شباب 25 يناير في مقاعد المتفرجين

التمويل ونقص الخبرة وكيد الخصوم أبعدتهم عن كعكة الانتخابات

TT

مجرد بضع خطوات تفصل بين مبنى البرلمان المصري وميدان التحرير مهد الثورة المصرية، ولا تتجلى العلاقة بين برلمان مصر وميدان التحرير في هذه المسافة الجغرافية الضئيلة، ولكن هذه العلاقة بدأت منذ أكثر من عام حين أثارت انتخابات برلمان 2010 في مصر ضجة سياسية غير مسبوقة، وكانت أحد أهم العوامل في اندلاع ثورة 25 يناير التي انطلقت من ذلك الميدان القريب من البرلمان.

وبعد نحاج الثورة المصرية، التي قادها الشباب، وأجبرت الرئيس المصري السابق حسني مبارك على التنحي في الحادي عشر من فبراير (شباط) الماضي ظل الميدان رمزا لهؤلاء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الحرية، وتحولت العلاقة من الانتقال من البرلمان إلى الميدان لإسقاط النظام المستبد، إلى الانتقال من الميدان إلى البرلمان لبناء دولة الحرية والكرامة، ولكن شباب الثورة الذين ضحوا بالغالي والنفيس ونجحوا في ثورتهم فشلوا بامتياز في اجتياز مراحل الانتخابات الثلاث، وعلى الرغم من أنهم أسقطوا نظاما عتيدا ظل متمسكا بتلابيب الحكم لأكثر من ثلاثين عاما، فإنهم فشلوا في تجاوز هذه الخطوات القليلة للعبور إلى البرلمان عبر صناديق الانتخابات، حيث كشفت نتائج الانتخابات بمراحلها الثلاث وعلى مدى أكثر من ثلاثة أشهر عن هذا التراجع الكبير.

ففي القاهرة والجيزة ووسط الكم الهائل من المرشحين لمجلس الشعب المصري في الانتخابات الحالية حاول شباب الثورة الحضور والمنافسة، لكن النتائج النهائية لم تأتِ في صالح الشباب بشكل كبير، وإن كان هناك بعض الاستثناءات القليلة مثل نجاح الدكتور مصطفى النجار وزياد العليمي، وأكد شباب الثوار الذين ترشحوا في هذه الانتخابات أن هناك الكثير من المشكلات التي واجهتهم وحالت دون مشاركتهم في المسيرة الديمقراطية عبر البرلمان.

يقول عبد الرحمن هريدي، مرشح ائتلاف شباب الثورة وحزب التيار المصري لعضوية مجلس الشعب في محافظة الجيزة: «كثير من المرشحين كان يعتمد على الدعاية الكبيرة أو الاسم المعروف أو وجود حزب أو جهة تنظيمية لديها المال الكافي لدعم مرشحيها، بينما كثير من المرشحين الشباب لم يتوفر لهم ذلك»، وأضاف هريدي: «حملتي الانتخابية تكلفت 7 آلاف جنيه فقط، بينما أنفق مرشحون منافسون مبالغ طائلة للدعاية الانتخابية».

كريم زياتي أحد الشباب الذين دخلوا في المضمار الانتخابي بالقاهرة الكبرى ولكن لم يحالفه الحظ، أكد أن المشكلة الأساسية بجانب مشكلة التمويل هي غياب التنسيق بين الشباب، ما أدى إلى تفتيت الأصوات، وهو ما انعكس في النهاية على النتائج النهائية للانتخابات، بينما كانت التيارات الدينية شديدة التنظيم.

أما ياسر الهواري، عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة، الذي ترشح بدائرة جنوب القاهرة، فاعتبر أن خوض التجربة في حد ذاته أثقل هؤلاء الشباب بالخبرة السياسية التي تؤهلهم لتولي المسؤولية في ما بعد، وأن عدم الفوز هذه المرة كان متوقعا، إلا أن الأهم من الفوز كان النزول إلى الشارع وعرض أفكار الشباب وبدء بناء أرضية صلبة «نستطيع أن تعتمد عليها في ما بعد».

ولكن معاذ عبد الكريم، عضو المكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة، الذي ترشح على قائمة «الثورة مستمرة» الشبابية، أوضح أن الهدف من وجود الشباب في البرلمان هو محاولة خلق شكل ثوري داخل البرلمان وكسر النمط التقليدي لنواب مجلس الشعب، مؤكدا أن أحد أهم المشكلات التي واجهت مرشحي الشباب هي «عدم وجود منبر نتحدث منه للناس، في حين أن بعض الأحزاب الأخرى كان لديهم قنوات فضائية لعرض أفكارهم وبرامجهم».

وعلى الرغم من أن المجلس العسكري الحاكم في مصر تكفل بطبع الدعاية الانتخابية للمرشحين الشباب بصورة مجانية، إضافة إلى إذاعة البرامج الانتخابية لهم على أكثر من وسيلة إعلام حكومية وخاصة، فإن الحال لم تختلف في باقي محافظات الجمهورية الـ27، التي شهدت مراحل الانتخابات الثلاث، ففي الإسكندرية تفجرت حالة من الجدل الشديد في المدينة الساحلية بعد فشل شباب الثورة الذين ترشحوا على مقاعد مجلس الشعب بالمحافظة، فإنجازات هؤلاء إبان الثورة لم تشفع لهم في الحصول على أغلبية أصوات الناخبين. أحمد نصار، الناشط السياسي، مدير أحد المراكز الحقوقية، برر هذا الأمر بالحملة الشرسة التي شنها التيار الديني وقيامهم بتصوير التيارات الأخرى كما لو كانت تيارات معادية للإسلام، وتحويل الانتخابات إلى صراع طائفي أكثر من أنه سياسي. نصار، المحامي الذي تم اعتقاله أكثر من مرة على خلفية فعاليات سياسية معارضة للنظام السابق، أشار إلى أن «هذه الحملة الشرسة أطاحت بفرص الشباب من النجاح في الانتخابات لأننا تم حسابنا على التيار المدني الذي تم تصويره على أنه ضد الدين»، مؤكدا أن التيارات الدينية التي لم تكن تستطيع النزول بمرشحين في الانتخابات السابقة قفزت على الثورة وكسبت المقاعد باسم الدين، بينما الثوار الحقيقيون تم تصوريهم بأنهم من الكفار الذين لا يجوز التصويت لهم.

ويؤكد صفوان محمد، الذي ترشح أمام مرشحي التيار الديني بالإسكندرية، أن هذه «الحرب الدينية» منعته من الفوز بمقعد مجلس الشعب، مشيرا إلى أن المنافسين قاموا بتشويه صورة الشباب الثوري أمام الناخبين. ويقول صفوان، صاحب أول توكيل لدعم ترشيح الدكتور البرادعي للرئاسة عام 2010 إبان النظام السابق: «أثرت الأحداث والمواجهات والاعتداءات التي دارت في عدد من الميادين المصرية قبيل الانتخابات على حملتي الانتخابية التي قمت بوقفها تضامنا مع الثوار الذين تم الاعتداء عليهم».

أما حسن مصطفى، الذي ترشح على مقعد الفردي أمام 129 مرشحا آخرين، فأكد أن قانون الأحزاب كان أهم أسباب هذا الفشل الذي لاحق شباب الثورة. ويتابع مصطفى: «هذا القانون قصر الحق في تكوين الأحزاب على من يمتلكون الأموال الطائلة»، ولكن مصطفى الذي أصيب بطلق ناري أثناء قيامه بمحاولة منع تهريب مستندات هامة من جهاز أمن الدول بالإسكندرية إبان الثورة، اعتبر أن الأحزاب التي تشكلت بعد الثورة جزء من أسباب فشل الشباب، لافتا إلى أن هذه الأحزاب لم تكن مؤيدة بشكل حقيقي للثورة، وأنها لم ترشح أيا من شباب الثورة على قوائمها.

من جانبه يعرب يوسف شعبان، مسؤول الملف السياسي بائتلاف شباب الثورة بالإسكندرية، عن تعجبه مما وصفه بالانتهازية التي تعاملت بها الأحزاب مع الانتخابات، وأنها جميعا دفعت بذات الوجوه القديمة المعروفة على الساحة دون مراعاة للمشهد السياسي الحالي بمصر، الذي يتصدره شباب الثورة، مشيرا إلى أن الأنانية التي تعاملت بها القيادات الحزبية التي فضلت ترشيح نفسها وإقصاء شباب الثورة قد ضيعت على نفسها فرصة تاريخية ليحسب لها أنها شاركت في تغيير حقيقي بمجلس الشعب يعبر بالفعل عمن قاموا بالثورة ونادوا بها من الشباب.

أما في أقصى شمال غربي المحروسة وبالتحديد في محافظة الإسماعيلية، فسيطر على نتائج الانتخابات بها حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماع الإخوان المسلمين، فلم تحصد قائمة ائتلاف شباب الثورة بالإسماعيلية إلا مقعدا واحدا، إلا أن مرشحي القائمة من الشباب كانوا سعداء بعدد الأصوات التي حصلوا عليها، والتي بلغت 15 ألفا و989 صوتا، لتأتي القائمة في المرتبة الخامسة من بين 17 قائمة حزبية كانت تتنافس في الانتخابات.

وقالت الدكتورة عايدة الكيلاني، التي ترشحت على قائمة ائتلاف شباب الثورة الذي خاض الانتخابات تحت اسم حزب الوعي: «نحن سعداء جدا بالحصول على هذا العدد من الأصوات. لم نكن نتوقع أن نحتل المرتبة الخامسة بعد الأحزاب الرئيسية، وهذا يدل على وعي المواطن المصري ورغبته في التغير والثقة بالشباب»، مضيفة: « نحن لا نمتلك تاريخا سياسيا حافلا وطويلا، ولكننا نمتلك الأمل في التغيير».

وخاض ائتلاف شباب الثورة الانتخابات بإمكانيات محدودة للغاية حيث لم يكن لديه دعم مادي، وكان ذلك أهم التحديات التي واجهها الشباب مما جعلهم يعتمدون على جولاتهم ولقاءاتهم المستمرة مع الأهالي ونزولهم للاختلاط بالبسطاء في القرى والمراكز المختلفة بهدف الوصول إلى أكبر عدد من الناخبين واستعراض برنامجهم الانتخابي.

حداثة خوض هذه العناصر للتجربة الانتخابية وقلة الإمكانيات المادية واتساع الدوائر الانتخابية أهم التحديات التي واجهت الشباب في حملاتهم الانتخابية، بالإضافة إلى ثقل المنافسين، خصوصا قائمة الحرية والعدالة التي تعد الممثل الرئيسي لأكثر القوى السياسية تنظيما في مصر بعد الثورة، وهي جماعة الإخوان المسلمين العريقة التي تأسست في مارس (آذار) 1928، ناهيك بالتصويت الطائفي الذي شاب مراحل الانتخابات الثلاث، حيث شهدت العملية الانتخابية استقطابا بين قوائم تم تصويرها تابعة لتيارات إسلامية بعينها في مقابل قوائم وأحزاب أخرى تم الترويج لها من المنافسين على أنها أحزاب وقوائم كنسية، وبين الاثنين لم يجد شباب الثورة مردودا وسط هذا الاستقطاب الكبير.

وبعثت الجولة الثالثة من الانتخابات البرلمانية بريقا ضئيلا من الأمل بعد أن حققت قائمة «الثورة مستمرة» الشبابية نجاحا نسبيا، وجاءت في المركز الثالث بمحافظة المنصورة، إلا أن نتائج الفردي في الجولة ذاتها كانت مخيبة للآمال، خصوصا أنها لم تشهد عددا كبيرا من شباب الثورة المتنافس على مقاعدها. ويقول إيهاب سالم، محام (26 عاما): «خضنا الانتخابات ليس حبا في الظهور والشهرة وإنما رغبة في ضرورة أن يكون للشباب صوت في البرلمان وحتى يكون للشباب دور في المساهمة في تشكيل دستور جديد للبلاد».

واختلف أهالي عدد من الأهالي بمختلف المحافظات في تأييدهم للشباب خلال الانتخابات، فالبعض كان يرى ضرورة مساعدتهم وإعطائهم فرصة للفوز بعد دورهم في ثورة 25 يناير، والبعض الآخر يرى أن خبراتهم ضعيفة في هذا المجال ويجب الانتظار بعض الوقت لخوض هذه التجربة والمنافسة.

وفي السويس، المدينة التي انطلقت منها شرارة الثورة المصرية، حصل حزب النور السلفي على أغلبية مقاعدها البرلمانية، ولم يحظَ المرشحون الشباب أيضا بفرصة الفوز أو حتى المنافسة على الرغم من أنهم كانوا قادة الثورة بالمحافظة، خصوصا أحمد فتحي عضو تكتل شباب الثورة وعربي عبد الباسط الذي خاض الانتخابات على قائمة الحزب الناصري ولم يحصل إلا على 2470 صوتا فقط، ومدحت عيسي الناشط المعروف بالسويس، الذي خاض الانتخابات تحت قائمة حزب العدل. وذهابا إلى صعيد مصر حيث خرج شباب الثورة من الحسابات الانتخابية مبكرا، فإن عددا كبيرا من شباب الثورة اختار الابتعاد عن الانتخابات البرلمانية بإرادته، والعدد الآخر أجبرته التركيبة القبلية لمحافظات الصعيد إلى إعلان راية الاستسلام أمام رموز القبائل وعدم المنافسة أمامهم لأن المنافسة كانت محسومة مقدما.

ورغم قسوة الظروف المادية والقبلية التي يعيشها شباب الصعيد، فإن هناك عددا محدودا لا يتجاوز أصابع اليد الواحد قرر خوض غمار المعركة الانتخابية وتحدي الظروف القبلية ومحاولة التغلب على المصاريف الباهظة للدعاية الانتخابية بالدعاية على المواقع الالكترونية، ولكن لم يحالفهم الحظ واكتفوا بالاستفادة من التجربة.

ففي محافظة أسوان، 879 كلم أقصى جنوب مصر، قرر ائتلاف شباب الثورة من البداية مقاطعة الانتخابات لاعتراضه على إجراء الانتخابات قبل وضع الدستور، وفي محافظة الأقصر لم يختلف الوضع كثيرا، فقد أعلن ائتلاف دعم ثورة 25 يناير بالأقصر قبل بدء الانتخابات البرلمانية عن مقاطعته لانتخابات مجلسي الشعب والشورى القادمة؛ لعدم تنفيذ قانون العزل السياسي لـ«الفلول»، أذناب الحزب الوطني، معتبرا أن مشاركة الائتلاف في المعترك الانتخابي يعطي شرعية لفلول الحزب الوطني المنحل بالدخول في المشهد السياسي من جديد على الرغم من إفسادهم للحياة السياسية في مصر قبل الثورة.

وأشار نصر وهبي، المنسق العام لاتحاد ثوار الصعيد، إلى أن عدم تنفيذ قانون العزل ضد الفلول سبب رئيسي لكن تضاف إليه أسباب أخرى، منها التكلفة المادية الباهظة للدعاية الانتخابية، وهو ما لا يستطيع تحمله أي شاب من شباب الثورة أو أي شاب في مقتبل حياته، وأيضا توزيع الدوائر الذي تم بطريقة غير منظمة ساهم بشكل كبير في عزوف الشباب عن خوض العملية الانتخابية لكبر حجم الدوائر الانتخابية وعدم إمكانية الشباب التواصل مع هذه الكتل البشرية الضخمة.

أما في محافظة قنا فقد خلت قوائم المرشحين إلا من اسم يتيم لمرشح على المقعد الفردي لمجلس الشورى، بينما حاول آخرون أن يكسبوا تعاطف الجماهير بالادعاء بأنهم من شباب الثورة، وهو ما نفاه الائتلاف، مؤكدا أن له مرشحا واحد بانتخابات مجلس الشورى بقنا. وأكد علي مالك، عضو ائتلاف الثورة والمرشح على مقاعد مجلس الشورى، أن التكاليف المادية وتقسيم الدوائر وقف حائلا أمام الشباب في الترشح للانتخابات البرلمانية، متابعا: «لكنني قررت خوض التجربة كنوع من التحدي والإصرار على الحضور، رغم يقيني بأن كل الظروف سواء المادية أو القبلية ضد الشباب في الفترة الحالية، وكلها عوامل ساعدت في تحطيم شباب الثورة، لكننا في ذات الوقت لن نيأس وسوف نواصل المسيرة». وقد شهدت محافظة قنا واقعة غريبة حيث قامت الهيئة العليا لحزب الثورة المصرية بسحب مرشحها بنجع حمادي لانحياز بعض القبائل لفلول الحزب الوطني وسيطرة العصبيات والقبليات على الانتخابات البرلمانية في صعيد مصر، وهو ما أكده الشاب مصطفى يونس النجمي، عضو الهيئة العليا لحزب الثورة المصرية، ابن مدينة نجع حمادي، الذي تنازل عن الترشح في الانتخابات لإصرار قبيلته على الدفع بنائب سابق من أعضاء الحزب الوطني، الحاكم إبان النظام السابق، والوقوف وراءه بكل ثقلهم.

وقال النجمي: «لقد أعلنت تراجعي عن خوض الانتخابات البرلمانية القادمة في مذكرة قدمتها للحزب وذكرت فيها أسبابا كثيرة منه، وقوف القبيلة التي أنتمي إليها مع مرشح الحزب الوطني السابق واتفاقها على تأييده ومساندته ضد أي مرشح آخر، بالإضافة إلى سطوة رأس المال التي أرى أنها سوف يكون لها تأثير كبير في الانتخابات القادمة». وفى محافظة سوهاج لم يختلف الأمر كثيرا عن المحافظات الأخرى، فلم تشهد الانتخابات البرلمانية التي جرت بسوهاج تقدم أي عضو من أعضاء الائتلافات الثورية، تأكيدا لإعلان ائتلاف الثورة بسوهاج من البداية عدم خوض الانتخابات البرلمانية لأسباب، منها عدم ظهور الائتلاف بالشكل الكافي الذي يؤهله لكسب ثقة الناخبين وتأييدهم له.

وقال محمد شحاتة، منسق ائتلاف 25 يناير بسوهاج: «رفضنا من البداية خوض الانتخابات لأننا لم نقدم أي خدمات حقيقية للأهالي، فكل ما قمنا به مظاهرات ومسيرات سلمية من أجل مصر واعتراضا على بنود معينة، وهذا لا يكفى لكي ينتخبنا الناس ويعطونا أصواتهم، لكن خلال الفترة القادمة سوف نخوض انتخابات المحليات».

وهذه النتائج الضعيفة التي حققها شباب الثورة يعتبرها البعض رسالة إلى الثوار بأن نجاح الثورة لا يتوقف عند إسقاط النظام، ولكن النجاح الحقيقي للثورة يكون ببناء النظام الجديد، وأن يكون الشباب الذي فجرها وهدم نظام الاستبداد هو أحد هؤلاء الذين يبدأون في بناء النظام الجديد عبر الآليات المؤسسية المختلفة، وأنها لا تتوقف عند حد الأحلام التي قد تتحطم على صخرة السياسية التي لا تعرف النيات الحسنة أو الإحسان إلى الغير أو الاعتراف بفضله، ولكنها فقط تعطي من يستطيع حصد الأصوات وكسب تأييد البسطاء. وتبقى أمام شباب الثورة فرصة أخرى لإحياء آمالهم عن طريق البدء في تشكيل أحزاب سياسية تأخذ الخبرة البرلمانية بالتدريج ليكون لهم اليد الطولى في مستقبل بلادهم في أقرب وقت ويأمل الكثيرون أن يكون الشباب في مصر قد استفاد من الدرس الأول للثورة، وأن يستطيعوا بناء قوى فاعلة معبرة عنهم، وأن يكونوا قادرين على ممارسة دور فاعل في المشهد السياسي المصري بعد أن أنهوا مهمتهم بميدان التحرير على أتم وجه، ولكن تلك المسافة الفاصلة بين الميدان والبرلمان تبقى محفوفة بالقدرة على كسب تأييد الناخبين وتقديم برامج واقعية تحترم طموحات واحتياجات الغالبية العظمى من المصريين الذين يمتلكون وحدهم خريطة الانتقال من ميدان التحرير إلى مبنى التشريع.

* شارك في إعداد التقرير: أحمد صبري ويسري محمد ويوسف رجب.