لمحات تاريخية.. 2007 صدور قانون تجريم العبودية

سن المستعمر الفرنسي قوانين تحرم العبودية وعاقب ممارسيها
TT

انتشرت العبودية في المجتمع الموريتاني البدوي ما قبل الدولة الحديثة. ومع قدوم المستعمر الفرنسي سن قوانين تحرم العبودية، وعاقب ممارسيها، ولكن تلك العقوبات ظلت بعيدة عن أن تطال القبائل القوية والمجتمعات المحافظة.

ومع استقلال البلاد عام 1960 وصدور أول دستور للجمهورية الإسلامية الموريتانية تضمن في ديباجته أن الموريتانيين متساوون في الحقوق والواجبات، ولكن ذلك ظل حبراً على ورق، في ظل وجود مواطنين ليس لديهم حق التملك ولا التعبير عن الرأي. ظهرت خلال ستينات القرن الماضي عدة حركات تقدمية دعت إلى المساواة بين المواطنين، ولكن أول حركة تدعو بشكل صريح إلى تحرير العبيد كانت «حركة الحر» التي أسستها مجموعة من الشباب المنحدرين من شريحة العبيد السابقين (الحراطين) في 5 مارس (آذار) 1978، بدأت هذه الحركة عملها بشكل سري، قبل أن تنظم عام 1981 أول مظاهرة تدعو إلى تحرير العبيد ودمجهم في الحياة العامة كمواطنين عاديين، اعتقل قادة الحركة وجرت محاكمتهم قبل أن يفرج عنهم.

أمام ارتفاع الأصوات الداعية لتحرير العبيد استعان نظام الرئيس السابق محمد خونه ولد هيدالة بعدد من العلماء والفقهاء لسن قانون «الملكية العقارية» لحل مشكلة العبيد الذين يزرعون أراضي تملكها القبائل، وكان ذلك القانون يحمل أول اعتراف رسمي بوجود العبودية، حيث نص في بنوده على أن الدولة ستعوض لملاك العبيد مقابل تحريرهم. في مطلع التسعينات بدأت التعددية الحزبية في موريتانيا، لتدخل زعامات النضال ضد العبودية في إطار الأحزاب السياسية، حيث انضمت بعض قيادات الحر ومن أبرزها مسعود ولد بلخير إلى جبهة عريضة من التيارات المعارضة، لتؤسس أول تنظيم معارض في تلك الفترة هو «الجبهة الديمقراطية الموحدة من أجل التغيير» ولكن نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطائع رفض الاعتراف بها، وفي عام 1991 رخصت السلطات لحزب «اتحاد قوى الديمقراطية» وتولى ولد بلخير رئاسته ليكون بذلك أول عبد سابق يترأس حزباً سياسياً.

ظلت حركة الحر تنشط في الساحة ولكن غلب عليها الجانب السياسي، لتظهر حركات أخرى كـ«نجدة العبيد» و«مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية» التي حاولت أن تحتفظ بخطاب قوي مناهض للعبودية، خطاب حمله ولد بلخير معه خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية سنة 2003، كأول منحدر من شريحة العبيد السابقين ينافس على أعلى منصب في البلاد. خلال سنة 2007 وبعد التحالف الذي أجراه ولد بلخير مع الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، صادق البرلمان الموريتاني على أول قانون يجرم العبودية ويحدد عقوبة من يدانون بها، وفي عام 2011 دخلت بعض أحزاب المعارضة في حوار مع الحكومة وأحزاب الأغلبية الرئاسية، كان من أبرز نتائجه تضمين تجريم العبودية في الدستور الموريتاني.

وفيما كانت الدولة الموريتانية تحث الخطى نحو إكمال الترسانة القانونية المجرمة للعبودية، كانت منظمات حقوقية من أبرزها حركة «إيرا» تتهم السلطات بعدم الجدية في تطبيق القوانين، وعملت هذه المنظمات على كشف حالات استرقاق وتقديمها للسلطات، ولكنها كانت دائماً تنتهي بصلح، ويفلت المتورطون فيها من العقاب. وتطور الخطاب المناهض للعبودية مع رئيس حركة «إيرا» بيرام ولد الداه ولد اعبيدي، الذي ركز على نفي وجود أساس فقهي للعبودية، من خلال مهاجمة المذهب المالي وإحراق بعض أمهات الكتب الفقهية التي اتهمها بتكريس «فقه النخاسة» سنة 2012، وقد كرمت الأمم المتحدة ولد اعبيدي على نشاطه المناهض للعبودية في موريتانيا، ومنحته جائزة «حقوق الإنسان».