سياسيون.. وعشيقاتهم

فضائح جنسية تغرق الطبقة السياسية في الولايات المتحدة.. بعضهم يخرج منها عائما معافى

TT

في الأسبوع الماضي، عقد مارك سانفورد، حاكم ولاية ساوث كارولينا، مؤتمرا صحافيا صاخبا وغريبا. اعترف فيه بأنه خان زوجته مع ماريا شابور، صحافية رائعة الجمال من الأرجنتين. انه عندما طلب من المتحدث الصحافي باسمه أن يصدر بيانا يقول فيه انه ذهب في إجازة لمدة أسبوع في رحلة في «ابلايشيان تريل»، في شمال ولايته، لم يقل الحقيقة. والحقيقة هي انه سافر سرا إلى الأرجنتين لمقابلة عشيقته، والاهم أن عشيقته ليست عشيقته، وان الموضوع ليس عن الجنس، لكنها «ماي لف» (حبي).

وهكذا، حول الرجل الموضوع من خيانة زوجية إلى حب، وكأنه يريد من الناس أن يؤيدونه في أن يحب من يريد. بعد يومين، عقدت جيني سانفورد، زوجته، مؤتمرا صحافيا أيضا مثيرا وغريبا. قالت إن مشكلة زوجها «لا تهمني.. إنها مشكلته». وأضافت: «بالنسبة لي، أهم شيء هو تربية أولادنا (أربعة أولاد)». وأضافت وكأنها تغمز لزوجها: «أريد أن أربيهم تربية أخلاقية من الدرجة الأولى».

وعندما سألها صحافي إذا كانت تعرف أن لزوجها عشيقة في الأرجنتين، قالت: «قال لي أنا ذاهب لزيارتها في الأرجنتين. وأنا قلت له ألا يفعل ذلك». يعني هذا أنها كانت تعرف. لكنها حاولت أن تتفلسف، وأضافت: «يوجد فرق بين أن يغفر الشخص للخيانة الزوجية، وأن يؤيدها».

قبل العلاقة الجنسية مع الصحافية الأرجنتينية، كانت العلاقة بين الرجل وزوجته لا تخلو من غرابة. كان يعمل في العقارات والبنوك عندما قابل «جيني»، وارثة عشرات الملايين من الدولارات من عائلة تملك شركة «سكيل» لأدوات البناء الكهربائية. عندما قال لها انه يريد أن يكون سياسيا، عارضت في البداية، ثم غيرت رأيها، وصرفت على الحملة الانتخابية من ثروتها الخاصة. ثم على حملات انتخابية أخرى عندما فاز ودخل الكونغرس، ثم عندما فاز وصار حاكم ولاية.

وقالت جريدة «نيويورك نيوز»: «منذ البداية، كانت هي حاكمة داخل المنزل. ولم يتغير ذلك حتى بعد أن صار هو حاكما لولاية. يبدو أن الحاكمة سمحت للمحكوم بأن يتخذ عشيقة، لكن في حدود». لكن ليست هذه أول فضيحة جنسية سياسية كبيرة في الولايات المتحدة هذه السنة. بل هي الثانية، كما أن السنة الماضية شهدت ثلاث حالات مماثلة. في الأسبوع الماضي، نشرت جريدة «بوسطن غلوب» كاريكاتيرا عبارة عن أسئلة للسياسيين ليجيبوا عليها: أولا: هل عشيقتك: صحافية، سكرتيرة، أميركية، أجنبية، الخ...؟ ثانيا: ما هو احتمال كشف العشيقة: مستحيل، غير ممكن، ممكن، اكتشفت فعلا...؟ ثالثا: عندما تكتشف العشيقة، هل ستعتذر إلى: زوجتك، ناخبيك، الشعب الأميركي، لا تعتذر...؟ رابعا: هل تخطيت حدود: الجنس، الولاية، الحزب، الكونغرس، البيت الأبيض...؟».

وفي الأسبوع نفسه الذي كشف فيه صحافيون عشيقة حاكم ولاية ساوث كارولينا، كشفوا عشيقة السناتور انساين، سناتور ولاية نيفادا. ويبدو أن السناتور ما كان سيعترف لو لم يتصل به تلفزيون «فوكس» ليسأله عن خطاب وصله من دوغ هامبتون، زوج سندي هامبتون. حتى قبل تسعة شهور، كان الاثنان يعملان في مكتب السناتور، ثم طرد السناتور الزوجة، واستقال الزوج. وصار واضحا أن للموضوع صلة بعلاقة جنسية بين السناتور والزوجة. لكن حتى اليوم، ليس واضحا متى عرف الزوج بهذه العلاقة، وإذا كان عرفها وسكت عليها، ومتى، ولأي فترة.

قال الزوج في خطابه إلى تلفزيون «فوكس»: «أريدكم أن تكشفوا تصرفات بشعة قام بها السناتور انساين». وأضاف: «طارد السناتور انساين زوجتي من دون رحمة ومن دون حرج لفترة طويلة. ثم فقدنا نحن الاثنين وظيفتينا. وها نحن بلا عمل، وها هي عائلتنا قد تحطمت».

وعندما اتصل تلفزيون «فوكس» مع السناتور ليسأله عن هذه الاتهامات، رفض الإجابة، لكنه تأكد أن خبر علاقته الجنسية مع زوجة الرجل وصلت إلى الصحافيين. وبعد أيام قليلة، عقد مؤتمرا صحافيا، واعترف بالعلاقة الجنسية.

لكن استغرب صحافيون ومراقبون من موقف الزوج. وقال بعضهم إنه ربما يشبه موقف زوجة سانفورد، حاكم ولاية ساوث كارولينا التي يبدو أنها لم تعترض على علاقة زوجها مع الصحافية من الأرجنتين ربما على شرط ألا يكشفها الصحافيون. هنا، يبدو أن الزوج لم يعترض على علاقة زوجته مع السناتور، ربما على شرط ألا يفصلها. لكن استغل السناتور هذا الموقف الغامض، وقال ما معناه إن الزوج لم يحتج على العلاقة الجنسية مع زوجته ولكن على «المواضيع المالية». أي أن الزوج كان يريد تعويضا ماليا من السناتور. لكن حتى اليوم، ليس واضحا إذا أراد الزوج مكافأة مالية على موافقة ضمنية على علاقة زوجته مع السناتور (لأنه كان يعرفها)، أو مكافأة مالية بسبب غضبه على العلاقة (لأنه لم يكن يعرفها).

وبالإضافة إلى التشابه بين السناتور انساين والحاكم سانفورد في خيانة زوجة كل واحد منهما، يتشابهان في شيئين آخرين: أولا: ينتميان إلى الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري. ثانيا: يدافعان عن اللوبيات المسيحية المتطرفة، مثل «مورال ماجوريتي» (الأغلبية الأخلاقية). لهذا، أحرجت الفضيحتان الجمهوريين المحافظين، وأحرجت الرجلين أمام «الأغلبية الأخلاقية»، رغم أن الحاكم سانفورد قال، في المؤتمر الصحافي: «أغضبت الله».

سياسي ثالث، كبير وينتمي إلى الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري، وإلى «الأغلبية الأخلاقية»، أيضا تورط، في السنة الماضية، في فضيحة أخلاقية. هذا هو ديفيد فيتار، السناتور من ولاية لويزيانا. ظهر اسمه في قائمة دبرا بالفري التي كانت تدير شبكة دعارة في واشنطن، وسميت «مدام دي سي». وعندما اعتقلتها الشرطة بتهمة الدعارة، كشفت قائمة فيها أكثر من أربعمائة زبون، منهم راندل توبياس، من كبار موظفي وزارة الخارجية (استقال فورا بعد كشف اسمه)، ومنهم السناتور فيتار (لم يستقل، لكنه عقد مؤتمرا صحافيا، ووقفت إلى جانبه زوجته، وأعلن اعتذاره لها، ولمواطني ولاية لويزيانا). وقال: «ارتكبت خطأ كبيرا». وقال صحافيون ومراقبون انه كان أكثر حظا، وليس ذكاء من الرجلين السابقين: الحاكم ستانفورد والسناتور اينساين، وذلك لان علاقته كانت مع عاهرات مجهولات.

لكن، يبدو أن هناك اختلافا بين عاهرة وعاهرة، بين مجهولة تعمل مع امرأة مثل «مدام دي سي» التي كانت تحصل على الأموال من زبائنها، ثم تعطيها نصيبها، وغير مجهولة تعرف نفسها، وتقول إنها «صديقة»، وتحصل على الأموال مباشرة.

في السنة الماضية، أكدت هذا الاختلاف فضيحة العلاقة الجنسية بين اليوت سبتزر، حاكم ولاية نيويورك، و«صديقته» اشلي الكساندرا دوبريه. كانت «آي آر إس» (خدمة الضرائب) تشك في أن الرجل يدفع في نزاهة الضرائب المستحقة عليه. وسرا، تابع واحد من محققيها حساباته في البنوك. ويوما ما لاحظ انه حول عشرة آلاف دولار إلى «اشلي الكساندرا دوبريه». وبالتعاون مع الشرطة الفيدرالية، تابعاهما، حتى يوم 10-3-2008، عندما دخلا عليهما في غرفة في فندق «مايفلاورز» في واشنطن. وفيما بعد، اكتشف أن الرجل كان يسافر من نيويورك إلى واشنطن لمقابلة «صديقته»، وكان يدفع لها ألف دولار عن المقابلة. (يبدو أن العشرة آلاف دولار عن عشر مقابلات).

حصل على الخبر صحافي في جريدة «نيويورك تايمز». وبعد يومين من نشر الخبر، عقد حاكم الولاية مؤتمرا صحافيا، ووقفت زوجته إلى جانبه، واعتذر، وأعلن استقالته من منصب الحاكم.

لماذا لم يستقل السناتور الجمهوري فيتار (بطل شبكة الدعارة)، واستقال الحاكم سبتزر (صديق «الصديقة»)؟ فسر مراقبون وصحافيون ذلك بالآتي: أولا: كان الحاكم أعلن حملة ضد الدعارة في نيويورك، وصار نفاقه واضحا. ثانيا: ربما تقدر الزوجة على العفو عن علاقة مع شبكة دعارة مجهولة، لكن ليس عن علاقة مع «عاهرة راقية». ثالثا: لسبب ما، يميل كثير من أعضاء الحزب الديمقراطي إلى الاستقالة في مثل هذه الحالات، ويميل كثير من أعضاء الحزب الجمهوري إلى عدم الاستقالة. (أيضا، لم يستقل الجمهوريان: حاكم الولاية ستانفورد، والسناتور اينساين).

غير أن الديمقراطي جون ادواردز لم يقرر أن يستقيل أو لا يستقيل لأنه سناتور سابق، ولأنه ترشح نائبا لرئيس الجمهورية في انتخابات سنة 2004، وسقط. عشيقته كانت يرلي هنتر التي كانت مساعدة له. لكنها كانت أكثر من عشيقة، كانت أم طفلة. في البداية، نفى ادواردز انه والد الطفلة، بل نفى وجود علاقة جنسية مع «يرلي». لكن، بعد أن استمرت الإشاعات وزادت، ومثل غيره من السياسيين، عقد مؤتمرا صحافيا مثيرا، واعترف بالعلاقة الجنسية لكنه نفى الأبوة. سأله صحافي: لماذا خنت زوجتك؟ أجاب، في جدية صارمة: «نارسيسزم» (نرجسية). ونفى إشاعات أن السبب هو إصابة زوجته بالسرطان، وانشغالها بعلاج قاس اثر على جسدها وعلى نفسيتها.

لكن يبدو أن زوجته تحتاج إليه، ولهذا قررت أن تعفو عنه. وفي كتاب مذكراتها «ريزيليانس» (صمود)، قالت إن «يرلي» هي التي أغرت زوجها، وفي أول جملة عندما قابلته قالت له: «يو آر هوت» (أنت مثير). وقالت الزوجة: «تردد، ثم اعترف، ثم قال إنها كانت مرة واحدة. وأنا غضبت، وبكيت، ثم سكت».