادية التي اصطلح عليها الإطار القيادي المؤقت وفق إعلان القاهرة عام 2005، وسيلتئم هذا الاجتماع في القاهرة في 22 ديسمبر الحالي.

ويرى البعض أن هذه اللجنة ستخلق مشكلات مع تنفيذية المنظمة، إذ تعتبر قراراتها غير قابلة للتعطيل بما لا يتعارض مع اللجنة التنفيذية للمنظمة، ويخشى من تداخل الصلاحيات.

وهناك أيضا ملف الصلح الاجتماعي الذي يعتبر ملفا شائكا هو الآخر. فقد قال مشعل بعد لقائه أبو مازن، «إن الدم ما بيصير ميّه». لكن أثناء الاقتتال الداخلي بين فتح وحماس صار الدم أكثر من ماء، وأزهقت أرواح كثيرة بسبب ومن دون سبب.

وفي مجتمع قبلي وعشائري، يصبح الثأر مسألة مصيرية، وهذا ما تخشاه فتح وحماس.

ويكفي الالتقاء بعناصر من فتح فقدت أطرافها أثناء الاقتتال، أو عائلات قتلى من الحركة، أو عناصر من حماس أصيبوا في الاقتتال أو عائلات قتلاهم، للتأكد من أن الحقد بلغ أقصاه، ويعرف هؤلاء أسماء من قتل أبناءهم واحدا واحدا.

وتريد فتح وحماس طيّ هذا الملف، وثمة اقتراحات بدفع دية إسلامية لعائلات الذين قتلوا في الاقتتال.

وتشير الورقة المصرية للمصالحة إلى ترتيبات خاصة ومفصلة بشأن الآثار المترتبة على الانقسام ورأب الصدع وتعويض المتضررين، وتتضمن صندوقا يمول عربيا لمعالجة آثار الانقسام وتبعاته.

وأخيرا هناك ملف الانتخابات، فقد اتفقت حركتا فتح وحماس على أن تجري الانتخابات في موعدها المتفق عليه في السابق، أي في شهر مايو (أيار) من العام المقبل، ويتشرط لتحقيق الانتخابات، تشكيل حكومة وتشكيل محكمة انتخابات وتشكيل لجنة انتخابات عليا.

وتريد حماس تشكيل اللجان بالتوافق، وبدأت فتح الاتصالات في هذا المجال، وقد تكون هذه أسهل القضايا، لكن هناك مسؤولين في حماس يقولون إن الوقت المتبقي غير كاف للإعداد لهذه الانتخابات بالإضافة إلى أنهم يطالبون بإطلاق الحريات في الضفة الغربية والسماح لحماس بالتحرك بحرية، كشرط للدخول في هذه الانتخابات والسماح بإجرائها في غزة.

وتنص الورقة المصرية على أن تجرى انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني على أساس التمثيل النسبي الكامل في الوطن والخارج حيثما أمكن، بينما تجري الانتخابات التشريعية على أساس النظام المختلط، تتم الانتخابات التشريعية بالنظام المختلط على النحو التالي؛ 75 في المائة قوائم، و25 في المائة دوائر، ونسبة الحسم 2 في المائة. وتجرى الانتخابات تحت إشراف عربي ودولي، مع إمكانية اتخاذ كافة التدابير لضمان إجرائها في ظروف متكافئة ومواتية للجميع، وفي جو من الحرية والنزاهة والشفافية في الضفة الغربية والقطاع.

إذن هذه هي الملفات التي تشكل مطبات في رحلة قطار المصالحة، ومن غير المعروف ما إذا كان القطار سيتجاوزها بسهولة أو سيتوقف عن أحدها، وهناك آراء مختلفة ومتباينة في هذا الموضوع حتى داخل حماس نفسها.

ويمكن تلخيص الموقف برمته، في أخذ رأيين لمسؤولين بارزين في فتح وحماس، الأول، يعتقد أن رحلة المصالحة ممكنة وقد فتحت كل أبوابها على مصراعيها، والثاني يقول إن تحقيقها غير ممكن.

ويقول عزام الأحمد، مسؤول الملف في فتح، «لقد طوينا بالفعل صفحة الخلافات بين فتح وحماس ووضعنا اللبنات الأساسية لتحقيق المصالحة الحقيقية على قاعدة سياسية».

أما محمود الزهار، القيادي في حماس، فيقول «لن تكون مصالحة».