منير المقدح: ربح المعركة من دون قتال

يخيل لمن يلتقيه أنه ولد كهلا وجسده مزروع في كل شبر منه برصاصة.. وأهالي «عين الحلوة» يرونه صمام أمان

TT

يخيل لمن يلتقي، منير المقدح أن الرجل ولد كهلا. ذلك أن قائد الكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان، المجمد قرار إعفائه من مهامه حتى إشعار آخر، يحمل جسده المزروع كل شبر منه برصاصة، ووجهه الموسوم بالتجارب، ونظرته التي تجمع بين الزهد والحنكة وتضفي على عمره كمّا من السنوات يصعب تحديده. وملامحه هذه ما زالت تحافظ على ثباتها، كذلك حركته المتثاقلة وهو ينتقل من مكان إلى آخر في مخيم «عين الحلوة» بجنوب صيدا حيث معقله. كما أن نظرته لا تتغير أيا كانت الظروف، سواء تعلق الأمر بإشكال أمني في المخيم أو بعاصفة سياسية كالتي تعيشها حركة «فتح» في لبنان حاليا مع التشكيلات الجديدة التي استبعدته من أي موقع رسمي، وواجهها بإصرار على أنه ليس حجر شطرنج على رقعة التقلبات الفلسطينية.

ربما يمكن تسجيل استثناء واحد في هذا المقام، وذلك لدى اغتيال رفيق دربه نائب ممثل «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان الراحل كمال مدحت، آنذاك قال المقدح لـ«الشرق الأوسط»: «عادة، عندما أسمع انفجارا لا أهتز. أتابع ما أقوم به بهدوء. لكن عندما سمعت الانفجار صباح الاثنين الماضي شعرت أن قلبي انفجر».

عدا هذا الاستثناء يقول عارفوه إنه كتوم ولا يتفوه إلا بما يريد أن يقوله. إلا أن ذلك لا يحول دون إجماعهم على أنه خفيف الظل وطريف ودمث الأخلاق وحلو المعشر، لكنه لا يعطي سره إلى أحد، ويتصرف وفق حسابات لها طابعها الشخصي والمحلي بالمعنى الضيق الذي يتعلق بمخيم عين الحلوة.

من هنا يمكن الدخول إلى شخصية منير المقدح المولود عام 1960 على شاطئ البحر في منطقة الزهراني جنوبي صيدا. وتحديدا في قرية السكسكية، ومنها انتقل أهله إلى مخيم عين الحلوة. وهو متزوج وأب لثلاثة أولاد وثلاث بنات وجد لستة أحفاد. هو أبو حسن في لبنان والحاج أبو أحمد في فلسطين. يوازن بين العاطفة ورباطة الجأش. ويمكن رصد هذا التوازن منذ ما قبل أكثر من عشرة أعوام عندما قصف الإسرائيليون منزله وجلس متماسكا يتكلم عن قضايا مصيرية وابنه في حضنه، بوجود مراسلي الصحف في مكتبه المكتظ. كما يمكن رصده اليوم وفي حضنه أحد أحفاده ويتابع البحث في قضاياه المصيرية.

ويبقى أن الفكرة المركزية التي يعتمدها منير المقدح في استراتيجيته هي أنه يريد دائما أن يخوض حروبه ومعاركه ويربحها من دون قتال. يقول إن «المعركة الحقيقة هي تلك التي تحقق فيها أهدافك من دون سفك للدماء». كما يعتمد على فكرة مركزية ثانية مفادها أنه «إذا وجد في حقل ألغام ينصب اهتمامه وجهده على تفكيك هذه الألغام وليس تفجيرها». وهو لا يزال يواجه بالأسلوب نفسه. لذا يطمئن إليه الأهالي في «عين الحلوة» ويثقون بأنه قادر على حماية استقرار المخيم وضبط الإسلاميين والفتحاويين.

حاليا أي أسلوب يعتمد المقدح لتفكيك الألغام السياسية التي يواجهها؟

يجيب لـ«الشرق الأوسط»: «لا أزال أعمل وفق الأسلوب ذاته (وزيادة حبتين). عندما تحصل هجمة أتلقاها بهدوء وأشتغل على تفكيكها. فالقوي يستوعب خصمه».

ويضيف: «عندما أناقش القرار مع معنيين وخبراء سأبين لهم أن فيه خللا تأسيسيا وعسكريا وأمنيا. والأهم أن مثل هذا القرار لا يتخذ من دون التنسيق مع الدولة اللبنانية وفق اتفاق الطائف الذي نص على ضرورة التوافق اللبناني الفلسطيني، لأن مسؤولية الكفاح المسلح هي مسؤولية أمنية. والأمن الفلسطيني مرتبط بالأمن اللبناني، فنحن لا نملك قضاء خاصا بنا أو سجونا. ولا يعتبر تدخلا لبنانيا في شؤوننا مثل هذا التنسيق».

ويوضح أنه في انتظار وصول وفد من رام الله لإنهاء الأمر. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «المفروض أن يتحركوا. في تقديري سينتهي الإشكال خلال أسبوع. والحل سيكون مريحا للبنانيين كما للفلسطينيين. من سيأتي ليتسلم الملف الفلسطيني في لبنان شخص فتحاوي أحبه ويحبني هو عضو اللجنة المركزية عزام الأحمد، وسيشرف على الساحة بشكل مطلق في القريب العاجل. وهو محبوب في قواعد فتح وله علاقات جيدة في لبنان وأنا متفاهم معه على كل شيء».

يتحفظ لدى سؤاله عن دور «غريمه» في «فتح» وعضو اللجنة المركزية سلطان أبو العينين في إبعاده عن التشكيلة الجديدة لفتح في لبنان. ومعروف أن الخلاف بين الرجلين قديم. وقد وصل إلى حد اتهام المقدح أبو العينين بالتورط في اغتيال كمال مدحت. واليوم، لدى سؤاله عن وضع أبو العينين يقول: «ترقبي التطورات هذا الأسبوع». ولا يفصح أكثر. ينفي المقربون من المقدح أن يكون سبب إعفائه من مهامه هو علاقته بحزب الله، كما يشيع البعض. يقول مسؤول فلسطيني مقرب منه: «منير ليس على صلة مباشرة مع حزب الله. ربما العكس صحيح، فالحزب وحركة أمل والتنظيم الشعبي الناصري في صيدا أخذوا منه موقفا سلبيا بعد أحداث السابع من مايو (أيار) 2008، وذلك عندما تدخل بشكل حاد وطلب منهم عدم المساس ببلدة مجدليون حيث دارة الرئيس الراحل رفيق الحريري والنائبة بهية الحريري. فقام باتصالاته وأرسل وفدا إلى بهية الحريري لمساندتها معنويا عندما قطع عناصر من حركة أمل في منطقة حارة صيدا حيث الأكثرية الشيعية طريق مجدليون. كان يصر على تحييد بوابة الجنوب، الأمر الذي لم يُرض قوى (8 آذار) في حينه».

وفي العودة إلى سيرته العسكرية، يمكن القول إن منير المقدح هو «أبو الكتائب». فقد أعلن رفضه لاتفاقية أوسلو عام 1993 بتأسيس «كتائب 13 أيلول الأسود». وفي عام 1997 أسس «الجيش الشعبي: لواء الأقصى»، وفي عام 2000 وبالتزامن مع انتفاضة الأقصى أسس «طلائع الجيش الشعبي: كتائب العودة» ومن ثم «كتائب الأقصى»، وكان يتولى إدارة هذه القوى الموجودة في فلسطين من لبنان، حتى إنه كان يصدر البيانات باسمها. لكن بعد إرسال الرئيس الفلسطيني محمود عباس وفدا إلى المقدح التزم التهدئة ولا يزال ملتزما بها من دون أن يتوقف تواصله مع «كتائب الأقصى»، الأمر الذي يعرفه أبو مازن. أما العودة إلى سيرته الذاتية فتبين أن عائلته نزحت من قرية الغاطفية في قضاء عكا، وترك المدرسة في سن الحادية عشرة وانتسب إلى حركة «فتح» وفيها درس العلوم العسكرية. كان قائد قوات «17» منذ عام 1988 حتى عام 1991. عمل مع ياسر عرفات في المجال الخارجي. كان قد غادر معه بحرا من مدينة طرابلس في شمال لبنان. ذهب إلى اليمن ومن ثم إلى تونس. يقول: «أبو عمار أعطاني قرارا لم يعطه إلى أي فلسطيني. وهو قائد قوة كل الأهداف. كان يسمح لي بالعمل في الأمن والسياسة والتنظيم والمال. وبعد معارضتي اتفاق أوسلو كان أبو عمار يجري مقابلة مع إذاعة (راديو مونت كارلو)، فسأله المذيع عن معارضتي للاتفاقية، ليجيب: (كيف تسألني عنه؟ أنا لم أرع خرافا وإنما ربيت رجالا)». ذلك أن عرفات لم يخاصم المقدح جراء مواقفه. وكان يردد أنه يتفهم وضع الفلسطينيين حيث يقيمون ويدعوهم إلى اعتناق مذهب «احم نفسك» وذلك تحسبا للظروف السائدة في أمكنة وجودهم. وفي لبنان كان الوجود السوري ضد عرفات وكذلك كانت حركة الانشقاقيين المدعومة من هذا الوجود تشكل خطرا على الفلسطينيين الفتحاويين، مما أدى إلى سيطرة حالة «الفهلوة» أو «الشطارة» في صفوف حركة فتح.

إلا أن الحديث عن المقدح لا يستقيم ما لم يرتبط بدور مخيم عين الحلوة بعد عام 1982، مع المرحلة الأولى التي تلت الانسحاب الإسرائيلي إلى ما كان يسمى الحزام الأمني لإسرائيل في الجنوب اللبناني، حينها عرف المخيم التحدي الأول مع سيطرة ميليشيا «القوات اللبنانية» على شرق صيدا، وعجز القوى المحلية الصيداوية عن التصدي خلال فترة طويلة، ما استوجب تدخل القوى الفلسطينية في المخيم لتتولى أول دور لها عسكري في الحرب الأهلية، وتشن هجوما على شرق صيدا وتخرج «القوات اللبنانية» من المنطقة. بعد ذلك عرف المخيم مرحلة ثانية مع تحوله إلى معقل كل الموالين للرئيس الراحل ياسر عرفات الذين كانوا يهربون من المنشقين ومن الوجود السوري في لبنان الذي كان يلقي القبض على كل فلسطيني يشك بأنه «عرفاتي» ويعتقله، ليصبح الإفراج عنه عملية صعبة. وقد شكل تجمع «العرفاتيين» في المخيم صيغته الجديدة وأصبح «عاصمة المخيمات»، و«عاصمة القرار الفتحاوي والعرفاتي» بمواجهة الانشقاق أو «فتح الانتفاضة» والسوريين. وانطلقت من عين الحلوة إعادة تأسيس نفوذ «فتح» في مخيمات الجنوب تمهيدا لاستعادة السيطرة عليها. وفي حرب المخيمات التي شنتها حركة أمل منتصف الثمانينات من القرن الماضي أصبحت عين الحلوة «غرفة عمليات» المخيمات. وامتدت سيطرة «فتح» إلى القرى المحيطة بالمخيم. في ذلك الوقت أصبح المقدح قائد منطقة البساتين المفتوحة على الجنوب اللبناني. كان يعتبر أن واجبه حماية المخيم والفلسطينيين، لكن بعد طرح حركة أمل فكرة المصالحة تغيرت الأمور. يقول: «عندما طرحت المصالحة اجتمعت برئيس الحركة آنذاك (رئيس مجلس النواب اللبناني الحالي) نبيه بري وبحثنا في الاتفاق. كان الرهان حول قدرتي على فك الدشم وإقناع الفصائل بالتوقف عن القتال. فأجبت بأني أستطيع ذلك باتصال عبر الجهاز ما أن يتم الاتفاق. وهذا ما حصل». ويشدد على أن «المواجهات العسكرية لم تحل من دون علاقاتي الطيبة مع أهالي المحيط. ولطالما عملنا معا لحل المشكلات التي كانت تقع، كما أنها لم تحل من دون متابعة العمليات ضد العدو الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، وكانت فرق المناضلين تتسلل عبر حواجز أمل لتقوم بعملياتها، وأحيانا كان مسؤول الحركة (النائب الحالي) هاني قبيسي يتدخل لمساعدة بعض العناصر إذا حصل إشكال أو سوء تفاهم مع القوات الدولية». مزيج السيرة الذاتية والعسكرية صنع اسم منير المقدح ودوره، لا سيما بعد أن تم تكليفه رسميا بحفظ النظام في مخيم عين الحلوة. باختصار أصبح منير المقدح زعيما. وزعامته هذه تعززت بعد تشكيله قوة عسكرية لتصبح «درع الثورة الفلسطينية»، والهدف منها كان ضبط الوضع الداخلي في مخيم عين الحلوة. وبالفعل شكل المقدح هذه القوة التي تضم عناصر من العائلات الفلسطينية في المخيم، وعرفت باسم «ذراع الثورة»، ونجح آنذاك في لملمة الوضع الداخلي للمخيم، في حين سجل عجز الفصائل الفلسطينية ومعها الكفاح المسلح في ضبط الوضع.

هذه التجربة كانت أساسية في بلورة دور المقدح على المستوى المحلي في المخيم ليمسك بخيوط أكبر مخيم فلسطيني في لبنان. ومعروف أن مجموعاته تدين بالولاء المطلق له. ويقول أحد سكان المخيم إن «مسألة توليه الكفاح المسلح كجهاز لا تضيف إليه الكثير، أهميتها أنها تتيح له الاستمرار مع الموالين له في إطار رسمي وضمن مهمة رسمية». ويضيف: «إذا أرغم المقدح على تنفيذ قرار المنظمة والتخلي عن قيادة الكفاح المسلح فهو سيسلم مكتبا فارغا مع عنصرين من دون سلاح أو بزة عسكرية، الأمر الذي سيؤدي إلى أزمة أمنية في مخيم عين الحلوة، وإذا لم يوافق على القرار، فذلك سيؤدي إلى أزمة سياسية وتنظيمية».

وقوته تكمن في أنه ابن عائلة لها موقعها ومكانتها في عين الحلوة، ما مكنه من استثمار قاعدة عسكرية وشعبية وفي أكثر من تجاه. يقول البعض إن «أهم استثمار لديه هو علاقته الوثيقة مع (عصبة الأنصار)». ويروي أحد المقربين منه أنه «أثر على العصبة تأثيرا آيديولوجيا وسياسيا، عندما أقنع قادتها بالتخلي عن تكفير الناس والتحول إلى تنظيم واقعي يعترف بالحقائق المحيطة به بما فيها حقيقة أن الدولة اللبنانية وجيشها لهما الحق الشرعي في بسط سيادتهما على الأراضي اللبنانية، ويجب عدم الاشتباك مع الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية».

بعد انتهاء الحرب في لبنان لم تكن أيام المقدح أسهل مما كانت عليه خلال الحرب؛ فقد صدر في حقه ستة أحكام قضائية لأسباب متعددة؛ منها أنه لم يلتزم بالبقاء في إطار المخيم واستمر في العمليات في الجنوب واستخدام السلاح ونقله، وكذلك قدح وذم الوزير السابق والنائب الحالي نقولا فتوش، وذلك في معرض رده على فتوش الذي وصف الفلسطينيين بـ«النفايات». إضافة إلى كل ذلك، فإن المقدح محكوم عليه بالإعدام في الأردن بتهمة نقل سلاح إلى الضفة، إلا أنه يضحك وهو يسرد هذه الأحكام التي «سقطت بمرور الزمن». الاتهام الذي يوجهه الفتحاويون إلى المقدح هو أنه يسهل للإسلاميين حركتهم في المخيم عندما يشتبك هؤلاء مع «فتح». لكن الجواب كان دائما: «أنا لا أحبذ التدخل في القتال، وإنما في عقد المصالحات»، حتى إن البعض اتهمه بالجنوح نحو الأصولية وبالتعامل مع إيران وليبيا للحصول على الدعم والمال. وروي عنه تندره مع أصدقائه بالقول لدى سؤاله عن سبب ترك لحيته تنمو وسبحته تطول أنه «والي بلاد الشام على سبيل التندر». ينفي ويقول: «ليس صحيحا هذا الأمر الذي يردده البعض، فالمساعدات تصل إلى المخيم عبر جمعية بدر التي تضم عددا من المتبرعين والأصدقاء ورجال الأعمال ذوي الاتجاهات المختلفة».

ويضيف: «الأمر أبعد من ذلك. فقناعتي أن أي قوة إسلامية أو وطنية في بلاد الشام لا تكون وجهتها تحرير فلسطين سرعان ما تذوب كما يذوب الملح في الماء، وأكبر تجربة ما جرى في مخيم نهر البارد لجماعة (فتح الإسلام)، التي لم تجد حاضنة شعبية بين الفلسطينيين هناك. لو كانت وجهة سلاحها وإمكاناتها لفلسطين لما تردد الناس في دعمها، لذلك استطعت أن أتفاهم مع القوى الإسلامية في عين الحلوة، ولذلك أحرص على حماية الجيل الجديد من التطرف؛ ففي (مركز الشيخ زايد) نعمل لنحمي أبناءنا من سن 6 إلى 22 سنة من التطرف وسياسة التكفير التي تضر بهم وبأهلهم قبل أن تضر بمن هم خارج بيئتهم. ثقافتنا التحرير، وإذا انحرفت البندقية قضي على حقوقنا. وقد استطعت بالحوار الطويل أن أقنع الآخرين بذلك، وأصبح الوضع مختلفا عن السابق، وفهم الجميع أن أي اتفاق تصل إليه القيادة مع الدولة اللبنانية يجب أن ينفذ». ويرفض كل ما يتردد عن أن المخيم هو بؤرة تطرف مهددة بالانفجار، ويؤكد أنه «لا وجود لتنظيم لقاعدة في المخيم. هناك بعض الأفراد المنغلقين على أنفسهم الذين لا يشكلون خطرا استراتيجيا على الأمن في المخيم وخارجه. ومعظم الذين خرجوا من المخيمات إلى العراق متطوعون بشكل شخصي. وقبل نحو ثلاث سنوات انتشر الجيش اللبناني في المخيم، بعد أن أقنعت القوى الإسلامية بذلك وبتسليم 18 شخصا من (جند الشام) كانوا مطلوبين للأجهزة الأمنية اللبنانية، أما من هرب فهو؛ إما اعتقل بعد ذلك على الحواجز، أو فر إلى خارج لبنان، وارتاح المخيم من أساسه». إلا أنه لا ينفي نفوذه الكبير في عين الحلوة. يقول: «القوى العسكرية التي أتولى مسؤوليتها جزء منها ينتمي إلى فتح وجزء آخر من الكتائب التي شكلتها سابقا. كذلك أنا على علاقة جيدة مع أهالي عين الحلوة البالغ عددهم 70 ألفا. وقد أنشأت مؤسسات في المخيم لتسهيل الحياة فيه، ومنها أول مستشفى بـ8 طوابق. ويضم أول مصعد كهربائي في المخيم. كذلك عملت لتأسيس أضخم مجمع طبي ورياضي واجتماعي وثقافي في منطقة صيدا، وهو مجمع الشيخ زايد الذي أنشئ بمساعدة إماراتية. ولدي أصدقاء يقدمون مواد غذائية تصل إلى عائلات المخيم، كما أمنت المياه عبر الآبار الارتوازية».

يصفه أهل المخيم بأنه «صمام أمان. لديه جيشه الخاص، وعناصره يأتمرون بأوامره، وخلف هؤلاء عائلاتهم التي تساندهم عندما تدعو الحاجة. وأي تغيير يبعده عن القيادة في المخيم يؤدي إلى فشل حركة فتح، فالقوى العسكرية التي لا تأتمر بأوامره موجودة على أطراف المخيم، وإذا حدثتْها نفسها بدخوله من دون موافقته ستضيع كشربة ماء بين أزقته ودهاليزه، مما يعني أنه لا بديل عنه، وقوته تكمن في أنه شكل كتلة التوازن التي تصنع استقرار عين الحلوة وتحول دون انفجاره، ذلك لأنه يؤمن أن وظيفته كقائد للكفاح المسلح هي تهدئة الأوضاع وليس تفجيرها. وقد استطاع تحقيق ذلك. لذا لا يمكن تجاوز حيثية وجوده في المخيم أو التعامل معه بقرارات إدارية سخيفة تحت شعار نفض الغبار عن حركة فتح».

يضحك المقدح ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «اسألي الناس. أنا قريب من الجميع. أعقد لقاء شهريا في بيتي لـ16 فصيلا فلسطينيا، فأنا أقنعت حتى أكثرهم تطرفا أن همنا واحد ومطلبنا واحد ولا لزوم للخلاف. نريد أن نعمل كل ما يحد من معاناتنا، ونتمسك بحق العودة إلى فلسطين».