حركة شباب مصر

كانوا رهان نجل الرئيس قبل أن يختطفه رجال الأعمال > فشلت الدولة المصرية في توظيف قدراتهم فبحثوا عن وطن بديل

TT

يبدو الحديث عن شباب مصر في هذه اللحظة الفارقة التي تمر بها بلادهم، لحظة درامية شديدة الصعوبة والتعقيد، فالأحداث التي شهدتها «المحروسة» منذ الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2011 وحتى اليوم متناقضة بالقدر الذي جعل الوقوف لتقييم المشهد يبدو كأنه نوع من الجنون.

المشاعر مضطربة، لا يكفي الإعجاب بما صنعه الشباب عندما خرجوا في «جمعة الغضب» وأذهلوا العالم وسطروا صفحة جديدة في تاريخ مصر الحديث، ولن نبالغ عندما نقول إنها من أروع صفحاته، هذا الوصف لم يكن لشاب متحمس بثورته، بل قاله عم بدوي بعفويته: «العيال دي أرجل مننا»، العجوز المصري الذي يعمل حارسا لأحد مباني وسط القاهرة، حيث تتركز معظم مظاهرات الاحتجاج المصرية، والذي لم تمنعه سنواته السبعون من المشاركة في المظاهرة بعد أن أدى صلاة الجمعة، وقد استمع بتأثر شديد لخطبة الجمعة التي ألقاها أحد أئمة المساجد الذين خرجوا عن النص الحكومي لخطب هذه الجمعة، والتي أملتها وزارة الأوقاف المصرية على كل أئمة المساجد كي يلتزموا بها، وكان الخط الرئيسي لها هو تهدئة جموع المصلين وحثهم على عدم التظاهر، وهو الأمر الذي لم يلتزم به كثير من الشيوخ، وكان هذا هو السبب الرئيسي وراء خروج وزير الأوقاف، محمود حمدي زقزوق، من التشكيل الوزاري لحكومة أحمد شفيق التي جاءت في أعقاب أحداث 28 يناير (كانون الثاني) 2011، وذلك بحسب مصدر سياسي مصري رفيع.

وأضاف عم بدوي مبررا مشاركته في المظاهرات قائلا: «الناس اللي بيحكمونا.. فاكرينا ما بنفهمش.. عيب اللي بيحصل في البلد ده». إن ما قاله عم بدوي يتشابه إلى حد كبير مع كلمات سائق تاكسي مصري ليلة يوم الخميس السابق للمظاهرات، حيث قال لـ«الشرق الأوسط»: «النظام ده غبي.. يا إما فاكرنا إحنا أغبيا.. فيه حد بيفهم يعمل اللي اتعمل في الانتخابات اللي فاتت؟!».

نعود إلى عم بدوي، وحديثه عن متابعته لما قام به الشباب يوم 25 يناير، وتردده في المشاركة حتى حسم قراره وشارك في أحداث «جمعة الغضب»، ويؤكد العجوز المصري أنه تمنى أن يعود به الزمن لأيام شبابه كي يتمكن من الانضمام إلى المتظاهرين، لكنه أضاف قائلا: «بس هما زودوها شويتين»، وأوضح أن الشباب قد غالوا في مطالبهم بسبب حماسهم واندفاعهم، وأكمل: «البلد كان لازم يكون فيها ناس عاقلة وكبيرة تفهمهم الصح من الغلط»، وحول مشاعره بعد تظاهره للمرة الأولى، وبعد ما أسفرت عنه هذه المظاهرات من خسائر، اختتم عم بدوي حديثه قائلا: «ما هم شباب.. يعمروها بقى، ويصلحوا اللي اتخرب».

إن الشباب كما وصفهم الشيخ عبد العزيز بن باز «هم العمود الفقري الذي يشكل عنصر الحركة والحيوية، إذ لديهم الطاقة المنتجة والعطاء المتجدد. ولم تنهض أمة من الأمم غالبا إلا على أكتاف شبابها الواعي وحماسته المتجددة. إلا أن اندفاع الشباب لا بد أن تسايره حكمة من الشيوخ».

ما حدث في مصر كان «حماس شباب» أججه نجاح «ثورة الياسمين» في تونس، هذا ما قاله سياسي مصري بارز لـ«الشرق الأوسط»، وأضاف قائلا: «لكن ما حدث مع اندفاعهم لم يقابله شيوخ مصر وكبارها بالقدر اللازم من الحكمة، وهو ما أفسد كل محاولات خروج المشهد المصري بصورة متحضرة.

وتحول «حماس الشباب» فجأة إلى اتهام، صدره الحزب الوطني الحاكم في بيانه الذي أصدره في اليوم التالي تعليقا على أحداث 25 يناير، وجاء فيه: «إن الحزب يرفض اللجوء إلى العنف وتخريب الممتلكات والإخلال بأمن المجتمع، كما يرفض دعوات التحريض والإثارة التي تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين، المحظورة قانونا، وعدد من الأحزاب التي ليس لها وجود شعبي أو ثقل جماهيري، وتهدف إلى استغلال الشباب لتحقيق أجندات الفوضى التي رفضها الشعب».

كان هذا البيان هو أول ما فتح الطريق أمام أقلام وأصوات كثيرة من مفكرين ومثقفين وقادة رأي ليسيروا على نهجه، دعمه بيان آخر أعلنته وزارة الداخلية في اللحظات الأخيرة من عهد وزيرها السابق، حبيب العادلي، فأشار أيضا إلى حماس الشباب واستغلاله من قبل جماعة الإخوان المسلمين، لكنه زاد عليها «جماعة 6 أبريل» (نيسان)، والجمعية الوطنية للتغيير، التي شارك في تأسيسها الدكتور محمد البرادعي، الذي التصقت به أيضا نفس التهمة، تهمة استغلال حماس الشباب.

يرى مفكرون مصريون أن الدولة، ولسنوات طويلة، أهملت الشباب وتركتهم فريسة في أيدي من يريد استغلالهم، وربما هذا ما دفع الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة المصري في حكومة الفريق أحمد شفيق المشكلة عقب أحداث 25 يناير، إلى أن يعلن في أول تصريح له بعد توليه مهمته بأنه قد كلف رؤساء قطاعات وزارة الثقافة بوضع خطة للتواصل مع شباب مصر ونشر الثقافة بينهم، وأضاف عصفور، بحسب موقع «اليوم السابع» الإلكتروني: «إن الوزارة ستعمل على توصيل الثقافة للشباب».

أجرينا عدة حوارات مع شرائح مختلفة من شباب المتظاهرين المعتصمين في ميدان التحرير وسط القاهرة، أكدت، إلى حد كبير، وجهة النظر التي سبق ونشرتها «الشرق الأوسط»، عن تقسيم أولي يمكن أن نصنف به هذا الشباب الثائر من خلال 3 تكوينات رئيسية، الأول: شباب «الفيس بوك» الذي تشكلت ثقافته من خلال شبكة الإنترنت والتواصل عبر المواقع الاجتماعية مع العالم الخارجي، والثاني شباب جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، أما الثالث فهم شبان العشوائيات الذين ظهروا في الصورة بعد الاختفاء المريب والفجائي لقوات الشرطة يوم 28 يناير.

هذا النسيج المرتبك الذي يضم إليه عناصر أخرى من فئات متنوعة من المجتمع المصري، جعل هدف الاتفاق على أجندة مطالب سياسية محددة، بعيدا عن شعار «نحن نريد إسقاط النظام»، والمنسوخ من ثورة تونس، أمرا شديد الصعوبة، وجعل الاتفاق على أي قرار أمرا مستحيلا، خصوصا مع دخول أحزاب المعارضة الشرعية في الصورة، رغم ضعف وجودها الفعلي في الشارع.

التمرد هو الصفة الأساسية التي تميز مرحلة الشباب، هذا ما يؤكده علماء النفس، واحتواء هذا التمرد مسؤولية الدولة في المقام الأول، وطوال الفترة التي أعقبت ثورة يوليو 1952، والتي قامت على أيدي شبان من الجيش المصري، حاولت الدولة المصرية استقطاب الشباب وتوظيف طاقاتهم، وكانت تجربة منظمة الشباب هي أفضل نموذج قدمته الثورة لتحقيق هذا الهدف.

وتوالت المحاولات في عهد الرئيس السابق السادات، الذي كان أكثر عملية من سابقه في إعطاء الشباب فرصة أكبر باستعانته ببعض من تميزوا في عهده في مناصب حكومية وحزبية، وكان أبرزهم الوزير منصور حسن، والمحافظ عبد الحميد حسن، وآخرون ممن لمعوا خلال فترة حكمه.

أما الرئيس مبارك، فقد شهدت فترة حكمه صعودا وهبوطا في اهتمامه بالشباب، لكن برزت في عهده تجربتان هما الأقوى في تأثيرهما، وهما «نادي حورس» و«جمعية جيل المستقبل».

وفي حوار تلفزيوني سابق قال الدكتور عبد المنعم عمارة، أستاذ العلوم السياسية ووزير الشباب الأسبق: «إن الشباب في ذاتهم ليسوا هم المشكلة، إنما المشكلة فينا نحن لأنهم غير راضين عن أي شيء ولا أحد يقترب منهم، فهم لا يحلمون، ويعيشون حالة إحباط أسبابها اجتماعية».

يعتبر عمارة الاسم الحكومي الأكثر ارتباطا بالشباب، يرجع ذلك إلى تجربة «نادي حورس» الشبابي الذي أسسه في أوائل التسعينات من القرن الماضي حين كان رئيسا للمجلس الأعلى للشباب والرياضة، ويوضح عمارة أن فكرة «نادي حورس» كانت في الأساس فكرة المعلق الرياضي محمود معروف، وكانت قوية وهي لم تكن ضد الإخوان المسلمين.

ونجح «نادي حورس» في أن يستقطب آلاف الشبان المصريين إلى أنشطته المختلفة التي تنوعت بين الأنشطة الترفيهية والرحلات، والنشاط الثقافي من خلال دورات تثقيفية هادفة، وكان مجلس إداراته وكل قياداته من الشباب، وقد توسع نشاط النادي بعد أن تأسست للنادي فروع في كل الجامعات المصرية، ونجح في توظيف الطاقات الشابة، وكانت نقمته في نجاحه، حيث بادر المسؤولون إلى محاربته والقضاء عليه تدريجيا، خصوصا بعد أن ترددت شائعات حول اقتراب تحوله إلى حزب سياسي، وهو أمر ظن النظام المصري أنه يشكل خطرا عليه، كما قيل وقتها، لكن السنوات التالية أوضحت أنه كانت تجري ترتيبات أخرى تتعلق بنجل الرئيس المصري، جمال مبارك، الذي بدأت خطواته الأولى في الاهتمام بالشأن العام في أحضان «نادي حورس» ووسط شبابه.

ويكمل عمارة قائلا: «إن الجميع يتقاتلون على الشباب، لكن لا أحد يقدم لهم ما يريدون، فهم كانوا وسيلة وليسوا هدفا، ومن أغلق (حورس) هو علي الدين هلال، بعدها اتصل بي الشباب لتأسيس حزب الشباب، إلا أنني رفضت».

أغلق علي الدين هلال، وزير الشباب المصري الأسبق، «نادي حورس» ليفسح الطريق لـ«جمعية جيل المستقبل» التي أسسها جمال مبارك، نجل الرئيس المصري، وبحسب مصدر سياسي مقرب، فإن الجمعية كانت بديلا لمشروع حزب سياسي كان يجرى الإعداد له في سرية تامة ليكون الواجهة الشرعية لدخول مبارك الابن إلى عالم السياسة، وتردد اسم «حزب الشباب» أو «حزب الجيل» كمقترحين لاسم هذا الحزب.

وفجأة في عام 2000، تخلى جمال مبارك عن الشباب وحزبهم وانضم إلى الحزب الوطني، الحاكم، ليؤسس ما عرف بالفكر الجديد في الحزب، ليبدأ مشروعه في تطوير الحزب، وبدلا من أن يعتمد على الشباب اتجه للاعتماد على رجال الأعمال، وكون منهم مجموعته التي عرفت بـ«أمانة السياسات»، ووصفت لدى الرأي العام بـ«الحرس الجديد».

ويرى مصدر حزبي، رفض ذكر اسمه، أن مبارك الابن كانت لديه فرصة تاريخية ليقود مصر، لو أكمل مشروعه مع الشباب لأنه قريب منهم بحكم السن، كما أن فكره الجديد كان يحتاج إلى قوة الشباب وحماسهم ليصل إلى كل قطاعات المجتمع، ويحقق النجاح والمصداقية لدى الشعب، لكنه حاول الترويج لفكر جديد داخل كيان عجوز، فخسر كل شيء، وراهن على مجموعة من رجال الأعمال وكان رهانه خاسرا.

وظلت «جمعية جيل المستقبل» تمارس نشاطها في تدريب الشباب مكتفية بهذا الدور فقط، وانشغل عنها جمال مبارك، الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها، بالحزب ومشكلاته وصراعاته، مكتفيا بكلمة سجّلها على الموقع الإلكتروني للجمعية قال فيها: «التحدي كبير والمسؤولية هي مسؤولية الجميع. نحن نعيش في عالم جديد يحكمه العلم والمعرفة. نعيش في عالم جديد قوامه قوى بشرية متعلمة، مدربة وفعالة. نعيش في عالم جديد أصبحت فيه المعايير كلها عالمية، في التعليم، وفي التدريب، وفي الاقتصاد، بل وفي كل نواحي الحياة. لدينا في مصر، وعن حق، قوى بشرية متعلمة هائلة، لدينا في مصر طاقة شبابية كبيرة. فقوة مجتمعنا من قوة شبابنا، من تعليمه وتدريبه على آليات العصر وأساسياته. تقدمنا الاقتصادي بل والاجتماعي والسياسي، يتوقف كثيرا على مدى قدرتنا على الارتقاء بهذه القوى البشرية الشبابية، يتوقف كثيرا على مدى قدرتنا على إتاحة الفرصة لهم للتدريب المتميز الذي يؤهلهم للحياة العملية المعاصرة، يتوقف كثيرا على مدى قدرتنا على زيادة ثقته بنفسه وإعطائه الأمل في المستقبل. هذه هي رسالتنا ومسؤوليتنا في (جمعية جيل المستقبل) التي نواجهها بكل إخلاص وحماس. ولكن، كما قلت، المسؤولية هي مسؤولية الجميع. فلنعمل معا جميعا من أجل غد أفضل، من أجل جيل المستقبل».

تحولت الجمعية تدريجيا إلى معهد تأهيل لخريجي الجامعات لدخول سوق العمل من خلال دورات للكومبيوتر واللغة الإنجليزية، ولعل ذلك يرجع إلى غلبة التوجه الاقتصادي لأعضاء مجلس إدارتها الذي يضم 8 من رجال الأعمال، وهو نفس الخطأ الذي ارتكبه جمال مبارك في الحزب والحكومة، فسقط منه ومن معاونيه البعد الثقافي والاجتماعي.

ومن المفارقات أن مشروع «حزب الشباب»، الحلم الذي تخلى عنه مبارك الابن، خرج إلى النور بعد ذلك بسنوات من خلال حزب شرعي هو «حزب شباب مصر»، وبحسب أحمد عبد الهادي، مؤسس ورئيس الحزب، فإن مشروعه كان يضع نصب عينيه الشباب والإنترنت، وأوضح قائلا: «لقد قاد (حزب شباب مصر) ثورة تكنولوجية عالمية في مجال العمل السياسي الحزبي من خلال ما توصل له من آليات تكنولوجية، ويعتبر هو أول حزب يستغل شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) لنشر فكره عبرها، ونجح (حزب شباب مصر)، وهو لا يزال تحت التأسيس، في خلق أول حالة تواصل بين الأحزاب والمواطنين في كل أنحاء العالم من خلال إنشاء موقع شباب مصر الإلكتروني، ومن خلال الكثير من المنتديات الحوارية على الإنترنت قبل ظهور مواقع شهيرة مثل (الفيس بوك)».

ولو كان هذا الحزب نجح بشكل حقيقي في تحقيق قاعدة جماهيرية، لكان من الجائز أن يعود له فضل نزع فتيل الأزمة الراهنة، وكنا لا نملك أن نعيره بالفشل لأنه جزء من حياة حزبية أكثر فشلا، نجح نظام الحكم في عهد مبارك أن يحولها إلى أحزاب كرتونية لا أثر لها في الشارع. وهو ما دفع الشباب إلى طرح أنفسهم بشكل بعيد عن كل القوالب السياسية القائمة، وكانت الشرارة الأولى مع «حركة 6 أبريل»، وتوالت بعدها الأسماء والحركات وكان فضاء الإنترنت الليبرالي المتسع والبعيد عن قبضة النظام وسطوته هو وطن الشباب الحقيقي، إليه انتموا، وفيه تشكل وعيهم بحرية وعفوية، ولكن لا نستطيع أن نغفل أن هذا الفضاء أيضا شهد اختراقات من جماعات كثيرة منها حركات إسلامية وأجهزة مخابرات لدول تسعى إلى زعزعة استقرار مصر.

إن ثورة الشباب المصري الحالية تستدعي على الفور اسم الراحل الدكتور أحمد عبد الله رزة، عالم الاجتماع السياسي المعروف، أحد أهم قادة مظاهرات الاحتجاج الطلابية في الجامعات المصرية مطلع السبعينات، ضد الرئيس المصري الراحل أنور السادات.

اهتم عبد الله بالشباب، وكانت رسالته في الدكتوراه عنهم وجاءت تحت عنوان «حركة الطلبة والسياسة الوطنية في مصر»، وقد حصل عليها من جامعة كمبريدج البريطانية عام 1984، وبعد عودته أسس مركز «الجيل للدراسات الشبابية والاجتماعية»، الذي كان قاعدة انطلاقه في العمل الوطني من أجل الشباب.

يقول الصحافي المصري خالد السرجاني: «رعى أحمد عبد الله حوارات بين شباب الأحزاب والقوي السياسية المحجوبة عن الشرعية وعلى رأسها جماعة الإخوان، لأنه كان يرى أن الحوار هو أفضل أسلوب لإدارة الخلاف بصورة حضارية وأنه يزيل سوء التفاهم بين القوى السياسية، وأن الشباب هم الأفضل في إجراء الحوار. كذلك قام أحمد بدور مهم في دفع شباب الأقباط إلى المشاركة السياسية سواء عبر الندوات التي كان يشارك فيها في جمعية الصعيد، أو عبر اللقاءات المباشرة فيما بينهم. كذلك كان يدفع الإسلاميين إلى الانخراط في العمل السياسي وإلى تبني برنامج للدولة المدنية، وكانت له حوارات في هذا الصدد مع المجموعة التي شكلت حزب الوسط وتركت تنظيم الإخوان المسلمين».

تعددت مؤلفات عبد الله التي أكد فيها على اهتمامه المصيري، فجاءت عناوينها مثل «قضية الشباب»، «قضية الأجيال»، «التربية المدنية لشباب مصر»، وصدر له قبل أسابيع من وفاته عام 2006 كتابه الأخير «قضية الأجيال.. تحدي الشباب المصري عبر قرنين»، ومن أهم ما جاء فيه: «مقعد البرلمان بدلا عن البندقية.. يلزم الدولة بالقانون لكيلا تبرر للآخرين الخروج عليه، ويلزم تقوية مصدات الرياح الوطنية والقومية لتقليل الخضوع للأجانب وتقليل استفزاز المشاعر الوطنية والدينية للشباب».

ولعل هذه المؤلفات وتجربة أحمد عبد الله تصلح نواة لمشروع سياسي يجمع الشباب وثورته تحت لوائه لتوظيف الثروة الكامنة بداخلهم والتي تمثل الثروة الحقيقية لمصر، فهؤلاء الشباب قادرون على الفعل وهذا أهم ما يميزهم عن أجيال شابة كثيرة مرت على تاريخ مصر دون أن تترك بصمة حقيقية ورحلت في هدوء.