أسمعني صوتك.. لأعطيك صوتي

بيرو قال لبوش الأب: أقر بأنني لا أملك الخبرة لتحميل البلاد ديونا 4 مليارات دولار.. وكيري قال لبوش الابن: الرئيس لم يعثر على اسلحة دمار شامل فحول حملته الى خداع شامل

ريغان سأل الأميركيين: هل أنتم أفضل حالا؟.. فرد الأميركيون بعدم انتخاب كارتر لولاية ثانية
TT

بات الاميركيون مشغولين بقضيتين.. الازمة الاقتصادية والمناظرة المرتقبة بين السناتور باراك اوباما، مرشح الحزب الديمقراطي، والسناتور جون ماكين، مرشح الحزب الجمهوري، التي سيديرها جيم ليرهر، مذيع تلفزيون «بي بي اس» غير التجاري. وستستمر ساعة ونصف ساعة، وتعقد في جامعة مسيسيبي. ستكون هذه المناظرة هي الاولى من ثلاث مناظرات حتى الانتخابات في الاسبوع الاول من نوفمبر (تشرين الثاني). وستعقد المناظرة الثانية في جامعة بلمونت (ولاية تنيسي). والثالثة ستعقد بعدها باسبوعين، في جامعة هوفسترا (ولاية نيويورك). ويتوقع أن يشاهد كل مناظرة رئاسية ربما مائة مليون شخص. تنظم هذه المناظرات الرئاسية لجنة المناظرات الرئاسية، التي تكونت مؤخرا، وكانت منظمات نسائية او عمالية او تعليمية تفعل ذلك من قبل. وهكذا، دخلت المناظرات الرئاسية التلفزيونية التاريخ الاميركي، فهي كانت احتياجا شعبيا ليعرف الناس من هم هؤلاء المرشحون الذين يطلبون اصواتهم. أشهر مناظرة في تاريخ اميركا جرت قبل ظهور التلفزيون بمائة سنة تقريبا، في انتخابات سنة 1860، بين عضو الكونغرس ابراهام لنكولن (جمهوري) والسناتور ستيفن دوغلاس (ديمقراطي). وكان الموضوع الرئيسي عن تجارة وامتلاك الرقيق. حسب مناظرات ذلك الوقت، تحدث كل واحد من المرشحين ساعة، ثم نصف ساعة، للرد على الآخر. في البداية، تحدث دوغلاس، واثار حماس المستمعين باسئلة مثل: «هل تريدون زنجيا يكون مواطنا متساويا معكم؟» وهتف بعض المستمعين: لا. «هل تريدون زنوجا يملكون مزارع مثل مزارعكم، وثروة مثل ثرواتكم؟» وهتفوا: لا.

لكن لنكولن ركز على بنود الحرية والمساواة في اعلان الاستقلال والدستور. وسأل: «ألم يخلق الله الناس متساوين؟» وهتف البعض: نعم. وسأل: «لماذا لا نلتزم بالدستور وحقوق الانسان؟» وهتفوا: «نقدر على ذلك، نقدر على ذلك». لكن، لم يكن التحول بين يوم وليلة. مضت سنتان قبل أن يفوز لنكولن برئاسة الجمهورية، ثم سنتان حتى أعلن قانون تحرير العبيد، ثم ثلاث سنوات حتى انتصر في الحرب الاهلية وهزم ولايات الجنوب المؤيدة للعبودية. مرت مائة سنة بين أشهر مناظرتين في تاريخ اميركا: مناظرة لنكولن ودوغلاس (سنة 1860)، ومناظرة السناتور الديمقراطي جون كنيدي، ونائب الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون (سنة 1960). اشتهرت الثانية لأنها كانت اول مناظرة في التلفزيون (قبل ظهور التلفزيون الملون). وبدلا من التركيز على فصاحة اللسان والاسئلة المثيرة للمستمعين، وهتافاتهم، صار التركيز على منظر الشخص وطريقة كلامه.

ففي جانب، كان كنيدي وسيما وانيقا وفصيحا وجريئا. وفي الجانب الآخر، لبس نيكسون بدلة باهتة اللون، وتصبب منه عرق غزير، وحرك رجلية كثيرا (كان وقع وقضى اياما في المستشفى). تابع اكثر من 66 مليون مشاهد المناظرة بين الرجلين. من جهة نيكسون شاحب اللون، لم يحلق ذقنه بعد خروجه من المستشفى، وهو يرتدي قميصا فضفاضا ويتصبب منه العرق، ومن جهة اخرى كيندي مرتاح ومنفرج الاسارير وقد لوحت السمرة محياه بعد عودته من حملة استمرت اياما عدة في كاليفورنيا. عندما تناوب كيندي على الكلام كان ينظر بشكل منهجي الى الكاميرا وليس الى الصحافي الذي كان يطرح عليه السؤال، على العكس مما كان نيكسون يفعل الذي كان ينظر الى الصحافي وليس الى الكاميرا. وصار واضحا ان كيندي فاز بسبب التلفزيون، لأن الفرق بينهما في الاصوات كان قليلا جدا. الذين استمعوا الى المناظرة في الراديو فضلوا نيكسون، بينما فضل كيندي الذين شاهدوها في التلفزيون.

اما في انتخابات سنة 1976، فقد رفض الرئيس جيرالد فورد (جمهوري) في البداية مناظرة جيمي كارتر، حاكم ولاية جورجيا (ديمقراطي). لكنه غير رأيه بسبب ما عرف بمرحلة «الشفافية» بعد فضيحة ووترغيت. وربما كان افضل له لو لم يغير رأيه، ورفض المناظرة. فمنذ البداية وقع حادث تقني قطع الصوت. ولم يتجرأ المرشحان على الحراك وبقيا مسمرين كدميتين طيلة 30 دقيقة تقريبا. وأثناء المناظرة الثانية في 6 اكتوبر (تشرين الاول) ارتكب الرئيس فورد هفوة لم يستطع اصلاحها، بتأكيده انه «لا يوجد اي هيمنة سوفياتية في اوروبا الشرقية». كان السؤال عن حقوق الانسان في دول المعسكر الشيوعي في شرق اوروبا. وقال فورد: «لا يسيطر الروس على دول شرق اوروبا». وسأله الصحافي: «هل تعني ما تقول؟» وأجاب: «هذا ما اؤمن به». في وقت لاحق لاحظ الخطأ الكبير الذي ارتكبه، وقال: كان واضحا انني لم اشرح ما اردت ان اقول. لكن، كما قال مؤرخون كثيرون ان تلك الهفوة كانت من اسباب سقوطه امام كارتر. وفي مناظرة نواب الرئيس في نفس سنة 1976 بين السناتور دول (جمهوري) والسناتور والتر مونديل (ديمقراطي)، كان السؤال عن حرب فيتنام التي كانت انتهت قبل ذلك بسنة. واستعمل دول عبارة: «لم نبدأ نحن الجمهوريين الحرب». بدأها الديمقراطيون. كانت حرب الديمقراطيين، ونحن الذين وضعنا نهاية لها (يقصد قرار الانسحاب من فيتنام الذي اصدره الرئيس ريتشارد نيكسون الجمهوري). لكن، لم يرتح كثير من الناس لوصف الحرب انها من فعل حزب معين. وقال مؤرخون كثيرون إن تلك الهفوة كانت من أسباب سقوط الرئيس فورد ونائبه دول.

طبعا خلال الحملات الانتخابية والمناظرات فإن كل شيء مباح، بما في ذلك اللجوء الى «قوة الاسرة»، فالاميركيون ضعفاء أمام الاسرة التي تشكل نموذجا اميركيا. وليس هناك مرشح في التاريخ الرئاسي الاميركي لم يعتمد على صورة عائلته، فعل جون كيندي هذا، ومن بعد رونالد ريغان، والان سارة بالين، لكن ريغان كان اشطرهم، فعلاقته مع نانسي زوجته كانت من أقوى نقاط قوته طوال تاريخه السياسي ومن اسباب تعلق الاميركيين به. لكن احيانا يسيئ المرشح الحكم على من يعتمد عليه بين أفراد أسرته. ففي مناظرة في انتخابات سنة 1980 بين الرئيس جيمي كارتر، الذي كان يسعى لولاية ثانية وحاكم ولاية كاليفورنيا رونالد ريغان، كان السؤال عن سباق الاسلحة النووية مع روسيا. وقال كارتر: «هذا الصباح، تكلمت مع بنتي ايمي عن سباق الاسلحة النووية، وهي قالت..». وقال مؤرخون كثيرون ان ريغان كان، على اي حال، سيفوز على كارتر لأنه صور كارتر رئيسا ضعيفا في مواجهة الشيوعية والشيوعيين. لكن، ساعد على سقوطه استشهاده ببنت عمرها اثنتي عشرة سنة في موضوع معقد مثل سباق الاسلحة النووية. هذا بالاضافة الى ان ريغان، وهو الممثل السينمائي لثلاثين سنة، كان متعودا على الحديث امام الكاميرات، وعلى حفظ وتسميع النقاط المهمة التي يلقنها له مساعدوه. اما الضربة القاضية فكانت قبل اسبوع فقط من الاستحقاق الانتخابي. إذ سأل ريغان وهو ينظر مباشرة الى المشاهدين، «هل تشعرون بانكم افضل مما كنتم عليه قبل اربع سنوات؟». وجاء الرد بالتصويت لريغان وهزيمة كارتر. كذلك في مناظرة سنة 1984 بين ريغان ومنافسه الديمقراطي والتر مونديل كان واضحا تفوق ريغان، خاصة لقدرته على الخطابة، وبعد قضائه اربع سنوات في البيت الابيض، مما اكسبه خبرة سياسية الى جانب شخصيته الساحرة. فعندما اثار مونديل موضوع كبر سن ريغان (72 سنة) رد ريغان قائلا وهو مبتسم: «لا اريد ان تكون السن قضية انتخابية. ولهذا، لن اتحدث عن صغر سن مونديل وقلة خبراته وتجاربه». حتى مونديل نفسه لم يقدر على منع نفسه من الضحك. لكنها كانت الضحكة الاخيرة، لان ريغان كان سجل هدفا قويا في مرماه. ويوم التصويت، هزمه.

كان ريغان وما زال حتى اليوم الرئيس الذي «جعل اميركا تشعر أفضل. والعالم كله يشعر افضل»، كان متفائلا بطبعه، لا يحب استخدام المصطلحات المعقدة، وعندما يتكلم في اعقد القضايا الدولية يستطيع ان يفهمه الشخص العادي. ان تكون شخصا عاديا في السياسة الاميركية ميزة، اما ان تكون مثقفا متقعرا فهذه بالتأكيد مسبة. والكثير من مناظرات الرئاسة الاميركية تظهر أن المثقفين يكونون دائما في مشكلة. ففي مناظرة في انتخابات سنة 1988 (التي فاز فيها نائب الرئيس بوش الاب على مايكل دوكاكيس، حاكم ولاية ماساشوستس) فعل بوش الاب ما فعل بوش الابن بعده مرتين، وربما ما سيفعل ماكين ضد اوباما، وهو تصوير منافسه مثقفا، وليس شعبيا، شخصا يتفلسف ويقدم نظريات، ولا يعرف احاسيس المواطن العادي). وحقيقة، لم يخل دوكاكيس من عجرفة. ربما الذنب ليس ذنبه، وذلك لوجود نظرة استعلاء تاريخي بين ولايات الشمال الشرقي وولايات الجنوب الغربي، مثل تكساس. لكن هذا ليس كل شيء فدوكاكيس الملقب بـ«رجل الثلج» فوت فرصة ذهبية لاظهار مشاعره، فقد سأل خلال المناظرة، «اذا تعرضت زوجتك كيتي للاغتصاب والقتل هل ستؤيد عقوبة الاعدام للقاتل؟ اجاب دوكاكيس ببرودة، لا.. قبل أن يستطرد ببرود بذكر احصاءات حول الجريمة في ولايته ماساشوسيتس. ولم يحبه الاميركيون ابدا بعد ذلك. في نفس الانتخابات، كانت هناك مناظرة بين السناتور بنستون، نائب دوكاكيس، والسناتور دان كويل، نائب بوش. وكان السؤال عن قلة خبرة كويل وصغر سنة. وقال كويل: «كان الرئيس كيندي صغير السن، وقليل الخبرة. ورد بنسون: «لا تقارن نفسك مع كيندي. أنا اعرف كيندي. كيندي كان صديقي. أنت لست كيندي». ورغم ان بطاقة بوش الاب وكويل فازت في تلك الانتخابات، صارت هذه الجملة واحدة من اشهر جمل المناظرات التلفزيونية الانتخابية في اميركا، فهناك رموز في السياسة الاميركية يجب عدم مقارنة أحد بها، وكيندي من بينهم. لهذا، قال د. الان شرودر، الاستاذ في جامعة نورث ويستيرن (ولاية الينوي)، ومؤلف كتاب: «المناظرات الرئاسية التلفزيونية: خمسون سنة من المغامرات»: نعم كل مناظرة مغامرة. لا يعرف اي شخص كيف ستنتهي، ومن سينتصر، اي هفوة، اي نظرة استعلاء، اي نظرة بلاهة. كلها تحسب عليك».

ولم تكن المناظرات الرئاسية دوما بين شخصين، ففي حالات نادرة كانت بين 3 اشخاص. فخلال المناظرة بين بيل كلينتون وجورج بوش في 1992، تقاسم ثلاثة مرشحين الى البيت الابيض المنصة لاول مرة، وهم كلينتون وبوش، مع المرشح المستقل روس بيرو الذي سيطر على الوضع. فباسلوبه المباشر تميز بيرو بشكل لافت عن الاسلوب الطنان للرئيس بوش. واجاب روس بيرو بوش عندما سأله عن موضوع الخبرة، فقال، «الخبرة؟ نعم أقر بأنني لا املك الخبرة اللازمة لتحميل البلاد دينا يزيد عن اربعة مليارات دولار. على العكس اذا كان الامر يتعلق بفعل شيء ما بدلا من الاكتفاء دائما بالكلام، فهذه تجربة املكها». وحصد بيرو بعد ذلك حوالى 19% من الاصوات. ولم يحصل اي مرشح مستقل على هذه النسبة من الاصوات قبل ذلك. وفي نفس المناظرة كان الرئيس بوش الاب بمثابة رجل المؤسسة والوضع القائم امام كلينتون المثقف الشعبي رجل التغيير. وبينما كان كلينتون فصيحا وشابا ويتحدث عن المستقبل، تحدث بوش عن الماضي (عن انتصاره في حرب الخليج، وطرده للعراق من الكويت). وعندما نظر بوش الى ساعته، احس المشاهدون بأنه سئم المناظرة. ولم يكن هذا انطباعا ايجابيا. وفي مناظرة في انتخابات سنة 1996 (فاز فيها الرئيس كلينتون على السناتور الجمهوري دول)، مرة اخرى ترشح البليونير المستقل روس بيرو. غير أنه هذه المرة كان أقل توفيقا، اذ قال بيرو: «ربما لا يؤيدني كثير من الناس في الولايات المتحدة، لكنني مشهور في دول مثل البوسنة، ومثل هايتي. لماذا لا نضع اعتبارا لذلك؟» وكانت تلك آخر مرة يترشح فيها البليونير المستقل.

أما في مناظرة في انتخابات سنة 2000 (فاز فيها بوش الابن، حاكم ولاية تكساس، على السناتور آل غور)، فكان غور المثقف، وكان بوش الشعبي. وبينما ركز المثقف على «طرق برية الكترونية» تغطي كل اميركا، ركز بوش الشعبي على تخفيض الضرائب على الناس. لكن اثار آل غور سخط المشاهدين بموقفه المتعالي من خلال ابراز معارفه، وبتنهده بصوت عال في كل مرة لم ترق له اجوبة جورج بوش، الذي قال «ان كنا بلدا متغطرسا فسينظر الينا كذلك، لكن ان ابدينا تواضعنا فاننا سنحظى بالاحترام». وربما كانت هذه أفصح عبارة قالها بوش طوال 8 سنوات. وفي مناظرة في انتخابات سنة 2004 (بين الرئيس بوش الابن والسناتور جون كيري)، تكرر نفس الشيء تقريبا. كان كيري المثقف الذي حارب في فيتنام. وكان بوش الشعبي الذي لم يحارب في فيتنام، لكن اعلن الحرب ضد الارهاب، وخوف الاميركيين من الارهابيين، ووعد بحمايتهم، وفاز. هل لأن كيري ايضا نظر اثناء المناظرة، في استعلاء الى بوش عندما تلعثم وتردد في الاجابة على سؤال (مثلما فعل قبل اربع سنوات)؟ على الرغم من ان كيري وجه ضربة الى بوش عندما قال: «الرئيس لم يعثر على اسلحة دمار شامل في العراق. فحول بالتالي حملته الى سلاح للخداع الشامل».

لكن ما هو رأى شرودر خبير المناظرات فيمن سيكسب المناظرة بين ماكين واوباما. يقول شرودر: «في مناظرات تلفزيونية سابقة، كان ماكين خليطا من غضب مفاجئ، ونكتة سريعة، ولا مبالاة، واحتقار للسؤال». ففي سنة 2000، في مناظرة تلفزيونية في الانتخابات الاولية للحزب الجمهوري بين ماكين وبوش، شكك بوش في اهتمام ماكين بالمحاربين القدامى. واستغرب ماكين كيف يقول بوش ذلك، وماكين حارب في فيتنام، وبوش لم يحارب في اي حرب. وقال لبوش: «يا رجل، اخجل من نفسك. يا رجل، اخجل من نفسك». وكان عصبيا. وتزيد مشاكل ماكين في هذه الانتخابات لأن منافسه اوباما مناكف (ماكين هادي)، وكثير الكلام (ماكين قليل الكلام). وربما سيفقد ماكين اعصابه ويقول ما سيحسب عليه. لكن، في الجانب الآخر، اذا اكثر اوباما من النظريات والفلسفات، سيكون مثقفا آخر، مثل دوكاكيس وغور. وسيسقط مثلما سقطوا. ويبدو ان هذه هي استراتيجية ماكين: تحاشي عرق اوباما ولونه، والتركيز على انه ليبرالي تقدمي متفلسف.

* مسيسبي من معقل للتمييز العنصري.. إلى ستضافة أول مناظرة بين أبيض وأسود

* جامعة مسيسبي التي دخلت التاريخ الأميركي بوصفها من آخر الجامعات التي تسمح بدخول السود اليها، عندما دخلها الطالب الاسود جيمس ميرديث تحت حراسة أمنية مشددة عام 1962، تدخل التاريخ هذه الايام ايضا بوصفها الجامعة التي تم اختيارها لاستضافة اول مناظرة في التاريخ الاميركي أحد طرفيها مرشح رئاسي اسود. ويقول روبرت خياط، رئيس الجامعة: «مرت سنوات كثيرة على هذه الجامعة لتتخلص من سمعتها. وتخلصت منها. اليوم، خمس طلاب الجامعة سود». وقبل سنتين، ازاح خياط نفسه الستار عن تمثال ميرديث. وهو ليس بعيدا من تمثال لجندي حارب في الحرب الاهلية (عندما تمردت ولاية مسيسبي وولايات جنوبية اخرى ضد قرار الرئيس لنكولن بإنهاء تجارة وتملك الزنوج). وحضر الاحتفال ميرديث نفسه (الآن عمره 75 سنة). وأوضح روبرت خياط، مدير جامعة مسيسبي، لـ«الشرق الاوسط»، إن الجامعة كسبت مسابقة اقامة المناظرة بين اوباما وماكين من بين اكثر من خمسين جامعة ومركزا ومعهدا. وقال ان طلبات التقديم الى لجنة المناظرات التلفزيونية الرئاسية بدأت في نهاية السنة الماضية. وان وفودا من اللجنة زارت الجامعة اكثر من مرة، وتفقدتها قبل اعلان فوز الجامعة بالمناظرة. وذكر خياط ان قاعة المؤتمرات العملاقة كانت نقطة مهمة في طلب الجامعة، بالاضافة الى تسهيلات إقامة الزوار والسياسيين والصحافيين. ولاتزال هناك داخليات في الجامعة يكثر فيها السود، وداخليات يكثر فيها البيض. لكن، لم تسجل الجامعة توترا عرقيا يعيدها الى سمعتها القديمة. بالعكس، اسست مركز المصالحة العرقية، وهو الاول من نوعه في اميركا، وربما في كل العالم. ومن المفارقات أنه في مثل هذا اليوم، 26 سبتمبر، عام 1962، عارض بارنيت، حاكم ولاية مسيسبي دخول ميرديث الجامعة لانه اسود. وقال امام مئات الطلاب البيض وهم يصفقون: «لن يدخل زنجي جامعتكم وانا حاكم ولايتكم». في نفس اليوم، امر الرئيس كنيدي القوات الفدرالية بدخول الجامعة، وحماية ميرديث وهو يدخلها وسط قوات الامن.