«انتهت الحرب الباردة. لكن مشاكل الحياة المعاصرة تبدو عارية وأكثر تعقيداً» ـ ألكزاندر عيسا ييفيتش ـ سولجنتسين 1993 ـ رجل قادم من الصقيع وجه سيبيري قاسي الملامح كئيب التعبير. صامت. جامد حاجبان مقوَّسان دلالة الاحتجاج لحية قيصرية مستعارة من الكنيسة أدبه مرآة لحياته الشقية أفكاره انعكاس لتجربته المريرة
* عيسا ييفيتش.. من أنت؟
آه.. عرفتَ اليتم باكرا قتل أبوك في الجبهة قبل ولادتك ماتت أمك بردا بالسل لتوفر لك الدفء ولقمة العيش مراهقا؟ في منظمة الشبيبة الشيوعية شابا؟ مدرس فيزياء ورياضيات عسكريا؟ ضابطا في ميادين القتال سياسياً؟ سحبك من الجبهة عملاء ستالين ضبطوا في بريدك رسالة ضده
* سولجنتسين.. بدأت رحلة عذابك سائحا في معسكرات الاعتقال من برد موسكو إلى صحراء كازاخستان تغوص في الوحل تحطِّب الأخشاب كيدهنَّ عظيم. تخلت عنك زوجتك مات ستالين. تحسنت معاملتك لكن نسوا الإفراج عنك شكرا خروشوف..
أفرج عنك. نشر رواية مأساتك:
«يوم في حياة دنيسوفيتش»
* دخل النظام مرحلة الخرف حلَّ خريف بريجنيف «اتحاد كتاب» السلطة ضدك كتبت ملحمتك في عزلة صمتك:
«أرخبيل الفولاغ» عَرَّيتَ وحشية معسكرات الاعتقال اكتشفك عملاء الغرب تسللوا بالرواية ومخطوطاتك أنت الآن أداة الحرب الباردة نوبل منحك جائزته الأدبية سبقتَ أدونيس ودرويش ومحفوظ ترجمتك أميركا إلى 40 مليون قارئ لكن الدكتاتورية كالهرة تأكل أبناءها صادرك بريجنيف صدَّرك إلى أميركا فأنت أزعر خائن
* ألكزاندر عيسا ييفيتش.. أنت غريب الأطوار! كيف تعيش في عزلة مع هذه الشهرة؟
لم تقامر في وول ستريت لم تثرثر مع «تايم» و«نيوز ويك» لم تتقن الانجليزية آه! أدمنتَ مادية الرأسمالية عيَّرت أميركا الهاربة من فيتنام قفلتَ خائبا عائدا إلى «أم المعارك» خيَّبك فساد روسيا يلتسين آلمك نقد الاصلاحيين:
أنت رجعي معاد للديمقراطية سلافي عنصري. روسي شوفيني هارب من المادية إلى المسيحية
* سولجنتسين! غوربا تشيف رثاك في مماتك أدانك في حياتك:
«رجل يعيش في الماضي» تغلبتَ على السرطان في شبابك قهرك القلب في خريفك ترككَ حطاما محمولا على دراجة لكن سجلت التاريخ في عزلتك:
كيف أتلف القياصرة البيض الماضي كيف أَجَّلَ القياصرة الحمر المستقبل لا تعتبر. اضطهدوا قبلك بوشكين سجنوا دستويفيسكي كفروا وزندقوا تولستوي روَّعوا باسترناك فَتَلَهَّى بـ «لوليتا» عن كفاح زيفاغو تأمركت روسيا. نسيتك! تقرأ كتباً عن قطة سعيدة وعن خمسين طريقة لتخفيف وزنك