رسائل إلى ب.ب

غسان الإمام

TT

إلى ب.ب. مع حبي أبنتَ الدهر عندي كل بنتٍ فكيف وصلتِ أنت من الزحامِ؟! ـ المتنبي ـ

* سيدتي. أرسل إليك هذا الـ «إي ـ ميل». أشكرك باسم خنازير العالم. نحن شعب مضطهد. مظلوم. احتجاجك على قتل جاليتنا «الخنازيرية» في مصر أشعرني بأننا، نحن الخنازير، تساوينا في الحقوق مع الحمير والكلاب التي تربِّينها وتدافعين عنها.

سيدتي، أنتِ بالطبع لا تأكلين لحم الحمير. لكنك بالتأكيد تلتهمين لحم شعبي الذي تدّعين الدفاع عنه! في كل يوم، يُساق إلى المسالخ عندكم مئات الخنازير. تُخنق. تُطبخ. تُشْوي. تُدخن. تتحول إلى طبق «شوكروت» فاخر في مطاعمكم، أو إلى قطعة «جامبون» تتسلَّين على مائدتك بفصل دهنها وشحمها عن لحمها. كلما غرزتِ شوكتك في قطعة منها، أشعر بألم الغرزة في لحمي أنا.

سيدتي، أرجوك أن توقفي هذه المجزرة «خنزير»

* جميلتي ب.ب.

كان مربّو الخنازير أيام زمان أكثر رعاية لنا من «الخنازير» الذين يربوننا اليوم. كانوا ينصبون شاشات في حظائرنا. يعرضون أفلامك علينا. يشجعوننا على ممارسة الجنس. كلما تكاثرنا، نحن الخنازير، ازدهرت أرباحهم وتجارتهم بنا.

بريجيت. كنتِ جميلة. شهية. أكثر مما كنتِ ممثلة. كنتُ كلما شاهدتك ملتُ على رفيقتي «سالي» الخنزيرة. أختطف قبلة.

«خنزير»

* حلوتي ب.ب.

أرجوك أن تناضلي من أجل إنقاذ «سالي». هل تعرفين أين «سالي» الخنزيرة؟ «سالي» لم تذبح في مصر. أميركا أفرجت عن إرهابيي ابن لادن، وساقت سالي إلى حظيرة غوانتانامو. سالي متهمة بمحاولة إصابة أوباما بإنفلونزا الخنازير، خلال زياراته الأخيرة إلى المكسيك.

«خنزير»

* عزيزتي ب.ب.

تقول منظمة الصحة الدولية إننا، نحن الخنازير، لا ننقل المرض إلى الإنسان. تصوَّري أن الإنسان هو الخطر الأكبر على الخنازير. في كندا، نقل عامل مصاب بالإنفلونزا المرض إلى الخنازير في الحظيرة التي يعمل فيها. من حسن الحظ أن العامل وخنازير كندا تماثلت الآن إلى الشفاء. كندا دولة تحترم حقوق الإنسان والخنازير. إذا مرضت كندا عطست علنا. هناك دول تعطس. تمرض. تفلس. تموت في الصمت.

«خنزير»

* صديقتي ب.ب.

قرأت في الصحف أن صديقي أفيغدور ليبرمان زار أوروبا منذ أيام. أدهشني أن بعض الرؤساء رفضوا استقباله. وزراء الخارجية الذين استقبلوه كانوا يضعون كمامات على أفواههم، وقفازات في أيديهم.

إسرائيل أصيبت بسرعة بإنفلونزا الخنازير. هناك حالتان إسرائيليتان مؤكدتان. لا أعرف إذا كان ليبرمان إحدى الحالتين. كنت أتمنى عليك أن تستقبليه. تطبعي قبلة على وجنتيه. أشعر أنه قريب جدا من شعبنا. العرب يشتهون بإصابته بإنفلونزا الخنازير. مشكلته أنه ينبح كثيرا. كلما نبح عطس. كلما عطس، أصيب بنوبة سُعال. كلما سعل أصيب بإسهال في التصريحات. طبيبه نتنياهو ينصحه بوضع منديل على فمه لِفَلْتَرَةِ كلامه.

أصارحك، سيدتي، أنا لا أحب عباس وعريقات. لكن من باب الوقاية، لا أنصحهما بمفاوضة نتنياهو ومصافحة ليبرمان.

«خنزير»

* حبي ب.ب.

نحن الخنازير أبرياء. حملونا اسم جرثومة الإنفلونزا ظلما. هي دلّوعة مثلك. تنتظر مَنْ يحملها. ينقلها. يحتضنها. قد لا تحبه. لا تصيبه بالعدوى. لكن قادرة أن تقفز منه إلى من يروق لها غيره.

لمسة حنان كافية. مصافحة. قبلة. إذا تسللتْ سكنت الجلد. تكاثرت في خلاياه. كل همها أن لا يتناول المريض علاجا. لا يزور طبيبا. تقضي عليه خلال أيام لتحتضن حبيبا آخر.

«خنزير»

* خبيثتي ب.ب.

أعرف أنك من أنصار العزيز لوبين. أنا أحبه أيضا. فهو يعتبر كل المهاجرين خنازير مثلنا. أعترف أننا، نحن الخنازير، شعب جاهل. بليد. غبي. قبيح. لا يؤمن بالنظافة. أنتم، بني الإنسان، لا تريدون الموت باكرا. التكاثر لوث البيئة. التلوث أنجب جراثيم لا تخطر على البال. أمراضا لا يعرف الطب لها دواء.

الإنفلونزا، خبيثتي الفاضلة، تنقذ البشر من البشر، الموت بالإنفلونزا راحة. لا يعرف المصاب أهو صحيح فيُرجى، أم ميت فيُنعى. فتكت الحرب العالمية الأولى بعشرة ملايين إنسان. الإنفلونزا أكملت المهمة. فتكت بعد الحرب بعشرين مليون مصاب. تصوَّري! كان بينهم الوزيران سايكس وبيكو اللذان وزعا وطن العرب حظائر على إنجلترا وفرنسا.

صديقك لوبين عرف من العرب صدام فقط. لم يعرف لوبين المتنبي. كان أول من وصف إنفلونزا الخنازير:

وزائرتي كأن بها حياء فليس تزور إلا في الظلام بذلتُ لها المطارف والحشايا فعافتها وباتت في عظامي نجا المتنبي من الخنازير. لكن شاعر العرب الأكبر مات مقتولا برماح العرب .ب.ب.أنتِ خبيثة كحبيبة المتنبي:

وإن حَقَدَت لم يبق في قلبها رضى وإن رضيت لم يبق في قلبها حقدُ جميلتي ب.ب. قبلة منى إليك.

«خنزير»