فاتسلاف هافل.. الرئيس الفنان

الرئيس الراحل كتب خطبه السياسية بنفسه بآلة كاتبة «عتيقة الطراز» استخدمها في كتابة مسرحياته

TT

يجمع بين إبداع الفنانين، وحكمة السياسيين، بين شموخ البرجوازيين، وكفاح الكادحين، سكن القصور الرئاسية، وحبس في السجون السياسية، إنه الكاتب المسرحي فاتسلاف هافل، آخر رئيس لدولة تشيكوسلوفاكيا وأول رئيس لجمهورية التشيك، أحد مهندسي «الثورة المخملية» البيضاء التي أسقطت النظام الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا عام 1989، والذي غيبه الموت الأحد الماضي 18 ديسمبر (كانون الأول) عن عمر يناهز 75 عاما.

ولد هافل، الذي اشتهر بأن له صوتا مبحوحا، وشعرا في لون الزنجبيل، وشاربا في لون البرتقال، في 5 أكتوبر (تشرين الأول) 1936 في مدينة براغ، لعائلة معروفة وغنية حيث كانت عائلته مرتبطة ارتباطا وثيقا بالأحداث الثقافية والسياسية في تشيكوسلوفاكيا من 1920 حتى 1940، كما كانت أسرته تمتلك استوديوهات للسينما وعشرات العقارات بالعاصمة براغ، ولكنها تعرضت لنقلة دراماتيكية قاسية بعد أن حرمت من ممتلكاتها كلها، بعد تحرير بلاده من الاحتلال النازي من قبل الجيش الأحمر ووصول الشيوعيين إلى السلطة عام 1948، بزعم تعاون أسرته مع النازيين، فأجبر أهله على العمل في المصانع التي أنشأوها.

وفي عام 1951، وبعد أن انتهى هافل من مرحلة تعليمه الإجباري، وجد نفسه مصنفا كـ«عدو الطبقة» وبالتالي حرم من استكمال دراسته في كلية الآداب أو دراسة السينما كما كان يرغب، لكنه في عام 1955 دخل كلية الاقتصاد في معهد التقنية العالي ببراغ حيث درس لمدة سنتين، وفي الفترة بين عامي 1957 و1959 خدم في الوحدات الهندسية العسكرية وبعد انتهائه من أداء خدمته العسكرية في 1959 عمل في أحد المختبرات ثم عمل حمالا ومن ثم اشتغل عامل إضاءة في أحد المسارح وفي 1960 تعرف على أولجا، الممثلة الكوميدية آنذاك، التي أصبحت زوجته بعد ذلك. وقد توفت أولجا عام 1996 وبعدها بعام واحدة فقط تزوج هافل من الممثلة داغمار فيسكرنوفا التي تصغره بعشرين عاما، لكن هافل لم يرزق أبدا بأبناء.

درس هافل الدراما في أكاديمية الفنون المسرحية في براغ وقد عرضت مسرحيته الأولى في 1963، بعنوان «حفلة الحديقة» والتي كان يسخر فيها من النظام الشيوعي الشمولي. وباعتباره كاتبا مسرحيا، بدأ كتابة مسرحياته في الثالثة عشرة من عمره، كان لا بد له من أن يطور إحساسا مدهشا بالعبثية، وهو الأمر الذي فرض نفسه على مسرحياته، التي حفلت بمناظر لا تفتقر إلى البؤس وبشخصيات يمكن أن تجدها في كل مكان من عالمنا.

لحظة التحول السياسي في حياة هافل ككاتب مسرحي جاءت على أنقاض قمع «ربيع براغ» عام 1968، حين قمع الجيش الأحمر السوفياتي إصلاحات «ربيع براغ» التي شهدتها تشيكوسلوفاكيا بعد إعلان رئيس الوزراء في ذلك الوقت ألكسندر دوبتشيك تحفظه على سياسات الاتحاد السوفياتي، بدخول براغ وقمع المظاهرات وإسقاط دوبتشيك، حينها تم منع هافل من المسرح وأداء عمله ككاتب مسرحي ومحرر، فتحول هافل صوب السياسة حيث بلغ نشاطه السياسي ذروته في 1977 بعد مشاركته في صياغة الوثيقة التي سميت «ميثاق 77» والتي تدعو الحكومة الشيوعية في موسكو إلى احترام ما وقعته من معاهدات دولية خاصة بالحقوق المدنية وكان هافل واحدا من أول ثلاثة متحدثين باسم الحركة، وفي عام 1978، كتب هافل مقالا بالغ الأهمية بعنوان «قوة الضعفاء» وصف فيه نظام «التطبيع» في تشيكوسلوفاكيا في مرحلة ما بعد عام 1968 باعتباره نظاما مفلسا على الصعيد الأخلاقي ويقوم على الكذب والخداع والنفاق. كما ساهم أيضا هافل في تأسيس «لجنة الدفاع عن المضطهدين».

وفي عام 1979، حكم على هافل بالسجن 5 سنوات بسبب الأنشطة التي قام بها في هذه اللجنة ولكنه تم الإفراج عنه قبل انتهاء مدته وذلك بسبب مرضه، وكانت هذه هي أطول فترة قضاها في السجن وقد تم توثيقها فيما عرف بـ«رسائل إلى أولجا» وكانت رسائل يبعث بها إلى زوجته.

و في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 قامت الثورة «المخملية» في تشيكوسلوفاكيا لتعبر عن رفض شعوب تشيكوسلوفاكيا لسيطرة الحزب الشيوعي على الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد وقد ساندت الطبقة المثقفة والكنيسة هذه الثورة وفي النهاية اتخذ البرلمان التشيكوسلوفاكي في 29 نوفمبر قرارا بإلغاء إحدى مواد الدستور الخاصة بالدور القيادي للحزب الشيوعي، وفي 10 ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه تشكلت أول حكومة غير شيوعية منذ 41 سنة.

وفي 29 ديسمبر 1989 انتخب البرلمان هافل رئيسا جديدا للبلاد. ومنذ توليه رئاسة تشيكوسلوفاكيا قابل جميع رؤساء الدول الأوروبية بالإضافة إلى الرئيس الأميركي آنذاك ورئيس الاتحاد السوفياتي وقد سمحت تحركاته على الساحة الدولية بإقامة علاقات جديدة بالعالم الخارجي. أما بالنسبة للسياسة الداخلية فقد قاد هافل التغييرات الديمقراطية في إدارة شؤون البلاد والتحول الديمقراطي في المجتمع، ذلك إلى جانب خصخصة الصناعات عالية التكنولوجيا. وقد اعتبر هافل أن حل حلف وارسو من أهم إنجازاته ولكنه لم ينكر النتائج الكارثية لذلك على اقتصاد بلاده، فالبنية التحتية لذلك الحلف كانت جزءًا من النسيج العضوي لاقتصاد البلاد.

وكان على هافل أن يتقاطع مع التاريخ مرة أخرى حين تم الاتفاق في يوليو (تموز) 1992 على حل الاتحاد بين جمهورية التشيك وجمهورية سلوفاكيا، وهو ما كان يعارضه بشدة وقد ساهم في تشجيع إقامة فيدرالية معها بعد الانفصال وهو ما لم يحدث.

وانتخب هافل رئيسا لجمهورية التشيك عام 1993، ثم أعيد انتخابه مرة أخرى عام 1998، وانتهت مدة رئاسته الثانية والأخيرة في فبراير (شباط) 2003، ليتقاعد عن العمل السياسي، وفي عهده أصبحت جمهورية التشيك عضوا في حلف شمال الأطلسي عام 1997.

وفي مارس (آذار) 2011، نُقل هافل إلى المستشفى بعد إصابته بالتهاب حاد في الشعب الهوائية لم يتعاف منه، حيث كان يعاني من مرض سرطان الرئة منذ التسعينات كما كان يعالج أيضا من أمراض في الجهاز التنفسي وفي الأمعاء واستؤصل جزء من رئته اليمنى في ديسمبر 1996 بعد الكشف عن وجود السرطان بها، كما أجريت له جراحة بسبب الإصابة بالتهاب في الرئة في 2009.

وقال هافل في مقابلة أجريت معه، إنه أصيب خلال مرضه الأخير «بفقد التوازن وفقد الذاكرة ونقص الوزن»، وخلال صيف 2011 عكف هافل على تمضية وقته في منزله الريفي للنقاهة، لكن ذلك لم يمنعه من العودة لبراغ في ديسمبر الحالي للقاء الزعيم الروحي للتبت الدلاي لاما.

لكن الأحد الماضي، أسدل الستار عن مسيرة السياسي الفنان حين أعلنت الناطقة باسم هافل سابينا تانسيفوفا أنه توفي أثناء نومه كما أضافت أن زوجته ظلت إلى جواره في اللحظات الأخيرة بالإضافة إلى راهبة ظلت ترعاه خلال الشهور الأخيرة «استمر هافل يجمع بين صفاته الثلاث كسياسي ومعارض وفنان» هكذا يقول جيري بيهى مستشار فاتسلاف هافل للشؤون السياسية خلال الفترة من سبتمبر (أيلول) 1997 إلى مايو (أيار) 1999، وأضاف بيهي أن هافل أصر، رغم كونه رئيسا، على كتابة كل خطبه السياسية بنفسه على آلة كاتبة يدوية، عتيقة الطراز، كان يستخدمها في تأليف مسرحياته. وقال بيهي: «لقد كانت معظمها تحمل طابع الأعمال الفلسفية الأدبية».

وكانت واحدة من أفضل خطبه تلك التي ألقاها في شكل رسالة العام الجديد في 1990، حيث خاطب شعبه فيها قائلا «على امتداد أربعين عاما، وفي مثل هذا اليوم سمعتم الشيء نفسه في تنويعات مختلفة ممن سبقوني إلى الرئاسة، كيف أن بلادنا مزدهرة، وكم من الملايين أنتجنا، ومدى سعادتنا، وكيف أننا وثقنا في حكومتنا، وكم هو مشرق المستقبل الذي انتظرنا. وأنا أفترض أنكم لم تنتخبوني لشغل هذا المنصب لكي أكذب عليكم بدوري، إن بلادنا ليست مزدهرة، والطاقة الهائلة والروحية لأمتنا لم تستغل بصورة معقولة». بهذا الوضوح اعتاد هافل على مخاطبة مواطنيه، لكنه هو نفسه الرئيس الذي حرص على أن يخاطب التشيكيين قائلا: «دعونا نعلم أنفسنا والآخرين أيضا أن السياسة لا يتحتم أن تكون فن الممكن فحسب، وبصفة خاصة إذا كان هذا يعني المؤامرات والاتفاقات السرية والمناورات البرجماتية، وإنما يمكن أن تصبح أيضا فن تحقيق المستحيل، أي فن جعل أنفسنا وجعل العالم أفضل».

وبحسب رواية مستشاره، كان مفهوم هافل عن الديمقراطية يستند إلى المجتمع المدني القوى والأخلاق ولقد ميزه هذا المفهوم عن فاتسلاف كلاوس رئيس وزراء حكومته آنذاك والشخصية البارزة الأخرى في التحول الذي شهدته البلاد في فترة ما بعد الشيوعية، والذي كان بينه وبين هافل الكثير من الخلافات والتي بلغت ذروتها عام 1997، عندما سقطت الحكومة تحت زعامة كلاوس بعد سلسلة من الفضائح. ولقد أطلق هافل على النظام الاقتصادي الذي خلقته إصلاحات كلاوس في مرحلة ما بعد الشيوعية وصف «رأسمالية المافيا».

ويضيف جيري: «لعل الهزيمة الأعظم التي لاقاها هافل كانت أن أغلب التشيكيين الآن ينظرون إلى بلادهم باعتبارها مكانا تلعب فيه الأحزاب السياسية دور العميل للمجموعات الاقتصادية القوية والتي نشأ العديد منها بموجب عملية الخصخصة الفاسدة التي أشرف عليها كلاوس».

ويقول المستشار بيهي إن هافل تعرض للعديد من الانتقادات والاستهزاءات من جانب خصومه السياسيين وذلك باعتباره فيلسوفا أخلاقيا ساذجا، كذلك هناك العديد من المواطنين التشيكيين الذين لا يبدون تعاطفا مع هافل ليس فقط بسبب ما بدا وكأنه الواعظ الأخلاقي بل وأيضا لأنه كثيرا ما ذكرهم بافتقارهم إلى الشجاعة أثناء حكم النظام الشيوعي. ولكن الحال تبدل الآن فنظرا لاستيائهم المتنامي إزاء الفساد المستشري في النظام السياسي الحالي وغير ذلك من الإخفاقات، تزايد تقديرهم لأهمية المناشدات الأخلاقية التي تعود هافل على إطلاقها بل وبعد وفاته الآن يوشك الناس على الاحتفاء به باعتباره رجلا تنبأ بالعديد من المشاكل الحالية، وليس في الداخل فحسب فأثناء ولايته كرئيس، كان حريصا على لفت الانتباه إلى قوى التدمير الذاتي المتمثلة في الحضارة الصناعية والرأسمالية العالمية.

ويضيف بيهي: «سوف يتساءل كثيرون ما الذي يجعل من هافل رجلا غير عادي؟»، لكنه يجيب: «الإجابة بسيطة، طهارته وأخلاقه، فقد كان رجلا رقيق الجانب تحكمه مبادئه. وهو لم يكافح الشيوعية بسبب أجندة خفية من نوع ما، ولكن لأنها كانت في نظره ببساطة نظاما غير لائق وغير أخلاقي».

وفيما يذكر التاريخ أن الرئيس هافل أيد قصف يوغوسلافيا عام 1999 وغزو العراق عام 2003، كما وقع على «رسالة الثمانية» وهي عبارة عن رسالة من ثمانية رؤساء أوروبيين يؤيدون فيها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في قرار غزو العراق حيث نشرت هذه الرسالة في جريدة «وول ستريت»، لكن مستشاره يرد على ذلك قائلا «تلك المواقف السياسية لهافل لم تكن بدافع أهداف جيوسياسية أو استراتيجية، بل من أجل منع انتهاكات حقوق الإنسان على يد حكام مستبدين متوحشين».

من جانبه، يقول السفير أمين شلبي، المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية في القاهرة، والذي تولى أولى مهامه الدبلوماسية في براغ، إن فاتسلاف هافل هو نموذج الرئيس المفكر فاللافت للنظر تأملاته وكتاباته خلال توليه الحكم التي يعكس فيها حيرته بين التزامات المفكر والمثقف وبين التزامات وضغوط رجل السياسة. وأضاف شلبي في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «كان لهافل ملاحظات مهمة حول علاقة الأخلاق بالسياسة حيث كان يعتبر أن الأخلاق لا تتعارض مع السياسة». وتابع شلبي: «إن هافل كان دائما يشعر بالغربة في منصبه كرئيس، وكان لديه دائما الإحساس بأنه في أي وقت سوف يأتي من يطيح به من هذا المنصب»، وأوضح شلبي أن آخر كتابات هافل المسرحية قبل أن يترك الرئاسة هي مسرحية «المغادر»، وهي تدور حول موضوع هجر السلطة، وهي مسرحية هزلية ضاحكة.

وعبر مسيرته الأدبية، كان لهافل العديد من القصص والمسرحيات، منها «قوة الضعفاء» 1978، «محاولة العيش في الواقع» 1980، «رسائل إلى أولجا» 1983، «من أجل هوية الإنسان» 1984، «حرية الفكر» 1997، «تأملات الصيف» 1998، «من أجل سياسة ما بعد الحداثة» 2003، «الحب والحقيقة يجب أن ينتصرا على الكره والكذب» 2007.

وحصل هافل على العديد من الجوائز والأوسمة من بينها جائزة اليونيسكو لحقوق الإنسان عام 1990، وجائزة شارلمان الدولية عام 1991، وترجع تسمية هذه الجائزة العالمية التي تمنحها مدينة آخن إلى الإمبراطور شارلمان العظيم، وفي 1991 أيضا حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة بروكسل الحرة، وفي 1993 حصل على جائزة تيودور هويس، وفي 2003 منحته الولايات المتحدة الأميركية وسام الحرية الرئاسي، وفي 2004 حصل على جائزة ضوء الحقيقة في مجال حقوق الإنسان والتي تمنحها حركة التبت لأي شخص أو أي منظمة يساهم في نشر صراع الشعب التبتي من أجل حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية. وفي 2007 حصل هافل على الدكتوراه الفخرية من جامعة لييج في بلجيكا، وفي 2009 حصل على الدكتوراه الفخرية من معهد الدراسات السياسية في باريس، وفي عام 2010 منحته جمعية «فرانز كافكا» في براغ جائزة فرانز كافكا الأدبية، وفرانز كافكا هو كاتب تشيكي يهودي الأصل نال شهرة عالمية بعد الحرب العالمية الثانية.

وقد نعى رئيس الوزراء التشيكي بيتر نتشاس في وفاة هافل قائلا، إن «الرئيس هافل كان رمزا لما جرى هنا في عام 1989 وفعل الكثير جدا لهذا البلد من أجل تحوله السلمي إلى الديمقراطية. لقد كان رمزا لجمهوريتنا ووجهها في الخارج». وأضاف: «كان رجل دولة عظيما، وكان لكلمته وزن في السياسة والمجتمع». ومن جهته وصف وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله في بيان للخارجية الألمانية هافل بأنه كان أحد الذين مهدوا الطريق أمام الوحدة الأوروبية، وأضاف الوزير الألماني «إنني أنحني أمام هذا المكافح العظيم من أجل الحرية والديمقراطية». وتابع بيان الخارجية الألمانية «كان هافل هو روح الثورة في التشيك، ولولا هافل ولولا كلماته الشجاعة لما كان يمكن التفكير في حدوث التغيير الديمقراطي في وسط أوروبا وشرقها». وقد بعثت أيضا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ببرقية عزاء إلى الرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس في وفاة هافل، وصفت فيها هافل بـ«الأوروبي العظيم». وقالت: «من غير الممكن نسيان مجهوداته من أجل الحرية والديمقراطية تماما مثل إنسانيته العظيمة». وأضافت ميركل: «إننا نحن الألمان مدينون له بالشكر بشكل مباشر».

وفي بروكسل، قدم رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو تعازيه في وفاة الرئيس هافل، وقال في بيان، إن «اسم فاتسلاف هافل سيبقى للأبد مرتبطا بإعادة توحيد أوروبا ونشر قيمها في أوروبا الوسطى والشرقية. لقد كان أيضا مصدر إلهام كبيرا لجميع من حاربوا من أجل الحرية والديمقراطية في العالم». وبدوره، قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، إن هافل سيظل يذكر «بدوره الجوهري في تطور الحرية بأوروبا». وأضاف: «سيظل (هافل) يذكر كزعيم ساعد في إقامة ديمقراطية حديثة في جمهورية التشيك. إن إنجازاته تاريخية وستعيش من بعده. سيفجعنا فقدانه».

ونعى الرئيس الأميركي باراك أوباما هافل قائلا «لقد حزنت حزنا عميقا حين علمت بنبأ وفاة فاتسلاف هافل، كاتب المسرحيات وسجين الضمير السابق الذي أصبح رئيس تشيكوسلوفاكيا، وجمهورية التشيك. ورغم مواجهته نكسات كثيرة، عاش هافل حياة مفعمة بروح الأمل والتي عرّفها بأنها (القدرة على العمل من أجل شيء لأنه خيّر، وليس لمجرد أنه يمثل فرصة للنجاح)»، وأضاف أوباما «جسّد هافل تطلعات نصف قارة كان قد عزلها الستار الحديدي، وساعد في إطلاق عنان موجات تاريخية أدت إلى بزوغ أوروبا موحدة وديمقراطية».

وفي عالم تختلط فيه الأخلاق بالمصالح الاقتصادية والشخصية وتتعارض مع السياسات العامة للدول، فإن هافل مثل الرجل السياسي الذي يحركه ضميره فقط، الرجل الذي ظل دائما بعيدا عن ألاعيب السياسة وحيلها، ولم يتأثر بأضواء المنصب ولا بريق الشهرة.. ليعيش فنانا مبدعا ومعارضا شرسا مرتديا حلته الرسمية في قصر الرئاسة.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»