تركيا.. وحقل الألغام الكردي

يسود اقتناع بأن حل القضية الكردية لن يحصل فقط عبر القوة العسكرية ولكن مقترحات الحلول مفقودة

مؤيد لحزب المجتمع الديمقراطي التركي، الموالي للأكراد، يرفع علم حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا خلال تظاهرة في دياربكر قبل عامين (رويترز)
TT

المؤكد أن الأكراد تجاوزوا مرحلة تجنب الحديث بلغتهم الأم داخل مؤسسات الدولة أو حتى في ما بينهم بحضور الأتراك، ولم يعودوا بحاجة إلى إخفاء شرائط التسجيل الموسيقية المهربة من سورية أو العراق كلما تعرضوا لمداهمة قوات الأمن التركية التي كانت تعتبر العثور على مثل هذه «الممنوعات» تهمة تعرض أصحابها إلى السجن بتهمة المساس بوحدة البلاد وأمنها واستقرارها. بالأمس القريب كان يقال للمطالبين بقبول هويتهم من الأكراد أن لا وجود لمثل هذه الجماعات وهذه اللغة، وأن كلمة كردي مصدرها أصوات القرقعة خلال السير فوق الثلوج «كرط كورت كورد». وفجأة تتصدر أخبار الـ12 إعلاميا «من أصحاب النيات السيئة»، كما وصفتهم بعض الأصوات المعارضة الذين أقحموا البلاد في سجال سياسي جديد حول المسألة الكردية ومسارها ومستقبلها في البلاد.

ورغم أن المفكر الكردي مسعود يغن يرى أن الأتراك عشية الحرب العالمية الأولى تعاملوا بإيجابية واستعداد لقبول هوية الأكراد وحقوقهم السياسية والثقافية، فإن مرحلة ما بعد لوزان والانتصارات العسكرية والسياسية التي حققتها أنقرة في حربها مع الغرب، دفعت بالقيادات السياسية إلى إرجاء طرح ومناقشة هذه القضية. لا بل إن السياسات المتبعة في الحقبات اللاحقة، كانت تركز على الدمج والإذابة الثقافية واللغوية وتجاهل الاعتراف وقبول الهوية الكردية لملايين السكان، ويعتبر السياسي والنائب الكردي السابق سبغتو الله سيدا أوغلو، أنها المرة الأولى في تاريخ تركيا الحديث الذي تناقش فيه المسألة الكردية بهذه الشجاعة والجدية، دون أن يهمل انتقاده للصوت السياسي الكردي الأقوى في تركيا اليوم «حزب المجتمع الديمقراطي»، الذي يصفه بأنه لم يقدم أي شيء على طريق الحل، سوى التلاعب بمشاعر الأكراد ومحاولة الاستفادة من معاناتهم، لا بل إنه كرس الانقسام والنفوذ الطبقي والاجتماعي بين شرائح المجتمع الكردي ومختلف فئاته.

خلال زيارته الأخيرة إلى مدينة بيتليس في شرق تركيا، والمعروفة بغالبيتها الكردية، عمل الرئيس التركي عبد الله غل على قلب المعادلة المعروفة بأن يستشهد الأكراد دائما بسقوط آلاف القتلى منهم في حروب الاستقلال ومعارك الدفاع عن «شنقله» ومضيق الدردنيل إبان الحرب العالمية الأولى، مؤكدين أنهم من أصحاب الأرض وأن الدماء الكردية هدرت جنبا إلى جنب مع دماء الشبان الأتراك. وبدلا من ذلك، قال غل إنه خلال معارك تحرير بيتليس والدفاع عنها، نقل الجيش الثاني قواته، وهو الجيش نفسه الذي كان يتولى الدفاع عن الدردنيل إلى هذه المدينة لحمايتها من السقوط بأيدي الروس. وأضاف «حقا الدماء التركية اختلطت بالكردية في أكثر من مكان للدفاع عن الأرض». واستعمل عبارة «في الحقبة المقبلة سيكون هناك ذهنية جديدة ومختلفة في التعامل مع هذه المسألة»، وقد حملت هذه العبارة التي رددها الرئيس التركي، الكثير من الأمل لأكراد تركيا بعد «سنوات الألم»، كما قال محرم صاري قايا أحد الإعلاميين في جريدة «صباح» وفرسان طاولة الحوار وورشة العمل التي شارك فيها 15 إعلاميا من مختلف الميول والاتجاهات التي نظمت أخيرا في أنقرة بإشراف أكاديمية الشرطة، وتركت المجتمع التركي بين هبات ساخنة وباردة تزداد تفاعلا يوما بعد الآخر.

في مثل هذه الأيام من العام المنصرم، كنا نناقش العمليات العسكرية للجيش في جنوب شرقي تركيا وشمال العراق، وما يقابلها من أعمال تفجير وزرع عبوات في أكثر من مدينة تركية في مقدمتها اسطنبول طبعا. أما اليوم فإننا نناقش نتائج لقاء أردوغان ورئيس حزب المجتمع الديمقراطي أحمد تورك، بدعوة من أردوغان نفسه الذي كان حتى الأمس القريب يرفض الاجتماع بتورك قبل أن يدين الإرهاب وحزب العمال الكردستاني، ليسارع تورك هنا لوصف اللقاء بأنه تم في أجواء إيجابية ومثمرة للغاية وأن رسائل رئيس الحكومة توفر الشعور بالثقة أن الحكومة جادة هذه المرة في إيجاد الحل المنشود لقضيتهم، مما يبدو أنه أعطى المعارضة التركية الفرصة التي تريدها لتوجيه مدافعها السياسية صوب مواقع حزب العدالة والتنمية. وربما هذا ما حدا بالإعلامي حسين غولارجا في جريدة «زمان» الإسلامية، إلى تحذيرنا من احتمالات حدوث انتكاسات أمنية وتفجيرات يريدها البعض في الجانبين، وهم من الجماعات المتضررة من توافر الحلول ومناقشتها، لأنها تقتات وتعيش على حساب استمرار هذه الأزمة. هل سيكتفي أكراد تركيا اليوم بأن يقال لهم إنهم عنصر أساسي في تركيبة الدولة التركية، أم أنهم سيطالبون بالمزيد؟ هل ستكون سياسة العدالة والتنمية الكردية القشة التي تقصم الظهر وخشبة الخلاص التي يراهن عليها قيادات المعارضة السياسية في البلاد لإنزال الضربة القاضية بحزب أردوغان، أم أن حزب العدالة والتنمية يخوض أكثر من مجازفة لاصطياد أكثر من عصفور بحجر واحد لاسترداد ما فقده من قوة وأصوات في الانتخابات الأخيرة، خصوصا في المناطق الكردية ووقف تراجعه الشعبي واسترداد دعم الغرب له، وإشعال الضوء الأخضر مجددا أمام مفاوضات العضوية الأوروبية التي تتقدم ببطء منذ سنوات، مؤكدا أن المعايير والإصلاحات المطلوبة ستتواصل خصوصا في الملف الكردي الذي تعطيه أوروبا الأولوية المطلقة؟ وفي هذا الإطار، يقول أرغون باباهان، إعلامي في جريدة «صباح»، أنه من خلال لقاء أردوغان ـ تورك، فإن رئيس الوزراء التركي حتى ولو لم يصل إلى نتائج فعلية مباشرة، فهو حقق بذلك تجاوز عتبة نفسية مهمة بالدرجة الأولى. وتثبت الحكومة هنا أنها قبل أن تقدم أي تنازلات سياسية يتحدث البعض عنها، أكدت قدرتها على أنها تتعامل مع جميع المواطنين من منطلق المساواة دون أي تفرقة أو تمييز. نقطة البداية هذه المرة، كانت مع دعوة وجهها رئيس كلية الشرطة في أنقرة إلى مجموعة من الإعلاميين للالتقاء حول طاولة تناقش هذه المسألة، وتقدم في أعقابها مجموعة من الأفكار والاقتراحات التي قد تفيد الحكومات خلال البحث عن حلول لهذه المشكلة المزمنة. ورغم أن ورشة العمل هذه، وكما يرى بعض المتفائلين قدمت للحزب الحاكم مجموعة من الأفكار الجريئة الممكن ترجمتها إلى مشاريع عملية، فإن البعض الآخر في تركيا من المتشائمين والغاضبين، هاجموا الحكومة بقساوة لأنها تخلت عن دورها ومهمتها لصالح هذه الأقلام لكي تخطط وتقترح نيابة عنها. لا بل إن رئيس حزب الحركة القومية اليميني المتشدد دولت بهشلي، كان أشد صرامة وانتقادا حين قال «في الموضوع الأرمني، في القضية القبرصية، في التعامل مع ملف الاتحاد الأوروبي.. هو هذا الفريق ذاته الذي نراه يتحرك في كل مكان. اليوم استجابوا إلى نداء وزارة الداخلية ليجتمعوا ويتدارسوا القضية على طريقتهم التي يعرفها الجميع فهم منذ البداية من أنصار فكرة الحوار مع أوجلان ومن المعرضين لوحدة البلاد وتماسكها إلى الخطر تحت ذريعة حل المسألة الكردية».

حتى إن البعض من القوميين والعلمانيين المتشددين يربط بين تسليم هذا الملف لرجال الشرطة التي رأى فيها أردوغان حصن الدولة، ردا على ما كان يقال حول دور وموقع المؤسسة العسكرية التاريخي في قلب السياسة التركية، وبين أجهزة الشرطة التي يردد الكثير من العلمانيين أنها تحت نفوذ الإسلاميين في البلاد، وأنها تطرح كبديل لإضعاف الجيش وسحب بعض ما يملكه من أوراق تتحكم باللعبة السياسية والأمنية في البلاد.

كلام غل الأخير الذي يدعو فيه للتخلي عن سياسة النعامة وإخفاء الرأس في التراب في التعامل مع الحقيقة الكردية، قابله رد حزب الحركة القومية اليميني المتشدد الذي أعلن رفضه منذ البداية عقد أي لقاء مع أي مسؤول تركي لمناقشة موضوع الانفتاح الأخير في الموضوع الكردي، محذرا غل أن لا يتخلى عن موقعه ودوره الذي يحدده له الدستور.

المعارضة التركية التي يقودها حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية، تصر على رفض استقبال الحكومة والإصغاء إليها في هذه المسألة، وتقول إن «المكتوب يقرأ من عنوانه والقرية التي تشاهد من بعيد لا تحتاج إلى دليل أو مرشد يقودنا إليها، نحن نعرف ما هي نيتهم ولماذا سيحضرون إلى زيارتنا». لا بل هي تردد أن ما يجري يقع ضمن خطة معروفة يصر عليها البعض من أنصار حزب العمال الكردستاني. البداية كانت مع القناة الكردية الرسمية ثم أعقبها المطالبة بتغيير أسماء القرى، والآن جاء دور مناقشة موضوع كردستان الكبرى، المطلب المعروف لحزب العمال الكردستاني وزعيمه أوجلان المسجون في جزيرة ايمرالي. التطبيق العملي بدأ مع هذه المجموعة من الإعلاميين، ثم دخول الحكومة مباشرة على الخط لإصدار جملة من القرارات والتوصيات التي لم تكشف عنها بعد، لكنها تؤكد أن هناك ما يعد له على نار هادئة. إلا أن غل رفض أمس طرح أوجلان، «خارطة طريق» لعملية السلام، قبل أن يعلن عنها، وقال الرئيس التركي أول أمس إن أوجلان ليس شريكا في عملية السلام.

زعيم المعارضة التركية نفسه يشير إلى أن الانفتاح في الموضوع الكردي القائم اليوم يعني قبول مطالب حزب العمال الكردستاني كمخاطب في الحوار ومناقشة مسائل مثل العفو العام. «هل التخفي وراء الشرطة سيكفي لإيصالكم إلى ما تريدون؟».

ورغم أن البعض يدعو الحكومة لفتح الأبواب على وسعها للإصغاء إلى الجميع من خلال استطلاع رأي شامل في البلاد لمعرفة الآراء الحقيقية، وما يقوله المواطن التركي، كما يطالب بذلك الدبلوماسي المتقاعد اوميت بامير، فما تقوله المعارضة يشير إلى أن الوقت ما زال مبكرا لمناقشة مثل هذه المسائل. حزب الشعب الجمهوري المتهم دائما بأنه المعرقل، يذكر أن موضوع الهوية الكردية هو في طليعة اهتماماته، لكنه يصر على نقطتين أساسيتين لا يمكن التساهل أو تقديم أية تنازلات بشأنهما. المسألة الأولى هي موضوع السيادة ووحدة الأرض والمؤسسات، والنقطة الثانية هي رفض أي توجه لإقحام موضوع العرقية في نظام التعليم التركي الرسمي. فهل الأجواء القائمة في تركيا تشجع على ذلك، وهل البلاد جاهزة لهذا النوع من النقاش الساخن فيما هي وسط ملفات تحرق الأصابع ولم تنجح في تبريدها بعد، مثل الموضوع الأرمني والمسألة القبرصية؟ ومع أن الأكاديمي ممتاز ار تورك اونه، المقرب من جماعة فتح الله غولان، والذي شارك في ورشة عمل الإعلاميين التي دعت إليها وزارة الداخلية التركية، يرى أن دولت بهشلي مطالب بالاستمرار في موقفه القائم على تجنب الدخول في أي مواجهة تقود إلى التسبب في العداوة بين الأتراك والأكراد، فإن بهشلي أكد أن الموقف يختلف هذه المرة، وما يجري هو مخطط يستهدف ضرب وحدة البلاد وتماسكها. وقال «سنعمل كل ما بوسعنا لإفشاله ولن نكون أبدا جزءا منه». وقد سهلت الولايات المتحدة لأكراد شمال العراق لعب ورقتها والاستفادة من الغطاء السياسي والأمني الذي وفرته إلى أبعد الحدود، فمن يحمي ويشجع أكراد تركيا على التصعيد والاستمرار؟ هل هو مخطط أميركي أيضا أم أنه المشروع الأوروبي الذي يشترط حسم هذه القضية بمعطيات وأسلوب جديد، أم هو حقا مسار العملية الديمقراطية التي يتمسك بها حزب العدالة والتنمية وقياداته التي يبدو أنها مصرة على المضي في خطتها حتى النهاية «مهما كان الثمن الواجب تسديده» كما قال أردوغان؟

المؤكد هنا أن الحكومة لن تتردد في رد الصاع صاعين، ويكفي هنا الاستماع إلى الاتهام الشديد الذي جاء على لسان أحد المقربين إلى أردوغان، هو وزير الداخلية التركي الأسبق وابن مدينة دياربكر المعروفة بغالبيتها الكردية عبد القادر أقصو، الذي كان يرد على زعيم المعارضة، فقال «نحن نسعى لإنزال المسلحين من الجبال، وهو يبحث عن وسيلة لتشجيعهم على التوجه إلى هناك». لا بل إن الناطق باسم الحكومة جميل شيشاك، يقول إنه إذا لم تحل تركيا هذه المسألة فسيدخل البعض على الخط للاستفادة مما يجري. هو لم يحدد من هو هذا البعض، لكن الأصابع تشير نحو الخارج الأوروبي والأميركي بالدرجة الأولى، رغم أن داود أوغلو وزير الخارجية التركي سارع للدخول على الخط محاولا إبعاد الحديث عن وجود تدخل خارجي وجهات تحاول التلاعب بهذا الملف، مذكرا أن كل ما يجري ويدور هو شأن داخلي يتم بإرادة سياسية داخلية لا علاقة لأية جهات أو قوى خارجية به.

ويناقش الأتراك والأكراد هذه الأيام موضوع الانفتاح في الموضوع الكردي أكثر مما يناقشون سبل حلول هذه القضية التي تطارد تركيا منذ عشرات السنين. ويقولون إن المطلوب هو التحكم بالأعصاب لمنع أي انفجار سياسي وأمني يهدد بانفجار أزمة أكبر يصعب لملمة مخلفاتها. أنباء وتحليلات كثيرة تتحدث عن مخطط غربي بالتنسيق مع أنقرة وحكومة أربيل لإضعاف وتفكيك وإنهاء حزب العمال، وإبعاده عن عرقلة مناقشة الحلول البديلة. فهل ستكون الخطوة اللاحقة هي إبعاد المتطرقين والمتشددين من القوميين الأتراك أم أن الشارع التركي هو الذي سيدخل على الخط لوقف العمل في هذه الورشة التي تحتاج إلى المزيد من العمال ومواد البناء لإنجاز هذا البناء الذي ما زال الجميع منهمكا في وضع أسسه حتى الساعة؟

وفيما كان الأكاديمي أحمد اينسال يقول وهو يحاول تشخيص أسباب الأزمة، إن في جذورها رفض الأتراك الاعتراف للأكراد بحق المساواة، وفيما كان زميله اتيلا يايلا يدعو المعارضة التركية لعدم تفويت هذه الفرصة حتى لا يحكم عليها التاريخ بأنها كانت المعرقلة للحل، كانت أنباء الانفجارات في شمال العراق خصوصا في مدينة نينوى، وهي من المناطق المتنازع عليها بين القوى السياسية والعرقية المتواجدة هناك، تشير إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، وإلى أن ديمقراطية النموذج العراقي في التعامل مع الموضوع الكردي معلقة حتى إشعار آخر. محامو أوجلان أعلنوا رأيهم الشخصي أن الحلول والطروحات الأقرب إلى المناقشة هي التي طرحها أخيرا رئيس جهاز المخابرات التركية الأسبق سونماز كوكسال والتي تقوم على 3 مراحل: العفو عن الكوادر والقيادات الكردية في حزب العمال التي لم تشارك في الهجمات العسكرية أو لم تحمل السلاح ضد الجيش التركي. ثم توسيع رقعة العفو العام لتشمل المقاتلين في مرحلة ثانية وتتوج بعد ذلك بإخراج قيادات العمال من شمال العراق، وقبول فكرة لجوئهم السياسي إلى إحدى الدول الغربية. من هنا فإن الأكاديمية والكاتبة نوراي مرت، تقول إن مرحلة المطالب البسيطة المرتبطة بالمزيد من الديمقراطية وحقوق الإنسان قد ولت، وأن البعض يناقش الحقوق الجماعية الثقافية والسياسية واللغوية للأكراد في تركيا. وتقول «من هنا أنا لا أرى حلا قريبا للموضوع أمام الصورة السياسية القائمة اليوم في البلاد. من يقول لا أرى حلا لا يقصد بالضرورة أنه ضد الحل. ومن يقول إنه مع الحل لا يمكنه وحده فرض ما يريد أو إقناع الآخرين به بهذه السهولة. الحل بالدرجة الأولى سيكون عبر قناعات واستعداد شامل لمناقشة مسائل جديدة تتعلق بهذه القضية وطرق معالجتها». ويقول الأكاديمي وهاب جوشقون ما يردده يايمان، أن الموضوع الكردي في تركيا يتقدم اليوم على خطين: قبول حقيقة ضرورة معالجة هذه المسألة التي تعيق حركة تركيا وانطلاقها في الداخل والخارج، وأن الحل العسكري لم ولن ينجح لوحده في حسم هذه القضية، والمطلوب الآن عدم التباطؤ في طرح الحلول ومناقشتها والخروج بالخيارات والبدائل، مع أننا نعرف أننا حتى الساعة نناقش مرة أخرى المسألة دون أن يكون ين يدينا خطة عمل واقتراحات حقيقية تقدمها حكومة العدالة والتنمية. كل ما نعرفه حتى الساعة هو أنه كلما زادت المعارضة التركية في تصلبها ورفضها التعاون مع الحكومة في مناقشة هذا الملف على هذا النحو الذي يطرحه حزب العدالة والتنمية، ودون أن تحدد بوضوح أطر ومعالم ما يجري، صعّد أردوغان في لهجته وأسلوب هجومه مستخدما هذه المرة لغة الوجدان والدين. ويقول «إذا ما كان أهل الضحايا في الجانبين يديرون وجوههم خلال إقامة الصلوات نحو القبلة الواحدة ويقرأون الآيات نفسها ويرددون الأدعية ذاتها، فهناك الكثير من الدروس والعبر الواجب استخلاصها مما يجري». ويرد دولت بهشلي هو الآخر بلغة شديدة، مذكرا أن بوادر وملامح المحاكم العليا لمقاضاة البعض، بدأت تظهر إلى العلن، والمقصود هنا هو تحذير القيادات السياسية من محاولة المساس بالخطوط الحمراء الدستورية والسياسية والأمنية في البلاد.