حكومة ابن كيران: عام من المواجهة

هل سيجبر رهان الاقتصاد الإسلاميين والعلمانيين في المغرب على مراجعة أوراقهم؟

TT

في الثالث من يناير (كانون الثاني) الجاري، مر عام كامل على تشكيل حكومة عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي، ذو المرجعية الإسلامية، التي جاءت عبر انتخابات تشريعية، هي الأكثر نزاهة وشفافية في تاريخ المغرب الحديث، ومنحته المرتبة الأولى. نجح ابن كيران بعد تكليف ملكي، وعقب مشاورات واسعة ومكثفة دامت أكثر من شهر، في تشكيل ائتلاف حكومي مع ثلاثة أحزاب هي «الاستقلال»، الذي حل ثانيا في ترتيب الاقتراع، مع أنه قاد الحكومة السابقة، وحزب الحركة الشعبية، القريب تاريخيا من الحكم، ثم «التقدم والاشتراكية» (الشيوعي سابقا)، الذي شكل أحد أضلاع «الكتلة الديمقراطية»، التي انفرط عقدها على أثر تخلي حزبي الاستقلال والتقدم والاشتراكية، عن حليفهما التاريخي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

وكان ابن كيران راغبا في ضم «الاتحاد الاشتراكي» اليساري إلى فريقه الحكومي، ليضمن «تسخين كتفه» (دعمه)، كما قال في عبارة مشهورة، بل أبدى سخاء في منح الحقائب الوزارية لترضية الحزب اليساري الكبير الذي يقر الجميع، بمن فيهم ابن كيران نفسه، برصيده التاريخي، وأدائه غاليا ضريبة النضال ومشاركته منذ عام 1998 في ثلاث حكومات متتالية، بغاية إنقاذ البلاد، دون أن يفلح في إرضاء المنتسبين إليه، وفئات مجتمعية عريضة، راهنت على فعالية معارضة خاضها الحزب من قبل من دون هوادة، وكلفته تضحيات في الأوقات المريرة الماضية. وهكذا تراجعت أسهمه في بورصة الاستحقاقات المتتالية، وهبط إلى المرتبة الخامسة في التشريعات الأخيرة، ما أرغمه على الاصطفاف في جبهة المعارضة، إلى جانب أحزاب من اليمين المحافظ والليبرالي.

انهالت على الحكومة «نصف الملتحية»، كما تنعتها الصحافة المغربية، انتقادات من كل الجهات المعارضة، منذ الأسابيع الأولى على تعيينها، اتهمتها بالعجز والتخبط وانعدام المخطط الواضح والتذبذب في اتخاذ القرارات. وتوقعت منابر إعلامية «مستقلة» سقوط الفريق الحكومي بعد أشهر، وروجت أن العاهل المغربي ليس راضيا عن أداء الوزراء الإسلاميين، وبالتالي قد يجد نفسه مضطرا، طال الزمان أو قصر، لتغيير الحكومة أو تعديلها بإدخال وزراء أكثر كفاءة، هذا إذا لم يختر شخصا آخر من الحزب نفسه، يكون قادرا على الاضطلاع بالمهام الصعبة التي يواجهها المغرب على كافة الصعد.

ولمحت ذات الكتابات المنتقدة إلى احتمال تفتيت الأغلبية التي يستند إليها رئيس الحكومة، وذلك عبر الإيحاء إلى حزب الاستقلال الذي أصبح على رأسه أمين عام جديد، بشق عصا الطاعة على رئيس الأغلبية؛ ما عبر عنه صراحة ومباشرة، حميد شباط، بعد انتخابه على رأس أمانة «الاستقلال» في مؤتمر حزبي عاصف تميزت أجواؤه بانقسام حاد غير مسبوق في تاريخ حزب «علال الفاسي»؛ خاصة أن المنهزم في سباق الأمانة العامة، لم يكن سوى نجله «عبد الواحد الفاسي»، وزير الصحة الأسبق.

ويبدو، استنادا إلى قرائن شتى، أن الملك محمد السادس لا يحبذ خيارا دستوريا، لم يلجأ إليه مع حكومة عباس الفاسي، التي أجمعت الطبقة السياسية المغربية في وقتها على أنها كانت من بين أضعف حكومات البلاد. فالملك محمد السادس، لم يتأثر بالنقد العنيف الموجه إلى حكومة «الفاسي» مع أن تغييرها، قبل الدستور الجديد، كان قرارا في متناوله يبيحه الدستور السابق بكيفية سلسة، بينما حصن الدستور الجديد منصب رئيس السلطة التنفيذية، بل جعله شريكا للملك في تقاسم أعباء الحكم؛ ما يعني أن أي خطوة غير مدروسة وغير متفق عليها بين الطرفين يمكن أن تدخل البلاد في نفق أزمة سياسية، وفي معارك خلاف بشأن تأويل بنود الدستور. ويبدو أن هذا السيناريو يحرص الملك ورئيس الحكومة، على الابتعاد عنه، رغم ما يملأ سماء السياسة بالمغرب حاليا من سحب داكنة، لا يمكن أن تنقشع بسهولة إذا لم يقع تحكيم العقل السياسي الراجح، ومراعاة الظرف الانتقالي الحرج.

ويمكن القول، ريثما يحدث العكس، إن حزب العدالة والتنمية وتحديدا أمينه العام يحاول قدر الإمكان، تسهيل مهمة العاهل المغربي، لكي لا يضطر إلى إجراء دستوري صعب، تدفع نحوه، بكيفية متسرعة، بعض قوى المعارضة، وجماعات ضغط نافذة مستفيدة من الحكم، رغم وجود خلافات وتناقضات في الغايات والمقاصد بين المطالبين بإسقاط الحكومة؛ دون نسيان عناصر من الحزب الإسلامي تدفع بدورها نحو التشدد في المواقف.

وحول مدى صمود الحكومة وإكمالها ولايتها، وما هي السيناريوهات المحتملة المتعلقة بذلك، قال عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يوجد هناك سوى سيناريو واحد هو أن تكمل حكومة ابن كيران ولايتها، لأنه ليس أمام المغرب سوى إنجاح هذه التجربة من الناحيتين السياسية والقانونية.

وأشار حامي الدين إلى أنه لا يعتقد أنه في حالة خروج حزب من الغالبية الحكومية، سيلجأ حزب العدالة والتنمية إلى بناء تحالف حزبي جديد، وقال: «آنذاك سنكون أمام سيناريو وحيد هو إعادة الانتخابات التشريعية، ولا أعتقد أن باقي الفرقاء السياسيين الذين لم يستطيعوا أن يتأقلموا مع تصدر (العدالة والتنمية) الرتبة الأولى في الاقتراع الأخير، قادرين على أن يتقبلوا نتائج الانتخابات القادمة التي لا يمكن لها إلا أن تؤكد فوز حزبنا، وربما الحصول على مقاعد أكبر مما هي عليه حاليا. ولذلك ليس هناك أي خيار آخر غير نجاح التجربة. فهذا هو السيناريو الممكن والواقعي».

توجد طائفة من المنتقدين المغالين، تقول إن الإسلاميين، استغلوا بل سرقوا نتائج «حراك» الشارع المغربي، أثناء موجة الربيع العربي. ويزعم آخرون أن «العدالة والتنمية» لا يمثل غالبية المجتمع، وأن التصويت لصالحه، كان بمثابة عقاب للحكومة السابقة، فضلا عن كون نسبة المشاركين في اقتراع 2011 جاءت متوسطة، ودون الـ50% من المسجلين في القوائم الانتخابية. وهذه أسباب برأي خصوم «العدالة والتنمية»، تسقط عن الحزب أحقية ادعاء تمثيل الشرعية الشعبية. هذا دون احتساب أصوات يسارية وحقوقية ومدنية، تلقي على الإسلاميين، مسؤولية جر المجتمع المغربي نحو المحافظة.

لكن القيادي حامي الدين يرى أنه لو كانت الانتخابات السابقة التي عرفها المغرب نزيهة وشفافة لحصل حزب العدالة والتنمية على الرتبة الأولى في اقتراع 2007 وليس في 2011. وشدد على القول إن هناك مقاعد مستحقة حرم الحزب منها.

وسجل حامي الدين أن الإسلاميين في المنطقة العربية وخاصة في مصر والمغرب ارتبكوا مع انطلاق ثورات «الربيع العربي»، لكنهم سرعان ما عملوا على رسم أفق سياسي لاستثمار الحراك السياسي عوض الذهاب إلى المجهول وهو ما حصل في المغرب.

ويعتقد حامي الدين أن وجود «العدالة والتنمية» هو الذي مكن من الاستثمار الإيجابي للحراك الشبابي وليس استغلاله، كما يزعم البعض، لأنه لم تكن هناك خيارات أخرى غير خيار الفوضى والمجهول.

ولا يقف النقد والتشكيك الموجه للحكومة، عند حدود الخطاب السياسي العام، بل إن خبراء اقتصاديين، حكموا من جهتهم بعجز الحكومة عن حل المعضلات الاقتصادية وعدم القدرة على جذب الاستثمارات من الخارج التي تشترط الاستقرار السياسي والمرونة الإدارية والمحفزات التقليدية المشجعة للرأسمال الأجنبي.

إن ما يمكن تسجيله بقدر من الموضوعية، هو أن حكومة الإسلاميين، أكملت، خلافا للتوقعات المتشائمة، سنتها الأولى، بأقل قدر من المشاكل، رغم صعوبات عرقلت سيرها في البداية، بعضها ناتج عن تعثر المصادقة على ميزانية الدولة. ووجود تأخيرات، لا تتحمل الحكومة مسؤوليتها، باعتبارها إرثا إداريا عن المرحلة الانتقالية التي أعقبت الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات؛ لم يكن بمقدور حكومة أخرى، القفز عليها أو تجاوزها، وتجنب حصول اضطراب في الأجندات والمواعيد الحكومية ودوران الماكينة الحكومية.

وهناك أيضا أسباب أخرى تتمثل في قلة خبرة أعضاء حكومة ابن كيران، بتدبير الشأن العام، رغم احتوائها على وزراء سابقين مجربين، لكن النواة الصلبة، الموكل إليها الحسم في القرارات، جديدة بالكامل، وهي من الحزب المتصدر للأغلبية.

وفي هذا الصدد، قال عبد اللطيف وهبي، رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة أكملت سنتها بكثير من المشاكل، مشيرا إلى أنه حتى الآن هناك تأخير في العمل الحكومي. وعلى المستوى الاقتصادي، ذكر وهبي أن الحكومة تدبر الأزمة الاقتصادية ولا تقدم أي حلول فعالة لها.

وانتقد وهبي الحكومة لأنها لم تعد حتى الآن مخططا تشريعيا يتم بواسطته إنزال مقتضيات الدستور، واستكمال بناء مؤسسات الدولة. ووصف الحكومة بأنها «عاجزة» عن تنفيذ المطلوب منها، وقال: إنها ظلت أسيرة مواجهات كلامية انخرط فيها غالبية الوزراء، الذين اعتبرهم وهبي هواة وليسوا محترفين، هذا دون أن يغفل الإشارة إلى الإشكالات الداخلية التي تعاني منها الغالبية الحكومية.

لقد منح الدستور المغربي الجديد للجهاز التنفيذي وللمعارضة أيضا، صلاحيات واسعة؛ تحاسب عليها الحكومة أمام البرلمان، وبالتالي لم تعد مرهونة برضا الملك أو عدمه، أي أن يغيرها أو يقيلها متى شاء، سواء أصابت أم أخطأت. إذ أصبح إجراء الإقالة أو الإعفاء، مقننا وفق آلية دستورية، تمنع استئثار سلطة منفردة بالقرار الحاسم.

إنه أمر طبيعي ألا تكون الطبقة السياسية - معارضة وحكومة - مدربة بما فيه الكفاية، على ممارسة صلاحيات دستورية واسعة لأول مرة في تاريخ المغرب الحديث؛ ولذلك فإن الارتباك الحاصل بخصوص التعاطي مع الدستور وتنزيل بنوده إلى أرض الواقع، ناتج عن غياب روح «التوافق» والتشاور لدى الفاعلين السياسيين. وهذا ما يفسر نوايا الإقدام والإدبار، عند كثيرين منهم.

وهكذا تبدو الأجواء السياسية، بين الفينة والأخرى، مشحونة والعلاقات مشدودة ومتأزمة، الأمر الذي جعل الهيئة المتزعمة للائتلاف الحكومي، توجه إشارات متتالية، بلغت حمل معنى التهديد، عبر التلميح أنها مستعدة لترك «الجمل بما حمل» إذا لم تكف جهات نافذة في الدولة، عن معارضتها الصريحة لاستمرارها في تدبير الشأن العام؛ مشددة (العدالة والتنمية)، على أنه ليس لها ما تخسره، من امتيازات، ومنافع تربت عليها أطراف وجدت نفسها مرغمة على التموقع في «المعارضة».

وفي سياق ذلك، قال النائب وهبي إن حزب الأصالة والمعاصرة لا يهدف إلى إسقاط الحكومة، مشيرا إلى أن حزبه يمارس المعارضة حسب حجمه العددي والسياسي داخل البرلمان. وزاد قائلا: «نحن لن نتجاوز حجمنا ولن نطلب شيئا فوق قدراتنا السياسية». وأضاف: «نحن ننتقد الحكومة وخطابها السياسي، ذلك أن رئيسها يمارس خطابا شعبويا اعتبرناه ممارسة سياسية غير صحيحة، بيد أنه ليس في نيتنا العمل على إسقاط الحكومة، وهي نقطة غير موجودة على جدول أعمالنا على المستوى القريب، لأن الديمقراطية هي وحدها الكفيلة بإسقاطهم».

لقد انتقد حزب العدالة والتنمية معارضيه، تارة بأسمائهم الصريحة وهوياتهم السياسية، وأحيانا لجأ إلى الاستعارة السياسية، متحدثا عن قوى غامضة، تتربص في كهوف معتمة، مكونة من تماسيح وعفاريت تهيئ في الظلام خطط التآمر على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا من طرف الشعب، وحائزة على ثقة ملك البلاد. أوصاف وردت بالخصوص أكثر من مرة على لسان رئيس الحكومة، لكنه لا يقدم للصحافيين توضيحات وشروحا لمفردات قاموسه الجديد، مكتفيا بالتعقيب الساخر «أنتم أدرى بها مني». ومن الواضح أن «العدالة والتنمية» يتبع في هجومه خطة مواجهة ذكية قائمة على التمييز بين الملك، بوضعه الدستوري كرئيس للدولة فوق الجميع، جدير بالتوقير والاحترام، وفئات من المعارضين، يوهمون الرأي العام أنهم يتحركون في ظل «الحاشية» إن لم يكن بوحي منها.

ومن المؤكد أن الإسلاميين المغاربة نجحوا إلى حد كبير في التخلص من هالة التوجس من نواياهم، وفي ضمان الاستقرار بتأكيدهم على تشبثهم بالنظام الملكي. فهم لا ينازعون في صلاحيات السيادة الدفاعية والأمنية والدينية المخولة للملك، حصريا، بمقتضى الدستور. وهذا عامل ساهم حتى الآن في الإبقاء على جسور الثقة بين القصر الملكي والحكومة المنتخبة، علما بأن أطرافا سياسية ونقابية وجمعيات ناشطة، لا تكف عن إظهار معارضة شديدة، مبالغ فيها، أحيانا، للإسلاميين الذين ينهجون حتى الآن نهجا معتدلا.

فعلى المستوى الشعبي والرأي العام، لم تصدر حكومة الإسلاميين شرائع وقوانين، تحد من الحريات العامة والفردية بما فيها تلك المرفوضة من وجهة نظر الأخلاق والعقيدة الإسلامية؛ فالحياة المجتمعية تسير سيرها الطبيعي كما كانت عليه من قبل.

وللنائب وهبي وجهة نظر أخرى، فهو يرى أن الحكومة لن تستطيع القيام بذلك لأن الوضع السياسي في المغرب يختلف عن غيره من الدول. إذ يوجد به نظام ملكي، ودولة قوية بمؤسساتها، وقوى سياسية مختلفة، ومجتمع مدني قوي، ولذلك لن يستطيع أحد أن يمس ما توافق عليه الجميع في إطار دستور 2011.

وشدد النائب وهبي على القول: «نحن سندافع عن هذه المكاسب فلا أحد يستطيع المساس بالحريات والحقوق التي تم التوافق عليها سابقا».

كان مفترضا أن يساهم الدستور الجديد، وسلة الإصلاحات الكبرى التي أطلقها الملك محمد السادس، في انبثاق عهد مغاير، قوامه الارتقاء بالحياة السياسية إلى درجات أسمى في التخليق، والقبول بمبدأ التداول على السلطة والتسليم بحكم الإرادة الشعبية؛ لكن الصورة الراهنة ليست مشجعة، وبنفس الوقت لا توحي بالسير في منحى التشاؤم المطلق.

ومن المفارقات، أن الرأي العام أو شرائح منه، تظهر وعيا وتفهما للإشكالات المترتبة عن وضع انتقالي صعب في المغرب. يتجلى ذلك في أن الناخبين الذين صوتوا لصالح «العدالة والتنمية» في انتخابات 2011 لم يسحبوا حتى الآن ثقتهم من الإسلاميين الذين غنموا أغلب جولات الإعادة في دوائر انتخابية احتد فيها الصراع الحزبي والهجوم على مرشحي «العدالة والتنمية» ما يعني أن المصوتين أدركوا الإكراهات الحقيقية التي جعلت الحكومة نصف الملتحية تتخذ تدابير اقتصادية لا شعبية لكنها ضرورية، برأي المختصين، لإنقاذ البلاد من أزمة مالية مستعصية.

ويرى فريق من الملاحظين أن المغرب محظوظ بوصول إسلاميين معتدلين إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، ضمن شراكة حكومية مع أحزاب أخرى، وأن الملك «ضامن الدستور» يراقب المشهد؛ ويتدخل عند الاقتضاء، في الحدود التي رسمها القانون الأسمى للبلاد الذي يفترض أن تتدرب جميع الأطراف السياسية على احترامه.

وينصح نفس الملاحظين أنه من الأكثر فائدة للمغرب أن تترك للحكومة الفرصة لإنجاز ما وعدت به في برنامجها، كليا أو جزئيا. وإذا عجزت أو فشلت فإن سقوطها يكون منطقيا وبنفس الأدوات التي أوصلتها إلى قمة السلطة.

هذا لا يمنع من القول إنه من واجب الحكومة أيضا العمل بثقة في النفس وعدم الاكتراث بمناورات السحرة، وأن لا تكثر من ردود الفعل العصبية كي لا تفقد احترام وتعاطف الرأي العام المغربي الذي يقدر أن «الإسلاميين» كشفوا حتى الآن عن كثير من مواطن الخلل في جسم السلطة؛ ولذلك فإنهم وقبل أن يشنوا حربا ضارية على الفساد السياسي والمالي، واجههم المفسدون بأسلحة غريبة بينها تحريض الشارع ضدهم.

وفي غضون ذلك، تبدو الحلبة السياسية المغربية حبلى بالمفاجآت والتوقعات، والجميع خائفون من الأزمة الاجتماعية التي تحركها إكراهات الاقتصاد التي لا ترحم. إنه الرهان الذي سيجبر الإسلاميين والعلمانيين معا على مراجعة أوراقهم وتعديل خططهم للبقاء في الحكم أو الانقضاض عليه. فهل يتحقق هذا الرهان؟