سكان المثلث.. وسياسة «التطفيش»

عرب إسرائيل.. مصيرهم «معلق» منذ 62 عاما.. وبن غوريون اعتبر بقاءهم خطأ استراتيجيا.. ونجاحهم أصبح كابوسا للإسرائيليين

سيدة من عرب إسرائيل تدقق في صور لمفقودين من بني جلدتها بقرية طيرة شمال إسرائيل خلال مظاهرة تدعو لعودة اللاجئين في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

بعد أن طرح اليمين الإسرائيلي قضية الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل كدولة يهودية شرطا لإبرام اتفاقية سلام إسرائيلي فلسطيني، جاء وزير الخارجية وزعيم حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف، أفيغدور ليبرمان، وطرح فكرة «الاستبدال بمبدأ الأرض مقابل السلام مبدأ تبادل السكان». وقال في مطلع الأسبوع إن قضية العرب في إسرائيل يجب أن تشمل في المفاوضات السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين، وطرح إمكانية استبدال المواطنين اليهود بهم في «يهودا والسامرة» (أي الضفة الغربية). والمقصود بالفكرة، هو أن يتم ضم المنطقة المعروفة باسم «المثلث»، التي يعيش فيها نحو 200 ألف عربي من فلسطينيي 48، إلى تخوم الدولة الفلسطينية العتيدة، مقابل ضم أراض من الضفة الغربية إلى إسرائيل.

هذه الفكرة ليست جديدة في الواقع، ويحملها ليبرمان منذ أن أسس حزبه قبل عقد ماض من الزمان. وفي حينه رفضها أهل المثلث أنفسهم، في البداية بسبب خوفهم من أن يكون الهدف هو نهب مزيد من أراضيهم، وفيما بعد وعندما قيل لهم إنهم يستطيعون الانتقال هم وأراضيهم إلى الدولة الفلسطينية، رفضوا الفكرة من دون تفسير. وقد أجري استطلاع رأي بهذا الشأن في أم الفحم، أكبر المدن العربية في منطقة المثلث، فكانت النتيجة أن 94.6 في المائة من المواطنين قالوا إنهم يرفضون الفكرة ويفضلون البقاء مواطنين في إسرائيل.

ومع ذلك، أصر ليبرمان على ترويج فكرته، وأصر فلسطينيو 48 على رفضها.

فما الذي يقف وراء إصرار ليبرمان؟ وما سبب رفض فلسطينيي 48؟ هل توجد احتمالات نجاح للفكرة أصلا؟ وما علاقة موضوع كهذا بعملية السلام؟ إن ليبرمان يصر على فكرته ببساطة، لأنها تجني له أرباحا سياسية، أصوات ناخبين. فهو يحرص على أن يظهر من آن لآخر بفكرة متطرفة ما تشد إليه الأنظار وتسبي عقول اليمين المتطرف وتبرزه في العالم كشخصية مميزة، حتى لو كان ذلك بشكل سلبي. والفكرة بمجملها مبنية على التوجه العنصري لهذا الرجل وحزبه. يريد أن يرى إسرائيل بالحد الأدنى من المواطنين العرب، وإن أمكن، فمن دون عرب بتاتا. وهو يعرف أن جماهير يهودية غير قليلة تتحمس لفكرته، بل تعبر عن إعجابها به كونه «يقول بلسانه الفظ ما يفكر فيه كثيرون ولكنهم لا يجرؤون على الإفصاح عن ذلك علنا».

في الواقع، لا يمكن اعتبار ليبرمان المذنب الوحيد في هذا الطرح. فالحركة الصهيونية قامت، أيديولوجيا وممارسة، على أساس فكرة إقامة وطن قومي لليهود، التي طرحها مؤسسها بنيامين زئيف هرتسل، سنة 1897. وقد سمى هرتسل هذا الوطن بـ«الدولة اليهودية». وخلال عشرات السنين سعت الصهيونية لإقامة هذه الدولة بشكل حثيث. وقد تمكن قادة الحركة الصهيونية آنذاك من التعاون مع دول الغرب والشرق لاستصدار قرار الأمم المتحدة رقم 194، الذي عرف بقرار التقسيم، والذي يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، يهودية وعربية. وعندما قامت إسرائيل في 14 مايو (أيار) 1948، أعلنت عن نفسها كدولة يهودية ونفذت مخططا على الأرض يضمن أن تكون تلك دولة ذات أكثرية يهودية ساحقة.

* قوانين وأنظمة يهودية

* الطريقة التي اتبعتها حكومات إسرائيل الأولى لتثبيت نفسها كدولة يهودية على أرض الواقع، بدأت باحتلال أجزاء واسعة من الأراضي التي كانت مخصصة لدولة الشعب العربي حسب قرار التقسيم وطرد معظم السكان الفلسطينيين أو تخويفهم بالمذابح لدفعهم إلى الرحيل، ودمرت نحو 500 بلدة وحولت سكانها إلى لاجئين في الوطن أو خارج الوطن. وفي مرحلة لاحقة، وضعت مخططات ترحيل أخرى. وقد كشف أحدها قائد شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، أهرون يريف، الذي قال سنة 1973 إن هناك مخططات لاستغلال أول حرب قادمة وترحيل ما بين 600 - 700 مواطن عربي من الجليل والضفة الغربية إلى شرق الأردن. وهناك مؤرخون يرون أن مجزرة كفر قاسم، التي نفذت سنة 1956 إبان حرب السويس (المعروفة باسم «العدوان الثلاثي على مصر») وقتل فيها 49 فلسطينيا، استهدفت إرهاب فلسطينيي 48 وحملهم على الرحيل هم وبقية فلسطينيي 48 في منطقة المثلث، ولكنها فشلت.

وثبتت القيادة الإسرائيلية الطابع اليهودي للدولة في رموزها الأساسية، فالعلم يحمل نجمة داود، والملك داود هو أهم قائد في تاريخ اليهود. وأحيطت النجمة بخطين أزرقين، يرمزان إلى النيل والفرات، حدود «أرض إسرائيل» كما يعتقد اليهود. وتم اختيار الشمعدان اليهودي رمزا للدولة، وهو من أهم الأدوات المقدسة في هيكل سليمان. وتم وضع نشيد قومي للدولة يتحدث عن الشغف اليهودي التاريخي بالقدس وأرض إسرائيل.

وسن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) مجموعة قوانين تكرس فيها مفهوم الدولة اليهودية، مثل «قانون العودة» من سنة 1950، الذي يضمن لكل يهودي في العالم الحق في الهجرة إلى إسرائيل والحصول على الهوية فيها وقد تم تعديل هذا القانون عدة مرات لمصلحة تعزيز هذا الحق أكثر وحرمان الفلسطينيين المهجرين من العودة. وقانون الجنسية الذي سن سنة 1952 وفيه حق لكل يهودي في العالم أن يحصل على الجنسية الإسرائيلية حتى لو لم يسكن فيها وعدة قوانين تحرم المواطنين العرب من حق الزواج من فلسطينيين في الخارج وجلبهم للعيش في إسرائيل. وقانون السبت سنة 1959، الذي يفرض على سكان إسرائيل يهودا وعربا، متدينين وغير متدينين، احترام تقاليد السبت والراحة.

وفي سنة 1984، تم تكريس يهودية إسرائيل في قانون خاص، وذلك بعد أن ظهرت «عصبة الدفاع اليهودية»، التي عرفت أيضا باسم حركة «كاخ» بقيادة الرباي اليميني العنصري مئير كهانا. فهذه الحركة طرحت مشروعا لترحيل من تبقى من فلسطينيين في إسرائيل و«إقناع» الفلسطينيين في الضفة الغربية أيضا بالرحيل وتحويل إسرائيل إلى «دولة يهودية قوانينها تستند إلى أحكام التوراة». وقال يومها إنه مثلما يحق لإيران أن تكون دولة إسلامية يحق لإسرائيل أن تكون دولة يهودية.

هنا قررت الأحزاب الحاكمة تكريس وضع إسرائيل كـ«دولة يهودية ديمقراطية»، في القانون الإسرائيلي. وتم تمرير قانون كهذا في الكنيست فعلا ذلك العام. وفرض على كل حزب يخوض الانتخابات العامة أن يعترف بالدولة ويقبلها كـ«دولة يهودية ديمقراطية». وفيما بعد فرضوا هذا القبول على المرشحين بشكل فردي أيضا وليس فقط بشكل جماعي.

وعاد الكنيست للبحث في الموضوع في سنة 1999 وهذه المرة في إطار محاربة الأحزاب القومية والوطنية للجماهير العربية في إسرائيل (فلسطينيي 48). فقد طالبوا بمنع الحركة العربية للتغيير برئاسة النائب أحمد الطيبي وحزب التجمع الوطني برئاسة النائب عزمي بشارة، من خوض الانتخابات بحجة أنهما لا يهددان يهودية الدولة. وقد صادقت لجنة الانتخابات المركزية على هذا التوجه. ولكن محكمة العدل العليا رفضته وسمحت للقائمتين بأن تخوضا الانتخابات وتم تكرار هذه العملية في الانتخابات التي جرت بعدئذ سنة 2003 وسنة 2006 ثم 2009. وقد كتب رئيس المحكمة العليا، أهرون براك، يومها أن هناك استغلالا زائدا عن الحد لمسألة يهودية الدولة.

* سياسة التطفيش والرد عليها

* خلال كل هذه السنوات منذ قيام إسرائيل وحتى اليوم مورست سياسة تمييز عنصري ضد فلسطينيي 48، أدت إلى نشوء هوة عميقة في مستوى المعيشة بينهم وبين اليهود. وفي السنوات من 1948 وحتى 1966 فرض حكم عسكري على المواطنين العرب، فكان الجيش صاحب القرار بتنقلهم من مكان إلى مكان وفق تصاريح عسكرية للعمل أو التعليم الجامعي. وبعد إزالة الحكم العسكري تولى «الشاباك» (جهاز المخابرات العامة) مسؤوليتهم الأمنية فتدخل في كل جوانب حياتهم. ومنع نشوء حزب قومي لهم بالمحكمة، حتى سنوات الثمانينات.

وفي سنوات لاحقة، كشف النقاب عن نقاش سري دار في أروقة الحكومات المختلفة حول مصير العرب في إسرائيل. وقال رئيس الحكومة الأول، دافيد بن غوريون، إن السماح لمن تبقى من العرب في إسرائيل كان خطأ استراتيجيا. وبن غوريون هذا مزق بطاقة الهوية الإسرائيلية التي يحملها، لأن كلمات بالعربية ظهرت فيها. وأدار سياسة «تطفيش»، هدفها تيئيس العرب حتى يهجروا وطنهم.

ولكن، بالمقابل، رأى العرب في بقائهم في إسرائيل نضالا وطنيا من الدرجة الأولى. ومن ضمن هذا النضال المطالبة بإصرار بالحصول على الجنسية الإسرائيلية، لتثبيت حقهم في الوجود. وحاربوا ظاهرة اليأس والهجرة. وتمسكوا بانتمائهم الوطني لشعبهم الفلسطيني ولأمتهم العربية. وأقاموا أحزابا وطنية عديدة، ممثلة بأحد عشر نائبا في الكنيست. وطوروا أدبا وشعرا مميزا لهم، عرف في العالم العربي بأدب المقاومة، وبرزت فيه أسماء لامعة على صعيد عربي وعالمي، مثل الأديب إميل حبيبي والشعراء محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد.

وحافظوا في الوقت نفسه على تميزهم كمواطنين في إسرائيل، فأداروا نضالهم بشكل مسؤول بلا مغامرات زائدة وبلا عربدة. فالتزموا بالقوانين الإسرائيلية. واندمجوا في الحياة الإسرائيلية. وبنوا لأنفسهم طموحات بالانخراط في المجتمع وكسب ما يستطاع من إمكاناته العلمية المتقدمة وتطوره التكنولوجي وصناعاته واختراعاته وازدهاره الاقتصادي. وبرزت مواهب عديدة ونجاحات مذهلة لهم. ففي قطاع الطب تجد نسبة العرب تزيد على نسبتهم من السكان، فإذا كان العرب يشكلون نحو 18% من سكان إسرائيل فإن نسبة الأطباء العرب تتجاوز نسبة 20% من مجموع الأطباء في إسرائيل. وهناك ارتفاع متواصل في عدد العرب بين مسجلي الاختراعات. وتوجد مجموعة كبيرة من نجوم الفن، خصوصا في المسرح والسينما والموسيقى، في عالم الفن الإسرائيلي. وكذلك في الرياضة.

وكل تقدم للعرب في أي مجال كان، يتحول إلى كابوس عند مجموعات غير قليلة من المواطنين اليهود العنصريين، ولكنها تتحول إلى هستيريا وهوس لدى السياسيين العنصريين. وكثيرا ما تسمع في الملاعب الرياضية هتافات: «الموت للعرب»، لأن لاعبا عربيا يتفوق في فريق يهودي ويحرز هدفا في ملعب الفريق اليهودي الخصم. ونشطاء اليمين المتطرف، يتظاهرون في المدن العربية محرضين على قادتهم السياسيين، بدعوى أنهم لا يرفعون العلم الإسرائيلي على المدارس أو مباني البلديات، كما يتطلب القانون. ويطالبون بحرمان العرب من حق التصويت للكنيست.

في ظل هذه الأجواء وعلى هذه التربة الآسنة، نبتت الأحزاب والحركات العنصرية. وليبرمان، بنى شعبيته السياسية على التصريحات العنصرية، التي باتت غذاؤه الأساسي. وقد قوبلت تصريحات ليبرمان حول تبادل السكان برد فعل حاد من قيادة فلسطينيي 48، يمكن من قراءة نصوصه التعرف على جوهر القضية. فأعلنت لجنة المتابعة العليا التي تضم كل القيادات العربية أن تصريحات ليبرمان، «إنما تدل على حالة مرضية مستعصية، فيها خليط من أمراض الجهل والحقد والعنصرية والغباء وغيرها، لا يعاني منها ليبرمان وحده، بل كل من يناصره في هذه الأفكار المعتوهة، والصمت الإسرائيلي الرسمي على هذه التصريحات يدل على أن (السكوت علامة الرضا)، وأن ليبرمان لا يقود سفينة هذه التوجهات لوحده. وعلى كل مستوطن في بلادنا هذه أن يتذكّر أن هذه البلاد هي بيتنا، هي بلادنا وجذورنا وأصلنا، وهي تاريخنا الذي لا يقبل الجدل، وليبحث كل عن أصله».

وقال الشيخ خالد حمدان، رئيس بلدية أم الفحم والقائد في الحركة الإسلامية، إن «تصريحات ليبرمان عنصرية ولكن الجماهير العربية صامدة وقوية في التصدي واستنكار مثل هذه التصريحات اليمينية غير الأخلاقية وغير الإنسانية»، وأضاف: «نحن هنا باقون، شاء من شاء وأبى من أبى نحن أصحاب أرض عن أب وعن جد، وإرادتنا قوية ونحن باقون هنا في أرض الأجداد وأرض الآباء ونعرف كيف نحمي هذه الأرض للأجيال القادمة».

وفي إشارة إلى رفض تبادل السكان ورفض التنازل عن المواطنة الإسرائيلية، قال الشيخ حمدان إن بلديته «تضع في سلم أولوياتها قضايا التربية والتعليم وبناء الإنسان مع العلم أنها تعمل جاهدة لتطوير مجال ومواضيع التكنولوجيا والحوسبة والهاي تك كون هذا المجال هو المجال الأول والرائد في العالم في عصرنا الذي نعيشه اليوم ولكي نكون شركاء حقيقيين في التطور التكنولوجي العالمي الذي يساهم في تطور مجتمعنا في مختلف مجالات ونواحي الحياة في وطننا».

وتجند وزير الأقليات في حكومة نتنياهو، افيشاي برفرمان، إلى جانب العرب في هذه المعركة، فقال إن وزير الخارجية أفيغدور لبيرمان ومن خلال تصريحاته العنصرية يمس ويضرب العلاقات العربية اليهودية في البلاد ويساهم في المزيد من التمزق والتدهور في العلاقات العربية اليهودية في البلاد مع العلم أن الحكومة تعمل جاهدة من خلال تنفيذ سياسة المساواة لتحسين وتطوير العلاقات العربية اليهودية ما بين مواطنيها. وسافر برفرمان إلى أم الفحم متضامنا معها ضد زميله ليبرمان وطالب رئيس الحكومة نتنياهو بإقالة لبيرمان لتصريحاته العنصرية.

وقال النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، إنه يرى خطورة بالغة في تصريحات ليبرمان كونها قفزة أخرى في سياسة اليمين العنصري الذي يريد التخلص من الوجود العربي. وأضاف: «نحن منزرعون هنا في وطننا، بقوة الحق. وأما ليبرمان، فإن لم يعجبه وجودنا، يستطيع الرحيل والعودة من حيث أتى. لن نبرح المكان. ولن نبدل الموقع. نحن في إسرائيل مواطنون بحقنا. كنا هنا قبل إسرائيل. وسنبقى. لنا رصيد غني في البناء والتعمير. كل ما ترونه من تطوير وتقدم، كان للعرب في إسرائيل دور أساسي فيه. لن نتنازل عنه ونذهب إلى أي مكان، لا إلى السلطة الفلسطينية أو الدولة الفلسطينية ولا لأغنى دول العالم».

وقال النائب أحمد الطيبي، رئيس الحركة العربية للتغيير: «إنه أمر مستهجن للغاية أن يقوم نائب رئيس الحكومة المستوطن بالتداول طوال الوقت حول العرب في إسرائيل والبحث عن برامج لطردهم أو سحب مواطنتهم بشكل جماعي. نحن كنا هنا قبل هذا المهاجر الفاشي ليبرمان وسنبقى هنا بعده. نحن لا نطالب بطرد مواطنين من داخل حدود دولة إسرائيل ولكن فيما إذا حدث ذلك فإن من وصل أخيرا في القرن الأخير يرحل أولا». وأضاف د. الطيبي أن العقبة الأساسية بوجه التسوية والمساواة في الحقوق هم المستوطنون وليس المواطنين العرب سكان الأرض الأصيلين الذين يطالبون بتغيير مكانتهم السياسية والقانونية مع مفاوضات أو من دونها.

وقال الشيخ إبراهيم صرصور، رئيس حزب الوحدة العربية / الحركة الإسلامية ورئيس القائمة الموحدة والعربية للتغيير في الكنيست: «لم تفاجئني تصريحات ليبرمان، فقد تعودنا عليها منذ وطأت قدماه المدنستان أرضنا المقدسة قادما من وراء البحار. لكني سأكون متفاجئا جدا ممن يعتقد منا نحن الجماهير العربية أن ليبرمان يمثل نفسه أو حزبه فقط، لأن الحقيقة الماثلة أمامنا والتي نلمسها بوضوح في ممارسات الحكومة والكنيست، واستطلاعات الرأي، والإعلام وسلوك المؤسسات الإسرائيلية المختلفة، تشير كلها إلى أن ألأغلبية الساحقة من المجتمع الإسرائيلي وعلى جميع مستوياته، يحملون ذات الفكر العنصري الذي يحمله ليبرمان، وإن اختلفوا معه في طريقة العرض وأساليب التنفيذ».

وأضاف صرصور: أنا لست ضد أن يفتح ملف الأقلية العربية كجزء من المفاوضات، ولكن لا من الزاوية التي يقصدها العنصري ليبرمان، ولكن من زاويتنا نحن. الجماهير العربية ستبقى جزءا من الشعب الفلسطيني، وهي ما زالت تعيش نتائج النكبة الفلسطينية وقيام إسرائيل وحياة اللجوء حتى داخل وطنها (القرى المهجرة والقرى غير المعترف بها كنموذج)، ودفعت ثمنا باهظا من دمائها وأرضها ومقدساتها ومقدراتها منذ واحد وستين عاما وما تزال، وعليه فلا يمكن أن تبقى ملفاتنا مفتوحة دون حل حتى وإن قامت الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف. فلا سلام ولا اتفاق يمكن أن يتحقق عقلا ومنطقا من دون أن تعود لنا أرضنا المصادرة، وأوقافنا الإسلامية والمسيحية المهانة بالكامل، ومن دون أن يعود مهجرونا مئات الألوف إلى قراهم التي هجروا منها بلا وجه حق، وأن يُعترف بحق أهلنا في النقب بحقهم الكامل في وعلى أرضهم، وأن يستعيد أهلنا في المدن العربية المسماة بالمختلطة حقوقهم في الأرض والمسكن، وأن يُطلق سراح كل أسرانا الأمنيين من السجون الإسرائيلية، وأن يُعْترف بحقوقنا الفردية والجماعية، السياسية والمدنية، إلى غير ذلك.

وقالت النائبة حنين زعبي، من حزب التجمع الوطني الديمقراطي: «جيد أن يعترف ليبرمان بأنه لا مجال بعد الآن للقفز فوق واقع الفلسطينيين في البلاد، عند الحديث عن أي حل عادل في المنطقة. لكن ما لم يفهمه بعد ليبرمان هو أن حقوقنا في وطننا ليست متعلقة بآراء ليبرمان أو حتى في تعريف دولة إسرائيل، وإنما تشتق من كوننا أصحاب وطن موجودين هنا رغم أنفه وأنف أمثاله، وكل حل عليه أن يعترف وأن ينطلق من ذلك».

وكان ليبرمان قد تطرق إلى حنين زعبي في تصريحاته المذكورة، فقال إن «أشخاصا مثل حنين زعبي يجب أن يكونوا من ناحيتي مواطنين فلسطينيين. ليذهبوا ولينتخبوا في غزة عند حماس أو لدى السلطة الفلسطينية».

وردت الزعبي على ذلك قائلة: «أنا فلسطينية في كل أنحاء وطنها في القدس ويافا والناصرة وغزة، وإن خطة ليبرمان التي تهدف إلى إضعاف الفلسطينيين في الداخل، وإلى وضع شروط على المواطنة لن تنجح، ليس من منطلق التمسك بالمواطنة الإسرائيلية بل من منطلق التمسك بالوطن، والاعتراض على سحب المواطنة هو من منطلق الاعتراض على الترانسفير الذي يريده ليبرمان، أما إذا أراد تقسيم الوطن من جديد فليطرح قرار التقسيم من سنة 1947، الذي أقرته الأمم المتحدة وعندها كل الجليل والمثلث سيكونان جزءا من الدولة الفلسطينية».