يصارع الرئيس الأفغاني حميد كرزاي للفوز بالانتخابات المقبلة المقررة في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2009. وعلى الرغم من أن كرزاي يتمتع بدعم التحالف الغربي، فإنه في الآونة الأخيرة عانى من هزات في الثقة في إدارته وهزات شعبية وتوترت علاقته بالكثيرين. كما تردد أن علاقاته مع المبعوث الأميركي لأفغانستان ريتشارد هولبروك قد تأثرت بعد التقارير عن تزوير واسع النطاق في الانتخابات لصالحه، إلا أن الطرفين ينفيان الأمر ويقولان إن علاقاتهما على ما يرام. ووسط هذه المصاعب يعتمد كرزاي على عدد قليل من الحلفاء المؤكدين هم رجال الحلقة الضيقة التي لا شك سيعتمد عليهم خلال الفترة المقبلة سواء تحضيرا للانتخابات أو في حال إذا فاز وحكم أفغانستان لولاية ثانية. فمن هم رجال كرزاي؟ ـ المارشال محمد فهيم قسيم اختاره كرزاي كنائب أول في السباق الرئاسي، وكان فهيم وزيرا للدفاع في حكومة كرزاي السابقة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2001 حتى ديسمبر 2004، عندما أقاله كرزاي عين عبد الرحيم وردك كوزير للدفاع مع ترقية الجنرال فهيم إلى رتبة مارشال على أن يحتفظ بهذه الرتبة العسكرية إلى نهاية حياته، وفي عام 2006 اضطر كرزاي إلى تعيينه كمستشار أمني خاص لرئاسة الجمهورية بعدما زادت وتيرة العنف في أفغانستان وارتفع معدل العمليات التي تنفذها طالبان.
ولد فهيم في وادي بانشير في أفغانستان عام 1957، وتخرج من كلية الشريعة عام 1977، ومع الغزو السوفياتي لأفغانستان، انتقل فهيم إلى بيشاور وانضم إلى حزب الجمعية الإسلامية الطاجيكي، وشارك في الحرب الجهادية ضد السوفيات، وبرزت مهاراته العسكرية، فقربه أحمد شاه مسعود، القائد العسكري للجمعية الإسلامية وتحالف الشمال. يبدو فهيم كرجل عسكري صارم، ويبدو أن انتصاراته الميدانية جعلته من رجال الصف الأول في الحزب وجبهة تحالف الشمال، واستطاع مسعود أن يعتمد عليه في كثير من الجبهات الساخنة والصعبة ضد منافسه الشرس حكمتيار وطالبان فيما بعد.
يعمد فهيم إلى تعيين مقربين منه والثقات من أبناء وادي بانشير في المناصب المهمة، والدائرة الأولى والثانية من حوله تقتصر على من يثق فيهم وينتمون إليه بصلات قربى من أبناء بانشير بغض النظر عن مؤهلاتهم الأكاديمية، فالثقة هي الأهم بالنسبة لفهيم الذي تعرض، على الأقل، لخمس محاولات اغتيال منذ 2001 وإلى اليوم، أقربها منه كانت عام 2003 وأدت إلى مصرع قائد الحرس الخاص به، ويبدي المارشال تبسطا في الحديث مع الأجانب، ويبدو في لحظات الصفاء على حقيقته كرجل قروي بسيط يكرم الضيف، لكنه سريعا ما يزيح هذا الوجه جانبا إذا شعر بالخطر.
انتقدت كثير من منظمات حقوق الإنسان اختيار كرزاي لفهيم، ونددوا بملف الرجل الأسود في جرائم الحرب والاعتقالات والتعذيب، وانتهاكات حقوق الإنسان، لكن كرزاي أصر على اختياره لفهيم بهدف شق أصوات البانشيريين وأنصار تحالف الشمال الذين يمكن أن يصوتوا لمنافسه عبد الله عبد الله.
ترددت كثير من الشائعات حول فهيم، بعدما نحاه كرزاي من وزارة الدفاع وعين بدلا منه نائبه الجنرال الأكاديمي عبد الرحيم وردك البشتوني، فيقال إن فهيم استخدم نفوذه والأموال الكثيرة لديه كي يدعم طالبان بطريق مباشر ويتسبب من جهة أخرى في بعض الانفجارات في مناطق البشتون، بهدف إظهار ضعف وزير الدفاع الجديد، وسواء كان فهيم يقف وراء تصاعد أحداث العنف أم لا فإنها أدت إلى عودته بشكل أو بآخر عندما عينه كرزاي كمستشار أمني خاص لرئيس الجمهورية، ولكن سرعان ما رأى فهيم أن المنصب الجديد شرفي وأنه من دون صلاحيات وأبدى استياءه في حديث مع الصحف قائلا إن الرئيس لم يطلب استشارته أبدا منذ توليه السلطة.
يبدو فهيم أشبه بالأسد الذي قاد جماعته في الصيد لفترات طويلة، وعانى من التهميش، وكرزاي يتيح له الفرصة للعودة إلى الواجهة والخروج من الظل، مع احتمال قوي جدا بأن يكون هو الرئيس إذا ما وقع مكروه لكرزاي.
ـ عبد الكريم خليلي زعيم حزب الوحدة الشيعي في أفغانستان منذ عام 1996، إثر مقتل زعيم الحزب عبد العلي مزاري على يد مقاتلي طالبان فور دخولهم العاصمة الأفغانية كابل، ويعد خليلي أحد قادة الشيعة الأفغان من عرقية الهزارة، وهو من المقربين من كرزاي منذ 2002، ولكنه لم يقدم الكثير للهزارة منذ أن أصبح نائبا ثانيا لكرزاي في 2002، ولهذا صوت الهزارة بكثافة في انتخابات 2004 لمنافس كرزاي الزعيم الهزاري حاج محمد محقق، لكن كرزاي سارع إلى تدارك هذه الثغرة وبدأ خليلي يقوم بزيارات لمناطق الهزارة ويشرح لهم أسباب عدم تسارع عجلة التنمية في مناطقهم وارتباط ذلك بالوضع في أفغانستان عامة.
يحظى خليلي بقبول أميركي بسبب ابتعاده عن إيران عملا بنصائح أوحت له بذلك، وربما لهذا لم يتم فتح ملفات قوية ضده، مع أن هناك تقارير أنه يترأس حزبا عرقيا وطائفيا واتهم بارتكاب جرائم تصفية خلال الحرب الأهلية الأفغانية. ولكن خليلي هو أحد المفاتيح التي ستجني لكرزاي قرابة 20 في المائة من أصوات الأفغان، فمن المعروف أن الهزارة يذهبون للتصويت بكثافة، ومناطقهم تتمتع ببعض الاستقرار الأمني.
ولد خليلي عام 1950 في ولاية وردك، الواقعة في المنطقة الوسطى وتلقى تعليما دينيا على المذهب الشيعي في العاصمة كابل، وانضم لحزب الوحدة المدعوم آنذاك من قبل إيران عام 1980 ليمثل الشيعة الهزارة في مقاومة السوفيات، وعلى الرغم من مساعدة إيران للحزب خلال فترة الجهاد ضد السوفيات وتقديم المعونات خلال الحرب الأهلية، فإن خليلي اتهم طهران بالدعاية لنفسها عبر بعض المساعدات العينية التي وصلت منطقة باميان، كما نفى تلقي حزبه أي أموال من إيران. ويمكن حساب قوة خليلي من خلال سيطرته على ميليشيات مسلحة تقدر أعدادها بعشرين إلى ثلاثين ألف مقاتل، واستطاع خليلي بجيشه الصغير أن يستعيد السيطرة على ولاية باميان إثر هزيمة طالبان فيها أواخر عام 2001. ـ عبد الرشيد دوستم أكثر الأسماء التي أثارت صخبا وضجة إثر عودته منذ أشهر من تركيا إلى أفغانستان عقب إعلان كرزاي أنه مواطن أفغاني يحق له العودة إلى بلده متى شاء، وكان دوستم هرب إلى تركيا عقب هجومه مع ميليشياته على منزل أكبر باي، وهو أحد مساعدي دوستم السابقين. ولد عبد الرشيد دوستم عام 1954 وأكمل تعليمه في الاتحاد السوفياتي، وكان أحد محتكري شركة الغاز الأفغانية في ولاية جوزجان، على الرغم من أنه بدأ حياته كجندي في الجيش الشيوعي الأفغاني، وترقى في المناصب العسكرية، ويروى الكثير عن دهائه وتلاعبه بكل شيء في سبيل مصلحته، لكن عرقية الأوزبك الأفغان ينظرون إليه بتقدير، كونه استطاع حماية مصالحهم وأوجد لهم مكانة خلال الحرب الأهلية التي ارتكب فيها دوستم مجازر بعضها موثق.
دخل دوستم مرحلة الحرب الأهلية الأفغانية بعتاد ثقيل استولى عليه من السوفيات خلال انسحابهم بعدما أقنعهم بضرورة ترك السلاح الثقيل من دبابات وطائرات في عهدته حتى لا يستولي عليه المجاهدون خلال الانسحاب الروسي، وصدقه الروس. واسمه الثاني يعني في اللغة العربية «رفيقي» وكان هو لقبه خلال الحقبة الشيوعية في أفغانستان، واستطاع دوستم أن يلعب مع وضد جميع الأطراف الأفغانية المتصارعة خلال التسعينات في الحرب الأهلية؛ فتارة مع حكمتيار الزعيم البشتوني وقائد الحزب الإسلامي ضد أحمد شاه مسعود القائد العسكري لتحالف الشمال، ثم لا يلبث أن يتفق مع مسعود ضد حكمتيار ويقصف مناطق حكمتيار، وفي اليوم التالي يتفق مع حكمتيار على تسليم مناطق تحت نفوذه له.. وهكذا كان يغير تحالفاته، لكنه عادى طالبان على طول الخط ولم يقم أي تحالف معهم ودخل في حلف جبهة تحالف الشمال.
سيطر دوستم على الميليشيات الأوزبكية التي اشتهرت بوحشيتها وعرفت باسم «جلم حم» أي «جمع الجليم» نسبة إلى أنهم كانوا عند وصولهم أي منطقة يستولون على السجاد وما فوقه، وينهبون كل ما تصل إليه أيديهم بما في ذلك أبواب المنازل والنوافذ، وكانت الميليشيات الأوزبكية تثير الرعب دائما، فتحالفهم مع أي فصيل غير مضمون وينقلبون على حلفائهم بمجرد أن تصلهم أوامر دوستم ليعيثوا في الأرض فسادا، وكان دوستم عكس القادة الأفغان يشرب الخمر على الملأ، ويأمر بالتنكيل بالأسرى.
تعد موقعة «قعلي جنكي» أو القلعة الحربية في ولاية بلخ أكثر الانتهاكات شهرة في تاريخ دوستم، إذ جمع أكثر من مائتي أسير من طالبان و«القاعدة» وحبسهم داخل الحاويات المعدنية في الصحراء مقيدين، ثم أمر جنوده بإطلاق الرصاص عليهم، ولهذا هجم دوستم على أكبر باي واعتدى عليه في منزله، فأكبر باي كان أحد مساعدي دوستم ثم انشق عنه وبدأ يشهر بدوستم في وسائل الإعلام ويؤكد أنه يملك وثائق تدينه.
يحظى دوستم بعلاقة مميزة مع تركيا، فعرقية الأوزبك في أفغانستان تنتمي إلى الأتراك ويتحدثون بإحدى اللهجات التركية، وحافظ دوستم على علاقة مميزة مع العسكريين الأتراك أتاحت له دائما خط رجعة، ويبدو أن التحالف الذي حدث قبيل أسابيع من الانتخابات بين كرزاي ودوستم لعبت فيه تركيا دورا كبيرا، فلأنقرة استثمارات ضخمة في أفغانستان، وتولت تركيا قيادة قوات الـ«إيساف» الدولية عدة مرات، كما أنها تقدم مساعدات ملحوظة للشعب الأفغاني، خاصة في مناطق الأوزبك النائية والتي لن تصلها الجهود الحكومية، وكرزاي بحاجة إلى أصوات الأوزبك في الانتخابات الفيصلية ضد منافسه د. عبد الله عبد الله، ودوستم هو القائد الأوزبكي الأبرز الذي يستطيع حشد أكبر عدد من أصوات الأوزبك، وربما داعبه كرزاي بحلمه القديم في رئاسة أركان الجيش الأفغاني، فدوستم صرح أثناء مؤتمر «اللويا جركا» الذي أقر الدستور الأفغاني عام 2003 بأنه أنسب من يتولى رئاسة أركان الجيش الأفغاني، ولكن كرزاي لم يستطع أن يولي دوستم هذا المنصب لعدة أسباب لا تخفى على أحد، وبدلا من ذلك وعندما بدأ دوستم في إثارة المشكلات الحقيقية، استحدث له كرزاي منصب رئيس أركان القوات الرئاسية، وبالطبع اكتشف دوستم بعد فترة وجيزة أن هذا المنصب شرفي ولا توجد له أية صلاحيات، فغضب وعاد إلى جوزجان، ومن ثم بدأ في مناوشات عسكرية مع منافسيه في الشمال مثل الجنرال عطا محمد قائد الجيش الأفغاني في الشمال وأحد الرموز المهمة في حزب الجمعية الإسلامية.
نافس دوستم كرزاي في الانتخابات الرئاسية عام 2004 وحصل على 11 في المائة من الأصوات، وتحالفه مع كرزاي في هذه الجولة من الانتخابات يضمن لكرزاي نسبة كبيرة من أصوات الأوزبك الأفغان المنتشرين في أقصى الحدود الشمالية، كما يتيح لدوستم غطاء يحميه من الملاحقات القانونية التي يلوح بها الكثير نظرا لملفه المليء بجرائم وأحداث عنف، والأدلة كثيرة؛ فدوستم نفسه يروي كيف ذبح مقاتلين من طالبان بسكينه، وكيف قاد دبابة ليدهس بها لصا أوقعه حظه العاثر في يدي دوستم.
ـ محمد محقق نافس كرزاي في الانتخابات الرئاسية عام 2004 وجاء في المركز الثالث بحصوله على أحد عشر في المائة من جملة الأصوات، لكنه يساند كرزاي في هذه الانتخابات، ويأمل كرزاي في أن يساعده محقق مع خليلي في الحصول على غالبية أصوات عرقية الهزارة، فمحقق أحد ثلاثة قادة يسيطرون بصورة شبه كاملة على أصوات الهزارة، ويمكن بوقوف كل من محقق وخليلي بجانب كرزاي أن يحصل على أصوات تقدر بعشرة إلى خمسة عشرة في المائة من الشعب الأفغاني، كما سيسعى كرزاي لاستمالة منافسه في انتخابات 2009 رمضان بشر دوست الزعيم الثالث لعرقية الهزارة.
تم تعيين محقق كنائب لكرزاي في اتفاقية بون عام 2001 ثم أصبح وزير التخطيط عام 2002 في الحكومة الانتقالية، وخرج من الحكومة إثر تصريحات له عن الدور السلبي الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية الأجنبية في أفغانستان، وصرح بأنه استقال من الحكومة احتجاجا بينما أصدر القصر الرئاسي بيانا بإقالة محقق من منصبه، وأعلن محقق آنذاك أنه سيترشح ضد كرزاي في انتخابات 2004، ويحظى محقق بشعبية في أوساط الهزارة لأنه ظل يقود حزب الوحدة من داخل أفغانستان، ولم يسافر ليعيش في الخارج، حتى أثناء سيطرة طالبان على أكثر من 90 في المائة من الأراضي الأفغانية.
ـ إسماعيل خان قائد عسكري ماهر وحاكم لديه شعبية في ولاية هرات. كان إسماعيل خان أحد أبرز القادة العسكريين غربي أفغانستان والمنتمين لحزب الجمعية الإسلامية، ويعد أحد القلائل من قادة الحرب الأهلية الأفغانية الذين يحظون بحب الأهالي في مسقط رأسه، فقد عمل إسماعيل خان دائما على تطوير مدينة هرات التاريخية، والحفاظ على هويتها الثقافية، وكان يؤم الناس في الجامع الكبير في هرات ويفصل في مشكلاتهم بنفسه، كما أن له الفضل في عدد من المشروعات الإنسانية في هرات مثل تخصيص كبائن الهواتف العمومية للمعاقين في مدينة هرات ليمنعهم من التسول، وتم تعيينه واليا لهرات منذ وصول كرزاي إلى السلطة في كابل، ولكن حكومة كابل لم ترضَ عن إسماعيل خان الذي لا يمتثل للحكومة المركزية ويحصل على جميع أموال الجمارك التي تحظى بها هرات لأنها أهم معبر حدودي بري بين أفغانستان وإيران. ويقدر حجم التجارة بين البلدين بأكثر من نصف مليار دولار تمر غالبيتها عبر منفذ هرات الحدودي، وكان إسماعيل خان يبرر ذلك بأن أموال الجمارك وعائدات هرات إن أرسلت إلى كابل فستختفي هناك بسبب الفساد وأن الشعب الأفغاني لن يحظى بأي جزء منها، وعندما حاول كرزاي إغواءه بحقيبة وزارية في كابل تسلمها إسماعيل خان وأوكلها إلى ابنه البكر الذي أصبح وزير الطيران المدني والسياحة، فغضب كرزاي منه وأثار ضده قادة البشتون على تخوم مدينة هرات ليدخلوا في نزاعات مسلحة مع إسماعيل خان نتج عن أحدها مقتل ابنه وزير الطيران في ليلة العيد.
عزل كرزاي إسماعيل خان عن ولاية هرات وعينه وزيرا للكهرباء، وامتثل إسماعيل خان لرغبة كرزاي، فقد أدرك أخيرا أن كرزاي لن يسمح باستقلال إسماعيل خان بهرات، ولوح له بإمكانية الضغط عليه لتسليم سلاح ميليشياته الخاصة، وبلا شك فإن التحالف بين كرزاي وإسماعيل خان سيكون مفيدا لكرزاي في جولة الانتخابات القادمة ولكن الثمن الذي سيطلبه إسماعيل خان سيكون باهظا، ولن يستطيع كرزاي تقديمه لفترة طويلة، ولإسماعيل خان خبرات سيئة سابقة مع كرزاي لن يدرك أن مصلحته في الرهان على الحصان الفائز.
سيعتمد كرزاي في قندهار مسقط رأسه أيضا على كل من جل أغا شيرزوي، وهو أحد قادة البشتون المناوئين لطالبان وساعد كرزاي على التسلسل إلى قندهار والاجتماع بقادة البشتون لتأليبهم على طالبان أثناء القصف الأميركي لأفغانستان في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2001، وعينه كرزاي واليا على قندهار ثم ننجرهار، ويعد شيرزوي أحد أشرس قادة البشتون المناوئين لـ«القاعدة»، ويفتخر بذبحه للمقاتلين العرب إثر سيطرته على قندهار، كما أنه باع كثيرا من العرب للقوات الأميركية بعد اصطيادهم أثناء محاولتهم الفرار من أفغانستان.
المفتاح الثاني المهم في قندهار هو آية الله محمد محسني الزعيم الروحي للشيعة البشتون، فهو يساند كرزاي منذ البداية، ويحظى باحترام كبير بين الشيعة البشتون خاصة في مناطق الجنوب الغربي.
أما بالنسبة لبقية مناطق البشتون، خاصة في الوسط والشرق، فيساند كرزاي عبد رب الرسول سياف زعيم حزب الدعوة الإسلامي والخطيب المفوه وعضو البرلمان الأفغاني عن بغمان. وسياف الذي درس في القاهرة ويتحدث العربية والإنجليزية بطلاقة يساند كرزاي منذ انتخابات 2004، ويكتفي من الكعكة بسيطرته على مسقط رأسه بغمان، وعضوية البرلمان والتدريس في الجامعة، والأهم؛ ابتعاد أعين الحكومة عن تجارته ومشروعاته التجارية التي تديرها مجموعة من المقربين لديه.
أما مناطق الشرق البشتونية فيساند كرزاي فيها شيخ الطريقة النقشبندية الصوفية صبغة الله مجددي، وهو أول رئيس لحكومة المجاهدين الأفغان وشخصية تحظى باحترام نسبة كبيرة من البشتون بسبب تزعمه للطريقة النقشبندية واسعة الانتشار وكونه أحد القيادات الجهادية الشهيرة التي لم تتورط في الحرب الأهلية، كما أنه يرأس لجنة المصالحة الوطنية المسؤولة عن الإفراج عن عدد كبير من مقاتلي طالبان والحزب الإسلامي، حزب حكمتيار، وإعادة دمجهم في المجتمع الأفغاني المدني.
السيد أحمد جيلاني أحد أهم مؤيدي كرزاي، فهو شيخ الطريقة الجيلانية الصوفية، ويساند كرزاي مع كل من: أنور الحق أحدي، زوج ابنته ومحافظ البنك المركزي، وعبد الجبار نعيمي والي وردك الذي يقود عددا كبيرا من نخبة الشباب البشتون المتعلمين لدعم كرزاي، كما أن فاطمة جيلاني ابنة السيد أحمد وزوجة «أحدي» هي رئيسة الهلال الأحمر الأفغاني ولها دور إنساني، أي أن كرزاي ضمن قيادات الطريقتين الصوفيتين الأكبر في أفغانستان بكامل عددهما.
تبرز في القصر الرئاسي في كابل عدة وجوه تؤيد كرزاي منذ وصوله إلى الحكم مثل صديق تشكري وزير الحج والأوقاف وهو طاجيكي، لكن مصلحته تكمن في بقاء كرزاي في السلطة، كما أنه متحدث جيد وأدار حملة كرزاي الانتخابية في 2004، بالإضافة إلى فاروق وردك، أحد الكوادر البشتونية والذي ترأس لجنة الانتخابات السابقة وأدار «اللويا جركا» التي أقرت الدستور ببراعة، وله علاقة مميزة مع الأمم المتحدة.
وينص الدستور الأفغاني على أن الرئيس يترشح لولايتين متتاليتين كحد أقصى، أي إن كرزاي له في السلطة خمس سنوات بعد نجاحه في هذه الانتخابات، إن لم يدعُ لعقد مجلس أعلى «لويا جركا» بهدف تعديل الدستور، وربما تؤمن له التحالفات السابقة النجاح في الجولة الثانية من الانتخابات، لكن الحفاظ على هذه التحالفات سيكون هو المعادلة المستحيلة خاصة مع ازدياد مطالب المجتمع الدولي بشأن الإصلاحات والحرب ضد طالبان وزراعة المخدرات وتقليل نفوذ قادة الأحزاب المتهمين بارتكاب جرائم حرب الذين ضمهم كرزاي لفريقه للفوز بالانتخابات للاحتفاظ بكرسي الرئاسة في قصر جلستان.