واشنطن تتأرجح بين القاهرة ودمشق

ضغوط مؤثرة من اللوبي الإسرائيلي لعدم إسقاط العدو المعتمد عليه

TT

تجد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسها أمام تحديات في تحديد سياستها تجاه منطقة الشرق الأوسط منذ اندلاع ثورتي تونس ومصر والاضطرابات حول المنطقة. وفي جميع الحالات، كانت إدارة أوباما تعتمد سياسة «رد الفعل» بدلا من اتخاذ مواقف مسبقة حول التطورات في المنطقة. وبينما يؤكد المسؤولون الأميركيون أن المواقف الأميركية تأتي بناء على «مبادئ لا أشخاص»، فإن حسابات عدة تؤخذ في عين الاعتبار عند التعامل مع نظام عربي معين. وهناك مقاربة بين الوضعين في مصر وسوريا، والمواقف الأميركية من التطورات فيهما. فبينما بدأت الإدارة الأميركية تعاملها مع المظاهرات الشعبية في البلدين بالإشارة إلى إمكانية «الإصلاح» لدى حكومتي الرئيس المصري السابق حسني مبارك والرئيس السوري بشار الأسد، سرعان ما تخلت واشنطن عن هذا الموقف في مصر. وخلال فترة استغرقت أسبوعين من بدء الاحتجاجات المصرية، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما «الوقت حان للانتقال» في السلطة المصرية. وبعد مرور نحو شهرين من الاحتجاجات في سوريا، ترفض الإدارة الأميركية الإشارة إلى قضية «انتقال السلطة» في سوريا أو حتى التصريح علنا حول رأيها في القيادة السورية الحالية.

وعند الضغط على الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني حول الموقف الأميركية من موقف الرئيس السوري، يرفض كارني الإشارة له مباشرة. وقال كارني أول من أمس: «على شعوب المنطقة اختيار من يكون قائدها، ولكن نؤمن بأن الحكومة يجب أن تستمع إلى شعبها وتمتنع عن العنف وأن تدخل حوارا سياسيا».

وهناك فوارق بالطبع بين العلاقات الأميركية مع كل من مصر وسوريا منذ عقود، وبناء على سياسات كل من نظام مبارك والأسد. ولكن من الفوارق أن يكون نظام مبارك أكثر قربا من الولايات المتحدة ولكن وجهت له انتقادات أشد. وبينما ألقى الرئيس الأميركي أوباما خطابين حول مصر في ظرف أيام، رفض حتى الآن إلقاء خطاب أو تصريحات مباشرة عن التطورات في سوريا. وهناك آراء عدة حول الاختلاف في المواقف، من بينها توقيت المظاهرات في سوريا، حيث إن مجيئها بعد الانقلاب على مبارك وبن علي وزيادة العوامل المجهولة في المنطقة تجعل واشنطن مترددة في دعم تغيير كبير في المنطقة. وهناك عامل آخر يتجسد في الضغوط من أنصار إسرائيل في واشنطن الذين لا يريدون سقوط «العدو المعتمد عليه»، أي النظام السوري، بعد مرور عقود من استقرار جبهة الجولان المحتل.

وليست إدارة أوباما الوحيدة المختلفة في مواقفها تجاه الرئيس المصري السابق مبارك والرئيس السوري الأسد، فكان موقف رئيس لجنة العلاقات الخارجية لدى مجلس الشيوخ الأميركي جون كيري من أكثر المواقف تناقضا، حتى أنه غير موقفه هذا الأسبوع تجاه الأسد. وكان كيري أول من طالب بتنحي مبارك في مقال رأي نشره في صحيفة «نيويورك تايمز» بعد أسبوع من بدء المظاهرات في مصر، بينما كان من المدافعين عن نظام الأسد حتى يوم الثلاثاء الماضي عندما أعلن أن «الفرصة فاتت» لإظهار الأسد قدرته على الإصلاح. ولكنه حتى حينها، لم يعلن رغبته في تنحي الأسد.

وتدافع الإدارة الأميركية عن اختلاف مواقفها بين القاهرة ودمشق، بالقول إن «كل دولة فريدة». ولكن هناك وعيا بين أوساط سياسية أميركية أن الفرق شاسع في سرعة الرد على الأحداث في دمشق والتناقض في المواقف. وبينما تتأرجح مواقف واشنطن بين القاهرة ودمشق، تجد إدارة أوباما نفسها غير قادرة على حسم موقفها من التطورات في المنطقة وتحالفاتها القديمة والجديدة. فبينما كانت القاهرة مكان خطاب أوباما الشهير في 4 يونيو (حزيران) 2009 للإعلان عن «علاقة جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي»، كان أوباما يأمل بجعل دمشق حليفا جديدا بعد قراره بإعادة السفير الأميركي إليها بعد غياب دام أكثر من 5 سنوات. إلا أن في الوقت الراهن، هناك مخاوف أميركية من خسارتها لمصالح استراتيجية لدى البلدين.