جيب.. «بوش الأخ»

حاكم فلوريدا السابق يستعد لخوض سباق الرئاسة الأميركية

TT

بعد ثماني سنوات من حكم الرئيس جورج بوش الأب وثماني سنوات أخرى من حكم الرئيس جورج بوش الابن، يسعى آل بوش مرة أخرى إلى حلم الوصول إلى البيت الأبيض ودفع جيب بوش الأخ (61 عاما) إلى سباق الانتخابات الرئاسية في عام 2016.

ليست عائلة بوش وحدها هي الطامحة والطامعة في دخول البيت الأبيض، فهناك عائلة كلينتون الديمقراطية، حيث تسعى هيلاري كلينتون، السيدة الأولى في عهد الرئيس بيل كلينتون ووزيرة الخارجية في الولاية الأولى للرئيس باراك أوباما، إلى خوض السباق مرة أخرى بترشحها عن الحزب الديمقراطي. وبذلك فهناك احتمالات كبيرة أن يعاد مشهد السباق مرة أخرى بين آل بوش، وآل كلينتون، العائلتين الأكثر شهرة في البلاد، مما سيرفع ديناميكيات المنافسة إلى مستويات جديدة.

ورغم أنه لا يزال هناك 30 شهرا على موعد الانتخابات الرئاسية ولا يزال المشهد غير محسوم فيمن سيرشحه الحزب الجمهوري لخوض السباق ومن سيرشحه الحزب الديمقراطي، فإن حمى السباق ارتفعت مع صدور أسماء مطروحة على قائمة المرشحين المحتملين ولم يجر تأكيد ترشحهم بعد.

داخل الحزب الجمهوري تتجه الأنظار نحو كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي، لكن أسهمه تنخفض بسبب فضيحة المرور على جسر جورج واشنطن وتورط مساعديه في خلق مشكلة مرورية أضرت بحظوظه. وهناك انزعاج من النمو المطرد في شعبية السيناتور راند بول عن ولاية كنتاكي، ويتطلع الجمهوريون إلى السيناتور ماركو روبيو ذي الأصول الإسبانية، وإلى حاكم ولاية أركنسا السابق مايك هاكابي الذي يحظى بشعبية ومصداقية عالية.

لكن احتمالات ترشح جيب بوش تتصدر المشهد، إذ ينظر الجمهوريون المحافظون إلى بوش بعدِّه الأمل في استعادة الحزب الجمهوري للبيت الأبيض بعد سنوات أوباما الديمقراطي الثماني.

وتقول مصادر إن الكثير من المانحين الرئيسين لحملة المرشح الرئاسي لعام 2012 ميت رومني، كانوا يريدون الدفع بجيب بوش أمام أوباما وأرسلوا مطالبات ومكالمات تليفونية، ورسائل بريدية لمطالبة حاكم فلوريدا السابق بالترشح.

ويقول بريان بالارد، عضو اللجنة الجمهورية لتمويل حملة ميت رومني في عام 2012 وحملة السيناتور جون ماكين في عام 2008، إن جيب بوش هو المرشح المطلوب لدى كبار قادة الحزب والغالبية العظمى من كبار المانحين سيؤيدون بوش في معركة الترشيح التنافسية.

ويصر مستشارو جيب بوش على عدم الإفصاح عن نياته في الترشح قائلين إنه لم يتخذ قرارا حتى الآن، وإن القرار يمكن أن يجري اتخاذه بنهاية العام. وهو نفس الأمر مع هيلاري كلينتون التي أجلت الإعلان عن قرارها خوض الانتخابات إلى نهاية العام، لكن كلا من جيب بوش وهيلاري كلينتون يقوم بحملات ولقاءات وندوات لحشد التأييد وتحسين العلاقات مع المانحين الأثرياء.

وقد بدأ الحزب الجمهوري بالفعل حملة وراء الكواليس ووضع استراتيجية لجمع التبرعات للدفع لحاكم فلوريدا السابق جيب بوش إلى سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2016. وسارع الرئيس السابق جورج بوش الابن لمساندة شقيقه، وقال في لقاء تلفزيوني مع شبكة «سي إن إن»: «أتمنى أن يترشح جيب. أعتقد أنه سيكون رئيسا عظيما». وأضاف: «لا أعرف فيم يفكر جيب وسنتحدث في الموضوع عندما يكون جاهزا». وأوضح بوش أن شقيقه جيب ما زال يدرس الأمر ليحدد موقفه ويتأكد أنه يريد أن يترشح، مبديا استعداده لمساعدة أخيه وتقديم النصائح له.

بينما نقلت وسائل الإعلام عن باربرا بوش، زوجه الرئيس الأسبق جورج بوش الأب وأم جورج بوش الابن وجيب بوش، أنها غير متحمسة لترشح جيب، وأنها حاولت إثناء جورج بوش في عام 2000 عن الترشح ثم غيرت رأيها، والآن تبدي أيضا عدم حماسها لترشح جيب. وتقول: «ألا يوجد في الولايات المتحدة عائلة غير عائلة بوش؟».

وباربرا بوش ليست المرأة الوحيدة في العائلة التي تعارض ترشح جيب بوش للانتخابات، فزوجته كولومبيا بوش ذات الأصول المكسيكية تعارض أيضا خوض جيب بوش للانتخابات وتسليط الأضواء على أدق الخصوصيات في حياتهما الشخصية. وهناك اعتقاد من المخاوف حول خصوصية الأسرة قد لعبت دورا في قراره عدم خوض السباق الرئاسي لعام 2012.

وقد قفزت كولومبيا، زوجة جيب بوش، إلى دائرة الضوء بعد رحلة قامت بها إلى باريس عام 1999، وعند دخولها إلى دائرة الجمارك في الولايات المتحدة أعلنت أن معها بضائع بقيمة 500 دولار واكتشفت الجمارك لأنها كذبت ولم تبلغ عن بضائع بلغت قيمتها 20 ألف دولار وبقيت كولومبيا في صدارة عناوين الصحف وفي دوائر النميمة رغم اعتذارها ودفعها الغرامة المقررة.

وفي عام 2002 عادة أسرة جيب بوش إلى صدارة عناوين الصحف بعد اعتقال ابنته نويل بتهم تتعلق بالمخدرات مما دفع الأسرة إلى التحدث علنا ضد تعاطي المخدرات والمشاركة في برامج للوقاية من أخطار المخدرات. ورغم ذلك فإن جيب بوش يحظى بدعم واحد على الأقل من أعضاء أسرته الصغيرة، وهو ابنه جورج بوش الذي يعد من أقوى المدافعين عن خوض والده لسباق الانتخابات الرئاسية عام 2016. ومن المفارقات أن جورج جيب بوش الذي يبلغ من العمر 36 عاما قدم أوراق ترشحه للانتخابات المحلية في ولاية تكساس.

وبحسب استطلاعات الرأي لجامعة كوبنيباك بولاية كاليفورنيا فإن احتمالات فوز جيب بوش على هيلاري كلينتون في ولاية فلوريدا عالية وإمكانية فوزه في بقية الولايات أيضا مرتفعة. وهو المرشح الأكثر شهرة عن بقية المرشحين الآخرين باستثناء كلينتون مثل اليميني مايك هاكابي حاكم ولاية أركنسا السابق والسيناتور راند بول.

ويقول المراقبون إن جيب الأكثر قدره على مواجهة هيلاري كلينتون والفوز عليها لقدرته في المنافسة وتحقيق الفوز ولتاريخ عائلته العريق، فهو ابن لرئيس أميركي أسبق وشقيق لرئيس أميركي سابق، مما يعني نشاطا قويا وسريعا في شبكة جمع التبرعات وحصد الأموال وهو العنصر الأكثر أهمية في السباق.

وأوضح استطلاع لجريدة «واشنطن بوست» و«إيه بي سي نيوز»، أن ما يقرب من نصف الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون التصويت لجيب بوش. وتساءل الجمهوري هالي بربور، محافظ ولاية ميسيسيبي السابق: «إذا كان اسمه جيب براون بدلا من جيب بوش هل كان سيحظى بكل هذا التأييد».

ويملك جيب بوش الكثير من النقاط الإيجابية التي تحسب لصالحه، إضافة إلى تاريخ عائلته، فلديه علاقات عميقة مع عدد كبير من قادة الحزب الجمهوري وأجنحته ويملك سمعة جيدة داخل الحزب وعلى المستوى السياسي، كما أنه يجيد اللغة الإسبانية ويستطيع حصد أصوات الناخبين من أصول لاتينية ولديه مصداقية داخل المجتمع الإسباني يمكن أن تعزز فرصه في توسيع قاعدة حزبه، لكن جيب بوش له بعض النقاط الضعيفة، فقد استمر حاكما لولاية فلوريدا لمدة سبع سنوات، وواجه صعوبات في تنفيذ سياسات الحزب فيما يتعلق بقضايا الهجرة، حيث يواجه صراعا حادا مع كبار أعضاء الحزب الذين يرفضون آراءه المعتدلة بشأن الهجرة، إضافة إلى أن البعض يرى أن جيب بوش يحمل ميراثا لبعض أخطاء جورج بوش الابن وحروبه في العراق وأفغانستان التي لا تحظى بشعبية.

خلال الشهر الماضي تحدث جيب بوش في ندوة بجنوب كاليفورنيا عن مشكلة عدم المساواة في الدخل والهوة بين الأغنياء والفقراء، وقال: «هذه الأمة تعاني من أزمة فرص». وتحدث جيب بوش عن إصلاح قوانين الهجرة ورفع معايير برامج التعليم في المدارس، وهي قضايا تجذب اهتمام النشطاء في حركة الشاي، مما قد يوفر له دعما في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.

وفي واشنطن، استضاف جيب بوش عشرات من الجمهوريين المحافظين وكبار الصحافيين في فندق ويلارد، حيث شرح القضايا الأساسية التي يهتم بها ودافع عن الحزب الجمهوري وسياساته.

وقد أبدى تجمع المسيحيين الإنجيليين الذي ساند المرشح ميت رومني استعداده لمساندة جيب إذا أعلن ترشحه لانتخابات 2016، وقال مارك ديموس، المستشار السابق لميت رومني: «أعتقد أنه موهوب وله مصداقية كبيرة، وهو قائد له رؤية، والسؤال هو ما مدى مساندة الحزب الجمهوري له ومدى شهية الناخبين له؟»، في حين أبدى ويليام كريستول، رئيس تحرير مجلة «ويكلي ستاندارد» اعتراضه على فكرة ترشح جيب عن الحزب الجمهوري، وقال: «سيكون غربيا أن يجري ترشيح شخص ترك منصبه في عام 2006 ولم يشارك سياسيا على الإطلاق بأي شكل من الأشكال خلال عهد أوباما».

ولا يتحدث جيب بوش كثيرا عن رؤيته في الشؤون الخارجية، لكنه في تجمع آخر الأسبوع الماضي مع أعضاء التحالف اليهودي الجمهوري، أكد دعمه لإسرائيل. ويقول المقربون منه إنه على اتصال منتظم مع كبار مفكري السياسة الخارجية ومن بينهم وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر الذي أبدى سعادته وترحيبه بفكرة ترشح جيب بوش في مقابله تلفزيونية.

ويعد جيب بوش المولود في 11 فبراير (شباط) 1953 الابن الثاني للرئيس الأسبق جورج بوش الأب والسيدة الأولى السابقة باربرا بوش، وهو الشقيق الأصغر للرئيس السابق جورج بوش الابن. وقد تولى جيب يوش منصب حاكم ولاية فلوريدا لولايتين متتاليتين من عام 1999 إلى عام 2007، ويعد الجمهوري الأول والوحيد الذي تولى المنصب لولايتين، وقد تربى جيب في ولاية هيوستن بتكساس وحصل على شهادة البكالوريوس في الشؤون الأميركية اللاتينية من جامعة تكساس وانتقل إلى ولاية فلوريدا في عام 1986، وشغل منصب وزير تجارة ولاية فلوريدا حتى استقالته في عام 1988 ليساعد والده بوش الأب في حملته الرئاسية.

وقد خسر جيب بوش معركة الانتخابات لمنصب حاكم ولاية فلوريدا في عام 1994 بفارق ضئيل يصل إلى نقطتين مئويتين، وكرر خوض السباق مرة أخرى في عام 1998 وفاز على منافسه وحشد 55 في المائة من أصوات الناخبين. كان غريبا أن يحصد أصوات الأميركيين من أصل إسباني والأميركيين من أصول أفريقية. وأعاد جيب ترشيح نفسه في عام 2002 وفاز بنسبة 56 في المائة من أصوات الناخبين، وقد جذبت تلك الانتخابات اهتماما وطنيا وحزبيا كبيرا، حيث أصبح جيب بوش الحاكم الجمهوري الأول الذي يفوز بولايتين متتاليتين عن ولاية فلوريدا.

وخلال السنوات التي قضاها جيب بوش حاكما للولاية نجح في تنحسين الاقتصاد والاهتمام بالبيئة وإصلاح نظام التعليم وتحسين شبكة السكك الحديدية عالية السرعة في فلوريدا. ولا يستطيع جيب بوش الترشح لولاية ثالثة كحاكم بسبب قوانين الولاية التي تحدد فترتين كحد أقصى، فإن التكهنات اتجهت إلى أن يقوم جيب بوش بترشيح نفسه في انتخابات مجلس الشيوخ ضد سيناتور فلوريدا الديمقراطي بيل نيلسون، لكنه لم يفعل ذلك.

وطوال عامي 2009 و2010 كثرت الإشاعات بأن جيب بوش سيحاول الفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية عام 2012 أمام الرئيس باراك أوباما، وهي الإشاعات التي نفاها جيب بوش بشدة في البداية وبعد دعوات له لخوض الانتخابات كرر جيب بوش أنه لا ينوي الترشح، وعندما تكررت الأسئلة حول نيته في انتخابات 2016 أجاب: «سأقوم باتخاذ القرار في الوقت المناسب ربما بعد سنة من الآن». وقد تعرف جيب بوش على زوجته المكسيكية كولومبيا جارسيا جالو عندما شارك في برنامج لتبادل المعلمين وقام بتدريس اللغة الإنجليزية في المكسيك عام 1971 وتزوج جيب بوش من جالو في 23 فبراير 1974 في مدينة أوستن بتكساس ولديهما ثلاثة أبناء الأول هو جورج بريسكوت بوش المولود في 24 أبريل 1976 الذي حصل على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة تكساس ويستعد لخوص انتخابات محلية بتكساس. الابنة الثانية هي نويل لوسيا بوش المولودة في 26 يوليو 1977 التي تخرجت في جامعة فلوريدا عام 2001، والابن الثالث هو جون أليس بوش المولود في 13 ديسمبر (كانون الأول) 1983 ويعمل في إحدى الشركات العقارية في ميامي بولاية فلوريدا.