الوجه الآخر لميدان التحرير

شباب وفتيات لـ «الشرق الأوسط»: روح الثورة والحس الوطني ذللا عقبات كثيرة أمام زواجنا

العريس وعروسه وصلا قبل الفجر الى ميدان التحرير مكان الاحتفال بزفافهما كما كان مكان لقائهما الاول («نيويورك تايمز»)
TT

«عروس وعروسة».. وجه عاطفي آخر لميدان التحرير كشف عنه شباب الثورة في مصر، مؤكدين أن الميدان الذي كان رمزا للثورة المصرية خلال 18 يوما وما تلاها من مظاهرات وأحداث حتى يومنا هذا، لم يكن فقط صانعا للأحداث السياسية الملتهبة التي أدت في النهاية إلى خلع الرئيس المصري السابق حسني مبارك، بعد ثلاثين عاما من تربعه على عرش حكم البلاد، بل كانت هناك حياة اجتماعية وثقافية، وقصص حب نبتت على جدار الثورة، وأينعت بعقود زواج لها طعم خاص.

ورغم ما عاشه الميدان من لحظات مؤلمة في أحيان كثيرة، فإن المصريين ارتموا في حضنه، ووجدوا فيه أُنسا ودفئا افتقدوه على مدار سنوات طويلة، حتى أصبحت صورة الميدان تختزل المجتمع المصري بكل خصائصه وصفاته وروحه الطيبة. ولعبت خف دم المصريين دورا مهمّا في تنويع هذه الصورة، فامتزج فعل الثورة بالدعابة، وروح الكاريكاتير والسخرية، وانفتحت قلوب العشاق على فضاء الميدان الحر الرحب، وتحول حلم الارتباط بشريك العمر في نظر الكثير من المصريين والمصريات إلى فعل ثوري، بعيدا عن الحواجز والقيود الاجتماعية.

قصص الحب التي شهدها الميدان لم تكن قطعا في سياق المشهد العام للثورة، بل كانت امتدادا طبيعيا له، بما تضمره من مفارقات وأحداث، تشربت بالدراما والكوميديا معا، وقد كلل الكثير منها كلل بالنجاح، وما زال بعضها في طريقه.

وكان لافتا مشهد تناقلته وسائل الإعلام لأزواج عقدوا زواجهم في ميدان التحرير وسط المتظاهرين خلال الأيام الأولى للثورة، وأكد الأزواج العشاق حينها أنهم من الثوار ويرغبون في التعبير عن ثورتهم بشكل مختلف.

«الشرق الأوسط» طرقت هذا الجانب المضيء من فعاليات الثورة المصرية، الذي نما وسط أحداث عنف وقتل وانفلات أمني، يخضع الآن المسؤولون عنها من رموز النظام السابق لمحاكمات لا تخلو هي الأخرى من مفارقات درامية.

يقول شباب وفتيات ارتموا في حضن ميدان التحرير، وحظوا بمصادفة الحب والثورة، إن تنامي «الحس الثوري والروح الوطنية التي تفجرت لدى الكثير من المصريين بشكل واضح أثناء وبعد الثورة، ساعدانا كثيرا في التغاضي عن عقبات كثيرة ومشكلات كانت عادة ما تساهم في إنهاء أي علاقة حب أو إفشال أي زواج، خصوصا تلك التي تتعلق بالناحية المادية». وأضافوا: «ليس فقط نحن كشباب، بل الآباء أيضا الذين قدموا تسهيلات كثيرة لنا، وذللوا الكثير من الصعاب، إيمانا منهم بالظروف العصيبة التي تمر بها الدولة حاليا، كما أنهم أصبحوا أكثر ثقة في نبل مشاعرنا وعواطفنا». ويلخص حسن علي، شاب جامعي متخرج حديثا، قائلا: «لقد أصبحوا يؤمنون فعلا بأن الحب يصنع المعجزات».

ويعتبر محمد رضا (30عاما) نفسه متأخرا في سن الزواج، فرغم أنه خاطب منذ عامين، فإنه يجد صعوبة كبيرة في إتمام زواجه، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وتكاليف السكن. يقول: «فوجئت بعد الثورة بوالد خطيبتي يخبرني بأن أوضاع البلد أصبحت صعبة وأننا لا بد أن نتكاتف من أجل مساعدة الشباب في ظل هذه الأزمات الاقتصادية»، ولذلك قرر أن يتغاضى عن بعض مطالبه. ويضيف ساخرا: «أشكر الثورة التي ساعدتني على إتمام حلمي».

وتنتشر نسبة الفتيات والشبان في عمر الشباب من غير المتزوجين في مصر بدرجة كبيرة، فبحسب الإحصاءات الرسمية قبل عامين، يوجد 13 مليون شاب وفتاة تجاوزت أعمارهم 35 عاما لم يتزوجوا، منهم 2.5 مليون شاب و10.5 مليون فتاة فوق سن الـ35. وهذه النسبة في تزايد مستمر بسبب ارتفاع معدلات البطالة وغلاء المهور والإسكان على وجه الخصوص وارتفاع أسعار تكاليف الزواج الأخرى الناتجة عن العادات والتقاليد المتبعة، وكذلك ارتفاع معدل التعليم بالنسبة للإناث، وأيضا تباين الكثافة السكانية من حيث الجنس، حيث إن عدد الإناث أكثر من عدد الرجال.

وإذا كانت الثورة قد ذللت عقبات مادية، فإنها أيضا نجحت في إحداث تقارب روحي ونفسي كبير بين عدد من الشباب والفتيات، جمعهم ميدان التحرير وهتفوا «تغيير.. حرية.. عدالة اجتماعية»، وتفجرت بينهم ينابيع الحب الصادق. فها هو الشاب محمد منصور (26 عاما)، طبيب أسنان، يقول: «أنا مدين للثورة ولميدان التحرير». ويكمل مبتسما وفخورا بأن الثورة ووجوده في قلب الأحداث في ميدان التحرير كان لهما الفضل الأول في لقائه بمحبوبته «ندى الشاذلي»، التي أصبحت شريكة حياته، بعد أن أتم زواجه الشهر الماضي فقط في القاهرة.

يروي منصور قصة ارتباطه بندى قائلا: «لقد ارتبطت بندى عاطفيا منذ أن كانت زميلتي في الجامعة وتخرجنا معا، ورغم محاولاتي التقرب منها خلال تلك الفترة ومصارحتها بحبي لها، فإنها كانت ترفض فكرة الارتباط»، مدعية أن الأمر سابق لأوانه وترفض النقاش.

ويفسر منصور ذلك بأنها كانت تنظر إليه على أنه شاب «غير جدي وأنه لا يصلح أن يكون شخصا يتحمل المسؤولية كزوج في المستقبل»، إلى أن «جاءت الثورة فتغيرت الحال».

يتابع منصور قصة ارتباطه بندى داخل الميدان، قائلا إنه في البداية نزل إلى ميدان التحرير منذ يوم 25 يناير (كانون الثاني) بمفرده، وكانت ندى ترغب في الانضمام إليه مثل الكثير من أصدقائهم، لكن أهلها كانوا يخافون عليها من التعرض لمخاطر النزول في مظاهرات، ورفضوا نزولها الميدان بشكل قاطع.

عاش منصور أحداث الثورة بكل ما فيها من متاعب ومصاعب، وعرض حياته للخطر مثل بقية شباب مصر، فشهد «جمعة الغضب» وشهد «موقعة الجمل»، وغيرهما من أدق لحظات الثورة. وبصفته طبيبا عمل منصور في «مستشفى الميدان» التي كانت تعالج مصابي الثورة. يقول: «الثورة أظهرت لدي صفات لم أكن أعلم بوجودها.. عرفت كم أنني أحب هذا الوطن وإلى أي مدى مستعد لأن أضحي بروحي من أجله. أصبحت السياسة ومستقبل مصر أهم عندي من حياتي». ويعترف منصور بأن نشاطه كان محدودا في السياسة، وكان لا يهتم بها. لكن حماسه الكبير وشخصيته التي تحولت إلى هذه الدرجة لفتا انتباه ندى بشدة، وبدأت في النزول إلى الميدان بعد ذلك، بعد أن هدأت الأوضاع نسبيا، وانضمت إليه في مستشفى الميدان. ويتابع: «تغير إعجابها بي فأصبحت تنظر إلي بنظرة جديدة، أصبحت بالنسبة إليها شخصا مسؤولا.. تغيرت الصورة تماما، زاد إعجابها بي جدا، وبدأت قصة حب أخرى جديدة بيننا في الميدان تنمو مثل خطوات نجاح الثورة تماما».

الطريف في رواية منصور أنه لم يقابل أهلها سوى في الميدان، حينما التقى بوالدتها في الأسبوع الأخير قبل تنحي مبارك لأول مرة، «وتم التعارف وصارحتها بالأمر، إلى أن التقت الأسرتان جميعا بعد 11 فبراير (شباط) الماضي، وتم الاتفاق على الزواج بعد أن جمعتنا الثورة».

ويعتبر منصور يوم تنحي الرئيس السابق حسني مبارك من أجمل أيام حياته، ويتمنى أن يعيش دائما بنفس روح ميدان التحرير التي كانت مليئة بالحب والتعاون وإنكار الذات بين جميع الثوار. ويقول: «أتمنى أن ترجع أيام الاعتصامات، كان الجوّ جميلا والمشاركة جيدة والروح رائعة».

ويؤكد منصور أن السياسة الآن أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياته مع ندى، ولم يمنعها بعد الزواج أن تمارس السياسية أو أن تهتم بها، وعلى الرغم من أن زوجته لها نفس الاتجاهات الفكرية تقريبا، لكنه لا يمانع في أن يكون لديها توجه سياسي مختلف، فقد تعلم من ميدان التحرير التسامح مع الآخر، وتعدد الرؤى السياسية ما دامت لخدمة البلد. ويدلل على ذلك بأن شقيق ندى منتمٍ إلى جماعة الإخوان المسلمين، ورغم أنه يعتبر نفسه ليبراليا فإنه مع ذلك يعتز بعلاقته به وبنقاشهما المستمر في السياسية.

وبروح يملؤها الأمل والحب تقول داليا عامر (26 عاما): «لو أن الثورة ستكون سببا في سعادة حياتي هكذا أتمنى أن تحدث كل يوم ثورة». داليا تعرفت على شريك حياتها سعد سليم من خلال الثورة، ونشأت بينهما قصة حب تزيد بمراحل عما ترويه أفلام السينما الرومانسية، تتابع تفاصيلها بابتسامة هانئة، وتقول إن البداية كانت عبر إضافته لها على الموقع الاجتماعي «فيس بوك»، بعد أن اشتركا معا في التعليق والمناقشة على موضوع ما في إحدى مجموعات الموقع. وكان ذلك قبل الثورة بيومين وتحديدا يوم 23 يناير. تتابع داليا: «تعرفنا وتناقشنا في أمور البلد ومستقبل مظاهرة اليوم الأول وإمكانية نجاحها.. اتفقنا أن نتقابل لأول مرة يوم التظاهر الأول، وكان بالفعل أول لقاء بيننا يوم 25 يناير مع نشوب الثورة». تضحك داليا قائلة: «يوم لا يُنسى بالطبع».

وتروي داليا: «أعجبت به جدا وبحماسه لدرجة أنني بدأت أحبه بالفعل، رغم تصوري أنه يدين بالمسيحية بسبب اسمه وربما شكله، فقد اعتبرت أن وطنيته وحبي له يجُبّ أي شيء آخر.. غير أنني اكتشفت خطأ ذلك في ما بعد واتضح أنه مسلم».

ولأن سليم كان ناشطا سياسيا منذ فترة، في حين أن داليا تعتبر «مستجدة»، فقد كان متمرسا على المظاهرات، وكان ينصحها بكيفية التحايل على القوى الأمنية وكيفية الهرب حال حدوث أي مكروه، وكان دائما يمدها بالإرشادات، وكانت داليا سعيدة جدا بأن تخوض أول تجربة لها في السياسة، بصحبة شخص متمرس يحكي لها تجاربه وتحبه.. و«يا لها من أقدار» كما تقول.

أجمل المواقف معه كما ترويها داليا، والتي زادت من إعجابها به، كانت في «موقعة الجمل»، في الأربعاء 2 فبراير، عندما رأته طلبت منه عدم الذهاب إلى الميدان بسبب خطورة الموقف، فرفض وقال: «مستحيل أن أرجع، لا بد أن أذهب لإخراج أنصار مبارك، لن نسمح لهم بأن يحتلوا الميدان»، وأصر على أن يذهب. وتتابع: «هو كان يرفض ضرب مصري مثله حتى لو كان بلطجيا أو مؤيدا لمبارك.. ولذلك لم يلقِ بالطوب مثل الآخرين أو قنابل المولوتوف، بل كان ينقل المصابين والضحايا».

بعد استقرار الأمور وتنحي مبارك، تقول داليا: «شعرنا أن مواقفنا السياسة وآراءنا أصبحت واحدة، وارتبطنا ارتباطا شديدا، وكنا معا في جميع المظاهرات التالية، ومع مزيد من التقارب اعترفنا بحبنا في أحد مقاهي وسط البلد، التي كان يجلس فيها الثوار لأخذ قسط من الراحة».

وتؤكد داليا أن حبها لشخصيته الثورية جعلها تتغاضى عن أشياء أخرى، قد يعتبر أي أحد أنها تشكل عائقا في زواجهما، ورغم ذلك ضحت بها، لعل أهم تلك الأشياء، الناحية المادية، فهو كمعظم كل الشباب، راتبه من عمله ضعيف جدا ولا يملك الكثير مما يؤهله للزواج، والارتباط به في تلك الظروف مغامرة كبيرة، وغير مضمونة. وتقول داليا إنهما اتفقا معا في حال إتمام الزواج أن لا يكفا عن ممارسة السياسة أيضا، وأن لا تصبح هي مجرد زوجة وظيفتها الاهتمام بالمنزل وتربية الأولاد، واتفقا على النزول في أي مظاهرة مقبلة، كما أخذ تعهدا منها على أنه حتى لو قامت حرب أو مظاهرات وهي حامل أن لا تقول له لا يذهب، باعتبار أنه نداء من الوطن لا يستطيع أحد أن يتكلم فيه.

في داخل هذا المشهد لم يكن وحدهم شباب الثوار من المواطنين العاديين، فإن كبار السياسيين ومشاهير السياسية في مصر كانوا أيضا على موعد مع الحب والارتباط في ميدان التحرير.

المرأة الوحيدة المرشحة المحتملة لانتخابات رئاسة الجمهورية، إحدى أشهر الثائرات في ميدان التحرير، الإعلامية بثينة كامل، كانت إحدى نجمات هذه القصص، فقد عقدت حفل زفافها منذ أسابيع بالمستشار أشرف البارودي، نائب رئيس محكمة الاستئناف، أحد القضاة البارزين في تيار استقلال القضاء. تقول كامل إن النضال السياسي في سبيل مصر هو الذي جمعها بالبارودي، وإنهما متفقان تماما على أن مصر تأتي أولا.

وحكت كامل تفاصيل رواية الحب التي جمعتها بالبارودي لـ«الشرق الأوسط»، قائلة إنها ساندت القضاة في ثورتهم عام 2005، وكانت تلتقي بهم وتحضر مؤتمراتهم بصفتها مؤسسة لحركة «شايفنكو» ضد الفساد. وكان أشرف من ضمن هؤلاء، غير أنه كان لا يعرفها ولا حديث بينهما. وتابعت: «أشرف ساند الثورة منذ بديتها وقدم خدمات كثيرة، حتى وهو في الخارج، حيث يعمل في منصب المستشار القانوني لرئيس مصلحة جمارك دبي».

وينادي البارودي بتحقيق الاستقلال الكامل للقضاء المصري وأن تكون تبعية القضاء للمجلس الأعلى للقضاء بعيدا عن السلطة التنفيذية المتمثلة في وزارة العدل. وجاء قبوله لتلك الإعارة في دبي بعد شعوره باليأس لما جرى من أحداث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2010، كما تقول كامل التي تصفه بالشجاع جدا، وشارك في الكثير من التقارير التي تظهر الفساد والرشوة، وأن هذا هو أكثر شيء جعلها تحبه ويؤثر فيها.

وقالت كامل إن البارودي يدعمها كمرشحة للرئاسة، ويعد أكبر الداعمين لحملتها الانتخابية، باعتبارها خطوة ضد التمييز الذي تتعرض له المرأة، كما أنها في المقابل ستدعم حملة اختياره وزيرا مدنيا للداخلية، التي تم إطلاقها مؤخرا على «فيس بوك» من قبل بعض النشطاء السياسيين.

وتعتقد كامل أن «الثورة فتحت نفس المواطنين على الحمل وإنجاب الأطفال والزواج، وكأنهم أدركوا أن المستقبل سيصبح أفضل لأولادهم»، مشيرة إلى أن لديها أصدقاء كثيرين قروا أن يسعوا لإنجاب أطفال هذه الأيام. وتختتم المرشحة الرئاسية والزوجة حديثا كلامها قائلة: «نحن الاثنان سنكون حربة من أجل نصرة الثورة».

وكما في الأفلام الرومانسية الأميركية، أعلن الناشط السياسي الشهير الدكتور عمرو حمزاوي، الذي لمع نجمه بقوة في أحداث الثورة المصرية، عن علاقة الحب التي تجمعه بالفنانة بسمة، إحدى مشاهير الثورة أيضا، التي حضرت يوميا في ميدان التحرير، مؤكدا الشائعات حول وجود علاقة عاطفية تجمع بينهما منذ فترة، بل الأكثر من ذلك أنه نشر في مقاله اليومي بإحدى الجرائد، الذي حمل عنوان «أشك»، اعترافه بحبه لسيدة قلبه كما أطلق عليها، وأنه لا يخاف من إعلان هذا الحب حتى وإن تأثر بسببه طموحه السياسي، حيث كان مرشحا دائما لتولي وزارة في كل الحكومات التي تم تشكيلها بعد الثورة.

وقال حمزاوي، مؤسس حزب «مصر الحرية»، في المقال: «لست بخائف على دور عام أو سياسي يأتي على أنقاض اتساقي مع ذاتي ومع مشاعري. لست بنادم على ضياع محتمل لهذا الدور ما دام مقابل إبعاد شبح الضياع هو خداع إنسانيتي والتنصل من مشاعر حب لإنسانة رائعة الاحترام والجمال، مشاعر حب تحتاج إلى النور والعلانية والوجود بين الناس وفى المجتمع».

وتابع حمزاوي: «هل يستحق الاحترام من يدعو إلى الحق في الاختيار ولا يقوى على مواجهة ضغوط الأهل والمجتمع التي تارة ما تطالبه بتكذيب مشاعره لسيدة قلبه بسبب عملها وهو يراه محترما ورائعا، وتارة بسبب الأصول اليهودية لفرع في عائلتها شديدة المصرية وهو دوما ما رفض التمييز، سواء على أساس الانتماء الديني أو أي انتماء آخر، وتارة ثالثة تفرض عليه التنصل من مشاعره بتصريحات زائفة تجريها على لسانه وتتناقلها وسائل الإعلام على نحو يهين من يحب؟ أشك».

وأضاف: «لن أضحى بمشاعر صادقة تريد النور والعلانية ولا تفعل ما يغضب الله، وكل ما أؤمله هو أن يعترف قومي بحقي في الاختيار ويدركوا أن حبي واحترامي لسيدة قلبي هو قناة تنفس وإكسير حياة، شأنه في ذلك شأن حبي لوالدي ولأمي وللوطن».

وقد جاء رد فعل المواطنين، خصوصا الشباب، على المقال معجبين بشجاعة حمزاوي في الاعتراف بحبه، وإظهار مشاعره العاطفية.

الطريف في هذا المشهد أن سهم «كيوبيد» ميدان التحرير أصاب أيضا أنصار جماعة الإخوان المسلمين، فكان لهم نصيب من الكعكة العاطفية، فبروح هذا السهم دعا القيادي بالجماعة الدكتور صبحي صالح، أحد الأعضاء بلجنة تعديل الدستور، لاستغلال الانفتاح الكبير الذي شهدته الجماعة بعد الثورة والشرعية التي حصلت عليها، وحث صالح في أحد المؤتمرات شباب الإخوان للزواج بفتيات الإخوان لإنجاب جيل إخواني جديد، «إخوانجية صغيرين» على حد قوله.