ميليباند.. رئيس وزراء بريطانيا المنتظر

من «إد الأحمر» إلى «إد الواقعي البراغماتي»

TT

هل صحيح أن التناحر الآيديولوجي بين الرأسمالية والاشتراكية قد وصل إلى نهايته، بسقوط الكتلة الشرقية، في نهاية حقبة الثمانينات، وأن العالم قد دخل في مرحلة الرأسمالية الليبرالية، كما يقول المنظر اليميني فرانسيس فوكوياما، الشهير بكتابه «نهاية التاريخ»، أم إن الصراع ازداد حدة كما يروج منظرون يساريون في ذاك الوقت، من أمثال الأميركي ناعوم تشومسكي أو التشيكي سلافوي جيجيك، الذين يرون على أن الرأسمالية تواجه أزمة حقيقية؟ وحاليا ومع مع بروز الأزمة المالية التي عصفت بالعالم، خصوصا الولايات المتحدة وأوروبا، عاد الحديث عن الصراع الآيديولوجي من جديد.

على هذه الخلفية يمكن تسليط الضوء على توجهات زعيم المعارضة العمالية في بريطانيا، إد ميليباند، الذي يرى العديد من المعلقين السياسيين أن خطابه الذي ألقاه هذا الأسبوع في مؤتمر الحزب السنوي قد وضعه في موقع جديد في الوسط بين تلك الصراعات الآيديولوجية، محاولا كسب مكانة سياسية جديدة تخوله أن يكون منافسا جديا لتولي سدة الحكم في البلاد ويعيد حزبه إلى السلطة التي خسرها في الانتخابات العامة البرلمانية عام 2010، مما جعل وسائل إعلام ومنظرين ومحللين سياسيين يطلقون عليه لقب «رئيس الوزراء المنتظر».

لكن إد ميليباند في وضع لا يحسد عليه. الطريقة التي تم انتخابه بها زعيما بعد هزيمة حزب العمال عام 2010 في الانتخابات العامة واستقالة رئيس الوزراء السابق غوردن براون كانت مؤلمة وصعبة على مستويين؛ أولا أنه خاض المنافسة ضد شقيقه ديفيد، وزير الخارجية الأسبق، المحسوب على تيار توني بلير، وهذه المنافسة أدت إلى بروز حواجز عائلية، إن لم تكن قطيعة، مع شقيقه؛ إذ لم يصبحا يلتقيان كما كان معمول به سابقا مع والدتهما يوم الأحد من كل أسبوع، حتى لا يجلسان تحت سقف واحد، كما صرحت والدتهما.

ثانيا لقد فاز إد ميليباند في المنافسة ضد شقيقه بسبب دعم النقابات العمالية له، التي جاء صوتها حاسما وكانت تميل لصالح الشقيق الأصغر، وبهذا، وحسب المنطق، فإنه يصبح مدينا لها أخلاقيا وسياسيا. الصحافة البريطانية الشعبية المحافظة أطلقت عليه اسم «إد الأحمر» أي الشيوعي. النقابات كانت تطمح إلى أن ينحاز إد إلى جانبها في أي معركة مع الحكومة المحافظة بخصوص الزيادة في الأجور والدعم في حالة اللجوء للإضرابات. إلا أن إد حاول هذا الأسبوع في خطابه وفي مناسبات سابقة، خصوصا في مؤتمر النقابات الذي جاء بعد فترة قصيرة من انتخابه، أن يبعد نفسه عنها.

وفي أول خطاب له أمام مؤتمر الحزب بعد فوزه، أرسل إد ميليباند رسالة واضحة إلى النقابات التي دعمته والتي كانت تخطط وما زالت لسلسلة من الإضرابات العمالية ضد سياسة التقليص للحكومة الائتلافية.

وفي الوقت نفسه الذي هاجم فيه سياسة تقليص الخدمات للحكومة، طلب من النقابات أن لا تتبع سياسة «غير مسؤولة» لأن ذلك سيفاقم من المشكلات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. لقد فاجأ النقابات بموقفه، مؤكدا أنه غير مدين لها بشيء، الأمر الذي أغضب بعضها وصاح بعض النقابيين بأعلى صوتهم في القاعة خلال إلقاء خطابه متهمين إد بأن ما تفوه به هو «القمامة نفسها».

وقال بوب كرو النقابي الذي يقود نقابة عمال السكك الحديدية والمواصلات البحرية، والتي تعتبر من أكثر الاتحادات راديكالية، إن النقابات تفكر جليا في قطع علاقاتها بحزب العمال، مضيفا أن «إد ميليباند، الزعيم الجديد، فضل الذهاب إلى الحفلة الصيفية التي أقامها قطب الإعلام روبرت ميردوخ بدلا من حضور الحفلة التي أقامها عمال المناجم في منطقة ديرهام. إد ميليباند طلب من المدرسين وموظفي الجهاز الإداري مقاطعة الإضراب الذي دعت إليه النقابات قبل عام.. «عند الإضراب، إما أن تأخذ جانب العمال أو تنحاز إلى جانب أرباب العمل» قال كرو. لكن إد حاول عدم الانحياز لأي منهما.

لكن كيف سيقنع إد ميليباند جمهور الناخبين ليصل إلى سدة الحكم. لحد الآن ومنذ فوزه بقيادة الحزب والصحافة والمعلقين السياسيين ينتقدون إد ميليباند على أدائه في مجلس العموم وأنه لم يسجل أي ضربات سياسية تذكر ضد الحكومة أو خصمه زعيم حزب المحافظين رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

لكن هذا الأسبوع حدد في خطابه، الذي دام 65 دقيقة (لم يكن مكتوبا ومن دون أي ملاحظات مدونة) سياساته للفترة المقبلة، بعيدا عن النقابات وقريبا من سياسات شد الأحزمة واضعا الحزب في خانة الوسط مع الميل قليلا إلى اليسار. وتلقى المعلقون خطابه بإيجابية وقالوا إنه يعكس «عقلانية وبراغماتية إد» ومؤهلاته القيادية ليكون «رئيس الوزراء المنتظر».

الزعيم العمالي قدم نفسه حاميا لمصالح بريطانيا وليس لطبقة اجتماعية أو تكتلات سياسية، قائلا: «لا يوجد مستقبل لحزب يدافع عن مصالح فئة اجتماعية»، أي إنه ليس مع العمال ضد الرأسماليين. وردد عبارة «أمة واحدة» 44 مرة في خطابه. التعبير جاء اقتباسا من بنيامين ديزرائيلي رئيس الوزراء المحافظ في الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وفي هذا يحاول ميليباند أن يسحب البساط من تحت ديفيد كاميرون، الذي اعتاد على ترديد عبارة: «نحن جميعا في خندق واحد» ليبرر سياسة شدد الأحزمة. لكنه توقف عن استخدامها عندما أصبحت أداة سخرية للكوميديين والمتهكمين بسبب الأوضاع المزرية لملايين من العاطلين عن العمل.

وحدد ميليباند بالضبط أين يقف، وقال إن بريطانيا كانت متحدة في الحرب وفي السلام، أي إنها كسبت الحرب العالمية الثانية وكانت متحدة بصفتها أمة وكذلك ازدهرت بصفتها أمة واحدة في أيام السلم. «في كل مرة واجهت بريطانيا التحديات انتصرت بصفتها أمة واحدة. وهذا ما ينساه السياسيون. الآن نواجه هذا التحدي (الاقتصادي)، ولهذا نحتاج إلى أن نتوحد من أجل هذه المهمة». إلى أنه أضاف: «لن أقبل اقتصادا يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. بالنسبة لمعتقداتي - لا أعني هنا معتقداتي الدينية- فإن عدم المساواة قضية مركزية ومهمة.. في مجتمع متحد تقع المسؤولية على الجميع وتصل إلى قمة الهرم.. أغنى الأغنياء في المجتمع عليهم مسؤولية كبيرة تجاه الضعفاء والفقراء». ميليباند اتهم ديفيد كاميرون بتقسيم البلاد إلى «شمال وجنوب وقطاع خاص وقطاع عام، وبين من هم منخرطون في وظائف والعاطلين عن العمل».

ووجد ميليباند ضالته في الزوبعة التي سببها أحد وزراء كاميرون الذي هاجم أحد رجال الشرطة أخيرا. وقال ميليباند مخاطبا رئيس الوزراء ديفيد كاميرون: «كيف يمكنك أن تقود البلاد وأحد وزرائك يوجه الإهانات للشرطة ويقول لهم إنكم مجرد أفراد من عامة الشعب»، وهذا يعني أن حكام البلاد المحافظين ينتمون إلى الطبقات العليا ولا ينتمون لعامة الشعب. وقال إن سياسات الحكومة لم تقدم أي حلولا للمشكلات الاقتصادية المستعصية، ولهذا «إذا لم يؤد الدواء مفعوله، فعلينا ليس فقط تغيير الدواء وإنما الطبيب أيضا».

حاول ميليباند إبعاد حزب العمال تحت قيادته عن تيار توني بلير، الذي ما زال متنفذا في الحزب من خلال العديد من أعضاء حكومة الظل.. «ليس هناك أي مجال للرجوع إلى أيام حزب العمال الجديد»، قال ميليباند بوضوح، واضعا حدا لجناح بلير في الحزب، الذي يعتبر شقيقه ديفيد من أكثر المتحمسين له.

إد ميليباند، 42 عاما، أصبح أصغر زعيم للحزب منذ تأسيسه قبل أكثر من قرن من الزمان. كما أن منافسه على زعامة الحزب شقيقه الأكبر ديفيد، الذي عمل وزيرا للخارجية وكان الأصغر في هذه الوظيفة في تاريخ بريطانيا بعد ديفيد أوين، وزير خارجية حكومة جيم كلاهان العمالية في سبعينات القرن الماضي.

يعترف كل منهما بتركة والدهما السياسية وتأثيره عليهما، أي على أهمية العمل السياسي، وأن الأفكار أساسية في آلية التغيير من أجل العدالة الاجتماعية. وعندما سئل إد خلال المنافسة على زعامة الحزب حول تأثير والده رالف ميليباند على قراره في دخول المنافسة على زعامة الحزب، جاء رده قائلا: «إنني قررت ذلك بسببه، ولكنني لم أقم بذلك من أجله»، مؤكدا أن والده وجهه إلى الانخراط في العمل السياسي، لكنه لم يستق أفكاره منه.

الراحل رالف ميليباند، الأكاديمي الماركسي كان واحدا من أهم منظري اليسار في القرن العشرين في أوروبا الغربية. لكن، على الرغم من ذلك، فإنه لم يحاول أي منهما أن يحمل الشعلة الماركسية من والدهما. طبعا هذا من المتطلبات الأساسية في الحياة السياسية في بريطانيا لأحزاب المؤسسة الحاكمة خصوصا عندما يكون عليك أن تقود واحدا من أهم الأحزاب العمالية في أوروبا الغربية. أن تكون ماركسيا وقائدا سياسيا يعني أنك ضد المؤسسة الحاكمة بكل أطيافها السياسية، بما في ذلك حزب العمال، الذي يعمل على حمايتها وحماية النظام الحاكم وليس قلبه.

والدهما الذي قدم إلى بريطانيا مع والده من بلجيكا لاجئا سياسيا هربا من النازية بعد احتلالها عام 1940 درس العلوم السياسية في معهد لندن للعلوم السياسية والاقتصادية بجامعة لندن، وأصبح محاضرا فيها وفي أعلى وأهم المؤسسات الأكاديمية في بريطانيا والولايات المتحدة.

رالف الأب انتمى لفترة وجيزة لحزب العمال وحضر بعض مؤتمراته السنوية، لكنه وصل إلى قناعاته بعد فترة قصيرة بأن هذا الحزب هو حزب المؤسسة الحاكمة، وليس حزبا اشتراكيا، ولن يعمل لصالح الطبقة العاملة. لكن ابنيه أصبحا وزيرين في الحكومة العمالية السابقة في الوقت نفسه، ديفيد وزيرا للخارجية وإد وزيرا للبيئة، وهذا لم يحدث منذ 1938 في بريطانيا، أي أن يجلس شقيقان على الطاولة نفسها في اجتماعات الحكومة.

الخلافات بين معتقدات الأب وأبنائه أصبحت مادة دسمة في أوساط المثقفين اليساريين. وأصبحت النكتة المتداولة بأن «رالف ميليباند آمن بأن حزب العمال ليس اشتراكيا ولن يعمل أي شيء لصالح الطبقة العاملة، والآن جاء دور أبنائه ليثبتا صحة نظريته».

ووالدتهما ماريون ميليباند، هي الأخرى مهاجرة يهودية من بولندا، وعملت هي الأخرى في الحقل الأكاديمي وشاطرت زوجها الكثير من الأفكار السياسية والماركسية وما زالت ناشطة اشتراكية وفي منظمات سياسية يهودية متضامنة من حقوق الشعب الفلسطيني، خصوصا في منظمة «يهود من أجل العدالة للفلسطينيين». ويقال إن إد هو الأقرب إلى والدته من شقيقيه ديفيد. وحاول في مناسبات عدة أن يتكلم عن الوضع في الشرق بتعاطف واضح مع الحقوق الفلسطينية، كما أنه حضر اجتماعات تضامنية داخل البرلمان نظمها «أصدقاء فلسطين في حزب العمال»، ويقال إن هذا هو بسبب تأثير والدته عليه، كما أنه يحاول دائما أن يبعد نفسه عن قرار الحرب في العراق. بدأ مشوار إد السياسي منذ أيام الدراسة في مدرسته في شمال لندن، والتي درس فيها العديد من زملائه في الحزب وفي البرلمان إضافة إلى العديد من المشاهير في الحياة الثقافية والأكاديمية. على الرغم من أن المدرسة حكومية، فإنها استقطبت العديد من أبناء النخبة اليسارية الأثرياء ممن يقطنون في المناطق الفاخرة في شمال لندن.

وفي خطابه أمس، حاول التركيز على هذا الجانب من خلفيته المدرسية ليميز نفسه عن زعيم حزب المحافظين وأعضاء الحكومة الذين درس معظمهم في مدارس خاصة مثل كلية إيتون الشهيرة.

الكاتبان مهدي حسن وجيمس ماكنتاير في كتابهما «إد: الأخوان ميليباند وزعامة حزب العمال» يقولان إن إد يحمل معه برنامجا سياسيا مختلفا عن شقيقه ديفيد، إلا أن صفحات الكتاب تبين مدى المنافسة «الأخوية» التي تطغى في معظم الأحيان على زعامة الحزب. إد خاض الكثير من المعارك، كما يبين الكتاب، التي أكسبته الحنكة السياسية وصقلته في مشواره السياسي منذ الأيام الجامعية، والتي كلفته الكثير على الصعيد الأكاديمي، إذ لم يحالفه النجاح، مثلما حالف شقيقيه، الذي تخرج في موضوعه (سياسة وفلسفة واقتصاد) من الكلية نفسها في جامعة أكسفورد بامتياز، لانشغاله في بعض النشاطات والحملات الطلابية التي أبعدته ولو قليلا عن تحصيله الأكاديمي كما كان متوقعا، وكانت النتيجة أنه تخرج بتقدير جيد جدا.

لكن إد تتبع خطوات شقيقه بحذافيرها: المدرسة في شمال لندن وجامعة أكسفورد وكلية كوربوس كريستي ودراسة السياسة والفلسفة والاقتصاد وحتى انخراطه في بعض النوادي السياسية في الجامعة ثم الالتحاق بجامعة هارفارد للدراسة ومن ثم التدريس فيها ودخول البرلمان البريطاني ومن ثم الوزارة. لكن أوجه الشبه وصلت إلى نهاية المطاف، ولم يكن طريق آخر غير خوض المنافسة وجها لوجه على زعامة الحزب.

ويقول مهدي حسن وجيمس ماكنتاير إن إد ميليباند زعيم أعاد للحزب مكانته وتوجهاته السابقة التي كان عليها قبل أن يسيطر عليه تيار توني بلير، الذي اختار الطريق الثالث في السياسة البريطانية، والتي أصبحت معروفة باسم مشروع «حزب العمال الجديد» تحت قيادته إلى أن تمكنت من الفوز بثلاث انتخابات عامة متتالية، وهذا لم يحصل في تاريخ الحزب.

وتمثلت هذه السياسة في الانحياز إلى سياسة السوق المفتوحة مع تقليص دور الدولة والقطاع العام وكذلك دور النقابات العمالية في الحياة السياسية، إضافة إلى سياسة دفاعية قائمة على التدخلات الخارجية وعلاقة أقوى مع واشنطن، كان من نتائجها الحرب في أفغانستان والعراق، وسياسة أكثر انحيازا إلى جانب إسرائيل.

المنافسة على زعامة الحزب، بين الشقيقين، تركزت على هذه النقاط، أو هكذا حاول إد ميليباند أن يصور الخلافات بينه وبين شقيقه ديفيد، الذي كان مصمما على الاستمرار في مشروع توني بلير لو حالفه الحظ بالفوز بالزعامة، ويقال إن هذا كان السبب وراء خسارته أمام شقيقه.

منذ أن أعلن إد دخوله المنافسة حاول أن يلخص ما يؤمن به من سياسات، وكان صريحا في هجومه على «حزب العمال الجديد»، أي بمعنى آخر هجومه على شقيقه ديفيد، الذي كان وحتى اللحظات الأخيرة من إعلان النتيجة مقتنعا بأنه الأحق والأوفر حظا في قيادة الحزب. لكن على الرغم من ذلك، فإنه فشل، كما يعتقد العديد من المعلقين، خلال الفترة السابقة من قيادته للحزب في تقديم سياسات تمييز قيادته وتشكل رؤيته للحكم في المستقبل. وما زال منتقدوه من تيار شقيقه يشكون في قدراته السياسية، وأن منافسته شقيقه ديفيد كانت مجرد منافسة تقليدية بين أشقاء وأنها خالية من أي مضمون.

ومن هنا جاء أيضا تعليق أحد أصدقاء إد وحلفائه السياسيين، دوغلاس أليكساندر، أحد الوجوه الصاعدة في حزب العمال الذي يقوم حاليا بوظيفة وزير خارجية الظل. أليكساندر دعم ديفيد في المنافسة ضد صديقه إد لاعتقاده بأنه من الخطأ جدا أن ينافس الشقيق الأصغر شقيقه على زعامة الحزب، كما أنه يعتقد أن الدافع وراء قرار إد للفوز بزعامة الحزب هو إثبات نفسه أمام شقيقه، «وإذا كانت الغيرة الأخوية هي الدافع وراء قراره، فهذا يعني أنه تمت التضحية بالحزب لإشباع غرائز إد، ولهذا فإن الحزب سيدفع الثمن غاليا في المستقبل».

لقد تبين بعد إعلان النتيجة أن شقيقه ديفيد حصل على أعلى نسبة أصوات من عدد أعضاء الحزب في مجلس العموم وكذلك عضوية الحزب بشكل عام، ولولا دعم النقابات لإد لما فاز بزعامة الحزب، ولهذا سيبقى، كما يعتقد كثير من المحللين، أسير سياسات النقابات العمالية والتي ينظر إليها على أنها غير «مسؤولة وغير واقعية» في مطالبها خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية والإضرابات التي تعصف بالعديد من المجتمعات الأوروبية نتيجة سياسات التقشف والتقليص لخدمات الدولة. وفي هذا الأسبوع، وفي خطابه، أوضح إد موقفه من هذه القضية ووقف موقفا ثابتا في وجه النقابات التي تقف ضد تقليص النفقات، وتطالب بزيادة الأجور، وتدعو إلى الإضرابات التي يقف إد ضدها.

ويقول حسن وماكنتاير إن إد قادر على أن يشد إليه التيارات السياسية المختلفة داخل الحزب ويبعد نفسه عن النقابات التي أوصلته إلى القيادة. كما أنه قادر على أن يتصرف باستقلالية وبعيدا عن سياسة «الولاء» والعشائرية تجاه حلفائه السياسيين.

ما زال الطريق طويلا أمام إد ليثبت أن قيمه السياسية تختلف عن قيم شقيقه ديفيد، إلا إذا قرر الأخير أن ينافس شقيقه مرة أخرى قبل نهاية الفترة البرلمانية الحالية، أي قبل أن يتمكن إد من خوض الانتخابات العامة المقبلة وهو على رأس الحزب، وهذا ما زال ممكنا من الناحية النظرية.