فضائح نسائية وراء الساسة الأميركيين

من روزفلت إلى أيزنهاور مرورا بكلينتون.. والحبل على الجرار

TT

يوم الجمعة الماضي، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما وافق على طلب الاستقالة الذي تقدم به الجنرال ديفيد بترايوس، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه).

في اليوم نفسه، أصدر بترايوس بيانا لموظفي «سي آي إيه»، قال فيه إنه استقال بسبب علاقة عاطفية خارج نطاق الزواج، وقال إنه تصرف «غير مقبول لأي زوج، ولشخص يعمل في منصب كبير».

ومن مطلع يوم السبت، بدأ مسؤولون في مكتب التحقيق الاتحادي (إف بي آي) يسربون معلومات عن الفضيحة في ما يشبه خطة مسبقة. قالوا إن المكتب بدأ يحقق القضية منذ بداية الصيف، بعد شكوى تلقاها من امرأة في تامبا بولاية فلوريدا، بأن «شخصا مجهولا» يهددها.

في البداية، لم يعلن مسؤولو الـ«إف بي آي» أي اسم.. لكنهم، تدريجيا، كشفوا عن أن عشيقة بترايوس هي بولا برودويل، الكاتبة العسكرية التي أعدت كتابا عن حياة بترايوس، ثم كشفوا عن أن المرأة التي اشتكت في البداية هي جيل كيلي.. ثم أكدوا أنها من أصل لبناني.. واسمها الأصلي «جيل خوام».. ثم بدأوا يحققون مع أفراد من العائلة المنتشرة في بقاع الولايات المتحدة والشرق الأوسط.

يوم الأحد، اشتكى قادة الكونغرس من الحزبين الكبيرين، في مقابلات تلفزيونية، بأن الـ«إف بي آي» لم تبلغهم بالتحقيقات التي استمرت لشهور. وقالوا إنهم فوجئوا باستقالة بترايوس، وأشادوا بخدماته العسكرية، لكنهم لم يدافعوا عن علاقته الجنسية مع برودويل.

ويوم الأحد أيضا، أصدرت جيل كيلي وزوجها الطبيب سكوت كيلي، بيانا قالا فيها إنهما صديقان لبترايوس وزوجته هولي «منذ خمس سنوات»، وطلبا من الصحافيين عدم مضايقة بترايوس وزوجته وأيضا عدم مضايقتهما هما أيضا.

يوم الاثنين، ورغم أنه كان عطلة رسمية في الولايات المتحدة (يوم المحاربين)، حول الـ«إف بي آي» نتائج التحقيقات إلى المفتش العام لوزارة الدفاع.

يوم الثلاثاء، أعلن البنتاغون تورط جنرال آخر في الفضيحة، هو جون ألين، قائد القوات الأميركية وقوات حلف الناتو في أفغانستان. وقال مسؤولون في البنتاغون إن الـ«إف بي آي» أرسلت ما بين 20 إلى 30 ألف رسالة إلكترونية متبادلة بين الجنرال ألين وجيل كيلي.

ويوم الثلاثاء أيضا، كشفت مصادر إعلامية أميركية عن امرأة ثالثة، بالإضافة إلى كيلي وبرودويل، هي «ناتالي خوام»، توأمة «جيل كيلي». وأن ناتالي كان اسمها «ناتالي وولف» عندما كانت زوجة المحامي غريسون وولف، لكنهما انفصلا بعد زواج سنة، ويتنازعان أمام المحاكم حول كفالة ابنهما الصغير. وبعد الطلاق، عادت إلى اسمها الأول «ناتالي خوام». وأن توأمتها «جيل كيلي» كان اسمها «جيل خوام»، وأنهما عربيتان من لبنان، وهاجرتا مع والديهما إلى فلادليفيا (ولاية بنسلفانيا) في السبعينات، عندما كانتا صغيرتين.

ويوم الأربعاء، نشرت مصادر إخبارية أميركية أن «ناتالي خوام» كانت صديقة للسيناتور جون كيري، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، ممثل ولاية ماساتشوستس في مجلس الشيوخ، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس، ويتوقع أن يرشحه الرئيس أوباما إما وزيرا للخارجية، أو وزيرا للدفاع. وفي إجابة عن أسئلة صحافيين، أصدر مكتب كيري بيانا قال فيه إنه قابل ناتالي خوام، وإنها صديقة صديقه. لكن، لم ينف البيان أنها صديقة كيري، أو كانت.

ويوم الأربعاء أيضا، نشرت تعليقات في صحف أميركية، وفي الإنترنت، عن وجوب التحقيق حول «شبكة تجسس أجنبية»، إشارة إلى الخلفية العربية للتوأمتين. وظهرت أوصاف مثل «الجاسوستين العربيتين التوأمتين» و«شبكة تجسس عربية وراء استقالة مدير (سي آي إيه)».

ويوم الأربعاء أيضا، في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، تحدث الرئيس أوباما في حذر شديد عن الموضوع، وأشاد بخدمات كل من بترايوس وألين، لكنه قال إنه سينتظر نتائج التحقيقات.

واليوم الجمعة، يتوقع أن يمثل بترايوس أمام لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب التي تناقش الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، قبل شهرين، الذي قتل فيه السفير الأميركي لدى ليبيا وأميركيون ثلاثة. ورغم التركيز على هذا الموضوع، يتوقع أن يسأل بترايوس عن الفضيحة، وعن تسرب معلومات سرية تهدد الأمن الوطني الأميركي إلى عشيقته بولا برودويل.

ورغم أن هذه الفضيحة التي أطاحت حتى الآن برئيس الـ«سي آي إيه»، فإن فصولها يبدو أنها ما زالت مستمرة.. وليس معروفا حتى الآن إلى أين يمكن أن تنتهي.. وكم هم عدد ضحاياها من السياسيين والعسكريين.

هذه ليست أول فضيحة جنسية تهز واشنطن.. وليست أول واحدة تتسبب في استقالة شخصية كبيرة.. فالتاريخ الأميركي، القديم والحديث، حافل بمثل هذه الفضائح. وشملت رؤساء، ووزراء، وأعضاء في الكونغرس.

الفضائح منذ الرئيس روزفلت

* في الماضي، كانت هناك فضائح كثيرة لكنها ظلت سرية، ولم يكن الإعلام الأميركي يتابعها، لأن المجتمع الأميركي لم يكن يهتم بها مثل تلك الوقائع. بداية بالرئيس المؤسس جورج واشنطن، والرئيس الثاني جون أدامز، والرئيس الثالث توماس جفرسون (كاتب إعلان الاستقلال). لم يحتج هؤلاء إلى عشيقات سريات لأنهم كانوا يملكون جيوشا من الرقيق، وكانوا يمارسون الجنس علنا وفي حرية مع فتيات الرقيق. وأنجبوا أولادا وبناتا منهم. وكانت العلاقات الجنسية السرية هي التي تتم مع نساء بيضاوات. وأيضا، سجلات هؤلاء الرؤساء مليئة بهذه.

في القرن العشرين، كانت تجارة الرقيق قد انتهت، لكن استمرت التفرقة العنصرية، خاصة في العلاقات الجنسية بين البيض والسود. وارتبطت أسماء كثير من الرؤساء بعشيقات بيضاوات.

من بين هؤلاء الرئيس فرانكلين روزفلت. رغم أن الإعلام الأميركي لم يتحدث عنها، لم تكن سرا علاقته مع لوسي روثارفورد التي كانت سكرتيرة اجتماعية لزوجته، ألينور روزفلت. وعندما علمت الزوجة، هددت بالطلاق. لكن، تدخلت أم روزفلت، وقالت إن الطلاق سيسيء إلى سمعة ابنها، وإلى سمعة آل روزفلت.

وكان الحل الوسط هو فصل السكرتيرة من البيت الأبيض. وتعهد روزفلت بألا يرى العشيقة مرة أخرى. لكن، استمرت علاقة سرية، وكانت العشيقة تزور روزفلت في البيت الأبيض في غياب الزوجة.

في وقت لاحق، تزوجت العشيقة، وأنجبت أولادا وبناتا. لكن، في يوم وفاة روزفلت 21 أبريل (نيسان) 1945، كانت العشيقة تجلس إلى جانبه في المستشفى.

وهناك قصة الرئيس دوايت أيزنهاور مع عشيقته البريطانية كيت سمربي. خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كان الجنرال أيزنهاور قائدا لقوات الحلفاء في أوروبا (كانت قيادتهم في لندن)، كانت سمربي جندية تقود السيارة العسكرية الخاصة بأيزنهاور.

ويقال إن زوجة أيزنهاور، التي بقيت في الولايات المتحدة أثناء الحرب، عرفت بتلك العلاقة، وطلبت أن تنتقل إلى بريطانيا، لكن أيزنهاور طلب من جنرال آخر أن يكتب إلى زوجته ويقول لها إنها إذا انتقلت إلى بريطانيا، ستشغل زوجها، وستهدد خطط الحلفاء لهزيمة ألمانيا. وتسلمت الزوجة الخطاب، وبقيت في واشنطن.

في سنة 1945، انتهت الحرب، وعاد أيزنهاور إلى الولايات المتحدة، وأنهي علاقته مع سائقة سيارته. وبعد ثلاث سنوات، كتبت السائقة مذكراتها في كتاب عنوانه: «أيزنهاور.. كان رئيسي». ولم تكتب فيه أي شيء عن أي علاقة جنسية.

لكن، بعد عشرين سنة، بعد أن صار أيزنهاور رئيسا للولايات المتحدة لثماني سنوات، وبعد تقاعده، وبعد وفاته، كتبت مذكرات أخرى في كتاب عنوانه: «قصة غرامي مع الجنرال أيزنهاور»، وفيه كتبت تفاصيل العلاقة. وقالت إنها لم تكتب عن العلاقة في الكتاب الأول حتى لا تسييء إلى سمعة أيزنهاور وهو ينوي أن يدخل العمل السياسي.

غراميات كنيدي

* وهناك غراميات الرئيس جون كنيدي. مثل روزفلت، كان يستغل غياب زوجته عن البيت الأبيض، ويحضر عشيقاته. ومنهن الممثلة السينمائية الشقراء مارلين مونرو.

كانت تزوجت ثلاث مرات، وفي سنة 1960 وخلال الحملة الانتخابية للرئيس كنيدي وزيارته إلى هوليوود، وفي حفل أقامه ممثلون وممثلات له، التقيا أول مرة. بدأت العلاقات الجنسية بينهما حتى قبل أن يفوز كنيدي بالرئاسة. واستمرت وهو رئيسا. ويقال إنه كان يهربها إلى داخل البيت الأبيض عندما تغيب زوجته جاكلين كنيدي في جولات عالمية. وفي نفس الوقت، صارت عشيقة شقيقه، إدوارد كنيدي، وزير العدل في حكومة شقيقه. ويقال إنهما تنافسا عليها. وفي سنة 1962، انتحرت مارلين مونرو. وفي ما بعد، نشرت أخبار بأن للانتحار صلة بعلاقتها مع الشقيقين، وأن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) لها صلة بالانتحار (أو التسمم). وأيضا، مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) الذي كان تحت سلطة الشقيق وزير العدل. وأيضا، المافيا التي غضبت عليها لعلاقتها الجنسية بالشقيقين.

وبعد سنة، قتل الرئيس كنيدي، أيضا وسط اتهامات للمافيا و«سي آي إيه». وفي سنة 1968، قتل شقيقه وكان يريد الترشح لرئاسة الجمهورية.

وهكذا، حتى الخمسينات والستينات، كانت تسيطر على واشنطن الاجتماعية والسياسية مجموعات من الأصدقاء يعملون في الاستخبارات والصحافة والحكومة. وتحيط السرية بجزء كبير من نشاطاتهم.

لكن، خلال السبعينات، بعد فضيحة «ووترغيت»، واستقالة الرئيس ريتشارد نيكسون، وكشف كثير من نشاطات «سي آي إيه» و«إف بي آي» غير القانونية، أصدر الكونغرس قوانين زادت الانفتاحية والشفافية. وصارت الصحف، وخاصة «واشنطن بوست»، تكشف عن فضائح الحكام والسياسيين الجنسية والمالية والإدارية.

لهذا، في التسعينات، عندما ترشح كلينتون لرئاسة الجمهورية، دققت الصحف في نشاطاته الجنسية السرية، وكشفتها، عشيقة بعد عشيقة.

في سنة 1995، نشرت مغنية الأندية الليلية الشقراء جنيفار فلاورز مذكراتها في كتاب «باشون آند بيترايال» (عاطفة وخيانة). وكتبت فيه عن علاقة عشر سنوات تقريبا مع كلينتون (عندما كان حاكما لولاية أركنسا) في تفاصيل كثيرة.

وهو في البيت الأبيض، وبعد انتشار أخبار فضائحه، وفي شهادة قانونية أقسم بصحتها، اعترف كلينتون بعلاقته الجنسية مع فلاوزر (بعد خمس سنوات من إنكارها).

وفي سنة 1998، وصلت علاقات كلينتون الجنسية مع عشيقاته قمتها عندما كشف صحافيون عن علاقته مع مونيكا لونيسكي، سكرتيرة في البيت الأبيض. كان يمارس معها نشاطات جنسية داخل البيت الأبيض، بعلم بعض مساعديه ومساعداته. وكانوا يسمونها «بيتزا غيرل» (فتاة البيتزا) لأنها كانت تتصل مسبقا، وتقول إنها تحمل بيتزا إلى مكتب الرئيس كلينتون. وبسبب الفضيحة، شن قادة الحزب الجمهوري هجوما عنيفا عليه. وقادوا حملة لمحاكمته.

وحسب الإجراءات الدستورية، استمع مجلس النواب إلى شهادات الاتهام والدفاع، لكن، عند التصويت، لم يحصل الجمهوريون على الأغلبية. ونجا كلينتون من إقالة بشعة. لكن، تظل علاقاته الجنسية نقطا سوداء في تاريخه.

وغير الرؤساء، هناك فضائح مسؤولين كبار.. منهم، مارك سانفورد، حاكم ولاية ساوث كارولينا، الذي اضطر، قبل أربع سنوات، لعقد مؤتمر صحافي صاخب وغريب. وأعلن استقالته. واعترف بأنه خان زوجته مع ماريا شابور، صحافية من الأرجنتين. وأنه، عندما طلب من المتحدث الصحافي باسمه أن يصدر بيانا يقول فيه إنه ذهب في إجازة لمدة أسبوع في رحلة خلوية في «أبلايشيان تريل»، بشمال ولايته، كان كاذبا، وأن الحقيقة هي أنه سافر سرا إلى الأرجنتين لمقابلة عشيقته، وأن الحقيقة الأهم هي أن عشيقته ليست عشيقته، وأن الموضوع ليس عن الجنس، لكنها عاطفة حب. وهكذا، حول الرجل الموضوع من خيانة زوجية إلى حب، وكأنه يريد من الناس أن يؤيدوه في أن يحب من يريد.

بعد يومين، عقدت جيني سانفورد، زوجته، مؤتمرا صحافيا أيضا مثيرا وغريبا. قالت إن مشكلة زوجها «لا تهمني. إنها مشكلته». وأضافت: «بالنسبة لي، أهم شيء هو تربية أولادنا (أربعة أولاد)». وأضافت وكأنها تغمز لزوجها «أريد أن أربيهم تربية أخلاقية من الدرجة الأولى». وعندما سألها صحافي عما إذا كانت تعرف أن لزوجها عشيقة في الأرجنتين، قالت: «قال لي: أنا ذاهب لزيارتها في الأرجنتين. وأنا قلت له بألا يفعل ذلك». يعني هذا أنها كانت تعرف. لكنها، حاولت أن تضع رتوشا بقولها: «يوجد فرق بين أن يغفر الشخص للخيانة الزوجية، وأن يؤيدها».

وهناك عشيقة السيناتور السابق جون أنساين (من ولاية نيفادا). يبدو أن السيناتور ما كان سيعترف لو لم يتصل به تلفزيون «فوكس» ليسأله عن خطاب وصله من دوغ هامبتون، زوج سندي هامبتون. حتى قبل تسعة أشهر من الخطاب، كان الاثنان يعملان في مكتب السيناتور، ثم طرد السيناتور الزوجة، ثم استقال الزوج. وصار واضحا أن للموضوع صلة بعلاقة جنسية بين السيناتور والزوجة. لكن، حتى اليوم، ليس واضحا متى عرف الزوج بهذه العلاقة، وإذا كان عرفها وسكت عنها، ومتى، ولأي فترة.

قال الزوج في خطابه إلى تلفزيون «فوكس»: «أريدكم أن تكشفوا تصرفات بشعة قام بها السيناتور أنساين». وأضاف: «طارد السيناتور أنساين زوجتي من دون رحمة، ومن دون حرج، لفترة طويلة. ثم فقدنا نحن الاثنين وظيفتينا. وها نحن بلا عمل، وها هي عائلتنا قد تحطمت».

عندما اتصل تلفزيون «فوكس» مع السيناتور ليسأله عن هذه الاتهامات، رفض الإجابة، لكنه تأكد من أن خبر علاقته الجنسية مع زوجة الرجل وصل إلى الصحافيين. وبعد أيام قليلة، عقد مؤتمرا صحافيا، واعترف بالعلاقة الجنسية واستقال في ما بعد.

هناك سياسي ثالث كبير (بالإضافة إلى أنساين وسانفورد) ينتمي إلى الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري، وإلى «الأغلبية الأخلاقية»، أيضا تورط، في فضيحة أخلاقية، وهو ديفيد فيتار، السيناتور من ولاية لويزيانا. ظهر اسمه في «قائمة دبرا بالفري» التي كانت تدير شبكة دعارة في واشنطن، وسميت «مدام دي سي». وعندما اعتقلتها الشرطة بتهمة الدعارة، كشفت قائمة فيها أكثر من أربعمائة زبون، منهم راندل توبياس، من كبار موظفي وزارة الخارجية (استقال فورا بعد كشف اسمه). ومنهم السيناتور فيتار (لم يستقل، لكنه عقد مؤتمرا صحافيا، ووقفت إلى جانبه زوجته، وأعلن اعتذاره لها، ولمواطني ولاية لويزيانا).

وقال: «ارتكبت خطأ كبيرا». وقال صحافيون ومراقبون إنه كان أكثر حظا، وليس ذكاء من الرجلين السابقين، الحاكم ستانفورد والسيناتور أنساين، وذلك لأن علاقته كانت مع مجهولات.

بين عاهرة مجهولة (مثل التي تعمل مع «مدام دي سي» التي كانت تحصل على الأموال من زبائنها، ثم تعطي العاهرة نصيبها) وعاهرة غير مجهولة، تعلن اسمها، وتقول إنها «صديقة»، وتحصل على الأموال مباشرة - أكدت هذا الاختلاف فضيحة العلاقة الجنسية بين إليوت سبتزر حاكم ولاية نيويورك، و«صديقته» آشلي ألكساندرا دوبريه.

كانت «آي آر إس» (خدمة الضرائب) تشك في أن الرجل يدفع بنزاهة الضرائب المستحقة عليه. وسرا، تابع واحد من محققيها حساباته في البنوك. ويوما ما، لاحظ أنه حول عشرة آلاف دولار إلى «آشلي ألكساندرا دوبريه». وبالتعاون مع الشرطة الاتحادية، تابعاهما، حتى يوم العاشر من مارس (أيار) 2008، عندما دخلوا عليهما في غرفة بفندق «مايفلاورز» في واشنطن. وفي ما بعد، اكتشف أن الرجل كان يسافر من نيويورك إلى واشنطن لمقابلة «صديقته»، وكان يدفع لها ألف دولار عن المقابلة. (يبدو أن العشرة آلاف دولار عن عشر مقابلات).

حصل على الخبر صحافي في جريدة «نيويورك تايمز»، وبعد يومين من نشر الخبر، عقد حاكم الولاية مؤتمرا صحافيا، ووقفت زوجته إلى جانبه، واعتذر، وأعلن استقالته من منصب الحاكم.

غير أن الديمقراطي جون إدواردز لم يقرر أن يستقيل أو لا يستقيل لأنه سيناتور سابق، ولأنه كان ترشح نائبا لرئيس الجمهورية في انتخابات سنة 2004. وسقط.

كانت عشيقته هي يرلي هنتر، مساعدته الإعلامية خلال تلك الحملة الانتخابية. لكنها كانت أكثر من عشيقة، صارت أم طفلته منه. في البداية، نفى إدواردز أنه والد الطفلة، بل نفى العلاقة الجنسية.

لكن، بعد أن استمرت الإشاعات وزادت، ومثل غيره من السياسيين، عقد مؤتمرا صحافيا مثيرا، واعترف بالعلاقة الجنسية، لكنه نفى الأبوة. سأله صحافي: لماذا خنت زوجتك؟ أجاب، في جدية صارمة: «نرجسية». ونفى إشاعات أن السبب هو إصابة زوجته بالسرطان، وانشغالها بعلاج قاس أثر على جسدها وعلى نفسيتها.

لكن، يبدو أن زوجته تحتاج إليه، ولهذا قررت أن تعفو عنه. وفي مذكراتها التي جمعتها في كتاب بعنوان «ريزيليانس» (صمود)، قالت إن العشيقة هي التي أغرت زوجها. وعندما واجهت زوجها، «تردد، ثم اعترف، ثم قال إنها كانت مرة واحدة. وأنا غضبت، وبكيت، ثم سكت».

كانت الزوجة تعرف أن مرض السرطان الذي أصابها سيقتلها قريبا. وربما لهذا عفت عنه. وبعد وفاتها، أدين إدواردز، ليس بسبب العلاقة الجنسية، ولكن لأنه حول أموالا تابعة للحزب الديمقراطي إلى العشيقة.