مصر والجزائر: الرياضة سياسة

دربي شمال أفريقيا وتراجيديا «يونيو» يسيطران على المصريين والجزائريين

TT

التوقيت هو سر الكوميديا. لذلك حين رفعت الحاجة كريمة كفيها بالدعاء للمنتخب الوطني المصري بينما تودع ابنها شادي وهو في طريقه إلى مطار القاهرة الدولي مسافرا إلى إحدى الدول العربية، بدا الأمر مفارقا. وبين الدموع تسللت ابتسامة كانت تعني «إحنا في إيه ولا في إيه؟». لكنها تشفق عليه من مشاهدة المباراة وحيدا، إذ تعلم قدر التوتر والضغط العصبي الذي سيتعرض له طوال تسعين دقيقة يعلن عن بدايتها الحكم الجنوب أفريقي دانيال بينيت يوم السابع من يونيو «حزيران» المقبل. ورغم أن أشياء عديدة تجمع المصريين بأشقائهم في الجزائر، إلا أن دربي شمال أفريقيا، كما أطلق عليه الموقع الرسمي لـ«الفيفا» هو أحد أكثر دربيات القارة السمراء حساسية. هل توجد أسباب؟ طبعا. رأسية حسام حسن، وسلوك إبراهيم حسن، وعين الطبيب المصري أحمد عبد المنعم، وهدف بزاز، وهذا هو سر الدراما: التاريخ.

في عام 1954 حضر إلى مصر مزياني مسعود وهو شاب جزائري ألح في طلب مقابلة الرئيس جمال عبد الناصر. كان مزياني مسعود هو نفسه أحمد بن بيللا. وخلال شهر أكتوبر «تشرين الأول» ظل عبد الناصر يسأل عن أخبار الجزائر لكن لم يكن هناك جديد. ومع أول نوفمبر «تشرين ثاني» طيرت وكالات الأنباء أخبار الثورة الجزائرية، وفتح عبد الناصر أبواب المساعدة بلا حساب. وقد كان هذا سببا رئيسيا لمشاركة فرنسا في العدوان الثلاثي على مصر.

يقول محمود معوض رئيس قسم التطوير بإحدى الشركات الخاصة «أنا مش قادر أفهم الناس دول بيعملوا كده ليه.. أمال لو ما كناش إحنا اللي حررناهم كانوا عملوا إيه؟.. ومش في الكورة بس في كل الألعاب».

خلفت هذه الوقائع التاريخية شعورا عميقا لدى المصريين بوحدة المصير، لكن وكشأن كل المشاعر الإنسانية خالطها إحساس بالتفوق. إلا أن نتائج المباريات الأولى لم تترجم هذا الشعور واقعا حيا ينتشي المصريون به. فقد خاض المنتخب المصري في عام 1963 أولى مبارياته أمام الجزائر بعد استقلالها، وقد كان أول منتخب عربي يزور الجزائر حينها، حيث انتهت المباراة الأولى بالتعادل الإيجابي بهدف لهدف، وانتهت المباراة الثانية التي أقيمت بعد ثلاثة أيام بهدفين لمثلهما. صحيح أن المنتخب المصري تفوق في مباراة القاهرة عام 1964 والتي جاءت كرد على الزيارة الأولى بهدف وحيد، غير أن التعادل الإيجابي في الإسكندرية كرس لفكرة الندية التي حكمت العلاقة بين المنتخبين حتى اليوم، خاصة أنه في العام نفسه كانت مصر قد تعادلت مع البرازيل وهي من هي في عالم كرة القدم، بهدف لكل فريق في أوليمبياد طوكيو.

وتأتي مباراة السابع من يونيو (حزيران) المقبل في إطار التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، ضمن المجموعة الثالثة التي تضم كلا من مصر والجزائر وزامبيا ورواندا. وبعد جولة أولى لم تكن موفقة بالنسبة للمنتخب الجزائري بعد تعادله السلبي مع رواندا على أرضها. لكنها كانت كارثية بالنسبة للمنتخب المصري بعد تعادله على أرضه ووسط جمهوره ليفقد بذلك نقطتين غاليتين في بداية مشواره ويهدر فرصة الانفراد بقمة المجموعة أمام 70 ألف متفرج.

حين أعلنت نتائج قرعة تصفيات كأس العالم، استبشر المصريون خيرا، على الرغم من أن القرعة جاءت بالمنتخب الجزائري. فالذكرى السعيدة التي جمعت المصريين بالجزائر في تصفيات 1989 حيث فاز المنتخب الوطني المصري على نظيره الجزائري بهدف من رأسية لحسام حسن، هذه الذكرى غالبت حساسية المباراة وصعوبتها حتى غلبتها فباتت الجماهير المصرية تستعد للاحتفال بالتأهل. خاصة في ظل ضعف المستوى الفني للفريقين الآخرين زامبيا ورواندا كما تصور الجميع حينها.

الحاج سعيد، صاحب أحد المقاهي القاهرية، بدأ استعداداته مبكرا برفع الأعلام المصرية والإعلان عن عروض خاصة وجوائز مقدمة من المقهى في حال فوز المنتخب الوطني. يقول الحاج سعيد «مش دعاية، حتى لو اتذاع الماتش على الأرضي زبون القهوة ما يستغناش عنها.. الماتشات دي ليها طعم تاني هنا.. وإن شاء الله ربنا هيكرمنا».

وعلى الرغم من كون المباراة خارج مصر فإن ظاهرة شراء العلم والطاقية التي بدأت مع نهائيات كأس الأمم الأفريقية بمصر 2006 تواصل رواجها ومنذ الأول من يونيو «حزيران» انتشر الباعة الجائلون يحملون الأعلام المصرية في شوارع القاهرة، رجب، وهو واحد من هؤلاء الباعة.. «يا عم خلينا ناكل عيش هنا ولا هناك ربنا هو اللي بيرزق». كان هدف حسام حسن التاريخي في مرمى الجزائر على ملعب استاد القاهرة في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 هو الطريق لإيطاليا بعد غياب 56 عاما، لتشارك مصر في النهائيات للمرة الثانية في تاريخها.

رأسية حسام حسن التي جاءت في الدقيقة الرابعة من الشوط الأول حرمت المنتخب الجزائري من المشاركة للمرة الثالثة على التوالي في نهائيات كأس العالم. كما حرمت الطبيب المصري أحمد عبد المنعم من الرؤية بإحدى عينيه.

يؤكد أحد خبراء الكرة المصرية، الذي فضل عدم ذكر اسمه، وهو الأمر الذي يؤكد الشعور العام بحساسية اللقاء، أن اللاعب الجزائري عنيف بطبعه، ويضيف «نحن لا نعترض على الرجولة في الأداء لكن شرط ألا تصبح خشونة متعمدة الهدف منها تشتيت اللاعب المصري واستفزازه وهو أكثر ما يخيفنا في اللقاءات المصرية الجزائرية». ويؤكد آخر أن السبب الرئيسي في حساسية اللقاء هو التقارب الفني في طريقة أداء الفريقين، فالمنتخب المصري كنظيره الجزائري يعتمد على التنظيم الجيد والضغط والدفاع المنظم في وسط الملعب لإحكام السيطرة على مجريات المباراة، هذا التشابه يزيد من الحساسية وفي بعض الأحيان يتسبب في احتكاكات بعضها يكون متعمدا لإخراج اللاعبين عن تركيزهم، وهي سمة لعب شمال أفريقيا وليس الجزائر فقط».

ويضيف «لاحظ أن هذه الاحتكاكات تحدث فقط في حال تقدمت فرق شمال أفريقيا.. فهي تلجأ في هذه الحالة للدفاع القوي وتبدأ في إضاعة الوقت بالطرق التي تعودنا عليها من زمن.. أتمنى أن يحافظ لاعبونا على تركيزهم داخل الخطوط وألا يستجيبوا للاستفزاز سواء داخل الملعب أو من الجمهور».

* كانت الفرحة المصرية عارمة خاصة أن تلك المباراة كانت الجولة الأخيرة للتصفيات، ونتيجتها تحدد مباشرة صعود أحد المنتخبين إلى النهائيات. مظاهر الفرحة طالت الفندق الذي نزل به أعضاء البعثة الجزائرية وهو ما اعتبروه استفزازا لمشاعرهم وكانت أحداث الشغب التي أودت بعين الطبيب المصري.

كان الأخضر بلومي قد صعد إلى غرفته التي حملت رقم 122، ووفق روايته لم يشهد أعمال الشغب، لكنه كان المتهم الوحيد في القضية فاستدعي إلى قسم الشرطة حيث تم التحقيق معه بتهمة التسبب في عاهة مستديمة لمواطن مصري.

خرج البلومي بضغوط من الاتحاد الجزائري بكفالة وعاد إلى الجزائر. لكن الحكم الذي صدر غيابيا بإدانته، قضى بالسجن مدة خمس سنوات على صاحب الكرة الذهبية الأفريقية في عام 1981، وقد وضعت مصر اسمه على لائحة المطلوبين فلم يتمكن من مغادرة الجزائر منذ عشرين عاما.

وبينما كان الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء المصري في زيارة رسمية للجزائر في مارس «آذار» من العام الماضي أثيرت قضية الأخضر بلومي من جديد. وكان ذلك مؤشرا على قرب انفراج القضية. وهو ما حدث فعلا في أبريل «نيسان» الماضي، حيث أعلنت الصحف الجزائرية عن تنازل الطبيب المصري عن القضية وهو ما يفتح الطريق أمام إسقاط اسم اللاعب من لائحة الإنتربول ويسمح للأخضر بلومي باستعادة حريته من جديد.

الإعلامي مدحت شلبي، المتحدث الرسمي لاتحاد الكرة المصري، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «التصالح تم فعلا، أحمد عبد المنعم مشكورا تنازل عن القضية». كان البلومي خلال أمسية أقيمت بمناسبة تكريم الفائزين بجوائز جريدة «الهداف» الجزائرية، قد فاجأ الحضور بالصعود إلى منصة التتويج لتكريمه كرمز من رموز الكرة الجزائرية خلال الثمانينات، رافعا العلمين المصري والجزائري. بينما حرص السفير المصري على تسليمه الجائزة بنفسه. ويعد طي ملف البلومي خطوة أولى ضمن مساعي البلدين للتخفيف من حدة التوتر الذي ستشهده المباراة القادمة، وتفاديا لما يمكن أن يحدث من أعمال شغب تعيد إلى الأذهان ما حدث في لقاء الفريقين في تصفيات كأس العالم 2002.

كان المنتخب المصري قاب قوسين أو أدنى من التأهل للمرة الثالثة في تاريخه على حساب المنتخب السنغالي. شرط أن يحقق فوزا كبيرا على المنتخب الجزائري، وكانت الجولة الأولى بين الفريقين مبشرة للغاية فقد انتهت المباراة بفوز مصري هو الأكبر في تاريخ لقاءات الفريقين بخمسة أهداف مقابل هدفين.

غير أن مباراة العودة في «عنابة» قد شهدت أحداث شغب أدت لتوقف المباراة فترة طويلة بعد أن أمطر الجمهور الجزائري المنتخب المصري بوابل من زجاجات المياه. وقد انتهت بتعادل الفريقين بهدف لكل منهما. وكان الهدف المصري من ركلة جزاء تصدى لها المهاجم المصري أحمد حسام «ميدو» الذي سيغيب عن اللقاء القادم بسبب خلافه مع المدير الفني المصري «المعلم» حسن شحاتة.

وفي حواره مع جريدة «الهدف» الجزائرية أكد عمرو زكي نجم هجوم المنتخب المصري المحترف في نادي «ويجان» الإنجليزي أن «مصر ستفوز بأي 11 لاعبا» وأضاف «لم أشارك في مونديال العالم من قبل وأدعو الله أن تتأهل مصر لمونديال 2010 بجنوب أفريقيا وهذا لا علاقة له بالمنتخب الجزائري على الإطلاق لأن مصر تريد التأهل للمونديال وهو حق مشروع».

غياب ميدو ربما يخفف من حدة التوتر خاصة بعد أن تناقلت وسائل الإعلام الجزائرية تصريحات على لسانه وصف فيها الشغب الجزائري بـ«الإرهابي». لكنه ضمن مساعي تلطيف الأجواء كان قد نفى تلك التصريحات في حوار مع جريدة «الهدف» الجزائرية.

لم يبق في الأذهان غير الأحداث المؤسفة التي كان بطلها إبراهيم حسن، توأم حسام حسن، والتي وقعت ببجاية في إطار لقاء فريق المصري البورسعيدي مع شبيبة بجاية في إياب الدور نصف النهائي لبطولة الأندية أبطال الكأس. كان إبراهيم حسن، الذي شغل منصب مدير الكرة بالنادي، قد اعتدى على حكم المباراة وعلى الحكم الرابع، كما استفز مشاعر الجماهير عندما وجه لها إشارات خادشة. ولعل القرار السريع بإقالة الجهاز الفني للنادي المصري قد أسهم في احتواء الأزمة. ويشكك الإعلامي مدحت شلبي في جدوى تلك المساعي، ويضيف «المباراة عصيبة، وهي بطولة خاصة يدخلها الفريقان وقد خسر كلاهما نقطتين غاليتين في مشوار التأهل. تصريحات المسؤولين جيدة جدا وأنا شخصيا صديق لرئيس الاتحاد الجزائري محمد روراوة وهو رجل محترم لكن تصريحات المسؤولين لا دخل لها بسلوك الجمهور».

ويؤكد شلبي على أن الفريق المصري إذا كان يرغب في الوصول للنهائيات فعليه أن ينتصر في اللقاء القادم أمام الجزائر.. «هذا لقاء حاسم ومصيري، وفي تقديري أن الفريق الرابح هو الذي سيمثل القارة عن المجموعة الثالثة. فريق الجزائر فريق محترم به 13 محترفا في أندية أوروبا. وهم راغبون في التعبير عن أنفسهم بقوة».

ويضيف شلبي «لا يمكن التكهن بنتيجة المباراة، لكنها ستأتي قوية بلا شك من جانب المنتخب الجزائري الذي يرغب دائما في إثبات تفوقه على الفريق المصري». غير أن قرار سلطات الأمن الجزائرية بمنع القصر ممن هم دون سن السادسة عشرة من حضور اللقاء المرتقب على استاد مصطفى تشاكر الذي يتسع لـ 45 ألف متفرج جاء ليؤكد حساسية المباراة رغم ما يبذل من جهد لاحتوائها. كما جاءت تصريحات رابح سعدان المدير الفني الجزائري، التي طالب فيها السلطات الجزائرية بحمايته من غضب الجماهير إذا جاءت نتيجة المباراة سلبية بالنسبة لفريقه، لتؤكد أنه رغم العثرة التي تعرض لها المنتخب المصري في الجولة الأولى فإنه الأكثر حظا في التأهل. فهذا الجيل من اللاعبين هو الجيل الذهبي للكرة المصرية.

بدورهم سيتابع الجزائريون باهتمام بالغ المقابلة الكروية بعد غد بملعب «مدينة الورود» البليدة (50 كلم جنوب العاصمة)، التي تشهد حاليا استنفارا أمنيا غير مسبوق، حيث نشرت السلطات عددا كبيرا من رجال الأمن في المدينة، تحسبا لأي رد فعل سلبي من طرف الجمهور، في حال خسارة محتملة أمام المصريين يرفض غالبية أنصار «الخضر» مجرد التفكير فيها.

وسيقضي لاعبو المنتخب الجزائري ليلة الأحد بفندق داخل «نادي ضباط الجيش» بأعالي العاصمة، بعيدا عن الصخب الذي تثيره المقابلة في المدن والأحياء الشعبية التي لا حديث فيها إلا عن المواجهة المرتقبة مع المنتخب المصري. وتشهد معاقل الأندية العريقة بالعاصمة مثل «مولودية الجزائر» و«اتحاد الجزائر» غليانا كبيرا، حيث يجوب الشوارع العشرات من محبي المنتخب بواسطة سيارات يطلقون العنان للأغاني المحلية، التي يرددها الأنصار خلال المواجهات الكبيرة بين أبرز الأندية المحلية. وتبدو العاصمة هذه الأيام وكأنها تنتظر حدثا يتوقف عليه مصير البلاد بكاملها من شدة الحماسة التي تميز أحاديث الناس حول هذه المباراة، إلى درجة ظهر معها وكأن الرهان هو الفوز على مصر وليس التأهل إلى بطولتي أفريقيا والعالم العام المقبل.

والتقت «الشرق الأوسط» بعدد من الأنصار في «ساحة أول ماي» بقلب العاصمة، وهم يرددون أغنية قديمة صدرت بمناسبة مشاركة الجزائر في مونديال إسبانيا عام 1982، الذي شهد فوز الجزائريين على الألمان في مواجهة تاريخية يتحدث عنها حتى الذين ولدوا بعد هذا التاريخ.

ويقول محمد، 24 سنة، وهو من أنصار نادي «شباب بلوزداد» المحلي عن المقابلة «إنني مصاب بالهوس من هذه المقابلة، وأفراد عائلتي أيضا.. إننا لن نقبل بغير الفوز بثلاثة أهداف لصفر في هذه المباراة». أما مراد الذي كان برفقته حاملا علم الجزائر، فيبدو أكثر واقعية منه في التعاطي مع الحدث الكروي المرتقب، حيث يقول «صحيح أن الفراعنة أقوى منا إذا أخذنا في الحسبان نتائجهم في بطولات أفريقيا للأمم في السنين الماضية، لكنهم حاليا يمرون بفترة فراغ لابد علينا أن نستغلها، زيادة على ذلك فالشارع والصحافة في مصر يمارسان ضغطا كبيرا على اللاعبين الذين سيدخلون الملعب بأعصاب متوترة بدون شك، لأنهم أبطال أفريقيا ومطلوب منهم التأهل إلى كأس العالم، بينما نحن سنكون في راحة من أمرنا، لأننا بصدد بناء فريق قوي بالتدريج. أكثر من ذلك أعتقد أن ثقتهم (المصريون) في أنفسهم أصبحت مهزوزة بسبب التعادل الذي فرضته عليهم زامبيا في القاهرة في أولى مباريات التصفيات».

وتعرف منتديات الإنترنت والمدونات حركية كبيرة على خلفية المباراة، فـ«المنتدى الجزائري» الذي يتبع لجامعة قسنطينة بالشرق استغل تزامن المباراة مع امتحانات البكالوريا، حيث قام المشرفون على المنتدى بتصميم مجموعة من المواضيع تم عرضها على الزوار من المترشحين للامتحانات، في شكل أسئلة مرتبطة بالمباراة وتاريخ المواجهات الكروية بين البلدين. ويبدي عدد كبير من المهتمين بالمنتديات اهتماما بما يجري في المنتديات والمدونات في مصر، وما يكتب هناك عن المباراة.

ويتفق المختصون في شؤون الرياضة بأن مدرب الفريق الجزائري رابح سعدان، يوجد على المحك وأن نتيجة المباراة ستحدد مصيره على رأس العارضة الفنية. ويقول صحافي من جريدة أسبوعية عن ذلك «لا يختلف اثنان في كون المنعرج الحاسم الذي تمثله المقابلة، ستنجر عنه العديد من المعطيات والنتائج، وهذا تبعا للتصريحات المتكررة التي أدلى بها المدرب سعدان الذي يعتزم رمي المنشفة في حال فشله في قيادة النخبة الوطنية نحو مصر وبدرجة أقل أمام زامبيا، حيث أعلن بأنه إذا أخفق في هذين الامتحانين سينسحب من العارضة الفنية للخضر، ومعنى هذا أن إضاعة نقاط المقابلة مع مصر سيؤدي منطقيا إلى الفشل في لعب ورقة التأهل لمونديال جنوب أفريقيا». وقد أجهش سعدان بالبكاء في مؤتمر صحافي قبل أسبوعين من شدة شعوره بالضغط، وقال صراحة بأنه يخشى على أفراد عائلته من رد فعل عنيف من الجمهور في حال فوز مصر. وتعرض المدرب بسبب ذلك لانتقادات حادة في الصحافة، التي اتهمته بـ«زرع الخوف والضعف» في نفوس اللاعبين بسبب بكائه أمام الملأ.

وبقدر ما تتحكم الحماسة والتوتر في عواطف وتصرفات الجزائريين، يصل حد العداوة أحيانا، عندما يتعلق الأمر بمواجهة كروية مع المصريين، بقدر ما هم مولعون بالإنتاج السينمائي والتلفزيوني المصري، ونجوم الغناء في «أم الدنيا»، فلا يكاد يخلو بيت بالجزائر من أحد في الأسرة إلا ويتابع المسلسل المصري في كل مساء، ولن تجد إلا نادرا من لا يتوق لزيارة أهرامات الجيزة وأبو الهول والتنزه على ضفاف النيل. ويقول لاعب كرة القدم سابقا عبد القادر مزياني الذي لعب ضد المصريين في عدة مناسبات «كجزائري عربي ومسلم، أعتز بمصر وبشعبها الأصيل... إنني أحب هذا الشعب لأنه شديد التعلق بأرضه ويغار على دينه، ويكفيه شرفا أنه أنجب للعرب والمسلمين أمثال جمال عبد الناصر وحسن البنا إضافة إلى أدباء وكتاب كبار مثل طه حسين ونجيب محفوظ، وفنانين عظماء أمثال السيدة أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وغيرهم كثير وفي كل المجالات. ولكني لست أدري صراحة ما هو السر في كل هذا النفور الذي يصل أحيانا حد الكراهية، عندما نتقابل كرويا.. أظن أن السبب هو حكاية الأخضر بلومي»، في إشارة إلى اتهام المصريين لبلومي بضرب الطبيب المصري بكأس من الزجاج وهو ما ظل ينفيه اللاعب مدة تقارب العشرين عاما.

وأصيب الوفد الجزائري الذي تنقل إلى مصر بغضب شديد بسبب استنطاق بلومي من طرف الشرطة المصرية ساعات طويلة، واعتبرها إهانة وحلف بعض أعضائه يمينا بأن المصريين «سيلقون الويل» عندما يزورون يوما الجزائر في إطار المنتخب أو أي ناد مصري. ورفع الطبيب شكوى ضد بلومي، وصدرت في 2006 مذكرة دولية بالقبض عليه بتهمة الاعتداء على طبيب المنتخب المصري. وظلت الحادثة شوكة في حلوق الجزائريين والمصريين على حد سواء، لم يتخلص منها إلا قبل شهر فقط أي بعد قرابة 20 سنة من «واقعة 17 أكتوبر 1989». ففي اجتماع ودي جرى بين اللجنتين الأولمبيتين المصرية والجزائرية، أقام الطرفان صلحا بين بلومي وعبد المنعم أحمد الذي تنازل عن الشكوى وعن كل الحقوق المادية التي طالب بها على سبيل التعويض. وسئل بلومي عن شريط الأحداث المؤلم الذي وقع بالقاهرة قبل 20 سنة تقريبا، فقال «لقد صعدت إلى غرفتي بالفندق بعد المباراة، ولا أدري تفاصيل ما حدث بين رفاقي والمصريين ولا أعرف من اعتدى على الطبيب.. لقد كان الضغط لا يطاق بالنسبة إلينا والمصريين معا.. لا أتمنى أن يعيش أي لاعب تلك الظروف».

وربما تذيب السينما خلافات الرياضة، فعقب أيام من المباراة المرتقبة يبدأ تصوير الفيلم المصري الجزائري المشترك «بوميدين.. حياة أمة». والفيلم الذي تبلغ تكلفة إنتاجه 20 مليون يورو سيضم فريق العمل المصري الذي صور فيلم «ناصر 56» ويشارك في بطولته النجم نور الشريف ومجدي كامل المرشح لدور الرئيس جمال عبد الناصر. وتبقى العلاقات المصرية الجزائرية هكذا دوما، تفسدها الرياضة ويصلحها التاريخ.