ميت رومني.. وأحلام البيت الأبيض

يندفع لمواجهة أوباما.. لكن زلات لسانه وانخفاض شعبيته لدى النساء يكبلانه

TT

فرغت ساحة الصراع الانتخابي داخل الحزب الجمهوري من المنافسين، وبدا الطريق مفتوحا أمام حاكم ولاية ماساتشوستس السابق ميت رومني (64 عاما) ليكون المرشح الرسمي للحزب الجمهوري لمنافسة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وقد شهدت الأشهر الماضية صراعا وتنافسا شرسا بين المرشحين الثمانية الذين ترشحوا للفوز لتصويت الحزب. وقد حافظ رومني خلال هذا الصراع على ثباته، وبدا عنيدا وناجحا في مسار حملته الانتخابية وتعززت حظوظه بعد أن أطاح بعدد من خصومه في الانتخابات الأولية للحزب وفوزه بتصويت عدة ولايات مهمة. وكان انسحاب منافسه القوي ريك سانتورم، عضو مجلس الشيوخ السابق عن ولاية بنسلفانيا، أكثر أهمية في وقت لم يكن فيه انسحاب نيوت غينغريتش، الرئيس السابق لمجلس النواب، مفاجئا، حيث كان نسب التصويت له في تراجع مقابل ميت رومني. ورغم صدور تصريحات بتأييد رومني من كبار المسؤولين الجمهوريين إلا أن الحزب الجمهوري لن يعلن ترشيح رومني رسميا إلا في مؤتمر الحزب في مدينة تامبا بولاية فلوريدا المقرر في نهاية أغسطس (آب) المقبل.

وعلى الرغم من بقاء عضو الكونغرس ذي الميول الليبرالية رون بول في السباق الجمهوري، فإنه لا يملك فرصة فعلية في الفوز. وقد ركز ميت رومني في استراتيجيته خلال الأسابيع الماضية على مهاجمة أوباما، عندما سئل رومني في برنامج وورلد نيوز بشبكة «إيه بي سي» عما يريد أن يقوله للرئيس أوباما فرد قائلا «أقول له ابدأ في حزم حقائبك للرحيل من البيت الأبيض».

ويشير استطلاع للرأي أجراه معهد غالوب وصحيفة «يو إس إيه توداي» يوم الاثنين الماضي إلى تعادل الرئيس باراك أوباما ومنافسة الجمهوري ميت رومني في 12 ولاية رئيسية وحصل أوباما على نسبة 47 في المائة من نيات التصويت مقابل 45 في المائة لرومني، وبذلك تحسنت فرص رومني الذي حصل في استطلاع للرأي الشهر الماضي على 44 في المائة من الأصوات مقابل 47 في المائة من الأصوات لصالح أوباما. وتؤكد نتائج تلك الاستطلاعات أن المنافسة ستكون حامية بين الرجلين اللذين تخرجا في جامعة هارفارد ويحمل كل منهما صفات شخصية متناقضة.

ويلعب المال والنفوذ السياسي دورا حاسما في أي انتخابات وينفق ميت رومني بسخاء على حملته الانتخابية بجزء من ماله الخاص ويعتمد على شبكة من المتطوعين والمؤيدين والموظفين في كل أنحاء البلاد لحشد الأصوات لصالحه. وذكرت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» أن ثروة رومني تقدر ما بين 190 و250 مليون دولار، بينما تقدر ثروة أوباما ما بين 1.8 و12 مليون دولار. ويتوقع الخبراء أن يصل إنفاق حملة ميت رومني واللجان السياسية التي تدعمها إلى ملياري دولار. يبدو أوباما على الجانب الآخر في وضع الواثق من إعادة انتخابه، خاصة مع الإعلانات الإيجابية للتحسن التدريجي البطيء في معدلات التوظيف وأداء الأسواق الاقتصادية والمالية وتحسن مستويات التصنيع والاستهلاك. لكن تظل المخاوف الجيوسياسية والارتفاع المتزايد لأسعار النفط خطرا يهدد أوباما في الفوز بثقة الناخب وصوته. ونقطة القوة لأوباما في انتخابات عام 2008 تحولت إلى نقطة ضعف في انتخابات 2012، حيث انخفضت قدرته على جمع التبرعات بنفس المستويات التي حققها في الانتخابات السابقة، وتخطط حملة أوباما لإقامة حفلات لجمع التبرعات من أثرياء الحزب الديمقراطي ويساعده في ذلك الممثل جورج كلوني. وقد أعلن أوباما عن إطلاق حملته الانتخابية رسميا يوم الأحد الماضي وسط حشد هائل من المؤيدين له في ولايتي أوهايو وفرجينيا.

وتقول صحيفة «بوليتيكو» إن مديري الحملة الانتخابية للرئيس أوباما كانوا حائرين في مهمة البحث عن شعار يلخص أسباب خوض أوباما سباقا لإعادة انتخابه وتتراوح الخيارات ما بين «الفوز بالمستقبل» و«أميركا خلقت لتستمر» ولا يجب أن ننتظر. وأخيرا استقر الأمر على شعار «للأمام» وقام مديرو حملة أوباما ببث فيديو مدته 20 دقيقة يتحدث عن الإنجازات التي حققها أوباما خلال السنوات الماضية.

الجديد في المعركة الانتخابية التي ترصدها مراكز استطلاعات الرأي بشكل يومي هو ميل النساء للتصويت للرئيس أوباما بشكل كبير، وهو عنصر قد يكون مفاجئا في قلب موازين الانتخابات إذا لم ينجح ميت رومني في جذب أصوات النساء وإقناعهن بمهاراته. ويواجه رومني تحديا آخر في الفوز بأصوات الناخبين من أصول لاتينية، إذ يعارض رومني سياسات الهجرة واعترض لسنوات طويلة على ما يعرف بـ«قانون الحلم» الخاص بالهجرة، والذي يسانده الأميركيون من أصول لاتينية. ويدعو القانون إلى عدم معاقبة أطفال المهاجرين بجريرة آبائهم الذين دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية. وترجح بعض الدوائر أن يختار رومني عضو مجلس الشيوخ ماركو روبيو ذا الأصول اللاتينية نائبا له حتى يضمن أصوات الناخبين من أصول لاتينية.

ويقول جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي - الأميركي بواشنطن، إن رومني الذي ترشح في عام 2008 وخسر أمام السيناتور جون ماكين قد اكتسب خبرة في العملية الانتخابية، وكان أكثر استعدادا لسباق طويل أكثر من منافسيه الذين يخوضون غمار الانتخابات التمهيدية لأول مرة. وقال زغبي «رغم أن رومني ليس المرشح الأذكى أو الأكثر ارتياحا أو الأكثر كاريزمية، فإنه الأكثر اندفاعا وتلهفا للفوز». وأضاف زغبي أن بعض خصوم رومني مثل سانتورم وغينغريتش وباكمان اعترفوا على مضض بأنهم سيدعمون رومني لأنهم فقط يرغبون في هزيمة أوباما، مشيرا إلى أن مشكلة رومني لم تكن مع خصومه وإنما مع قاعدة الحزب الجمهوري لأنه لم يكن المرشح المفضل من قبل اليمين الديني والمحافظين الاجتماعيين وهم مجموعة تشكل 40 في المائة من القاعدة الجمهورية. وخلال التحضير للانتخابات التمهيدية كان البحث اليائس عن أي شخص عدا رومني، لكن اللعبة انتهت وأصبح على قاعدة الحزب قبول رومني سواء حبا فيه، أو على مضض.

يقول الخبراء إن أبرز عيوب ميت رومني هو تردده، فقد أعلن تأييده لتقنين الإجهاض في بداية حملته الانتخابية ثم عاد وعارضه، ووقف ضد زواج المثليين، ثم أعلن مساندته لحماية حقوق الشواذ الدينية، وساند تشديد قوانين امتلاك الأسلحة الشخصية ثم عاد ليعارضها. ويرى البعض أن تلك المواقف المتقلبة هي دليل على تردده وعدم حسمه للأمور وهي عيوب تضاف لبعض السلبيات في شخصيته مثل عدم صبره على من هم أقل منه حظا بالحياة وسخريته من الطبقات المتوسطة الكادحة.

إذا نظرت إلى ميت رومني صامتا، سيبدو لك أكثر هيبة ووقارا وأكثر جذبا للاهتمام والاحترام، بقامته الطويلة وقسمات وجهه المتناسقة، وشعره المصفف بعناية، وأسنانه اللامعة وملابسة الأنيقة ذات الماركات العالمية. ويبدو رومني بهذه الصورة الرئيس المثالي - من الناحية الشكلية - لأهم منصب سياسي في العالم، لكنه عندما يتكلم فإن تسرعه في الحديث، وزلات لسانه يقوضان من صورته الجيدة.

المشكلة أنه لن يصبح رئيسا صامتا وعليه أن يتكلم، ويعد ذلك إحدى العقبات التي تواجهه، فالسياسة هي لغة رومني الثانية وليست لغته الأولى فهو كثير التوقف أثناء خطابه للجماهير، ونبرة حديثه مرتبكة ويفتقد العفوية في الكلام كأنه يردد درسا تعلمه حين يتحدث للناخبين، كما أن فكاهته مفتعلة، وتعليقاته تثير السخرية، ومنها عندما قال إن «ارتفاع الأشجار في ولاية ميتشيغان مناسب تمام»، ظنا منه أن عبارات كتلك تثير مشاعر الناخبين في الولاية، جاءت النتيجة مخالفة تماما وسخر الناس من عبارته وخصصت محطة «إن بي سي» برنامجا للنقد الفكاهي سخر من زلات لسان رومني وتعليقاته.

ولا يقتصر الأمر على الأشجار والشوارع، بل أدلى رومني الذي تقدر ثروته بربع مليار دولار بأسوأ تعليقاته في القضايا الاقتصادية والمالية عندما قال إنه «يهوى التمتع بإقالة الموظفين»، وإنه «لا يهتم بمن يعانون الفقر المدقع». ويواجه رومني مشكلة كبيرة حينما يفقد أعصابه أثناء النقاش فيحاول أن يغير الموضوع وسيكون ذلك انتكاسة مدمرة له وللحزب قد يدفع ثمنها غاليا عندما يتقابل في مواجهة مع الرئيس أوباما. وعلقت صحيفة «واشنطن بوست» قائلة إن رومني يشبه دان كويل نائب الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب الذي احتل المرتبة الأولى في زلات اللسان.

ويبذل رومني جهدا كبيرا ليبدو مواطنا عاديا، لكنه يقع في شرك التسرع في الكلام ليذكر الناخبين بأنه أحد كبار أثرياء الولايات المتحدة، وهنا تبدو الخطورة، إذ سيخوض رومني الذي عجز حتى الآن عن ضبط لسانه معركة ضد خطيب مفوه وهو الرئيس باراك أوباما وفي تلك المواجهة سيكسب من يستطيع اللعب على أوتار الكلمات بطريقة صحيحة وفي الوقت المناسب وبالنغمة التي تلهب حماس الناخبين. ورغم تلك العيوب والانتقادات الموجهة لرومني من داخل الحزب الجمهوري فإن التيار المحافظ داخل الحزب أكثر انضباطا وتشددا من أن يواجه مخاطر البحث عن بديل في الوقت الحالي. وقد يبدو رومني رجلا اقتصاديا قادرا على فك شفرات وألغاز الأرقام، لكنه ينكشف عندما يتعلق الأمر بخبرته بشؤون السياسة الخارجية، وتقول عنه المحللة الأميركية راشيل مارسدن «يبدو أن ميت رومني يملك من دهاء السياسة الخارجية ما يملكه شخص زار يورو ديزني في يوم من الأيام، وهذا يفزعني، وهذا لا يعني أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أكثر اطلاعا على الجبهة الخارجية، لكنه يبدو على الأقل يدرك حدود إمكانياته».

في موقعه الإلكتروني للترويج لحملته الانتخابية يقول ميت رومني، إن الاحتجاجات التي اندلعت في مختلف أنحاء العالم العربي تنم عن تطلع الأجيال إلى حياة أفضل وتقدم فرصة لتغيير إيجابي، ويحذر رومني من المتطرفين الإسلاميين الذين يسعون للتأثير على الأحداث وعلى مستقبل الديمقراطية في المنطقة. ويقول رومني «لدعم مصالحنا الوطنية فإن إدارة رومني ستتبع استراتيجية لدعم الجماعات والحكومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط لتعزيز الفرص الاقتصادية وحقوق الإنسان وضمان ألا يأتي (شتاء عربي) بعد (الربيع العربي)». وتعهد رومني أنه خلال الأيام الـ100 الأولى - إذا تولى منصب رئيس الولايات المتحدة - أنه سيشرك الكونغرس ووكالات السلطة التنفيذية لتنظيم الجهود لمساعدة منطقة الشرق الأوسط الكبير وتعيين مدير إقليمي وليس مبعوثا خاصا كما في إدارة أوباما.

أما في الشأن السوري فقد طالب رومني الولايات المتحدة بالاعتراف بأن الرئيس بشار الأسد هو ديكتاتور قاتل عديم الضمير، منتقدا التفاوض معه لوقف حملته على المتظاهرين. ويقول رومني إنه ينبغي مضاعفة الجهود في مجلس الأمن وقطع مصادر التمويل التي تدعم قبضة النظام على السلطة. ويطالب رومني بالعمل مع السعودية وتركيا لدعوة الجيش السوري لحماية المدنيين، بدلا من مهاجمتهم و«دق إسفين» بين الأسد وآلته العسكرية. وقبل أن يخوض سباق الانتخابات التمهيدية لحزبه في عام 2008 ويخسرها أمام جون ماكين، قام رومني بزيارة إلى إسرائيل عام 2007 عندما كان في منصب حاكم ولاية ماساتشوستس، وكان هدف الزيارة هو زيادة خبرة رومني الخارجية وتقوية علاقته بالمنظمات اليهودية. في ذلك الوقت، أكد رومني على مواقفه المساندة لإسرائيل والمعادية لإيران وطموحها النووي، وصرح رومني في ذلك الوقت بأنه يرى أن الولايات المتحدة تواجه خطرين في علاقتها بالعالم الإسلامي، الأول هو ما سماه الجهاد العنيف أو الراديكالي، والثاني هو الخطر الإيراني. وطالب رومني بإحالة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى المحكمة الدولية بتهمة التهديد بممارسة الاستئصال العرقي بسبب تصريحات نجاد المعادية لإسرائيل.

وقد رصدت صحيفة «نيويورك تايمز» علاقة صداقة وثيقة جمعت بين رومني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي بدأت في عام 1976 عندما عملا الاثنان في مجموعة «بوسطن للاستشارات»، وعززتهما شبكة من الأصدقاء المشتركين. وقد أشار رومني إلى أنه لن يتخذ أي قرار سياسي مهم بشأن إسرائيل دون استشارة نتنياهو، وهو ما اعتبرته الصحيفة مستوى من الاحترام يثير الدهشة. ويلعب رومني بشكل جيد على أوتار القلق الأميركي والرافض لامتلاك إيران لسلاح نووي. وأعلن خلال مناظراته مع ريك سانتورم ونيوت غينغريتش، أنه إذا أصبح رئيسا للولايات المتحدة لن يستبعد استعمال القوة العسكرية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. ويطالب رومني بإخضاع إيران لعقوبات اقتصادية قاسية. ويحاول رومني أن يتشبه بالرئيس رونالد ريغان في تعامله مع قضية الرهائن الأميركيين في إيران عام 1979، وأن يشبه الرئيس باراك أوباما بالرئيس جيمي كارتر الضعيف المنزعج، ويشير إلى أن ريغان في ساعة تنصيبه رئيسا رسميا في 20 يناير (كانون الثاني) 1981، تم إطلاق سراح الرهائن في إيران وأدرك الإيرانيون أن رونالد ريغان جاد في تهديداته، عكس كارتر. ويقول رومني «تواجه أميركا والعالم اليوم موقفا مشابها وباراك أوباما أكثر الرؤساء الأميركيين ضعفا منذ الرئيس كارتر وهذا أمر غير مقبول».

ويوضح رومني أن سياسته الخارجية ستكون مثل سياسة رونالد ريغان وهي «السلام من خلال القوة»، من خلال إعادة بناء القوة الأميركية وتزيد الجنود بالأسلحة التي تمكنهم من الانتصار في أي صراع وزيادة معدلات بناء السفن الحربية. وقال رومني «مثلما سعى ريغان إلى حماية الولايات المتحدة من الأسلحة السوفياتية من خلال مبادرة الدفاع الاستراتيجي سوف أدفع باتجاه عمل أنظمة دفاعية ضد الصواريخ البالستية لحمايتنا وحماية حلفائنا من أي صواريخ تطلقها إيران أو كوريا الشمالية».

رؤية رومني للسياسة الخارجية الأميركية تركز على دعائم أساسية على رأسها زيادة القوة العسكرية الأميركية بزيادة الإنفاق ليصل إلى 4 في المائة من إجمالي الناتج القومي الإجمالي وزيادة أعداد الجيش وتحديث معداته، والبحث عن مصادر بديلة للطاقة تحمي أميركا من اعتمادها المتزايد على بترول الشرق الأوسط.

وتشير السيرة الذاتية لميت رومني - واسمه الحقيقي ويلارد جورج رومني – إلى أنه ولد في 12 مايو (أيار) 1947 في مدينة ديترويت بولاية ميتشيغان، في عائلة تعتنق الديانة المورمونية، وهي طائفة انشقت عن الديانة المسيحية وتدعو إلى تطهير الدين. تركت والدته لينور مهنة التمثيل عندما التقت والده جورج وتزوجته، وكان والد رومني من أصول متواضعة، لكنه عمل بجد في مجال صناعة السيارات حتى أصبح رئيسا لشركة «موتورز» الأميركية، وخاض سباق الترشح في الحزب الجمهوري لخوض معركة الرئاسة، لكنه أخفق في ذلك عام 1968. تزوج رومني «آن» في عام 1969 وأنجب منها خمسة أبناء هم تاغارت (1970) وماثيو (1971) وجوشوا (1975) وبنجامين (1978) وكريغ (1981) ولديه 16 حفيدا.

تخرج رومني في جامعة بريغام يونغ عام 1971 وحصل على ماجستير إدارة الأعمال من كلية هارفارد وعلى شهادة القانون (الحقوق) من كلية هارفارد. وعمل مستشارا لعدة سنوات في مجموعة «بوسطن الاستشارية» وعمل في عام 1977 مع شركة «باين آند كومباني» ثم تركها في عام 1984، وأسس شركة «باين كابيتال» التي تشعبت وأنشأت مئات من الشركات. عاد رومني عام 1990 إلى شركة «باين آند كومباني» التي كانت تواجه انهيارا ماليا وعين رئيسا تنفيذيا لها بمرتب رمزي (دولار واحد)، واستطاع رومني إعادة هيكلة الشركة وطرح أسهم ملكية للموظفين، وعقد عدة صفقات عقارية وقروض مصرفية وفرض هيكل جديد لزيادة الشفافية المالية. وفي غضون عام عادت الشركة إلى تحقيق ربحية دون تسريح للعمال.

في المجال السياسي، خاض رومني انتخابات مجلس الشيوخ الأميركي في عام 1994 عن الحزب الجمهوري، لكنه خسرها أمام منافسه تيد كنيدي. ونجح في انتخابه حاكما لولاية ماساتشوستس عام 2002، لكنه لم يسع لإعادة انتخابه في عام 2006 وركض للفوز بترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة عام 2008 وخسرها أمام السيناتور جون ماكين، لكن هاتين الهزيمتين السياسيتين لم تنالا من تصميمه وعزيمته، فالمعروف عن ميت رومني أنه يتصف بالمثابرة والعناد.

تاريخ حياته المهني مليء بالمحطات الاقتصادية، فهو رجل اقتصاد أكثر منه رجل سياسة، فقد قضى معظم حياته بالقطاع الخاص، مما أكسبه معرفة عميقة بالاقتصاد الأميركي. وعندما كان حاكما لولاية ماساتشوستس من عام 2002 حتى عام 2006 كانت موازنة الولاية تعاني من خلل وارتفاع في حجم الإنفاق مما دفع الولاية إلى فرض مزيد من الضرائب على السكان وإثر ذلك على وضع الولاية الاقتصادي، وتصدى رومني لهذه الأوضاع وقام بضبط الإنفاق العام للولاية وأعاد هيكلة البرامج الحكومية. ويؤكد بعض المقربين منه أن ولع رومني الحقيقي متعلق بالميل إلى حل المشكلات ومصارعة الأرقام، فهو يقول «أعطوني البيانات ودعونا نعمل على حل المشكلة»، وهي العقلية التي وصفتها صحيفة «الغاريان» البريطانية بأنها تشبه عقلية المحاسبين.

خلفية رومني الدينية وانتماؤه لطائفة المورمون تؤثر كثيرا في تشكيل سياساته وآرائه تجاه عدد من القضايا، كما تؤثر في قرارات جانب من الناخبين الذين يرون في طائفة المورمون فئة ضالة عن الطقوس الدينية المسيحية السليمة. وتعتنق تلك الطائفة تقاليد يعتبرها الكثير من المسيحيين الأميركيين لا علاقة لها بالدين المسيحي مثل السماح بتعدد الزوجات وتشجيع إنجاب الكثير من الأطفال. والمتشددون من أتباع طائفة المورمون يحرمون شرب القهوة والشاي والتدخين، وكل ما يحتوي على مادة الكافيين باعتبارها من المشروبات المكيفة، ولا يختلف تحريمها عن تحريم شرب المواد الكحولية. ويقول مديرو الحملة الانتخابية لرومني، إن الديانة لم تكن قضية أساسية ومهمة عندما فاز والد رومني لمرات متتابعة كحاكم لولاية ميتشيغان خلال الستينات، كما أن التوقعات بأن الإنجيليين (الذين يشكلون شريحة كبيرة من الناخبين المحافظين) لن يدعموا مرشحا مرمونيا لم تعد عائقا أساسيا وفقا لاستطلاعات الرأي.