«جبهة النصرة».. اللغز المحير

اتهمت بالتبعية لنظام الأسد وصنيعة مخابراته ثم صارت «علما» بعد قتالها الضاري في حلب

TT

مدد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي العقوبات المفروضة على سوريا لمدة ثلاثة أشهر مقبلة، كما تم تجديد حظر توريد السلاح حتى نهاية مايو (أيار)، على أن يتم تعديل بنود الحظر بالشكل الذي يستطيع من خلاله الاتحاد تقديم مزيد من الدعم لمسلحي المعارضة السورية بالمواد غير المميتة والمساعدة الفنية لحماية المدنيين.

القرار يمثل حلا وسطا «وحدا أدنى»، لخلاف استمر أسابيع بين أقلية تقودها بريطانيا وتسعى لتخفيف حظر السلاح وبقية دول الاتحاد الأوروبي المعارضة للسماح بوصول مزيد من السلاح إلى سوريا. لكن بريطانيا ومن يساندها، وإن اختلفوا شكليا مع بقية الدول في القارة العجوز، يلتقون معهم من ناحية جوهر فكرة الحظر؛ ففي سوريا جهات يعدها مراقبون ليست بالصديقة لأوروبا، ونفوذها آخذ في التوسع والانتشار في عموم البلاد، ولا بد من التأكد من أن السلاح الأوروبي لن يصل إلى يديها وإلا فإن أوروبا ستقع في ذات المأزق الذي وقعت فيه الولايات المتحدة في ثمانينات القرن الماضي بعدما سلحت مجاهدي أفغانستان.

من بين هذه الجهات «غير الصديقة» جبهة أسست في أواخر عام 2011 تسمى «جبهة النصرة لأهل الشام»، تتلخص أهدافها، بحسب قائدها وأميرها «الفاتح أبا محمد الجولاني»، بـ«إعادة سلطان الله إلى أرضه، والثأر للعرض المنتهك والدم النازف، ورد البسمة للأطفال الرضع والنساء الرمل».

«جبهة النصرة»، ومنذ بيانها التأسيسي في 23 ديسمبر (كانون الأول) 2011، ظلت لغزا كبيرا، استعصت رموزه وطلاسمه على الحل بشكل علمي وعقلاني. فالجبهة اتهمت في بدايتها بالتبعية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، بل ذهب البعض في أوساط المعارضة السورية لاعتبارها «صناعة مخابراتية» بامتياز، ذاك أن نشاطها العسكري في بداية الثورة السورية و«العمليات النوعية» التي قامت بها حينئذ لم تخدم سوى نظام الأسد، الذي بات يعلق عليها، في ما بعد، كل أخطائه. وبعدما كان يتحدث عن «عصابات إرهابية مسلحة» بصيغة النكرة تروع المواطنين، وتعيث في البلاد الفساد، بات يذكرها بالاسم تحديدا. لكن الجبهة ما لبثت أن استأثرت بعقول وقلوب السوريين وخاصة بعد بلائها الحسن في معركة حلب، التي بدأت في 22 يوليو (تموز) 2012 والتي أظهر فيها مقاتلو «جبهة النصرة» شجاعة وبسالة منقطعة النظير.

ويؤكد الناشط السياسي حارث عبد الحق الذي ينتمي إلى محافظة حلب، في أقصى الشمال السوري، أن «جبهة النصرة»، باتت تقيم علاقات مع المجتمعات المحلية الخاضعة لسيطرتها، مؤكدا وجود نشاط خدمي لها في المناطق التي يسيطرون عليها كإصلاح الكهرباء وفتح المراكز الطبية ومنع بيع القمح من الصوامع وتأمين جرات الغاز. ويقول الناشط، إن مناطق مثل الباب وطرابلس في الريف، وأحياء كالشريعة والميسر في المدينة، تنعم «باستقرار وأمن» أكثر من نظائرها الواقعة تحت سيطرة بعض الكتائب والألوية المنضوية تحت جناح الجيش السوري الحر.

لكن المخاوف تكمن في ما تصبو إليه الجبهة بعد سقوط نظام الأسد، وليس ما تقوم به اليوم، فالجبهة تسعى لإقامة دولة إسلامية، وترفض مفهوم «الدولة المدنية» الذي يقوم على مبدأ «فصل الدين عن الدولة»، وتطالب الجبهة في هذا الإطار بتسخير الدين لتسيير أمور الحياة اليومية. على أن ما يحسب لـ«جبهة النصرة» هو صراحة طرحها وعدم لجوئها للمواربة، فالجبهة لم تؤمن في يوم من الأيام بحدية المجتمع الدولي في مساعدة السوريين، لذلك لجأت للاعتماد على ذاتها ولم تكترث بالجهود الدولية لإيجاد حل سلمي أو المبعوثين المرسلين لدمشق، وهذا ما سبب في بداية انطلاقة الجبهة «حالة من الفتور» بينها وبين المعارضة السورية رغم صعود نجم الأخيرة في دوائر صنع القرار الغربية.

ففي 18 مايو الماضي، قال أحمد فوزي، المتحدث باسم المبعوث الأممي والعربي كوفي عنان: «إن هناك طرفا ثالثا في سوريا قام بتدبير تفجيري دمشق»، مضيفا أن عملية التحقق من هويته أو الجهة التي ينتمي إليها جارية الآن. ‎لكن المعارضة السورية أصرت في ذلك الوقت على تبعية «جبهة النصرة» للمخابرات السورية بهدف تشويه صورة المعارضة. حينئذ، قال عضو بارز في الأمانة العامة للمجلس الوطني المعارض: «لا نستبعد أن تكون عناصر إرهابية هي من قامت بتنفيذ سلسلة الانفجارات التي وقعت في دمشق، لكن النظام السوري هو من يسيطر على هذه العناصر ويتحكم فيها».

لكن معركة تحرير حلب التي بدأت في 22 يوليو 2012 أخرجت العلاقة بين الطرفين من طور الفتور إلى طور العلاقة الجيدة، فبسالة «القاعدة» القتالية لـ«النصرة» ووجودهم في الصفوف الأمامية بشهادة ضباط كبار في «الجيش الحر»، غيرت كثيرا من الرؤى في المعارضة. لكن العلاقة بين الطرفين تحولت أيضا لنوع من التماهي مع إدراج الولايات المتحدة لـ«جبهة النصرة» ضمن لائحة المنظمات الإرهابية في 11 ديسمبر (أيلول) 2012.

فضمن مساعيها لعزل العناصر المتطرفة في صفوف المعارضة السورية، أعلنت الولايات المتحدة إدراج «جبهة النصرة» على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لارتباطها بتنظيم القاعدة، معتبرة إياها «واجهة للقاعدة في العراق»، ومنعت من التعامل معها. وبعد هذا الإعلان بدقائق، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على قادة الجبهة. وقال مسؤول أميركي، مطلع على الملف السوري، لـ«الشرق الأوسط»، وقتها «لا مكان للمتطرفين في مستقبل سوريا، وعلينا أن نعزلهم».

ويرفض مدير الأبحاث بـ«مركز كويليام لأبحاث مكافحة الإرهاب» بلندن، نعمان بن عثمان، القيادي السابق بـ«الجماعة الليبية المقاتلة»، تصنيف «جبهة النصرة» كمنظمة إرهابية، لكنه يؤكد أنها «منظمة تحمل فكر وآيديولوجيا (القاعدة)»، مشيرا إلى أن «(النصرة) تعلمت من دروس (القاعدة في العراق)، وتجنبت أخطاءها في الميدان، لكن هذا لا يعني أنهم يدينون عقائديا ودينيا تلك الممارسات». ويضيف: «الأميركيون قاموا بتقص استخباراتي دقيق واستعانوا بعسكريين ودبلوماسيين عملوا سابقا في العراق، ووصلوا لقناعة بأن التنظيم الموجود الآن في سوريا هو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق التابع لـ(القاعدة)، ولهذا السبب وضعوها ضمن لائحة الإرهاب.. هذا ليس بتحليل». يضيف بن عثمان: «بل قام بناء على دراسة استخباراتية مدققة».

وظهرت «النصرة» لأول مرة في الإعلام الغربي في صحيفة «واشنطن بوست» في 28 فبراير (شباط) 2012، بعد أن أعلنت الجبهة في شريط مصور مسؤوليتها عن تفجيرات انتحارية في دمشق وحلب، وأشارت الصحيفة الأميركية يومئذ إلى أن «هناك قلقا متزايدا من أن يحاول تنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به ركوب موجة الانتفاضة السورية». وفي اليوم التالي، نشرت وكالة الصحافة الفرنسية تقريرا مطولا عن الجبهة، واصفة إياها بـ«مجموعة جهادية غير معروفة»، مضيفة أنها قامت بعمليات انتحارية في دمشق وحلب «ردا على جرائم النظام في حمص».

اللافت في ذلك الوقت، هو تحاشي النظام السوري تحميل «جبهة النصرة» بالتحديد مسؤولية بعض الحوادث التي وقعت في العاصمة دمشق، من بينها حادثان أسفرا عن مقتل ما لا يقل عن ستين شخصا بشكل مباشر. ففي التفجير الذي وقع في دمشق في 6 يناير (كانون الثاني) 2012، قال وزير الداخلية السوري محمد الشعار، إن «انتحاريا» فجر نفسه قرب إشارة ضوئية، مما أدى إلى مقتل وجرح العشرات من المدنيين والعسكريين.

حينذاك، كانت بعثة المراقبين التابعة لجامعة الدول العربية لا تزال على رأس عملها، وهذا ما دفع الكثيرين في دوائر صنع القرار الغربية إلى اعتقاد أن الانفجار يقف وراءه نظام الأسد ويهدف إلى التشويش على عمل بعثة المراقبة، التي ألغت جدول أعمالها واتجهت إلى موقع الانفجار لمعاينته.

وتكرر الأمر نفسه في 18 مارس (آذار) من العام الماضي، عندما هزت انفجارات بسيارات مفخخة دمشق وحلب، أسفرت عن مقتل مالا يقل عن ثلاثين شخصا. وكتبت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية في اليوم التالي، أن نظام الأسد «يتهم إرهابيين مدعومين من قوى خارجية بالوقوف وراء التفجيرات»، لكنها أشارت إلى أن هناك احتمالات بأن يكون المقصود من وراء التفجيرات تقويض مهمة السلام التي يقوم بها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان.

لكن الأول من مايو حمل معه شيئا جديدا، إذ نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا)، ولأول مرة، عن «جبهة النصرة» تبنيها للتفجير الذي حصل بساحة المرجة في قلب العاصمة السورية، وأضافت أن «مجموعة إرهابية مرتبطة بـ(القاعدة)، تطلق على نفسها اسم (جبهة النصرة)، أعلنت مسؤوليتها عن التفجير». وفي اليوم التالي، كتب الصحافي الآيرلندي المشهور باتريك كوكبرن في «الإندبندنت» اللندنية: «(القاعدة) تفتح خط جبهة جديدا لها».

وشكلت مقالة كوكبرن نقطة تحول في تعاطي الصحافة الغربية مع الأزمة السورية، فلأول مرة لم يأخذ الكاتب الرواية النظامية كمادة للتفنيد، بل اعتبرها مرجعا لبناء مادته. ويقول كوكبرن: «تدعي المعارضة السورية أن الهجمات على رموز الدولة هي من عمل الحكومة، في مسعى منها لتشويه صورة المحتجين».

ويضيف مفندا: «يقولون إنها انفجارات ملفقة ومفتعلة. لكن الهجمات تحمل بصمات (القاعدة)، وقد أكدت وكالة الاستخبارات الأميركية أن التفجيرات الانتحارية السابقة هي من عمل (القاعدة)». ويتابع كوكبرن أن «هذه الهجمات تظهر أن (القاعدة)، ورغم مقتل زعيمها أسامة بن لادن وعدد من قادتها الآخرين، لا تزال ناشطة وبدأت تتدخل في أماكن جديدة في الشرق الأوسط، سواء في العراق أو سوريا، ولم تعد تكتفي بتحديد أنشطتها في أماكن منعزلة كما في باكستان واليمن والصومال».

ويؤكد الناشط السياسي حارث عبد الحق الذي ينتمي إلى محافظة حلب، في أقصى الشمال السوري أن نظام الأسد حاول في بداية الثورة «شيطنة» (جبهة النصرة)، و«افتعل عمليات انتحارية في دمشق وحلب وإدلب وغيرها بهدف بث الرعب في قلوب الناس من الحركات الجهادية»، لكن هذه المساعي باءت بالفشل، برأي عبد الحق: «بسبب عدم كفاءة أدوات تنفيذ مشروع الشيطنة من جهة وبسبب قدرة (جبهة النصرة) على إقناع الناس بمشروعية أهدافها وغاياتها»، مضيفا: «نعلم جيدا أن مصوري وسائل إعلام نظام الأسد كانوا في أماكن التفجير قبل حدوثه، ومن غبائهم صوروا سيارات الإسعاف وشرطة النجدة وهي تنتظر حدوث التفجيرات».

وميدانيا، تنشط «جبهة النصرة» في عدة مناطق من سوريا، إلى جانب محافظتي ريف دمشق وحلب، فهي موجودة ميدانيا بمحافظات دير الزور والرقة والحسكة في الشرق السوري، وتحاول إيجاد مراكز تموضع لها في محافظة اللاذقية.

وفي هذا السياق، يقول الناشط الميداني عمر الجبلاوي لـ«الشرق الأوسط»، إن «(جبهة النصرة) كانت في السابق تقوم بعمليات مؤازرة لـ(الجيش الحر)، أما اليوم فقد انقلبت الأمور وأصبح الأخير هو من يؤازر (جبهة النصرة)». ويضيف: «تسيطر الجبهة على منطقة دورين بجبل الأكراد، وهذا ما يشعرنا بالأمان لأن المنطقة هي خط التماس الأول مع عصابات الأسد، ونحن متأكدون من أن عناصرها لن يتخلوا عنها أبدا لبسالتهم ابتداء.. ولنوعية التسليح الجيد أيضا».

ويقابل القدرات العسكرية والمالية الضخمة لـ(جبهة النصرة)، ضعف إعلامي تثار حوله الكثير من علامات التعجب، فهوية أمير التنظيم غير معروفة، وتقول بعض التقارير إنه «أبا محمد الجولاني»، الذي قيل إنه توفي في العراق 2006 ثم قيل إنه موجود في سوريا، حيث قيل إنه يجلس متلثما في اجتماعاته مع أمراء الجبهة في المحافظات السورية.

ويعتقد أن الجولاني كان على صلة مع تنظيم «القاعدة في العراق» وكان من الدائرة المقربة لأميرها أبو مصعب الزرقاوي، الذي لقي مصرعه بغارة جوية في محافظة ديالي 2006.

ويضاف إلى إشكالية جنسية الأمير، تذكر التقارير الاستخباراتية أن الجولاني انتقل من سوريا إلى العراق، وكان من أوائل المشاركين في قتال الأميركيين إبان الاحتلال الأميركي للعراق، لكن لكنته السورية الواضحة والمؤثرات المضافة على كل تسجيلاته الصوتية تشير إلى محاولات لتعمية جنسيته الحقيقية، التي قد تكون إما عراقية أو أردنية، إن لم تكن سورية.

وحسب مراقبين، فإن الجبهة عموما مصبوغة بهذا النوع من التكتم والسرية، ليس على مستوى أميرها القائد فحسب، بل على أمراء الجبهة في كافة المحافظات، ذاك أنهم متعددو الجنسيات وتغلب عليهم الجنسيتان العراقية والليبية. وترفض الجبهة التصوير والتصريح لأحد إلا بإذن مسبق من الأمير، كما ترفض بتاتا الإدلاء بأي معلومة تخص أسماء القيادات أو أعداد المقاتلين أو مصادر التمويل. ويقف حتى أبرز المدافعين عن الجبهة عاجزين عن الإجابة عن هذه التساؤلات.

يقول الزعيم في التيار السلفي الأردني محمد الشلبي، الملقب بـ«أبو سياف»، إنه لا يرى ضيرا في تعدد الجنسيات المقاتلة في سوريا.. فالسوريون «طلبوا النصرة من المجتمع الدولي.. وطلبوا النصرة من العرب والمسلمين، وقد خذلهم المتخاذلون.. فكان لزاما على إخوانهم في شتى بقاع الأرض نصرة هذا الشعب المظلوم».

وينتقد القيادي السلفي الأردني الآراء التي تحرم استراتيجية «النصرة» في ما يخص العمليات الاستشهادية، قائلا: «تكلم الكثير من العلماء وقالوا إن الذي يحدد جوازها من عدمه هم أهل الواقع». وأضاف: «لكننا نتبنى العمليات الاستشهادية ونعتبرها نوعا من أنواع القتال، وذلك وفقا لفتوى (التترس) لشيخ الإسلام ابن تيمية، التي تقول إنه فيما لو تترس جيش الكفار بمسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا، جاز لهم القتال وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين يتترس الكفار بهم».

حتى إن تجاوزنا الأسئلة الآنية الملحة المتعلقة بهوية وجنسية مجاهدي «جبهة النصرة» ومصادر تمويلها، يبرز مصير الحركة وبرنامجها السياسي بعد سقوط نظام الأسد كسؤال جوهري. ويتوقع أبو سياف في هذا الصدد حصول صدام بين «الجيش الحر» و«جبهة النصرة» حالما تتم «إزالة العقبة الحالية المتمثلة في إسقاط نظام الأسد»، لأن مبتغى «جبهة النصرة» هو إقامة «الدولة الإسلامية على منهج النبوة، ولن يرضى مجاهدو (النصرة) بإلقاء السلاح إلا بعد تحقيق مطلبهم»، لكن «الجيش الحر» لن يمتلك الجرأة لإعلان ذلك. وبالتالي، فإن الصدام سيصبح حالة حتمية، بحسب رأي شلبي.

ويوافقه في الرأي الناشط مصطفى، (طلب ذكر اسمه الأول فقط)، الذي تطوع في الجيش السوري الحر ثم أجبرته الظروف على الالتحاق بـ«جبهة النصرة»، بقوله إنه عندما بايع الجماعة الجهادية أقسم على «الولاء لقيادتها ولأهدافها»، مشيرا إلى أن هذا هو ما يثير مخاوف البعض من وقوع عمليات قتل جماعي لكل الرافضين لمواصلة القتال في صفوف الجبهة بعد سقوط نظام الأسد على غرار ما حصل في الجزائر في تسعينات القرن الماضي. ويضيف مصطفى: «جميع المجاهدين أخبروا قبل الانخراط في الجبهة بأن الهدف ليس إسقاط النظام ولكن إقامة دولة إسلامية». وفي هذا الصدد، يؤكد مدير «مركز كويليام لأبحاث مكافحة الإرهاب» بلندن نعمان بن عثمان، أن عدد مقاتلي «النصرة» ليس بالكبير، لكن «كل منتم إلى (جبهة النصرة) عن طريق بيعة، وهي أقوى الروابط القانونية، لأنها عقد ديني يشير إلى أن إسقاط نظام الأسد ليس بالهدف بحد ذاته، بل هو غرض عسكري لهدف أكبر». وعليه، فالثورة وفق هذا المنظور لن تتوقف حتى تتم إقامة الدولة الإسلامية، وإلا فالثورة سرقت ودماء الشهداء ذهبت سدى.