حصار غزة.. بين المعابر والمصالح

منذ «مرمرة» فتحت إسرائيل ممراتها.. ومبادلات مرسي تفتح منفذا جديدا

رئيس وزراء حكومة حماس إسماعيل هنية
TT

في إسرائيل يتحدثون عن انتهاء الحصار على قطاع غزة، ويدعون أنه يقتصر على الجانب الأمني فقط، لكن حركة حماس تنفي ذلك وتدعي أن الحصار لم يتغير. وفي هذه السياق يعلق قادة حماس أملا كبيرا على «الإخوان المسلمين» في مصر بأن يقوموا بفتح القطاع تماما على سيناء.. لكن هذا يقلق فلسطينيين آخرين يريدون استمرار التواصل بين الضفة الغربية وغزة.

فمنذ انطلاق أسطول الحرية في نهاية شهر مايو (أيار) 2010، والذي كان يهدف في المقام الأول لكسر الحصار، تشهد المعابر ما بين قطاع غزة وإسرائيل حركة بشرية وتجارية نشطة بشكل لافت للنظر. وتتحدث إسرائيل عن حصار أمني وبالأساس عبر البحر المتوسط. وفي قطاع غزة يتواضعون في إبراز هذه الحقيقة. يقولون إن الحصار لا يزال قائما وخانقا. وقيادة حماس هناك تقتبس تصريحات الدكتور عمر شعبان، الخبير الاقتصادي الدولي، الذي دحض ما جاء على لسان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي في هذا الشأن، مؤكدا أن الحصار لا يزال مفروضا وبقوة على قطاع غزة، وأن الإجراءات التي زعمت إسرائيل أنها أقدمت عليها لتخفيف الحصار بعد أحداث أسطول الحرية لم تؤد إلى تغيير جوهري على أوضاع الحصار.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قال شعبان إن إسرائيل كانت تسمح قبل فرض الحصار بإدخال 6000 سلعة، لكن مجمل ما تسمح بدخوله الآن لا يتجاوز نحو 1000 سلعة، مشددا على أن إسرائيل تحرص على إدخال المواد الاستهلاكية فقط، وترفض بقوة إدخال المواد الحيوية للاقتصاد الفلسطيني. وأكد شعبان أن نظرة بسيطة تدل على أن قائمة السلع التي لا يتم السماح بدخولها لقطاع غزة يؤكد أن لدى إسرائيل العزم على رفض إعادة الحياة لاقتصاد قطاع غزة. وحسب شعبان، فإنه ضمن قائمة السلع التي تصر إسرائيل على منع دخولها: المواد الخام والماكينات بمختلف أنواعها التي تحتاجها المرافق الصناعية، مما أسهم في إغلاق معظم المصانع التي كانت تعمل في القطاع، بالإضافة إلى عدم السماح بإدخال مواد البناء، مما يعني تقليص القدرة على القيام بمشاريع بنى تحتية وإعادة الإعمار.

وأوضح شعبان أن إسرائيل دمرت خلال الحرب على قطاع غزة أواخر عام 2008 مئات المنازل والمنشآت الحكومية والمرافق العامة، وهي ترفض إدخال قطع الغيار والسيارات بمختلف أنواعها، مشيرا إلى أن جميع شاحنات النقل في قطاع غزة باتت قديمة جدا، وقدرتها على العمل تراجعت بشكل كبير، لأن الإسرائيليين يرفضون إدخالها. ونوه شعبان بحقيقة أن إسرائيل ترفض إدخال مواد تعتبرها إسرائيل ذات استخدام متعدد، مثل السماد، ما مثل ضربة قوية للقطاع الزراعي. واعتبر شعبان أن السلوك الإسرائيلي هو الذي يدفع الفلسطينيين في قطاع غزة للجوء إلى استخدام الأنفاق في جلب المواد الأساسية. وشدد شعبان على أن مظاهر الحصار المفروضة على قطاع غزة والرفض الإسرائيلي تنعكس في القيود على تصدير المنتوجات الفلسطينية، معتبرا أن ما سمحت إسرائيل بتصديره مؤخرا يمثل تصدير «عينات فقط». وتساءل «كيف سيؤثر تصدير شاحنة من الزهور أو شاحنة الأثاث للمشاركة في معرض في عمان على مجمل الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة؟»، محذرا من مغبة الوقوع في شرك الدعاية الإسرائيلية التي تحاول رمي الكرة في ملاعب الآخرين.

لكن في إسرائيل يصدون هذه الأقوال ويقولون إن الحصار على القطاع هو فقط حصار أمني، ويشيرون إلى أن أحاديث حماس عن الحصار تنطلق من دوافع سياسية، منذ فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة المصرية. فهذا الفوز، حسب الإسرائيليين، أثار لدى حركة حماس، الحاكمة في غزة، أملا في انفتاح شامل على مصر. ولفت الإسرائيليون إلى تصريحات يطلقها عدد من قادة الحركة وقادة آخرين في الفصائل الإسلامية في القطاع، يعبرون فيها عن الأمل في أن تقرر القيادة المصرية الجديدة أن تفتح معابر رفح. وهم يسمعون تجاوبا واضحا من قادة مصريين.

في إسرائيل يتابعون باهتمام بالغ تبادل التصريحات المصرية الفلسطينية، ويمكن القول إن هناك رائحة تغيير في الموقف الإسرائيلي. ففي الماضي كانت إسرائيل تعارض بشدة بالغة فتح معابر رفح. وبإصرار منها تم وضع اتفاق دولي لإدارة المعابر، بموجبه يوجد مراقبون أوروبيون إلى جانب حرس الحدود الفلسطينيين. وإسرائيل تراقب من بعيد وتتدخل في تحديد أسماء كل من يمر عبر هذه المعابر. لكن، بعد انقلاب حماس على السلطة الوطنية في قطاع غزة، تغيرت الصورة. وأصبحت مصر صاحبة القرار في فتح أو إغلاق المعابر. وكانت طيلة الوقت تناور ما بين الموقف الإسرائيلي والفلسطيني. فإسرائيل غير راضية، وتتهم المصريين (في زمن الرئيس السابق حسني مبارك) بمهادنة حماس وبغض الطرف عن «تهريب الأسلحة والإرهابيين عبر المعبر أو عبر الأنفاق». بينما كانت حماس وبقية الفصائل غير راضية عن مصر وتتهمها بمهادنة إسرائيل وفرض قيود صارمة على حركة الفلسطينيين.

واشتد الصراع حول المعابر في فترة الحرب على قطاع غزة، التي شنتها إسرائيل في نهاية سنة 2008 وبداية سنة 2009. ففي ذلك الوقت اعتبرت حماس إغلاق معبر رفح بمثابة عملية خنق تسهم بها مصر في الحصار على قطاع غزة. وراحت تطالب بفتح المعبر بشكل مطلق وحر أمام الفلسطينيين حتى لا يقضوا بنيران الغارات الإسرائيلية. إلا أن مصر كانت تفتح المعبر وتغلقه بشكل متقطع، محذرة من أن فتحه الحر قد يؤدي إلى هرب مئات ألوف الفلسطينيين من القطاع، قائلة إن مثل هذا الهرب هو ما ترمي إليه إسرائيل بالضبط، بتفريغ القطاع من أكبر قدر من الفلسطينيين وإحراج مصر بأعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين الجدد.

وحتى القوى الوطنية، التي تعتبر أن هرب الفلسطينيين من وطنهم سنة 1948 كان أكبر خطأ ارتكبوه في تاريخ قضيتهم، وأنهم نجحوا في تخفيف عدد الهاربين في سنة 1967 استفادة من تجربة النكبة، راحت هي أيضا تطالب مصر بفتح المعبر. واليوم تعود لتكرار الطلب في العهد المصري الجديد، وتقول إن الانفتاح على مصر هو وحده الذي يكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.

والسؤال الذي يطرحه المراقبون حاليا هو: هل يوجد حصار إسرائيلي على قطاع غزة فعلا، من ناحية الحركة التجارية والاقتصادية والبشرية؟ أم أنه كما تقول إسرائيل هو حصار أمني في البحر؟ والسؤال الأبلغ: هل الانفتاح على مصر يخدم المصلحة الفلسطينية اليوم، أم أنه يضرب هذه المصلحة ويخلد الانقسام ما بين قطاع غزة والضفة الغربية ويسهم في إضعاف القيادة الفلسطينية في المفاوضات على إنهاء الاحتلال؟

ولفهم الصورة بشكل أشمل، يطرح المراقبون أمرين، قبل الإجابة عن السؤالين السابقين، الأول هو دراسة الموقف الإسرائيلي من هذا الانفتاح.. والثاني فحص ما يدور على الحدود ما بين قطاع غزة وإسرائيل. ففي ما يخص الأمر الأول، فإنهم يؤكدون أن العديد من الباحثين الاستراتيجيين في معاهد الأبحاث الإسرائيلية منشغلون في الشهور الأخيرة عموما وفي الأيام الأخيرة بشكل خاص، بتحليل التطورات في مصر بعد فوز «الإخوان المسلمين» في انتخابات الرئاسة، وقبل ذلك في انتخابات مجلس الشعب، ويخرجون باستنتاجات بعيدة المدى، مثل الحديث عن إمكانية أن ينضم قطاع غزة إلى مصر «ونتخلص منه إلى الأبد» أو «الاضطرار إلى إعادة احتلال أجزاء من سيناء لمنع تنظيمات الإرهاب من تنفيذ عمليات على الجانب الإسرائيلي من الحدود».

في مقدمة تلك المعاهد مركز «بيغن - السادات» للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان (قرب تل أبيب)، الذي نشر دراسة تحت عنوان «الثورات العربية 2011 والأمن القومي الإسرائيلي»، جاء فيها أن «الثورة المصرية بجانب الثورات العربية وإيران خلقت وضعا أمنيا هو الأكثر خطورة بالنسبة لإسرائيل منذ نهاية الحرب الباردة، وأن الجو الأمني في إسرائيل هو الأسوأ الآن مما كان عليه في أي وقت مضى من العقدين الماضيين». وقالت الدراسة التي أعدها مدير المركز، البروفسور إفرايم عنبار، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، إن إسرائيل «ستضطر في ظل ظروف معينة إلى استعادة أجزاء من شبه جزيرة سيناء في ظل حكم الرئيس المصري الجديد، د. محمد مرسى، في حال استمر تدهور الوضع الأمني هناك بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك».

ووصفت الدراسة الوضع الأمني في سيناء على إسرائيل بـ«المريع»، زاعمة أنه منذ سقوط نظام مبارك قبل عام أصبحت شبه جزيرة سيناء منطقة ينعدم فيها القانون ويسهل للمسلحين العثور على ملاذ لهم، داعية الحكومة الإسرائيلية لتشديد الإجراءات الأمنية على طول الحدود المصرية. وقالت الدراسة إن البيئة الأمنية المتغيرة حول إسرائيل قد تدهورت، زاعمة أنه على الرغم من هذا فإن إسرائيل تبقى دولة قوية، وأن الفرق بين قوة إسرائيل وجيرانها هو أكبر من أي وقت مضى، مما يسمح لإسرائيل بمواجهة معظم التحديات وخوض العديد من المعارك في وقت واحد بمفردها.

وقالت الدراسة الإسرائيلية إن الإسلاميين وجدوا لأنفسهم مكانا في كل دولة عربية قامت بها ثورة شعبية، وأصبحوا الآن شركاء أو قادة في الحكومة العربية، من المغرب إلى تونس وليبيا ومصر. وأشارت الدراسة إلى أن الأردن هو أحد البلدان العربية القليلة التي نجت من الاضطرابات الواسعة والثورات الشعبية على مدى العام الماضي، مضيفة أنه على الرغم من هذا فإن الوضع الأمني للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني هش، وغالبية السكان هناك فلسطينيون ويشعرون بالاستياء في ظل حكمه. وفي ما يتعلق بالسلطة الفلسطينية قالت الدراسة الكثيرين من شعبها ينظرون إلى السلطة على أنها ضعيفة وغير شرعية، بعد أن خسرت بالفعل انتخابات عام 2006 أمام حركة حماس، لكنها رفضت التنازل عن السلطة، والآن السلطة تحت ضغط متزايد من قبل خصومها الإسلاميين.

ونشرت صحيفة «معاريف» تحليلا آخر لمحررها، بن درور يميني، يقول فيه إن فوز «الإخوان المسلمين» في مصر ليس أحادي الجانب ويمكن رؤية جوانب إيجابية فيه، خصوصا على صعيد القضية الفلسطينية. وقال إن العلاقة المميزة بين حركة حماس الحاكمة في قطاع غزة والحركة الآيديولوجية الأم، «الإخوان المسلمين» في مصر، ستتيح فتح الحدود تماما بين القطاع وسيناء وبقية الأراضي المصرية. وهذه فرصة لإسرائيل أن تقطع كل صلة مع قطاع غزة، وتوقف تصدير المواد والأغذية والأدوية والنقود إليه. وبذلك تضع حدا للتواصل بين قطاع غزة والضفة الغربية وتدفن إلى الأبد فكرة الممر الآمن بينهما، والعابر في الأراضي الإسرائيلية، لتصبح الدولة الفلسطينية العتيدة مقتصرة على الضفة الغربية وحدها.

وقال يميني إن مثل هذا التطور يمكن أن يعبر عن مصلحة مشتركة بين إسرائيل وتيار «الإخوان المسلمين»، يفتح بابا للحوار في ما بينهما.

في إسرائيل يرفضون الاتهام بوجود حصار على قطاع غزة. ومن الأرقام الرسمية، التي أعدت في قيادة الجيش الإسرائيلي، يتضح أن هناك تغييرا واضحا في سياسة الحصار، منذ شهر يونيو (حزيران) سنة 2010، أي مباشرة بعد انطلاق أسطول الحرية والهجوم الإسرائيلي على سفينة «مرمرة» التركية. وللدلالة على مدى تأثير هذا التغيير، يحتفظ الإسرائيليون بإحصائيات قالوا إن السلطات الفلسطينية أعدتها بنفسها، تشير إلى أن البطالة هبطت من 42.3 في المائة في سنة 2009 و40 في المائة في سنة 2010، إلى 28 في المائة في سنة 2011. وقالت إن هناك 37 مشروعا كبيرا تمت في القطاع و74 مشروعا أخرى قيد العمل و56 مشروعا على شفا مباشرة العمل فيها. وهذه المشاريع متعددة المجالات: 64 مشروعا في التعليم، 32 في البنى التحتية، 18 في الزراعة، 14 في الصحة و13 مشروع سكن، و10 شوارع، و25 في مجالات أخرى.

ويشيرون إلى أن إسرائيل ضاعفت كميات البضائع التي تدخل إلى قطاع غزة نحو مرتين، وفي بعض الأحيان نحو ثلاث مرات. فإذا كان عدد الشاحنات التي تنقل بضائع من إسرائيل إلى القطاع في سنة 2010 بلغ 31217 شاحنة، فقد ارتفع إلى 49514 شاحنة في سنة 2011، أي ما يعادل 58 في المائة (للمقارنة، في سنة 2008 بلغ العدد 26215 شاحنة، وفي سنة 2009 بلغ 31094، علما بأن الحرب على غزة نفذت في الشهر الأخير من سنة 2008 والشهر الأول من سنة 2009). وإذا قارنا بين أول ستة شهور من سنة 2010 حين دخلت بضائع بحمولة 10908 شاحنات مع أول ستة شهور من سنة 2011 حيث دخلت 26045 شاحنة، تكون الزيادة ضعفين ونصف الضعف (260 في المائة).

وبعد السؤال عن نوعية هذه البضائع، اتضح أنها عبارة عن مواد غذائية، أدوات مطبخ، ملابس وأحذية، مواد تنظيف، سماد للزراعة، مواد تجميل، معدات طبية، أدوية، منتوجات الحليب، لحوم، زيت، قطع غيار للسيارات، فواكه وخضراوات، بذور وبهارات.

كما أدخلت إسرائيل خلال السنة الماضية 1862 سيارة جديدة إلى القطاع، وفي السنة الجارية أدخلت 998 سيارة، بينها عدة سيارات فخمة من طراز «مرسيدس» و«بي إم دبليو» و«بورشه». وقرر الجيش الإسرائيلي مضاعفة كمية السيارات من 40 سيارة إلى 80 في الشهر.

وحسب المعطيات الإسرائيلية، يوجد ارتفاع أيضا في عدد الفلسطينيين الذين يسمح لهم بدخول إسرائيل من قطاع غزة. ففي حين دخل 22849 في سنة 2009، ارتفع العدد إلى 33480 شخصا في سنة 2010 وإلى 38706 في سنة 2011، وتمت المحافظة على المعدل في سنة 2012 حيث دخل في أول ستة شهور منها 19740 شخصا. ومن مراجعة لقوائم المواطنين الذين دخلوا لإسرائيل من غزة في سنة 2011، وجدنا أن غالبيتهم مرضى ومرافقون (18589 شخصا، بينهم 1859 مريضا عولجوا في مستشفيات إسرائيلية والباقون في مستشفيات الضفة الغربية)، وتجار (8407 أشخاص). وهناك 1881 حالة دخول وصفت بأنها حالات إنسانية. ووجدنا بين المرضى شخصا، هو زوج شقيقة رئيس وزراء حكومة حماس، إسماعيل هنية. و36 طاقما طبيا قدم من غزة إلى إسرائيل للمشاركة في مؤتمرات ودورات تعليم واستكمال طبية في سنة 2010، وثلاثة طواقم في سنة 2011، وطواقم مهندسين وخبراء زراعيين شاركوا في دورات إرشاد زراعي.

وتم تصدير منتوجات فلسطينية من قطاع غزة إلى إسرائيل، أو إلى دول أخرى عبر إسرائيل مثل السعودية (عن طريق الأردن) والأردن وبريطانيا، وغيرها. على سبيل المثال: 8.8 مليون وردة، 442 ألف طن من التوت الأرضي، 1152 ألف طن من البندورة، و94 طنا من البسكويت، وطن واحد من الملابس، و30 حاوية تحمل الأثاث المصنوع في غزة.

وإزاء الشكاوى في غزة من سياسة تقنين كميات الوقود التي تدخل، والتي بسبب شحها ينقطع التيار الكهربائي بمعدل ثماني ساعات في اليوم، قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل أدخلت 15 مليون لتر من الوقود خلال السنة الجارية، ومنذ السابع من الشهر الماضي بدأت في إدخال أول كميات من مجموع 30 مليون لتر أرسلتها قطر إلى إسرائيل من أجل قطاع غزة (أدخل حتى الآن مليونا و806 آلاف ميغاوات). وأضاف «إن إسرائيل تزود قطاع غزة بما يعادل 72 في المائة من الكهرباء (125 ميغاوات)، ومحطة توليد الكهرباء في القطاع تزودها بنحو 15 في المائة، ومصر تزودها بالباقي (13 في المائة) وإسرائيل تقوم بتزويد القطاع بحصتها. ولسنا نحن السبب في انقطاع الكهرباء هناك بتاتا».

وحول الشكاوى المرتبطة بنقص المياه وتلوثها، قال الناطق «في غزة تم حفر 180 بئرا مرخصة لاستخراج المياه. لكن هناك 1000 بئر أخرى حفرت من دون ترخيص وسحب المياه منها هو الذي تسبب في تسرب مياه البحر إلى الآبار فلم تعد صالحة للشرب. وإسرائيل تزود قطاع غزة اليوم بخمسة ملايين متر مكعب من المياه عبر أنبوبين، ونعمل حاليا على مضاعفة الكمية عبر وادي غزة». وأضاف أن هناك مشاريع أوروبية لتصريف أو تطهير مياه المجاري يجري العمل فيها، أحدها في الشمال تموله فرنسا وبلجيكا والسويد والاتحاد الأوروبي ويديره البنك الدولي بقيمة 75 مليون دولار وسينتهي في سنة 2014، والثاني في منطقة الوسط تموله ألمانيا بقيمة 35 مليون دولار وسينتهي هذه السنة وثلاثة مشاريع أخرى في الجنوب يمول أحدها الصليب الأحمر وهو مستغل بنسبة ضئيلة، حيث يستوعب 50 مليون متر مكعب ويستغل منه فقط 12 مليونا، والثاني قائم في خان يونس، والثالث سيبدأ العمل به قريبا وهو من تمويل اليابان والولايات المتحدة والبنك الإسلامي.

من هنا، فإن الحديث عن حصار شامل لم يعد دقيقا. فصحيح أن ما تدخله إسرائيل إلى قطاع غزة ما زال محدودا، 25 في المائة من المواد الغذائية المستهلكة والسكر و10 في المائة من الزيت و15 في المائة من الأرز و55 في المائة من القمح (بقية المواد تحضر من مصر عبر الأنفاق)، فإن هناك من يرى أن قيادة حماس أيضا لا تريد أن تعتمد كليا على البضائع الإسرائيلية، وتفضل توزيع الاحتياجات على الطرفين.

وفي كل الأحوال، فإن قضية الحصار باتت بحاجة إلى بحث جديد. وفي حال كسر الحصار بواسطة الانفتاح الكامل على سيناء المصرية، يفتح الباب أمام تساؤلات باتجاه آخر هو الذي تحدثت عنه صحيفة «معاريف» وهو التخلص الإسرائيلي من قطاع غزة بغية إضعاف الضفة الغربية والسلطة الفلسطينية أكثر.