أصداف ولآلئ

الواقعي الحالم

TT

«في داخلي أحلام كثيرة أريد تنفيذها قبل أن أغادر الحياة» ـ يوسف شاهين ـ غاص في أعماق النفس فكان انغمار بيرغمان الشرق كان مثله نرجسيا مشغولا بنفسه لكن لم يقلده في سوداويته كان مثله مُرْهَقَاً بثقافته لكنه كان مصريا صميما ثقافته من ثقافة مصر ثقافة واسعة سهلة الفهم لكنها ثقافة بلا ابتذال

* «أنفقت 80 بالمائة من وقتي في السياسة» كان يوسف شاهين ماركسيا في فكره كان شيوعيا غير منضبط في التزامه هاجرت أسرته (آل صوايا) من زحلة لبنان تركت وراءها العزلة والطائفية تمصَّرت. اندمجت في الحياة الاجتماعية كان أبوه محاميا وفديا لقن ابنه قيم الطبقة الوسطى:

الاستقامة. النزاهة. العمل الجاد الانفتاح. التسامح في الاعتقاد

* اعتنق يوسف شاهين عروبة الناصرية تمرد ضد قيودها على الحرية لكن تجاوب مع منجزاتها في فيلمه «الناس والنيل» روى عذاب بُنات السد العالي أممت الناصرية الفن فهاجر في الستينات الى لبنان لم يتوقف في المنفى عن العمل:

«بياع الخواتم» مع فيروز «عودة الابن الضال» مع ماجدة عذبه الحنين إلى مصر عاد ليفاجأ بحرب «النكسة» كان فيلمه (الأرض) ردا على الهزيمة أدان الارتجال وفساد المؤسسة

* انبهر يوسف شاهين بثقافة أوروبا في باريس اكتشف تعددية الاسكندرية كنتَ تراه كصموئيل بيكيت غريبان يجولان يناجيان أوابدها الفرانكفونية لم تقطع صلته بأمته ظل وفيا لعروبته ومصريته:

«العرب نسوا تاريخهم» في سورية ولبنان والمغرب صور يوسف شاهين أندلس (المصير) حكى مأساة ابن رشد خاف على المصير من التزمت الديني في (وداعا بونابرت) وبَّخ عنصرية الغرب طالبه باحترام العرب

* وداعا.. يوسف شاهين هذا الواقعي الحالم مزج التاريخ. بالحاضر. بالمستقبل. بالأنا كره السادات فعذبه الواقع وما تحقق الحلم لا مشروع للمثقفين وُضع لا ثورة الجياع تحققت لا البطالة اختفت لا الفقر انطوى لا التعذيب انتهى

* ظل يوسف وفيا للسينما «مصر بلد رائع لصنع الأفلام» أقنعته فرنسا بالعودة الى المسرح وهبته مسرح الـ«كوميدي فرانسيز» فأخرج «كاليغولا» لألبير كامو النفاق الذي أوصل الدكتاتور الى الجنون كانت الخيبة آخر سينما العمر «هي فوضى» فيلم الوداع احتجاج الحلم على مرارة الواقع مخرج شديد النزق والصخب مهذب لا يكف عن الشتيمة والسباب أرهق النظارة والنظام والنقاد أنتج يوسف شاهين من الضوضاء أكثر مما أنتج من أفلام