التصويت.. لدخول الجنة

الأحزاب الدينية في إسرائيل من إسقاط لفني ومنع العلوم الطبيعية ومشاهدة التلفزيون 2008.. إلى طرد عرب الجليل وبناء الهيكل 2040

يهود متدينون يقرأون في التلمود عند حائط المبكى خلال احياء ذكرى التيه اليهودي في الصحراء بعد أن طردهم فرعون مصر منها (أ.ف.ب)
TT

الانتخابات في إسرائيل عموما معركة حربية ـ صراعات وتهجمات ومحاكم ومصاريف واعتداءات. معركة ديمقراطية لكنها متعبة. ولذلك، فإنها دخلت في دوامة المعركة منذ أعلنت زعيمة حزب كديما تسيبي لفني فشلها في تشكيل حكومة، وصارت تغلي كالمرجل. وكالعادة، صب غالبية السياسيين والصحافيين والمعلقين، جام غضبهم على حزب «شاس» لليهود المتدينين من أصل شرقي، باعتباره المسبب الأول لهذه الأزمة بسبب مطالب كثيرة في ما يتعلق بالتعليم الديني في إسرائيل رفضتها لفني وسمتها ابتزازا سياسيا غير مقبول، إلا أن رئيس حزب شاس، الوزير ايلي يشاي، لم يكتف بهذا، بل أطلق تصريحا قبل يومين كان له فعل القنبلة المدوية. فقد أعلن أن حزبه سيزيد من قوته بشكل كبير في هذه الانتخابات، ويأمل «ان تكون الزيادة كافية لكي نحصل على وزارة التعليم». شعر الإسرائيليون بأن يشاي يتمادى بشكل كبير. فكل شيء إلا التعليم، بالنسبة لهم. فالحزب الذي يقوده يتسم قبل كل شيء بالجهل وهو يدير مدارس دينية يتخرج تلاميذها وهم لا يعرفون شيئا عن العلوم الطبيعية والرياضيات والفيزياء والكيمياء والتكنولوجيا العالية والحاسوب. ويحظر عليهم مشاهدة التلفاز وحضور البرامج الثقافية والفنية. فماذا سيفعل بالتعليم؟

ويجيب يشاي بثقة بالغة: «أريد أن أعيد القيم اليهودية الى منهاج التعليم. لا يعقل ان لا يتعلم الطالب اليهودي تراثه. أنا لن أتدخل لتغيير تعاليم العلوم في المدارس العلمانية، ولكنني أريد أن أفرض تعليم الحد الأدنى من القيم اليهودية. على الطالب أن يتعرف الى الآباء والأجداد. أن يعرف قيمة احترام الوالدين. أريد أن أحارب الجريمة والانفلات والتدهور الخلقي في المدارس».

وحتى رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، حليف «شاس» والرجل الذي وقف وراءه ليفشل جهود لفني في تشكيل الحكومة، لم يحتمل طلب يشاي، فخرج الى الجمهور معلنا ان الليكود، في حالة فوزه في الانتخابات القادمة، يريد وزارة التعليم لنفسه ولن يفرط بها لأي حزب من حلفائه. وهذا غيض من فيض النقاش الذي بدأ وسيستمر طويلا ويعكس جانبا من علاقات العلمانيين بالمتدينين في اسرائيل والعكس. هذا النقاش دائر منذ مئات السنين في اليهودية، ولكنه يشتد في الآونة الأخيرة بشكل حاد، حيث ان التيار العلماني والتيار الديني المعتدل، لا يريدان لاسرائيل أن تصبح تحت سلطة التيار الديني المتشدد. وكما يقول الباحث عيران درور: «نحن (يقصد اليهود) لا نريد أن نبتلى بما ابتلي به المسلمون في السنوات الأخيرة والمسيحيون في القرون الماضية من سيطرة النهج الأصولي المتطرف. فقد حققنا أكبر انجاز في تاريخ الدولة العبرية عندما قررنا من البداية فصل الدين عن الدولة في اسرائيل، ولن نتراجع عن ذلك». لكن هذا هدف ليس سهلا، ففي الحقيقية وبالرغم من ان غالبية الاسرائيليين يصفون أنفسهم على أنهم علمانيين، الا ان للدين تأثير كبير على حياة الكثير من الاسرائيليين، خصوصا اليهود من أصول شرقية، الذين تؤثر عليهم تأكيدات زعماء من شاس أن التصويت للحزب الديني المتشدد يدخل أصحابه الجنة، والكثيرون من هؤلاء اليهود الشرقيين يصوتون لشاس وغيره من الأحزاب الدينية في اسرائيل فقط لدخول الجنة.

* تاريخ الأحزاب الدينية في اسرائيل

* التيار الديني في اليهودية اتخذ طابع التنظيم والمأسسة منذ مئات السنين، حتى قبل قيام الصهيونية. وفي سنة 1923 تأسس أول حزب ديني «أغودات يسرائيل»، وحاول منذ اللحظة الأولى التأثير على الحركة الصهيونية. ولكن دافيد بن غوريون، رئيس الحركة، وضع خطوطا حمراء منعها من تجاوزها. وقال يومها ان الميزة الساسية لليهودية انها تواكب العصر ولسنا معنيين بمن يعيدنا الى الوراء. فاتخذ حزب «أغودات يسرائيل» موقفا معاديا وتكفيريا منه ومن الحركة الصهيونية، موضحا انها جاءت لتستبق ارادة الله (يؤمنون بأن دولة إسرائيل لا تقوم إلا عند مجيء المسيح المخلص وتقوم القيامة)، وقالوا انهم لن يتعاونوا مع حركة يهودية لا تضع التوراة في صلب تعاليمها.

وبداخل التيار الديني في اليهودية دار أيضا صراع حول مدى التدخل في السياسة وكيف. ونشأ تيار صهيوني ديني يجابه التيار الديني غير الصهيوني. وتمثل هذا التيار في حزبين تكونا قبل أن تقوم اسرائيل، هما: «همزراحي» (الشرقي) و«هبوعيل همزراحي» (العامل الشرقي). وتعاون الحزبان مع الصهيونية وخدم أعضاؤهما في التنظيمات العسكرية الصهيونية السرية (ويخدمون اليوم في الجيش).

ومنذ قيام اسرائيل وحتى اليوم شهدت هذه الساحة تطورات كبيرة جدا جعلت الأحزاب الدينية ذات وزن كبير وفي بعض الأحيان حاسم في الحياة السياسية في اسرائيل. ففي الانتخابات الأولى في إسرائيل سنة 1949، حصلت هذه الأحزاب مجتمعة على 16 مقعدا (من مجموع 120 مقعدا)، حيث خاضت الانتخابات بجبهة موحدة تضم كلا التيارين. وفي انتخابات 1951 تمزقت هذه الجبهة وهبطت الى 13 مقعدا، منها ثمانية للتيار الديني الصهيوني و5 نواب للتيار الأرثوذكسي اللا صهيوني. ثم ارتفع سنة 1959 الى 17 نائبا واستمر على هذا النحو حتى سنة 1984.

* تأسيس حزب «شاس»

* في سنة 1984، خاض المعركة لأول مرة حزب «شاس» لليهود الشرقيين. وقصة نشوء هذا الحزب تعود الى الخلافات بين رئيسه الروحي الحاخام عوفاديا يوسيف وبين المؤسسة الدينية الرسمية، حيث انه غضب لأنهم رفضوا ابقاءه «حاخاما رئيسيا للشرقيين في اسرائيل». وجعل من المسألة قضية «كفاح ضد التمييز العنصري المتبع تجاه اليهود الشرقيين». ونجح في تجنيد الجمهور الواسع وجرفه ورائه.

واليهود الشرقيون تعرضوا فعلا للتمييز، طيلة الفترة التي كان فيها اليهود الاشكناز أو الغربيون يحكمون اسرائيل وقبلها الحركة الصهيونية، وحتى اليوم. فعندما عملوا على استقدام اليهود من الدول العربية، كان الهدف جلب أيد عاملة رخيصة تعمل بالأعمال الدونية. وتم وضعهم في بيوت وأحياء مؤقتة بقوا فيها عشرات السنين وكانت حالتها مأساوية.

وفي كل مجالات الحياة تجد ان اليهود الشرقيين مضطهدون، فنسبة الفقر لديهم أعلى من نسبتها لدى الاشكناز ونسبة التحصيل العلمي أقل ونسبة البطالة اكبر وأحياؤهم تعيسة ومهملة. وشهدت الطوائف الشرقية عدة حالات تمرد على الدولة الاشكنازية، مثل ثورة «وادي الصليب» في أواسط الخمسينات من القرن الماضي (حيث خرج ألوف اليهود الشرقيين ،الذي اسكنوا في حر وادي الصليب في حيفا بعد ترحيل أصحابه العرب، بمظاهرات صاخبة احتجاجا على ظروفهم المعيشية الصعبة وقلة العمل وانتشار الفقر واصطدموا مع الشرطة)، بالاضافة الى حركة «الفهود السود» في مطلع السبعينات من القرن الماضي (لكن هذه الحرمة انقسمت على نفسها واختفت). وقد اختار الحاخام يوسيف ومعه سياسي مخضرم يدعى يتسحاق بيرتس وشاب لامع يدعى أريه درعي، التوجه الى تشكيل حزب مبني على أسس التوراة ومؤلف من اليهود الشرقيين. في البداية حصل هذا الحزب على 4 مقاعد فقط، ولكن عندما حصل عليها كان أكبر حزب ديني وما زال أكبر حزب ديني يهودي حتى اليوم. وخلال هذه الفترة ضاعف شاس من قوته عدة مرات، وله اليوم 12 مقعدا، وفي سنة 1999 حصل شاس وحده على 17 مقعدا (السبب ان الليكود تحت قيادة بنيامين نتنياهو، انهار يومها من 32 الى 19 مقعدا، وتوزعت أصواته ما بين أحزاب اليمين المختلفة).

وقد حرص حزب شاس طيلة هذه المدة على الدخول في كل حكومة تقريبا، لأنه خلال السنوات الماضية أقام مدارس دينية في كل أنحاء اسرائيل ومؤسسات خيرية عديدة وهو يحتاج الى تمويل الدولة لها. ومع ان العديد من قادة هذا الحزب حوكموا وأدينوا بتهمة الاختلاس الرشوة، بمن في ذلك رئيسه المؤسس أريه درعي ووزير الصحة من طرفه، شلومو بن عزري وعدد من النواب، فهذا لم يمنع مؤيديه من التصويت له. بل كان الألوف يأتون الى باب السجن لتوديع القائد عند دخوله أو اسقباله عند خروجه. ويقول النائب عن شاس، دافيد أزولاي، عن سبب هذا التأييد الأعمى، لـ«الشرق الأوسط»: «انه ليس تأييدا أعمى، بل ايمان وثقة. فما تسمونه أنتم الصحافيون اختلاسا، رنما هو الحصول على حقوقنا نحن الشرقيين التي نهبت خلال سنين طويلة. وجمهورنا لا ينظر الينا من خلال ما تكتبونه أنتم في الصحف، أولا لأنه لا يقرأ صحفكم ولا يثق بها وتوجد له صحفه اليومية والأسبوعية، وثانيا لأنه يعرف حقيقة ما نفعله للشارع اليهودي الشرقي. فنحن أقمنا المدارس الدينية شبه المجانية التي يتعلم فيها تلاميذنا وينشأون على تربية أخلاقية رفيعة. تلاميذنا يحترمون معلميهم وأهاليهم وهذا مهم جدا وخاص جدا، مقارنة مع المدارس العلمانية التي يقوم فيها لتلاميذ بضرب معلميهم والتنكيل بأهاليهم. ونحن أقمنا عشرات المراكز التي أنقذت أبناءنا من المخدرات والجريمة. هذه كلها وغيرها خدمات يقدرنا جمهورنا عليها».

* الأحزاب الدينية الأخرى

* مقابل حزب اليهود الشرقيين هناك «يهدوت هتوراه» (وتعني «يهودية التوراة»)، وهو تحالف حزبي اليهود الاشكناز («أغودات يسرائيل» وتعني «جمعية اسرائيل» و«ديغل هتوراه» وتعني «علم التوراة»)، وهو حزب أورثوذكسي متزمت في القضايا الدينية ولا يتدخل كثيرا في القضايا السياسية. وهناك حزب الصهاينة المتدينين «المفدال» (وهي اختصار للإسم «الحزب الديني القومي»)، وهذا حزب كان ذات مرة معتدلا دينيا وسياسيا. ولكنه منذ احتلال 1967 ينتهج سياسة احتلالية استيطانية متطرفة، وهو يقود اليوم المشروع الاستيطاني الكبير في المناطق المحتلة.

الأحزاب الدينية مجتمعة تمكنت من مضاعفة تمثيلها في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). وفي آخر عمليتي انتخاب، سنة 2003 و2006 بلغت الأوج وحصلت مجتمعة على 27 مقعدا، على النحو التالي: «شاس» 12، «يهدوت هتوراة» 6 مقاعد، و«المفدال» 9 مقاعد. وبلغ عدد مصوتيها في الانتخابات الأخيرة 670 ألفا، أي ما يعادل 21% من أصحاب الأصوات السليمة (3.1 مليون مصوت). ويرى الباحث مناحم فريدمان، المتخصص في شؤون الحركات الدينية اليهودية، ان هذا التصاعد في قوة الأحزاب الدينية اليهودية يعود في الجذور الى سياسة التمييز ضد اليهود الشرقيين وخيبة الأمل من الأحزاب التقليدية ويعود أيضا الى التدهور الاجتماعي الحاصل في المجتمع، حيث ان هذه الأحزاب تعطي جوابا مريحا لكل اليائسين في المجتمع. ويضيف لـ«الشرق الأوسط» ان المجتمع الإسرائيلي بشكل عام ليس متدينا، ولكن ازاء الأخطار على يهودية الدولة والتهديدات بإبادتها، تجد الكثيرين من العلمانيين يقتربون من الدين. فحسب استطلاع أجراه معهد غوتمان في تل أبيب قال 91% من اليهود انهم في عيد الأنوار «حانوكا» اليهودي ينيرون الشموع، وقال 75% انهم يمارسون بعض الطقوس الدينية في عيد الفصح وقال 81% انهم يصومون في يوم الغفران يوما كاملا أو قسما من يوم. وهذا مع العلم بأن 74% من اليهود الاسرائيليين يعتبرون أنفسهم غير متدينين.

المشكلة في هذه الأحزاب الدينية، تقول الباحثة أورلي ايلاني، انها تأتي بتقاليد رجعية الى اسرائيل تهدد العديد من المنجزات الديمقراطية. ففي ثلاثة أحزاب منها، هي «شاس» وحزبي «يهدوت هتوراة»، لا توجد ديمقراطية بتاتا. الرئيس الروحي للحزب هو الذي يقرر تركيبة القائمة التي ستخوض الانتخابات باسمه. ولا يحق لأحد الاعتراض.

أريه درعي، مؤسس حزب «شاس»، يرفض اعتبار ذلك غير ديمقراطي فيقول: «إذا أمرني الراب عوفاديا بالتصويت الى جانب نتنياهو فسأصوت الى جانب نتنياهو. وإذا أمرني بالتصويت للفني فسأصوت للفني. فحتى لو كان لدي رأي آخر، أتنازل عنه. القضية أنني أفعل ذلك بإرادتي ولا أحد يجبرني. هذه هي الديمقراطية».

وتتابع الباحثة ايلاني لـ«الشرق الأوسط» ان مشكلة هذه الأحزاب الثانية هي انها تضع مصالحها المالية فوق كل الاعتبارات. ومع انها تبدو قائدة للجمهور وانه يسير وراءها بشكل أعمى، إلا انها تحسب حسابا كبيرا لهذا الجمهور. فها هو الحاخام عوفاديا كان قد صرح ذات مرة انه يفضل التسوية السياسية مع الفلسطينيين لأن الانسان عنده أهم من الأرض. وفقا لهذا التصريح يمكن التوقيع على اتفاق سلام على اساس «خارطة الطريق» من دون اية مشكلة. ولكن الحاخام يوسيف وأتباعه لا يجرؤون على اتخاذ موقف صريح يؤيد هذا السلام، لأنهم يعرفون ان جمهورهم هو من مصوتي الليكود سابقا، فإذا طرحوا سياسة معتدلة، قد يعود الى الليكود.

بيد ان الباحث عيران حايك، المعروف بمواقفه الصدامية ضد المتدينين في اسرائيل، يقول ان هذه الأحزاب تشكل خطرا كبيرا جدا على اسرائيل. وان خطرها يتجاوز الانتماء الديني أو حتى التدين. «انهم سلطة ظلامية مثل طالبان وأسوأ. فقط قبل شهور قاموا باحراق كتب يسارية في بلدة أور يهودا. والفيلسوف هاينريخ هايني قال في سنة 1820 ان المكان الذي تحرق فيه كتب سيحرق فيه أناس آدميون. وسجل عندك ما أقوله اليوم. في سنة 2040 سوف يحرق أناس وليس فقط كتب في اسرائيل».

ولماذا في هذه السنة بالذات، سألت «الشرق الأوسط»: فأجاب: «في هذه السنة 2008 أحرقوا كتبا. في السنة القادمة سيحاولون التدقيق في هوية كل منا لكي يلغوا يهودية من يعتقدون بأنه سجل يهوديا باجراءات غير كافية. وفي سنة 2009 سيصبح عددهم في الكنيست 30 نائبا. وفي سنة 2010 سينجحون في سن عدة قوانين تقيد العلمانيين وتعادي المواطنين العرب في اسرائيل (فلسطينيي 48). وفي سنة 2020 سنرى عصابات مسلحة من هذه الأحزاب الدينية أو بعضها، تقيم ميليشيات تتجول في الشوارع وفي سنة 2025 سوف نراهم يضعون حجر الأساس لهيكل سليمان في باحة الأقصى وستنفجر الصراعات والصدامات في القدس. وتقوم عصابات مشابهة في تل أبيب. وفي سنة 2030 تبدأ عمليات ترحيل للعرب من الجليل، وفي سنة 2035 سيحرقون مبنى الكنيست. وفي سنة 2040 سيكون عدد هؤلاء في الكنيست 60 نائبا (أي 50%)، وسيبدأ بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى».

بالطبع، غالبية المحللين لا يتوصلون الى نتيجة متطرفة الى هذا الحد بشأن نفوذ وتأثير الأحزاب الدينية في اسرائيل. ولكن مما لا شك فيه ان هناك تأثيرا كبيرا وان هذا التأثير لا يطاق في نظر الكثير من الإسرائيليين. فحزب شاس كان مسؤولا ليس فقط عن فشل تشكيل حكومة جديدة بزعامة تسيبي لفني وعن التوجه لانتخابات جديدة، انما كان مسؤولا قبل ذلك عن سقوط حكومة ايهود باراك في سنة 2000 لكي يمنعه من التوقيع على اتفاق سلام مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في كامب ديفيد. وهذا في نظرهم زائد عن الحد. الكاتب الصحافي، شاحر ايلان، يقول لـ«الشرق الأوسط» أن تأثر الأحزاب الدينية عجيب وغير مفهوم. فالأحزاب العلمانية لا تدرك بعد ان هذه الأحزاب تجر البلاد الى عالم التخلف والى حروب أهلية بسبب طريقتها في التفكير وبسبب ما اعتادت عليه في السنوات الأخيرة. ففي الكنيست الحالي كان بالامكان تشكيل حكومة من دونها، وكان هذا سيؤدي الى دفع عملية السلام أكثر والى تجنيب الكنيست سن عدة قوانين متخلفة تدخل في باب الإكراه الديني. ولكن شاس نجح في تعديل قوانين وفرض ميزانيات تجعل مدارسه الدينية تحظى بنفس شروط وميزانيات المدارس العلمانية، مع ان مدارسه خالية من المختبرات ومن المواضيع العلمية التي تستهلك مصاريف باهظة.

وتشير استطلاعات الرأي الى انه في الانتخابات القادمة، سيفوز الليكود والعمل وكديما، أي الأحزاب العلمانية الثلاثة معا، بحوالي 70 مقعدا في الكنيست البالغ عدد مقاعده 120 مقعدا. وبعدد كهذه يكون بالامكان تشكيل حكومة كبيرة وقوية وثابتة من دون المتدينين، ولكن غالبية هذه الأحزاب ستفضل التوجه الى أحد الأحزاب الدينية للتحالف معها. بل ان نتنياهو وعد من الآن أن يكون شاس هو أول حزب يتوجه اليه للتحالف، قبل أي حزب آخر. وينتقد ايلان هذا الابتزاز السياسي، لكنه يؤكد انه لا يقصد بذلك حرمان الأحزاب الدينية من الحكم، بل لا بأس من أن تشارك وتؤثر، و«لكن فقط بمقدار حجمها وقوتها في الساحة السياسية. فما يحدث خلال السنين الأخيرة هو ان هذه الأحزاب تدخل للائتلاف بعد مفاوضات علنية معيبة من أجل زيادة حصتها من المال فتحصل أكثر بكثير مما يحق لها». والمشكلة أنه كما زادت قوة، كانت أخطر على مستقبل اسرائيل والمنطقة.