أوروبا.. ساحة صراع

إعلان أوباما خطة أمنية بمليار دولار في دول شرقها يتحدى خطط البنتاغون لخفض الإنفاق

TT

تعهد الرئيس الأميركي بارك أوباما، خلال زيارته الأوروبية الأسبوع الماضي، بتوفير مبلغ مليار دولار لتعزيز الوجود العسكري الأميركي في شرق أوروبا وطمأنة دولها بشأن التحركات الروسية لزعزعة استقرار المنطقة.

وأعلن أوباما من العاصمة البولندية وارسو تلك المساعدات، ولقي إعلانه تصفيقا ليس فقط من رؤساء بولندا وأوكرانيا، بل ومن رؤساء دول البلطيق وجمهورية التشيك وسلوفاكيا والمجر وبلغاريا ورومانيا وسلوفينيا. وتتضمن الخطة الأمنية تمويل نشر مزيد من القوات البرية والجوية والبحرية الأميركية في الدول غير الأعضاء في حلف الناتو مثل جورجيا وأوكرانيا ومولدوفا، وتمويل تدريب قوات حلف شمال الأطلسي والقيام بمناورات عسكرية، ونشر المعدات العسكرية في البحر الأسود وبحر البلطيق، ونشر الخبراء والمستشارين العسكريين في أوروبا الشرقية.

وتأتي المبادرة لدعم أوروبا الشرقية أمنيا بمبلغ مليار دولار في وقت كانت فيه حسابات وزارة الدفاع الأميركية كلها تتجه إلى تقليص الإنفاق وخفض الميزانيات وإغلاق بعض المرافق العسكرية، بعد أن رأى الخبراء أن الحروب القادمة بعيدة عن الأراضي الأميركية والأوروبية، وحتى لو قامت فإن الأمر لن يتطلب قوات تقليدية، وإنما سيتطلب طائرات من دون طيار وغواصات تعمل بالريموت كونترول والصواريخ العابرة للقارات، إضافة إلى اتجاه البنتاغون للاستعداد لحرب غير تقليدية من نوع آخر وهي الحروب الإلكترونية والفيروسية.

* الأوضاع في أوكرانيا، وتدخل روسيا في القرم، وتهديدها لمناطق أخرى في الشرق الأوكراني، قلبت الموازين، وأدت إلى تعقيد خطط تقليص الميزانية لوزارة الدفاع الأميركية، وتقليص عدد القواعد الأميركية العسكرية في الخارج. وأصبح أمام البنتاغون مواجهة تحديات صعبة في الميزانية، وتحديات أيضا متناقضة ما بين إظهار الالتزام الأميركي بالأمن الأوروبي في مواجهة عدوانية روسيا المتزايدة، وفي الوقت نفسه تقليص حجم الوجود العسكري الأميركي في أوروبا.

وقد أكدت إدارة أوباما تمسكها بخفض ميزانية وزارة الدفاع الأميركية وتقليص حجم الجيش الأميركي إلى الحجم الذي كان عليه قبل الحرب العالمية الثانية، ووضع سقف للإنفاق العسكري بنحو 495 مليار دولار خلال السنة المالية 2015، بحيث تتم تخفيضات أخرى في الإنفاق العسكري في عام 2016 والسنوات اللاحقة.

وجاءت التطورات في الأزمة الأوكرانية لتفرض على البيت الأبيض تغيير سياسات تخفيض الإنفاق العسكري وتخفيض حجم القوات الأميركية في الخارج، إلى إعلان مزيد من الوجود العسكري الأميركي في شرق أوروبا وتخصيص مليار دولار لدعم حلف الناتو وتعزيز القدرات الدفاعية لدى دول أوروبا الشرقية.

وتحتاج تلك الخطة لموافقة الكونغرس، إلا أن هناك توقعات عالية بأن يوافق الكونغرس عليها خاصة أن الخطة تعني بالأساس تعزيز الوجود والنفوذ الأميركي في مواجهة محاولات روسيا فرض هيمنتها على دول أوروبا الشرقية.

من جانب، فهذه الخطة الأمنية، رغم تكلفتها، تؤكد دور واشنطن في المنطقة الأوروبية وخطتها للتحكم في رسم المشهد الجيوسياسي في أوروبا، خاصة بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية وإعلان روسيا ضم شبه جزيرة القرم، والدور الروسي في تقديم الدعم للانفصاليين في أوكرانيا ومخاوف دول أوروبا الشرقية من المحاولات الروسية لفرض الهيمنة.

ومبلغ المليار دولار لدعم القوات الدفاعية في أوروبا الشرقية يعني أن أمن القارة الأوروبية لا يزال أولوية للدفاع الأميركي، وأن الدور الأميركي لا يزال قويا في مواجهة الدب الروسي.

يقول الخبراء إن التدخل الروسي في أوكرانيا يعيد مرة أخرى أجواء الحرب الباردة، ليس فقط في صراع أيديولوجيات بين الرأسمالية مقابل الشيوعية، وإنما صراع أكبر بين الأرستقراطية الأميركية والأوروبية من جانب والأرستقراطية الناشئة حديثا من روسيا والصين. واللاعبون في هذه اللعبة الكبرى هم الغرب ضد الشرق.

يقول الجنرال فيليب بريدلوف، قائد القوات الأميركية في أوروبا «لقد غيرت الأحداث في أوكرانيا الافتراضات الكامنة وراء الأمن الأوروبي، ولذا فإن حلف شمال الأطلسي يجب أن يخضع لعملية تكيف استراتيجي لمواجهة استخدام روسيا لتمارين عسكرية مفاجئة أو أنشطة قرصنة إلكترونية، أو عمليات سرية لتحقيق أهداف دولتهم، ومع هذه التغييرات الأساسية في البيئة الأمنية فإن علينا أن نتغير أيضا».

ويقول مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأميركية - رفض نشر اسمه - إن الاستراتيجية الجديدة التي يريد الرئيس أوباما تعزيزها هي استراتيجية تعتمد على إنفاق الأموال أكثر من إرسال القوات، أي الرهان على المال لا على القوات. ويشير إلى أن النهج الذي اتبعته وزارة الدفاع الأميركية في حماية حلفائها في حلف الناتو قد تغير خلال العقود الماضية. ويقول «خلال الحرب الباردة كان مئات الآلاف من القوات الأميركية متمركزين في أوروبا وعلى أهبة الاستعداد للرد على أي تحركات روسية، أما في الوقت الحاضر فإن وزارة الدفاع لديها فقط بضعة آلاف من الجنود في أوروبا، كما قامت بتفكيك الغالبية العظمى من البنية التحتية الدفاعية الأميركية هناك».

ويضيف المسؤول الأميركي «على الرغم من التهديد الجديد الذي تشكله روسيا، فإن وزارة الدفاع تستثمر تلك الأموال في تحسين قدرات جيوش الحلفاء». ويستشهد المسؤول بخطة أوباما لإنشاء صندوق بخمسة مليارات دولار لمساعدة الدول الأفريقية في مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن مسؤولية وزارة الدفاع ستكون تقديم المشورة والتدريب. ويقول «هذا التغيير في الاستراتيجية هو انعكاس لتقلص ميزانية وزارة الدفاع التي من المتوقع أن تنخفض على مدى السنوات العشر القادمة بنحو 600 مليار دولار»، مؤكدا أن الحرب التقليدية لم تعد مجدية اقتصادية إضافة إلى أن الرأي العام الأميركي قد سئم من الحرب.. وتسمح تلك الأموال التي يستثمرها الرئيس أوباما في أوروبا، للبنتاغون بخلق تأثير على أرض الواقع دون وضع حياه الأميركيين في خطر.

ويشير المسؤولون بوزارة الدفاع الأميركية إلى أن تفاصيل خطة تعزيز القدرات الأوروبية ستكون على طاولة وزير الدفاع تشاك هيغل خلال شهرين إن لم يكن مبكرا عن ذلك.

وليست معروفة إلى الآن تفاصيل خطة الولايات المتحدة لخريطة وجودها العسكري المستقبلي في أوروبا، فيما يستمر الجدل بين مدافعين عن خطط تخفيض الإنفاق والمضي قدما في خطط غلق ودمج القواعد العسكرية، وبين المدافعين عن وجود قدم أميركية قوية في أوروبا. ويؤكد المدافعون عن بقاء أميركي عسكري قوي في أوروبا أن العدوان الروسي على أوكرانيا يضرب المثل الأوضح في ضرورة البقاء والتراجع عن خطط التخفيضات وإغلاق القواعد العسكرية الأميركية.

ويحذر البروفيسور جون دني، الأستاذ بكلية الحرب بالجيش الأميركي، والخبير في المهام العسكرية في أوروبا، من إقدام واشنطن على تقليص حجم القوات والمعدات في القواعد العسكرية في الخارج، ويقول «بمجرد إغلاق قاعدة عسكرية فإن فرص إعادة فتحها لن تكون سهلة، وليست لدينا وسيلة للتنبؤ بما قد يحدث من أزمات في المستقبل». ويطالب بزيادة الاعتماد على تناوب القوات الأوروبية على دخول تلك القواعد كطريقة لتعويض خفض القوات الأميركية.

وتشير بعض المؤشرات إلى أنه على وزارة الدفاع الأميركية إغلاق بعض القواعد العسكرية وإدماج البعض الآخر، لتخفيض الإنفاق. ففي ميزانية البنتاغون لعام 2015 خطة لإنشاء مركز معلومات استخباراتي في قاعدة كرواغتون بإنجلترا، وهو ما سيقود إلى إغلاق قاعدتين أخريين في الكونبري ومولسورت في بريطانيا، ومن المرجح أن يتم التدقيق في قواعد الجيش الأميركي في ألمانيا (قاعدة في شفاينفورت وأخرى في بامبرغ) ليتم إغلاق القاعدتين خلال العام المقبل. والشهر الماضي أعلنت وزارة الدفاع أنها ستغلق 21 مرفقا قديما في أوروبا خاصة المجمعات السكنية والترفيهية لتوفير مبلغ 60 مليون دولار سنويا مع تخطيط لمزيد من الإغلاقات التي تستهدف المنشآت العسكرية.

وتأتي الضغوط لاستمرار الوجود الأميركي العسكري في أوروبا الشرقية من داخل الولايات المتحدة ومن خارجها أيضا، فقد طالبت بولندا مرارا بنشر مزيد من القوات الأميركية على أراضيها. وفي عام 2009 عندما ألغى الرئيس أوباما خطط الدرع الصاروخية المضادة للصواريخ الباليستية في بولندا، خرجت الصحف البولندية تصف هذه الخطوة الأميركية بالخيانة وتتهم واشنطن ببيع بولندا لروسيا.

ويشير الخبراء إلى أن أوباما يوازن ما بين فرض ضغوط اقتصادية على روسيا، وفرض ضغوط بتهديدات عسكرية، وهي الاستراتيجية التي يستعملها في أوكرانيا. ويبدو حتى الآن أن العمل بها في مواجهة النهج الروسي في أوكرانيا قد أتى بنتائج يراها البعض مثمرة حيث انسحبت القوات الروسية من الحدود الأوكرانية.

والنهج الذي اتبعته روسيا في إثارة القلاقل في أوكرانيا وشرق أوروبا هو حشد المعارضة في جميع أنحاء أوروبا ودعم الأحزاب اليمنية التي تعتبر التكامل الأوروبي خطرا. وترى تلك الأحزاب أن دعم السياسة الخارجية الروسية والحماس لروسيا ورئيسها سيضعف النظام الأوروبي السائد. وقد مولت روسيا القوى الانفصالية في شرق أوكرانيا، لكن الموقف الأميركي الموالي لأوروبا وحلف شمال الأطلسي وفرض مزيد من عزلة دولية على روسيا، جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موقف استراتيجي أقل قوة مما كان عليه في بداية العام الحالي، وليس واضحا مدى تغييرات مواقف أوروبا الدفاعية ردا على توغل روسيا في شبه جزيرة القرم.

ولدى صناع السياسة في الولايات المتحدة رؤية راسخة مفادها أن تعزيز الوجود العسكري الأميركي إضافة إلى المساعي الدبلوماسية الأميركية مع زعماء مجموعة الدول الصناعية (جي 7) سيلقي مزيدا من الضغوط في التضييق على روسيا، ودفعها لوقف دعمها للانفصاليين في أوكرانيا، وإحباط أي خطط روسية تهدد أمن دول أوروبا الشرقية، وإلا واجهت المزيد من العقوبات الاقتصادية.

وتزامن الإعلان عن الخطة خلال رحلة أوباما لبولندا مع اندلاع قتال عنيف في أوكرانيا بين القوات الحكومية ضد الانفصاليين الموالين لروسيا الذين سيطروا على مساحات شاسعة من المناطق الشرقية. وتأتي الخطة أيضا استجابة للدول الأوروبية الشرقية التي تطالب الولايات المتحدة بحمايتها من التهديدات الروسية.

أما مشهد الإعلان في وارسو فكان معبرا للغاية، حيث تحدث الرئيس أوباما عن تلك الخطة الأمنية ووراءه أربع مقاتلات من طراز «F16» وهو يقول «إن الولايات المتحدة فخورة بأن تتحمل نصيبها في الدفاع عن التحالف عبر الأطلسي». وأضاف أن «أمن حلفائنا في أوروبا الوسطى والشرقية هو حجر الزاوية في أمننا».

وشدد أوباما في الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين لأول انتخابات حرة في بولندا على أن تلك الانتخابات كانت بداية النهاية للشيوعية في بولندا وعبر بلدان أوروبا. من جانب آخر، يرى بعض الخبراء أن تلك الخطط لبناء قواعد عسكرية أميركية ووجود عسكري أميركي كبير قرب الحدود الروسية مع أوروبا الشرقية قد يدفع روسيا إلى سباق تسلح جديد وحرب باردة جديدة. وقد حذرت روسيا من أي زحف لقوات حلف شمال الأطلسي نحو حدودها، وحذر ألكسندر جروشكو، مبعوث موسكو لحلف شمال الأطلسي، الأسبوع الماضي من أن زيادة المعدات العسكرية والقوات قد يؤدي إلى رد فعل من قبل روسيا. وقال «كل هذا يرجع أوروبا إلى أيام الحرب الباردة وانطلاق سباق التسلح».

وأشار فرانسيس بويل، أستاذ القانون بجامعة إلينوي، إلى أن مبادرة الرئيس أوباما تعكس مخاوف دول شرق أوروبا من تهديدات حقيقية من جانب روسيا. وقال «مع ما يحدث في أوكرانيا فإننا نشهد إعادة توجيه للسياسة الخارجية الأميركية نحو المواجهة المباشرة مع روسيا».

وحذر أندرس فوغ راسموسن، الأمين العام لحلف الناتو، الشهر الماضي من نمو الإنفاق الدفاعي الروسي بنسبة أكثر من 10 في المائة سنويا على مدى السنوات الخمس الماضية. وفي المقابل، قطعت العديد من دول حلف شمال الأطلسي إنفاقها الدفاعي بنسبة 20 في المائة خلال الفترة نفسها، وكان خفض الإنفاق الدفاعي أكبر في دول أوروبا الوسطى والشرقية.

وبينما رحب المراقبون على جانبي المحيط الأطلسي بمبادرة أوباما، فإن هناك قلقا من أن تلك الأموال الأميركية ستشجع أوروبا على مواصلة الاعتماد على التزام الولايات المتحدة الأمني. ويطالب خبراء أمنيون الدول الأوروبية بتحمل التزاماتها وتوزيع أعباء الأمن في أوروبا بشكل أكثر توازنا.

فيما يرى خبراء آخرون أن عقد الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا وفوز بترو بورشينكو الملقب بملك الشوكولاته قد يثير الآمال في حل دبلوماسي للأزمة الأوكرانية التي اندلعت في فبراير (شباط) الماضي عندما أطاح المحتجون بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا. وقد أرسلت الإدارة الأميركية بالفعل 150 جنديا إلى بولندا ودول البلطيق، لكن الإدارة الأميركية شددت على أنها لا تحاول إثارة مواجهة عسكرية مع روسيا.

ويقول ماركوس كيمهايد، بقسم أبحاث الأمن الدولي بالمعهد الألماني للشؤون الدولية، إنه بغض النظر عن التفاصيل المتعلقة بحجم الوجود العسكري الأميركي وعدد العسكريين الذين سيتم نشرهم فمن الواضح أن حلف الناتو بحاجة لإرسال إشارات قوية ردا على الضم الروسي لشبه جزيرة القرم وزعزعة استقرار شرق أوكرانيا. ويقول «يجب على حلف الناتو طمأنة الدول الأعضاء في وسط وشرق أوروبا والاعتماد على بند الدفاع الجماعي لمعاهدة حلف شمال الأطلسي، وفي الوقت نفسه تشجيع ضبط النفس بين الحكومات، وأن يترجم الانتشار العسكري إلى نفوذ سياسي، وإنشاء قواعد دائمة في الشرق تسمح لحلف شمال الأطلسي بالتأثير على السياسات الأمنية للبلدان المهنية وتجنب أي مواجهة غير مرغوب فيها وردع أي سياسة روسية تهدد السلامة الإقليمية لتلك البلدان».

وتملك الولايات المتحدة قوات عسكرية صغيرة في بولندا. وقد زادت من وجودها العسكري بوصول 300 عسكري أميركي من سلاح الجو وعشرات من المقاتلات من طراز «إف 16» للمشاركة في المناورات العسكرية. لكن الوجود العسكري الأميركي في بولندا لا يرقى ليكون في حجم القواعد العسكرية الأخرى التي تملكها الولايات المتحدة في أوروبا. ومطالب بولندا لواشنطن بإنشاء قاعدة عسكرية أميركية كبيرة على الأراضي البولندية قد ينظر إليها باعتبارها مخالفة لاتفاق عام 1997 بين الناتو وروسيا الذي ينص على حظر إنشاء قواعد عسكرية في أوروبا الشرقية.

ورغم الاستراتيجية الثابتة للإدارة الأميركية بتحاشي الدخول في مواجهات عسكرية بعد حربي أفغانستان والعراق، فإن الانتقادات التي واجهتها إدارة أوباما في أعقاب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم ومخاوف دول أوروبا الشرقية، فرضت تحركا أميركيا «ذا مغزى»، حتى وإن استغرق مزيدا من الأموال ومزيدا من الوقت.

* أكثر من ألف قاعدة أميركية في جميع أنحاء العالم

* تملك الولايات المتحدة أكثر من ألف قاعدة عسكرية أميركية في جميع أنحاء العالم، والعديد من تلك القواعد في أوروبا وبصفة خاصة في ألمانيا وبريطانيا وإسبانيا والبرتغال واليونان وإيطاليا.

ويوجد ما يقرب من 56 قاعدة أميركية داخل ألمانيا من أهمها قاعدة بانزركازرني، وهي منشأة عسكرية أميركية بالقرب من مدينة شتوتغارت. وهناك 113 قاعدة في إيطاليا أهمها قاعدة افيانوا الجوية، وهي قاعدة تابعة لحلف شمال الأطلسي في شمال شرقي إيطاليا عند سفح جبال الألب، وتملك القوات الجوية الإيطالية السيطرة الإدارية على القاعدة، وتستضيف الجناح الأميركي المقاتل 31 من القوات الجوية الأميركية الذي يملك مقاتلتين من طراز «إف 16» وسرب المقاتلات رقم 555 ومقاتلات من طراز «510 FS» بما يمكن من القيام بعمليات دفاعية وهجومية قتالية. وقد أسست الحكومة الإيطالية قاعدة افيانو الجوية عام 1911، وكانت تستخدم كقاعدة لتدريب الطيارين خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.

ويعد معسكر داربي في مقاطعة بيزا الإيطالية هو أكبر قاعدة أميركية خارج الأراضي الأميركية، وسمي داربي على اسم ويليام داربي المؤسس للكتيبة 1 الذي توفي في ساحة القتال في إيطاليا عام 1945.

وتعد قاعدة سيغونيلا الجوية البحرية في صقلية بإيطاليا مركزا لكل العمليات العسكرية الأميركية في البحر المتوسط، وتمثل القاعدة الرئيسة لأكثر من أربعين منشأة وعملية وأنشطة عسكرية أميركية، وهي تقع على بعد 40 كم غربا جنوب مدينة كاتانيا. وبسبب موقعها الممتاز في البحر المتوسط، تقوم القاعدة بدعم العمليات التي يقوم بها الأسطول السادس للولايات المتحدة وحلفاء الولايات المتحدة. وتخدم القاعدة الإيطالية النظم المضادة للغواصات البحرية. وتوجد بالقاعدة طائرات أميركية من طراز «C-17» وطائرات من طراز «C-130»، وناقلات بحرية أميركية. وتعد قاعدة سيغونيلا هي ثاني أكبر قواعد القوات البحرية الأميركية بعد قاعدتها في البحرين.

وتعد قاعدة روتا البحرية في إسبانيا هي القاعدة التي قامت الولايات المتحدة بتمويل إقامتها بالكامل، وهي تقع في مقاطعة قادس بالقرب من بلدة بيترو دي سانتا ماريا، وتضم أكبر منشأة عسكرية أميركية، ومنازل للمسؤولين بالبحرية الأميركية، وأفراد مشاه البحرية، إضافة إلى وجود لوحدات صغيرة من الجيش الأميركي والقوات الجوية.

وتحوي قاعدة روتا الإسبانية مطارا وميناء بحريا يضم ثلاثة أرصفة و426 مرفقا و806 وحدات سكنية للضباط. وتصفها البحرية الأميركية بأنها بوابة البحر المتوسط بالقرب من مضيق جبل طارق، وتقوم القاعدة بتوفير الدعم اللوجيستي للأسطول السادس الأميركي في البحر المتوسط والقوات الجوية الأميركية، والقوات التابعة لحلف شمال الأطلسي، وتقديم الدعم لعمليات الطوارئ في أفريقيا تحت القيادة المركزية، وضمان حركة آمنة وفعالة للبحرية الأميركية والقوات الجوية.

وللجيش الأميركي عدة قواعد عسكرية مشتركة مع القوات البلغارية تطبيقا لاتفاقية التعاون الدفاعي المشتركة التي وقعتها الولايات المتحدة وبلغاريا في أبريل (نيسان) عام 2006، حيث تقوم القوات الأميركية بمهام توفير التدريب للقوات البلغارية، وتشرف حكومة بلغاريا على تلك القاعدة. ووفقا للاتفاقية فإن عدد العسكريين الأميركيين هو 2500 جندي. ووقعت الولايات المتحدة اتفاقا آخر مع رومانيا يسمح لها باستخدام قاعدة ميخائيل كوغالينسونو. ولدى الولايات المتحدة أيضا قاعدة بحرية في اليونان عند خليج سودا.

أما في آسيا فتملك الولايات المتحدة 84 قاعدة في اليابان أبرزها معسكر زاما في طوكيو وفورتباكنر في أوكيناوا ومحطة توري في أوكيناوا. وتقدم الولايات المتحدة التدريب العسكري في الكويت في أربع منشآت عسكرية أهمها قاعدة علي السالم الجوية. وتملك الولايات المتحدة قاعدة عسكرية كبيرة في البحرية، وهي مقر القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية والأسطول الخامس الأميركي. وقد استخدم البنتاغون تلك القاعدة للقيام بكل الأنشطة البحرية في حرب العراق، إضافة إلى معسكر ليمونير في جيبوتي، وهو قاعدة بحرية تشرف عليها قوات القيادة المركزية للبحرية الأميركية.