«جبهة الإنقاذ» المصرية.. سباق الشارع

تحت مظلتها 12 حزبا وتواجه اتهامات بأنها لا تصنع الأحداث

TT

أين تقف «جبهة الإنقاذ» المعارضة لحكم الإسلاميين في مصر. خلف الشارع أم أمامه؟ الجبهة تقول إنها تسير وراء الشارع، محاولة تحقيق المطالب التي قامت من أجلها ثورة 25 يناير 2011. لكن التيار الإسلامي له رأي مختلف ويصف الجبهة بـ«جبهة الخراب»، محملا إياها مسؤولية العنف والفوضى. وقبل معرفة الطريقة التي يفكر بها كل طرف من الطرفين حول المسؤولية عن القلاقل التي تضرب البلاد، يتحدث اثنان من الشبان ممن شاركوا في أحداث يناير بقوة عن الطريقة التي ينظر بها كل منهما لـ«جبهة الإنقاذ» التي تم تدشينها أواخر العام الماضي، ويقودها في الوقت الحالي الدكتور محمد البرادعي، وشخصيات سياسية أخرى، من بينها الدكتور عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية، وحمدين صباحي رئيس «التيار الشعبي»، وسيد عبد العال رئيس حزب التجمع، والسيد البدوي رئيس حزب الوفد وغيرهم.

يقول أحمد عبد اللطيف، الشهير بـ«أحمد رومي»، وهو من شباب ثورة يناير، ويعمل في الوقت الحالي في المحاماة: «دائما ما يتحدث البعض عن (جبهة الإنقاذ) باعتبار أنها المحرك للجماهير الغاضبة، الموجودة في الميادين والشوارع المصرية احتجاجا على سياسات حكم (الإخوان)، لكن هذا يخالف الحقيقة تماما، وذلك لأن قيادات (جبهة الإنقاذ) من النخب السياسية التي عادة ما تكون علاقتها بالجماهير علاقة معقدة، حيث إن الشارع في أغلب الأوقات يشكك في النخبة، وقليلا ما يثق بقيادة محددة تقوده». ويضيف أن مسألة القيادة الموحدة متوافرة في التنظيمات الدينية من باب السمع والطاعة.

ويضيف أحمد عبد اللطيف أن «الوقت الذي تم فيه تدشين (جبهة الإنقاذ) جاء متأخرا، فلو كانت تلك الجبهة قد دشنت في بداية أيام الثورة لكان الوضع اختلف تماما عما نحن فيه الآن، ولكانت هي من يقود الشارع الآن وليس العكس»، مشيرا إلى أن «العلاقة بين (جبهة الإنقاذ) والشارع ليست في اتجاه واحد، بل إن كلا منهما في اتجاه، حيث هناك الكثير من الأطروحات التي تقدمها (جبهة الإنقاذ) تؤكد أن هناك انفصاما تاما بين الجبهة والشارع، فالجماهير التي تتحرك من نفسها والتي تقود نفسها دون قائد والتي تعبر عن غضبها في عدم تحقيق أهداف الثورة التي قاموا بها من جانب السلطة الحاكمة - هي التي تدفع قيادات (جبهة الإنقاذ) للحديث أو المشاركة في أي فعالية ينادي بها الشارع».

ويضيف عبد اللطيف: «دائما ما نرى قيادات (جبهة الإنقاذ)، يقولون إنهم يسعون إلى إصلاحات سياسية لخلق توازن سياسي، في الوقت الذي ينادي فيه الشارع بإسقاط النظام».

وقد ساعد أيضا في انفصال «جبهة الإنقاذ» عن الشارع، «التشويه المتعمد والمتكرر من التيار الإسلامي للجبهة ولقيادتها، خاصة في المساجد والأماكن الدينية التي تؤثر بشكل كبير في حياة المصريين»، وكذلك لعدم قدرة الجبهة أو أي من قيادتها على مواجهة تلك التيارات نظرا لقلة إمكاناتها. وكل هذه الأمور هي التي أدت إلى أن يكون الشعب سابقا، بل هو المحرك لقيادات «جبهة الإنقاذ» في الأحداث السياسية المطروحة على الساحة، بل هو الدافع المباشر لها وليس العكس.

وفي المقابل، يقول أحمد مجدي، وهو من ائتلاف ثوار 25 يناير ويعمل في مجال الإعلام، إن «جبهة الإنقاذ» أنشئت في الأساس لتجميع قوى المعارضة بهدف اللحاق بالتحركات الشعبية غير المنظمة في كل مكان، التي لم تكن لتعرف تحديد مطالب مصوغة بشكل سياسي. فالشارع المصري في حالة غليان بسبب الأحوال الاقتصادية والاجتماعية، والدستور الذي فرض عليهم فرضا بمواده المعيبة التي قسمت الشارع وجعلت حالة الاستقطاب على أشدها.. فكان لا بد من موقف تاريخي تتخذه قوى المعارضة للتجمع في جبهة واحدة ومحاولة ترجمة الغضب الشعبي إلى مطالب واضحة أمام الرئاسة التي تتجاهل مطالب الشعب.

ويضيف أحمد مجدي أن «ما يميز (جبهة الإنقاذ) أنها اعترفت في الكثير من المناسبات بأن التحركات الشعبية هي التي تقود الجبهة وليس العكس، وهو ما جعل الكثيرين يثقون بأن أعضاء (جبهة الإنقاذ) ليس هدفهم الركوب على ما يحدث، بل توجيه الغضب في المكان الصحيح.. أيضا ثبات الجبهة وعدم تفككها حتى الآن وسط الهجمات الإعلامية الإخوانية وتشويه المعارضين بشكل مستمر هو إنجاز في حد ذاته، لأنه في الفترة الماضية شكلت الكثير من الجبهات والتكتلات ولاقت الفشل في توحيد الجهود مرات كثيرة وتفككت كلها، ما عدا (جبهة الإنقاذ)».

ويعرب مجدي عن مخاوفه من أن تدب الخلافات داخل «جبهة الإنقاذ» في حال ظهور استقطابات سياسية كبيرة مثل الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة. ويقول: أتوقع في المستقبل أن تدب الخلافات داخل الجبهة إذا تم تحديد موعد مبكر لانتخابات رئاسية، وهو ما سيفقدها كل تعاطف الجماهير الذين ملوا من المعارضة المنقسمة.. والفرصة الوحيدة السانحة لإسقاط حكم (الإخوان) هو التفاف باقي القوى الوطنية والشعب المصري حول الجبهة وترشيح بديل لمرسي بالاسم، وأن تسبق الجبهة هذه المرة الشارع وتدعو صراحة لإسقاط النظام».

المتحدث باسم «جبهة الإنقاذ» خالد داود، وهو قيادي أيضا في حزب الدستور الذي يتزعمه البرادعي، يقول: «نحن نحاول أن نلبي طلبات الشارع ونعبر عن حجم الغضب الذي نراه. وأعتقد أن الشارع دائما متقدم علينا خطوة، ونحاول أن نضع في اعتبارنا المطالب التي نسمعها، ونحن 12 حزبا من توجهات فكرية مختلفة. الهدف الأساسي الدفاع عن مدنية الدولة. وهذا هو الشيء الأساسي الذي يجمع بيننا. أعتقد أن أي أحد لديه دلائل قاطعة على أن الجبهة مسؤولة عن العنف فليتقدم للجهات المختصة، ومن يرى أن الجبهة متورطة في العنف فليتقدم بالدليل». قائلا إن «استخدام هذه اللغة دليل على جو التخويف، وهذه الممارسات لا تختلف عن النظام السابق».

ويضيف داود: «تشكيلة الشارع المصري بعد الثورة أصبحت متنوعة.. توجد مجموعات راديكالية شبابية ترى أن هناك شبابا يلقون مصرعهم في الشارع. ولم يأت أحد بحقوق والقصاص لأكثر من 800 مصري قتلوا في أحداث ثورة 25 يناير، بل منذ تولي مرسي الرئاسة لدينا أكثر من 100 شاب قتلوا في الشارع مثل جيكا ومحمد الجندي ومحمد كريستي وعمرو سعد وغيرهم.. هناك شباب نقي، لكن في النهاية يموت وهو يدافع عن قضية.. هؤلاء الشباب يتصرفون بواقع الغضب الذي يشعرون به». ويتابع قائلا عن الحالات التي أصابت المصريين بالإحباط: «عندك أحداث بورسيعد، حيث شعر الناس بغبن ما وبتجاهل من السلطات حين أصدرت أحكاما (واحتجوا عليها) قامت قوات الأمن بفتح النار عليهم وقتلت 43 مواطنا في يوم واحد. وبالتالي، أعتقد أن تحميل الجبهة المسؤولية عن العنف مجاف للحقيقة تماما وغير مدعوم بأدلة، بل على العكس بعض العناصر المتورطة في المواجهات تطلق علينا اسم (جبهة إنقاذ الإخوان)، هذا الشباب الصغير حين نتحدث معهم يقولون علينا أنتم (جبهة إنقاذ الإخوان، ولا تطالبون بإسقاط النظام)، وهم يرون في النهاية أن توجهنا إصلاحي وليس توجها راديكاليا أو ثوريا».

ويستكمل داود قائلا: «أعتقد أن هذا حقيقي.. لأننا نحن كـجبهة إنقاذ، الذي يجمعنا كأحزاب مدنية هو ترسيخ تجربة تداول السلطة سليما في مصر مرة كل أربع سنين أو كل 8 سنين، وليس من مصلحتنا انهيار هذه التجربة، ونحن ندرك مخاطر انهيار هذه التجربة، لكننا في نفس الوقت نواجه بعناد من الطرف الآخر.. الدكتور البرادعي دائما يقول في الاجتماعات عندما تطرح هذه النقطة، نحن لا نريد رحيل مرسي، ولكن نريد إصلاح حال البلد. وفي نفس الوقت، لا نستطيع أن نتخلى عن مبادئنا وهي أن تكون لدينا حكومة ذات مصداقية تضم كفاءات وقدرات، وليست مبنية على أساس التمكين والانتماءات الحزبية، وأن يكون لدينا نائب عام مستقل نستطيع أن نثق من خلاله بعدالة القضاء، وأن يكون لدينا دستور محترم، وليس دستور تكتبه فئة واحدة فقط، وأن يكون لدينا برنامج واضح للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. هذه هي همومنا كجبهة إنقاذ».

ويقول خالد داود أيضا: «أما هموم (الإخوان)، فهي التمكين وإنشاء دولة خاصة بهم وفقا لرؤيتهم ومشروعهم وتجاهل أي مطالب معارضة لهم، وأن يصدروا قوانين كما يريدون حتى لو كانت هذه القوانين تجافي آليات الديمقراطية مثل الإعلان الدستوري، الذي كان السبب الحقيقي للأزمة، من وجهة نظرنا».

ويرى البعض أن قيادات «جبهة الإنقاذ» لا تأخذ أمر المعارضة بجدية، خاصة أن كثيرا من المراقبين يلمحون إلى أن الدكتور البرادعي يكتفي بالتعليق على الأحداث على «تويتر» وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لكن خالد داود يرد قائلا إن «هذا الكلام تخطاه الزمن. وأعتقد أن الدكتور البرادعي، منذ الإعلان الدستوري في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 لم يغادر مصر سوى مرة واحدة مؤخرا، أي منذ أسبوع حين سافر لحضور مؤتمر للمفكرين (في إحدى الدول الخليجية) وعاد».

ويوضح داود بقوله: «وبالتالي» الدكتور البرادعي حرص على حضور الاجتماعات الأسبوعية المنتظمة لـ(جبهة الإنقاذ الوطني)، وحريص على المشاركة في كل المناسبات الجماهيرية. وفي عز أزمة الإعلان الدستوري، نزل إلى ميدان التحرير وشارك في عدة مظاهرات ومسيرات، وبالتالي أعتقد أن الوضع اختلف، بل العكس هو مشتبك تماما مع الواقع اليومي، ومهتم بالوضع العام جدا، ويقوم بعمل مقابلات، ويشارك في فعاليات».

ويقول داود: «أرجو أن يتم الوضع في الاعتبار أنه للأسف الشديد، وفي الوقت الذي تقيم فيه مؤسسة الرئاسة الدنيا ولا تقعدها بشأن بعض القنوات التلفزيونية التي تتبنى خطا لا ترضى عنه الرئاسة، لدينا قنوات أخرى تملكها تيارات دينية تصدر دعوات بفتاوى بالقتل ضد الدكتور البرادعي وضد صباحي، وتتساهل مؤسسة الرئاسة في هذا الأمر، ولم نر النائب العام يحرك دعاوى ضد هذه القنوات بنفس السرعة التي يتم بها تحريك دعوى ضد النشطاء وضد الإعلامي الساخر باسم يوسف وغيره».

ويضيف داود: «وبالتالي أيضا ومن المؤكد أن المخاطر والتهديدات المتواصلة على الدكتور البرادعي تجعل قدرته على المشاركة في بعض الأحيان صعبة، لكن الأصل في المسألة، وهو ما أحب أن ألفت النظر إليه، أن الدكتور البرادعي موجود بشكل متصل على مدى أربعة أو خمسة أشهر، مع الوضع في الاعتبار أن الدكتور البرادعي شخصية دولية وعضو في الكثير من الهيئات الدولية، سواء بحكم منصبه السابق كمدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أو بحكم أنه حائز جائزة نوبل للسلام. ورغم كل هذا، فهو موجود ومشترك ومشتبك».

ويزيد داود مشيرا إلى الضغوط التي تتعرض لها «جبهة الإنقاذ»، ويقول: «حين يقوم عضو في حزب الدستور غير راض عن الحزب، فيكتب على (فيس بوك) أن الدكتور البرادعي ذهب للإمارات وأتى بـ4 مليارات دولار، وأن الذي سيتولى إنفاق هذا المبلغ الدكتور البرعي نائب رئيس الحزب وخالد داود أمين الإعلام. وتقوم جريدة (الحرية والعدالة) الإخوانية بنشر الموضوع دون تدقيق ولا تساؤل، فهذا أمر يفوق الخيال ولا يصدق. هذا بالإضافة إلى كمية كبيرة من البلاغات من جانب (الإخوان) ضد الجبهة، بلغ عددها 169 بلاغا ضد قيادات (جبهة الإنقاذ)، فهل هذه طريقة معاملة المعارضة في دولة ديمقراطية».

ويقول داود إنه يتم «اتهامنا بشكل دائم بأننا فلول وننتمي إلى الفلول وندافع عن الفلول، رغم أنهم يعلمون جيدا من الموجودون في (جبهة الإنقاذ)، ومن البرادعي ومن صباحي ومن عبد الغفار شكر والدكتور محمد أبو الغار والدكتور عبد الجليل مصطفى، هذه شخصيات كانت في مقدمة صفوف ثورة 25 يناير. لماذا بدلا من التعامل مع مطالب المعارضة بشكل موضوعي، نجد اتهامات بالخيانة والعمالة والتمويل والفلول. هذه أجواء غير مريحة».

وحول ما يقال عن محاولات من جانب الرئاسة وجماعة الإخوان لشق صف «جبهة الإنقاذ»، يوضح داود: «ليس هذا القول فقط، بل نتعرض لحملة شائعات كبيرة ضد قيادات الجبهة.. أشاعوا أخبارا من قبل عن وفاة البرادعي وعمرو موسى، وغيرها.. حتى أصبح جزء كبير من عملي، ليس دعم ما تدعو له (جبهة الإنقاذ)، بل أن أنفي الإشاعات المتواصلة عن انسحابات متوالية.. كل فترة، انسحاب عمرو موسى وصباحي و(الوفد)، وانقسامات وخلافات داخل الجبهة. إشاعات تقترب من حد العبث».

ومن جانبه، يقول سيد عبد العال، رئيس حزب التجمع، ومن قيادات «جبهة الإنقاذ»، بشأن الاتهامات الموجهة للجبهة من (الإخوان) والإسلاميين، بأنها تقود الشارع إلى الفوضى وإلى العنف: «هذا كلام لا يؤخذ به، لأن جماعة الإخوان المسلمين تعلم جيدا جدا أن الفوضى الموجودة في الشارع مسؤول عنها أجهزة الأمن التابعة لحكومتهم ورئيسهم.. ثم إن الذي أحدث الفوضى في مصر هو سلوك جماعة الإخوان بكسر هيبة القضاء حينما صمتت جماعة الإخوان حين حاصر أنصارهم ومؤيدوهم المحكمة الدستورية، ثم محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي، وإصدار الرئيس مرسي لإعلان دستوري بالمخالفة لما أقسم عليه من احترام للدستور والقانون كرئيس جديد للجمهورية لتحصين نفسه وتحصين مجلس الشورى الذي تهيمن على الأغلبية فيه جماعة الإخوان، وتغيير النائب العام بالمخالفة للدستور».

ويواصل عبد العال قائلا: «هذا السلوك في كسر هيبة القضاء وهز ثقة المواطن بأحكام القضاء والعدالة القضائية، رتب عند الناس أنه لا توجد دولة قانون، مما أدى إلى انتشار الفوضى في كل مكان، بما في ذلك قتل المتظاهرين دون الكشف عن القتلة، مثل ما حدث في بورسعيد. كل هذا منهج (الإخوان) في إحداث الفوضى حتى يخضعوا الشعب لإرادتهم».

وعن ما يقال عن إن «جبهة الإنقاذ» تسير خلف الشارع وليس أمامه.. يوضح عبد العال: «الشارع سابق لـ(جبهة الإنقاذ).. والجبهة تكاد تقود جزءا من القوى الثورية وليس كل القوى الثورية. وتحلم (جبهة الإنقاذ) بتوحيد كل هذه القوى في مسار واحد. ونتمنى أن تقوى الجبهة إلى درجة أن تقود الشارع، ولكن ما يتعلق بالفوضى فإن (جبهة الإنقاذ) ليست مسؤولة عنه.. بل المسؤول عنه كل الإجراءات المخالفة للقانون والدستور التي قام بها المسؤولون والتي أشرت إليها سابقا».

ومن التيار الإسلامي، يقول الدكتور هشام كمال، المتحدث باسم «الجبهة السلفية»، إن «الأمر يحتاج إلى تفصيل.. نحن نقول إن هناك أخطاء إدارية في الدولة، وفي نفس الوقت هناك من يريد الانقضاض على الشرعية، وهناك فئة ثالثة فيها غضب. أما بالنسبة للمعارضة، فلدينا معارضة بناءة ومعارضة هدامة. و(جبهة الإنقاذ) تقع ضمن الفصيل الذي تكون أخيرا حتى يقوم بعملية هدم كبرى ويقف ضد المشروع الإسلامي، ويحاول الانقضاض على شرعية هذه البلاد حتى ينفذ المشروع القائم على (علمنة الدولة)».

ويضيف الدكتور كمال: «الأمر الآخر هو أن الجبهة بالفعل تحاول، ليس استغلال الغاضبين في الشارع فقط، بل تحاول استغلال الحدث من جانبين.. استغلال بعض أخطاء مؤسسة الرئاسة من جهة، واستغلال بعض الإشكاليات الموجودة في الشارع من جهة أخرى، وذلك لتنفيذ أجندة خاصة بمسألة علمنة الدولة، وليست أجندة خاصة بمصلحة الوطن على حد ما أراه منهم على أرض الواقع».

ويقول هشام كمال إن «(جبهة الإنقاذ) استغلت مسألة الإعلان الدستوري الذي حدث في 22 نوفمبر 2012، فتكونت الجبهة ودعت لمظاهرات عارمة ،ووضعت يدها في يد مؤيدي مبارك، أو الفلول كما نسميهم في مصر، وبالتالي بدأت المظاهرات، ثم بدأت في اتجاه العنف، وهذا لم يكن معهودا منذ ثورة 25 يناير».

ويتابع كمال بقوله إن «جبهة الإنقاذ»، «عملت غطاء سياسيا على العنف وتسمية العنف بمظاهرات أو غضب. وبالتالي، قاموا بحرق مقرات لجماعة الإخوان، أو على الأقل إذا لم يساهموا في حرق هذه المقرات، فهم الذين مارسوا غطاء كبيرا على مسألة حرق المقرات، وسموا هذا غضبا على جماعة الإخوان المسلمين، وهذه تعمية مقصودة على أفعالهم في هذا المجال، وهي أفعال مشينة جدا مثلت جزءا كبيرا من الاحتقان الموجود في الشارع».

وعن نفي «جبهة الإنقاذ» للعنف عن نفسها، واتهامها للتيار الإسلامي و«الإخوان» بالتسبب في الاحتقان الذي تمر به البلاد منذ صدور الإعلان الدستوري في نوفمبر 2012، ومحاصرة المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامي، يرد الدكتور كمال قائلا: «هذا اجتزاء للصورة والمغالطات التي تمارسها (جبهة الإنقاذ) ويتحدثون عما يسمى زورا محاصرة المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامي. هذه مغالطة رهيبة، لماذا؟ لأن الوقفة الاحتجاجية أمام المحكمة الدستورية لم تكن الأولى. التيارات العلمانية والليبرالية قبل أن يشكلوا (جبهة الإنقاذ) وقفوا أمام مجلس الدولة بالمئات لكي تحكم المحكمة بحل الجمعية التأسيسية الأولى لصياغة الدستور وحكمت المحكمة بحل الجمعية التأسيسية بالفعل، وهذا الأمر سبب احتقانا».

ويشير الدكتور كمال إلى أن «الوقفة أمام مدينة الإنتاج الإعلامي كانت رد فعل لمحاولة اقتحام قصر الاتحادية الرئاسي من جانب المعارضين المؤيدين لـ(جبهة الإنقاذ) التي تحاول اجتزاء الصورة واختزالها بشكل يخدم مصالحها، وتغض الطرف عما يفعله من يؤيدونها أو من تستخدمهم في العنف مثل البلطجية والـ(بلاك بلوك) وغيرهم، وتحاول إلصاق التهمة دائما بجماعة الإخوان المسلمين».

ويختتم الدكتور هشام كمال قائلا: «توجد ملاحظات على أداء الرئيس محمد مرسي.. نحن لا ننكر ذلك، ونعترض على بعض قراراته، ويوجد أيضا بعض الاحتقان في الشارع، لكن هل هذا يبرر العنف الشديد الذي مورس بحرق 34 مقرا من مقرات جماعة الإخوان، وحرق إطارات وقطع طرق مواصلات وقطع شريط السكك الحديدية.. حتى ميليشيات البلاك بلوك التي وصفتها النيابة العامة بأنها ميليشيات إرهابية، يدافع عنها البعض في (جبهة الإنقاذ) ويرفضون وصفها بالإرهابية، وهذا أمر غير مقبول».

* «جبهة الإنقاذ» في سطور

* تشكلت في أعقاب إصدار الرئيس المصري محمد مرسي إعلانا دستوريا من دون اللجوء للاستفتاء الشعبي عليه في 22 نوفمبر 2012. واتهمت الجبهة الرئيس بالعمل منفردا على توسيع صلاحياته رغم قسمه على احترام الدستور فور انتخابه الصيف الماضي.

* تكونت «جبهة الإنقاذ» من قيادات 12 حزبا ليبراليا ويساريا والكثير من الشخصيات العامة. وتولى الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والحاصل على جائزة نوبل، موقع منسقها العام.

* تضم الجبهة في عضويتها مرشحين سابقين للرئاسة، وقادة أحزاب منهم عمرو موسي الأمين العام السابق للجامعة العربية، وحمدين صباحي زعيم «التيار الشعبي»، والسيد البدوي رئيس حزب الوفد، وعبد الغفار شكر رئيس حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي»، وسيد عبد العال رئيس حزب التجمع، وغيرهم.

* شاركت قيادات من الجبهة في غالبية المظاهرات الكبيرة ضد الإسلاميين وضد «محاولات أخونة الدولة» التي نظمها ألوف المصريين طوال الشهور الماضية في ميدان التحرير وأمام القصر الرئاسي ومقر مكتب إرشاد جماعة الإخوان. ومن أبرز الاتهامات الموجهة إليها «انتهاج العنف» و«محاربة المشروع الإسلامي» والسعي لإقامة دولة «مدنية علمانية»، و«السعي لقلب نظام الحكم»، وهو ما تنفيه الجبهة.