أحلام أكراد سوريا.. وهواجسهم

حققوا مكاسب عسكرية وعززوا وجودهم الجغرافي والسياسي.. وشكلوا إدراتهم الجديدة

TT

وضعت المكاسب الحربية التي حققها الأكراد في شمال شرقي سوريا، وتعزيز وجودهم الجغرافي والسياسي في البلد الذي مزقته الحرب، القوى الإقليمية في مأزق حقيقي. واختلفت الرؤى حول تلك الخطوة بين مؤيد ومتحفظ ومعارض، حتى بين الأكراد أنفسهم الذين رآها بعضهم على أنها انجراف إلى محور إقليمي يدعم الأسد ولكنهم ينفون ذلك. وعانى الأكراد من الاضطهاد في عهد الرئيس السوري بشار الأسد ومن قبله والده ويعتبر بعضهم الحرب الأهلية بمثابة فرصة للحصول على نوع من الحكم الذاتي يتمتع به أبناء عرقهم في العراق المجاور.

وتدخل القضية الكردية بسوريا حاليا إلى منعطف تاريخي بعد تشكيل إدارة ذاتية (حكومة مؤقتة) بالمناطق الكردية المحررة من قبضة النظام السوري، لإدارة شؤون المنطقة، وهو ما يثير المخاوف أكثر. وتستعد أحزاب الهيئة الكردية العليا، وهي تحالف عريض من مجموعة أحزاب كردية، لتشكيل الإدارة الجديدة، وظلت تعقد اجتماعات متواصلة من أجل تحقيق هذا الهدف.

نشر موقع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري أمس أن اجتماعا عقد في القامشلي «ضم جميع مكونات المنطقة من الكرد والعرب والمسيحيين والشيشان (انتهى بالإعلان) عن تشكيل الإدارة المدنية الانتقالية لمناطق غرب كردستان - سوريا».

وتتكون الهيئة الكردية العليا من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بقيادة صالح مسلم الذي يسيطر على مقاليد الأمور بالمنطقة، ويقود مجموعات مسلحة تحت اسم قوات الحماية الشعبية، وبين أحزاب تقليدية انضمت إلى المجلس الوطني الكردي ومجموعها 11 حزبا، انشقت عنه أربعة أحزاب وشكلت اتحادا سياسيا بقيادة رئيس الحزب الديمقراطي الكردي (البارتي) جناح عبد الحكيم بشار، الموالي للزعيم الكردي العراقي مسعود بارزاني.

ويؤكد الدكتور جعفر عكاش ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري لـ«الشرق الأوسط»، عزم الأكراد في تشكيل الإدارة الجديدة، ويقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «نحن ماضون إلى مؤتمر السلام حول سوريا (جنيف2)، ولكن قبله سنعلن عن تشكيل الإدارة الذاتية بمناطقنا». وأشار إلى أن «الحزب ومجموعات أخرى من الأحزاب والفعاليات والمنظمات السياسية والشعبية والمهنية تجتمع منذ عدة أيام بمدينة القامشلي للتباحث حول وضع اللمسات الأخيرة لمشروع (الإدارة الذاتية) التي ستكون على شكل حكومة محلية ستتولى إدارة شؤون المناطق المحررة من قبضة النظام الحاكم بدمشق، وتضم الإدارة ممثلين عن جميع القوى السياسية والمكونات القومية والدينية مثل أحزاب المجلس الوطني والهيئة الكردية العليا وكذلك الفعاليات والتنسيقيات المحلية، إلى جانب ممثلين عن المكونات المسيحية والآشورية والسريانية والعرب أيضا، ومن خلال هذه الإدارة سيتم اختيار أعضاء الوفد الكردي الذي سيشارك بمؤتمر جنيف2».

ويؤكد عكاش أن مطالب الأكراد الأساسية تتركز في «تحقيق الديمقراطية وترسيخ الحقوق القومية المشروعة للكرد وتأكيد مبدأ الشراكة السياسية وحق ممارسة الثقافة الكردية ورفع الغبن الحاصل على هذا الشعب طوال السنوات الماضية، وإقرار مشاركتهم بإدارة الحكم في المستقبل وفقا لتمثيلهم الشعبي وحجمهم السكاني»، مشيرا إلى أن هذه المطالب ستكون أهم الأجندات أو المطالب التي سيبحثها الوفد الكردي مع الأطراف الدولية المشاركة في مؤتمر جنيف.

لكن الصدام بين الهيئة الكردية التي تضم معظم الأحزاب الكردية المنضوية تحت راية المجلسين الوطني الكردي السوري وشعب غرب كردستان، وبين حزب عبد الحكيم بشار الموالي لحزب بارزاني بإقليم كردستان، ما تزال مستمرة، وتقف عائقا أمام توحيد الجهود الكردية. يقول ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي «الخلافات مستمرة، فهم لا يريدون العودة إلى البيت الكردي الموحد، بل إن لديهم رغبة حاليا بالمشاركة في مؤتمر جنيف بالانضمام إلى الائتلاف السوري وهم لا يريدون الذهاب معنا كفريق كردي واحد».

والأوضاع في المناطق الكردية بسوريا التي يعتبرها الأكراد الجزء الغربي من كردستان الكبرى، مرشحة لتطورات مذهلة في المستقبل القريب على أثر تداعيات الثورة السورية المندلعة منذ أكثر من سنتين والتي أحدثت تغييرا بطبيعة الخارطة السياسية المعروفة عن تلك المناطق وظهور قوة سياسية جديدة، كانت لفترة طويلة منزوية بعيدا عن الحراك السياسي هناك، ويقصد بها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يعد حاليا جناحا سوريا لحزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا.

ومع وقع تلك الأحداث تنامت قوة هذا الحزب بشكل غير متوقع، حتى سبق دوره السياسي وتأثيره على الشارع الكردي أكثر بكثير من دور معظم القوى السياسية التقليدية التي تأسست بهذا الجزء السوري منذ عشرات السنين.

ويتجه هذا الحزب حاليا وبخطى حثيثة نحو إعلان حكومة مؤقتة، قد تقود في النهاية حسب المراقبين إلى إنشاء أول دولة كردية مستقلة بجزء من كردستان، أو على أقل تقدير تأسيس كيان كردي شبه مستقل على غرار تجربة إقليم كردستان العراق، ما يرشح لحدوث تغيير كبير على الخارطة السياسية والوضع الإقليمي.

وتعني مكاسب الأكراد بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد انتزاع المزيد من الأراضي من قبضة مقاتلي المعارضة، ومن ناحية أخرى تأمل القوى الأجنبية الداعمة للمعارضة في أن يوجه الأكراد ضربة للمقاتلين المرتبطين بتنظيم القاعدة الذين ظل نفوذهم يتصاعد في شمال سوريا على مدى شهور.

ولا تقف المكاسب الحربية الكردية عند حد تهديد وحدة سوريا فحسب بل كذلك تزعزع استقرار الدول المجاورة التي تعاني من نفس الانقسامات العرقية والطائفية.

ويزيد عدد الأكراد على 40 مليون نسمة موزعين على أربع دول، وغالبا ما يوصفون بأنهم أكبر جماعة عرقية لا دولة لها. وتضم الأراضي التي يهيمنون عليها وتعرف باسم كردستان أجزاء من تركيا وإيران وسوريا والعراق.

وبدأت تركيا عمليات الحفر لوضع أساسات جدار على طول جزء من حدودها مع سوريا الشهر الماضي، وعزت ذلك إلى دواع أمنية ولكنه أثار احتجاجات من الأكراد الذين قالوا إنه يهدف إلى الحيلولة دون تقارب العلاقات عبر الحدود بين المنطقتين الكرديتين في البلدين.

ولا شك أن تعزيز موقف الأكراد في سوريا يضع تركيا في موقف صعب في الوقت الذي تحاول فيه تحقيق السلام على أرضها مع حزب العمال الكردستاني الذي قاتل من أجل الحصول على حكم ذاتي أكبر للأكراد في جنوب شرقي تركيا طوال ثلاثين عاما.

وتزداد هواجس دول الإقليم التي ترى في نجاح أي تجربة بحكم ذاتي لأكراد سوريا تهديدا لأمنها الإقليمي وخاصة تركيا، على اعتبار أن تكرار تجربة مشابهة لإقليم كردستان العراق، قد يغري الجزأين المتبقيين من كردستان (تركيا وإيران) على التحرك نحو هدف مماثل، ما ينعش الآمال باستقلال الدولة الكردية الموحدة.

ولذلك فإن الدور التركي حاليا يعتبر عامل حسم للوقوف بوجه السقف الأعلى للتطلعات الكردية وخاصة بالجانب السوري.

ومن هذا المنطلق فإن الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين يعتبرون أن ما يجري حاليا من تطورات ميدانية ووجود نشاطات معادية من قبل جبهة النصرة ودولة العراق والشام الإسلامية، وخوضهما حربا ضروسا ضد المواطنين الكرد بالجزء السوري، إنما هو بدفع من تركيا. وفي هذا الإطار تعتقد معظم القيادات الكردية السورية، أن تركيا في وقت تسعى فيه لعزل أكرادها عن الأكراد السوريين ببناء جدار عازل، تدعم في جانب آخر جبهة النصرة بحربها المعلنة ضد الأكراد، بدليل أن قوات هذه الجبهة استخدمت المدرعات والأسلحة الثقيلة في معاركها ضدهم. وتتهم تلك القيادات تركيا بفتح معابرها الحدودية بوجه تدفق المقاتلين الإسلاميين المتشددين المقبلين من أفغانستان وباكستان وغيرهما من الدول العربية التي تنطلق من مدينتي غازي عينتاب وأنطاكيا نحو الأراضي الكردية بسوريا.

الحرب الدائرة حاليا وبضراوة بين المقاتلين الإسلاميين وقوات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، من شأنها أن تكشف عن ملامح المرحلة المقبلة خصوصا مع النجاحات التي حققتها قوات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي بتحرير مساحة كبيرة من الأراضي الكردية من يد الجماعات الإسلامية المتطرفة (داعش والنصرة) وفشل هذين التنظيمين في إحكام سيطرتهما على المناطق التي تمكنا خلال الفترة الماضية من السيطرة عليها بسبب فقدانهما للحاضنة الشعبية، والتفاف المواطنين حول قوات الحماية الشعبية الكردية.

هذه الأحداث تكرس واقعا جديدا يصعب على بعض الأطراف الإقليمية والكردية استيعابها، وخاصة تركيا والأحزاب الكردية السورية الموالية لحزب بارزاني الذي يصطدم حاليا مع حزب الاتحاد الديمقراطي السوري على خلفية منع رئيس الحزب صالح مسلم من استخدام أراضي الإقليم معبرا له للسفر إلى الخارج.

وهناك جهود تبذل حاليا لإجراء مصالحة بين الحزبين من أجل توحيد الجهد الكردي في مؤتمر جنيف المقبل، ولكن المؤتمر القومي الكردي الذي كان يفترض انعقاده في 24 من الشهر الحالي والذي كان يتوقع أن يتولى مهمة المصالحة قد تأجل إلى إشعار آخر بسبب الصدام القائم بين قيادة الحزبين الكرديين.

وتبدو الخلافات عميقة بين حزب بارزاني وحزب الاتحاد الديمقراطي السوري، على الرغم من الموقف القوي الذي أبداه الزعيم الكردي العراقي مسعود بارزاني قبل عدة أشهر أثناء احتدام المواجهة بين حزب الاتحاد وجبهة النصرة واستعداده لتقديم كل أشكال الدعم لهذا الحزب لمواجهة الجماعات المتطرفة بالمناطق الكردية.

المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي لحزب بارزاني، جعفر إيمينكي أكد في تصريح سابق لـ« الشرق الأوسط» أن «قيادة إقليم كردستان لن تقبل تحت أي ظرف أن تعود جرائم الإبادة التي اقترفها النظام البعثي السابق بالعراق مرة أخرى وتهدد شعبنا بأي مكان كان، ولن نقبل مطلقا بالسكوت عن تحركات جهات أو منظمات إرهابية تحاول إبادة أو قتل أبناء شعبنا». ولخص إيمينكي نوعية الدعم الذي بإمكان قيادة كردستان أن تقدمه لأكراد سوريا قائلا «الدعم سيكون شاملا، بما فيه الدعم اللوجستي لمقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (بي واي دي) وجميع الثوار الذين يدافعون عن أرض كردستان سوريا». لكن هذا الموقف المساند لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي تحول اليوم إلى ما يشبه العداء السافر من خلال وضع القيود على تحركات رئيس هذا الحزب عبر إقليم كردستان العراق، لم يمنع قيادة الاتحاد الديمقراطي من المضي بمشروعه في إقامة الحكومة المحلية الذي يرى شيرزاد اليزيدي الناطق الرسمي باسم مجلس شعب غربي كردستان وهو الواجهة السياسية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي أنه «أمر لا بد منه وأصبح في غاية الأهمية، حيث إن المواطنين في المناطق الكردية بحاجة ماسة إلى إدارة محلية تنظم شؤونهم وتؤسس لمرحلة جديدة من حياتهم السياسية». ويضيف «علينا أن ننظم شؤوننا الاقتصادية والإدارية بما يلبي طموحات شعبنا ويتناسب مع التضحيات التي قدمها، فلا يمكن أن ننتظر منة أو صدقة من الآخرين، علينا أن نبادر بتنظيم أنفسنا وننشئ كياننا الإداري الذاتي، وعندما تتحرر سوريا من النظام الحالي عندها سننضم إلى مجموع الشعب لاختيار شكل النظام الذي يناسب البلد ويتفق عليه جميع السوريين».

ويقول الناشط الكردي بيروز بيريك من مدينة القامشلي السورية «ما ترونه هو انقسام أوضح لشمال سوريا بين حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات المعارضين الإسلاميين». وتقول التقارير الميدانية إن قوات حزب الاتحاد الديمقراطي سيطرت على أكثر من ثلثي الأراضي الكردية في سوريا ومعظمها في محافظة الحسكة بشمال البلاد حيث يشكل الأكراد 70 في المائة من سكان المحافظة والباقي من العرب. ويشير المراقبون إلى أن قوات الاتحاد قد تحاول السيطرة على بلدات شمالية يشكل فيها الأكراد أقلية مقارنة بالعرب مثل بلدتي جرابلس واعزاز الحدوديتين الاستراتيجيتين اللتين استخدمهما مقاتلو المعارضة كطرق لنقل الإمدادات من تركيا. ومن المرجح أن تثير مثل هذه الخطوة ردا عنيفا من مقاتلي المعارضة السورية. ويقول ريدور خليل المتحدث باسم الميليشيا الكردية المرتبطة بحزب الاتحاد الديمقراطي «لا أقول إننا سنفعل ذلك.. دعونا نأخذ الأمور في حينها. فلننتظر لنرى ما إذا كانت الجماعات المسلحة (مقاتلو المعارضة) ستضمن للأكراد حركة آمنة في تلك المنطقة أولا».

ويلتفت الأكراد الآن إلى مدينة تل أبيض التي تمثل طريقا مهما عبر الحدود مع تركيا يمكن استخدامه في نقل الإمدادات. ومدينة راس العين الحدودية التي سيطر عليها الأكراد بالفعل هذا الأسبوع لا تقل أهمية عن تل أبيض.

الحلم الكردي:

يقول شلال كدو القيادي بحزب اليسار الديمقراطي عضو المجلس الوطني الكردي «إن ما يشاع بأن الكرد يسعون إلى الانفصال عن سوريا وتقسيمها محض هراء، فهذه التهمة القديمة الجديدة - يستهدف مروجوها من وراء إطلاقها تأليب الرأي العام العربي على شعبنا الكردي وحقيقة طموحاته الهادفة إلى التعايش الأخوي بين مختلف المكونات السورية على أساس عقد اجتماعي يضمن حقوق الجميع في سوريا تعددية ديمقراطية برلمانية». وأضاف «لا يوجد فصيل سياسي كردي سوري واحد يطالب بالانفصال عن سوريا، بل إن الكرد عموما يفتخرون بانتمائهم الوطني رغم أن الآخرين يحاولون من الآن أن يبقوهم مواطنين من الدرجة الثانية في سوريا المستقبل، الأمر الذي يرفضه شعبنا جملة وتفصيلا».

ويقول كدو «إن تأسيس إدارة انتقالية تشاركية بين مختلف أطياف ومكونات إقليم كردستان سوريا في هذه المرحلة المصيرية أمر في غاية الأهمية، كون معظم المدن الكردية خارجة عن سيطرة النظام، وهناك فراغ إداري ومالي وأمني وقانوني كبير، ولا مناص من بذل الجهود لملء هذا الفراغ من خلال تشكيل إدارة انتقالية مشتركة، مهمتها وضع مسودة دستور والتحضير لانتخابات برلمانية نزيهة وشفافة تحت إشراف المنظمات الدولية، وبالتالي تأليف حكومة محلية لتسيير أمور سكان هذه المناطق البالغ عددهم زهاء أربعة ملايين نسمة، ويجب أن لا ننسى أن تشكيل هكذا إدارة يحتاج قبل كل شيء إلى تحقيق أقصى درجات التوافق الكردي الكردي بين المجلسين الكرديين».

من جهته يقول المنسق السياسي والإعلامي في الجيش السوري الحر، عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، لؤي المقداد لـ«الشرق الأوسط» إن «الجيش الحر والمعارضة السورية ينظران إلى الأكراد على أنهم مكون أساسي من مكونات المجتمع السوري، وهم شركاؤنا في الوطن وفي المعاناة من نظام الأسد، الأب والابن، طيلة عقود». وأشار إلى «إننا نعلم جيدا كيف تعاطى النظام معهم، وكيف حرمهم من حقوقهم على مدى أعوام طويلة، ونحترم خصوصيتهم بشكل كامل».

ولفت المقداد إلى «وجود تشكيلات عسكرية، غالبيتها من الأكراد، على غرار (لواء الشهيد مشعل تمو) تقاتل في صفوف الجيش الحر»، مشيرا إلى «ارتكاب بعض التنظيمات الكردية المسلحة تجاوزات بحق مواطنيها نتيجة اتفاقها مع النظام السوري، على غرار ما قامت به تشكيلات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي لناحية قمعها المظاهرات الكردية التي خرجت في مناطقها».

وشدد المقداد على «إننا لا نقبل بسفك الدم الكردي، كما لا نقبل بسفك الدم العربي»، مؤكدا «الرفض المطلق لما ارتكبته جبهة النصرة وتنظيم دولة الإسلام في العراق والشام وبعض الكتائب غير المنضبطة بحق إخواننا الأكراد، وفي الوقت نفسه نناشد الإخوة الأكراد من مختلف الأطياف أن يستجيبوا لنداء الوطن ويغلبوا المصلحة العامة للقضية السورية على المصالح الضيقة والحسابات الآنية».

وآمل المقداد أن تكون المرحلة المقبلة، بعد توقيع اتفاق بين «الجيش الحر» و«الهيئة الكردية العليا»، مرحلة «وئام بين مكونات الشعب السوري وأن تكون البندقية موحدة وموجهة ضد نظام الأسد»، مؤكدا أن «الجيش الحر يتعامل مع سوريا ككتلة واحدة، ولا فرق لديه بين منطقة كردية أو علوية أو ساحلية، لأننا جميعا ثائرون على نظام واحد، من مختلف الأراضي السورية».

وقال المقداد «إننا حين ننظر إلى سوريا، فنحن ننظر إلى الدولة الديمقراطية التي يعيش فيها كل أبنائها بكامل حقوقهم وواجباتهم، ولا فرق بين سوري وآخر على أساس ديني أو قومي أو طائفي»، مشددا على أن سوريا هي «الوطن الأزلي لكل السوريين». وأكد رفض «انفصال أي فصيل أو مكون، سواء أكان كرديا أو علويا أو درزيا أو سنيا»، موضحا «إننا لن نقبل بتنظيمات عابرة للحدود ولا بتقسيم سوريا إلى كيانات عدة، لكننا في الوقت ذاته نصر على مسألة الحقوق والمساواة بين العرب والأكراد الذين يتمتعون بكامل خصوصيتهم القومية».

ويشير نواف خليل عضو الهيئة الإعلامية في الحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، إلى أن الأكراد في سوريا هم في رأس سلم المعارضة ضد النظام، وقال لـ«الشرق الأوسط» «نحن على تواصل مع المعارضة العسكرية المتمثلة بالجيش الحر ونقف مع كل مجموعة تقبل بوجودنا وحقوقنا، ولنا فيه لواء خاص يحمل اسم (لواء جبهة الأكراد)، وعلاقتنا جيدة مع عدد كبير من الفصائل، لكن نخوض معارك طاحنة ضد بعض المجموعات الإسلامية ولا سيما جبهة النصرة والدولة الإسلامية في الشام والعراق». ولفت خليل، إلى أنّ ما يعرف بـ«وحدات حماية الشعب» التابعة للحزب الديمقراطي الكردي خاضت معارك كثيرة إلى جانب الجيش الحر، ولا سيما في حلب وكان آخرها، اعتقال عدد من عناصر قوات النظام إثر معركة السيطرة على مطار منغ العسكري.

وأبدى خليل، استغرابه لما قال إنه تناقض في تصريحات المعارضة السورية، التي تدعم ما تقوم به جبهة النصرة حينا، وتتّهم النظام بدعمها حينا آخر، مضيفا «سبق لوحدات حماية الشعب وجبهة النصرة أن وقعا اتفاقا في فبراير (شباط) الماضي، ينص على عدم التعدي أو الدخول إلى المناطق الكردية إلا بالتنسيق مع هذه الوحدات، لكن لم يتم التقيد بهذا الاتفاق من قبل الإسلاميين».

وفي حين اعتبر الخليل أنّ الأكراد لم ولن يكونوا إلى جانب النظام السوري الذي عانوا من ظلمه أكثر من خمسين عاما، لفت إلى أنّ الهدف اليوم هو طرد الإسلاميين الذي اختاروا المنطقة والهدف الخطأ، مضيفا «نجحنا في طرد قوات النظام واليوم نعمل على طرد الإسلاميين، مع تأكيدنا على أننا ندافع عن أنفسنا ولا نهاجم أحدا». وفيما يتعلّق بالمعارضة السياسية، التي لا يزال الأتراك خارج ممثلها الأساسي، وهو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، تمنى الخليل أنّ تعيد قوى المعارضة النظر في سياستها وتضع خارطة طريق جامعة للعمل مع كل الفرقاء للوصول إلى سوريا حرة ديمقراطية. ونفى الخليل أي «أهداف انفصالية» يسعى إليها أكراد سوريا، قائلا «مشروعنا اليوم هو الإدارة الذاتية لتأمين متطلبات شعبنا وليس الانفصال، وبعد سقوط النظام وإجراء الانتخابات لن يقبل الكردي إلا أن يكون كأي مواطن سوري مع تمسكنا بهويتنا القومية والحصول على حقوقنا».