مظاهرات العراقيين.. سنية أم وطنية؟

مطالبهم تحولت من تحسين الخدمات وإطلاق سراح المعتقلين إلى إسقاط النظام وتغيير الدستور

TT

تقترب اعتصامات ومظاهرات أهالي محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك من نهاية شهرها الثاني، دون أن تحقق الحكومة العراقية أي من مطالبهم التي تصفها الأحزاب والكتل السياسية، وبينها كتلة دولة القانون التي يتزعمها نوري المالكي رئيس الحكومة، بأنها مطالب مشروعة، باستثناء إلغاء قانوني المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث) وقانون 4 إرهاب.

مطالب المتظاهرين والمعتصمين التي أشعل فتيلها العرب السنة إثر إلقاء القبض على فريق حماية وزير المالية رافع العيساوي القيادي في ائتلاف العراقية، الذي يتزعمه إياد علاوي، بتهمة الإرهاب، بعد عام واحد على اتهام طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية والقيادي أيضا في «العراقية» وفريق حمايته بذات التهمة، ومن ثم الحكم عليه غيابيا بالإعدام، وكلاهما (العيساوي والهاشمي) من الشخصيات العربية السنية، بدأت مثل كرة الثلج، بسيطة ولا تتجاوز موضوع الخدمات وإطلاق سراح المعتقلين منذ سنوات من دون محاكمات، وإطلاق سراح السجينات اللواتي تعرضن للاغتصاب والتعذيب داخل سجون الحكومة، على حد تقارير لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، وتحقيق مبدأ التوازن الوطني في التعيينات، وعدم تهميش مكوّن على حساب مكون آخر، لتكبر كرة الثلج هذه كلما تدحرجت، لتتحول هذه المطالب، بعد شهرين، إلى إسقاط العملية السياسية برمتها وتغيير الدستور بسبب عدم استجابة الحكومة لهذه المطالب، فكل ما قام به المالكي هو تشكيل لجنة للنظر في مطالب المتظاهرين، الذين اعتبروا هذا الإجراء تسويفا لمطالبهم، بل إن حتى أعضاء اللجنة من التيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر انسحبوا من اللجنة كونها «تسويفية بالفعل»، على حد تعبيرهم.

هذه المظاهرات وضعت العراق أمام طريقين لا ثالث لهما؛ إما أن تستجيب الحكومة لمطالب المتظاهرين، أو يذهب الجميع إلى تغيير حكومي سريع عن طريق استبدال رئيس الوزراء بشخصية مقبولة من داخل التحالف الوطني الشيعي، لكن المالكي الذي يمسك بخيوط اللعبة السياسية، حيث النفوذ المالي والعسكري بيده، لا يبدو عليه أنه مستعد لتحقيق مطالب المتظاهرين، ولا مغادرة كرسي السلطة، لا سيما أنه يخطط لولاية ثالثة لحكم العراق، وهذا ما سيهدد بتصاعد الأحداث لتتحول هذه المظاهرات إلى ربيع عراقي مدعوم من قوى كردية، خاصة أن العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في أسوأ أوضاعها، وسيتكلل هذا الربيع بالنجاح إذا ساندت المحافظات الجنوبية والوسطى، الشيعية، مطالب المتظاهرين، لا سيما أن أهالي هذه المحافظات يعانون هم الآخرين من تهميش أكبر مما يعانيه العرب السنة، وما يبقي شيعة العراق حياديين حتى الآن هو خشيتهم من أن يفلت الحكم من أيديهم ويخسروا الخيط والعصفور، مثلما يقول المثل العراقي، والتهديدات الأمنية.

الجوانب الإيجابية التي طفت على سطح أحداث المظاهرات هي بروز قيادات دينية سنية عاقلة وحكيمة، وفي مقدمتهم الشيخ عبد الملك السعدي، وغياب الشعار الطائفي، وعدم السماح للسياسيين من السنة بالصعود على أكتاف المتظاهرين، ووصف بعض مراجع الشيعة لمطالب المتظاهرين بـ«المشروعة».

لكن ما يعقد الأمور هو اعتقاد المالكي أن سندان الحكومة قوي ويتحمل ضربات مطرقة المتظاهرين، وهذا الاعتقاد يدفع المتظاهرين إلى الطرق بقوة حتى يلين حديد الحكومة.. أو ترحل. ومع إصرار المتظاهرين وتزايد عددهم والتهديد بالزحف على بغداد، مما شكّل أزمة إضافية للحكومة، اتهمت قيادات حكومية وفي حزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الحكومة نفسه، إلى اتهام المتظاهرين بأنهم «بعثيون» ولهم «أجندات خارجية من دول الجوار السنية»، خاصة قطر، وأن هذه المظاهرات سنية ولا تمثل كل العراقيين، على الرغم من إصرار قادة المظاهرات والاعتصامات ومن يدعمهم من شخصيات سياسية وحكومية على أنها «مظاهرات وطنية وليست سنية» حسب أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط».

ويقول الدكتور محمد بشار الفيضي المتحدث الرسمي باسم هيئة العلماء المسلمين التي مقرها في العاصمة الأردنية عمان في هذا الصدد: «قد يفهم البعض أن المطالب المرفوعة هي سنية، لكنها في الحقيقة وطنية وتهم جميع العراقيين، فموضوع سوء الخدمات تعاني منه المحافظات الجنوبية أكثر من الغربية والشمالية، ومطالبة الحكومة بإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء تهم الجميع؛ فالثوار لم يرفعوا شعارا مثل الاهتمام بخدمات المحافظات الغربية أو الشمالية ولم يقولوا أطلقوا سراح المعتقلين السنة، وفي المعتقلات الآلاف من المعتقلين الشيعة الأبرياء، ولم يرفع في ساحات الثورة أي شعار طائفي على الإطلاق، وإن كانت محاولات قد جرت في الأيام الثلاثة الأولى لجر الاعتصامات إلى منحى طائفي، فإن الثوار رفضوها، معبرين عن وطنيتهم، والمزاج الشعبي العام هو الدفاع عن مظالم العراقيين».

وعن سبب عدم مشاركة أبناء المحافظات الجنوبية بهذه المظاهرات ما دامت هي وطنية ولا تقتصر على المكون العربي السني، قال المتحدث الرسمي باسم هيئة العلماء المسلمين إن «هناك أسبابا تتعلق بأمن كل من يتظاهر في المحافظات الجنوبية، فإخوتنا هناك محاصرون من قبل فيلق القدس الإيراني وفيلق بدر وما يسمى بـ(جيش المختار الجديد) الذي يطرح نفسه بديلا عن جيش المهدي»، منبها إلى أن «إخواننا في المحافظات الجنوبية لا بد أنهم سيشاركون في الثورة ضد الظلم، وضد من يصادر حقوقهم وأموالهم وحياتهم».

ويؤكد الشيخ سعيد اللافي المتحدث الرسمي باسم المعتصمين في ساحة (العز والكرامة) في الرمادي إن «اعتصاماتنا التي مضى عليها 57 يوما بدأت بمطالب تهم كل العراقيين وليست مقتصرة على مطالب تهم السنة، ولم نقل أو نطرح أي شعار طائفي، بل نحن نعتصم من أجل أبناء شعبنا في الجنوب والوسط والشمال، لهذا نحن ضد تسميتها بالمظاهرات أو الاعتصامات السنية كونها وطنية تماما».

ويشير اللافي إلى أن «الحكومة منذ 10 سنوات تراوغ وتماطل، وقد يئسنا من وعودها التي تعني اغتيال الرموز الوطنية والتهميش والاعتقالات»، منبها إلى أن «الأجهزة الأمنية أغلقت الجمعة الماضي حي الأعظمية، وحاصرته، ومنعت حتى سكان الحي من الوصول إليه، إضافة إلى محاصرة أحياء العامرية والطارمية والجهاد في بغداد، وأغلقت المساجد واقتحمتها؛ فأي وعود نصدق بعد ذلك؟». وأضاف: «نحن لن نترك ساحات الاعتصام حتى تتحقق كل مطالبنا المشروعة ونسترد حقوقنا، التي هي حقوق كل العراقيين».

الشيخ شعلان الكريم، وهو عضو مجلس النواب وقيادي في مظاهرات واعتصام مدينة سامراء التابعة لمحافظة صلاح الدين، يؤكد أن «أعداد المعتصمين تزداد يوميا، وبلغت الجمعة الماضي عشرات الآلاف مطالبين بحقوقهم المشروعة وهي حقوق كل العراقيين»، مشددا على أن «بعض أجهزة الإعلام أو أعضاء في الحكومة أو قيادات سياسية تتعمد تسمية مظاهراتنا واعتصاماتنا بأنها سنية، مع أنها وطنية في الدرجة الأولى، ومن أجل كل العراقيين، وعندما ستسنح الفرصة لإخوتنا في بقية المحافظات، فإنهم سيتظاهرون ويعتصمون دفاعا عن حقوقهم، وأن هناك كثيرا من وفود العشائر والمحافظات الجنوبية زارتنا وتظاهرت معنا دعما لمطالبنا الوطنية».

ويوضح الشعلان أن «الحكومة لم تطلق أيا من المعتقلين، مع أنها قالت: قد أطلقت ألفي معتقل، وهذا كذب، فهناك 6 آلاف معتقل في سجون التاجي وأبو غريب والناصرية، وأغلبهم حصلوا على قرار إطلاق سراح من القضاء لعدم ثبوت أدلة المخبر السري عليهم، لكنهم ما زالوا رهن الاعتقال، كما أن النساء اللاتي اعتقلن بجريرة أزواجهن أو إخوانهن أو أبنائهن، ما زلن في سجون الحكومة».

من جهته، قال الشيخ فارس العبد الله الفارس قيادي لاعتصامات نينوى، شمال العراق، إن «كل ما نطلبه هو حقوق مشروعة لجميع العراقيين وليس للسنة فقط، وبإمكان رئيس الوزراء (نوري المالكي) حلها في يوم واحد، كأن يعلن عن موافقته على قانون العفو العام، باستثناء من تلطخت أياديهم بدماء العراقيين، بدلا من الوعود والتسويف والمماطلة».

وتساءل: «هل يعقل أن يعاني أبناء أغنى بلد في العالم الفقر والتشرد، وأن تسقط البيوت على أصحابها في البصرة والديوانية والعمارة والموصل وحتى في بغداد، والحكومة تسرق أموال الشعب ولا تعطيه حتى الفتات؟ أليس من حقنا أن نسأل عن أموال البلد وأين تذهب ونطالب بها؟».

محافظ نينوى أثيل النجيفي، وهو قيادي في ائتلاف العراقية الذي يتزعمه إياد علاوي، وأول حاكم مدني يدعم هذه المظاهرات، قال إن «اتهام المظاهرات الشعبية في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين بأن وراءها أجندات خارجية هو توصيف سطحي جدا»، في إشارة إلى وصف رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لهذه المظاهرات، مشيرا إلى أن «هذه المظاهرات نتيجة طبيعية لاحتقانات متعددة الأسباب، منها الشعور بالظلم والاضطهاد والخوف، وكذلك لأسباب تتعلق بغياب الخدمات، مما ولد حالة من الاستياء العام في عموم البلد»، وأن «المتظاهرين وجدوا في خروجهم إلى الشارع والتعبير عن مطالبهم نوعا من التنفيس ولإيصال صوتهم بقوة إلى الحكومة التي لم تستجب لمطالب الناس، التي تعبر عن مؤشرات خطيرة تتعلق بالاعتقالات العشوائية وانتهاك حقوق المعتقلين واغتصاب السجينات». وأضاف النجيفي، قائلا إن «مظاهرات أهالي الموصل منضبطة ويكفلها الدستور والقانون، وشعاراتها مشروعة ومطالبهم تهم عموم العراقيين، وليس أهالي نينوى فحسب».

وحول موقفه، بصفته محافظا، في دعم المتظاهرين ضد الحكومة، قال النجيفي: «ليس واجبي الأول هو طاعة الحكومة، وأنا لست موظفا لدى رئيس الوزراء (المالكي) بل أنا محافظ منتخب من قبل أهالي نينوى ومجلس المحافظة ضمن قائمة (عراقيون) التي يتزعمها أسامة النجيفي، رئيس مجلس النواب والقيادي في ائتلاف العراقية»، مشددا على أن «واجبي هو تطبيق الدستور والقانون، وانطلاقا من ذلك عليّ حماية المتظاهرين وأن أسمح لهم بحق التظاهر حسب ما كفل الدستور هذا الحق»، وأضاف قائلا: «أنا لا ألتزم بأي تعليمات ضد المتظاهرين، صحيح أن رأي الكتلة السياسية التي أنتمي إليها (العراقية) يدعم المتظاهرين ومطالبهم، إلا أنني لم أخرج مع المتظاهرين، لكن بعض أعضاء مجلس النواب من (العراقية) وأعضاء مجلس المحافظة من (عراقيون) شاركوا فيها، لكن واجبي يحتم علي حمايتهم، وأن يعبروا عن أفكارهم بطرق دستورية وأن لا تكبل حرياتهم».

وعن سبب قيام القوات العسكرية والأمنية بضرب المتظاهرين في الموصل ومنعهم من الوصول إلى ساحة الأحرار، قال محافظ نينوى: «يبدو أن هناك توجسا من أهالي نينوى أكثر من بقية المحافظات، وهناك نية لتطويقها كونها كبيرة في حجمها وموقعها، والموصل قادرة على تغيير المعادلة، وهم يريدون كسر شوكة أهالي الموصل قبل غيرهم من العراقيين».

وأشاد النجيفي بمواقف السياسيين في إقليم كردستان «لدعمهم مطالب المتظاهرين التي تتفق بعضها مع مطالب إخواننا الأكراد، وأبرزها إنهاء سيطرة الحكومة على كل شيء، كما أن أعضاء التحالف الكردستاني في مجلس المحافظة يدعمون هذه المظاهرات».

لقد تحولت المطالب إلى ما هو أكثر من تحسين الخدمات، وإطلاق سرح المعتقلين إلى إسقاط النظام وتغيير الدستور والتهديد بالزحف على بغداد للصلاة في مسجد الإمام الأعظم في مدينة الأعظمية في جانب الرصافة من العاصمة العراقية.

وقال اللافي المتحدث باسم المعتصمين في مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار حول الخطوة المقبلة» هناك إجراءات ستكون مفاجأة للجميع، وسيكون لكل حادث حديث»، معلنا عن «قيامنا بتأجيل الزحف نحو بغداد لكن صلاتنا الموحدة في جامع الإمام أبي حنيفة بالأعظمية في بغداد سيتم تنفيذها».. وأوضح: «لقد طلبنا من قيادات العمليات والأجهزة الأمنية تأمين وصولنا وحمايتنا طوال طريق ذهابنا وعودتنا إلى بغداد، تماما مثلما تفعل الحكومة خلال مناسبات الزيارات إلى كربلاء والنجف والكاظمية، حيث تقطع الطرق، ويجند آلاف من الجيش والشرطة لحماية الزوار، وعلى الحكومة أن ترعى جميع العراقيين بصورة متساوية، وعكس ذلك سوف تتضح طائفيتها»، مشيرا إلى أنه «ليس هناك ما يمنعنا من زيارة بغداد والصلاة في جامع الإمام الأعظم في أي وقت نشاء».

وحول الخطوة المقبلة التي ستلي الاعتصام في حالة عدم تنفيذ الحكومة لمطالبهم، وفيما إذا كانوا سيحققون تهديدهم بالذهاب إلى بغداد، قال الكريم، أحد قادة معتصمي سامراء، إن «الذهاب للصلاة في بغداد ليس تهديدا، وإنما مسألة اعتيادية، ومن حقنا أن نذهب إلى أي مدينة في العراق، لكن خطوتنا المقبلة بعد الاعتصام ستكون إعلان العصيان المدني، وتعطيل عمل مجلس محافظة صلاح الدين والأقضية ومجالس الأقضية، والنواحي التابعة للمحافظة، والانسحاب من مجلس النواب»، منوها بأن «الاعتصامات حتى الآن سلمية، ونتمنى أن تبقى كذلك». بينما كشف الفارس أحد قادة المظاهرات في الموصل، مركز محافظة نينوى، أن «الخطوة المقبلة ستكون إعلان العصيان المدني إذا استمرت الحكومة بتجاهل مطالبنا المشروعة»، مؤكدا أن «عشائر المحافظات المعتصمة قرروا الزحف إلى بغداد وأداء صلاة موحدة فيها، ولن تستطيع أي قوة منعنا، ونحن نعرف كيف نصل إلى عاصمتنا ولن نتراجع عندما نقرر ذلك».

وكانت هيئة العلماء المسلمين (سنية) قد ناشدت المعتصمين والمتظاهرين بعدم التوجه في الوقت الراهن إلى بغداد، وبرر الفيضي «مناشدة هيئة العلماء المسلمين بعدم زحف الثوار إلى بغداد لسببين؛ الأول هو أن الثورة لم تكتمل حلقاتها ولم تنضج بعد، إذ إننا ننتظر مشاركة إخوتنا في محافظات الجنوب والوسط بهذه الثورة حتى يأخذ الحراك طابعا وطنيا أوسع، ونحن لا نريد قطف ثمارها قبل أن تنضج، أما السبب الثاني فهو مخاوفنا من أن تستغل حكومة نوري المالكي هذه الفرصة لجر الثوار إلى العنف ليكون مبررا للحكومة لتصفيتها وقتل الآلاف من أبناء شعبنا بحجة مكافحة الإرهاب والبعثيين، وسوف يستفيد المالكي من هذه الخطوة».

ويصر الفيضي على تسمية المتظاهرين والمعتصمين بـ«الثوار» وأن «ما يجري هناك هو ثورة»، موضحا: «نحن في هيئة العلماء المسلمين نعتبرها ثورة، ما دام الصوت المرتفع فيها ينادي بإسقاط النظام فهي ثورة، نعم، هناك شعارات ومطالب مشروعة تتعلق بالخدمات وغيرها، لكن الصوت الأعلى هو المطالبة بإسقاط النظام»، منوها بأن «طموحنا أن يشارك جميع العراقيين في هذه الثورة تماما مثلما حدث يوم 25 فبراير (شباط) عام 2011».

وأضاف قائلا إن «العراقيين يعتبرون أن كل من يشارك بالعملية السياسية اليوم هو مشارك في ظلمهم، بما فيهم السياسيون السنة، لهذا لم نسمع من الثوار أي كلمة إيجابية بحق أي سياسي»، مذكرا بـ«المظاهرات التي انطلقت قبل عامين وحملت اسم (يوم الندم)، حيث طلى المتظاهرون أصابعهم بالأحمر بدلا من اللون البنفسجي تعبيرا عن ندمهم لانتخاب هذه الطبقة السياسية التي وصلت إلى البرلمان والحكومة».

وعن الخطوات المقبلة، وما ستثمره هذه المظاهرات والاعتصامات، قال الفيضي: «إذا كنا اليوم قد ناشدنا الثوار بعدم التوجه إلى بغداد واستجابوا لنا، فلن نستطيع لا نحن ولا غيرنا إيقاف زحفهم في الغد القريب على بغداد وإسقاط الحكومة المتحصنة خلف أسوار المنطقة الخضراء»، مشيرا إلى أن «الحلقة الأخيرة تتلخص بالتحاق إخوتنا في المحافظات الجنوبية بهذه الثورة والتوجه بالملايين إلى العاصمة، حيث لن تستطيع القوات العسكرية أو الشرطة صدهم».

التحالف الوطني الحاكم، وهو الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان وتضم كلا من ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، وحزب الفضيلة الإسلامي الذي يتزعمه وكالة جمال عبد الزهرة، ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري، وتيار الإصلاح بزعامة إبراهيم الجعفري، والمؤتمر الوطني بزعامة أحمد الجلبي، حذر من الدعوة لنقل المظاهرات إلى بغداد. وقال بيان للتحالف عقب اجتماع له قبل يومين إن «المجتمعين ناقشوا الوضع السياسي الراهن والجهود المبذولة لمعالجة الأزمة التي فجرتها المظاهرات في المحافظات الغربية، وما اتخذ من إجراءات وخطوات إيجابية لتحقيق مطالب المواطنين سواء من قبل الحكومة أو من قبل اللجنة الخماسية التي انبثقت عن الملتقى الوطني». وأشاد التحالف الوطني في بيانه «بما تم إنجازه من مطالب وما تبلور من حلول»، مشددا على «مواصلة الجهود لاستكمال مهمة اللجان المشكّلة لهذا الغرض».

وأوضح البيان أن «التحالف الوطني توقف عند الدعوة إلى نقل المظاهرات إلى بغداد، وهي الدعوة التي يرى أنها ستكون لها تداعيات خطيرة على الوضع الأمني العام ليس في بغداد فقط، وإنما في بقية المحافظات العراقية»، مشيرا إلى أن «دعوة ما سمي بالزحف إلى بغداد ترافقت مع هتافات وشعارات طائفية استفزت بقوة مشاعر المكونات الاجتماعية الأخرى وأهالي بغداد تحديدا».