لبنان.. جولات مكوكية

زيارات سليمان لإعادة الجمهورية إلى دائرة الاهتمام.. وعون يحلم بلحظة عابرة تعيد احتمال وصوله إلى الرئاسة

جولات مكوكية للسياسيين اللبنانيين في محاولات لحل تعقيدات الداخل (أ.ب)
TT

تعرضت أخبار نشاط رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال سليمان خلال زيارته إيران، التي عاد منها مساء الثلاثاء، الى «كسوف جزئي» جراء أخبار زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون لدمشق. وليست المرة الأولى التي يتعرض فيها سليمان الى «سرقة الأضواء» من جانب عون، الذي كان دعّم زيارته إلى إيران عندما كان سليمان في المملكة العربية السعودية، بحملة اتهامات من العيار الثقيل ضد المملكة. وفي حين يتندر المراقبون بإقبال بعض أقطاب السياسة في لبنان على القيام بالزيارات الرسمية، والعمل أحياناً للحصول على الدعوات اللازمة، يشيرون الى ان أكثر الزيارات إثارة للجدل تبقى تلك التي يقوم بها «العمادان» (أي الرئيس ميشال سليمان والنائب ميشال عون) وكأنها محكومة بحركة «مد وجزر» من طرف واحد، ذلك ان رئيس الجمهورية يسعى دائما للابتعاد عن أي جدل يحكم الساحة السياسية الداخلية. ويحرص على عدم الدخول في مهاترات استفزازية يلجأ اليها بعض السياسيين لغايات انتخابية. في حين لا يمكن اعتبار الامر مشابها لدى عون. مرجع سياسي أشار الى ان «سليمان بدأ عهده بالسير على الألغام وبين النقاط. لذا بدأ زياراته الرسمية من حيث يجب، أي من سورية، ليخرج ببيان متوازن يفترض ان يشكل خريطة طريق للتعامل بين البلدين». وذكّر ان البيان المشترك السوري اللبناني لم يستخدم عبارة «الارهاب» ليكتفي بالتطرق الى «الاعمال المخلة بالامن»، ليضيف ان «الزيارة لم تذلل صعوبة العلاقات اللبنانية السورية، فلم يكد حبر البيان يجف حتى بدأت سورية نشر قواتها على الحدود اللبنانية ـ السورية لتعلن الشمال بؤرة للإرهاب وتطلب من سليمان ارسال قوات الى الشمال وتستكملها باعترافات متلفزة تتهم من خلاله فريق الأكثرية بتمويل الارهاب، ليسمع رئيس الجمهورية التطورات من وسائل الاعلام تماما كأي مواطن».

ويصنف المرجع التحضير لاستقبال النظام السوري عون في إطار الصراع الذي لم يعد يخفى على أحد من أجل إضعاف سليمان. ليواجه الأخير هذا الوضع بالتركيز على الدولة في كل تحركاته من دون الاصطدام بالقوى الموجودة من خلال اختياره لمفرداته. ورغم الحذر الذي يتميز به، الواضح ان لديه اولويات لا يفرط بها. كأنه يريد ان يقول لمن يجب ان يسمع ان ميشال سليمان رئيس الجمهورية اللبنانية هو غيره ميشال سليمان قائد الجيش».

ويضيف: «الامر كان واضحا في الرد على سورية من خلال موقف واضح وكأنه يريد ان يدرب الدول على التعامل معه كرئيس لدولة مستقلة. وهو يراهن على الدعم الدولي ليتمكن شيئا فشيئا من فرض المنطق الجديد الذي يجب ان يستبدل المنطق القديم لجهة التعامل مع الافرقاء. سليمان يريد ان يسوق فكرة سورية ولبنان وليس سورية وحلفائها في لبنان، رغم انه لم يكن على خصام مع سورية الا انه يرغب بتغيير الطريقة. من هنا فإن زيارات سليمان ليست هروبا من اوضاع داخلية مقفلة على أزمات تتوالد لتبقى الاوضاع غير مستقرة، سواء على الصعيد الامني او على الصعيد السياسي. وانما هي شراء للوقت لتعزيز صورته في انتظار الوصول الى وضع مؤسساتي جيد».

وينتقد المرجع «خطأ قوى «14 آذار» التي «لم تتفاهم مع سليمان من أجل اعادة بناء المؤسسات، ولم تستطع اخراج الدولة من المحاصصة. وبالتالي تبقى في شباك عدم قطع الخيط مع طرف من اطراف المعارضة أي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يبقى الشريك الابرز في لعبة المحاصصة». ويتوقف عند عدم مشاركة «حزب الله» في حفلة الاستقبال لمناسبة الاستقلال التي أقيمت في 22 الجاري في قصر بعبدا تشير الى الألغام. ويبررها بثلاثة اسباب هي: «ذهاب سليمان الى مؤتمر الاديان في نيويورك. وعدم مشاركة وزير الدفاع الياس المر في الوفد الرسمي إلى إيران. ووضع سليمان المقاومة في كلامه تحت غطاء الدولة وحرصه على عدم إعطائها أي مرجعية من خارج الدولة، مع ان الحزب يتصرف على اساس ان مشروع المقاومة له اولوية على الدولة».

والاهم كما يوضح المرجع «يبقى إرباك سليمان لمصلحة عون وذلك بالتنسيق مع سورية». ويقول: «سورية تلعب على المكشوف. فهي تستخدم مثلا دروز السويداء لإضعاف النائب وليد جنبلاط، او للتأثير عليه. ترتب زيارات لوئام وهاب والوزير طلال ارسلان واخيرا سمير القنطار. قرارها واضح أنها لا تريد التعامل مع لبنان كدولة». ويضحك المصدر عندما يستذكر قول عون انه ذاهب الى سورية كما ذهب الرئيس الفرنسي الراحل الجنرال شارل ديغول الى المانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ويشير الى أن «ديغول لم يذهب الى دولة لديها حلفاء وخصوم في بلاده. من هنا تبدو زيارة عون لسورية خير ترجمة لصراعه المكتوم حتى الآن مع ميشال سليمان. كما ان عون لا يمشي مع السوريين اذا لم يكن موعودا بثمرة هذه الزيارة». يبقى ان سليمان يهدف الى وضع حدود للعلاقات الدولية وتنظيمها بما يخدم المظلة الاساسية لرئاسة الجمهورية من خلال زياراته بمعزل عما يحدث «وراء ظهره» ليطوي بذلك صفحة 30 عاماً من عصر الدويلات. الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون يعتبر ان «الزيارات التي يقوم بها مسؤولون لبنانيون بصفة رسمية او غير رسمية تعكس جدل الدولة والساحة. ذلك ان بعض المرجعيات السياسية تريد لبنان الدولة، في حين ان البعض الآخر يريد لبنان الساحة. ورئيس الجمهورية ميشال سليمان يقوم بهذه الزيارات في إطار صراعه مع الساحة. فهو لم يملك حتى تاريخه أدواته الداخلية كرئيس للجمهورية. ليس لديه كتلة نيابية او تيار شعبي، لذا يستعين على الساحة بالعلاقات الدولية، فهي مدخله لإخضاع الساحة ولمها وضمها الى الدولة». ويضيف: «سليمان مضطر للذهاب الى فرنسا وسورية وواشنطن والسعودية وايران ومصر والفاتيكان ليقول لمسؤولي هذه الدول ان التعامل يجب ان يتم من خلاله».

وفي حين لا تعني هذه الزيارات ان سليمان نجح حتى اليوم، الا انها تعكس نظرته كشخص مسؤول يطلب من المجتمع الدولي إعادة النظر في التعامل مع الدولة اللبنانية من جهة، إضافة الى إعادة النظر بتعامل الساحة مع الخارج من خلال الدولة اللبنانية. وبالتالي تشكل الزيارات رسالة مزدوجة للداخل والخارج.

عضو اللجنة التحضيرية للحوار الوطني في القصر الجمهوري، استاذ العلاقات الدولية الدكتور عدنان السيد حسين يقول لـ«الشرق الاوسط»: «الزيارات الدولية التي يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان تهدف الى طرح القضية اللبنانية في أولوياتها على الصعيد الدولي بعد غياب رئاسة الجمهورية عن دورها المنوط بها في المجتمع الدولي، مع الإشارة الى أن رئيس الجمهورية يتمتع بالصلاحيات الواسعة في السياسة الخارجية على عكس الصلاحيات الداخلية التي يتولاها مجلس الوزراء مجتمعا.

ولكن الاشارة الأهم هي ان زيارات سليمان لا تهدف الى الاستقواء بالخارج على الداخل. ولا ترمي الى أكثر من اعادة التأكيد على استقلال لبنان ووحدته وتثبيت أمنه بمواجهة اسرائيل والإرهاب. كما تهدف هذه الزيارات الى تحريك العجلة الاقتصادية في لبنان ومعالجة أمور الدين العام وتفعيل التنمية والحد من هجرة الشباب». ويضيف: «من ثم شملت زيارات رئيس الجمهورية غالبية القوى الدولية والاقليمية في الساحة اللبنانية. وهذا ينسجم مع مبدأ الرئاسة التوافقية التي انتخب على اساسها. الا ان كل هذه الاهداف لا تزال معلقة بانتظار تحويلها الى سياسات في الداخل والى مشاريع قوانين تأخذ طريقها عبر الحكومة الى مجلس النواب، انطلاقا من ان التركيبة اللبنانية تقوم على تكامل المؤسسات في النظام البرلماني».

النائب السابق فارس سعيد يقول: «انتخب سليمان رئيسا وهو في عين العاصفة الاقليمية والدولية. وبالتالي فقد أتى في مرحلة انتقالية. اما الجهات الاقليمية التي كان لها الحصة الاكبر في انتخابه فهي مصر ومن ثم المملكة العربية السعودية. كذلك ارتضت سورية بذلك على قاعدة انها على علاقة جيدة به. ولم يكن للدور الايراني أي مكان في هذه الاسباب. فقد تولت الدول العربية تسويق سليمان لدى المجتمع الدولي بضمانتها».

ويضيف: «زيارات سليمان تهدف اولا الى اعادة رئاسة الجمهورية كمؤسسة الى دائرة الاهتمام الدولي بعد ان استقطب رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة بهذا الاهتمام خلال السنوات الثلاث الماضية. حتى بات الاميركيون يتكلمون عن Sanioura government. والهدف الثاني هو اعادة لبنان الى دائرة الاهتمام الدولي، ولعل زيارة سليمان الى نيويورك للمشاركة في مؤتمر حوار الاديان والثقافات كانت الأبرز على هذا الصعيد».

كذلك يعتبر سعيد ان «ان سليمان يحاول كسب الدعم العربي والدولي من جهة وإبعاد خطر الانفجار الداخلي عن لبنان من جهة ثانية، والمسؤول عنه المحور الإيراني ـ السوري».

اما عن العقبات التي تواجه هذه الزيارات فيقول السيد حسين: «العقبات امام هذه الزيارات تأتي من الداخل كما من الخارج، فاللبنانيون لم يوجدوا لبنان الساحة بمفردهم. وانما وجد نتيجة تفاعل العوامل الخارجية والداخلية في العقود الماضية. زيارات رئيس الجمهورية بقدر ما تخفف من التأثير السلبي للعوامل الخارجية في الداخل، بقدر ما تصل الى تحقيق الاهداف المشار اليها. تبقى نقطة لا يمكن تجاهلها، وهي أن رئاسة الجمهورية تحتاج الى تعاون من السلطتين التشريعية والتنفيذية حتى تتحول مؤسسة فاعلة. وتحتاج ان يحترم السياسيون الممارسون هذه العلاقات حسب الدستور والقوانين النافذة لا حسب المنافع والمصالح الشخصية».

يقول بيضون: «تعطي هذه الزيارات الشرعية الدولية للدولة اللبنانية. لكن يبقى الاهم ان يتوافر الاستعداد الداخلي. أي ان يتمكن سليمان من بناء المؤسسات اللبنانية وانتزاعها من المحاصصة التي لا تزال على وضعها بعد ستة اشهر من استلامه السلطة. اللعبة لا تزال لعبة اشخاص. مع الاشارة الى ان الاشخاص يتأرجحون بين القوة والضعف».

ويشدد السيد حسين على انه «اذا لم تتعاون المؤسسات الثلاث، أي رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب، فإن الزيارات للخارج على أهميتها تبقى محدودة التأثير. وسليمان أعلن في أكثر من مناسبة انه يريد بناء دولة. وفي رسالة الاستقلال التي وجهها الى الشعب اللبناني، حدد الدولة المدنية. ويجب وضع أكثر من خط تحت عبارة الدولة المدنية التي تقوم على أساس المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين، وليس على المحاصصة والطائفية والازلام والمحاسيب واغراق البلد في الدين العام لمصالح شخصية وتهديد المؤسسات العامة بالتعطيل او التدمير».

ويفنّد السيد حسين آلية الزيارات السياسية الى الخارج وفق ما تنص عليه أصول العلاقات الدولية، فيقول: «يملك رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة في السياسة الخارجية. وهو الناظم الأول لهذه السياسة بدليل أن أي معاهدة دولية لا تصبح نافذة من دون إشراف الرئيس وتصديقه عليها. بعد ذلك يأتي دور الحكومة عبر رئيسها او عبر وفد رسمي او عبر وزير الخارجية. اما باقي الزيارات فهي علاقات شخصية ويجب ان تتم على مستوى محدد، بمعنى ان ممثل السلطة التشريعية في بلد ما يوجه دعوة الى السلطة التشريعية في بلد آخر. او ان يدعو حزب حزبا مماثلا. وليس مخولا لأي شخص خارج إطار الحكومة عقد صفقات». المرجع السياسي يقرأ الزيارات الخارجية للعماد ميشال عون من زاوية أخرى. غير علمية ربما، ذلك انها أقرب الى «القراءة البسيكولوجية» يقول: «عون يتصرف وكأنه لا يزال يحلم بلحظة ضائعة من الزمن تعيد احتمال وصوله الى سدة الرئاسة. كأنه بانتظار ظروف قاهرة او تعديل دستوري اذا حصلت المعارضة على الأكثرية. ففي ذهن عون انه بواسطة الدعم السوري سيصل الى سدة الرئاسة. وبواسطة السلاح الشيعي سيعيد الصلاحيات الى المسيحيين، لذا يستخدم البروباغندا ضد المسلمين السنة. بكلام آخر يريد ان يجلب سورية لتهزم السنة وتزيحهم من طريقه. ومن ثم سيجلب الاسرائيليين ليهزم سورية. وبالتالي هو سيعيد المسيحيين الى حفلة جديدة من حفلات التهجير». ويضيف: «زيارة عون لإيران هي زيارة دعائية، ذلك ان التكريم الحقيقي لأي ضيف يزور إيران يكون باستقبال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي له. وخامنئي لم يستقبل عون، لذا فإن الهدف الاول للزيارة هو تمويل ايران انتخابات عون النيابية. ومن خلال حزب الله تصله المبالغ المطلوبة».

اما عن زيارة عون لسورية فيقول: «هدفها بالنسبة اليه تكريس نفسه ضمن محور الحلفاء، بعد أن مهّد لهذا التكريس من خلال تبنيه السياسة الايرانية ـ السورية في لبنان. اضافة الى خطة اضعاف ميشال سليمان. ولعل التسريبات التي تنسب الى مصادر مطلعة عن الزيارة المفترض ان تتم في يوم غير محدد حتى تاريخه من أيام الاسبوع المقبل، تشي بأهدافها غير المعلنة، وذلك من خلال الحديث عن الاستقبال الشعبي غير المسبوق الذي يجري إعداده لعون في دمشق، وعن وسيلة السفر في طائرة تقلّه مع الوفد المرافق، على أن يسبقه الى هناك وفد أمني وآخر إعلامي في إطار الإعداد لهذه الزيارة التي ستتضمن «حجاً» الى الاماكن المسيحية الأساسية في سورية، منها زيارة مقام القديس بولس وموقع «هامة مار مارون» عدا افتتاح كنيسة وما إلى ذلك».

يبقى السؤال: من دعا ميشال عون الى سورية؟ هو يقول انه وعد وزير الخارجية السوري وليد المعلم بالزيارة ويرغب بالوفاء بوعده. لكن بأي صفة يدعوه وزير الخارجية؟ المفروض ان تأتي الدعوة من شخص يماثله.

كيف وصلت الدعوة؟ أي قنوات سلكت؟ هل هذا سلوك رجل دولة ام رجل ساحة؟ يجب ان تأتي الدعوة من جهة تمثل في سورية ما يمثله الجنرال عون في لبنان.

ما هي اهداف الزيارة؟ مرة يقول عون انها لقاء لتنقية الوجدان. مرة ثانية يقول انها للتعارف. فهو يريد ان يتعرف الى السوريين ويتعرفوا هم عليه بعد ان تعرفوا الى جميع سياسيي لبنان وتعاملوا معهم. وبالتالي هو الوحيد الذي لا يعرفه النظام السوري. ومرة يقول انه ذاهب لاستعادة مفتاح بيروت، او لتسلّم معتقلين في السجون السورية او بعض الرفات، او للمساهمة في تأسيس علاقات متوازنة معها. يقول بيضون: «كل هذه الاهداف تفيد الساحة والموقع السياسي الخاص لعون. لكن المقياس لكل زيارة يقوم بها مسؤول الى دولة ليس في كل هذه الاهداف. وانما يجب ان تهدف الزيارة الى تحقيق فائدة للدولة». سعيد يقول: «الارباك الذي يطاول سليمان من زيارة عون الى سورية مرجعه اظهار النظام السوري وكأنه يحمي تحالف الاقليات، تماما كما فعل، مطلع الحرب اللبنانية في العام 1975، عندما دعم «الجبهة اللبنانية» ومهّد من خلالها لدخوله الى لبنان بحجة ان هذا النظام يدعم المسيحيين. من هنا يريد النظام السوري ارساء معادلة قوامها ان سليمان هو الرئيس الإداري. اما عون فهو زعيم الموارنة، كما يحاول هذا النظام عقد حلف مع أحد الرموز الدينية المسيحية ليحكم قبضته على القرار المسيحي بمواجهة المسلمين السنة. ولا إحراج لدى ميشال عون بتبني هذه الخطة. الا ان الاحراج يصيب ميشال سليمان الذي يحظى بإجماع وطني لبناني من المسلمين والمسيحيين، وبالتالي تعرف سورية فشلها اذا حاولت اقناع سليمان بتبني هذه الخطة، لذا تسعى اليوم الى تكليف عون بها لتصوره أهم من الاسكندر المقدوني من خلال افتتاح كنيسة او تقديم بعض المعتقلين اللبنانيين في سجونها ليعود بهم منتصرا الى لبنان. وكأنه يقول على طريقة شافيز للمجتمع الدولي: نحن أدرى بمن يحمينا من خلال تحالفاتنا. الا ان عون كالعادة يختار التوقيت غير المناسب، تماما كما فعل عام 1988 عندما تحالف مع صدام حسين. واليوم ها هو مع أحمدي نجاد وبشار الاسد، وذلك بمواجهة الشارع المسيحي الذي لا تخطئ بوصلته. فأي تقارب من النظام السوري تثير الحساسية في المجتمع المسيحي حتى لو غلف التقارب بكمية من الإغراءات. فالموضوع السوري يثير حساسية أكثر من الموضوع الإيراني».

وعن إمكانية إطلاق سراح معتقلين في السجون السورية بالتزامن مع زيارة عون، يقول سعيد: «إذا أعطى النظام السوري معتقلين الى عون فهذا لا يعني الا أمراً واحداً وهو ان سورية تسعى الى إضعاف سليمان وإرباكه. وهي كانت قد أربكته من خلال نشر جيشها على الحدود وتلكئها في حسم أمر التمثيل الدبلوماسي ليقتصر على قناصل من دون سفير، والاعترافات المتلفزة وفرض المجلس الاعلى السوري ـ اللبناني كواقع بديل عن علاقة سليمة بين دولتين. ما يؤدي الى احراج الرئيس اللبناني أمام المجتمع الدولي والدول العربية».