المالكي و«الرجل الثاني»

صناعة قرارات رئيس الوزراء العراقي.. بين المستشارين والضغوطات

قرارات المالكي الأخيرة أثارت انتقادات داخلية (إ.ب.أ)
TT

كيف يمكن وصف قرارات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التي اتخذها خلال الأشهر القليلة الماضية؟ هل هي جريئة.. أم متخبطة وعشوائية؟.. فبإلقاء نظرة سريعة عليها سنجد أن فيها الكثير من التناقضات والتحولات التي قد تشعر المتتبعين لها بالحيرة في تفسيرها، كما تثير تساؤلات حول آلية صناعة القرار لدى الحكومة العراقية. وفيما يحاول المقربون منه إعطاء قرارات المالكي تلك بعدا وطنيا، يجد آخرون أسبابا أخرى تتعلق بالانتخابات ورغبته الشديدة في كسب أصوات الناخبين بأي ثمن للتجديد له لولاية ثانية في الانتخابات المقبلة، لكن آخرين يلقون باللوم على مجموعة المستشارين المحيطين به في إعطاء نصائح غير دقيقة، بينما يتحدث سياسيون عن تعرضه إلى «ضغوطات» سواء داخلية أو إقليمية. ويقول النائب العراقي والسياسي البارز عمر عبد الستار إن «تجربة حكومة المالكي تجربة مُرة، مع احترامنا لكل الشخصيات الموجودة فيها، فالمالكي كون حكومة مستشارين وليس حكومة وزراء». ويضيف لقد «أعطى الدستور الصلاحيات لمجلس الوزراء ورئيسه، لكنني أعتقد أن الوزارات جميعا لم يكن لها دور حقيقي في اتخاذ القرار المدني والأمني، فالقرارات كلها انحصرت بيد رئيس الوزراء ومكتبيه الأمني والوطني، وبالتالي فإن مستشاريه السياسيين والإعلاميين هم الذين يقررون».

وقال عبد الستار، الذي أعلن استقالته من الحزب الإسلامي وانضم لكتلة «تجديد» بزعامة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، إن «الحكومة لا تطبق الدستور بالقدر الذي يريده الدستور، فلم يكن هناك انفتاح على الشركاء، أو انفتاح على خطة حقيقية في اتجاه المصالحة الوطنية». ويضيف أن «العمل بهذه الطريقة الارتجالية أدى إلى إحداث خرق في الدستور وفي تحقيق البرنامج الوطني الذي اعتمد عندما تم تكليف الحكومة وتشكيلها».

واتخذ رئيس الوزراء العراقي سلسلة من القرارات أثارت دهشة البعض، فالمالكي، وهو الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية، الذي كان قد قضى شطرا لا يستهان به من حياته كلاجئ في سورية، هربا من النظام العراقي السابق الذي اعتقل وأعدم العشرات من قياديي وأعضاء حزب الدعوة لا سيما بعد فترة قصيرة من اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، واتهام الحزب بموالاة الجانب الإيراني وحياكة المؤامرات عبر تنفيذ تفجيرات في بغداد، نجده يتخذ قرارا مفاجئا يتمثل في سحب السفير العراقي من دمشق، ثم يتهم الحكومة السورية بإيواء بعثيين خططوا ونسقوا لتفجيرات بغداد التي وقعت في 19 أغسطس (آب) الماضي والتي استهدفت وزارتي الخارجية والمالية وراح ضحيتها مئات من القتلى والجرحى. ولا ننسى أن قرار سحب السفير ودعوات الحكومة العراقية إلى تشكيل محكمة دولية للتحقيق في تلك التفجيرات جاءت بعد أسبوع واحد فقط على زيارة المالكي إلى دمشق التقى خلالها بالرئيس السوري بشار الأسد، واتفاق الطرفين على تشكيل مجلس تعاون استراتيجي بين البلدين.

وما يثير التساؤلات هو أن اتهامات بغداد لدمشق جاءت متأخرة بعض الشيء، فالحكومة العراقية كانت قد صمتت إزاء سورية لفترة طويلة إبان ارتفاع موجة العنف في البلاد والهجمات الدامية التي نفذها انتحاريون، وتأكيدات قادة عسكريين أميركيين على أن أغلب هؤلاء يتسللون عبر الحدود السورية، حتى إن القوات الأميركية نفذت غارتها الشهيرة في قرية البوكمال السورية عبر الحدود العراقية، وقتلت ثمانية مسلحين هناك في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. واكتفت الحكومة العراقية خلال تلك السنوات بتوجيه انتقادات خجولة لدمشق مصحوبة بدعوات إلى ضبط الحدود.

وفي الوقت الذي انشغلت فيه البلاد بتداعيات تفجيرات بغداد والأزمة الدبلوماسية مع سورية والوساطات العربية والتركية والإيرانية لاحتوائها، خرج المالكي، القائد العام للقوات المسلحة، بقرار جديد ألا وهو إقالة اللواء عبد الكريم خلف، قائد عمليات وزارة الداخلية، والمتحدث باسمها، في وقت يمر فيه البلد بظرف حساس هو أحوج ما يكون فيه إلى قادة أمنيين مخلصين، خصوصا في أعقاب انسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية في يونيو (حزيران) الماضي وتسلم العراقيين للملف الأمني في طول البلاد وعرضها، ناهيك عن إقبال البلد على الانتخابات النيابية والتحديات الأمنية التي ترفقها.

واللواء خلف من القادة الأمنيين الذين يشهد لهم العراقيون بالنزاهة والوطنية، وقد أسهم في الكثير من العمليات الأمنية التي خططت لها الحكومة لضرب الميليشيات الشيعية والجماعات المسلحة السنية. وهو من الشخصيات المستقلة التي لا يمكن حسابها على جهة أو طرف معين، بل إن الكثير من العراقيين يحاولون التكهن إن كان هو سنيا أو شيعيا. واصطدم قرار المالكي بعناد وزير داخليته جواد البولاني ورفضه تنفيذ القرار الذي همش عليه بقلمه قائلا «لا يقال من ضحى بنفسه وعائلته في سبيل الوطن». وبينما تجنبت الحكومة التعليق على أخبار الإقالة وأسبابها، استأنف اللواء خلف دوامه الرسمي في وزارة الداخلية، وظهرت تقارير تحدثت عن «تغاضي» المالكي عن قراره. كما أخذ المالكي يتراجع أيضا عن خطوات سار عليها في طريق المصالحة الوطنية في البلاد، إذ كان قد كلف وزير المصالحة الوطنية أكرم الحكيم ووزارة الدفاع العراقية بداية العام الحالي بتشكيل لجان في عواصم عربية للقاء ضباط في الجيش العراقي السابق بغرض إعادتهم للبلاد وضمهم إلى صفوف القوات الأمنية، ناهيك عن الدعوات إلى المصالحة مع البعثيين المشروطة بعدم «تلوث أياديهم بدماء الشعب العراقي»، بل إنه راح يتحدث عن الاستفادة مما يعرف بـ«فدائيي صدام»، إحدى القوات الخاصة التي كانت مرتبطة برأس النظام السابق. غير أن هذا الموقف لم يصمد طويلا، فسرعان ما تراجع المالكي عن موقفه وأخذ يكرر في خطاباته بمناسبة ومن دون مناسبة جملا مثل «لا مصالحة مع البعثيين» و«لا عودة للبعث إلى العراق».

ولم يتوقف مسلسل التراجع عن القرارات والتصريحات عند هذا الحد، فبعد دعواته المتكررة والملحة لإعادة صياغة بعض فقرات الدستور، التي كان هو شخصيا قد أسهم في كتابة بعض منها عندما كان عضوا في لجنة صياغة الدستور، أعلن عن موافقته لاحقا على كل الفقرات التي وردت فيه.

وكان المالكي قد دعا إلى إعادة صياغة بعض فقرات الدستور لصالح تقوية حكومته المركزية، قائلا إن «الدستور كتب في أجواء من المخاوف»، في إشارة إلى عدم استقرار الأوضاع عام 2005، وهو العام الذي أقر فيه الدستور، ناهيك عن عامل الضغط الزمني للانتهاء منه في الوقت المحدد.

وأثارت دعوات رئيس الوزراء العراقي حفيظة الأكراد، وتبادل الطرفان اتهامات شتى بهذا الصدد، غير أن المالكي فاجأ الجميع في 3 أغسطس (آب) الماضي بزيارة منتجع دوكان في السليمانية، معقل الرئيس العراقي جلال طالباني، ولقائه برئيس الإقليم مسعود بارزاني، معلنا من هناك عن موافقته على كل ما ورد في الدستور، قائلا «إنني أؤيد كل فقرة وردت في الدستور العراقي، سواء الفقرات التي اعترضت عليها يوم كتبنا الدستور أو التي لم أعترض عليها». وكانت آخر مفاجآت المالكي لشركائه الشيعة، عندما قرر خوض الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها بداية العام القادم بمعزل عنهم، رغم الدعوات المتكررة للزعيم السابق للمجلس الأعلى الإسلامي، الراحل عبد العزيز الحكيم، والحالي عمار الحكيم، بالانضمام للائتلاف من أجل توحيد الصف الشيعي.

وتتحدث الأوساط السياسية العراقية عن حلقة تحيط بالمالكي، سواء من المستشارين الحكوميين أو من كبار قادة حزب الدعوة، تسهم في صناعة القرار الحكومي في القضايا الحساسة. وتذكر تلك الأوساط على الأخص القياديين في «الدعوة» علي الأديب وحيدر العبادي، كما تذكر مستشاره السياسي صادق الركابي ومستشاره الإعلامي ياسين مجيد. غير أن مصادر مقربة جدا من حزب الدعوة تصف مدير مكتب المالكي طارق نجم عبد الله، بأنه «الرجل الثاني» في الحكومة بعد المالكي، وبأنه «البوابة» التي تؤدي إلى رئيس الوزراء العراقي.

ويحيط الغموض بـ«الرجل الثاني» حول دوره في صناعة القرارات في بغداد، فالمعلومات المتوافرة عنه قليلة، لا تتعدى كونه قياديا في حزب الدعوة وأنه قضى سنوات طويلة في لندن أيام المعارضة، كما أنه قليل الكلام إلى وسائل الإعلام. لكن مصادر موثوقة تتحدث عن امتلاكه «صلاحيات واسعة»، وأنه هو الذي يسمح أو لا يسمح لأي مسؤول بمقابلة «أبو إسراء»، أو المالكي كما يعرف في الحلقة الداخلية.

وذكرت تقارير أخيرا، نفاها لاحقا علي الدباغ، المتحدث باسم الحكومة العراقية، تعيين عبد الله رئيسا لجهاز المخابرات العراقية بدلا من زهير الغرباوي، الذي عين خلفا لمحمد الشهواني الذي أقاله المالكي في أغسطس (آب) الماضي بسبب بلوغه السن القانونية. غير أن مصادر غير رسمية تحدثت في حينها عن رغبة المالكي في تعيين شخصية من حزب الدعوة بدلا من الشهواني الذي عينه الحاكم المدني الأميركي في العراق السفير بول بريمر، لأهمية المنصب وحساسيته.

إلا أن سامي العسكري، النائب البارز عن الائتلاف العراقي الموحد، يسخر من مثل هذه «الشائعات» التي مفادها أن عبد الله هو «الرجل الثاني»، ولكنه يستدرك قائلا إن «هذا الكلام صحيح وغير صحيح» في آن واحد، ويشرح قائلا إنه «صحيح لأنه (عبد الله) مدير مكتبه (المالكي)، وبالتالي فإنه أكثر شخص يلتقي به ويراه ويناقش معه قضايا تفصيلية»، لكنه يضيف قائلا إن «مدير المكتب هو موظف مسؤول ينفذ ما يقال له وليس هو صاحب القرار، وفي نهاية المطاف فإن صاحب القرار إما مجلس الوزراء، أو القرار للمالكي نفسه، وليس هناك أحد يستطيع أن يفرض رأيه أو قناعته على المالكي لا أنا ولا غيري». ولدى سؤالنا له عمن يكون برأيه «الرجل الثاني» بعد المالكي من غير السلم الإداري، اكتفى العسكري بالقول، بعد تفكير «كل يدعي وصلا بليلى».

ويجري تعريف العسكري إعلاميا على أنه «مقرب من المالكي»، وربما ذلك يأتي على خلفية كشفه للكثير من القضايا التي لا يلم بها سوى المطلعين على ما يحدث خلف الكواليس، فهو أول من كشف عن رحيل مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، إلى إيران ومغادرته العراق، إثر حملة أمنية حكومية استهدفت ميليشيا جيش المهدي، الموالية للصدر، عام 2007. كما أنه أدلى بتفاصيل حول حوارات الحكومة مع «عصائب أهل الحق»، الجماعة المسلحة المنشقة عن «ميليشيا جيش المهدي»، والتي أعلنت مسؤوليتها عن اختطاف الرهائن البريطانيين الخمسة في العراق، من أجل ضمها إلى العملية السياسية في العراق ضمن برنامج المصالحة الوطنية.

لكن العسكري يستنكر استخدام تعبير «مقرب من المالكي» من قبل وسائل الإعلام، قائلا «ليس هناك مقرب أو بعيد من المالكي، فأنا أشك أن البعض منهم يراه أو يلتقي به مرة واحدة خلال شهرين»، ويوضح قائلا «لست في الجهاز التنفيذي، لا في مكتب رئيس الوزراء ولا في دائرة المستشارين، وعلى الرغم من أن الإعلام كان يعرفني لفترة طويلة بأنني مستشار لرئيس الوزراء، فإنني لم أكن في يوم ما مستشارا لا لرئيس الوزراء ولا لغيره، ولكن بحكم الصداقة بيني وبينه قبل أن يكون هو رئيسا للوزراء، ألتقي به لقاءات كثيرة، لكن ليس هناك لقاء رسمي، وكل ذلك بحسب الحاجة أو الضرورة، فأحيانا أنا أطلب اللقاء به، وأحيانا يطلب هو اللقاء بي، وهكذا».

ويشرح العسكري الدوائر الاستشارية التي يلجأ لها المالكي في صناعة القرار، قائلا إن «المالكي لديه أكثر من دائرة يطرح بها القضايا ويصنع بها الرأي، وواحدة منها دائرة ما يعبر عنها بـ«لجنة دعم الحكومة» التي تضم وزراء وأعضاء في البرلمان من كتلة الائتلاف العراقي الموحد، ويلتقي بهم أسبوعيا تقريبا، ويطرح فيها القضايا التي يحتاج فيها إلى رأي أو موقف، وتتم مناقشة القضايا بعمومياتها لكن لا تتخذ فيها أي قرارات». والائتلاف العراقي الموحد هو أكبر كتلة في البرلمان ويتألف من نخبة من الأحزاب الشيعية بينها حزب المالكي.

ويذكر العسكري أن الدائرة الثانية هي «دائرة المستشارين»، برئاسة وزير النفط السابق ثامر الغضبان، وهي تقدم استشاراتها في مختلف المجالات للمالكي ولمجلس الوزراء كذلك، وأنها تضم أكرادا وشيوعيين وإسلاميين وعربا وتركمان، وأن عددهم بحدود 20 أو أكثر. ويوضح أن الموظفين في هذه الدائرة لا يحملون صفة مستشار بل خبير، وأنهم منسوبون لدوائرهم وبعضهم أساتذة في الجامعات أو موظفون في مجلس القضاء أو وزارات وكل بحسب اختصاصه كالزراعة أو الطاقة أو النفط أو الصناعة أو القانون أو التجارة أو الكهرباء.

أما الدائرة الثالثة، بحسب العسكري، فهي مكتب المالكي والمستشارون الخاصون به. ويوضح أن لدى المالكي 3ـ4 مستشارين خاصين، إعلامي وأمني وقضائي وسياسي، ويقول «بشكل عام رئيس الوزراء لديه مكتبه الخاص والمستشارون والسكرتارية والمراسم، وهؤلاء متواجدون معه طوال الوقت، ولا وقت محددا لاجتماعاتهم ولقاءاتهم»، مضيفا أن المستشارين الخاصين أغلبهم «ليسوا من حزب الدعوة وبعضهم ليسوا إسلاميين».

ويؤكد العسكري أن القرارات المدنية التي يتخذها المالكي، تتم عبر عرضها على مجلس الوزراء خلال الاجتماع الأسبوعي وتجري مناقشتها ثم يتخذ القرار بشأنها.

أما القرارات ذات الطابع الأمني والعسكري، وبحسب العسكري، فإن هناك «لجنة أمنية مشكلة من وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني ومكتب القائد العام للقوات المسلحة، تناقش هذه القضايا حصرا وتتخذ قرارات تخص الأمن لا تطرح في دائرة المستشارين أو دائرة دعم الحكومة». غير أن السياسي السني الشيخ خلف العليان يستبعد تماما نظرية وقوف المستشارين وراء قرارات المالكي «السريعة»، مرجحا فرضية «الضغوط» التي يتعرض لها رئيس الوزراء العراقي سواء من أطراف «داخلية أو إقليمية». ويقول الشيخ العليان، رئيس مجلس الحوار الوطني، إن «كل مسؤول لديه مستشارون سواء المالكي أو غيره وفي مختلف الشؤون، ولكن أنا اعتقد أن المالكي لا يخضع لهذه الدرجة للمستشارين، بل قد يأخذ منهم ما ينفع، فهو رجل قرار قادر على اتخاذ القرارات، لكن قد تكون هناك ضغوطات ليست من مستشاريه ولا من الحاشية التي تحيط به، بل من جهات سياسية مشاركة في العملية السياسية ولها تأثير كبير بحكم جهات إقليمية، وقد يفرضون عليه بعض الآراء»، في إشارة ضمنية إلى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي المدعوم من إيران. ويضرب العليان مثلا حول الضغوطات التي يتعرض لها المالكي، مشيرا إلى تراجعه عن دعوته لإعادة ضم البعثيين إلى الحياة السياسية في العراق، قائلا «قبل مدة صرح السيد المالكي بضرورة المصالحة الوطنية وإعادة البعثيين من غير الذين ألحقوا ضررا بالشعب العراقي، لكن حدثت ضغوطات كثيرة داخلية وخارجية، بحيث إنه خلال يومين خرج برأي آخر بأنه يرفض ذلك». وكان قياديون بارزون في المجلس الأعلى، بزعامة عمار الحكيم، قد حذروا من إعادة البعثيين وأعلنوا عن رفضهم الصريح والمطلق للخطوة.

ويعتبر مراقبون أن توقيت اتهامات المالكي لسورية وتنديده المستمر بالبعثيين أخيرا وبأنهم وراء تفجيرات بغداد تقف وراءه أهداف انتخابية، لكسب أصوات ناخبين شيعة من «المترددين» في إعطاء أصواتهم له بسبب مواقفه المعتدلة نسبيا إزاء السنة، وتوجهاته الأخيرة نحو العلمانية، وهؤلاء الشيعة قد يميلون للتصويت لصالح المجلس الأعلى الإسلامي أو التيار الصدري، بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، الرافضين تماما للمصالحة مع البعث والداعين إلى تطبيق المنهج الشيعي. بيد أن الشيخ العليان يرى أن اتهامات المالكي لسورية ونأيه عن المحيط العربي، من خلال دعوته إلى إبعاد الجامعة العربية عن الأزمة مع دمشق، بأنها لن تزيد من حظوظه في الانتخابات بل على العكس فإن الناخبين «قد يصابون بالإحباط من قراراته السريعة».

وربما لا تقتصر الضغوط على كونها داخلية وإقليمية فحسب، بل قد تكون أميركية أيضا خصوصا في ملف حل الخلافات العالقة مع إقليم كردستان. ويرى مراقبون أن زيارة المالكي إلى إقليم كردستان في أوائل أغسطس (آب) الماضي وإعلانه الموافقة على كل بنود الدستور جاءا بعد أقل من عشرة أيام على عودته من واشنطن في أواخر يوليو (تموز) الماضي، حيث أكد مسؤولون أميركيون كبار على ضرورة حل الخلافات العالقة، منطلقين من أن معركة العراق القادمة قد تكون حول كركوك ومناطق أخرى متنازع عليها بين بغداد وأربيل. ناهيك عن زيارات نائب الرئيس الأميركي جو بايدن المتكررة إلى بغداد ودعواته إلى المصالحة الوطنية.