العالم كله.. صيني

40 مليار دولار أنفقتها الصين استعدادا للألعاب الأولمبية وإعلانات بـ6 مليارات دولار.. والمتنافسون من أديداس إلى تشاينا موبايل.. ومن كوكا كولا إلى كوداك

TT

في الوقت الذي تبدأ فيه دورة الألعاب الأوليمبية لعام 2008 اليوم، تكشف الصين عن تقدما كبيرا في استعداداتها سواء كان ذلك على المستوى المعماري أم على المستوى المجتمعي او الاقتصادي او الامني او التكنولوجي. ويبلغ حجم من أنفقته الصين على الاستعدادات للألعاب الأوليمبية نحو 40 مليار دولار، وهي تهدف بوضوح إلى إظهار نفسها أما العالم ليس فقط كعملاق اقتصادي، بل ايضا كعملاق في التنظيم والامن والتجهيز والابهار مع حفل الافتتاح التي يتوقع ان تكون الاجمل في تاريخ الاولمبياد. ولا تعد دورة الألعاب الأوليمبية شيئا مهما للدولة المضيفة وحسب، ولكنها أثارت شهية العالم كله. فكل الاخبار من الصين وعنها، ومسؤولو الكثير من الدول وأمراء وملوك دول تركوا عطلاتهم الصيفية وتوجهوا الى بكين، ومن بينهم الرئيس الاميركي جورج بوش. اما الصحف والمجلات والمحطات التلفزيونية ومواقع الانترنت فقد ارسلت بالفعل الاف الصحافيين والمصورين للتغطية، ولم تنافس المواقع الانترنتية الصحف، بل أنها في الواقع تغلبت عليها اذ ان بعضها ارسل عددا اكبر من الصحافيين والمصورين. بعنى اخر، هناك حالة «ولع بالصين» اليوم وبكل ما هو صيني، وسيظل هذا هو الوضع حتى انتهاء دورة الالعاب الاولمبية. ومثل الجميع فإن الشركات الدولية اتجهت كلها للصين. فالرعاة حول العالم الذين يجدونها فرصة قد لا تكرر للاقتراب من 1.3 مليار مستهلك صيني. وتعد دورة الألعاب الأوليمبية الصينية المصدر الأكثر ربحية من ناحية رعاية الألعاب والإعلانات التي تصاحبها. ويشير بعض المراقبون إلى أن الرعاة في اوليمبياد بكين ينفقون 1.5 مليار دولار، أي نحو ثلاثة أمثال ما أنفقوه على دورة ألعاب أثينا الأخيرة.

وتتوزع رعاية اوليمبياد بكين على 12 راعيا عالميا و21 راعيا وطنيا، حيث تدفع الشركات الراعية كمتوسط 75 مليون دولار لرعاية الاوليمبياد. وتقوم 63 شركة بالترويج لنفسها بصورة أو بأخرى خلال دورة الألعاب الحالية، وتشير «سي إس إم»، وهي شركة أبحاث تسويقية في بكين، إلى أن الإعلانات ذات الصلة بالألعاب الأوليمبية في الصين قد تصل قيمتها إلى 6 مليارات دولار العام الجاري. وتنفق المؤسسات الكبيرة، مثل «كوكاكولا» و«كوداك» و«ماكدونالد» و«فيزا»، عشرات الملايين من الدولارات للترويج لنفسها خلال الدورة الحالية. ولم تتخلف الشركات الصينية هي الأخرى عن الركب، حيث أنفقت أكثر من اثنتي عشرة شركة ملايين الدولارات لكل منهم حتى تشارك في رعاية ألعاب بكين، ومن بينها شركة الكومبيوتر «لنوفو» (وتلك هي الشركة الصينية الوحيدة من بين الرعاة العالميين للألعاب الأوليمبية).

وقد تكون شركتا «نايكي» و«بيبسي» خارج أسرة رعاية اوليمبياد بكين، ولكن تظهر شعاراتهما في كل مكان في العاصمة الصينية، سواء على لوحات الإعلانات وعى الشاشات التلفزيونية أو عن طريق التعاقدات الشخصية مع رياضيين بارزين. ويعتقد الرعاة أن الأمر يستحق تلك المبالغ الكبيرة، فحسب ما أفاده به موقع «فوربس» الإليكتروني، فإن مسحا أجرته أكبر شركة أبحاث تسويقية في الصين قد كشف عن أن أكثر من ثلثي المشاركين في المسح ينظرون إلى رعاية الألعاب الأوليمبية على أنها تصديق بالموفقة على جودة منتجات الشركة. وتأتي شركة «كوكاكولا» على رأس رعاة اوليمبياد بكين، حسب تصنيف شركة «إبسوس» البحثية التي تتخذ من باريس مقرا لها. وأشار 22.1 في المائة من المواطنين الصينيين الذين شملهم البحث إلى أن «كوكاكولا» أكثر الشركات الراعية للاوليمبياد شعبية. وتلي «كوكاكولا» شركة «لنوفو» التي رشحها 21.5 في المائة وشركة «هاير» التي صوت لها 21.4 في المائة. ثم تأتي بعد ذلك شركة منتجات الألبان «يلي» و«تشينا موبايل» و«بنك الصين» و«تسينجتاو بير» وشركة الألبان «منجنيو» وشركة الملابس الرياضية «لي نيج» وشركة خدمات الإنترنت «سوهو». يشار إلى أن الألعاب الأوليمبية لم تقام من قبل في سوق كبير كالسوق الصينية، ولذا فأمام رعاة الألعاب الأوليمبية فرصة لا تتكرر لجذب المستهلك الصيني، حيث يعيش في مدينة بكين التي تستضيف الاوليمبياد أكثر من 17 مليون نسمة، وهذا الرقم أكبر من مجموع سكان المدن الأربع التي استضافت دورات الألعاب الأربع الماضية: وهي أثينا وسيدني وأتلانتا وبرشلونة. ويبلغ عدد السكان في الصين 1.3 مليار نسمة وهي الدولة الأكثر كثافة سكانية في العالم. ويبدو أن الجميع، ومنهم وسائل الإعلام وشركات الإعلانات والرياضيون، يهرعون للاستحواذ على أكبر جزء من كعكة الإعلانات خلال دورة الألعاب الأوليمبية. وفيما تعد تلك الدورة الأولى في الصين، فإن العلامات التجارية العالمية تجدها فرصة كبيرة لنيل ثقة المستهلكين الصينيين، حيث يتنامى الدور الذي تلعبه السوق الصينية في المبيعات العالمية بصورة مطردة. والصين، التي تعد ثاني أكبر سوق إعلانية بعد الولايات المتحدة الأميركية، بمثابة أمل للشركات التجارية. ويقول جوناثان تشاجيت، وهو مدير استراتيجي في شركة «إنتربراند»: «تعد الصين السوق النامية على مدى عشرة أعوام قادمة بالنسبة لمعظم العلامات التجارية هنا». وتشير التقارير إلى أن الإعلانات المصاحبة للاوليمبياد ستكون في كل مكان على الحافلات والشاشات الكبيرة في الأماكن المفتوحة وعلى اللوحات الإعلانية. وقد أصبحت الشبكة العنكبوتية وسيلة حيوية يحصل منها المتابعين على المعلومات التي يريدون فيما يتعلق بالاوليمبياد. وقد تجاوزت الصين الولايات المتحدة بالنسبة لعدد مستخدمي شبكة الإنترنت، وتبلغ عدد الساعات التي تقضى على الشبكة الإلكترونية يوميا في الصين نحو 570 مليون ساعة. وتسعى العديد من الشركات التي ستستغل دورة الألعاب الأوليمبية في بكين كي تكون نقطة انطلاق لها، للوصول للعدد المتنامي من مستخدمي الإنترنت الصينيين، وفي باقي دول العالم. ويقال أن شركة «سوهو دوت كوم»، وهي شركة الإنترنت الراعية للألعاب الأوليمبية، قد دفعت 20 مليون دولار للحصول على حق استضافة الموقع الرسمي للألعاب الأوليمبية الحالية، وحق استخدام شعارها. وحيث أنها شركة الانترنت الوحيدة التي ترعى الألعاب الأوليمبية، فمن المقرر أن ترسل «سوهو دوت كوم» أكثر من 700 صحافي لتغطية الاوليمبياد. وقامت شركة «لنوفو» بعمل مدونات لنحو 100 رياضي وأعطت هؤلاء الرياضيين أجهزة كومبيوتر محمول وكاميرات فيديو لمتابعة استعداداتهم للألعاب. ومن المتوقع أن تكون المهرجانات الافتتاحية أول حدث رياضي تلفزيوني يشاهده في مختلف أنحاء العام أكثر من مليار شخص. وتقدر شركة «أي إي جي»، التي تتخذ من شيكاغو مقرا لها، أن شركة «كوك» دفعت ما بين 75 و90 مليون دولار حتى تكون شريكا في الاوليمبياد لمدة أربعة أعوام، كما دفعت ما بين 5 ملايين دولار و15 مليون دولار كي تكون واحدة من ثلاثة رعاة لمسيرة الشعلة الأوليمبية. ويتوقع البعض أن تتجاوز الصين الولايات المتحدة كأكبر سوق يستحوذ على منتجات للشركة. وتتوقع شركة الملابس «أديداس» الألمانية أن تكون الصين أكبر سوق لها بعد الولايات المتحدة بحلول 2010، عندما يرتفع عدد محلاتها هناك إلى 6.300 مقارنة بـ4.000 محل في الوقت الحالي. وعلى الرغم من أن شركة «نايكي» ليست من رعاة الألعاب، فقد أعدت بعض الإعلانات التلفزيونية الرائعة. وبالإضافة إلى الإعلانات التي سوف يبثها التلفزيون الصيني وتلك التي ستظهر على لوحات الإعلانات في الشوارع، فإن الشركة قد أعدت الشركة أشكالا مختلفا للأحذية الرياضية من أجل اللاعبين المشاركين في دورة العاب بكين. وقد تعاقد العديد من الرياضيين الصينيين مع الشركات كي يقوموا بالترويج لها خلال دورة الألعاب، ومثال ذلك العداء ليو الذي يشارك في إعلانات نحو 16 شركة على الأقل من بينها نايكي وكوك. ولكن لا يخلو هذا الأمر من مخاطر، فعلى سبيل المثال شطب أمير الغوص في الصين تيان ليانغ، الذي كان قد فاز بميدالية ذهبية وأخرى برونزية في أثينا في عام 2004، من الفريق القومي بعد أن ظهر في الكثير من الإعلانات التجارية. بالنسبة لشركة «بيبسي»، فمع أنها ليست من رعاة دورة الألعاب، فإن «جاتوراد» التابعة لها ترعى عددا من الرياضيين الصينيين. وقد قامت الشركة بتغيير لون بعض العلب الخاصة بها من اللون الأزرق إلى اللون الأحمر. وبيبسي ليست وحيدة في هذا فالعالم كله سيتحول خلال هذا الشهر الى اللون الاحمر.