إيران تؤوي «أبو درع» الذي يطارده الجميع في العراق

كشف الصدر عن مكان إقامته

TT

أبو درع أو زرقاوي الشيعة أو الذباح هذه هي بعض التسميات التي أطلقت على هذا الرجل الذي شكل ظهوره المفاجئ أيام العنف الطائفي في العراق خلال سنوات 2006 - 2008 تحولا هاما في مسار الحرب الأهلية غير المعلنة التي عاشها العراقيون خلال تلك السنوات والتي ازدادت ضراوتها عقب تفجير قبتي سامراء خلال شهر فبراير (شباط) عام 2006. في تلك الأيام وبينما كانت القصص التي تروى عن الزرقاوي «قتل في غارة أميركية خلال شهر مايو (أيار) عام 2006» في المناطق الغربية في أوجها فانه لم يكن يقابلها كمعادل موضوعي لعمليات القتل والسلب والنهب والخطف ورمي الجثث في العراء سوى مجموعة أبو درع قبل أن تتغير الأحوال مع مطلع عام 2008 حين ظهرت قوات الصحوة غربي العراق وأطلقت الحكومة العراقية بمساعدة مباشرة من القوات الأميركية على عهد الجنرال ديفيد بترايوس خطة فرض القانون الأمر الذي شجع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على إطلاق ما سمي بـ«صولة الفرسان» التي استهدفت الميليشيات الشيعية ومنها «جيش المهدي» التابع لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وجماعة عصائب أهل الحق التي انشقت عن التيار الصدري بقيادة قيس الخزعلي وجماعة أبو درع وحققت نتائج هامة في المحافظات الجنوبية خصوصا البصرة وميسان فضلا عن مدينة الصدر شرقي بغداد التي تعتبر المعقل الرئيسي للتيار الصدري. وبينما شتت عملية «صولة الفرسان» العديد من القيادات والمجاميع والتي تزامن معها ظهور مجاميع أخرى وتسميات أخرى من بينها «طيور السماء» و«جند السماء» فإن مصير أبو درع انتهى سجينا لدى القوات العراقية. لكنه ورغم كونه متهما بعمليات قتل خلال فترة العنف الطائفي فقد أفرج عنه في ظروف غامضة في شهر أبريل (نيسان) عام 2010 لينتهي به المطاف في إيران. ففي انتقاد نادر ولأول مرة يوجهه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى إيران بسبب إيوائها أبو درع معتبرا في إجابة عن استفسار وجهه له أحد أتباعه أن الأمر ينطوي على مفارقة من قبل الإيرانيين. ومما قاله الصدر ردا على الاستفسار في بيان مقتضب حصلت عليه «الشرق الأوسط» إنه كان قد طالب إيران بإرجاع (المنشق عن جيش المهدي) أبو درع ولكنها لم تستجب. وقال «لقد طالبناهم بإرجاعه إلى العراق لكنهم لم يستجيبوا لذلك». وعبر الصدر عن أسفه «كون الذي من حقه الإبعاد لا يبعد والذي من حقه الإيواء لا يؤوى»، حسب البيان. المهم في الأمر أن جماعة أبو درع وعلى الرغم من الموقف المتشدد الذي يتخذه منهم مقتدى الصدر فإنهم ما زالوا يعتبرون أنفسهم صدريين. ففي وقت سابق أعلن المتحدث باسم أبو درع في تصريح صحافي أنه مهما قسا عليهم الصدر فإنه يظل تاجا على رؤوسهم. ومؤخرا ورغم انتقاد الصدر لإيران بسبب إيوائها هذا الرجل الذي تسبب أخيرا بأعمال قتل وحرق في منطقة الأمين الثانية في بغداد خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي أدت إلى إغضاب الصدر الذي أمر بطردهم وتفسيقهم فقد أعلنوا عن تأسيس حركة جديدة تحت عنوان «طيور الصدر». وطبقا لتصريحات أدلى بها أحد قادة التيار الصدري في بغداد فإن أبو درع يريد من تشكيل هذه الخلايا محاربة الأميركان بعد نهاية هذا العام في محاولة منه للتقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي أطلق يد لواء «اليوم الموعود» لمحاربة الأميركيين بشتى أنواع الأسلحة بما فيها الصواريخ بينما أمر باستمرار تجميد جيش المهدي ومواصلة طرد من يسميهم المسيئين من تياره. وبالفعل فإن لواء اليوم الموعود تبنى في الآونة الأخيرة العديد من العمليات العسكرية ضد الأميركان في مناطق مختلفة من العراق خصوصا المحافظات الجنوبية. وفي وقت لم يصدر بعد رد فعل رسمي واضح من قبل الحكومة العراقية بشأن دعوة الصدر لإيران إعادة أبو درع وتسليمه له فإن عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حامد المطلك أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف الإيراني من هذه القضية ومن قضايا أخرى لا يرقى إلى مستوى ما يأمله العراق من جيرة حسنة، لأن إيواء القتلة والمجرمين لا يهدف إلا إلى عرقلة إجراءات العدالة التي يجب أن تأخذ مجراها في كل من تلطخت يداه بدماء الشعب العراقي». وأضاف أن «إيران تملك علاقات واسعة مع العراق، سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم تجارية، وبالتالي فإنها إذا أرادت الحفاظ على نمو هذه العلاقات فإن من المصلحة إعادة أبو درع وغيره، بسبب أن هذا الشخص وغيره من المجرمين والقتلة الذين تؤويهم إيران توجد ضدهم قضايا مختلفة». وحول الإجراءات التي قامت بها لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، قال المطلك «إن اللجنة بدأت تنسيقا بالفعل مع عدة جهات في الدولة، منها وزارة العدل وكذلك الدفاع والداخلية، لمنع تسلل الإرهابيين، قدر الإمكان، إلى دول الجوار التي تحول بعضها إلى مأوى لكل من يعمل ضد العراقيين، ويهرب إليها أو يعمل من داخلها ضد العراقيين».