حرب الولاءات.. والتمويل

مواجهة مفتوحة بين معسكرين فلسطينيين استدعت إحياء فصائل في حالة غيبوبة.. وولادة أخرى

TT

في الوقت الذي تستمر فيه «حرب السلطة»، بين الفريقين الاكبر على الساحة الفلسطينية، حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وحركة المقاومة الاسلامية (حماس). تجد فتح، نفسها مضطرة مرة اخرى، للخوض من جديد في معركة كانت قد حسمتها في السبعينات، من اجل انتزاع الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني. ولم تجد فتح بديلا عن اللجوء الى حضن المنظمة، بعد ان كانت قد اهملتها لسنين، من اجل مواجهة المد الحمساوي، اذ ترفض الحركة الاسلامية «حماس» الاعتراف بمنظمة التحرير، ممثلا شرعيا ووحيدا للفلسطينيين، ويقول قياديون في الحركة، «ان المنظمة لا تمثل كل الفلسطينيين، وكيف تمثل المنظمة كل الفلسطينيين، وهي لا تضم فصائل، مثل حركتي حماس، والجهاد الاسلامي».

وتشكل فتح مع الجبهتين الشعبية والديمقراطية، احد ابرز فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت تمثل قبل تأسيس السلطة الفلسطينية في عام 1993، البيت الجامع (سلطة رمزية) لكل الفلسطينيين. وان كانت اخذت بالأفول بعد تشكيل السلطة الفلسطينية، واصبحت مهددة، بعد فوز حماس الكاسح في الانتخابات التشريعية الفلسطينية.

فوز حماس قلب المعادلة الفلسطينية رأسا على عقب. وفي الوقت الذي كانت فيه فتح مطمئنة الى انها تقود الشعب والسلطة والمنظمة، جاءها اخيرا من يقاسمها السلطة، ويشكك بشرعية المنظمة، ويقول الحمساويون «كيف تمثل منظمة التحرير كل الفلسطينيين وهي لا تمثل حماس، التي تشكل الاغلبية».

معركة فتح، التي تعودت ان تكسبها على مدار 40 عاما من انطلاقتها، اصبحت اكثر صعوبة بعد هزيمتها في قطاع غزة، واكثر صعوبة وهي ترى فصائل ومجموعات جديدة تظهر وتقوى وتكبر، في القطاع تحديدا. وهي فصائل ومجموعات، اقرب كثيرا لحركة حماس، وتدين بالولاء لها، وليست جزءا من المنظمة، بل انها تعمل معا لعقد مؤتمر شعبي في دمشق، ستشارك فيه فصائل يكاد نسيها الفلسطينيون في الضفة والقطاع، وهو مؤتمر تنظر له فتح والسلطة الفلسطينية على انه يعزز الانقسام، و«انقلاب» جديد، ويراه مراقبون ومحللون على انه بداية «منظمة جديدة او بديلة».

وتعد الفصائل الفلسطينية المعارضة، لنهج فتح والسلطة الفلسطينية، لعقد مؤتمر شعبي في دمشق، يبدأ في 23 الجاري، لكن تراجع كل من الجبهتين الشعبية والديمقراطية، وحزب الشعب الفلسطيني (الفصائل الاعضاء في منظمة التحرير)، يعزز الاعتقاد بأن الفصائل الفلسطينية، تخوض معركتين، واحدة لتثبيت منظمة التحرير، وواحدة لخلق «منظمة بديلة».

وتتهم فتح دولا مثل ايران وسورية وقطر، بالتدخل في الشأن الفلسطيني، وتقول ان حماس، تدين بالولاء للايرانيين والسوريين، ويدل على ذلك الهتافات التي يطلقها الالاف من ابناء فتح، ضد حماس، وهم يتهمونها بالتشيع، «شيعة شيعة». بينما تتهم حماس في المقابل فتح والسلطة بالولاء للاميركيين والاسرائيليين، ويعّرفون السلطة الفلسطينية واجهزتها، بانها سلطة وحكومة واجهزة دايتون (الجنرال الاميركي الذي يشرف على تقوية الاجهزة الامنية) وهي اتهامات متبادلة يرفضها الطرفان.

صارت المعركة، اكثر تعقيدا، وتمت اعادة احياء هيئات ومؤسسات وفصائل في حالة «غيبوبة»، وجرى الاعتراف بمجموعات وليدة للغاية، من اجل المواجهة في معركة «تمثيل الفلسطينيين»، التي لا تخلو من دعم خارجي، مرة عربي ومرة اميركي، كل فريق في مواجهة الاخر. لكن كيف تعرف الفصائل والمجموعات الفلسطينية نفسها؟ وما هي مصادر تمويلها ومقومات بقائها، وإلى من تدين بولائها.

* فصائل منظمة التحرير

*حركة فتح: هي حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وفتح هي الاحرف الاولى معكوسة لـ«حركة تحرير فلسطين». انطلقت في 1/1/ 1965 ، باسم قوات «العاصفة»، بعد عملية شهيرة، تم فيها تفجير شبكة مياه إسرائيلية، وعرفت بعملية «نفق عيلبون». كان تيار في فتح يعارض بدء العمل المسلح، لكن تيارا اخر كان يعرف باسم تيار المجانين يقوده ياسر عرفات وخليل الوزير، قرر الانطلاق وتوسيع العمل المسلح فتوالت عمليات حركة فتح وتصاعدت، حتى خاضت بمساعدة القوات الاردنية معركة الكرامة الشهيرة، التي شارك فيها ياسر عرفات شخصيا، فسطع نجم الحركة، وبدأ المتطوعون «الفدائيون» ينضمون الى فتح بالالاف. وتقول الحركة ان اهدافها تمثلت انذاك بتحريك الوجود الفلسطيني، وبعث الشخصية الفلسطينية محلياً ودولياً، من خلال المقاتل الفلسطيني الصلب العنيد القادر على تحطيم المناعة الإسرائيلية.

هذه الاهداف كلفت فتح الكثير، وخاضت الحركة عشرات المعارك مع الاسرائيليين ومع دول عربية، كانت تتهمها فتح بمحاولة السيطرة على القرار الفلسطيني، ومن بينها سورية التي ما زالت على علاقة متوترة بفتح.

نفذت الحركة مئات العمليات، واغتالت اسرائيل عشرات الكوادر والرموز والقادة البارزين وطاردتهم في كل دول العالم. اخذ أبناء فتح يواجهون المطاردة والملاحقة والاعتقال في كل مكان. وواجهت الحركة، ازمة كادت تودي بوجودها في عمان، بعد ان قرر العاهل الاردني انذاك، الملك حسين مواجهة قوات فتح، وحاصرهم تحت نيران المدفعية في احراش جرش. فخرجت الحركة الى لبنان، وهناك احتدم الصراع على منظمة التحرير الفلسطينية، في ظل تنامي النفوذ السوري.

كانت لبنان «نقطة تحول» مهمة في مسيرة وفكر فتح، وبدأت الحركة بالانتقال من الثورة الى تكريس مفاهيم التنظيم، والمؤسسات المدنية، التي انتشرت في مراكز المجتمع الفلسطيني، جنباً إلى جنب مع قواعد الفدائيين الذين لم تتوقف عملياتهم بطبيعة الحال. وفي عام 1974 تبنت حركة فتح بشكل واضح، مفهوم «مرحلية النضال» السياسي، حيث قبلت مقررات المجلس الوطني الفلسطيني ونقاطه العشر، الداعية إلى إقامة السلطة الوطنية على أي شبر يتم تحريره أو استرداده، إضافة لإمكانية التفاوض مع قوى السلام التقدمية الإسرائيلية، لتنشأ حينها «جبهة الرفض» الفلسطينية ضد فتح.

وتوثق ادبيات فتح، لاشتعال الحرب الأهلية اللبنانية في خضم المسيرة السياسية، ومحاولات استبعاد (م.ت.ف)، كواحدة من اخطر المراحل التي أدخلت القضية والمنظمة و(فتح) في صراعات مسلحة ضمن النسيج اللبناني، استدعى التدخل السوري المسلح منذ عام 1976. صمدت الحركة في بيروت 3 اشهر امام الحصار الاسرائيلي عام 1982، وخرج ياسر عرفات منتصرا وبطلا في عيون شعبه، الى تونس هذه المرة، ومن هناك قاد خليل الوزير الرجل الثاني في فتح، الذي كان يتبنى الكفاح المسلح، الصراع مع الاسرائيليين، واشرف على عدة عمليات عسكرية. كان الوزير حريصا على استمرار الجناح المسلح لفتح، حتى ردت اسرائيل باغتياله في تونس في شهر ابريل (نيسان) عام 1988.

استمرت الانتفاضة، لكنها بدأت تضعف شيئا فشيئا، واخذت فتح تراقب انهيار الاتحاد السوفياتي، ومن ثم اخذت موقفا مؤيدا للعراق، فاوقفت دول الخليج التي كانت مصدرا مهما للتمويل دعم منظمة التحرير، وبدأ العجز المالي يظهرعلى فتح. نضبت الاموال، وبدأت الانتفاضة تخبو، وخشي ياسر عرفات افول المنظمة، فخرج بصفقة اتفاق اوسلو.

تأسست السلطة الفلسطينية عام 1993. كانت سلطة فتح، فوظفت ابناءها، وتقلدوا كل المناصب، تماهت فتح مع السلطة الى الحد الذي فقدت فيه صفة «التنظيم»، صار كل ما يمس السلطة يصيب فتح، والعكس صحيح، الى ان خسرت الانتخابات التشريعية، فبدأت تتلمس الازمة، واليوم بعد 34 عاما تفقد الحركة مصارد التمويل، الا من خلال السلطة الفلسطينية التي تسيطر على نصفها اصلا حركة حماس، ونصفها الاخر حكومة سلام فياض التي لا تعتبر فتحاوية. تمويل فتح: تتمول عن طريق ما تدفعه الدول المانحة والعربية للسلطة الفلسطينية، وقالت مصادر في فتح لـ«الشرق الاوسط»، ان الحركة تعيش ازمة مالية، اذ ترفض الحكومة الفلسطينية التي شكلها فياض اغداق الاموال على فتح، كما كان يفعل الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي كان قائد فتح. وفي مراحل الستينات والسبعينات كان تتلقى فتح دعما عسكريا من الدول الشيوعية والاشتراكية وحركات التحرر في العالم، وقد بنت علاقات جدية ومميزة مع الصين والاتحاد السوفياتي ودول في اوروبا الشرقية، وكانت دول عربية كبيرة، مثل المملكة السعودية، ملتزمة بدفع مبالغ سنوية لمنظمة التحرير، ويعتقد ان فتح عملت في التجارة وامتلكت مناجم للماس ومصانع حربية ومستشفيات ومؤسسات كبيرة صناعية على مستوى العالم.

*الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: ثاني اكبر فصائل منظمة التحرير بعد فتح، تأسست عام 1967، كامتداد للفرع الفلسطيني من حركة القوميين العرب. تعتبر الجبهة الشعبية من ابرز التنظيمات اليسارية المتشددة والراديكالية، التي تتبنى الكفاح المسلح لتحرير فلسطين، ومع بدء المد الاسلامي (حماس والجهاد)، بدأت تفقد دورها المؤثر، يقر قياديوها بتراجع وتآكل دورها. لديها اول امين عام يتنحى عن منصبه، وهو الدكتور جورج حبش عام 2000، الذي يعيش في سورية، وأمينها العام الذي تلاه اغتالته اسرائيل في مكتبه في رام الله، عام 2001، وهو ابو علي مصطفى، بينما سجن الامين العام الثالث لدى السلطة الفلسطينية، في رام الله، ثم في سجن خاص في مدينة اريحا، باشراف اميركي قبل ان تخطفه اسرائيل في عملية عسكرية عام 2006، وتتهمه اسرائيل باعطاء الاوامر بقتل الوزير الاسرائيلي المتطرف رحبعام زئيفي، ردا على اغتيال ابو مصطفى.

تعتبر عمليات ذراعها العسكري «كتائب الشهيد ابو علي مصطفى»، محدودة، لكن بعضها، نوعي، مثل قتل وزير اسرائيلي. وتعتبر الجبهة من الفصائل المتشددة الرافضة لاتفاقيات السلام، رغم انها خاضت الانتخابات التشريعية الاخيرة.

التمويل المالي للجبهة الشعبية: تتلقى ميزانية من منظمة التحرير الفلسطينية، ولها تحالفات مع قوى اليسار في العالم. تعتبر الجبهة من اوائل المقربين الى سورية، ولديها معسكرات ومكاتب ومقاتلون. كثير من كوادرها في الاراضي الفلسطينية ذهب نحو تأسيس منظمات غير اهلية في فلسطين، وبنى علاقات واسعة مع العالم الغربي، وحتى مع الاسرائيليين، ولديها اضخم المنظمات الاهلية في فلسطين.

*الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: ثالث اكبر تنظيم في منظمة التحرير، وهي فصيل ماركسي نتج عن الانشقاق عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سنة 1969 ويتزعمها نايف حواتمة. لا عمليات نوعية تذكر للجبهة خلال انتفاضة الاقصى، وليس لها ثقل حقيقي. اقرب لفتح من حماس، وضد سيطرة حماس على قطاع غزة. مصادر تمويل الجبهة الديمقراطية: تعتبر من الاحزاب الفقيرة، مثل الجبهة الشعبية، ويتنقل امينها العام بين الاردن وسورية، ويعمل من أجل العودة الى الاراضي الفلسطينية.

*حزب فدا الفلسطيني: مجموعة يتزعمها امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، وانشقت عن التنظيم الام الجبهة الديمقراطية عام 1989، اثر خلافات تنظيمية ومالية، بدعم وتمويل من ياسر عرفات، قبل ان يجمد الحزب عضوية عبد ربه بعد ذهابه الى مؤتمر جنيف، الذي ينظر له الفلسطينيون كمؤتمر يتنازل عن حق عودة اللاجئين. اقرب الى فتح من حماس.

مصادر تمويل فدا: السلطة الفلسطينية ومنظمات اهلية في الخارج، يدين بالولاء للسلطة الفلسطينية وليس له امتدادات.

*حزب الشعب الفلسطيني: هو امتداد للحزب الشيوعي الفلسطيني، عضو في منظمة التحرير الفلسطينية، حليف دائم لفتح، حتى في انتخابات الطلبة والنقابات، ولم يتبن الكفاح المسلح ضد الاسرائيليين وأعاد تأسيس نفسه عام 1982. مصادر التمويل: يعتبر من الاحزاب الفقيرة، ويتقاضى ميزانية من منظمة التحرير وبعض الدول والمنظمات الشيوعية. وتنضوي تحت اطار منظمة التحرير الفلسطينية ايضا فصائل، جبهة النضال الشعبي، وجبهة التحرير الفلسطينية، والجبهة العربية الفلسطينية، ومنظمة الصاعقة والحزب الشيوعي الفلسطيني ـ الثوري، وجبهة التحرير العربية، وبعضها مثل منظمة الصاعقة سيشارك في مؤتمر الفصائل في دمشق.

*الفصائل خارج منظمة التحرير

*حركة حماس: هي حركة المقاومة الاسلامية. تعرف نفسها على انها حركة مقاومة شعبية وطنية تعمل على توفير الظروف الملائمة لتحقيق تحرر الشعب الفلسطيني وخلاصه من الظلم وتحرير أرضه من الاحتلال. وتقول انها «حركة جهادية بالمعنى الواسع لمفهوم الجهاد، وتؤمن بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر». لا تخفي الحركة، انها امتداد لحركة الاخوان المسلمين في العالم. ووزعت حماس بيانها التأسيسي في 15 ديسمبر (كانون الاول) 1987، وتعتبر الحركة ان ما سمته نمو وانتشار الصحوة الاسلامية في العالم العربي وفلسطين، جعلها تنمو وتتطور فكرة وتنظيماً. وفي بيانها الاول اعتبرت «ان مرحلة جديدة في جهاد الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم قد بدأت». ظلت حماس لفترة طويلة متهمة بالقصور في المشاركة، حتى ان فتح كنت تتهمها بداية الامر بانها صنيعة المخابرات الاسرائيلية، من اجل خلق بديل لمنظمة التحرير.

اعلنت الحركة عن تأسيس جناحها العسكري «كتائب الشهيد عز الدين القسام» في نهاية عام 1991، وأخذت نشاطات القسام تتسع وتتصاعد. وفي عام 1994 اعلنت الحركة «حربا شاملة ضد اسرائيل، تلتها عدة عمليات تفجيرية قادها المهندس يحيى عياش، الذي اعتبر لعامين بعد ذلك، حتى اغتياله في غزة، بطلا اقلق اجهزة الأمن الاسرائيلية، وتغنى به الفلسطينيون». واجهت الحركة، سلطة الحكم الذاتي، التي جاء بها الرئيس الراحل ياسر عرفات، لكنه كان اكثر جماهيرية ورمزية، فأخذ قرارا باسكات الحركة، فاعتقل بعض قادتها، ونجح في وقف العمليات التفجيرية، كما نجح في الابقاء على علاقة جيدة مع حماس. وبانطلاق الانتفاضة الثانية عام 2000، دخلت حماس مواجهة «كسر العظم» مع الاسرائيليين، بعد تنفيذها عدة عمليات كبيرة في العمق الاسرائيلي، وتميزت عمليات الحركة باسقاط اكبر عدد من القتلى الاسرائيليين، فردت اسرائيل بسلسلة اغتيالات طالت قادة ورموز حماس وبينهم الشيخ احمد ياسين مؤسس الحركة، وعبد العزيز الرنتيسي الذي قاد حماس بعد ياسين، وصلاح شحادة القائد العام لكتائب القسام. الدم الحمساوي، والعمليات التفجيرية، زادت من جماهيرية الحركة، فأخذت قرارا بالمشاركة في الانتخابات التشريعية، وكان ما ارادت الحركة، اذ اكتسحت مقاعد المجلس التشريعي، وسط ذهول الفتحاويين، الذين صوت كثير منهم لحماس، رغبة في الانتقام من قياديين في فتح. نجحت حماس، ومن ثم شكلت الحكومة العاشرة، كما شكلت ما عرف بالقوة التنفيذية، وبخلاف فتح في مرحلة ما بعد السلطة، دربت رجالها وسلحتهم ورعتهم، واغدقت عليهم الاموال، ومن ثم استطاعات في يونيو (حزيران) الماضي حسم المعركة ضد السلطة في القطاع، قبل ان يحاصرها العالم داخل سجن كبير، ويمنع عنها الاموال، التي لم تنضب مع الحركة.

مصادر تمويل حماس: تعتبر من اغنى الفصائل الفلسطينية، وتحتفظ الحركة بعلاقات متقدمة مع دول مثل قطر وايران وسورية، كما انها الابن البار لحركة الاخوان المسلمين العالمية، وتحصل على تمويل كبير من دول ومؤسسات دينية كبيرة في العالم، وتمويل اخر للجمعيات الخيرية والاندية والمدارس والمؤسسات التي تديرها حماس. كما كانت تمسك بكل لجان الزكاة في الضفة وغزة، قبل ان تحل السلطة لجان زكاة الضفة، وتعلن انها فككت امبراطورية حماس المالية. وحسب مصادر في الحركة، فانها تشغل اموالا كبيرة كذلك، من خلال مصانع ومحال ومشاريع اقتصادية تجني ارباحا طائلة. تهرب الاموال احيانا عن طريق الانفاق، وتعتبر «الجماهير المسلمة» (التبرعات) جزءا من مصادر تمويل حماس. تمر بازمة مثل فتح قياسا بذي قبل، بعد محاصرتها وتجميد ارصدتها.

*حركة الجهاد الاسلامي: تعتبر القوة الثالثة، بعد فتح وحماس في الاراضي الفلسطينية. تقول الحركة ان نشأتها كانت ثمرة حوار فكري وتدافع سياسي شهدته الحركة الاسلامية الفلسطينية فـي اوائل الثمانينات، وبعد عودة فتحي الشقاقي وعدد من اخوانه الى فلسطين تم بناء القاعدة التنظيمية لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، وقد تبنت الحركة، الجهاد المسلح كحل وحيد لتحرير فلسطين. تلتزم الحركة بالاسلام عقيدة وشريعة ونظام حياة. تقول ان فلسطين ـ من النهر الى البحر ـ ارض اسلامية عربية يحرم شرعا التفريط في اي شبر منها. كثير من ابنائها كانو ينتمون لفتح، وانضموا للحركة، ويقول البعض انها (اي الجهاد) خرجت من رحم فتح، التي شكلت بالاساس مجموعات الجهاد المقدس منتصف الثمانينات.

تعتبر سرايا القدس، الجناح المسلح للجهاد، احد ابرز الاجنحة المسلحة العاملة في فلسطين، وبخلاف كتائب القسام التابعة لحماس، وكتائب الاقصى التابعة لفتح لم تقبل السرايا بالتعامل مع الهدن التي كانت تعرضها فتح او حماس، كما لم تقبل الجهاد المشاركة في الانتخابات الفلسطينية، بينما شاركت كل الفصائل. تمويل الجهاد: لا تعتبر حركة غنية مثل حماس، وتحتفظ بعلاقات جيدة مع سورية وايران كذلك، مقربة جدا من حزب الله اللبناني، حتى ان بعض عناصر ومطاردي وقيادات ميدانية للحركة «تشيعت» (اي اصبحوا شيعة (يتلقون بعض التمويل من حزب الله) ومن منظمات مسلمة، وبعض الدول.

*لجان المقاومة الشعبية: مجموعات من المقاتلين الذين لا ينتمون لاي من الفصائل الفلسطينية، لكنهم يؤمنون بالمشروع الاسلامي، وبـ«الجهاد» لتحرير فلسطين، اسسها احد ابرز قادة فتح جمال ابو سمهدانة الذي تنصلت منه فتح لاحقا، كان محبوبا في غزة، واستطاع تجنيد عدد من الشباب المقاتل.

يسجل للجان وذراعها العسكري، ألوية الناصر صلاح الدين، تفجير اول دبابة ميركافاه اسرائيلية شديدة التحصين، ما اكسب اللجان احترام الفلسطينيين. شاركت في اسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شليط. تمويل اللجان: يعتقد انها تحصل على التمويل من حركة حماس، وتدين بالولاء لحماس وحكومة اسماعيل هنية المقالة، وتقول ان لديها مصادرها الخاصة، علاقتها بالمصريين جيدة الى حد كبير، وهي ضد السلطة الفلسطينية وحكومة فياض في رام الله.

*جيش الإسلام: كان اول ظهور له في عملية اسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شليط، من غير المعروف ما اذا كان تنظيما بعينه، له خلافات حادة مع فتح، وبعض الاختلافات مع حماس، لكنه اقرب كثيرا لحماس. يقول الغزاويون انه يتبع عائلة دغمش اكثر من تبعيته لفصيل او بلد. يقوده ممتاز دغمش.

مصادر التمويل: شارك ونفذ عمليات اختطاف، وتجارة الاسلحة، ومن غير المعروف ما اذا كانت لديه ميزانية محددة.

* فتح الياسر: أسست في العام المنصرم، بعد سيطرة حماس على غزة، ليس لها ذراع مسلح، وتعتبر نفسها تصحيحا لفتح. لم تنجح في استقطاب عناصر فتح، ويقودها خالد ابو هلال الذي كان ينتمي لفتح، ثم صار ناطقا باسم الداخلية في حكومة حماس. يدعمون حركة حماس ضد فتح.

* الجبهة الشعبية القيادة العامة: تأسست في 10.10. 1968 بعد خروج احمد جبريل من الجبهة الشعبية، واضاف لها ـ القيادة العامة. تعتبر معارضة تماما لفتح، وستحضر مؤتمر دمشق، واعلنت قبل اسبوع في غزة عن تأسيس جناح مسلح، وقالت انها اطلقت عدة صواريخ، قيادتها تعيش في سورية. ليس لها امتداد مؤثر في الاراضي الفلسطينية لكن موقفها يحسب لحماس ضد السلطة. شاركت الجبهة في حرب طرابلس 1983 بجانب المنشقين عن فتح (العقيد ابو موسى ومجموعته) وهي الحرب الأهلية الفلسطينية التي نتج عنها خروج ياسر عرفات ومجموعات فتح من مدينة طرابلس وتشكل فتح الانتفاضة بقيادة ابو موسى تنظيما اخر يعيش في سورية ويقف ضد السلطة واقرب لحماس وسيشارك في مؤتمر.